
أسوأ أداء للدولار منذ 40 عاما.. 5 ركائز مؤثرة
الجزيرة
لم تكن قوة الدولار صدفة، بل نتاج مشروع أميركي محكم بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، ففي عام 1944 اجتمعت 44 دولة في بلدة "بريتون وودز" الأميركية لوضع قواعد جديدة للنظام المالي العالمي، وكما هو معتاد بعد الحروب الكبرى فإن المنتصر هو من يفرض الشروط.
خرجت الولايات المتحدة من الحرب أقوى اقتصاد في العالم، في حين كانت أوروبا منهكة وتحتاج إلى تمويل ضخم لإعادة الإعمار.
واستغلت واشنطن هذا الظرف ودعمت اتفاقا تاريخيا يقضي بربط عملات الدول بالدولار وربطه بالذهب، فتحوّل إلى العملة المرجعية الأولى عالميا، مدعوما بثقة الذهب وقوة الاقتصاد الأميركي الصاعد، وأصبحت أي دولة تريد استقرارا نقديا بحاجة إلى ربط عملتها به.
ورغم انهيار هذا النظام في سبعينيات القرن الماضي بعد فك ارتباط الدولار بالذهب فإن هيمنته لم تتراجع، بل تعززت أكثر باتفاق "البترودولار" عام 1974 الذي رسخ تسعير النفط عالميا بالدولار، مما خلق طلبا دائما عليه حتى من الدول غير المرتبطة تجاريا بأميركا.
ومع توسع النفوذ الاقتصادي والعسكري الأميركي تحول الدولار من عملة وطنية إلى رمز للهيمنة العالمية.
لكن بعد نحو 80 عاما بدأت هيمنة الدولار تتآكل مع اهتزاز ركائز الاقتصاد الأميركي، من الانفتاح التجاري إلى الاستقرار المالي والنفوذ السياسي، هذه الدعائم تواجه اليوم تحديات جوهرية تُضعف موقع الدولار عالميا.
ولفهم مستقبل العملة الأميركية لا بد من تفكيك البنية التي قامت عليها القوة الاقتصادية الأميركية، واستعراض أبرز تلك الركائز التي بدأت بالتراجع، مدعومة بأرقام ومؤشرات تكشف بوضوح: أين يقف الدولار اليوم؟ وإلى أين يتجه؟
أولا: التهديد التجاري "انقلاب على القواعد التي صنعت قوة أميركا"
اقتصاد بحجم 29.2 تريليون دولار (نهاية 2024) قام لعقود على أسس راسخة: انفتاح تجاري شامل، شبكة علاقات اقتصادية مع أكثر من 200 دولة، وطلب داخلي ضخم يقود حركة الإنتاج والخدمات، وكان الدولار هو الأداة التي ضمنت لهذا النموذج هيمنته في الأسواق العالمية.
لكن هذا النموذج بدأ يتعرض للاهتزاز من الداخل، والاضطراب في أي من مكوناته لا يمر دون أثر مباشر على العملة الأميركية.
وفي هذا الجزء نستعرض أبرز القطاعات الأساسية التي تشكل قلب الاقتصاد، وكيف أن تصدعها يهدد مكانة الدولار:
الإنفاق الاستهلاكي للأفراد
يمثل 68.8% من الناتج المحلي، أي نحو 20.1 تريليون دولار، وهو ما ينفقه الناس على السلع والخدمات داخل أميركا، ويعد المحرك الأهم للاقتصاد، ويعتمد على توفر السلع وثقة المستهلك.
قطاع الخدمات:
يمثل نحو 80% من الناتج المحلي الأميركي، ويعبر عن كل ما تنتجه البلاد من أنشطة خدمية، أي من أين يأتي الجزء الأكبر من إنتاج الاقتصاد.وتتصدر الخدمات المالية والعقارية القائمة بقيمة 4 تريليونات دولار (13.8%)، تليها الخدمات المهنية والاستشارات بـ3.8 تريليونات (13.2%)، ثم التعليم والرعاية الصحية بـ2.5 تريليون (8.5%).
وتساهم أيضا حكومات الولايات والمحليات بـ2.2 تريليون (7.5%) من خلال الأنشطة الاقتصادية التي تقدمها المؤسسات الحكومية وخدمات المرافق العامة، في حين تضيف تجارة التجزئة ما يقارب 1.8 تريليون دولار (6.2%).
التجارة الدولية:
تمثل أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي، بإجمالي تبادل تجاري بلغ نحو 7.37 تريليونات دولار في عام 2024، موزعة بين صادرات بقيمة 3.23 تريليونات دولار، وواردات بـ4.14 تريليونات دولار.
الأرقام لا تكذب
بعد استعراض هذه القطاعات الحيوية يتضح أن أي خلل في منظومة التجارة أو ضعف في القطاعين الخاص والخدمي أو تراجع الاستهلاك ينعكس مباشرة على بنية الاقتصاد الأميركي وقوة الدولار.
فهذه العناصر مترابطة، وأي اهتزاز في أحدها يربك المنظومة بأكملها، أما السياسات الحمائية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب فلا تُضعف التجارة فقط، بل تضرب صميم النمو وتسرّع تآكل الثقة بالدولار، وبينما تبني أميركا الجدران فإنها تهدم القواعد التي بُنيت عليها هيمنتها.
ثانيا: الاضطراب السياسي وتآكل الثقة بالمؤسسات.. أزمة الشرعية الأميركية
من الركائز الأساسية لقوة الاقتصاد الأميركي وبالتالي قوة الدولار الثقة العميقة بالمؤسسات الديمقراطية، واستقلالية النظام المالي، واحترام القانون، فالأسواق لا تنظر إلى الأرقام فحسب، بل إلى الجهة التي تصدرها ومدى استقلاليتها عن السلطة السياسية.
لكن مع بداية عام 2025 دخلت الولايات المتحدة منعطفا سياسيا حادا، وسط تصاعد الاستقطاب الداخلي، وتنامي نفوذ التيار الشعبوي بقيادة الرئيس ترامب.
بدأت الإدارة الجديدة في التشكيك العلني بمؤسسات الدولة، وهاجمت المحاكم ووسائل الإعلام، وقلصت عدد الموظفين في الوكالات الفدرالية الحيوية، ففي الأشهر الأولى وحدها تم تسريح نحو 260 ألف موظف فدرالي، وهو ما يعادل 10% من العاملين في القطاع الحكومي المدني، الأمر الذي أثار قلقا واسعا بشأن كفاءة هذه المؤسسات.
وبالتوازي، ضغط الرئيس علنا على مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) لتخفيض أسعار الفائدة، متجاوزا مبدأ الاستقلالية النقدية الذي لطالما شكّل ركيزة للثقة بالدولار، وهو ما اعتبره المستثمرون تجاوزا لخط أحمر يمس مصداقية العملة.
وفي الوقت ذاته، تصاعد الخطاب المعادي للمهاجرين، واتسعت هوة الانقسام المجتمعي، مما زاد حالة عدم اليقين داخل السوق.
وأظهر استطلاع في مايو/أيار 2025 أن 27% من الأميركيين يتوقعون تدهورا ماليا خلال عام مقارنة بـ21% في الربع السابق.
هذه المؤشرات مجتمعة تُضعف صورة أميركا كمركز مؤسساتي مستقر وتهز الثقة العالمية في عملتها.
ثالثا: العجز المالي والدين المرتفع قنبلة موقوتة تهدد الدولار
تواجه الولايات المتحدة في عام 2025 أزمة دين متفاقمة، حيث تجاوز الدين العام حاجز 37 تريليون دولار، وبلغ عجز الموازنة 1.4 تريليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية، بزيادة قدرها 160 مليارا عن الفترة نفسها في عام 2024.
وقد بلغت الإيرادات الحكومية نحو 5 تريليونات دولار، في حين وصل الإنفاق إلى 7 تريليونات، مما يكشف اعتمادا متزايدا على الاقتراض.
وتعتمد الدولة على الضرائب في تمويل 99% من إيراداتها، حيث تشكّل ضرائب الدخل الفردي نحو 2.4 تريليون دولار (49%)، تليها ضرائب الرواتب بـ1.7 تريليون (35%)، ثم ضرائب دخل الشركات بـ530 مليار دولار (11%).
ورغم هذه الإيرادات فإن الدولة تنفق ما يقارب 25% منها على سداد فوائد الدين، والتي تجاوزت 1.2 تريليون دولار سنويا.
القلق لا يتعلق بالأرقام فقط، بل بالنهج المالي المعتمد، فمشروع "الخفض الضريبي الكبير" الذي يتبناه الرئيس ترامب يُتوقع أن يضيف 2.8 تريليون دولار إلى العجز بين عامي 2025 و2034.
كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي بلغت 121% مطلع 2025، ويتوقع أن ترتفع إلى 125% في السنوات المقبلة.
وقد زاد الوضع تأزما بعد أن خفضت وكالات التصنيف الائتماني التصنيف السيادي للولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي، مشيرة إلى العجز المزمن وغياب خطة واضحة لضبط الإنفاق.
كل هذه المؤشرات لا تنذر فقط بتآكل الاستقرار المالي، بل تضع ثقة الأسواق العالمية في الدولار على المحك.
ومع ارتفاع تكلفة الاقتراض وتراكم العجز يفقد الدولار تدريجيا مكانته كعملة موثوقة وآمنة في الاقتصاد العالمي.
رابعا: التحولات الجيوسياسية وتراجع احترام التحالفات
من الركائز الأساسية لقوة الدولار مكانة الولايات المتحدة كقائد للنظام العالمي وشريك موثوق في التحالفات الدولية.
لكن في عام 2025 بدأت هذه المكانة تتآكل بسرعة بفعل سياسات أميركية متخبطة تُضعف الثقة العالمية، فبدلا من ترسيخ التحالفات انسحبت واشنطن من اتفاقيات وتعاملت بمزاجية مع شركائها، مستخدمة أدواتها المالية والتكنولوجية سلاحا لمعاقبة الدول غير المتماشية مع توجهاتها.
هذا التسييس للمنظومة المالية والاقتصادية دفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم مدى أمان الاعتماد على الدولار، بل وجدوى العلاقة الاقتصادية مع أميركا.
وبدأت دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وتايلند وماليزيا في تسوية معاملاتها التجارية بالعملات المحلية، تقليلا لتقلبات الدولار وهروبا من هيمنة واشنطن.
وفي أميركا اللاتينية، أطلقت البرازيل مشروع نظام مدفوعات بديل ضمن تحالف "بريكس"، بهدف خفض الاعتماد على الدولار وتعزيز التعاون بين دول الجنوب.
في المقابل، وسّعت روسيا استخدام الروبل واليوان في تجارتها مع الصين، لتصل إلى نحو 45% من إجمالي التبادلات، بعد أن طورت نظام تحويلات بديلا إثر استبعادها من المنظومة المالية الغربية.
هذه التحركات لم تعد استثنائية، بل أصبحت توجها عالميا للحد من الانكشاف على الاقتصاد الأميركي.
والأخطر أن هذا السلوك الأميركي لا يدفع الدول إلى تنويع العملات فقط، بل إلى البحث عن بدائل اقتصادية واستثمارية خارج الولايات المتحدة بالكامل، والتعامل مع دول وشركات تحترم المواثيق الدولية وتتسم بالثبات، فعندما يشعر الشركاء بالتهديد يبحثون عن الأمان.
وما نشهده اليوم هو بداية حقيقية لتآكل الدولار من الخارج، ليس بسبب خصوم أميركا، بل بسبب خياراتها الذاتية.
خامسا: تباطؤ النمو مرآة لانكشاف الاقتصاد الأميركي
لا يمكن فهم الوضع الراهن للاقتصاد الأميركي بمعزل عن الركائز الأربع السابقة: التجارة والمؤسسات والديون والجيوسياسة، فهذه العوامل متشابكة تُضعف الثقة وتُنتج انعكاسات مباشرة على الأداء الاقتصادي، أبرزها تباطؤ النمو، فبعد تحقيق نمو جيد بنسبة 2.5% في عام 2024 سجل الاقتصاد الأميركي انكماشا بنسبة -0.3% في الربع الأول من 2025 مقارنة بالربع السابق.
ويتوقع الاحتياطي الفدرالي نموا سنويا لا يتجاوز 1.4%، انخفاضا من توقعات سابقة بلغت 1.7% في مارس/آذار الماضي.
كما حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من استمرار التباطؤ، مرجحة أن يبلغ النمو 1.6% في 2025، و1.5% في 2026، متأثرا بالرسوم الجمركية والغموض السياسي المتصاعد.
ولا يعود هذا التباطؤ إلى عوامل خارجية فحسب، بل يكشف عن هشاشة داخلية تتجلى في اختلالات مالية متفاقمة وتراجع ثقة المستثمرين وسياسات اقتصادية قصيرة النظر تهدد البنية الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي.
وفي هذا السياق، تتآكل جاذبية الدولار عالميا، فمكانته لا تبنى على التطمينات السياسية أو حجم الإنفاق، بل على متانة الاقتصاد الذي يقف خلفه.
وعندما يتباطأ هذا الاقتصاد ويراكم الديون دون معالجة تبدأ صورة الدولار باعتباره ملاذا آمنا في التراجع تدريجيا.
أرقام السوق ترسم ملامح سقوط الدولار
بعد استعراض الركائز البنيوية التي قامت عليها قوة الاقتصاد الأميركي -والتي بدأت بالفعل تتآكل تدريجيا- ننتقل إلى قراءة الواقع الفعلي للدولار في عام 2025.
ومن خلال مؤشرات السوق وتقارير المؤسسات المالية الكبرى يمكننا استشراف ملامح المرحلة المقبلة، وتأكيد ما طُرح في التحليل السابق بأدلة رقمية وسوقية واضحة:
أكبر خسارة منذ 1986
انخفض الدولار الأميركي بنحو 10% حتى منتصف عام 2025، وهي أكبر خسارة له في النصف الأول من أي عام منذ عام 1986، أي منذ نحو 40 عاما حين كانت أميركا تحاول تقليل قيمة الدولار بعد "اتفاقية بلازا".
استطلاع بنك أوف أميركا- انخفاض الثقة
أظهر استطلاع عالمي لمديري صناديق الاستثمار أن صافي عدد من يقلصون مراكزهم في الدولار بلغ أعلى مستوياته منذ 20 عاما، مما يشير إلى تراجع الثقة في العملة الأميركية حتى بين كبار المستثمرين والمؤسسات المالية.
رهانات غير مسبوقة ضد الدولار
صُنّف الدولار ضمن أكثر 3 أصول تكدسا بالرهانات عالميا، إلى جانب "الذهب الطويل" و"السبع الرائعة"، ويُقصد بـ"الذهب الطويل" احتفاظ المستثمرين بالذهب باعتباره ملاذا آمنا على المدى البعيد، أما "السبع الرائعة" فهي مجموعة من كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية (ألفابت، أمازون، آبل، ميتا بلاتفورمز، مايكروسوفت، إنفيديا، وتسلا)، ويعني تكدس الرهانات أن عددا كبيرا من المستثمرين يتبنون توجها متشائما تجاه هذه الأصول، وكان للدولار نصيب من هذا الانخفاض.
مضاربات قياسية
بحسب بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع، بلغت مراكز المضاربة على انخفاض الدولار أعلى مستوياتها منذ عامين في أبريل/نيسان 2025.
تحوط المستثمرين الأوروبيين- حركات حذرة من صناديق التقاعد
بدأت صناديق التقاعد في الدانمارك وهولندا بخفض تعرّضها للدولار منذ بداية عام 2025، حيث انخفضت نسبة الأصول المقومة بالدولار من 23% إلى 20% من إجمالي محافظها الاستثمارية.
انسحاب مؤسسي واسع
بحسب تقديرات بنك "بي إن بي باريبا"، فإن صناديق التقاعد خارج منطقة اليورو -خاصة في الدانمارك- خفضت بالفعل استثماراتها المقومة بالدولار بمقدار 37 مليار دولار منذ بداية عام 2025.
وإذا عادت نسب الانكشاف إلى مستويات عام 2015 (أي 15% فقط من الأصول) فإن هذه الصناديق قد تتخلى عن 217 مليار دولار إضافية من الأصول المقومة بالدولار، كما أشار البنك إلى توجه واضح نحو السندات الأوروبية وسندات الأسواق الناشئة كبدائل أقل ارتباطا بالتقلبات السياسية الأميركية.
وفي النهاية لم يعد الدولار محصنا، بل يقف في قلب عاصفة: ديون متضخمة وحروب عسكرية وتراجع في احترام المواثيق وحرب مفتوحة على النظام الاقتصادي العالمي.
ومن يقرأ المشهد بدقة لا ينتظر الانهيار، بل يلتقط الإشارات مبكرا، فبعد أن كان الدولار ملاذا في الأزمات بات اليوم عملة هشة داخل اقتصاد متقلب.
ومع استمرار هذا المسار تتسارع المراهنات على ضعفه، فالدولار مرآة لسياسات أميركا، ومن يشتريه اليوم إنما يشتري تلك السياسات ويراهن عليها، أما من يتحسب للتغيير فيتحول تدريجيا نحو أصول أكثر رسوخا وأقل تقلبا تحسبا لتحولات قد تأتي أسرع مما يتوقعه الكثيرون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
تخفيض رسوم الشاحنات مع سورية .. دعم للمعابر الحدودية
سرايا - أكد خبراء في قطاع النقل والتخليص واللوجستيات أن قرار وزارة المالية، تخفيض وتوحيد الرسوم المستوفاة عن الشاحنات والبرادات السورية، سواء العابرة أو الداخلة إلى الأراضي الأردنية، من شأنه أن يعزز التبادل التجاري بين الأردن وسورية، ويدعم ميناء العقبة والمعابر الحدودية، كما يساهم في خفض الكلف التشغيلية على المواطنين. وأوضح الخبراء، في تصريحات منفصلة أن القرار الذي جاء بعد تنسيق مع الجانب السوري وفق مبدأ المعاملة بالمثل، يخدم تحديدا قطاع النقل والشاحنات في البلدين، ويؤدي إلى تقليص كلف الشحن والتخليص، ما ينعكس إيجابا على أسعار السلع في الأسواق المحلية. وكانت وزارة المالية قررت الأحد الماضي، تخفيض وتوحيد الرسوم على الشاحنات والبرادات السورية، سواء أكانت محملة أو فارغة، والعابرة إلى الأراضي الأردنية (ترانزيت) أو الداخلة والخارجة من المناطق الحرة، حيث يتم احتساب بدل خدمات المرور على الطرق بنسبة 2 % بدلًا من 5 %. واستثنى القرار الشاحنات التي تقصد الأراضي الأردنية أو تخرج منها. تعزيز التعاون الاقتصادي وأكدت وزارة النقل في بيان صحفي، أن القرار تم بالتنسيق بين وزارات المالية والصناعة والتجارة والنقل، إضافة إلى دائرة الجمارك العامة، ويهدف إلى تسهيل حركة عبور البضائع وانسيابها بين البلدين، دعما للتبادل التجاري. وأشار البيان إلى أن القرار يمثل ثمرة مباشرة لزيارة وفد وزاري أردني إلى سورية مؤخرًا، حيث تم الاتفاق على حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتحفيز حركة النقل والتجارة البينية. وقفزت الصادرات الأردنية إلى سورية نحو 5 أضعاف خلال الربع الأول من العام الحالي، بدفع من اتفاقيات اقتصادية جديدة وانفتاح تدريجي في العلاقات التجارية، لتبلغ نحو 52.781 مليون دينار، مقابل 9.49 مليون دينار فقط تم تسجيلها في الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة نسبتها 489 %. انخفاض ملموس في الكلف من جهته، قال رئيس نقابة أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع، الدكتور ضيف الله أبو عاقولة "إن القرار سيؤثر بشكل إيجابي على كلف الصادرات الأردنية والسورية، خاصة في ظل الرسوم السابقة التي وصلت إلى نحو 800 دولار على الشاحنة الواحدة، وفق معادلة احتساب تعتمد على الوزن القائم ومسافة العبور". وأوضح أن هذه الكلف المرتفعة، شكلت عبئا على حركة التبادل التجاري، مشيرا إلى أن عودة تطبيق الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة سابقا بين الجانبين، ساهمت في تخفيض الرسوم تدريجيا من 10 % إلى 5 %، والآن إلى 2 %. كما أشاد أبو عاقولة بقرار سابق يعفي الشاحنات من غرامة نقل الحمولة البالغة 200 دينار، الذي جاء استجابة لواقع الشاحنات السورية التي لا يمكنها الدخول إلى دول الخليج بسبب العمر التشغيلي، ما كان يضطرها إلى نقل حمولاتها إلى شاحنات أردنية. تسهيلات إضافية من جانبه، رحب نائب نقيب أصحاب السيارات الشاحنة، نايل الذيابات، بالقرار، مؤكدا أنه يخفف من كلف تجارة الترانزيت بين البلدين، ما ينعكس على القطاع التجاري والخدمات المرتبطة به، كما يساهم في خفض أسعار السلع على المواطنين. وأشار الذيابات كذلك، إلى أهمية قرار إعفاء غرامة نقل الحمولة، الذي خفف من الأعباء المالية على جميع أطراف العملية اللوجستية. وبلغ عدد الشاحنات القادمة (دخولا إلى الأردن) منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أيار (مايو) الماضي، 55566 شاحنة، 30154 منها أردنية، و5768 سورية، و19644 أجنبية. تجارة الترانزيت ومحفزات للنمو بدوره، قال المستثمر في قطاع النقل والتخليص تيسير الخضري "إن التنسيق المستمر بين ممثلي القطاعات التجارية والنقل في البلدين، إضافة إلى الزيارات الرسمية، ساهما في تذليل العديد من العقبات أمام حركة الترانزيت". وأشار إلى أن الرسوم المرتفعة والإجراءات السابقة كانت تعرقل التجارة، لكن بفضل جهود التنسيق بين الجانبين، تم تخفيض الرسوم إلى 2 %، وإلغاء غرامة نقل الحمولة، ما يساعد في تنشيط قطاع النقل، ويخفف الأعباء على المصدرين والموردين في كلا البلدين. واعتبر الخضري أن تجارة الترانزيت، تعد عنصرا حيويا لتنشيط ميناء العقبة، وتوفير العمل لشركات المناولة والتخليص، وتحريك عجلة الاقتصاد ولا سيما، مع بدء مرحلة إعادة الإعمار في سورية. الغد


أخبارنا
منذ ساعة واحدة
- أخبارنا
د. رعد محمود التل : هي حرب "إستنزاف إقتصادي" أيضاً (1-2)
أخبارنا : تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التصعيد والتوترات الجيوسياسية مع تصاعد المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران ودولة الاحتلال، وهو تصعيد غير مسبوق تجاوز الحروب بالوكالة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة بين قوى محورية في الإقليم. وإذا كانت التكلفة الامنية والعسكرية للحرب كبيرة، فإن التكلفة الاقتصادية تبدو فادحة أيضاً، وتمتد آثارها إلى ما هو أبعد من المتوقع، لتشمل الاقتصاد الإقليمي وأسواق الطاقة وسلاسل الإمداد العالمية! قبل اندلاع الحرب مع إيران، كانت التوقعات تشير إلى أن اقتصاد دولة الاحتلال سينمو بنسبة 3.5% خلال عام 2025، خاصة بعد تسجيل نمو بلغ 3.4% في الربع الأول. غير أن الحرب غيّرت هذه التقديرات، فقد تكبدت خسائر مباشرة تجاوزت 1.5 مليار دولار في أول يومين فقط من المواجهة، حسب تقديرات اقتصادية. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الحرب ستؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي هناك بنسبة 2.5% من الناتج المحلي، مما يعني أن النمو قد يهبط إلى ما دون 1% أو حتى يسجل ركودًا جزئيًا في حال استمرار المواجهة حتى نهاية العام. وبرغم أن الناتج المحلي لدولة الاحتلال يُتوقع أن يبلغ583 مليار دولار بنهاية 2025، و610.7 مليارات دولار في 2026، إلا أن هذه الأرقام لا تعكس التحديات البنيوية التي تفرضها الحرب. فالاقتصاد الإسرائيلي، القائم على التكنولوجيا والبحث العلمي والأسواق المالية، يعتمد بدرجة كبيرة على الاستقرار الأمني وثقة المستثمرين، وهي عناصر مهددة بفعل هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية. علاوة على ذلك، فإن الحرب المفتوحة في غزة منذ أكتوبر 2023 تكلّف خزينة الاحتلال نحو 100 مليون دولار يوميًا، وهو ما يضاعف العبء المالي على الميزانية. ويضاف إلى ذلك التراجع في الصورة الخارجية لجذب أي استثمار، والمقاطعة المتزايدة للمنتجات الإسرائيلية في بعض الأسواق الأوروبية، مما يؤثر سلبًا على الصادرات. كما أن واحدة من المخاطر الاستراتيجية والتي لا تظهر مباشرة في المؤشرات الاقتصادية، هي اتجاه جزء من السكان للهجرة نتيجة تراجع الإحساس بالأمن، ما يهدد على المدى المتوسط بتسرب الكفاءات ونزيف في رأس المال البشري، وهو عنصر حيوي في النموذج الاقتصادي هناك! اما بالنسبة للأثر الاقتصادي على إيران فهو مستمر، فإذا كانت دولة الاحتلال تعاني من ضغط الحرب على جبهتين، فإن إيران تواجه حربًا اقتصادية مستمرة منذ سنوات بفعل العقوبات الغربية، والحرب الحالية قد تسرّع من تدهور وضعها الداخلي. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الحرب خفّضت توقعات النمو في إيران الى 0.3% خلال 2025، ما يعكس تحولًا خطيرًا في مسار الاقتصاد الإيراني. وتُقدَّر خسائر الاقتصاد الإيراني أيضًا بنحو مليار دولار يوميًا، وهي مرشحة للزيادة في حال توسّعت المواجهة أو تعطلت منشآت النفط والبنى التحتية الحيوية. إيران تنتج حوالي 3 ملايين برميل يوميًا، تُصدر منها النصف تقريبًا، لكن بأسعار منخفضة كثيرًا عن السوق العالمية (أقل من 20 دولارًا للبرميل دون تكاليف الشحن)، وغالبية هذه الصادرات تتجه إلى الصين. وهذا الاعتماد على سوق واحدة، وبأسعار تفضيلية، يجعل إيران في موقع تفاوضي ضعيف، خاصة في حال فكرت في اتخاذ خطوات تصعيدية مثل إغلاق مضيق هرمز، وهو ما قد يُغضب بكين ويهدد علاقاتها الاقتصادية. لكن إيران تعاني من تضخم يتجاوز 43.3%، وشح شديد في العملات الأجنبية، وعجز حاد في ميزان المدفوعات. وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 401 مليارات دولارعام 2024، وكان يُتوقع أن يصل إلى418 مليار دولار في 2025، لكن الحرب قد تؤدي إلى انكماش الاقتصاد وتقليص فرص الاستثمار، لا سيما في قطاعات غير نفطية مثل الزراعة والخدمات والتعدين، التي تعتمد عليها إيران كبدائل للنفط. لا تبدو هذه الحرب كغيرها من جولات التصعيد في الشرق الأوسط؛ فهي ليست مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل صراع استنزاف طويل قد يعيد تشكيل أولويات اقتصادية داخلية لدى كل من إيران ودولة الاحتلال، ويزعزع توازنات الأسواق الإقليمية والعالمية. الكلفة المباشرة للحرب عالية، لكن الكلفة غير المباشرة من تباطؤ النمو، واضطراب سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الطاقة قد تكون الأثقل والأطول أثرًا! ــ الراي


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
تخفيض رسوم الشاحنات مع سورية.. دعم للمعابر الحدودية
الغد-تيسير النعيمات أكد خبراء في قطاع النقل والتخليص واللوجستيات أن قرار وزارة المالية، تخفيض وتوحيد الرسوم المستوفاة عن الشاحنات والبرادات السورية، سواء العابرة أو الداخلة إلى الأراضي الأردنية، من شأنه أن يعزز التبادل التجاري بين الأردن وسورية، ويدعم ميناء العقبة والمعابر الحدودية، كما يساهم في خفض الكلف التشغيلية على المواطنين. وأوضح الخبراء، في تصريحات منفصلة لـ"الغد"، أن القرار الذي جاء بعد تنسيق مع الجانب السوري وفق مبدأ المعاملة بالمثل، يخدم تحديدا قطاع النقل والشاحنات في البلدين، ويؤدي إلى تقليص كلف الشحن والتخليص، ما ينعكس إيجابا على أسعار السلع في الأسواق المحلية. وكانت وزارة المالية قررت الأحد الماضي، تخفيض وتوحيد الرسوم على الشاحنات والبرادات السورية، سواء أكانت محملة أو فارغة، والعابرة إلى الأراضي الأردنية (ترانزيت) أو الداخلة والخارجة من المناطق الحرة، حيث يتم احتساب بدل خدمات المرور على الطرق بنسبة 2 % بدلًا من 5 %. واستثنى القرار الشاحنات التي تقصد الأراضي الأردنية أو تخرج منها. تعزيز التعاون الاقتصادي وأكدت وزارة النقل في بيان صحفي، أن القرار تم بالتنسيق بين وزارات المالية والصناعة والتجارة والنقل، إضافة إلى دائرة الجمارك العامة، ويهدف إلى تسهيل حركة عبور البضائع وانسيابها بين البلدين، دعما للتبادل التجاري. وأشار البيان إلى أن القرار يمثل ثمرة مباشرة لزيارة وفد وزاري أردني إلى سورية مؤخرًا، حيث تم الاتفاق على حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتحفيز حركة النقل والتجارة البينية. وقفزت الصادرات الأردنية إلى سورية نحو 5 أضعاف خلال الربع الأول من العام الحالي، بدفع من اتفاقيات اقتصادية جديدة وانفتاح تدريجي في العلاقات التجارية، لتبلغ نحو 52.781 مليون دينار، مقابل 9.49 مليون دينار فقط تم تسجيلها في الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة نسبتها 489 %. انخفاض ملموس في الكلف من جهته، قال رئيس نقابة أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع، الدكتور ضيف الله أبو عاقولة "إن القرار سيؤثر بشكل إيجابي على كلف الصادرات الأردنية والسورية، خاصة في ظل الرسوم السابقة التي وصلت إلى نحو 800 دولار على الشاحنة الواحدة، وفق معادلة احتساب تعتمد على الوزن القائم ومسافة العبور". وأوضح أن هذه الكلف المرتفعة، شكلت عبئا على حركة التبادل التجاري، مشيرا إلى أن عودة تطبيق الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة سابقا بين الجانبين، ساهمت في تخفيض الرسوم تدريجيا من 10 % إلى 5 %، والآن إلى 2 %. كما أشاد أبو عاقولة بقرار سابق يعفي الشاحنات من غرامة نقل الحمولة البالغة 200 دينار، الذي جاء استجابة لواقع الشاحنات السورية التي لا يمكنها الدخول إلى دول الخليج بسبب العمر التشغيلي، ما كان يضطرها إلى نقل حمولاتها إلى شاحنات أردنية. تسهيلات إضافية من جانبه، رحب نائب نقيب أصحاب السيارات الشاحنة، نايل الذيابات، بالقرار، مؤكدا أنه يخفف من كلف تجارة الترانزيت بين البلدين، ما ينعكس على القطاع التجاري والخدمات المرتبطة به، كما يساهم في خفض أسعار السلع على المواطنين. وأشار الذيابات كذلك، إلى أهمية قرار إعفاء غرامة نقل الحمولة، الذي خفف من الأعباء المالية على جميع أطراف العملية اللوجستية. وبلغ عدد الشاحنات القادمة (دخولا إلى الأردن) منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أيار (مايو) الماضي، 55566 شاحنة، 30154 منها أردنية، و5768 سورية، و19644 أجنبية. تجارة الترانزيت ومحفزات للنمو بدوره، قال المستثمر في قطاع النقل والتخليص تيسير الخضري "إن التنسيق المستمر بين ممثلي القطاعات التجارية والنقل في البلدين، إضافة إلى الزيارات الرسمية، ساهما في تذليل العديد من العقبات أمام حركة الترانزيت". وأشار إلى أن الرسوم المرتفعة والإجراءات السابقة كانت تعرقل التجارة، لكن بفضل جهود التنسيق بين الجانبين، تم تخفيض الرسوم إلى 2 %، وإلغاء غرامة نقل الحمولة، ما يساعد في تنشيط قطاع النقل، ويخفف الأعباء على المصدرين والموردين في كلا البلدين. واعتبر الخضري أن تجارة الترانزيت، تعد عنصرا حيويا لتنشيط ميناء العقبة، وتوفير العمل لشركات المناولة والتخليص، وتحريك عجلة الاقتصاد ولا سيما، مع بدء مرحلة إعادة الإعمار في سورية.