logo
ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون

عمان اليوميةمنذ 3 أيام

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون
ما جدوى المعرفة: الكتابة والقراءة والعلم، حين يختار البشر ما يناقض الحكمة؟
ولماذا لا يقرأ الغزاة؟ ولماذا لا يتعظون؟
ما سيقوله قلم المؤرخين؟
أثناء التجول، نمرّ بأماكن، فنسأل عنها، فيجيبون من فيها ما يعرفونه، ثم نجد أنفسنا نعود إلى الكتب ازديادا في العلم، وهكذا نجد المكان يقودنا إلى الكتب، أي إلى الأزمنة التي يتضمنها ما يعرف بالتاريخ؟
واليوم، وجدت نفسي في الوقت الذي أتابع ما يحدث الآن، فإنني عدت الى التاريخ العام، لزيادة معرفتي بما كان هنا من دول ومن علاقات دولية. لكن ما لفت الانتباه هو أن ما كان ويكون يلتقيان في أمر واحد، ألا وهو الانحياز، واللاموضوعية، كون من كتب من قبل إنما كتب بما كان من رأي ونفوذ، وما يكتب اليوم (وما يتم بثه) فإنه ليس دقيقا، فكل بما ينطلق منه.
وهكذا، أكان الماضي ام الحاضر، فبإمكاننا من خلال التقصي الموضوعي فهم ما كان ويكون، لأن ذلك مهم لسلوكنا المتعلق بما سوف يكون.
أما ما سوف يكون، وما نحن فاعلونه، فهو الذي يجب أن يحرر إنسان المستقبل باتجاه البقاء. تلك هي الحضارة، وتلك هي الإنسانية. ترى ما سيقوله قلم المؤرخين؟
سيقولون: لقد سقطت الدولة الغازية وهي في كامل قوتها، والسبب أنها كانت في كامل وهمها؟
خاطب الشاعر الفلسطيني سميح القاسم عام 1988 الاحتلال هازئا في القصيدة التي عنونها ب "إلى غزاة لا يقرؤون"، التي اشتهرت بمطلعها "تقدموا تقدموا"، فإنه كان يسخر من الفكر الجنوني وراء شرّ الاحتلال وإيذاء شعبنا:
"فما الذي يدفعكم
من جثة لجثة
وكيف يستدرجكم
من لوثة للوثة
سفر الجنون المبهم"
إذن، نحن مع لوثة غزاة، لم يرتقوا فكريا وأخلاقيا، فقد اكتفوا بتكنولوجيا القتل. واكتفوا بخرافة أنه "شعب الله المختار"، تاركين العالم كله يحتار في هذا الأمر الذي يجعل الغزاة لا يحترمون أية قيم واتفاقيات، وقد أبدع سميح القاسم حين ذكر ذلك في قصيدته:
"حرامكم محلل
حلالكم محرم
تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم"
لقد استمر هذا الجنون في ظل التطور التكنولوجي، والمأساة أنه استمر، وتضاعفت الخسائر، هل سنقول بئست الحضارة أم بئس الأشرار!
كان من السهل تجنب الحرب، لكن كيف لغزاة أن يقرؤوا ما لا يحبون قراءته، في ظل رفض الآخر-العالم؟ كان من الممكن أن تعيش الشعوب معا، فالأرض واسعة وخلق الله فيها رزق العالم كله، لكن كأننا أمام حتمية غريبة، سيقف عندها المؤرخون والكتاب، وهي مفارقة نادرة؛ ففي الوقت الذي يبرر الغزاة الحرب لضمان "أمنهم"، فإنهم يقودون الى نهايتهم.
تلك هي التربية على الدم لا على السلام، والتطرف دوما يقضي على أصحابه؛ فمن الطبيعي أن تكون نهاية ثقافة القتل قتلا لفكرة الغزاة.
منذ عام 1988، في الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال، عام قصيدة سميح القاسم، وما قبل ذلك من رفض الاحتلال الذي استمر، والاحتلال يزهد بالقراءة الواعية للتاريخ ظانا أنه الاستثناء الذي سيدوم بقاؤه، فمن هو ابن خلدون الذي يزعم أن الظلم ينبئ بخراب العمران؟!
يصعب العيش اليوم في العالم وإنسان العصر مشدودا لأساطير لا تعني للواقع وعنه شيئا، ولعل قوة الفكر الإنسان تمنح للقوى التكنولوجية المعنى.
لقد وصف الطبيب بالحكيم، ولا أدري السبب، لكن لعل جوهر مهنة الطبيب هي حكمة التعامل مع الإنسان. لذلك نقول إن العلم تراكميّ، حيث يتعلم الطبيب مما استخلصه الأطباء قبله في التعامل مع جسد الإنسان ونفسه. وهنا يكمن جوهر الحضارة: الحكمة.
تأمل التاريخ يقودنا الى تأمل الدول والممالك، وهذا يعني دراسة منظومات الحكم السائدة في تلك المراحل التاريخية. وقد وقف المؤرخون وقفات تقييم ونقد للنظم وشخوصها، كذلك حفلت أخبارهم في الكتب الدينية، خاصة في القرآن الكريم. ومجمل الفكرة هي أن هناك ارتباطا معينا بين الطغاة وسياق حياتهم كأفراد، وكمجتمعات. وهنا يصبح للحديث معنى استراتيجيا إن تم ربط سلوك الحكام بالحاضنات التعلمية والثقافية التي وجدوا أنفسهم فيها.
تعدّ حالة الاحتلال الصهيوني استثناء تاريخيا، حيث لم يقتصر دور الحاضنة التعليمية والثقافية على إنتاج (وتكوين) قادة لا ينتمون للإنسانية فقط، بل شمل ذلك مجتمع المستوطنة العسكرية، التي فشلت حتى الآن بإيجاد مجتمع سوي؛ فما تفسير استطلاعات الرأي التي أشارت دوما إلى تأييد الغالبية المستوطنة العسكرية لما يقوم به القتلة من قادتها؟
إن الكتب التعليمية المعلنة وكتب المؤسسات الدينية كارثة على المنطقة لأنها تعيد إنتاج منظومة مستدامة من العنصرية ونفي الآخر، والمفارقة في الأمر أن هؤلاء العنصريين يتهمون الفلسطينيين العرب بالتحريض ضدهم، والساخر في الأمر أنهم يجدون آذانا تسمعهم في الغرب.
من هنا، انتبهت الحضارات الى أهمية رعاية الحاضنات الثقافية والتعليمية والدينية والإعلامية بحيث تحافظ على السلم الأهلي، كذلك السلم العالمي من خلال معايير اليونسكو مثلا فيما يخص القيم الإنسانية التي تضرب بها دولة الاحتلال عرض الحائط.
لقد وصفت دولة الاحتلال بأنها تنتج مؤلفات يضعها في مصاف الدول العظمى، حيث أنها تنفق على التعليم والعلم والبحوث العلمية، لكن ما جدوى ذلك حين يتم استخدام ذلك العلم في الشرّ عبر تكريس الاحتلال والغزو والاعتداء والإرهاب؟ لم يعد سرّا ما يقدمه العلماء والباحثون في المستوطنة العسكرية للأجهزة العسكرية من أجل تسهيل دوام الاحتلال بالقوة والبطش.
الغزاة إذن يا سميح القاسم يقرؤون كما ترى، لكنها ليست قراءة الإنسان المنتمي للبشرية، من أجل تجنب الشرور، بل هي قراءة انتقائية منطلقة من أيديولوجية لم تتغير، ويبدو أنها لن تتغير كذلك.
آن الأوان للثقافة العالمية والمؤسسات الأممية بالتدخل لإلزام المستوطنة العسكرية باحترام القيم الإنسانية في المناهج التعليمية، وكفّ أذاها ليس عن الشعوب هنا فقط، بل عن شعوب كثيرة في العالم.
وأخيرا هل سنجد يوما قريبا من أبناء الغزاة من سيبدأ القراءة الواعية للوصول فعلا إلى سلام دائم يضمن الأمن والسلام؟ الجواب ليس هناك من يفكر بذلك، ما يعني أن المستوطنة وهي ماضية في تخريب العالم، ستنهي نفسها. تلك هي السيرورة والصيرورة. هكذا قال سميح القاسم متنبئا بخراب المستوطنة: "تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون
ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون

عمان اليومية

timeمنذ 3 أيام

  • عمان اليومية

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون ما جدوى المعرفة: الكتابة والقراءة والعلم، حين يختار البشر ما يناقض الحكمة؟ ولماذا لا يقرأ الغزاة؟ ولماذا لا يتعظون؟ ما سيقوله قلم المؤرخين؟ أثناء التجول، نمرّ بأماكن، فنسأل عنها، فيجيبون من فيها ما يعرفونه، ثم نجد أنفسنا نعود إلى الكتب ازديادا في العلم، وهكذا نجد المكان يقودنا إلى الكتب، أي إلى الأزمنة التي يتضمنها ما يعرف بالتاريخ؟ واليوم، وجدت نفسي في الوقت الذي أتابع ما يحدث الآن، فإنني عدت الى التاريخ العام، لزيادة معرفتي بما كان هنا من دول ومن علاقات دولية. لكن ما لفت الانتباه هو أن ما كان ويكون يلتقيان في أمر واحد، ألا وهو الانحياز، واللاموضوعية، كون من كتب من قبل إنما كتب بما كان من رأي ونفوذ، وما يكتب اليوم (وما يتم بثه) فإنه ليس دقيقا، فكل بما ينطلق منه. وهكذا، أكان الماضي ام الحاضر، فبإمكاننا من خلال التقصي الموضوعي فهم ما كان ويكون، لأن ذلك مهم لسلوكنا المتعلق بما سوف يكون. أما ما سوف يكون، وما نحن فاعلونه، فهو الذي يجب أن يحرر إنسان المستقبل باتجاه البقاء. تلك هي الحضارة، وتلك هي الإنسانية. ترى ما سيقوله قلم المؤرخين؟ سيقولون: لقد سقطت الدولة الغازية وهي في كامل قوتها، والسبب أنها كانت في كامل وهمها؟ خاطب الشاعر الفلسطيني سميح القاسم عام 1988 الاحتلال هازئا في القصيدة التي عنونها ب "إلى غزاة لا يقرؤون"، التي اشتهرت بمطلعها "تقدموا تقدموا"، فإنه كان يسخر من الفكر الجنوني وراء شرّ الاحتلال وإيذاء شعبنا: "فما الذي يدفعكم من جثة لجثة وكيف يستدرجكم من لوثة للوثة سفر الجنون المبهم" إذن، نحن مع لوثة غزاة، لم يرتقوا فكريا وأخلاقيا، فقد اكتفوا بتكنولوجيا القتل. واكتفوا بخرافة أنه "شعب الله المختار"، تاركين العالم كله يحتار في هذا الأمر الذي يجعل الغزاة لا يحترمون أية قيم واتفاقيات، وقد أبدع سميح القاسم حين ذكر ذلك في قصيدته: "حرامكم محلل حلالكم محرم تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم" لقد استمر هذا الجنون في ظل التطور التكنولوجي، والمأساة أنه استمر، وتضاعفت الخسائر، هل سنقول بئست الحضارة أم بئس الأشرار! كان من السهل تجنب الحرب، لكن كيف لغزاة أن يقرؤوا ما لا يحبون قراءته، في ظل رفض الآخر-العالم؟ كان من الممكن أن تعيش الشعوب معا، فالأرض واسعة وخلق الله فيها رزق العالم كله، لكن كأننا أمام حتمية غريبة، سيقف عندها المؤرخون والكتاب، وهي مفارقة نادرة؛ ففي الوقت الذي يبرر الغزاة الحرب لضمان "أمنهم"، فإنهم يقودون الى نهايتهم. تلك هي التربية على الدم لا على السلام، والتطرف دوما يقضي على أصحابه؛ فمن الطبيعي أن تكون نهاية ثقافة القتل قتلا لفكرة الغزاة. منذ عام 1988، في الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال، عام قصيدة سميح القاسم، وما قبل ذلك من رفض الاحتلال الذي استمر، والاحتلال يزهد بالقراءة الواعية للتاريخ ظانا أنه الاستثناء الذي سيدوم بقاؤه، فمن هو ابن خلدون الذي يزعم أن الظلم ينبئ بخراب العمران؟! يصعب العيش اليوم في العالم وإنسان العصر مشدودا لأساطير لا تعني للواقع وعنه شيئا، ولعل قوة الفكر الإنسان تمنح للقوى التكنولوجية المعنى. لقد وصف الطبيب بالحكيم، ولا أدري السبب، لكن لعل جوهر مهنة الطبيب هي حكمة التعامل مع الإنسان. لذلك نقول إن العلم تراكميّ، حيث يتعلم الطبيب مما استخلصه الأطباء قبله في التعامل مع جسد الإنسان ونفسه. وهنا يكمن جوهر الحضارة: الحكمة. تأمل التاريخ يقودنا الى تأمل الدول والممالك، وهذا يعني دراسة منظومات الحكم السائدة في تلك المراحل التاريخية. وقد وقف المؤرخون وقفات تقييم ونقد للنظم وشخوصها، كذلك حفلت أخبارهم في الكتب الدينية، خاصة في القرآن الكريم. ومجمل الفكرة هي أن هناك ارتباطا معينا بين الطغاة وسياق حياتهم كأفراد، وكمجتمعات. وهنا يصبح للحديث معنى استراتيجيا إن تم ربط سلوك الحكام بالحاضنات التعلمية والثقافية التي وجدوا أنفسهم فيها. تعدّ حالة الاحتلال الصهيوني استثناء تاريخيا، حيث لم يقتصر دور الحاضنة التعليمية والثقافية على إنتاج (وتكوين) قادة لا ينتمون للإنسانية فقط، بل شمل ذلك مجتمع المستوطنة العسكرية، التي فشلت حتى الآن بإيجاد مجتمع سوي؛ فما تفسير استطلاعات الرأي التي أشارت دوما إلى تأييد الغالبية المستوطنة العسكرية لما يقوم به القتلة من قادتها؟ إن الكتب التعليمية المعلنة وكتب المؤسسات الدينية كارثة على المنطقة لأنها تعيد إنتاج منظومة مستدامة من العنصرية ونفي الآخر، والمفارقة في الأمر أن هؤلاء العنصريين يتهمون الفلسطينيين العرب بالتحريض ضدهم، والساخر في الأمر أنهم يجدون آذانا تسمعهم في الغرب. من هنا، انتبهت الحضارات الى أهمية رعاية الحاضنات الثقافية والتعليمية والدينية والإعلامية بحيث تحافظ على السلم الأهلي، كذلك السلم العالمي من خلال معايير اليونسكو مثلا فيما يخص القيم الإنسانية التي تضرب بها دولة الاحتلال عرض الحائط. لقد وصفت دولة الاحتلال بأنها تنتج مؤلفات يضعها في مصاف الدول العظمى، حيث أنها تنفق على التعليم والعلم والبحوث العلمية، لكن ما جدوى ذلك حين يتم استخدام ذلك العلم في الشرّ عبر تكريس الاحتلال والغزو والاعتداء والإرهاب؟ لم يعد سرّا ما يقدمه العلماء والباحثون في المستوطنة العسكرية للأجهزة العسكرية من أجل تسهيل دوام الاحتلال بالقوة والبطش. الغزاة إذن يا سميح القاسم يقرؤون كما ترى، لكنها ليست قراءة الإنسان المنتمي للبشرية، من أجل تجنب الشرور، بل هي قراءة انتقائية منطلقة من أيديولوجية لم تتغير، ويبدو أنها لن تتغير كذلك. آن الأوان للثقافة العالمية والمؤسسات الأممية بالتدخل لإلزام المستوطنة العسكرية باحترام القيم الإنسانية في المناهج التعليمية، وكفّ أذاها ليس عن الشعوب هنا فقط، بل عن شعوب كثيرة في العالم. وأخيرا هل سنجد يوما قريبا من أبناء الغزاة من سيبدأ القراءة الواعية للوصول فعلا إلى سلام دائم يضمن الأمن والسلام؟ الجواب ليس هناك من يفكر بذلك، ما يعني أن المستوطنة وهي ماضية في تخريب العالم، ستنهي نفسها. تلك هي السيرورة والصيرورة. هكذا قال سميح القاسم متنبئا بخراب المستوطنة: "تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم".

وقت الحرب
وقت الحرب

جريدة الرؤية

timeمنذ 4 أيام

  • جريدة الرؤية

وقت الحرب

سارة البريكية sara_albreiki@ دوي انفجارات في الأفق ومنظر صواريخ قادمة ومغادرة رهبة وخوف وقلق وحالة من الترقب العام الذي يعيشه العالم أجمع، حالة استنفار في أغلب المطارات والمدن ونحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لكي نتمكن من الوصول إلى أفضل الطرق للتعامل مع التحديات العالمية. العالم اليوم بحاجة إلى مزيد من التفاهم والتواصل ولغة الحوار وبحاجة لبعض العقول التي بإمكانها إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة ولا شك أن هناك الكثير من الحلول الممكنة التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار على مستوى العالم وبالتأكيد ليست الحرب كذلك. أن يصل البعض لمرحلة الحرب يعني أنه استنفذ جميع الحلول التي يمكن أن تكون لها نتائج إيجابية في تصحيح المسار الحالي، ولكن ما إن يلجأ إلى هذا الطريق؛ فالطرق أمامه مسدودة ولغة الحوار انعدمت وأصبحت الصواريخ وأدوات الحرب كفيلة بحل الخلاف الذي يذهب يوميا عشرات؛ بل آلاف الضحايا بسببه. وعُمان دولة عظيمة تدعو إلى السلام الدائم وتشكل قوة إقليمية معروفة على مستوى العالم، ولا شك أن التمسك بالحلول التي تراها مناسبة للجميع ولكافة الأطراف، أمر لا بُد منه، والجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات يجب أن يتم حتى يمكن التوصل لحل سريع للأزمة الحالية التي تُعاني منها المنطقة. إننا وقد نشاهد تلك المشاهد المؤلمة وتصعيد وتيرة الصراع بين كافة الأطراف وإدخال أطراف جديدة أيضًا هو من أقسى الأمور التي قد يواجهها المجتمع الدولي وندعو الجميع إلى التحلي بالصبر وعدم الانسياق وراء أي صراع سياسي من شأنه النيل من مكتسبات الدول، وإنما الوقوف جنبا إلى جنب وعدم نشر الشائعات والفتن، وألا نكون أداة يستطيع أن يستعملها اليهودي للنيل من الإسلام والمسلمين. إن إيران ليست مجرد دولة إسلامية فقط، إنما هي إرث حضاري وتاريخي لا يمكن التخلي عنه وهي منفذ مهم والتمسك به وسيلة لتحقيق التماسك والوحدة بين المسلمين؛ فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا، والأخ لا يمكن أن يترك يد أخيه متشبثة بالوهم، وإنما يشدها إليه ليرفع بذلك اسم الله والإسلام عاليا؛ فنحن الآن في أيام صعبة نسأل الله أن تمر هينة لينة على بلاد العالم الإسلامي وأن نكون متكاتفين ومتعاونين رافعين شعار النصر على أعداء الله دائمًا. إن المجتمع الدولي مطالب في هذه الظروف القاسية أن يضع خطة واضحة لتحقيق الهدف المنشود في أسرع وقت وبأقل خسائر ممكنة. حفظنا الله جميعًا من كل سوء وشر ومكروه.

قوى عالمية تدفع بالعالم نحو الهاوية (1- 3)
قوى عالمية تدفع بالعالم نحو الهاوية (1- 3)

جريدة الرؤية

timeمنذ 4 أيام

  • جريدة الرؤية

قوى عالمية تدفع بالعالم نحو الهاوية (1- 3)

حمد بن خلفان آل توية جاء في موسوعة "البداية والنهاية" لابن كثير أنه "قيل للقمان: أي الناس شر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئًا". ينطبق هذا القول المأثور تمام الانطباق على ما تقوم به بعض (الدول) من أفعال شريرة، ويأتي في مقدمة هذه الدول (الكيان الصهيوني الغاصب المحتل) والمدعوم من بعض الدول الغربية والتي لولا دعمها له بكل أشكال الدعم، لما كانت قد بقيت له باقية! منذ أن وجد هذا الورم السرطاني الخبيث في قلب جسد الأمة العربية والإسلامية، فقد جلب للمنطقة كل الويلات وشتى المآسي؛ فالحروب والمؤامرات والدسائس والصراعات هي القاسم المشترك في حياة أبناء الإقليم منذ اصطناعه في عام النكبة 1948، وبذلك بقيت هذه المنطقة على الدوام غير آمنة ولا مستقرة لوجود هذا الكيان فيها وجراء ما يقدم عليه ويتسبب فيه من تهديد للأمن والسلم الدوليين! لقد تسببت هذه الدويلة الطارئة التي اصطنعها الغرب وزودها بكل أسباب البقاء والحياة كي تظل القوة الضاربة والقاعدة الأمامية المتقدمة ولتقوم بدور كلب الحراسة الموكل إليه (تأديب) كل من يخرج عن الطاعة ويمتثل للأوامر وكعامل عدم استقرار في المنطقة وسببًا مباشرًا لإشعال الحروب فيها تنفيذًا لمخططاته الرامية إلى السيطرة عليها والاستحواذ على مقدراتها، وهو ما أفضى بالتالي إلى ما تشهده الأمة من تخلف وتمزق بالمقارنة بغيرها من دول العالم الأخرى. ولقد أجادت هذه الدويلة القيام بالدور المنوط بها كاملًا؛ فأخذت تعربد في كل المنطقة وتضرب بيد من حديد كل من يجرؤ على الوقوف في وجهها؛ انطلاقًا من المبدأ الأثير لديها والقائم عليه سبب وجودها وهو (حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل) وذلك في رسالة واضحة إلى الجميع بأن (إسرائيل الكبرى) تنتهي حدودها داخل كل الدول المجاورة لها بل وتتعداها، وهذا ما يعكس هذا الولع لديها بالعنجهية والجبروت والطغيان لإخضاع الجميع لمشيئتها انطلاقًا من موروثات وأساطير توراتية وتلمودية تنبذ الآخر وتعتبره من (الأغيار) الذين هم في منزلة البهائم المخصصة لركوبهم وحسب. ومن هنا فإن هذا الكيان المصطنع، استعصى ويستعصي على الاندماج في الوسط الجغرافي الذي زرع فيه، وهذا ما يفسر حجم الحقد الدفين والغل المستحكم لديه في انتهاج أسلوب الغطرسة والهيمنة واحتلال أراضي الآخرين ونقض العهود والمواثيق والتملص من معاهدات السلام وسعيه الدؤوب إلى التعدي والعدوان وغمط الآخرين حقوقهم، وهو ما يتبدى بوضوح تام في الممارسات القمعية والإبادة الجماعية والتهجير والتجويع والحرق والتدمير في قطاع غزة لمجرد أن الفلسطينيين في هذا القطاع المحاصر والمجوَّع لم يقبلوا بحياة الذل والمهانة التي فرضها عليهم هذا المحتل الآثم والذي لم يتورع عن استخدام أشد الأسلحة تدميرًا وأكثرها فتكًا بعدما فتحت له (أمريكا وبريطانيا) وغيرهما من الدول الغربية تحديدًا مخازن أسلحتها وزودته بكل أشكال الدعم الأخرى كي يزيد تغولًا في الدم الفلسطيني والتعدي على كل من سوريا ولبنان تطبيقًا لسياسته "الإرهابية" العربي الذي لا تردعه القوة، يردعه المزيد منها. وإزاء وضع إجرامي كهذا، فلا ريب في أن التصدي له يكون خيارًا لا يسبقه أي خيار آخر؛ ذلك أن الحياة الهانئة والكرامة الإنسانية، لم يختص الله بها هؤلاء الشرذمة من الناس دون سواهم، فكل الأديان والشرائع والقوانين تعطي لكل الناس بدون استثناء الحق في العيش بكرامة والدفاع عن أنفسهم وأرضهم ومقدراتهم، وهذا ما ينطبق تمامًا على الفلسطينيين واليمنيين والإيرانيين وغيرهم وهم يدرأون الخطر عن أنفسهم ويضحون بأرواحهم وكل غال لديهم في سبيل حريتهم وعزتهم وكرامتهم؛ فحتى (الحيوان)- وكل خلق الله حسن- ألهمه خالقه سبحانه وتعالى كيف يدافع عن نفسه وصغاره وعرينه ضد كل ما يتهدده؛ "فالذئبة.. حتى الذئبة تحرس نطفتها، والكلبة تحرس نطفتها، والنملة تعتز بثقب الأرض"، فما بالك بالإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفة له على أرضه وخصوصًا إن كان صاحب حق مسلوب ومعتدى عليه؟!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store