
هل أصبح البشر متعلقين عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟ – DW – 2025/6/9
أصبحت العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي أكثر تعقيداً، ما دفع العلماء إلى دراسة وتحليل طبيعة هذه العلاقة بالاعتماد على نظرية التعلق، فهل أصبح البشر متعلقون عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟
تدرس نظرية التعلّق التي وضعها العالم البريطاني جون بولبي العلاقات والروابط بين البشر، وخاصة العلاقات طويلة الأمد بين الشريكين وبين الآباء والأبناء، وتشرح النظرية لماذا يستطيع بعض الناس تكوين روابط عميقة وآمنة، بينما يجد آخرون صعوبة في الثقة أو الخوف من التقرّب من الآخرين.
ولكن الاعتماد الكبير على أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم يطرح سؤالاً جديداً، وهو هل يمكن أن يتعلّق البشر بالذكاء الاصطناعي؟ ما دفع بفريق من الباحثين من جامعة واسيدا اليابانية إلى إجراء دراستين تجريبيتين ودراسة رسمية بالاستناد إلى نظرية التعلق لدراسة العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي نُشرت نتائجها في مجلة Current Psychology.
حاجة عاطفية لأنظمة الذكاء الاصطناعي
أشار الباحثون ومن ضمنهم الباحث المشارك فان يانغ والأستاذ أتسوشي أوشيو من كلية الآداب والفنون والعلوم إلى أن التفاعلات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي تتشابه مع العلاقات بين البشر من حيث قلق التعلّق وتجنب التعلّق. ويقول يانغ: "في السنوات الأخيرة، ازدادت قوة وحكمة الذكاء الاصطناعي المُولّد، مثل تشات جي بي تي ChatGPT، حيث لم يقتصر دوره على تقديم الدعم المعلوماتي فحسب، بل شمل أيضاً الشعور بالأمان".
والشعور بالأمان بحسب نظرية التعلّق عنصر أساسي ومهم لبناء علاقات آمنة مع الآخرين، ولأن البشر أصبحوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي للدعم العاطفي والرفقة إلى جانب حل المشكلات والتعلّم يرى يانغ أن هذه العلاقة تستحق الاهتمام.
ولهذا طوّر الباحثون مقياساً جديداً للدراسة، أُطلق عليه اسم "مقياس التجارب في العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي " (EHARS)، يقيس الميول المرتبطة بالتعلق بالذكاء الاصطناعي.
وبناءً عليه وجد الباحثون أن بعض الأفراد يلتمسون الدعم والتوجيه العاطفي من الذكاء الاصطناعي، على غرار تفاعلهم مع البشر.
فلجأ حوالي 75 بالمئة من المشاركين بالدراسة إلى الذكاء الاصطناعي طلباً للنصيحة، بينما اعتبره حوالي 39 بالمئة من المشاركين كياناً موجوداً في حياتهم وموثوقاً به.
وفرّقت الدراسة بين بُعدين للتعلق البشري بالذكاء الاصطناعي، هما القلق والتجنب، أي أن بعض الأشخاص لديهم قلق كبير من التعلّق بالذكاء الاصطناعي، أي أنهم يخافون من التعلّق بالذكاء الاصطناعي ويستخدمونه في الغالب من أجل الدعم النفسي والعاطفي والدردشة، وبالتالي يشعرون بالقلق من عدم تلقي ردود مُرضية ومطمئنة من الذكاء الاصطناعي.
والنمط الآخر هو تجنّب التعلّق، وهنا يتجنّب بعض الأشخاص التعلّق بالذكاء الاصطناعي، ما يجعلهم غير مرتاحين من التعامل العاطفي أو القريب مع الذكاء الاصطناعي، ويستخدمونه للحصول على معلومات فقط.
يفضّل هؤلاء الأشخاص إبقاء مسافة عاطفية كبيرة بينهم وبين الذكاء الاصطناعي وعدم الاعتماد عليه بأمور شخصية أو عاطفية.
عندما تقرر الآلات مصير البشر
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
تطوير ذكاء اصطناعي ذكي عاطفياً
نتائج هذه الدراسة لا تعني أن البشر يكوّنون حالياً تعلّقاً عاطفياً بالذكاء الاصطناعي، وإنما تبيّن أن الأطر النفسية المُستخدمة في العلاقات الإنسانية قد تنطبق أيضاً على التفاعلات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.
ويمكن أن تساهم هذه النتائج في تطوير أنظمة وأدوات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في دعم الصحة النفسية بطريقة أخلاقية تساهم فعلاً في دعم المرضى. كأن يتم تصميم روبوتات الدردشة الذكية المستخدمة في تدخلات علاج الوحدة أو تطبيقات العلاج النفسي لتلائم احتياجات كافة المستخدمين، فمثلاً تُبدي أنظمة الذكاء الاصطناعي أو روبوتات الدردشة الذكية استجابات وردود فعل أكثر تعاطفاً واحتواءً للأشخاص الذين يعانون من قلق التعلّق الشديد، أو تحافظ على مسافة عاطفية كافية مع الأشخاص الذين يميلون لتجنب التعلق.
وتشير نتائج الدراسة أيضاً إلى ضرورة الشفافية في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تُحاكي العلاقات العاطفية، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي الرومانسية أو روبوتات مُقدمي الرعاية، لمنع الإفراط في الاعتماد العاطفي أو التلاعب.
كما يمكن للمطورين أو علماء النفس استخدام نموذج EHARS الذي ابتكره الباحثون لتقييم كيفية تفاعل الأشخاص مع الذكاء الاصطناعي عاطفياً، وتعديل استراتيجية تفاعله وفقاً لذلك.
وأخيراً تتمثل أهمية هذه الدراسة في العلاقة المتنامية بين البشر والذكاء الاصطناعي بالارتباط الوثيق بيننا وبين أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس للحصول على معلومات فقط، بل من أجل الحصول على دعم عاطفي ونفسي منها، فقد لا يخلو هاتف أو حاسوب أي شخص من برنامج ذكاء اصطناعي يعتمد عليه في البحث والحصول على معلومات أو نصائح في الحياة اليومية.
وبهذا الصدد يقول الباحث المشارك فان يانغ والأستاذ أتسوشي أوشيو من كلية الآداب والفنون والعلوم: "يُسلط بحثنا الضوء على الديناميكيات النفسية الكامنة وراء هذه التفاعلات، ويُقدم أدوات لتقييم الميول العاطفية تجاه الذكاء الاصطناعي. وأخيراً، يُعزز فهمًا أفضل لكيفية تفاعل البشر مع التكنولوجيا على المستوى المجتمعي، مما يُساعد في توجيه السياسات وممارسات التصميم التي تُعطي الأولوية للرفاهية النفسية".
تحرير: خ.س
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 6 أيام
- DW
امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني – DW – 2025/6/16
في خطور غير مسبوقة في عالم الاستخبارات، كشف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بلايز مترويلي ستتولى رئاسة جهاز الاستخبارات الخارجية "إم آي 6". وتنتظر مترويلي تحديات جمة لا سيما مع ما يواجهه العالم من تحولات متسارعة. أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن حكومته، عيّنت بلايز مترويلي رئيسة لجهاز الاستخبارات الخارجية "ام آي 6"، لتكون بذلك أول امرأة تتبوأ هذا المنصب في ظل ما تواجهه البلاد من "تهديدات غير مسبوقة". وحقق جهاز "ام آي 6" شهرة عالمية بفضل شخصية العميل جيمس بوند، التي ابتكرها الكاتب ايان فلامينغ في سلسلة روايات جاسوسية تحولت لاحقا إلى أفلام سينمائية. وأعلن داونينغ ستريت في بيان أن مترويلي ستكون الرئيسة ال18 للجهاز. وقال ستارمر "يأتي هذا التعيين التاريخي لبلايز مترويلي في وقت لم يكن فيه عمل أجهزة الاستخبارات البريطانية أكثر أهمية من أي وقت مضى". أضاف "تواجه المملكة المتحدة تهديدات غير مسبوقة (...) سواء من معتدين يرسلون سفن تجسس إلى مياهنا الإقليمية، أو قراصنة إلكترونيين يسعون من خلال مؤامراتهم الالكترونية المتطورة إلى تعطيل خدماتنا العامة". واحة الثقافة - حيل الجواسيس الشيطانية To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ورئيس "ام آي 6" هو العضو الوحيد في الجهاز الذي يتم الإعلان عن اسمه، ويرفع تقاريره مباشرة إلى وزير الخارجية. ويشار إلى الشخص الذي يشغل هذا المنصب بالحرف "سي" وليس "أم" كما ظهر في سلسلة أفلام جيمس بوند التي أدت فيها الممثلة جودي دنش هذا الدور. خبرة كبيرة وستتولى مترويلي منصبها الخريف المقبل خلفا لرئيس الجهاز المنتهية ولايته ريتشارد مور. وأفاد البيان أنها مترويلي تشغل حاليا منصب المديرة العامة للتكنولوجيا والابتكار في "ام آي 6" وتعرف باسم "كيو". ووصفت بأنها ضابطة استخبارات محترفة انضمت إلى الجهاز عام 1999 بعد أن درست الأنثروبولوجيا في جامعة كامبريدج. وأضاف البيان أن مترويلي شغلت مناصب عليا في "أم آي 6" وكذلك في جهاز الاستخبارات الداخلية "أم آي 5"، وقضت معظم حياتها المهنية "في القيام بأدوار تنفيذية في الشرق الأوسط وأوروبا"، دون الكشف عن تفاصيل أكثر بشأن سيرتها الذاتية. ويأتي هذا التعيين بعد ثلاثة عقود من شغل ستيلا ريمينغتون رئاسة جهاز الاستخبارات الداخلية "أم آي 5" بين عامي 1992 و1996. (أ ف ب) تحرير: حسن زنيند


DW
٠٩-٠٦-٢٠٢٥
- DW
هل أصبح البشر متعلقين عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟ – DW – 2025/6/9
أصبحت العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي أكثر تعقيداً، ما دفع العلماء إلى دراسة وتحليل طبيعة هذه العلاقة بالاعتماد على نظرية التعلق، فهل أصبح البشر متعلقون عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟ تدرس نظرية التعلّق التي وضعها العالم البريطاني جون بولبي العلاقات والروابط بين البشر، وخاصة العلاقات طويلة الأمد بين الشريكين وبين الآباء والأبناء، وتشرح النظرية لماذا يستطيع بعض الناس تكوين روابط عميقة وآمنة، بينما يجد آخرون صعوبة في الثقة أو الخوف من التقرّب من الآخرين. ولكن الاعتماد الكبير على أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم يطرح سؤالاً جديداً، وهو هل يمكن أن يتعلّق البشر بالذكاء الاصطناعي؟ ما دفع بفريق من الباحثين من جامعة واسيدا اليابانية إلى إجراء دراستين تجريبيتين ودراسة رسمية بالاستناد إلى نظرية التعلق لدراسة العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي نُشرت نتائجها في مجلة Current Psychology. حاجة عاطفية لأنظمة الذكاء الاصطناعي أشار الباحثون ومن ضمنهم الباحث المشارك فان يانغ والأستاذ أتسوشي أوشيو من كلية الآداب والفنون والعلوم إلى أن التفاعلات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي تتشابه مع العلاقات بين البشر من حيث قلق التعلّق وتجنب التعلّق. ويقول يانغ: "في السنوات الأخيرة، ازدادت قوة وحكمة الذكاء الاصطناعي المُولّد، مثل تشات جي بي تي ChatGPT، حيث لم يقتصر دوره على تقديم الدعم المعلوماتي فحسب، بل شمل أيضاً الشعور بالأمان". والشعور بالأمان بحسب نظرية التعلّق عنصر أساسي ومهم لبناء علاقات آمنة مع الآخرين، ولأن البشر أصبحوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي للدعم العاطفي والرفقة إلى جانب حل المشكلات والتعلّم يرى يانغ أن هذه العلاقة تستحق الاهتمام. ولهذا طوّر الباحثون مقياساً جديداً للدراسة، أُطلق عليه اسم "مقياس التجارب في العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي " (EHARS)، يقيس الميول المرتبطة بالتعلق بالذكاء الاصطناعي. وبناءً عليه وجد الباحثون أن بعض الأفراد يلتمسون الدعم والتوجيه العاطفي من الذكاء الاصطناعي، على غرار تفاعلهم مع البشر. فلجأ حوالي 75 بالمئة من المشاركين بالدراسة إلى الذكاء الاصطناعي طلباً للنصيحة، بينما اعتبره حوالي 39 بالمئة من المشاركين كياناً موجوداً في حياتهم وموثوقاً به. وفرّقت الدراسة بين بُعدين للتعلق البشري بالذكاء الاصطناعي، هما القلق والتجنب، أي أن بعض الأشخاص لديهم قلق كبير من التعلّق بالذكاء الاصطناعي، أي أنهم يخافون من التعلّق بالذكاء الاصطناعي ويستخدمونه في الغالب من أجل الدعم النفسي والعاطفي والدردشة، وبالتالي يشعرون بالقلق من عدم تلقي ردود مُرضية ومطمئنة من الذكاء الاصطناعي. والنمط الآخر هو تجنّب التعلّق، وهنا يتجنّب بعض الأشخاص التعلّق بالذكاء الاصطناعي، ما يجعلهم غير مرتاحين من التعامل العاطفي أو القريب مع الذكاء الاصطناعي، ويستخدمونه للحصول على معلومات فقط. يفضّل هؤلاء الأشخاص إبقاء مسافة عاطفية كبيرة بينهم وبين الذكاء الاصطناعي وعدم الاعتماد عليه بأمور شخصية أو عاطفية. عندما تقرر الآلات مصير البشر To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تطوير ذكاء اصطناعي ذكي عاطفياً نتائج هذه الدراسة لا تعني أن البشر يكوّنون حالياً تعلّقاً عاطفياً بالذكاء الاصطناعي، وإنما تبيّن أن الأطر النفسية المُستخدمة في العلاقات الإنسانية قد تنطبق أيضاً على التفاعلات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. ويمكن أن تساهم هذه النتائج في تطوير أنظمة وأدوات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في دعم الصحة النفسية بطريقة أخلاقية تساهم فعلاً في دعم المرضى. كأن يتم تصميم روبوتات الدردشة الذكية المستخدمة في تدخلات علاج الوحدة أو تطبيقات العلاج النفسي لتلائم احتياجات كافة المستخدمين، فمثلاً تُبدي أنظمة الذكاء الاصطناعي أو روبوتات الدردشة الذكية استجابات وردود فعل أكثر تعاطفاً واحتواءً للأشخاص الذين يعانون من قلق التعلّق الشديد، أو تحافظ على مسافة عاطفية كافية مع الأشخاص الذين يميلون لتجنب التعلق. وتشير نتائج الدراسة أيضاً إلى ضرورة الشفافية في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تُحاكي العلاقات العاطفية، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي الرومانسية أو روبوتات مُقدمي الرعاية، لمنع الإفراط في الاعتماد العاطفي أو التلاعب. كما يمكن للمطورين أو علماء النفس استخدام نموذج EHARS الذي ابتكره الباحثون لتقييم كيفية تفاعل الأشخاص مع الذكاء الاصطناعي عاطفياً، وتعديل استراتيجية تفاعله وفقاً لذلك. وأخيراً تتمثل أهمية هذه الدراسة في العلاقة المتنامية بين البشر والذكاء الاصطناعي بالارتباط الوثيق بيننا وبين أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس للحصول على معلومات فقط، بل من أجل الحصول على دعم عاطفي ونفسي منها، فقد لا يخلو هاتف أو حاسوب أي شخص من برنامج ذكاء اصطناعي يعتمد عليه في البحث والحصول على معلومات أو نصائح في الحياة اليومية. وبهذا الصدد يقول الباحث المشارك فان يانغ والأستاذ أتسوشي أوشيو من كلية الآداب والفنون والعلوم: "يُسلط بحثنا الضوء على الديناميكيات النفسية الكامنة وراء هذه التفاعلات، ويُقدم أدوات لتقييم الميول العاطفية تجاه الذكاء الاصطناعي. وأخيراً، يُعزز فهمًا أفضل لكيفية تفاعل البشر مع التكنولوجيا على المستوى المجتمعي، مما يُساعد في توجيه السياسات وممارسات التصميم التي تُعطي الأولوية للرفاهية النفسية". تحرير: خ.س


DW
٢٨-٠٥-٢٠٢٥
- DW
اختبار ستارشيب ـ انتكاسة جديدة لمشروع إيلون ماسك الفضائي – DW – 2025/5/28
تعرض رجل الأعمال، ملياردير التكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك ونظامه الصاروخي ستارشيب لانتكاسة جديدة، بعد فشل أكبر نظام صاروخي تم بناؤه في تاريخ استكشاف الفضاء في إتمام رحلته التجريبية التاسعة كما كان ذلك مخططا. انطلق الصاروخ ستارشيب التابع لشركة سبيس إكس إلى الفضاء من تكساس أمس (الثلاثاء 27 مايو/ أيار 2025) لكنه خرج عن السيطرة في منتصف رحلته دون تحقيق بعض أهم أهداف الاختبار، مما أوجد عقبات هندسية جديدة لبرنامج صواريخ المريخ الذي يزداد تعثرا. والصاروخ الذي يبلغ ارتفاعه 122 مترا هو محور هدف رئيس سبيس إكس التنفيذي إيلون ماسك لإرسال البشر إلى المريخ، وانطلق من موقع الإطلاق التابع للشركة في ستاربيس بولاية تكساس، ليتجاوز مستوى ارتفاع محاولتين سابقتين باءتا بالفشل هذا العام. وفي أحدث عملية إطلاق، وهي مهمة الاختبار الكاملة التاسعة للمركبة ستارشيب منذ المحاولة الأولى في أبريل / نيسان 2023، انطلقت المركبة في المرحلة العليا إلى الفضاء فوق معزز سبق إطلاقه- وهو أول دليل على إمكان إعادة استخدام المعزز. لكن سبيس إكس فقدت الاتصال بالمعزز السفلي الذي يبلغ طوله نحو 71 مترا في أثناء هبوطه قبل أن يسقط في البحر، بدلا من الهبوط المتحكم فيه الذي خططت له الشركة. في هذه الأثناء، واصلت المركبة ستارشيب رحلتها في الفضاءخارج المدار، لكنها بدأت بالدوران على نحو لا يمكن السيطرة عليه بعد قرابة 30 دقيقة من بدء المهمة. وجاء هذا الدوران المفاجئ بعد أن ألغت سبيس إكس خطة لنشر ثمانية أقمار اصطناعية من نوع ستارلينك في الفضاء، إذ لم تعمل آلية الصاروخ مثلما هو مُصمم لها. وقال دان هوت، المذيع في شركة سبيس إكس، في بث مباشر للشركة "الأمر غير جيد فيما يبدو مع العديد من أهدافنا المدارية اليوم". وكان من المقرر أن يقدم ماسك إفادة عن طموحاته في استكشاف الفضاء في خطاب من ستاربيس عقب الرحلة التجريبية، والذي وصف بأنه عرض تقديمي مباشر عن "الطريق إلى حياة متعددة الكواكب". ولم يلق الخطاب حتى الآن. الفضاء واستثمارات الخواص To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وفي منشور على إكس، تحدث ماسك عن إيقاف تشغيل محرك ستارشيب المقرر في الفضاء، وهي خطوة تحققت في رحلات تجريبية سابقة العام الماضي. وقال إن تسربا في خزان الوقود الرئيسي لستارشيب أدى إلى فقدان السيطرة عليها. وقال "هناك الكثير من البيانات الجيدة التي يجب مراجعتها. سيكون إيقاع الإطلاق للرحلات الثلاث التالية أسرع، بمعدل رحلة واحدة تقريبا كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع". وقالت سبيس إكس إن نماذج ستارشيب التي حلقت هذا العام تحمل تحديثا كبيرا في التصميم عن النماذج الأولية السابقة، إذ يعمل آلاف الموظفين في الشركة على بناء صاروخ متعدد الأغراض قادر على وضع دفعات ضخمة من الأقمار الصناعية في الفضاء، ونقل البشر إلى القمر وفي النهاية نقل رواد الفضاء إلى المريخ. انتكاسات متكررة وتشير الانتكاسات الأخيرة إلى أن سبيس إكس تجد صعوبة للتغلب على مرحلة معقدة من تطوير مركبة ستارشيب التي تقدر بمليارات الدولارات. لكن ثقافة الشركة الهندسية مبنية على استراتيجية اختبار طيران تدفع المركبة الفضائية إلى نقطة الفشل، ثم تدخل التحسينات في محاولات تالية. شمل مسار ستارشيب المُخطط له أمس الثلاثاء مدارا شبه كامل حول الأرض لهبوط متحكم به في المحيط الهندي بهدف اختبار تصاميم جديدة لألواح الدرع الحرارية ولوحات معدلة لتوجيه عودتها المُشتعلة وهبوطها عبر الغلاف الجوي للأرض. لكن انهيارها المبكر، الذي ظهر ككرة نارية منطلقة شرقا فوق جنوب إفريقيا، يؤجل مرة أخرى أهداف ماسك في التطوير السريع لصاروخ من المتوقع أن يلعب دورا محوريًا في برنامج الفضاء الأمريكي. وتخطط ناسا لاستخدام الصاروخ لهبوط البشر على القمر في عام 2027، على الرغم من أن برنامج القمر هذا يواجه اضطرابات وسط نفوذ ماسك، الذي يركز على المريخ، على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. محاولات متجددة ومنحت الجهات التنظيمية الاتحادية سبيس إكس ترخيصا لأحدث محاولة تحليق للمركبة ستارشيب قبل أربعة أيام فقط، مما أنهى تحقيقا في حادث أدى إلى إيقاف ستارشيب لنحو شهرين. توقفت رحلتا الاختبار الأخيرتان في يناير كانون الثاني ومارس آذار بعد لحظات من انطلاقهما، إذ انفجرت المركبة إلى أجزاء في أثناء صعودها، مما أدى إلى تناثر الحطام فوق أجزاء من منطقة البحر الكاريبي وتعطيل عشرات الرحلات الجوية التجارية في المنطقة. ووسّعت إدارة الطيران الاتحادية مناطق خطر الحطام حول مسار الصعود لإطلاق اليوم الثلاثاء، وهو الرحلة التجريبية التاسعة الكاملة لمشروع ستارشيب. وقع الإخفاقان المتتاليان السابقان في مراحل مبكرة من رحلات الاختبار التي أنجزتها سبيس إكس بسهولة من قبل، مما تسبب في انتكاسة كبيرة لبرنامج سعى ماسك، رجل الأعمال الملياردير الذي أسس شركة الصواريخ عام 2002، إلى تسريعه هذا العام. وماسك أغنى رجل في العالم وداعم رئيسي لترامب، وهو متلهف لنجاح التجربة خاصة بعد تعهده في الأيام القليلة الماضية بإعادة تركيز اهتمامه على مشروعاته التجارية المتنوعة، بما في ذلك سبيس إكس، عقب انخراطه المضطرب في السياسة ومحاولاته تقليص البيروقراطية الحكومية.