logo
مفاعل "أراك".. طريق إيران إلى السلاح النووي من بوابة الماء الثقيل

مفاعل "أراك".. طريق إيران إلى السلاح النووي من بوابة الماء الثقيل

الشرق السعوديةمنذ 9 ساعات

يعد مفاعل "أراك" للماء الثقيل الذي يقع وسط إيران، أحد أكثر المنشآت النووية الإيرانية إثارةً للجدل، وأثار تصميمه القائم على الماء الثقيل، مخاوف شديدة بسبب إمكانية إنتاجه بلوتونيوم عالي الجودة يُستخدم في الأسلحة النووية.
وعلى الرغم من أنه لم يكن هدفاً مباشراً لهجمات سابقة مثل "نطنز"، إلا أن مفاعل "أراك" تعرض لغارات جوية خلال الحرب بين إسرائيل وإيران.
وعلى عكس مفاعل بوشهر المدني أو منشآت التخصيب تحت الأرض في نطنز وفوردو، فإن
التاريخ ومسار التطوير
ظهرت خطط إيران لبناء مفاعل "أراك" في تسعينيات القرن الماضي، وبدأت أعمال الإنشاء الفعلي في أوائل الألفية الجديدة.
وفي عام 2002، أخطرت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نيتها بناء المفاعل، لكن الوكالة أبدت مخاوف بشأن نقص الشفافية. وبنهاية العقد الأول من القرن الـ 21، أصبح المفاعل مكتملاً من الناحية الإنشائية، لكنه لم يكن مزوداً بالوقود أو يعمل بكامل طاقته.
يقع المجمع النووي بالقرب من مدينة أراك في محافظة مركزي، على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة طهران، ويتكون من منشأتين رئيسيتين هما محطة إنتاج الماء الثقيل (HWPP)، ومفاعل أراك "IR-40" بقدرة حرارية تبلغ 40 ميجاواط.
ويمتد المفاعل على مساحة نحو 65 هكتاراً (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، ويُعد مفاعلاً يتم تبريده بالماء الثقيل، ويعمل باليورانيوم الطبيعي، ويُقدَّر أنه قادر على إنتاج ما بين 8 إلى 10 كيلوجرامات من البلوتونيوم سنوياً، وهي كمية تكفي لصنع قنبلة نووية أو اثنتين سنوياً في حال معالجة الوقود المستخدم.
ونظراً لإمكانياته التقنية، وخصوصاً في إنتاج البلوتونيوم، أصبح مفاعل "أراك" أحد محاور التفاوض الأساسية في المحادثات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وإلى جانب المفاعل يقع مصنع إنتاج الماء الثقيل، وهو مصدر المادة المستخدمة لتبريد وتعديل سرعة النيوترونات داخل المفاعل، وعلى عكس الماء العادي، يُمكّن الماء الثقيل المفاعل من استخدام اليورانيوم الطبيعي دون الحاجة لتخصيبه.
ورغم أن دوره أُعيد تشكيله بموجب الاتفاقيات الدولية السابقة، لكنه ظلَّ يحتل موقعاً مركزياً في النقاشات بشأن نوايا إيران النووية.
الأهمية الاستراتيجية
تقول إيران إن مفاعل "أراك" صُمم لأغراض سلمية وبحثية، منها إنتاج النظائر المشعة لأغراض طبية وصناعية، وتدريب الكوادر الهندسية النووية، وإجراء تجارب النيوترونات في الأبحاث العلمية.
لكن بسبب تصميمه وقدرته على إنتاج البلوتونيوم، كان يُنظر إلى المفاعل على أنه تهديد حقيقي في مسار الانتشار النووي، خاصة في ظل سجل إيران السابق في إخفاء بعض أنشطتها عن المفتشين الدوليين.
ولعب "أراك" أدواراً متعددة في مشروع إيران النووي، فبينما يُمثل "نطنز" و"فوردو" المسار القائم على تخصيب اليورانيوم، فإن "أراك" شكّل المسار الثاني عبر البلوتونيوم.
وتمسكت إيران بالمفاعل رغم الضغوط الدولية، كما شكّل ورقة قوية خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة أو ما يعرف بالاتفاق النووي عام 2015.
وفي إطار الاتفاق، وافقت إيران على إعادة تصميم المفاعل بحيث يُنتج كمية قليلة جداً من البلوتونيوم لا تُستخدم في الأغراض العسكرية، وتم تنفيذ التعديل بمساعدة الصين وتحت إشراف المملكة المتحدة، وأعادت تصميم قلب المفاعل واستخدام يورانيوم منخفض التخصيب بدلاً من الطبيعي.
وخلال عام 2014، في إطار تنفيذ الاتفاق النووي، أزالت إيران وعاء المفاعل الأساسي، ثم ملأته بالخرسانة لجعله غير قابل للتشغيل، كدلالة على الالتزام بالتخلي عن مسار البلوتونيوم، لكن بعد انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي عام 2018، بدأت إيران تقليص التزاماتها، وأُثيرت مخاوف من أنها قد تعيد تصميم المفاعل ليعود إلى وضعه السابق.
التحصين ومخاطر الاستهداف
وعلى عكس "فوردو" المدفون تحت الجبل، أو "نطنز" شبه المحصن، فإن مفاعل "أراك" منشأة سطحية ذات دفاعات محدودة، وتقع في منطقة مفتوحة من دون تضاريس تحميه، مما يجعلها هدفاً سهلاً نسبياً للهجمات العسكرية.
ومع ذلك، حتى قبل بدء الحرب بين إسرائيل وإيران كان هناك عوامل قلّلت من احتمالية استهدافه، إذ ظل المفاعل تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتصميم الجديد يخضع لإشراف دولي.
وخلال يونيو الجاري، أعلنت إسرائيل إدراج المفاعل ضمن قائمة أهدافها في إيران، وشنّت ضربات جوية عديدة وطلبت من السكان في المناطق المجاورة إخلاء أماكنهم، بينما قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن لديها معلومات تفيد بتضرر بنايات رئيسية في مجمع "أراك" النووي للماء الثقيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قلق بين اللبنانيين من احتمال قصف ديمونا.. وخبير ذري يوضح
قلق بين اللبنانيين من احتمال قصف ديمونا.. وخبير ذري يوضح

العربية

timeمنذ 37 دقائق

  • العربية

قلق بين اللبنانيين من احتمال قصف ديمونا.. وخبير ذري يوضح

مع تصاعد المواجهات بين إسرائيل وإيران وتبادل التهديدات بقصف المنشآت النووية، تضاعفت مخاوف اللبنانيين من مخاطر حصول تسرب إشعاعي. وبدأت التساؤلات حول وجود خطط وطنية لرصد واحتواء أي طارئ محتمل، في حال قصف على سبيل المثال مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي. فيما أوضح الخبير اللبناني البيئي مصطفى رعد للعربية.نت/للحدث.نت أن مفاعل "ديمونا" الواقع في صحراء النقب، يبعد مسافة تتراوح بين 300 و400 كيلومتر عن الحدود الجنوبية اللبنانية، ما يقلّل من احتمالات تضرر لبنان مباشرة في حال حصول تسرب إشعاعي. وأضاف رعد أن "المسافات الجغرافية الكبيرة التي تفصل لبنان عن المواقع النووية في إيران والدول المجاورة، تقلّل من خطر التأثر المباشر، رغم ذلك تبقى الحيطة واجبة". خطة وطنية كما لفت إلى أن لبنان يملك خطة وطنية لاحتواء أي تسرب إشعاعي في حال حدوثه على الأراضي اللبنانية، مع أكثر من 20 مركزًا لرصد الإشعاعات موزعة في جميع المناطق. وأشار إلى وجود 12 مركزًا في الجنوب والبقاع، إضافة إلى مركزين في بيروت، فيما تتوزع بقية المراكز في الشمال ومناطق أخرى. من جهته، أكد مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بلال نصولي في حديث خاص للعربية.نت/الحدث.نت أن لبنان يمتلك نظام إنذار مبكر (Early Warning System)، مهمته تحذير السلطات في حال رُصدت أي إشعاعات نووية. وأضاف أن فريقًا من الوكالة الوطنية للطاقة الذرية يتولى تقييم الحالة العامة للانبعاثات عند أي طارئ، ومراقبة اتجاه الرياح وسرعتها لتحديد نطاق الخطر المحتمل. كما شدد نصولي على أن التعامل مع هذا النوع من المخاطر يجب أن يستند إلى بيانات علمية دقيقة لا إلى التهويل أو التهوين، مؤكدًا أن المعلومات حول مفاعل ديمونا محاطة بسرية تامة حتى داخل إسرائيل. وقال: "لا أحد يعلم بدقة ما يحتويه هذا المفاعل، حتى العاملون فيه، ومن يظن أنه يملك صورة واضحة عما يجري بداخله فهو يعيش في وهم". لا إجراءات طارئة في حين كشف مصدر مقرب من وزارة الصحة اللبنانية عن تواصل وتنسيق مستمر مع منظمة الصحة العالمية، مؤكدًا أن الأخيرة لم تطلب من لبنان اتخاذ أي إجراءات احترازية حتى الآن. كما أوضح المصدر أن هذا الموقف ينطبق أيضًا على دول مجاورة مثل الأردن ومصر، ما يدل على أن لبنان ليس ضمن منطقة عالية الخطورة في حال تم استهداف مفاعل ديمونا. الآثار الصحية وفي السياق الصحي، حذر الدكتور في الطب العام يوسف شبلي من المخاطر الجسيمة لتسرب الإشعاعات النووية، والتي يمكن أن تسبب حروقًا خطيرة تختلف شدتها بحسب كمية الإشعاع الذي يتعرض له الشخص. وأشار إلى أن تفاقم هذه الحروق قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة الجفاف الشديد وموت خلايا البشرة، إضافة إلى تأثير المواد المشعة على أعضاء الجسم كافة. لكن رغم التهديدات والتوترات المتزايدة في المنطقة، يُجمع الخبراء على أن لبنان ليس في دائرة الخطر المباشر من الناحية النووية، مع وجود خطط واستعدادات فنية وصحية لرصد واحتواء أي طارئ محتمل، إلا أن ضرورة البقاء على الجاهزية تظل قائمة في ظل عدم القدرة على التنبؤ الكامل بالمخاطر.

مفاعل نطنز.. ماذا نعرف عن أهم منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم؟
مفاعل نطنز.. ماذا نعرف عن أهم منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم؟

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

مفاعل نطنز.. ماذا نعرف عن أهم منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم؟

مع اندلاع حرب إيران وإسرائيل، تركزت الأنظار على منشآت إيران النووية، وفي القلب منها مفاعل نطنز الذي يوصف بأنه قلب البرنامج النووي الإيراني. في قلب الهضبة الإيرانية الجافة، وعلى بعد حوالي 250 كيلومتراً جنوب العاصمة طهران، تقع واحدة من أهم المنشآت النووية في إيران وأكثرها إثارة للجدل في الشرق الأوسط. إنه مفاعل نطنز لتخصيب الوقود، الذي تُعد بمثابة قلب البرنامج النووي الإيراني، ولعب دوراً محورياً في سعي طهران نحو القدرات النووية، مما جعلها محل اهتمام ومراقبة دولية، وهدفاً متكرراً لهجمات إسرائيلية. إنشاء مفاعل نطنز تعود بدايات مفاعل نطنز إلى أواخر تسعينيات القرن الـ20، خلال المراحل الأولى من سعي إيران لبناء بنية تحتية نووية متكاملة، لكن المنشأة لم تُكشف للعالم إلا في عام 2002، عندما أعلنت جماعة المعارضة الإيرانية في الخارج "مجاهدي خلق"عن وجودها. وأثار هذا الكشف قلقاً دولياً واسعاً، ودفع إيران إلى الاعتراف الرسمي بالمنشأة وفتحها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2003. وجاء ظهور المنشأة في وقت كانت إيران تُصعد طموحاتها في تخصيب اليورانيوم، وهي العملية التي تقع في صميم الاستخدامات السلمية والعسكرية للطاقة النووية. وتقع المنشأة قرب مدينة نطنز بمحافظة أصفهان، في منطقة نائية توفر قدراً من الحماية الطبيعية والسرّية التشغيلية. وتُغطي المنشأة مساحة إجمالية تُقدّر بحوالي 7 كيلومترات مربعة، فيما تمتد المنشأة الرئيسية لتخصيب الوقود على مساحة تقارب 100 ألف متر مربع. وما يُميز مفاعل نطنز أنه مدفون جزئياً تحت الأرض، حيث تقع أهم أقسامه على عمق يتراوح بين 8 إلى 20 متراً تحت السطح، محصنة بالخرسانة المسلحة والحديد، بهدف حمايتها من الضربات الجوية والهجمات الصاروخية. وتُشير تقارير حديثة إلى أن إيران بدأت بالفعل بناء منشآت أعمق وأكثر تحصيناً في نفس المنطقة، لحماية بنيتها التحتية النووية. وظائف مفاعل نطنز الوظيفة الأساسية لمنشأة نطنز هي تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي. في المراحل الأولى، استخدمت إيران أجهزة من نوع "IR-1"، وهي نسخ من تصميمات حصلت عليها من شبكة سوق سوداء أنشأها العالم الباكستاني عبد القدير خان. ومع مرور الوقت، بدأت إيران في تطوير ونصب أجهزة طرد أكثر تطوراً، مثل: "IR-2m"، و"IR-4"، و"IR-6"، بهدف زيادة الكفاءة والإنتاج. وبموجب الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015، وافقت إيران على تقليص أنشطة التخصيب في نطنز، وتفكيك أجهزة الطرد المتقدمة، والحد من التخصيب بنسبة لا تتجاوز 3.67%. لكن بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق عام 2018، بدأت إيران تدريجياً استئناف وتوسيع أنشطة التخصيب في نطنز، وقد وصلت قدرة المنشأة إلى تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60%، وهي قريبة من مستوى التخصيب المستخدم في الأسلحة النووية عند 90%. أهمية مفاعل نطنز يُشكل نطنز الركيزة الأساسية لبرنامج التخصيب الإيراني، ويضم آلاف أجهزة الطرد المركزي، ويُعتبر مركزاً حاسماً في قدرة طهران على تخزين كميات من اليورانيوم المخصب، سواء لأغراض مدنية أو عسكرية. ولهذا السبب، أصبح هذا المفاعل مؤشراً استراتيجياً في المفاوضات النووية، ويُراقب الغرب عن كثب أي تغييرات في نشاطه، مثل تركيب أجهزة جديدة، أو بناء غرف تحت الأرض أو زيادة الإنتاج. وفي حال قررت إيران المضي قدماً في تصنيع سلاح نووي، فمن المرجح أن يلعب نطنز دوراً أساسياً في إنتاج المادة الانشطارية المطلوبة. وبالتالي، فإن المنشأة تمثل أصلاً نووياً حيوياً. هجمات وعمليات تخريب تعرّضت منشأة نطنز لسلسلة من الهجمات البارزة على مدى العقدين الماضيين، ما يدل على أهمية استهدافها في الحرب السرية المحيطة بالملف النووي الإيراني. وفي العام 2010 تعرض المفاعل لهجوم سيبراتي يُعتبر الأشهر في التاريخ، إذ استُخدم فيه فيروس يُعرف باسم "Stuxnet"، يُعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد طورته، تمكّن من التسلل إلى أنظمة التحكم الصناعية، وتسبب في تدمير نحو 1000 جهاز طرد مركزي، ما أدى إلى تعطيل البرنامج الإيراني لأشهر. وفي يوليو 2020، وقع انفجار غامض في ورشة تجميع أجهزة الطرد المتقدمة داخل مفاعل نطنز، وأكدت السلطات الإيرانية أنه كان عملاً تخريبياً، وقد وُجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل. وفي أبريل 2021، تعرضت المنشأة لقطع مفاجئ في الكهرباء، مما أدى إلى إتلاف العديد من أجهزة الطرد. وأشارت التقارير مجدداً إلى تورط الموساد، مع احتمال وجود اختراق داخلي. وخلال الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على المجمع النووي الإيراني في "نطنز" أصاب بشكل مباشر محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض هناك، مشيرةً إلى أن أجهزة الطرد المركزي في المحطة تضررت بشدة على الأرجح بسبب استهداف إمدادات الكهرباء بالمحطة. التحصين والمخاطر رغم تحصين أجزاء من نطنز تحت الأرض، إلا أن المنشأة لا تتمتع بنفس مستوى الحماية الموجود في منشأة "فوردو" مثلاً المدفونة تحت الجبال، مما يجعلها أكثر عرضة للهجمات الدقيقة. ودفعت تلك الهجمات والمخاطر إيران إلى اتخاذ ندابير لزيادة مستوى التحصين في المنشأة النووية، على غرار، توسيع وتعميم البنية التحتية تحت الأرض، وبناء منشآت أعمق في الجبال المحيطة، وتعزيز الدفاعات الجوية حول الموقع، وتوزيع أجهزة الطرد على منشآت متعددة لتقليل الاعتماد على نطنز فقط. لكن رغم هذه الجهود، يرى الخبراء أن المنشأة ستبقى هدفاً عالي الأولوية بالنسبة لإسرائيل، التي تسعى إلى تطوير أسلحة قادرة على إحداث أضرار في أكبر عمق ممكن تقع فيه المنشآت النووية الإيرانية.

مفاعل "أراك".. طريق إيران إلى السلاح النووي من بوابة الماء الثقيل
مفاعل "أراك".. طريق إيران إلى السلاح النووي من بوابة الماء الثقيل

الشرق السعودية

timeمنذ 9 ساعات

  • الشرق السعودية

مفاعل "أراك".. طريق إيران إلى السلاح النووي من بوابة الماء الثقيل

يعد مفاعل "أراك" للماء الثقيل الذي يقع وسط إيران، أحد أكثر المنشآت النووية الإيرانية إثارةً للجدل، وأثار تصميمه القائم على الماء الثقيل، مخاوف شديدة بسبب إمكانية إنتاجه بلوتونيوم عالي الجودة يُستخدم في الأسلحة النووية. وعلى الرغم من أنه لم يكن هدفاً مباشراً لهجمات سابقة مثل "نطنز"، إلا أن مفاعل "أراك" تعرض لغارات جوية خلال الحرب بين إسرائيل وإيران. وعلى عكس مفاعل بوشهر المدني أو منشآت التخصيب تحت الأرض في نطنز وفوردو، فإن التاريخ ومسار التطوير ظهرت خطط إيران لبناء مفاعل "أراك" في تسعينيات القرن الماضي، وبدأت أعمال الإنشاء الفعلي في أوائل الألفية الجديدة. وفي عام 2002، أخطرت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نيتها بناء المفاعل، لكن الوكالة أبدت مخاوف بشأن نقص الشفافية. وبنهاية العقد الأول من القرن الـ 21، أصبح المفاعل مكتملاً من الناحية الإنشائية، لكنه لم يكن مزوداً بالوقود أو يعمل بكامل طاقته. يقع المجمع النووي بالقرب من مدينة أراك في محافظة مركزي، على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة طهران، ويتكون من منشأتين رئيسيتين هما محطة إنتاج الماء الثقيل (HWPP)، ومفاعل أراك "IR-40" بقدرة حرارية تبلغ 40 ميجاواط. ويمتد المفاعل على مساحة نحو 65 هكتاراً (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، ويُعد مفاعلاً يتم تبريده بالماء الثقيل، ويعمل باليورانيوم الطبيعي، ويُقدَّر أنه قادر على إنتاج ما بين 8 إلى 10 كيلوجرامات من البلوتونيوم سنوياً، وهي كمية تكفي لصنع قنبلة نووية أو اثنتين سنوياً في حال معالجة الوقود المستخدم. ونظراً لإمكانياته التقنية، وخصوصاً في إنتاج البلوتونيوم، أصبح مفاعل "أراك" أحد محاور التفاوض الأساسية في المحادثات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني. وإلى جانب المفاعل يقع مصنع إنتاج الماء الثقيل، وهو مصدر المادة المستخدمة لتبريد وتعديل سرعة النيوترونات داخل المفاعل، وعلى عكس الماء العادي، يُمكّن الماء الثقيل المفاعل من استخدام اليورانيوم الطبيعي دون الحاجة لتخصيبه. ورغم أن دوره أُعيد تشكيله بموجب الاتفاقيات الدولية السابقة، لكنه ظلَّ يحتل موقعاً مركزياً في النقاشات بشأن نوايا إيران النووية. الأهمية الاستراتيجية تقول إيران إن مفاعل "أراك" صُمم لأغراض سلمية وبحثية، منها إنتاج النظائر المشعة لأغراض طبية وصناعية، وتدريب الكوادر الهندسية النووية، وإجراء تجارب النيوترونات في الأبحاث العلمية. لكن بسبب تصميمه وقدرته على إنتاج البلوتونيوم، كان يُنظر إلى المفاعل على أنه تهديد حقيقي في مسار الانتشار النووي، خاصة في ظل سجل إيران السابق في إخفاء بعض أنشطتها عن المفتشين الدوليين. ولعب "أراك" أدواراً متعددة في مشروع إيران النووي، فبينما يُمثل "نطنز" و"فوردو" المسار القائم على تخصيب اليورانيوم، فإن "أراك" شكّل المسار الثاني عبر البلوتونيوم. وتمسكت إيران بالمفاعل رغم الضغوط الدولية، كما شكّل ورقة قوية خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة أو ما يعرف بالاتفاق النووي عام 2015. وفي إطار الاتفاق، وافقت إيران على إعادة تصميم المفاعل بحيث يُنتج كمية قليلة جداً من البلوتونيوم لا تُستخدم في الأغراض العسكرية، وتم تنفيذ التعديل بمساعدة الصين وتحت إشراف المملكة المتحدة، وأعادت تصميم قلب المفاعل واستخدام يورانيوم منخفض التخصيب بدلاً من الطبيعي. وخلال عام 2014، في إطار تنفيذ الاتفاق النووي، أزالت إيران وعاء المفاعل الأساسي، ثم ملأته بالخرسانة لجعله غير قابل للتشغيل، كدلالة على الالتزام بالتخلي عن مسار البلوتونيوم، لكن بعد انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي عام 2018، بدأت إيران تقليص التزاماتها، وأُثيرت مخاوف من أنها قد تعيد تصميم المفاعل ليعود إلى وضعه السابق. التحصين ومخاطر الاستهداف وعلى عكس "فوردو" المدفون تحت الجبل، أو "نطنز" شبه المحصن، فإن مفاعل "أراك" منشأة سطحية ذات دفاعات محدودة، وتقع في منطقة مفتوحة من دون تضاريس تحميه، مما يجعلها هدفاً سهلاً نسبياً للهجمات العسكرية. ومع ذلك، حتى قبل بدء الحرب بين إسرائيل وإيران كان هناك عوامل قلّلت من احتمالية استهدافه، إذ ظل المفاعل تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتصميم الجديد يخضع لإشراف دولي. وخلال يونيو الجاري، أعلنت إسرائيل إدراج المفاعل ضمن قائمة أهدافها في إيران، وشنّت ضربات جوية عديدة وطلبت من السكان في المناطق المجاورة إخلاء أماكنهم، بينما قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن لديها معلومات تفيد بتضرر بنايات رئيسية في مجمع "أراك" النووي للماء الثقيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store