
مخاطر التلوث النووي الناجمة عن هجمات إسرائيل على إيران
يقول خبراء إن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية لا تشكل حتى الآن إلا مخاطر تلوث محدودة، لكنهم يحذرون من أن أي هجوم على محطة بوشهر النووية قد يسبب كارثة نووية.
وتقول إسرائيل إنها عازمة على تدمير القدرات النووية الإيرانية خلال حملتها العسكرية التي تشنها حالياً على إيران، لكنها تحرص أيضاً على تجنب أي كارثة نووية في منطقة يسكنها عشرات الملايين وتنتج معظم نفط العالم.
واجتاحت المخاوف من وقوع كارثة في المنطقة عندما أعلن الجيش الإسرائيلي قصفه موقعاً في بوشهر على ساحل الخليج يضم محطة الطاقة النووية الوحيدة في إيران، لكنه قال لاحقاً إن الإعلان كان خطأ. فيما يلي تفاصيل الأضرار التي سببتها هجمات إسرائيل حتى الآن، وما يقوله الخبراء عن مخاطر التلوث وغيرها من الكوارث.
أعلنت إسرائيل عن شن هجمات على مواقع نووية في نطنز وأصفهان وأراك وطهران ذاتها، وتقول إنها تهدف إلى منع إيران من صنع قنبلة ذرية. وتنفي طهران السعي لامتلاك سلاح نووي.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوقوع أضرار في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، وفي المجمع النووي في أصفهان، بما في ذلك منشأة تخصيب اليورانيوم، وفي منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي في كرج وطهران. واستهدفت إسرائيل أيضاً موقع أراك، المعروف أيضاً باسم خُنداب، وهو مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل قيد الإنشاء، وهو نوع من المفاعلات قادر على إنتاج البلوتونيوم بسهولة ويمكن استخدامه، مثل اليورانيوم المخصب، في صنع نواة قنبلة ذرية.
وذكرت الوكالة أن لديها معلومات تفيد بقصف مفاعل خُنداب، لكنه لم يكن قيد التشغيل ولم تبلغ الوكالة عن أي آثار إشعاعية.
وأفادت الوكالة في تحديث لتقييمها، الجمعة، بتضرر مبان رئيسية في الموقع. ومن الممكن استخدام مفاعلات الماء الثقيل لإنتاج البلوتونيوم الذي يمكن أن يستخدم مثل اليورانيوم المخصب في تصنيع قنبلة ذرية.
صورة توضيحية تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
قال بيتر براينت، الأستاذ بجامعة ليفربول في إنجلترا والمتخصص في علوم الحماية من الإشعاع وسياسات الطاقة النووية، إنه لا يشعر بقلق بالغ بشأن التداعيات النووية الناجمة عن الضربات حتى الآن، وفق ما نقلت عنه وكالة «رويترز».
وأشار إلى أن موقع أراك لم يكن يعمل بينما تقع منشأة نطنز تحت الأرض، ولم ترد تقارير عن أي تسرب إشعاعي. وقال: «المسألة تكمن في السيطرة على ما حدث داخل تلك المنشأة، لكن المنشآت النووية مصممة لذلك... اليورانيوم لا يشكل خطورة إلا في حال استنشاقه أو ابتلاعه أو دخوله الجسم بمستويات تخصيب منخفضة».
وذكرت داريا دولزيكوفا، كبيرة الباحثين في «المعهد الملكي للخدمات المتحدة» بلندن، أن الهجمات على المنشآت في بداية دورة الوقود النووي - وهي المراحل التي يُحضر فيها اليورانيوم للاستخدام في المفاعل - تُشكل في المقام الأول مخاطر كيميائية، وليست إشعاعية.
وأضافت أنه في منشآت التخصيب، يُشكل سادس فلوريد اليورانيوم مصدر القلق «عندما يتفاعل سادس فلوريد اليورانيوم مع بخار الماء في الهواء، فإنه يُنتج مواد كيميائية ضارة». وأوضحت أن مدى انتشار أي مادة يعتمد على عوامل منها الظروف الجوية «في حالة الرياح المنخفضة، يتوقع أن تستقر معظم المواد بالقرب من المنشأة، أما في حالة الرياح القوية، فستنتقل المواد لمسافات أبعد، ومن المرجح أيضاً أن تنتشر على نطاق أوسع».
ويكون خطر الانتشار أقل في المنشآت الواقعة تحت الأرض. وقال سايمون بينيت، الذي يرأس وحدة السلامة والأمن المدني بجامعة «ليستر» في بريطانيا، إن المخاطر البيئية ستكون ضئيلة إذا قصفت إسرائيل منشآت تحت الأرض؛ لأن «المواد النووية ستدفن في آلاف الأطنان من الخرسانة والأتربة والصخور».
محطة بوشهر النووية الإيرانية (رويترز - أرشيفية)
يتمثل مصدر القلق الرئيسي في توجيه ضربة لمفاعل بوشهر النووي الإيراني. ويقول ريتشارد ويكفورد، الأستاذ الفخري لعلم الأوبئة في جامعة «مانشستر»، إنه في حين أن التلوث الناجم عن الهجمات على منشآت التخصيب سيُمثل «مشكلة كيميائية في الأساس» للمناطق المحيطة، فإن إلحاق أضرار جسيمة بمفاعلات الطاقة الكبيرة «أمر مختلف». وأضاف أن العناصر المشعة ستنطلق إما عبر سحابة من المواد المتطايرة وإما في البحر.
وذكر جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الهجوم على بوشهر «قد يسبب كارثة إشعاعية كاملة»، لكن الهجمات على منشآت التخصيب «من غير المرجح أن تسبب عواقب وخيمة خارج الموقع».
وأضاف أن اليورانيوم قبل دخوله إلى المفاعل النووي لا يكون مشعاً تقريباً. وأضاف: «سداسي فلوريد اليورانيوم سام... لكنه في الواقع لا ينتقل لمسافات طويلة، وهو غير مشع تقريباً. حتى الآن، كانت العواقب الإشعاعية لهجمات إسرائيل معدومة تقريباً»، معبراً عن معارضته للحملة الإسرائيلية.
وذكر بينيت من جامعة «ليستر» أن مهاجمة الإسرائيليين لمحطة بوشهر سيكون «تصرفاً متهوراً»؛ لأنهم قد يخترقون المفاعل مما يعني إطلاق مواد مشعة في الغلاف الجوي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
صور الأقمار الاصطناعية تكشف ما فعلته إسرائيل بمنشآت إيران النووية
أظهرت صور التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية أن حرب إيران وإسرائيل تسببت بتضرر المنشآت النووية الإيرانية بشكل طفيف رغم الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ نحو أكثر من أسبوع، بحسب "بلومبرغ". وتُظهر الصور أن المنشآت النووية لم تُمسّ إلا بعد 4 أيام من القصف الإسرائيلي الذي بدأ في 13 يونيو الجاري، ومع أهمية هذه المنشآت، يقول الخبراء إنه يمكن إصلاحها في غضون أشهر. وتُبرز الصور، التي قدمتها شركة Planet Labs PBC الأميركية، هامش الخطأ الكبير الذي يواجهه المخططون العسكريون الأميركيون الذين سيُقررون ما إذا كانوا سيدخلون الصراع أم لا. وكانت الناطقة باسم دونالد ترمب، قالت إن الرئيس الأميركي "سيقرر خلال أسبوعين ما إذا كان سيشارك في الهجمات ضد إيران"، بينما واصلت إسرائيل ضرب المزيد من المواقع النووية الإيرانية. منشأة نطنز واستناداً إلى الصور الملتقطة في 17 يونيو الجاري، فإن الضرر الذي لحق بمنشأة التخصيب المركزية الإيرانية في نطنز، على بعد 300 كيلومتر جنوب طهران، يقتصر بشكل أساسي على ساحات التبديل والمحولات الكهربائية. وتعد قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز محمية بطبقة من التراب والفولاذ المقوى وخرسانة بطول 40 متراً (131 قدماً). وتحتاج أجهزة الطرد المركزي، وهي آلات تدور بسرعات تفوق سرعة الصوت لفصل النظائر اللازمة للوقود النووي، إلى تغذية كهربائية مستمرة لمنعها من الدوران بشكل خارج عن السيطرة. وتسبب عمل تخريبي إسرائيلي مزعوم في الموقع عام 2021 بأضرار لبعض أجهزة الطرد المركزي، والتي تمكن الإيرانيون من إصلاحها في غضون أشهر. مجمع أصفهان للأبحاث النووية وفي مجمع أصفهان للتكنولوجيا والأبحاث النووية الذي يقع في قلب البرنامج النووي الإيراني، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت متأخر، الخميس، بوقوع أضرار في المختبر الكيميائي المركزي في أصفهان، ومحطة لتحويل اليورانيوم، ومحطة لتصنيع وقود المفاعلات، ومنشأة معالجة معدن اليورانيوم المخصب. ويقع المركز على بُعد 450 كيلومتراً جنوب طهران، ويضم 7 منشآت يزورها مفتشو الوكالة بشكل متكرر، وهو المركز الرئيسي للعمليات الكيميائية الحيوية التي تُحوّل خام اليورانيوم إلى مواد خام قابلة للتخصيب ثم تحويله إلى وقود معدني. وكانت أصفهان آخر مكان شاهد فيه مفتشو الوكالة مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، والذي يبلغ 409 كيلوجرامات، أي ما يعادل 10 قنابل من المواد التي يمكن تخصيبها بسرعة إلى درجة صنع الأسلحة، بعد توقف الزيارات الأسبوع الماضي. وأبلغت إيران دبلوماسيين، في 22 مايو، أنها تخطط لاتخاذ "تدابير خاصة" لحماية مخزونها من اليورانيوم في حال وقوع هجوم إسرائيلي، إلا أن الوكالة لم تكن على علم بعدُ بمضمون تلك التدابير أو ما إذا كانت المواد لا تزال موجودة. وفي حين أفادت الوكالة، في 15 يونيو الجاري، بأن إسرائيل ألحقت أضراراً بالغة بمنشآت في أصفهان، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية تأثيراً ضئيلاً للغارات الإسرائيلية. منشأة فوردو أما الموقع النووي الذي استحوذ على أكبر قدر من اهتمام المخططين العسكريين يقع في "فوردو"، المُقام على سفح جبل على عمق يقارب 100 متر على الأقل. ويتطلب تدمير منشأة التخصيب المتقدمة قصفاً جوياً باستخدام أقوى المتفجرات التقليدية، إذ تفتقر إسرائيل إلى القنابل الثقيلة وطائرات الشبح B-2 لاختراق الموقع الواقع بالقرب من مدينة قم. وقد تتمكن الذخائر الأصغر من تعطيل طاقة "فوردو" وتدمير أنفاق الوصول، لكن الخبراء يشيرون إلى أن الضرر الدائم سيتطلب على الأرجح استخدام قنابل خارقة للذخائر الضخمة، المعروفة باسم قنابل GBU-57، وهذا يعني إقحام القوات الأميركية بشكل مباشر في الصراع. في الإطار، قال روبرت كيلي، المفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أدار سابقاً أحد أبرز مختبرات صور الأقمار الصناعية التابعة للحكومة الأميركية: "لقد ألحقوا أضراراً لكنهم تركوا الكثير سليماً". وأضاف كيلي أن آثار القنابل في وسط موقع "فوردو"، بجوار ساحة مُبلطة مزروعة بالأشجار، تُشير إلى أن الغارات الجوية استهدفت أماكن يُحتمل أن يتجمع فيها كبار المسؤولين. وتابع: "أي مصمم كفء سيكون لديه طاقة احتياطية، إما بطاريات أو مولدات.. لا توجد أدلة تُشكك في كفاءة المهندسين الإيرانيين، ويمكن إصلاح الضرر الكهربائي الرئيسي في نطنز في غضون أشهر". لكن كيلي لفت إلى أن مشكلة الولايات المتحدة وإسرائيل تكمن في أن "فوردو" بُنيت خصيصاً لمقاومة الهجمات، موضحاً أن "البرنامج النووي الإيراني هو نتاج حربها مع العراق خلال الثمانينيات". وأوضح أن طموحات إيران لإنتاج الوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية والأسلحة النووية "ليست مجرد نقاط ثابتة على الخريطة، بل هي جزء لا يتجزأ من بنية تحتية شديدة التحصين في جميع أنحاء البلاد". مخزونات اليورانيوم وتُعدّ مخزونات اليورانيوم في البلاد، التي تقترب من درجة صنع القنابل النووية، والتي يمكن تخزينها بدقة في 16 حاوية صغيرة فقط، هدفاً متحركاً. ويتنقل اليورانيوم ذهاباً وإياباً في جميع أنحاء مجمع الوقود النووي، مما يُشكل تحدياً لقدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على حصر المواد التي يمكن تحويلها إلى أسلحة. وكانت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، قالت إنها فقدت أثر موقع مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني هذا الأسبوع، لأن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة تمنع مفتشيها من أداء عملهم. ولا يزال مراقبو الوكالة في طهران، إذ أجروا ما يقرب من 500 عملية تفتيش نووية العام الماضي، لكن تم تهميشهم منذ أن بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب في 13 يونيو الجاري. وصرح المدير العام للوكالة رافائيل جروسي، هذا الأسبوع، عندما سُئل عن اليورانيوم: "لست متأكداً تماماً.. في زمن الحرب، تُغلق جميع المواقع النووية ولا عمليات تفتيش، ولا يمكن إجراء أي نشاط عادي". وتتمثل المهمة الرئيسية للوكالة الدولية للطاقة الذرية في تحديد مستويات اليورانيوم حول العالم، وضمان عدم استخدامه في صنع الأسلحة النووية، وقد اضطرت الوكالة، التي تتخذ من فيينا مقراً لها، بالفعل إلى إعادة تقييم النتائج الرئيسية بناءً على صور الأقمار الاصطناعية.

العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
قلق بين اللبنانيين من احتمال قصف ديمونا.. وخبير ذري يوضح
مع تصاعد المواجهات بين إسرائيل وإيران وتبادل التهديدات بقصف المنشآت النووية، تضاعفت مخاوف اللبنانيين من مخاطر حصول تسرب إشعاعي. وبدأت التساؤلات حول وجود خطط وطنية لرصد واحتواء أي طارئ محتمل، في حال قصف على سبيل المثال مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي. فيما أوضح الخبير اللبناني البيئي مصطفى رعد للعربية.نت/للحدث.نت أن مفاعل "ديمونا" الواقع في صحراء النقب، يبعد مسافة تتراوح بين 300 و400 كيلومتر عن الحدود الجنوبية اللبنانية، ما يقلّل من احتمالات تضرر لبنان مباشرة في حال حصول تسرب إشعاعي. وأضاف رعد أن "المسافات الجغرافية الكبيرة التي تفصل لبنان عن المواقع النووية في إيران والدول المجاورة، تقلّل من خطر التأثر المباشر، رغم ذلك تبقى الحيطة واجبة". خطة وطنية كما لفت إلى أن لبنان يملك خطة وطنية لاحتواء أي تسرب إشعاعي في حال حدوثه على الأراضي اللبنانية، مع أكثر من 20 مركزًا لرصد الإشعاعات موزعة في جميع المناطق. وأشار إلى وجود 12 مركزًا في الجنوب والبقاع، إضافة إلى مركزين في بيروت، فيما تتوزع بقية المراكز في الشمال ومناطق أخرى. من جهته، أكد مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بلال نصولي في حديث خاص للعربية.نت/الحدث.نت أن لبنان يمتلك نظام إنذار مبكر (Early Warning System)، مهمته تحذير السلطات في حال رُصدت أي إشعاعات نووية. وأضاف أن فريقًا من الوكالة الوطنية للطاقة الذرية يتولى تقييم الحالة العامة للانبعاثات عند أي طارئ، ومراقبة اتجاه الرياح وسرعتها لتحديد نطاق الخطر المحتمل. كما شدد نصولي على أن التعامل مع هذا النوع من المخاطر يجب أن يستند إلى بيانات علمية دقيقة لا إلى التهويل أو التهوين، مؤكدًا أن المعلومات حول مفاعل ديمونا محاطة بسرية تامة حتى داخل إسرائيل. وقال: "لا أحد يعلم بدقة ما يحتويه هذا المفاعل، حتى العاملون فيه، ومن يظن أنه يملك صورة واضحة عما يجري بداخله فهو يعيش في وهم". لا إجراءات طارئة في حين كشف مصدر مقرب من وزارة الصحة اللبنانية عن تواصل وتنسيق مستمر مع منظمة الصحة العالمية، مؤكدًا أن الأخيرة لم تطلب من لبنان اتخاذ أي إجراءات احترازية حتى الآن. كما أوضح المصدر أن هذا الموقف ينطبق أيضًا على دول مجاورة مثل الأردن ومصر، ما يدل على أن لبنان ليس ضمن منطقة عالية الخطورة في حال تم استهداف مفاعل ديمونا. الآثار الصحية وفي السياق الصحي، حذر الدكتور في الطب العام يوسف شبلي من المخاطر الجسيمة لتسرب الإشعاعات النووية، والتي يمكن أن تسبب حروقًا خطيرة تختلف شدتها بحسب كمية الإشعاع الذي يتعرض له الشخص. وأشار إلى أن تفاقم هذه الحروق قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة الجفاف الشديد وموت خلايا البشرة، إضافة إلى تأثير المواد المشعة على أعضاء الجسم كافة. لكن رغم التهديدات والتوترات المتزايدة في المنطقة، يُجمع الخبراء على أن لبنان ليس في دائرة الخطر المباشر من الناحية النووية، مع وجود خطط واستعدادات فنية وصحية لرصد واحتواء أي طارئ محتمل، إلا أن ضرورة البقاء على الجاهزية تظل قائمة في ظل عدم القدرة على التنبؤ الكامل بالمخاطر.


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
مفاعل نطنز.. ماذا نعرف عن أهم منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم؟
مع اندلاع حرب إيران وإسرائيل، تركزت الأنظار على منشآت إيران النووية، وفي القلب منها مفاعل نطنز الذي يوصف بأنه قلب البرنامج النووي الإيراني. في قلب الهضبة الإيرانية الجافة، وعلى بعد حوالي 250 كيلومتراً جنوب العاصمة طهران، تقع واحدة من أهم المنشآت النووية في إيران وأكثرها إثارة للجدل في الشرق الأوسط. إنه مفاعل نطنز لتخصيب الوقود، الذي تُعد بمثابة قلب البرنامج النووي الإيراني، ولعب دوراً محورياً في سعي طهران نحو القدرات النووية، مما جعلها محل اهتمام ومراقبة دولية، وهدفاً متكرراً لهجمات إسرائيلية. إنشاء مفاعل نطنز تعود بدايات مفاعل نطنز إلى أواخر تسعينيات القرن الـ20، خلال المراحل الأولى من سعي إيران لبناء بنية تحتية نووية متكاملة، لكن المنشأة لم تُكشف للعالم إلا في عام 2002، عندما أعلنت جماعة المعارضة الإيرانية في الخارج "مجاهدي خلق"عن وجودها. وأثار هذا الكشف قلقاً دولياً واسعاً، ودفع إيران إلى الاعتراف الرسمي بالمنشأة وفتحها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2003. وجاء ظهور المنشأة في وقت كانت إيران تُصعد طموحاتها في تخصيب اليورانيوم، وهي العملية التي تقع في صميم الاستخدامات السلمية والعسكرية للطاقة النووية. وتقع المنشأة قرب مدينة نطنز بمحافظة أصفهان، في منطقة نائية توفر قدراً من الحماية الطبيعية والسرّية التشغيلية. وتُغطي المنشأة مساحة إجمالية تُقدّر بحوالي 7 كيلومترات مربعة، فيما تمتد المنشأة الرئيسية لتخصيب الوقود على مساحة تقارب 100 ألف متر مربع. وما يُميز مفاعل نطنز أنه مدفون جزئياً تحت الأرض، حيث تقع أهم أقسامه على عمق يتراوح بين 8 إلى 20 متراً تحت السطح، محصنة بالخرسانة المسلحة والحديد، بهدف حمايتها من الضربات الجوية والهجمات الصاروخية. وتُشير تقارير حديثة إلى أن إيران بدأت بالفعل بناء منشآت أعمق وأكثر تحصيناً في نفس المنطقة، لحماية بنيتها التحتية النووية. وظائف مفاعل نطنز الوظيفة الأساسية لمنشأة نطنز هي تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي. في المراحل الأولى، استخدمت إيران أجهزة من نوع "IR-1"، وهي نسخ من تصميمات حصلت عليها من شبكة سوق سوداء أنشأها العالم الباكستاني عبد القدير خان. ومع مرور الوقت، بدأت إيران في تطوير ونصب أجهزة طرد أكثر تطوراً، مثل: "IR-2m"، و"IR-4"، و"IR-6"، بهدف زيادة الكفاءة والإنتاج. وبموجب الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015، وافقت إيران على تقليص أنشطة التخصيب في نطنز، وتفكيك أجهزة الطرد المتقدمة، والحد من التخصيب بنسبة لا تتجاوز 3.67%. لكن بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق عام 2018، بدأت إيران تدريجياً استئناف وتوسيع أنشطة التخصيب في نطنز، وقد وصلت قدرة المنشأة إلى تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60%، وهي قريبة من مستوى التخصيب المستخدم في الأسلحة النووية عند 90%. أهمية مفاعل نطنز يُشكل نطنز الركيزة الأساسية لبرنامج التخصيب الإيراني، ويضم آلاف أجهزة الطرد المركزي، ويُعتبر مركزاً حاسماً في قدرة طهران على تخزين كميات من اليورانيوم المخصب، سواء لأغراض مدنية أو عسكرية. ولهذا السبب، أصبح هذا المفاعل مؤشراً استراتيجياً في المفاوضات النووية، ويُراقب الغرب عن كثب أي تغييرات في نشاطه، مثل تركيب أجهزة جديدة، أو بناء غرف تحت الأرض أو زيادة الإنتاج. وفي حال قررت إيران المضي قدماً في تصنيع سلاح نووي، فمن المرجح أن يلعب نطنز دوراً أساسياً في إنتاج المادة الانشطارية المطلوبة. وبالتالي، فإن المنشأة تمثل أصلاً نووياً حيوياً. هجمات وعمليات تخريب تعرّضت منشأة نطنز لسلسلة من الهجمات البارزة على مدى العقدين الماضيين، ما يدل على أهمية استهدافها في الحرب السرية المحيطة بالملف النووي الإيراني. وفي العام 2010 تعرض المفاعل لهجوم سيبراتي يُعتبر الأشهر في التاريخ، إذ استُخدم فيه فيروس يُعرف باسم "Stuxnet"، يُعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد طورته، تمكّن من التسلل إلى أنظمة التحكم الصناعية، وتسبب في تدمير نحو 1000 جهاز طرد مركزي، ما أدى إلى تعطيل البرنامج الإيراني لأشهر. وفي يوليو 2020، وقع انفجار غامض في ورشة تجميع أجهزة الطرد المتقدمة داخل مفاعل نطنز، وأكدت السلطات الإيرانية أنه كان عملاً تخريبياً، وقد وُجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل. وفي أبريل 2021، تعرضت المنشأة لقطع مفاجئ في الكهرباء، مما أدى إلى إتلاف العديد من أجهزة الطرد. وأشارت التقارير مجدداً إلى تورط الموساد، مع احتمال وجود اختراق داخلي. وخلال الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على المجمع النووي الإيراني في "نطنز" أصاب بشكل مباشر محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض هناك، مشيرةً إلى أن أجهزة الطرد المركزي في المحطة تضررت بشدة على الأرجح بسبب استهداف إمدادات الكهرباء بالمحطة. التحصين والمخاطر رغم تحصين أجزاء من نطنز تحت الأرض، إلا أن المنشأة لا تتمتع بنفس مستوى الحماية الموجود في منشأة "فوردو" مثلاً المدفونة تحت الجبال، مما يجعلها أكثر عرضة للهجمات الدقيقة. ودفعت تلك الهجمات والمخاطر إيران إلى اتخاذ ندابير لزيادة مستوى التحصين في المنشأة النووية، على غرار، توسيع وتعميم البنية التحتية تحت الأرض، وبناء منشآت أعمق في الجبال المحيطة، وتعزيز الدفاعات الجوية حول الموقع، وتوزيع أجهزة الطرد على منشآت متعددة لتقليل الاعتماد على نطنز فقط. لكن رغم هذه الجهود، يرى الخبراء أن المنشأة ستبقى هدفاً عالي الأولوية بالنسبة لإسرائيل، التي تسعى إلى تطوير أسلحة قادرة على إحداث أضرار في أكبر عمق ممكن تقع فيه المنشآت النووية الإيرانية.