الهجوم الإسرائيلي على إيران .. الخيار شمشون!
قبل 48 ساعة من العودة إلى المفاوضات الأميركية الإيرانية في العاصمة العمانية مسقط، شنّت القوات الإسرائيلية أوسع وأعنف هجوم عسكري على المنشآت النووية ومراكز القيادة والسيطرة في إيران. نال الهجوم من قيادات عسكرية بارزة، بينها رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري، وعلماء كبار يشرفون على البرنامج النووي. لم يكن ذلك الهجوم بذاته مفاجئاً، فقد دأبت إسرائيل لسنوات طويلة على التحريض ضد المشروع النووي الإيراني، حتى تكون وحدها من يحتكر القوة النووية في الشرق الأوسط.
في عام 1991 أزاح الصحافي الاستقصائي الأميركي، سيمور هيرش، لأول مرة ستائر الكتمان عن الترسانة النووية الإسرائيلية، في كتابه «الخيار شمشون». عندما بدا أن العراق مضى خطوات واسعة تمهيدية في مشروعه النووي جرى قصفه يوم 7 حزيران 1981. في الوقت نفسه قبل القصف وبعده دأبت إسرائيل على اغتيال عدد كبير من العلماء العرب، أشهرهم العالم المصري الدكتور يحيى المشد. في الحالتين، العراقية والإيرانية، حرصت الولايات المتحدة على نفي أن تكون منخرطة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية. تابع هيرش الملف نفسه في تحقيقات نشرتها «نيويورك تايمز» و»نيويوركر» الأميركيتين.
كان أهم ما نشره: «الخطة السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية للهجوم على إيران». في شباط 2007 تطرق إلى خطة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني لـ»قطع رقبة إيران». كان تقديره، في محاضرة ألقاها بالجامعة الأميركية بدعوة من «مؤسسة هيكل للصحافة العربية»، أن عدواناً وشيكاً على إيران قد يحدث في غضون الشهور القليلة المقبلة، كاشفاً عن أن (9) مليارات دولار من الأموال العراقية اختفت من أحد البنوك الأميركية لتمويل العملية العسكرية الوشيكة. غير أن ذلك لم يحدث وذهبت الحوادث باتجاه آخر.
وقعت اتفاقية بين إيران والولايات المتحدة عام (2015) تضمنت إجراءات تمنع خروج المشروع النووي عن طابعه السلمي، غير أن دونالد ترامب بولايته الأولى ألغاها بعد وقت قصير على دخوله البيت الأبيض؛ استجابة للضغوط الإسرائيلية وتخلصاً بذات الوقت من إرث سلفه باراك أوباما.
بنظرة تاريخية، فإن الهجوم الإسرائيلي نوع من العودة إلى الخيار شمشون، احتكار السلاح النووي ومنع أي دولة بالقوة المسلحة من امتلاكه؛ حتى تنفرد بقيادة المنطقة وإعادة هندسة الشرق الأوسط من جديد. وبنظرة إستراتيجية لم يكن ممكناً لإسرائيل أن تقدم على هذه الخطوة الخطرة ما لم يكن هناك ضوء أخضر أميركي، يوفر المعلومات الاستخباراتية والأسلحة والذخائر اللازمة لاختراق التحصينات حتى يمكن الوصول إلى هدفها الرئيس في تقويض المشروع النووي الإيراني. الأهم حماية الأجواء الإسرائيلية من أي رد فعل إيراني متوقع بالمسيّرات، أو بالصواريخ الباليستية. أي كلام ينفي الدور الأميركي محض دعايات.
ساهم ترامب في خداع الإيرانيين حتى تكون المفاجأة كاملة. في اليوم السابق مباشرة قال في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض: «لا أقول إن هجوماً إسرائيلياً وشيكاً، لكنه قوى ومحتمل». لم ينفِ ولم يؤكد. أريد بشدة تجنب الحرب مع إيران، لكن عليها أن تبدي مرونة في المفاوضات.
بدا أنه منفتح على المفاوضات، مؤكداً أننا قريبون من اتفاق جيد، فيما كان يعرف يقيناً أن هجوماً إسرائيلياً سوف يشن بعد ساعات. أخذ يلوّح بالفوائد المتوقعة من بناء علاقات تجارية مع طهران إذا ما أبدت استعداداً لتقبل شروطه في منع التخصيب النووي. بدا ذلك تلويحاً بـ»العصا والجزرة» قبل استئناف المفاوضات.
بالتوقيت نفسه، اتهم مجلس محافظي الهيئة الدولية للطاقة الذرية إيران بعدم الامتثال لمقتضى التزاماتها طبقاً لاتفاقية (2015)، التي تحللت منها كل الأطراف! وطلبت الإدارة الأميركية من مواطنيها وبعض دبلوماسييها في العراق المغادرة. بدا ذلك كله تمهيداً للعمل العسكري. رغم الاحتقانات المعلنة بين ترامب وبنيامين نتنياهو، إلا أن كليهما في حاجة ماسة إلى الآخر.
الأول، يطلب تجديد الثقة فيه من اللوبيات اليهودية وترميم صورته كـ»رجل قوي» أمام تزايد الاحتجاجات على سياساته في المجتمع الأميركي. إخفاقاته في ملفات عديدة تدخل في صميم اهتمامات المواطن الأميركي تكاد تقوض شعبيته وصورته، خاصة في ملفَي الرسوم الجمركية والصدامات في شوارع لوس أنجلوس ومدن أخرى من جراء سياساته الخشنة ضد المهاجرين.
والثاني، يطلب تجنب إطاحة حكومته على خلفية استمرار الحرب على غزة دون أفق سياسي بعمل عسكري ضد إيران يحظى تقليدياً بدعم الفرقاء الإسرائيليين أو أن تكون هذه الحرب بالذات صورة النصر التي يبحث عنها دون جدوى في غزة.
بعد الهجوم الإسرائيلي، نفى ترامب أي ضلوع فيه، لكنه لم يتردد في التأكيد على موقفه الأصلي.. منع إيران من الحصول على السلاح النووي.
صبيحة الهجوم، قال حرفياً: «لن نسمح لإيران بامتلاك قنبلة نووية، ونأمل أن تعود إلى المفاوضات في موعدها المقرر!»، ما معنى ذلك التصريح في سياقه وتوقيته؟ إنه طلب التوقيع على اتفاقية استسلام.
يكاد يكون شبه مستحيل أن تلبي طهران طلبه، المعنى بالضبط سقوط شرعية النظام وتفجير الوضع الداخلي. لا يملك الإيرانيون غير الرد بأقصى ما تطيقه قوّتهم، إنها مسألة وجود وهيبة وبقاء نظام. ما مدى الهجوم الإسرائيلي؟ وما حجم الرد الإيراني؟ هذان سؤالان جوهريان في الصراع على المنطقة ومستقبلها. إذا تقوّضت إيران، تبدأ على الفور الحقبة الإسرائيلية الخاسر الأكبر فيها العالم العربي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة أنباء شفا
منذ 3 ساعات
- شبكة أنباء شفا
الصين في الشرق الأوسط ، اللاعب الهادئ في زمن الانفجار ، بقلم : المهندس غسان جابر
الصين في الشرق الأوسط ، اللاعب الهادئ في زمن الانفجار ، بقلم : المهندس غسان جابر بينما تتطاير الصواريخ فوق أجواء أصفهان وتل أبيب، وتُعيد الولايات المتحدة رسم خطوط النار في سماء الشرق الأوسط، تبقى الصين حاضرة في المشهد… ولكن بصمت. لا قواعد عسكرية، لا حاملات طائرات، ولا تهديدات نارية، بل استثمارات، مذكرات تفاهم، ومبادرات دبلوماسية تَغزل نفوذًا هادئًا في منطقة تمزقها المواجهات. من الظل إلى التأثير: بكين تدخل على الخط الحرب الأميركية-الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، رغم خطورتها، لم تُقابل من الصين سوى بتصريحات مقتضبة تدعو إلى 'ضبط النفس' و'تجنب التصعيد'. هذا الحذر ليس ضعفًا، بل جزء من الاستراتيجية الصينية بعيدة المدى: النفوذ بلا صدام، والتمدد بلا ضجيج. فبينما تنشغل واشنطن في استعراض عضلاتها العسكرية، تُراكم الصين أوراقها عبر: الاستثمار طويل الأمد، مثل اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع إيران بقيمة 400 مليار دولار. الشبكات التجارية واللوجستية ضمن مشروع 'الحزام والطريق'. دبلوماسية التهدئة، كما حدث في رعايتها التاريخية للتقارب السعودي-الإيراني في 2023. إيران: شريك مضطرب لكنه مهم إيران بالنسبة لبكين ليست فقط مزودًا موثوقًا بالنفط، بل عقدة لوجستية في طريق الحرير الجديد. ولهذا، ترى الصين أن إضعاف إيران عبر الضربات الأميركية لا يُهدد أمن المنطقة فقط، بل يُهدد مصالحها المباشرة في الطاقة والتجارة. ومع ذلك، تُدير الصين علاقتها مع طهران بحذر. فهي لا تنوي الدخول في صدام مباشر مع واشنطن، ولا تريد أن تُحسب كـ'حليف استراتيجي مطلق' لإيران. بل تلعب دور المستفيد الحذر والموازن الصامت. الفراغ الأميركي… وموطئ قدم صيني الانسحابات الأميركية التدريجية من بعض بؤر التوتر في المنطقة، إلى جانب التوترات بين واشنطن وحلفائها التقليديين (مثل السعودية وتركيا)، فتحت للصين نوافذ استراتيجية لمد نفوذها، دون أن تطلق رصاصة واحدة. في الخليج، تحولت الصين إلى الشريك التجاري الأول لكثير من الدول. في أفريقيا والقرن الأفريقي، بنت موانئ ومناطق لوجستية تُعزز من حضورها في مدخل البحر الأحمر. في إسرائيل نفسها، رغم الحذر الأميركي، توجد استثمارات صينية ضخمة في البنية التحتية، خاصة في الموانئ وتكنولوجيا المياه. هل تتحول الصين إلى 'حَكَم' إقليمي؟ في حال استمرار التصعيد وغياب مبادرات السلام الجادة، قد تجد الصين نفسها – رغم تحفظها التقليدي – أمام فرصة تاريخية للعب دور دبلوماسي أكبر. فهي الدولة الوحيدة التي لا تُتهم بالتحيّز الديني أو الاستعماري، وتتمتع بعلاقات مع جميع الأطراف: إيران، إسرائيل، الخليج، تركيا، وروسيا. ومع تفاقم الكلفة الاقتصادية للحرب، قد تطلب بعض الأطراف 'وسيطًا غير غربي'، وهنا تُصبح بكين مرشحًا طبيعيًا للعب دور المفاوض، أو على الأقل 'الضامن الهادئ' لاتفاقات التهدئة المستقبلية. القوة التي تنتظر في وقتٍ يُعيد فيه الشرق الأوسط إنتاج أزماته بلغة المدافع والطائرات، تُراكم الصين مكانتها بإيقاع مختلف. لا حاجة لديها لصراع وجودي أو تحالفات أيديولوجية، بل تكفيها الحسابات الدقيقة والموارد الوفيرة، والسياسة الهادئة. الصين ليست خصمًا، لكنها أيضًا ليست محايدة. تريد استقرارًا يخدم مصالحها، ونفوذًا لا يهددها أحدٌ فيه. وفي لعبة الأمم هذه، قد يكون اللاعب الصامت هو من يربح في النهاية. – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.


فلسطين أون لاين
منذ 3 ساعات
- فلسطين أون لاين
'كالكاليست' العبرية: الكنيست يناقش زيادة ميزانية وزارة الجيش
أفادت صحيفة 'كالكاليست' العبرية، بأن لجنة المالية بالكنيست الإسرائيلي ستناقش الاثنين المقبل، زيادة ميزانية وزارة الجيش بنحو 3.642 مليارات شيكل للعام الجاري. وقالت الصحيفة، إن الزيادة المرجحة ترفع ميزانية الوزارة الإسرائيلية من 110 إلى 113 مليار شيكل، للعام 2025. وأشارت إلى أن تلك الزيادة بمثابة 'البداية' في مسار سبل مواجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية مع إيران، والتي أطلق عليها اسم 'الأسد الصاعد'. وفي السياق، ادعت الصحيفة أن هذه الزيادة من شأنها 'رفع ميزانية مؤسسة التأمين بملياري شيكل لتعويض النازحين، ورفع ميزانية وزارة السياحة بـ900 مليون شيكل لتمويل إقامة النازحين بالفنادق'. وتوقعت الصحيفة، على موقعها الإلكتروني، حدوث زيادات أخرى في ميزانية وزارة الدفاع، على خلفية المواجهة الجارية مع إيران. ولم يصدر تأكيد رسمي من حكومة الاحتلال الإسرائيلية بشأن ما تداولته الصحيفة العبرية. وفي مارس/ آذار الماضي، أقر الكنيست الإسرائيلي موازنة البلاد العامة للعام 2025، والتي وصفت آنذاك بأنها 'الأكبر في تاريخ إسرائيل'، تضمنت ميزانية لوزارة الدفاع بقيمة 109.8 مليار شيكل (نحو 30 مليار دولار). وتعد ميزانية وزارة الجيش لعام 2025 'الأعلى' بين كافة الوزارات الإسرائيلية، حيث زادت تكاليف حرب الإبادة خاصة على قطاع غزة، من الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي.، حسبما نقلت هيئة البث العبرية في مارس الماضي.


قدس نت
منذ 4 ساعات
- قدس نت
إيران تتوعد برد "موجع" على الهجوم الأمريكي غير القانوني على منشآتها النووية
الأحد 22 يونيو 2025, 12:36 م أدان الحرس الثوري الإيراني بشدة هجوماً عسكرياً أمريكياً وصفه بـ"الجريمة الصارخة وغير المسبوقة" على منشآت نووية إيرانية سلمية، مؤكداً أن الهجوم تم بتنسيق كامل مع "النظام الصهيوني". واعتبر الحرس الثوري أن هذا العمل العسكري ينتهك ميثاق الأمم المتحدة، القانون الدولي، ومعاهدة منع الانتشار النووي، ويمثل تعدياً على السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الإيرانية. وأكد الحرس الثوري أن التكنولوجيا النووية الإيرانية "لا يمكن تدميرها" بأي هجوم، مشيراً إلى أن واشنطن وضعت نفسها في "الخط الأمامي للعدوان" من خلال استهداف المنشآت النووية السلمية. كما أشار إلى أن انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة يُعد نقطة ضعف وليس قوة، مما يجعلها عرضة للخطر. وأضاف أن إيران حددت مواقع إقلاع الطائرات المشاركة في الهجوم، ووضعتها تحت المراقبة. وأعلن الحرس الثوري استمرار "عملية الوعد الصادق 3" رداً على هذه الاعتداءات، متوعداً برد "موجع" سيجعل المعتدين "يندمون"، مع التركيز على استهداف البنية التحتية والمصالح الاستراتيجية للعدو. وأكد أن "صخب ترامب وعصابات البيت الأبيض وتل أبيب" لن يرهب إيران، مشدداً على أن واشنطن لن تستطيع الهروب من "عواقب الرد العنيف". من جانبه، حذر مسؤول إيراني كبير، وفقاً لوكالة "رويترز"، من أن أي استهداف للقائد الأعلى آية الله علي خامنئي سيؤدي إلى "رد بلا حدود" وإغلاق أي إمكانية للتفاوض أو الاتفاق. كما أدان وزير الخارجية الإيراني، من إسطنبول، الهجمات الأمريكية، معتبراً إياها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - طهران