
هل الاقتصاد الأميركي يخدعنا حقًا؟.. مؤشرات مظلمة خلف البيانات المتفائلة
رغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية الأميركية بشكل مفاجئ مؤخرًا، فإن هناك تباينا مقلقًا بين البيانات "الصلبة" و"الناعمة"، مما يضع المستثمرين والمراقبين في حالة ترقب لوجهة الاقتصاد في ظل سياسات الرئيس دونالد ترامب ، وخصوصًا الرسوم الجمركية الواسعة التي أُطلق عليها "رسوم يوم التحرير".
تضارب بين البيانات وقلق في الأفق
وفقًا لتحليل جيمس ماكينتوش المنشور في وول ستريت جورنال، فإن البيانات "الصلبة" مثل إنفاق المستهلكين ومبيعات التجزئة ما زالت قوية، لكن البيانات "الناعمة" المستقاة من استطلاعات الرأي ومؤشرات مديري المشتريات تواصل التدهور.
ويُرجح بعض الاقتصاديين أن التحسن الظاهري في الأرقام "الصلبة" قد يعكس ارتفاعًا سابقا في المخزون من قبل الشركات قبيل فرض الرسوم، وليس نموًا حقيقيا مستدامًا.
ويحذّر ماكينتوش من أن الفجوة بين النوعين من البيانات ربما تكون هذه المرة مؤشرًا على انكماش قادم، بخلاف ما جرى في دورات سابقة.
مؤشرات تحذيرية من الركود لكن الإنفاق مستمر
وتظهر البيانات الصادرة عن مجلس المؤتمر الاقتصادي أن المؤشر الاقتصادي الرائد انخفض بشكل حاد واقترب من الإشارة إلى ركود وشيك، في حين ما زال المؤشر المتزامن يُظهر استمرار النمو. كما تُظهر مؤشرات سيتي غروب أن المفاجآت الاقتصادية في الأشهر الماضية جاءت إيجابية فقط لأن التوقعات كانت متشائمة للغاية.
ورغم تأجيل بعض الشركات مشاريع استثمارية كبرى، فإن الرئيس المشارك في شركة أليكس بارتنرز للاستشارات ديفيد غارفيلد يشير إلى أن العديد من المشاريع الصغيرة التي تعزز الإنتاجية وسلاسل التوريد مستمرة بما في ذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
الرسوم الجمركية خطر مستمر
ولا تزال الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مصدر قلق رئيسي بحسب الصحيفة. ويخشى البعض أن يعاود الرئيس رفعها بشكل مفاجئ، لا سيما أن مشروع "الموازنة الجميلة" الجديد المُحال إلى مجلس الشيوخ يتضمن بنودًا قد تُستخدم لفرض ضرائب ثقيلة على الاستثمارات الأجنبية.
ويُحذر ماكينتوش من أن هذه الخطوة قد "تسحق تدفقات الاستثمار الوافدة"، وتعرقل النمو على المدى الطويل، حتى إن لم تؤدِ الرسوم الحالية إلى ركود فوري.
فجوة بين التشاؤم والتفاؤل
ويشير التقرير إلى أن البيانات "الناعمة"، ورغم ضعفها، بدأت تتحسن بالمقارنة مع التوقعات المتشائمة جدًا، مما يعكس أن الاقتصاديين بالغوا في تصور التراجع. بالمقابل، فإن البيانات "الصلبة" قد تكون مضللة لأنها لم تبدأ بعد في إظهار تأثير الرسوم الكاملة، خصوصًا مع تأخر الاستثمار.
ويرى ماكينتوش أن التفاؤل المفرط من جانب السوق (الثيران)، كما هو حال التشاؤم المفرط من جانب المتخوفين (الدببة)، لا يعكس الصورة الكاملة، موضحًا "أميل إلى الموقف الوسطي: البيانات الناعمة ليست سيئة كما تبدو، والبيانات الصلبة ليست قوية كما توحي".
الاقتصاد يتقدم بشق الأنفس
وختامًا، يرجّح التقرير أن الاقتصاد الأميركي قادر على الاستمرار في النمو، ولكن بشيء من "المعاناة" أو التقدّم البطيء المتعثر، بشرط أن تتجنّب الحكومة اتخاذ قرارات تزيد من تقلب الأسواق أو تؤدي إلى كبح الاستثمار والاستهلاك.
ويخلص ماكينتوش إلى القول إن "الاقتصاد الأميركي قادر على الصمود.. ما دامت الحكومة لا تتدخل بشكل يفاقم الأمور".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
فرص وقف الحرب واللاعبون القادرون على ذلك
لا يفترض أن يقابل العدوان المتغطرس من إسرائيل، الدولة التي ثبت ارتكابها جرائم إبادة جماعية بقرار من المحكمة الدولية، على إيران إلا بمزيد من الإدانة والرفض، ولذلك كان مدهشًا أن تتعامل بريطانيا وفرنسا معه وكأنه خطوة "طبيعية"، بدلًا أن تدينا ما جرى. لقد أعلنتا، شأنهما شأن الولايات المتحدة، وقوفهما إلى جانب "إسرائيل" ضد إيران، بينما كانت هذه الدولة ذاتها تواصل حربها الإبادية في غزّة بلا انقطاع منذ 610 أيام. إن التضامن مع قوة نووية تنتهج الإبادة الجماعية، لمجرد مواجهة مساعي إيران لامتلاك السلاح النووي، من شأنه أن يقوّض تمامًا ما تبقّى من ركائز النموذج الحداثي- العلماني- الإنساني، الذي أصيب أصلًا بزلزال عنيف منذ بدء مجازر غزّة. إن الرسالة التي خرج بها اجتماع مجموعة السبع G7 – والتي مفادها أن "إيران لن تصبح قوة نووية" – لا يمكن أن يُساء فهمها في العالم الإسلامي، بل ستُفهم تمام الفهم. إذ سيُرى في هذا الإصرار على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، رغم مواقفها التي أثارت الجدل داخل الساحة الإسلامية لسنوات، أثرُ انحياز ديني مكشوف. لأنه إذا كان لا بدّ من الحديث عن "خطر حقيقي"، فإن وجود سلاح فردي – مجرد مسدّس – بيد "إسرائيل" يكفي لتهديد الإنسانية جمعاء، فكيف إذا كانت تمتلك ترسانة نووية ضخمة؟! إنّ "إسرائيل"، بتسلّحها النووي وقوّتها المفرطة، أصبحت خطرًا حقيقيًا على السلام العالمي والبشرية بأسرها. حقيقة هذا الخطر تظهر يوميًا في غزّة، وفي الضفة الغربية، وفي سوريا. إنها قوة عدوانية متغطرسة بطبيعتها، ومع ذلك، وبدلًا من أن تُدان، تُمنح الحقّ في أن تقرر من يحق له امتلاك الأسلحة في المنطقة، ومن لا يحق له ذلك، رغم أنها دولة مدانة بجرائم إبادة جماعية. هذه واحدة من زوايا الحرب التي نعيشها. أما الزاوية الأخرى المهمّة، فهي أنّ "إسرائيل"، بإقدامها على هذه الحرب، فقدت الامتياز الذي طالما تمسّكت به رغم عدوانيتها: الحصانة، والقدرة على الإفلات من العقاب، والشعور بالعلو المطلق. فمن هذه اللحظة، لم تعد قادرة على مهاجمة أي دولة شاءت من دون أن تدفع الثمن. لقد اصطدمت غطرستها العنيفة بجدار صلب، رغم اعتمادها الكامل على ترسانة سلاح حصلت عليها من الولايات المتحدة وحلفائها المتدينين في أوروبا. واليوم، بدأت مدنها، وفي مقدّمتها تل أبيب، تتعرّض لدمار يشبه ذلك الذي أنزلته بغزّة. والأدهى، أن هذا الدمار الذي أصاب قلبها جاء من مصدر طالما تجاهلته باستهزاء، بل أنكرت وجوده أساسًا: من بلد محاصر منذ خمسين عامًا، عاش في ظلّ الحصار كل صنوف الحرمان، لكنه استطاع أن يطوّر أسلحته بجهد ذاتي، وسط شحّ الموارد والضغوط. هذه الحقيقة تطرح تساؤلًا كبيرًا: ما هو ضرر الحصار الأميركي والإسرائيلي؟ وما الذي قدّمته الحماية الغربية لحلفائهم في المنطقة؟ فلننظر إلى إيران، التي عانت على مدار نصف قرن من الحصار والعقوبات الأميركية والغربية، وها هي اليوم قادرة على تأمين ما يقرب من 80% من حاجتها الدفاعية من خلال التصنيع المحلي. صحيح أنّ منظومة الدفاع الجوي لديها لم تثبت كفاءتها في المرحلة الأولى، إلا أنّها بدأت تدخل الخدمة بشكل أكثر فاعلية، إلى جانب الطائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستية، وفرط صوتية، التي زعزعت المكانة الإستراتيجية التي طالما ظنّت "إسرائيل" أنها تحتكرها في المنطقة، وفرضتها على جيرانها. بل إنّ هذه الزلزلة لم تكن وليدة اليوم. لقد بدأت إرهاصاتها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حين فجّر شعب غزّة الباسل، المحاصر منذ 2007، شرارة مقاومة عارمة، زعزعت توازن الردع الإسرائيلي. ويمكن أيضًا إضافة التجربة التركية في الصناعات الدفاعية كحالة بارزة توضح ما يمكن أن تصنعه الإرادة والاعتماد على الذات. وفي المقابل، هل يمكن تجاهل المفارقة المفجعة؟ مئات المليارات من الدولارات أنفقتها بعض الدول على التسلّح من مصادر أميركية وأوروبية وإسرائيلية – ومع ذلك، ما تزال تعتمد على الحماية الأميركية. أليست هذه المفارقة وحدها كافية لتكون درسًا بليغًا؟ على صعيد آخر، أخطأ نتنياهو في تفسير صبر إيران إزاء اعتداءاته المتكررة، إذ فهمه على أنه علامة ضعف (بل يمكن القول إنّ هذا التفسير لم يأتِ فقط من نتنياهو، بل من الشارع العربي والإسلامي الذي كان ينتظر من إيران ردًا على كل صفاقة إسرائيلية). والحقيقة أنّ إيران لم تكن تسعى إلى حرب شاملة مع "إسرائيل"، وهذا ليس أمرًا يصعب فهمه. لكن نتنياهو فسّر ذلك الصبر بأنه ضعف من قبل إيران، وقوة مطلقة من طرفه، فاندفع يطلب نصرًا سريعًا، مهللًا لما ظنّه "ضربة مفاجئة" لخصمه، لكنّها لم تكن إلا فخًا ابتلعته فرحته الكبرى مثل كأسٍ مسمومة. واليوم، يبدو أن هذا السُمّ بدأ يسري في جسد "إسرائيل" كلّه. حتى الشارع العربي، بمختلف تياراته، بات يلتف حول إيران؛ لأنها الدولة الوحيدة التي تواجه "إسرائيل" فعليًا في ساحة المعركة. فلينظروا كيف استقبلت الشوارع العربية صور الصواريخ الإيرانية، وهي تضرب تل أبيب بفرحٍ عارم! ربما آن الأوان للولايات المتحدة، و"إسرائيل"، وأوروبا أن يدركوا هذا الواقع: العالم الإسلامي الذي مزّقوه وأخضعوه عبر إستراتيجيات "فرّق تسد"، يمكن أن يتوحّد تحت وطأة هذا العدوان الصهيوني العنصري المفرط في تطرفه. فإذا كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية ترغب فعلًا في تجنّب المزيد من النتائج الكارثية لهذا المسار العبثي الذي شرعت فيه، فليس أمامها سوى أن تتخلّى عن دعمها لـ"إسرائيل". لأنها إن لم توقف الحرب التي أشعلتها، فلن تستطيع السيطرة على نهاياتها – كما لم تستطع إنهاء حرب أوكرانيا التي أشعلتها ضد روسيا. وعند هذه النقطة، لن يكون أمامها خيار سوى اللجوء إلى تركيا، إلى زعيمها رجب طيب أردوغان. وإنّ أردوغان، إلى جانب دبلوماسيته الهاتفية المحمومة التي يقودها منذ أيام، يستطيع – بل ينبغي له – أن يبادر بجمع قادة العالم الإسلامي في إسطنبول، لبلورة موقف مشترك، يمثّل العالم الإسلامي برمّته، في وجه هذه الفوضى. وسيكون هذا بمثابة خطوة تأسيسية فارقة نحو نظام عالمي جديد أكثر عدلًا وتوازنًا.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
لقاء جنيف.. ماذا بجعبة الترويكا لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل؟
لندن- يقود الأوروبيون اليوم الجمعة في العاصمة السويسرية جنيف ما يبدو أنه لقاء الفرصة الأخيرة مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، في محاولة لمد جسر إنقاذ يعبر من خلاله كل من الإيرانيين والأميركيين إلى طاولة المفاوضات من جديد، ويُرتقب أن تنضم مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى هذه المباحثات. ومع ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة وترقب حسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفه من الانخراط في المواجهة الدائرة بين إسرائيل وإيران تتمسك الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بلعب دور الوساطة وتحرص على عدم نسف الجهود الدبلوماسية. وقال ترامب إنه مستعد لمنح طهران فرصة للتوقيع على اتفاق نووي قبل اتخاذ قرار في غضون أسبوعين بشأن طبيعة المشاركة الأميركية في الحرب، رغم التقلب الحاد الذي طبع تصريحاته خلال الأيام الماضية وغموض نواياه بشأن التدخل المباشر في مسارها. محاولات أوروبية وترى فيديريكا بيشي أستاذة الدبلوماسية الأوروبية الدولية في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية أن الأوروبيين بحاجة عاجلة إلى بلورة رؤية موحدة للتعامل مع إيران تتجاوز الإجماع على خفض التصعيد وتتطرق إلى تفاصيل العلاقة معها التي لا يبدو أنهم متوافقون بشأنها. وشددت الخبيرة على أن الملف النووي لن يكون وحده على طاولة البحث بين الأوروبيين والإيرانيين، بل ستشمل المباحثات أيضا ملف وكلاء إيران في المنطقة وطبيعة التغييرات على النظام لضمان صمود أي اتفاق نووي مقبل، فضلا عن طبيعة العلاقة مع إسرائيل، حيث يرتقب أن يحسم الأوروبيون بشأن الشراكة الاقتصادية معها في اجتماعات الاثنين المقبل. وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن المفاوضين الأوروبيين سيحاولون إقناع طهران بالاتفاق على إطار لاستئناف مراقبة البرنامج النووي الإيراني ومنح مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية صلاحيات أكبر للتفتيش، إلى جانب مناقشة استعداد طهران لخفض مخزونها من الصواريخ الباليستية. وبينما يحرص القادة الأوروبيون على ما يصفونه بـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" لم يكفوا على توجيه نداء إلى الحلفاء الأميركيين والإسرائيليين بضرورة خفض التصعيد وعدم الانجرار لحرب شاملة في الشرق الأوسط. وكشفت صحيفة تلغراف البريطانية أن لندن وعواصم أوروبية أخرى حذرت الإدارة الأميركية من مشاركتها في أي هجوم على إيران قد يؤدي "إلى موجة أخرى من العنف في أوروبا واستيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة في كل أنحاء القارة، ويعرّض حياة الرهائن الغربيين لديها للخطر". من جانبها، قالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون طلب من وزير خارجيته صياغة مبادرة للحل، إلى جانب دول أوروبية أخرى تقترح "تسوية صارمة" للنزاع. كما وجّه النائب العام البريطاني ريتشارد هيرمر تحذيرا صريحا إلى حكومة كير ستارمر من المشاركة إلى جانب واشنطن في أي مواجهة مع إيران، وأكد أن أي سلوك مماثل يعد غير قانوني ما لم يكن دافعه الرد على تهديد مباشر للقواعد البريطانية في المنطقة. بدوره، يقول سعيد السالمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيزانسون بفرنسا إن الأوروبيين ذاهبون إلى هذه المباحثات دون توفرهم على أوراق ضغط تقنع طهران بتقديم تنازلات بعد أن بدأت المواجهة المؤجلة لسنوات، كما أنهم فقدوا مصداقيتهم بالنسبة للإيرانيين بعد فشلهم في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني وعجزهم عن ردع الولايات المتحدة. عقدة التفاوض وأوضح السالمي للجزيرة نت أن المطروح على الطاولة يتجاوز تفاصيل التوقيع على اتفاق نووي كان الإيرانيون على استعداد لإبرامه في المفاوضات المباشرة مع واشنطن، ولكن عقدة التفاوض الآن هي وقف إطلاق النار وضمان الاستقرار في المنطقة وعدم تهديد مستقبل النظام السياسي في طهران. ويضيف أن ترامب ورغم محاولته فك ارتباط سياساته بالحلفاء الغربيين يدرك حجم المأزق الذي ستواجهه أوروبا في حال تدخله لمساعدة إسرائيل على وضع نهاية عسكرية لطموح إيران النووي، مما دفعه إلى إعطائها هذه المرة الضوء الأخضر لإحداث اختراق ما في جدار الأزمة. وبينما تبنت الولايات المتحدة إستراتيجية عزل إيران انخرطت الدول الأوروبية في مفاوضات معها بشأن برنامجها النووي منذ عام 2003 انتهت بالتوقيع على اتفاق باريس الذي وافقت طهران بموجبه على تعليق مؤقت لعمليات تخصيب اليورانيوم، وبعد انسحابها في عهد الرئيس أحمدي نجاد من الاتفاق قرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات عليها، لكن دون أن يغلق باب الحوار معها. وكان الاتحاد قد اضطلع -خلال المفاوضات الممهدة لتوقيع الاتفاق عام 2015- بدور محوري في إقناع إيران بالانضمام إليه، وأشرف بشكل مباشر على المحادثات، كما بادر إلى رفع تدريجي للعقوبات عليها. ومع انسحاب ترامب خلال ولايته الأولى من الاتفاق عام 2018 واجه الأوروبيون تهديد العقوبات الأميركية في حال اختيارهم شق طريق منفصل عن واشنطن في التعامل مع إيران، رغم محاولة إيجاد آلية للالتفاف عليها والحفاظ على باب المفاوضات مفتوحا مع طهران. ورغم تفضيلهم المعلن للنهج الدبلوماسي مع بدء إسرائيل هجماتها على طهران فإن اتصالات القادة الأوروبيين توالت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة ، دعما للعملية وطلبا أيضا للتهدئة، في حين قالت السفيرة الإسرائيلية في بريطانيا إن حكومتها لم تنسق مع الأوروبيين قبل اتخاذ قرار الهجوم على إيران. وبينما كان ماكرون يؤكد للصحفيين أن ترامب غادر مستعجلا لقاءات مجموعة الدول السبع لبحث صيغة لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل -في إشارة إلى طبيعة المحادثات التي دارت بين الأميركيين والأوروبيين- لم يتأخر ترامب في نفي تلك التصريحات وتوجيه لوم محرج لنظيره الفرنسي. إحباط أوروبي وخلال الأسابيع الماضية تزايد إحباط الأوروبيين من استثنائهم من مباحثات الملف النووي الإيراني بعد أن اختارت الولايات المتحدة البحث بشكل مباشر مع إيران عن اتفاق نووي جديد بوساطة سلطنة عمان. ويرى مدير برنامج الشرق الأوسط في المركز الأوروبي للسياسات الخارجية أن الأوروبيين جوليان بارنز داسي قادرون على تقديم إستراتيجية خروج سياسي تنهي الأزمة، وتمنح الولايات المتحدة وإيران إمكانية العودة إلى المفاوضات رغم انعدام الثقة بين الأطراف بسبب الانحراف عن مسار التفاوض والانجرار للمواجهة. ويؤكد داسي للجزيرة نت ضرورة تحرك الأوروبيين لحماية مصالحهم وأمنهم الإستراتيجي والضغط لتنجب حرب شاملة مكلفة، بدلا عن الانسياق وراء واشنطن وإسرائيل وتكرار أخطاء الحروب السابقة التي زعزعت أمن الإقليم. لكن في الوقت الذي يحاول فيه الأوروبيون البحث عن طريق ثالث لوقف دوامة العنف في الشرق الأوسط تبدو حدة المواجهة في الميدان بين إسرائيل وإيران وقدرتها على تكبيد تل أبيب خسائر غير مسبوقة مبعث قلق لهم وللأميركيين معا. وتقول صحيفة فايننشال تايمز إن مهلة الأسبوعين التي منحها ترامب لاستئناف المفاوضات قد تكون أيضا حيزا زمنيا جيدا لإعادة تموضع القوات الأميركية وتنظيم انتشارها استعدادا للضربة المتوقعة. وفي هذا السياق، يشير مثنى العبد الله أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لندن إلى أن سعي الأوروبيين لفتح ثغرة دبلوماسية في جدار المواجهة المحتدمة بين إسرائيل وإيران جاء بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة ويعبر عن وحدة الأهداف والرؤية بين الجانبين لأجل السلم أو الحرب. وأكد العبد الله للجزيرة نت أنه بعد تسارع الأحداث بشكل غير متوقع خلال الأيام الماضية تبدو العودة إلى التفاوض أيضا فرصة لكل الأطراف لإعادة ترتيب الأوراق قبل اتخاذ قرار حاسم بدخول الحرب الشاملة من عدمه.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
يديعوت أحرونوت: إسرائيل قلقة من مماطلة ترامب في ضرب إيران
نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن إسرائيل قلقة من المماطلة الأميركية بخصوص الانضمام إلى الحملة العسكرية ضد إيران، مشيرة إلى أن القلق الإسرائيلي مصدره أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيؤجل القرار لأسبوع أو اثنين بعدما كانت تأمل في صدوره خلال يومين. وحسب المصادر ذاتها، فإن ترامب ليس تحت ضغط لاتخاذ قرار الانضمام للحرب ضد إيران لأن بلاده ليست تحت تهديد الصواريخ. وكان الرئيس الأميركي أعلن أنه لم يتخذ قرارا نهائيا، وأنه يفضّل اتخاذ قراراته في اللحظات الأخيرة. كما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن ترامب سيتخذ قرارا حاسما بشأن الخيار العسكري المحتمل خلال الأسبوعين المقبلين. من جانبها، تقول وكالة رويترز للأنباء، إن الغموض ما زال يكتنف دور الولايات المتحدة تجاه الحرب الإسرائيلية على إيران، حيث يتأرجح موقف ترامب بين تهديد طهران وحثها على استئناف المحادثات النووية التي تم تعليقها بسبب النزاع. ونقلت الوكالة عن مصادر أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف تحدث إلى وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي عدة مرات منذ الأسبوع الماضي، في حين قال البيت الأبيض إن ترامب سيشارك في اجتماع للأمن القومي اليوم الجمعة. وتضيف رويترز أن ترامب يدرس قصف إيران، ربما بقنبلة "خارقة للتحصينات" يمكن أن تدمر المواقع النووية الموجودة تحت الأرض.