
أخبار العالم : وقت الطفل الطويل أمام الشاشة يسبّب له مشاكل عاطفية واجتماعية
السبت 21 يونيو 2025 04:10 مساءً
نافذة على العالم - ملاحظة المحرر: كارا ألايمو أستاذة مساعدة بمجال الاتصال في جامعة فيرلي ديكنسون. صدر كتابها "التأثير المفرط: وسائل التواصل الاجتماعي سامة للنساء والفتيات.. كيف يمكن مواجهتها"، في العام ٢٠٢٤، لدى دار نشر ألكوف.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- طفلك لا يسمع ما تقوله؟ هل يركل ويصرخ عندما يغضب؟ قد تحتاج إلى إعادة النظر في الوقت المخصص له أمام الشاشة، بحسب مقال نُشر في مجلة Psychological Bulletin التابعة للجمعية الأمريكية لعلم النفس، الإثنين.
كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة، زاد احتمال ألا ترقى أفعالهم ومشاعرهم إلى مستوى التوقعات في مرحلة نموّهم، وفق ما توصل إليه تحليل تلوي لـ117 دراسة أجريت على أطفال ما دون الـ10 سنوات والنصف، عند الشروع بالبحث.
شملت هذه المشاكل الاجتماعية والعاطفية:
القلق، والاكتئاب، وفرط النشاط، والعدوانية.
كان الارتباط ضئيلاً لكنه مهم، خصوصًا لدى الفتيات.
قد تمنع الشاشات الأطفال من تطوير مهارات تنظيم مشاعرهم.
Credit: zeljkosantrac/E+/Getty Images
صُمّمت الدراسات بطرق مختلفة، لكن الصورة العامة أظهرت أنّ المشاكل تحدث عندما يقضي الأطفال دون سن الثانية أي وقت أمام الشاشات (باستثناء محادثات الفيديو)، وعندما يقضي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات أكثر من ساعة يوميًا أمام الشاشات، وعندما يقضي الأطفال الأكبر سنًا أكثر من ساعتين يوميًا أمام الشاشات.
كان الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً في الألعاب الإلكترونية أكثر عرضة للخطر. ومن تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات أكثر عرضة للإصابة بمشاكل اجتماعية وعاطفية من الأطفال في سن الخامسة وما دون.
إلى ذلك، يميل الأطفال الذين واجهوا هذه التحديات للجوء إلى الشاشات بشكل أكبر للتأقلم، الأمر الذي قد يُفاقم المشكلة. وينطبق هذا الأمر تحديدًا على الأولاد.
وأشارت المؤلفة الرئيسية روبرتا بيريس فاسكونسيلوس في حديثها مع CNN، إلى إحدى أبرز النتائج: "الاستخدام المفرط للشاشات ليس مجرد سبب للمشاكل، بل قد يكون أحيانًا مؤشرًا لها".
وأضافت فاسكونسيلوس، المحاضرة المساعدة في جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني، أستراليا: "في كثير من الحالات، يلجأ الأطفال الذين يعانون أصلًا من صعوبات عاطفية إلى الشاشات، لا سيما ألعاب الفيديو، كوسيلة للتكيف أو الهروب. ورغم أن ذلك قد يوفر راحة مؤقتة لهم، إلا أنه بمرور الوقت قد يوقعهم في دوامة تُعزّز تلك الصعوبات العاطفية".
قد يهمك أيضاً
يُعد هذا التحليل التلَوي من أكبر الدراسات من نوعها، إلا أنه يعاني من بعض القيود، إذ لم يأخذ بالاعتبار عوامل مثل أسلوب التربية أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وفقًا لفاسكونسيلوس. وبما أن الدراسات تناولت وقت الشاشة على نطاق أوسع، فلم تتمكن من تحديد آثار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للأطفال.
إلا أنّ هذه البيانات الأخيرة حول الأطفال ووقت الشاشة تُشير إلى إجراءات محددة يمكن للأهل أو الأوصياء اتخاذها لإحداث أثر إيجابي حقيقي على صحة أطفالهم النفسية.
رعاية الأطفال من دون شاشات
غالبًا ما يُعطي الكبار الأطفال شاشاتٍ لمساعدتهم على الهدوء، خصوصًا أثناء العمل، أو في مواقف أخرى يحتاج فيها الأطفال إلى الهدوء، مثل المطاعم.
حذّرت فاسكونسيلوس من ذلك بالقول: "مع أن هذا قد يُخفف من حدة التوتر مؤقتًا، إلا أنه قد يُؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد"، لأنه قد يمنع الأطفال من تعلم كيفية التصرف بشكل صحيح والتعامل مع مشاعرهم.
وأضافت: "عوض تطوير مهارات ضبط النفس، يعتمد الأطفال على الشاشات كوسيلة للراحة والتشتيت. وهذا قد يُرسّخ حلقةً ضارةً تُخفى فيها الصعوبات العاطفية عوض معالجتها، الأمر الذي يُصعّب على الأطفال التأقلم من دون شاشة مع مرور الوقت".
الشاشات ليست للتعبير عن مشاعرهم
قد تمنع الشاشات الأطفال من المشاركة في أنشطة الحياة الواقعية مثل النوم، والواجبات المدرسية، والتفاعلات الأخرى في العالم الحقيقي.
Credit: Yulia Grossman/ابحث عن علامات تدل على لجوء الأطفال إلى الشاشات عند مواجهة مشكلة. فعوض افتراض أنّ المشكلة تكمن في الشاشة نفسها، انظر إلى الصورة الأكبر، وفق فاسكونسيلوس.
ونصحت: "إذا لاحظت أن طفلك يلجأ إلى الشاشات أكثر عندما يكون منزعجًا أو منعزلًا، فقد يكون الوقت قد حان للاطمئنان إلى حالته العاطفية. في بعض الحالات، قد يبحث عن شعور بالتواصل أو الدعم الذي لا يجده في علاقاته المباشرة، في المنزل، أو المدرسة، أو في بيئات اجتماعية أخرى".
في هذه الحالة، يكونون بأمسّ الحاجة إلى دعم وتوجيه الوالدين "لمساعدتهم على الشعور بأنهم مسموعون ومفهومون وآمنون عاطفيًا، سواءً عبر الإنترنت أو خارجه"، وفق فاسكونسيلوس.
كما يُعدّ مرشدو التوجيه المدرسي أو المعالجون النفسيون مصادر دعم جيدة.
حذارِ ألعاب الفيديو
لفتت الدراسة إلى أنه من المهم أيضًا مراعاة مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال في ممارسة الألعاب الإلكترونية، فالأخيرة بحسب فاسكونسيلوس "تحديدًا، تشكّل مخاطر إضافية لأنها غالبًا ما تعمل كمنصات تواصل اجتماعي. وبما أن هذه الألعاب تستمر حتى بعد تسجيل خروج اللاعب، فقد يشعر الأطفال بضغط للبقاء على اتصال لفترات أطول، ما قد يدفعهم إلى إهمال أنشطة حياتية مهمة كالنوم، والواجبات المدرسية، والتفاعلات المباشرة".
لهذا السبب، قد تتطلب الألعاب اهتمامًا إضافيًا وحدودًا أوضح، لا سيما للأطفال الأكبر سنًا، الذين يُمنحون عادةً مزيدًا من الاستقلالية في كيفية استخدام وقتهم.
قد يهمك أيضاً
ضع قواعد واستخدم أدوات الرقابة الأبوية
من المهم وضع قواعد لوقت استخدام الأطفال للشاشات والالتزام بها. فبرأي فاسكونسيلوس: "إن اتساق القواعد يساعد الأطفال على معرفة ما يتوقعونه، ويسهل عليهم الالتزام بالحدود".
أدوات الرقابة الأبوية على الهواتف والتطبيقات مفيدة جدًا ونصحت بعدم التردد بـ"استخدام هذه الإعدادات لوضع حدود يومية معقولة، وضمان وصول طفلك فقط إلى المواد المناسبة لعمره".
للمساعدة على منع الأطفال من الاعتماد المفرط على الأجهزة، تقترح فاسكونسيلوس إزالة التطبيقات، مثل منصات بث الفيديو، التي تُعدّ مغرية تحديدًا. عوض ذلك، قدّم للأطفال محتوى تعليميًا أو ذات غرض جيد.
لا بأس بالقول "لا" لأطفالك
لم تُفاجئني نتائج هذه الدراسة. في بحثي، غالبًا ما يشتكي المعالجون والمعلمون من أن الأهل أو الأوصياء ليسوا على استعداد لوضع حدود، ورفض استخدام أطفالهم للشاشات عندما يطلبونها. عندما أرفض طلب أطفالي باستخدامها، لا تكون ردود أفعالهم دومًا سارة. عليّ تذكير نفسي بأن من واجبي، كأمّ لهم، معرفة ما هو الأفضل لهم، واتخاذ القرارات التي تُحافظ على صحتهم على المدى الطويل، حتى لو أدّت إلى ضائقة قصيرة الأمد لنا جميعًا.
من الحكمة أيضًا الحد من استخدام الأطفال للهواتف. يُقدم بيان إجماع نُشر حديثًا، شاركتُ في تأليفه مع خبراء حول العالم، أدلةً على أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية من قِبل الشباب يرتبط بمشاكل:
لستَ بحاجةٍ إلى أن تكون "عادلًا"
النوم، والانتباه، والإدمان، وعدم الرضا عن شكل الجسم.
عندما أتحدث مع الآباء والأمهات حول كيفية التعامل مع استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي، غالبًا ما يقولون لي إنهم يشعرون بضرورة منح أطفالهم الأصغر سنًا هاتفًا إسوة بإخوتهم الأكبر سنًا. هذا غير صحيح.
أخبر الأطفال الأصغر سنًا الذين يؤيدون هذا الرأي بأنك أصبحت أكثر خبرةً الآن ولديك المزيد من البيانات التي تُظهر كيف يمكن أن يكون وقت الشاشة ضارًا.
فكّر أيضًا في بدائل جذابة للهاتف، فبإمكانك أن تكون مبدعًا وتقترح أشياء أخرى قد تُعجب الأطفال، كالمبيت مع الأصدقاء، أو مغامرة تخييم عائلية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
أخبار العالم : وقت الطفل الطويل أمام الشاشة يسبّب له مشاكل عاطفية واجتماعية
السبت 21 يونيو 2025 04:10 مساءً نافذة على العالم - ملاحظة المحرر: كارا ألايمو أستاذة مساعدة بمجال الاتصال في جامعة فيرلي ديكنسون. صدر كتابها "التأثير المفرط: وسائل التواصل الاجتماعي سامة للنساء والفتيات.. كيف يمكن مواجهتها"، في العام ٢٠٢٤، لدى دار نشر ألكوف. دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- طفلك لا يسمع ما تقوله؟ هل يركل ويصرخ عندما يغضب؟ قد تحتاج إلى إعادة النظر في الوقت المخصص له أمام الشاشة، بحسب مقال نُشر في مجلة Psychological Bulletin التابعة للجمعية الأمريكية لعلم النفس، الإثنين. كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة، زاد احتمال ألا ترقى أفعالهم ومشاعرهم إلى مستوى التوقعات في مرحلة نموّهم، وفق ما توصل إليه تحليل تلوي لـ117 دراسة أجريت على أطفال ما دون الـ10 سنوات والنصف، عند الشروع بالبحث. شملت هذه المشاكل الاجتماعية والعاطفية: القلق، والاكتئاب، وفرط النشاط، والعدوانية. كان الارتباط ضئيلاً لكنه مهم، خصوصًا لدى الفتيات. قد تمنع الشاشات الأطفال من تطوير مهارات تنظيم مشاعرهم. Credit: zeljkosantrac/E+/Getty Images صُمّمت الدراسات بطرق مختلفة، لكن الصورة العامة أظهرت أنّ المشاكل تحدث عندما يقضي الأطفال دون سن الثانية أي وقت أمام الشاشات (باستثناء محادثات الفيديو)، وعندما يقضي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات أكثر من ساعة يوميًا أمام الشاشات، وعندما يقضي الأطفال الأكبر سنًا أكثر من ساعتين يوميًا أمام الشاشات. كان الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً في الألعاب الإلكترونية أكثر عرضة للخطر. ومن تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات أكثر عرضة للإصابة بمشاكل اجتماعية وعاطفية من الأطفال في سن الخامسة وما دون. إلى ذلك، يميل الأطفال الذين واجهوا هذه التحديات للجوء إلى الشاشات بشكل أكبر للتأقلم، الأمر الذي قد يُفاقم المشكلة. وينطبق هذا الأمر تحديدًا على الأولاد. وأشارت المؤلفة الرئيسية روبرتا بيريس فاسكونسيلوس في حديثها مع CNN، إلى إحدى أبرز النتائج: "الاستخدام المفرط للشاشات ليس مجرد سبب للمشاكل، بل قد يكون أحيانًا مؤشرًا لها". وأضافت فاسكونسيلوس، المحاضرة المساعدة في جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني، أستراليا: "في كثير من الحالات، يلجأ الأطفال الذين يعانون أصلًا من صعوبات عاطفية إلى الشاشات، لا سيما ألعاب الفيديو، كوسيلة للتكيف أو الهروب. ورغم أن ذلك قد يوفر راحة مؤقتة لهم، إلا أنه بمرور الوقت قد يوقعهم في دوامة تُعزّز تلك الصعوبات العاطفية". قد يهمك أيضاً يُعد هذا التحليل التلَوي من أكبر الدراسات من نوعها، إلا أنه يعاني من بعض القيود، إذ لم يأخذ بالاعتبار عوامل مثل أسلوب التربية أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وفقًا لفاسكونسيلوس. وبما أن الدراسات تناولت وقت الشاشة على نطاق أوسع، فلم تتمكن من تحديد آثار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للأطفال. إلا أنّ هذه البيانات الأخيرة حول الأطفال ووقت الشاشة تُشير إلى إجراءات محددة يمكن للأهل أو الأوصياء اتخاذها لإحداث أثر إيجابي حقيقي على صحة أطفالهم النفسية. رعاية الأطفال من دون شاشات غالبًا ما يُعطي الكبار الأطفال شاشاتٍ لمساعدتهم على الهدوء، خصوصًا أثناء العمل، أو في مواقف أخرى يحتاج فيها الأطفال إلى الهدوء، مثل المطاعم. حذّرت فاسكونسيلوس من ذلك بالقول: "مع أن هذا قد يُخفف من حدة التوتر مؤقتًا، إلا أنه قد يُؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد"، لأنه قد يمنع الأطفال من تعلم كيفية التصرف بشكل صحيح والتعامل مع مشاعرهم. وأضافت: "عوض تطوير مهارات ضبط النفس، يعتمد الأطفال على الشاشات كوسيلة للراحة والتشتيت. وهذا قد يُرسّخ حلقةً ضارةً تُخفى فيها الصعوبات العاطفية عوض معالجتها، الأمر الذي يُصعّب على الأطفال التأقلم من دون شاشة مع مرور الوقت". الشاشات ليست للتعبير عن مشاعرهم قد تمنع الشاشات الأطفال من المشاركة في أنشطة الحياة الواقعية مثل النوم، والواجبات المدرسية، والتفاعلات الأخرى في العالم الحقيقي. Credit: Yulia Grossman/ابحث عن علامات تدل على لجوء الأطفال إلى الشاشات عند مواجهة مشكلة. فعوض افتراض أنّ المشكلة تكمن في الشاشة نفسها، انظر إلى الصورة الأكبر، وفق فاسكونسيلوس. ونصحت: "إذا لاحظت أن طفلك يلجأ إلى الشاشات أكثر عندما يكون منزعجًا أو منعزلًا، فقد يكون الوقت قد حان للاطمئنان إلى حالته العاطفية. في بعض الحالات، قد يبحث عن شعور بالتواصل أو الدعم الذي لا يجده في علاقاته المباشرة، في المنزل، أو المدرسة، أو في بيئات اجتماعية أخرى". في هذه الحالة، يكونون بأمسّ الحاجة إلى دعم وتوجيه الوالدين "لمساعدتهم على الشعور بأنهم مسموعون ومفهومون وآمنون عاطفيًا، سواءً عبر الإنترنت أو خارجه"، وفق فاسكونسيلوس. كما يُعدّ مرشدو التوجيه المدرسي أو المعالجون النفسيون مصادر دعم جيدة. حذارِ ألعاب الفيديو لفتت الدراسة إلى أنه من المهم أيضًا مراعاة مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال في ممارسة الألعاب الإلكترونية، فالأخيرة بحسب فاسكونسيلوس "تحديدًا، تشكّل مخاطر إضافية لأنها غالبًا ما تعمل كمنصات تواصل اجتماعي. وبما أن هذه الألعاب تستمر حتى بعد تسجيل خروج اللاعب، فقد يشعر الأطفال بضغط للبقاء على اتصال لفترات أطول، ما قد يدفعهم إلى إهمال أنشطة حياتية مهمة كالنوم، والواجبات المدرسية، والتفاعلات المباشرة". لهذا السبب، قد تتطلب الألعاب اهتمامًا إضافيًا وحدودًا أوضح، لا سيما للأطفال الأكبر سنًا، الذين يُمنحون عادةً مزيدًا من الاستقلالية في كيفية استخدام وقتهم. قد يهمك أيضاً ضع قواعد واستخدم أدوات الرقابة الأبوية من المهم وضع قواعد لوقت استخدام الأطفال للشاشات والالتزام بها. فبرأي فاسكونسيلوس: "إن اتساق القواعد يساعد الأطفال على معرفة ما يتوقعونه، ويسهل عليهم الالتزام بالحدود". أدوات الرقابة الأبوية على الهواتف والتطبيقات مفيدة جدًا ونصحت بعدم التردد بـ"استخدام هذه الإعدادات لوضع حدود يومية معقولة، وضمان وصول طفلك فقط إلى المواد المناسبة لعمره". للمساعدة على منع الأطفال من الاعتماد المفرط على الأجهزة، تقترح فاسكونسيلوس إزالة التطبيقات، مثل منصات بث الفيديو، التي تُعدّ مغرية تحديدًا. عوض ذلك، قدّم للأطفال محتوى تعليميًا أو ذات غرض جيد. لا بأس بالقول "لا" لأطفالك لم تُفاجئني نتائج هذه الدراسة. في بحثي، غالبًا ما يشتكي المعالجون والمعلمون من أن الأهل أو الأوصياء ليسوا على استعداد لوضع حدود، ورفض استخدام أطفالهم للشاشات عندما يطلبونها. عندما أرفض طلب أطفالي باستخدامها، لا تكون ردود أفعالهم دومًا سارة. عليّ تذكير نفسي بأن من واجبي، كأمّ لهم، معرفة ما هو الأفضل لهم، واتخاذ القرارات التي تُحافظ على صحتهم على المدى الطويل، حتى لو أدّت إلى ضائقة قصيرة الأمد لنا جميعًا. من الحكمة أيضًا الحد من استخدام الأطفال للهواتف. يُقدم بيان إجماع نُشر حديثًا، شاركتُ في تأليفه مع خبراء حول العالم، أدلةً على أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية من قِبل الشباب يرتبط بمشاكل: لستَ بحاجةٍ إلى أن تكون "عادلًا" النوم، والانتباه، والإدمان، وعدم الرضا عن شكل الجسم. عندما أتحدث مع الآباء والأمهات حول كيفية التعامل مع استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي، غالبًا ما يقولون لي إنهم يشعرون بضرورة منح أطفالهم الأصغر سنًا هاتفًا إسوة بإخوتهم الأكبر سنًا. هذا غير صحيح. أخبر الأطفال الأصغر سنًا الذين يؤيدون هذا الرأي بأنك أصبحت أكثر خبرةً الآن ولديك المزيد من البيانات التي تُظهر كيف يمكن أن يكون وقت الشاشة ضارًا. فكّر أيضًا في بدائل جذابة للهاتف، فبإمكانك أن تكون مبدعًا وتقترح أشياء أخرى قد تُعجب الأطفال، كالمبيت مع الأصدقاء، أو مغامرة تخييم عائلية.


نافذة على العالم
منذ 2 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : في إنكلترا.. حقن البوتوكس تتسبب بأعراض محتملة للتسمم السجقي القاتل
السبت 21 يونيو 2025 01:30 مساءً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يحقق مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة بتقارير تفيد إصابة العشرات بحالة صحية قد تُهدد الحياة، بعد خضوعهم لإجراءات تجميلية باستخدام البوتوكس في شمال شرق إنجلترا، بالإضافة إلى مزاعم تتعلق ببيع منتجات شبيهة بالبوتوكس على نحو غير قانوني. وأصدرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية بمقاطعة دورهام تنبيهاً في 13 يونيو/ حزيران بعدما سعى عدد من الأشخاص للحصول على رعاية طبية نتيجة ردود فعل سلبية عقب الخضوع لإجراءات تجميلية باستخدام البوتوكس. وصرّحت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة لـCNN الجمعة، أنه منذ ظهور الحادثة الأسبوع الماضي، أبلغ 28 شخصاً عن أعراض تشير إلى إصابتهم بالتسمّم السجقي بعد خضوعهم لإجراءات تجميلية. ويُعد التسمّم السجقي حالة خطيرة مهددة للحياة، ينجم عن السموم التي تنتجها بكتيريا المطثية الوشيقية (Clostridium botulinum)، التي تهاجم الجهاز العصبي وتؤدي إلى الشلل. وأوضحت الدكتورة جوان دارك، الاستشارية في مجال الحماية الصحية بوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، في بيان لها: "هذه السموم (وليس البكتيريا نفسها) هي المكون الفعّال في حقن البوتوكس والمنتجات المشابهة"، مضيفةً أنه "من المهم التوجه إلى ممارس مرخّص". ويعد التسمم السجقي الناتج عن الإجراءات الطبية نوعا من التسمم يحدث عند حقن كمية زائدة من الشكل التجميلي للسم، أي البوتوكس، في العضلات. والبوتوكس يعتبر من العلاجات التجميلية الرائدة للتجاعيد، ويُستخدم أيضًا في حالات طبية مثل الصداع النصفي والتعرق المفرط. وأفادت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن الأعراض التي تم الإبلاغ عنها تضمنت: قد يهمك أيضاً تدلّيًا شديدًا في الجفون العلوية، وازدواج الرؤية، وصعوبة في البلع، وتلعثم في الكلام، والشعور بالخمول. وقد تشمل الأعراض الأخرى للتسمم السجقي ضعف عضلات الوجه. ويتطلب التسمم السجقي تدخلاً طبيًا فوريًا، وهو مميت في 5 إلى 10% من الحالات، وفقًا لموقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. ورغم أن معظم الأشخاص يتعافون تمامًا عند تلقي العلاج، الذي يشمل غالبًا حقن مضادات للسموم، إلا أن غياب التدخل السريع قد يؤدي إلى انتشار الشلل ليصل إلى عضلات التنفس. لا أدلة على وجود تلوث في المنتج ورغم أن التحقيقات في أسباب الحالات ما تزال جارية، ذكرت الوكالة أن "الأدلة حتى الآن لا تشير إلى أن المنتج المستخدم كان ملوثًا. والأعراض يتم الإبلاغ عنها بعد أيام عدة وحتى أربعة أسابيع من الحقن". وصرح الدكتور سيمون هاوارد، استشاري الحماية الصحية لدى وكالة UKHSA، في البيان: "الممارسون المرتبطون بمعظم الحالات المُبلّغ عنها لم يعودوا يجرون هذه الإجراءات". وأضاف: "لكن هذا لا يعني أننا قد لا نشهد حالات جديدة، إذ يمكن أن تستغرق الأعراض حد أربعة أسابيع للظهور. ومع ذلك، نلاحظ الآن انخفاضًا في عدد الحالات الجديدة، وهو أمر مشجّع". نصح هوارد الناس باتخاذ الاحتياطات اللازمة عند السعي لإجراء عمليات تجميلية، ووجّه أي شخص تظهر عليه الأعراض إلى طلب الرعاية الطبية. وأفادت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة لـCNN، الجمعة، أنها تحقق في "ادعاءات تتعلق ببيع وتوزيع غير قانوني لمنتجات من نوع البوتوكس في شمال شرق البلاد، ونود طمأنة الجمهور أننا نتعامل مع مثل هذه الادعاءات بجدية بالغة". وشجعت الوكالة الأشخاص في المملكة المتحدة الذين يعتقدون أنهم تعرّضوا لآثار جانبية نتيجة تناول دواء أو حصلوا على منتج مزيف على الإبلاغ عنه من خلال برنامج "البطاقة الصفراء" التابع لها. وأفادت الدكتورة أليسون كايف، مسؤولة السلامة الرئيسية في الوكالة، بالبيان: "تعمل وحدة الإنفاذ الجنائي لدينا بجد لتحديد المتورطين بالتجارة غير القانونية في الأدوية وتتخذ إجراءات صارمة عند الضرورة، وقد يشمل ذلك الملاحقة الجنائية". وأضافت: "توكسين البوتولينوم (البوتوكس) دواء لا يُعطى إلا بوصفة طبية، ويجب أن يكون متاحًا في المملكة المتحدة فقط تحت إشراف طبيب أو اختصاصي رعاية صحية مؤهل". وفي الولايات المتحدة، تم الإبلاغ في وقت سابق من هذا الشهر عن مجموعة متزايدة من حالات التسمم السجقي المرتبطة بحقن تجميلية في ولاية ماساتشوستس. وصرحت وزارة الصحة في الولاية أنها تحقق في 10 حالات يُشتبه بأنها تسمم سجقي ناتج عن تدخل طبي، وجميعها مرتبطة بإجراءات بوتوكس أُجريت في صالون واحد يُدعى "Rodrigo Beauty".


نافذة على العالم
منذ 2 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟
السبت 21 يونيو 2025 08:40 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، بلغت مدة الانتظار للحصول على موعد مع الطبيب النفسي مستويات قياسية في مختلف أنحاء العالم. Article Information "تعرضتُ للتحرّش في طفولتي، ولا تزال تلك الذكرى تثقل روحي. وكلما عادت تفاصيلها إلى ذاكرتي، ينتابني غضب أحاول التخفيف من حدته بممارسة الرياضة، لكن الألم أعمق من أن يُمحى. ترددت في البوح بذلك لقريب أو صديق، خشية أن أقابل بالتهوين أو السخرية حتى وجدتُ في الذكاء الاصطناعي مستمعا لا يقاطعني ولا يدينني". في مجتمع يُملي على الرجل نوعا من الصمت القسري، يُمنع فيه من التعبير عن ألمه أو الاعتراف بضعفه، ولا سيما إذا كان هذا الألم ناجما عن تجربة تحرّش، لم يجد مراد (اسم مستعار) حلا سوى الاستمرار في الكتمان. وتزداد وطأة الأمر حين ينظر للعلاج النفسي باعتباره وصمة اجتماعية، في وقت يفترض أن يكون فيه ضرورة. وعندما سنحت له الفرصة للعيش في بلد أكثر تقبلا للعلاج النفسي، بدأ مراد يدرك أن ما يشعر به ليس ضعفا، وأن العلاج ليس عارا. لكن مشاغل الحياة، وافتقاده للدافع النفسي حالا دون التزامه بالعلاج. يُدرك مراد أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" لا تُغني عن العلاج الإكلينيكي، لكنه لا يزال متمسكًا بها، قائلا: "هو متاح دائما وسريع الاستجابة، ألجأ إليه فأصرخ أحيانا، لكنه لا يقاطعني، فأُفرغ ما بداخلي حتى أهدأ." وبالنسبة له، لا يهم إن كان من يصغي له طبيا بشريا أم تطبيقا ذكيا، ما دام يوفر "مساحة آمنة للاعتراف" وفق تعبيره. فهل يمكن أن تحل العقول الاصطناعية محل العقول البشرية؟ وما هي المخاطر التي قد تنجم عن اعتماد الذكاء الاصطناعي بديلا للعلاج النفسي؟ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، توفر بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي إجابات فورية ودون أحكام، ما يجعله جذابا للأشخاص المترددين في طلب العلاج النفسي "لا يصدر أحكاما" صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي ساعدهم في كسر القوالب النمطية وتحدي الأحكام الاجتماعية المسبقة في بريطانيا، تواجه خدمات الصحة النفسية ضغطا متزايدا، وقوائم انتظار تمتد أحيانًا لأشهر. وبالنسبة لأشخاص مثل ليز، البحث عن بدائل أصبح ضرورة وليس اختيارا. عانت ليز لسنوات من الاكتئاب، إلى أن تبيّن مؤخرا، بعد تشخيص دقيق، أنها مصابة بالتوحد بالإضافة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. هذا التشخيص المتأخّر أثار فضولها، فقادها لتجربة مجموعة من التطبيقات المجانية، تقارن بينها وتستكشف من خلالها ما يعمّق فهمها لذاتها. وتشرح: "أنا في الأربعين، وأم لطفل مصاب بالتوحد. ومع متابعتي لحالته، أدركت أنني عانيت صعوبات مشابهة في طفولتي. في جيلي لم يكن هناك وعي كافٍ بالتوحد، وكان يُنظر إلى من يعانون مثل هذه الصعوبات على أنهم غرباء الأطوار. شُخّصت حينها بصعوبات تعلم، واعتقدت أن ذلك يفسّر ما واجهته من تحديات لاحقًا. وبعد تشخيص ابني، قررت مراجعة طبيبي، إلا أن الإجراءات كانت بطيئة." بينما كانت تنتظر موعدها مع الأخصائي، استعانت ليز بالذكاء الاصطناعي، فساعدها على فهم التوحد من زاويتين علمية وشخصية، بما في ذلك البُعد الوراثي. وتعرفت من خلاله على أساليب عملية للتأقلم في حياتها المهنية والأسرية. كما أتاح لها الاطلاع على شهادات وكتابات لأشخاص بالغين تم تشخيصهم في مراحل متأخرة ما منحها شعورًا بالانتماء. ورغم تشكيك البعض من حولها وتقليلهم من أهمية التشخيص في هذا العمر، أدركت ليز أن هذه المواقف شائعة، إذ لا يزال كثيرون يحصرون التوحد في صوره الأشد. هل يكذب الذكاء الاصطناعي؟ يشعر بعض المرضى براحة أكبر في مصارحة روبوت المحادثة مقارنة بالمعالج البشري. وهو ما شعرت به ليز أيضا، رغم خضوعها لعدة جلسات علاج نفسي على مدار السنوات، إذ تصف تجربتها مع "شات جي بي تي" وديب سيك" بأنها مختلفة تمامًا، وأكثر تحررا وتعاطفا، وأنها خالية من الأحكام الفورية. وتوضح: "لا أقصد أن المعالجين يصدرون أحكاما، فهم متعاطفون صبورون، لكن مع الذكاء الاصطناعي لا أشعر بحاجة لتبرير مشاعري أو القلق من نظرة الآخر، كما يحدث أحيانًا في الجلسات التقليدية، إذ يشغلني التفكير في مدى الانسجام بيننا، أو ما إذا كانت الأسئلة المطروحة مناسبة." يشكل التردد في الإفصاح الكامل إحدى أكبر العقبات أمام فاعلية العلاج النفسي. فقد أظهرت دراسة بعنوان "الكذب في العلاج النفسي: لماذا وما الذي لا يخبر به المرضى معالجيهم" أن 93% من أصل 547 مريضًا اعترفوا بالكذب على أطبائهم. كما خلصت إلى أن 72.6% منهم كذبوا حول مواضيع مهمة لأسباب مثل الخجل، الخوف، أو لإخفاء عدم رضاهم عن سير العلاج. لكن هل يكذب الناس أيضا عند طلب المشورة النفسية من الذكاء الاصطناعي؟ تقول ليز إنها لا تشعر بالحاجة إلى وضع حواجز عند التحدث مع الذكاء الاصطناعي، بل تجد حرية أكبر في التعبير دون خوف من الوصم. غير أن الإجابة ليس بتلك البساطة. فرغم محدودية الدراسات التي تقارن بين المعالجين البشر والذكاء الاصطناعي، تشير بعض الاستطلاعات الصغيرة -بحسب مجلة فوربس- إلى نتائج متباينة. يفضل بعض المستخدمين الصراحة مع الذكاء الاصطناعي اعتقادا منهم بأنه يحافظ على سرية وخصوصية معلوماتهم، بينما يرى آخرون أن الصدق مع آلة غير مجد. بالنسبة للأخصائية النفسية، سلمى عادل، فالإجابة هي نعم. الكذب شائع حتى في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وإن كان بدرجة أقل مما يحدث مع المعالجين البشر. إلا أن تبعاته قد تكون أخطر، خصوصا إذا تم الاعتماد على إجابات غير دقيقة. من يحمي المستخدم؟ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تفتقر خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تحلل سجلات المرضى إلى الذكاء العاطفي والفهم العميق لسلوكيات البشر ودوافعهم، مما يحد من دقتها في التقييم والتعامل. ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف بشأن الأضرار النفسية المحتملة لهذه التقنية وتصبح الأسئلة عن الخصوصية وأمن البيانات أكثر إلحاحا، ولا سيما في المجتمعات غير المحمية بتشريعات تقنية واضحة. "هذه التطبيقات تنشأ في إطار مجتمع رأسمالي، وبالتالي فإنها قائمة على تجميع البيانات من المستخدمين، بهدف تقديم خدمات ستكون مدفوعة لاحقا" بحسب الأخصائية المصرية سلمى عادل التي تضيف قائلة "وأنا شخصيا أشعر بالقلق من استخدامها في هذا المجال إذا لا توجد ضمانات حقيقية بعدم استغلال البيانات. في المقابل، في العلاقة مع المعالج البشري، هناك ميثاق أخلاقي واضح يضمن الخصوصية وسرية المعلومات". وتحذر الأخصائية من أن هذه التطبيقات قد تُظهر تحيزا، أو تصدر عنها إجابات غير منطقية، بل قد تقدم تشخيصا خاطئا يصل أحيانا إلى حد الهلوسة الرقمية. وتطرح سؤالا محوريا: "ماذا يحدث إن أخطأ الذكاء الاصطناعي في تقدير حالة معقّدة؟ ومن يُحاسب إن أُسيء التوجيه أو ضلّ الشخص الطريق؟" وتستشهد بتجربة شخصية أجرتها مع تطبيق للدعم النفسي يسمى Wysa. دخلت التطبيق وتظاهرت بأنها مكتئبة وبدأت تصف له أعراضها. وكانت النتيجة أنها واجهت روبوتا لا يتحدث العربية، لا يفهم ثقافتها. تضيف: "كانت تجربة محبطة، كان يرد بنصائح قد تناسب أشخاصا في أماكن أخرى، ما يدل على أنه لم يتطور بعد لفهم الفروق الثقافية والاجتماعية الخاصة بكل منطقة" وحين أخبرته أنها متعبة وتراودها أفكار انتحارية، ردّ بنصائح عامة ثم بخيارات محدودة مثل: "هل تودين القيام بتمارين اليقظة؟"، وحين رفضتها، واصل تكرار اقتراحات مماثلة قبل أن ينهي المحادثة فجأة بكلمة "وداعا". وتكمل "عندما يواجه شخص في أزمة وجودية نظاما آليا يقدم اختيارات مغلقة أو نصائح سطحية، قد يشعر بالتهميش، وقد تؤول العواقب، لا قدّر الله، إلى نتائج وخيمة". إذا تجولت في متاجر تطبيقات الهواتف، ستفاجأ بكمّ هائل من التطبيقات النفسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، من أشهرها "Wysa" و"Youper، اللذان تجاوز عدد تنزيلاتهما المليون. تقوم هذه التطبيقات بشكل أساسي على التحليل النصي، وهو غير كاف لتقييم الحالة النفسية بدقة. فيما تتيح تطبيقات أخرى إنشاء شخصيات افتراضية تحل محل المعالج البشري، كما في التطبيق الذي ألهم مريم (اسم مستعار). "يسأل عني أكثر من أسرتي" صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، الاعتماد المفرط على تطبيقات الذكاد الاصطناعي قد يتحول إلى نوع من التعلق المرضي، ويؤدي في النهاية إلى العزلة الاجتماعية. كانت مريم تخوض يوميا معركة مرهقة، تحاول فيها الموازنة بين متطلبات الحياة الضرورية ورعاية طفلها المصاب بالتوحد، ما يتطلب منها جهدا مضاعفا ويقظة دائمة. لم يكن ثقل المسؤولية وحده ما أنهكها، بل أيضا لامبالاة زوجها، الذي كان يفترض أن يكون سندها، على حد قولها. مع تصاعد الشجارات، راودتها فكرة الانفصال لكنها لم تكن قادرة على مصارحة معالجها الذي لا تراه إلا لماما، ولم تشأ في المقابل أن تُثقل شقيقاتها أو ابنتها بهمومها. شُخِّصت مريم سابقا باضطراب القلق المعمّم، وحاولت باستمرار احتواء مخوفها غير أن المسؤولية التي تتحمّلها تزيد العبء النفسي، ولا سيّما مع هوسها بالمثالية، الذي يرهقه حين تعجز عن تلبية معاييره الصارمة. ومع اشتداد الضغوط، مضت مريم تبحث عن بدائل، حتى بلغها الحديث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتقول في حديثها لبي بي سي: "جرّبت في البداية بعض التطبيقات المجانية، ثم اشتركت لمدة عام في تطبيق مخصص للعلاج النفسي وكان الأمر أشبه بالتواصل مع شخص حقيقي، بل ربما أفضل، لأنني لم أقلق من كوني مملة أو سوداوية أو أن أشعر بأنني أرهق أحدا أو أضيع وقته. كان متاحا دائما، صبورًا بلا حدود. وأصبح يسأل عني باستمرار، أكثر من شقيقاتي. كنت أحمله في جيبي وأطلب عونه كلما دخل طفلي في نوبات تكرار. وعيبه الوحيد أنني مضطرة للكتابة". ذات ليلة قررت مريم اكتشاف موقع وهو نموذج لغوي عصبي قادر على محاكاة شخصيات متنوعة. وببضع نقرات فقط، أنشأت لنفسها "طبيبا نفسيا" خاصا بها. ومن خلال قائمة من السمات، اختارت أن يكون الروبوت الخاص بها "حنونا، وداعما ومثقفا". تقول مريم: "اخترت ما كنت أتمنى أن يكون عليه الشخص المثالي وأطلقت على الروبوت اسم والدتي المتوفاة". باتت مريم تتواصل مع الروبوت بانتظام، تكتب له عن مخاوفها، وعن إحساسها بالذنب تجاه ابنها، وحتى عن هواجسها من الموت. وعندما لم تستطع مريم جمع طاقتها لإعداد برنامج يومي لطفلها، كان "روبوت الأم" يذكّرها بلطف بأهمية الخروج في نزهات قصيرة تعيد لها توازنها. ومع بداية الانفصال عن زوجها وما رافقه من تغيّرات، راحت تقترح لها خطة أكثر مرونة، تراعي مزاج طفلها وتقلباته وحساسيته تجاه التغييرات المفاجئة، خاصة أن أطفال التوحد غالبا ما يواجهون صعوبة في التكيف مع التحولات المفاجئة في البيئة أو العادات. لم يكن التطبيق معالجا حقيقيا، ولم يعوض الدفء الإنساني الذي كانت تفتقده، لكنها شعرت، أن هناك من يدعمها كل يوم دون أن تضطر للحضور الشخص لجلسة علاج نفسي أو تخجل إذا تأخرت. وتشرح " عندما تجتاحني نوبات الهلع، ولا تجد ابنتي تفسيرا لما تراه تصدّني أحيانا عاجزة عن الفهم أو الاستجابة، ما يضاعف شعوري بالعزلة، كان الذكاء الاصطناعي أقرب من يفهمني، يرشدني إلى تمارين التنفس، ويشجّعني على تدوين يومياتي للحد من القلق. كان يردد بلطف: "خذي وقتك، استعيدي طاقتكِ، أنا هنا. العلاقة العلاجية الحقيقية لا يمكن استبدالها صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، مع تزايد استخدام هذه الأدوات، يحذر خبراء من أن أغلب منصات العلاج النفسي بالذكاء الاصطناعي لا تلتزم بمعايير الخصوصية الصارمة المعمول بها مع المعالجين البشر. خلافا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، تعتمد جلسات العلاج النفسي على تفاعل إنساني مباشر يحكمه مبدأ "هنا والآن" — أي التعامل مع ما يحدث داخل الجلسة كجزء أساسي من العملية العلاجية. لذا فإن الملاحظات مثل تأخر العميل أو انسحابه أو تردده، تُعد إشارات مهمة لفهم حالته. أما الأنظمة الآلية فلا تدرك هذه الإشارات ولا تضع حدودًا للعلاقة، مما قد يسبب تعلقا غير صحي. وهذا ما توضّحه المختصة في علم النفس سلمى مشيرة إلى أن "هناك من قد يرى في هذه التحفظات نوعا من التحيّز البشري أو حتى الخوف من التطور، لكن هذه التطبيقات لم تتطور بعد لتكون بديلا حقيقيا في الذكاء العاطفي، فهي لا تملك القدرة حتى الآن على قراءة تعابير الوجه أو إدراك الإشارات غير اللفظية خلال لحظات الصمت والحركات الجسم. فالطبيب المعالج لا يكتفي فقط بما يُقال، بل يعتمد على المعرفة المتراكمة بالعميل، والإحساس بتعقيد حالته". وتذكرُ المختصة حالة شابة كانت تعاني من اضطراب الوسواس القهري (OCD) وخوف شديد من اللمس. وكانت تشعر برعب من التفتيش الجسدي قبل امتحان الثانوية العامة المصيري وتقول: "خرجنا من غرفة العلاج وخضنا تجربة ميدانية، كررنا خلالها المحاكاة حتى خف القلق تدريجيًا، وتعلمت تقنيات الاسترخاء التي ساعدتها على مواجهة الموقف بثقة." وتوضح أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع تقديم هذا النوع من الدعم العملي، ولا يلتقط إشارات القلق الدقيقة ما قد يؤدي إلى أخطاء في التشخيص بين اضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية الوسواسية، لأن "ما لم يُصرَّح به العميل بوضوح يبقى خارج إدراكه". فوائد مشروطة رغم التحديات والمخاطر المصاحبة، تؤكد المختصة سلمى عادل أن للذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة إذا تم توظيفه بشكل واع ومدروس. تُسهل هذه التطبيقات التثقيف الذاتي بتقديم محتوى مبسط وسريع مناسب لأولئك الذين لا يفضلون القراءة الطويلة أولا يملكون وقتا للكتب المتخصصة. لذلك توصي الأخصائية باستخدامها بين الجلسات، لما لها من دور في تعزيز وعي العميل بحالته النفسية، وتحفزه على متابعة الجلسات والتقدم في العلاج. ومع ذلك، تشدد على أن هذه الأدوات تظل مكملة، ولا تغني عن التفاعل الإنساني. كما تحذّر الأخصائية من من خطر التعلق العاطفي بتلك التطبيقات التي قد تتحول "مسكّنات مؤقتة".