
الحرب المقدسة
حاتم الطائي
◄ الشرق الأوسط يقف على شفا جرف هارٍ.. وإسرائيل تدفع نحو الدمار الشامل
◄ إيران تؤكد أن الإرادة الحُرة المدعومة بقوة عسكرية عادلة هي سبيل النصر
◄ أمريكا تريد من الحرب ترسيخ هيمنتها وتأكيد النظام العالمي أحادي القطب
لم تكن معركة البقاء والوجود بين قوى الإرادة الحُرة وقوى الاستعمار، أكثر صراحةً من اليوم؛ ففي ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي والبربري على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن قبل على غزة ولبنان وسوريا واليمن، تجلّى لكل ذي عقل أنَّ الكيان الإسرائيلي ليس سوى نقطة ارتكاز للاستعمار العالمي في عصر ما بعد الاستعمار؛ إذ يظن البعض أنَّ هذا الاستعمار- الذي هو استعلائي في الأساس ويقوم على قاعدة "السيد والخادم"، قد ولى وانتهى بإعلان "استقلال" الدول عن مسُتعمريها القُدامى، حتى بعد ما يُعرف بنظام "سايكس- بيكو" في الشرق الأوسط.
الحرب الدائرة رُحاها الآن بين إيران وإسرائيل، نتيجة حتمية لغطرسة القوة التي تُمارسها عصابات الكيان المحتل، والمآل المنطقي لفائض القوة لدى أكبر قوة عسكرية في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة أضخم ترسانة وأضخم صناعة أسلحة في العالم. فبعد ما يقترب من سنتين على اندلاع حرب الإبادة في غزة، والعمليات الإرهابية الإسرائيلية في كلٍ من إيران ولبنان وسوريا واليمن، تأتي حكومة التطرف والإرهاب بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو لتُشعل فتيل حرب إقليمية لا يعلم أحد مداها، من خلال شن عمليات اغتيال وتصفية جسدية لعدد من القادة العسكريين في إيران، مُنتهكةً سيادتها، وضاربة بالقانون الدولي والمواثيق الأممية عرض الحائط، هذه المواثيق التي تضمن لكل دولة حقها في ممارسة أعمال السيادة على أرضها، وتمنع أي دولة أو كيان من اختراق السيادة، سواءً في الجو أو البحر أو البر.
لكنَّ ما حدث فجر الجمعة 13 يونيو 2025، مثّل تحولًا خطيرًا ومنعطفًا حادًا للغاية في مسارات الحرب بالمنطقة، ووضع الإقليم بأسره على شفا جرفٍ هارٍ وهاوية سحيقة لن ينجو منها أحد، ولا حتى إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف والداعم الأكبر لهذا الكيان الإرهابي المُجرم. لكن في المقابل، برهنت إيران على مدى قوتها العسكرية والتكتيكية؛ حيث نجحت في تكبيد إسرائيل خسائر فادحة، اعترف بها زعيم المافيا الصهيونية، نتنياهو، وأقر بأنَّ كيانه الإرهابي "يُعاني من خسائر هائلة". وهذا الاعتراف على حقيقته، فإنه يكشف مدى الاستغلال الإسرائيلي له، من خلال ابتزاز الولايات المتحدة والغرب من أجل التدخل ومساعدة إسرائيل في عدوانها؛ إذ لم تعد تل أبيب تقوى على مواجهة العملاق الإيراني، الذي دك حصونها دكًا لا سابق له، فلأول مرة منذ غرس هذا السرطان الاستيطاني في قلب الأمة العربية، تتعرض مُدنه للتدمير المُباشر، عبر الصواريخ الإيرانية الدقيقة، والتي أصابت قواعد عسكرية ومقرات استخباراتية ومخازن عسكرية، ومنشآت استراتيجية، وموانئ، ومحطات تكرير النفط، فضلًا عن مقرات تلفزيونية، كانت تمارس التضليل الإعلامي والتحريض على قتل الشعب الفلسطيني. لقد نجحت إيران في إذلال الكيان الإسرائيلي، لنجد المُستوطِن الإسرائيلي اليوم يصرخ من هول الضربات الإيرانية، ويهرول إلى الملاجئ، خوفًا من الاستهداف المباشر.
لقد أثبتت إيران بقوتها الصاروخية الضاربة، أن منظومة الدفاع الجوي الصهيونية، وما يُسمى بـ"القبة الحديدية" أو "مقلاع داوود" وغيرها، ليست سوى نمر من ورق، وأن الضرب التكتيكي المُنظَّم والمُخطَّط له بعناية فائقة، قادر على إضعاف هذه المنظومة؛ بل وإحالتها للتقاعد نهائيًا، وهو ما دفع الحرس الثوري الإيراني للإعلان عن أنَّ السماوات الإسرائيلية باتت مفتوحة تمامًا أمامه. ولقد نجحت إيران في تضليل إسرائيل، من خلال شن هجمات صاروخية كثيفة في بداية الحرب، بهدف إضعاف قوة الدفاع الجوي الإسرائيلي، مُستخدمة في ذلك مخزنها القديم من الصواريخ، لتشُن إيران بعدها هجمات صاروخية نوعية، عبر صواريخ استراتيجية فرط صوتية، وأخرى حاملة لعشرات الصواريخ الفرعية، ما أسهم في إحداث دمار هائل في المواقع التي جرى قصفها.
لن أخوضُ كثيرًا في العمليات العسكرية التي تجري على الأرض، لكن يهُمني أن أُسلط الضوء على جُملة من النقاط، يُمكن قراءتها وفهمها في سياق الحرب الدائرة الآن:
أولًا:
إسرائيل كيان وظيفي يسعى لتدمير المنطقة العربية وتحويل الشرق الأوسط إلى مساحة استعمارية تخضع لسطوته وهيمنته العسكرية والاستخباراتية، بدأت باستنزاف المنطقة في حروب عبثية بين أنظمة عربية، ثم خلافات سياسية عربية عربية أو خليجية خليجية. وفي هذه الأثناء، ينشط هذا الكيان بأجهزة استخباراته وعملائه على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني، لكي ينسف أي شكل من أشكال التعاون والتكامل والوحدة بين الشعوب والدول العربية.
ثانيًا:
مارس هذا الكيان ضغوطه الهائلة من أجل إجبار بعض الأنظمة على توقيع اتفاقيات تطبيعية، تضمن له ولعملائه دخول الدول العربية بكل أريحية، تحت مزاعم الاستثمار والسياحة والعلاقات الثنائية، بما ساعد على بناء منظومة تخابر وشبكات تجسس واسعة في الإقليم، تحت مُسميات وأشكال متعددة.
ثالثًا:
مع استغلال غياب الإرادة العربية الرافضة والمناهضة لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، شنت إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة، وتعمل باستماتة من أجل تنفيذ مُخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية وكذلك القدس الشريف؛ بهدف تفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها، ومن ثم وأد القضية الفلسطينية وتصفيتها بالكامل، بما لا يسمح بأي مُتسع للحديث عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، في ظل غياب أهم عامل من عوامل بناء الدول، وهو الشعب!
رابعًا:
التخلص من أكبر قوة عسكرية مُهددة لأمن هذا الكيان، وذلك من خلال استهداف إيران، وقصفها، من الداخل والخارج، عبر شبكة عملائها، وبطيرانها العدواني، زاعمةً أنها تريد منع إيران من صناعة قنبلة نووية، وهو ادعاء زائف ويتنافى مع كل التقارير الدولية التي أكدت أن إيران لا تسعى لامتلاك قنبلة نووية، وأن تخصيب اليورانيوم هو حق أصيل وسيادي لها كدولة، من أجل استخدامه في الجوانب المدنية وتوليد الطاقة.
خامسًا:
تريد إيران من هذا العدوان أن تتسيد الشرق الأوسط، وتُرسل رسائل تهديد ووعيد لكل الأطراف في المنطقة، تحت زعم أنها القوة العسكرية الأشد بطشًا والأقوى، وهو زعم يُجافي الحقيقة، والدليل ما نشهده منذ "طوفان الأقصى"؛ حيث تتلقى الضربات من المقاومة الفلسطينية رغم حرب الإبادة الهمجية، وتكرر المشهد ذاته بصورة أشد وطأة من خلال الرد الإيراني القانوني والشرعي على العدوان الإسرائيلي.
سادسًا:
الولايات المتحدة تسعى نحو الدمار الشامل، من خلال خطط الرئيس دونالد ترامب لتنفيذ ضربات شديدة على مفاعل "فودور" النووي الإيراني، عبر القاذفات العملاقة "بي 2" القادرة على حمل قنابل "جي بي يو 57" وهي أشد قنبلة على وجه الأرض، ومخصصة لنسف المواقع شديدة التحصين. هذه القاذفات المُحملة بهذه القنابل وصلت بالفعل إلى مواقع قريبة من منطقتنا، وتحديدًا في قاعدة "دييجو جارسيا" في المحيط الهندي، ومن المؤكد أنها تستعد لضرب إيران.. عندئذ لا يُمكن لأحد توقع المآلات المأساوية التي ستقع في إقليمنا الملتهب.
سابعًا:
هذه المساعي التدميرية للولايات المتحدة، تستهدف دعم هيمنتها العالمية، وترسيخ نظام عالمي أحادي القُطب، تتزعمه واشنطن، لمواجهة الصين وروسيا، اللتين تسعيان في المقابل لإرساء قواعد نظام عالمي مُتعدد الأقطاب، لذلك يجب على دول الخليج والدول العربية عامةً، إدراك أن أي عملية عسكرية أمريكية في إيران ستضعنا جميعًا على حافة الهاوية، بانتظار اللحظة التي سيسقط فيها الجميع، لا اللحظة التي سنعود فيها إلى خط الرجعة!
لذلك نقول.. يبدو أن دول الشرق لم تستوعب الدرس بعد، ولم تُدرك أنَّ الخطر الحقيقي الوجودي عليهم وعلى شعوب المنطقة، هو إسرائيل، بمشروعها الإمبريالي الدموي، القائم على القتل والتصفية الجسدية، والعنصرية والإذلال. هذا الخطر يستدعي على الفور من الدول العربية والدول الكبرى في الشرق الأوسط، أن تستيقظ وتنتبه لما يُحاك لها من مؤامرات وخدع لهدم هذه الدول من داخلها، عبر أسلحة دمار شامل من نوع آخر، أسلحة إدمان المخدرات، وأسلحة تجارة الابتذال والخسة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأسلحة التضليل الفكري وهدم الرموز والإساءة للأديان، ونشر ثقافة الصراخ لا التفكير، وترسيخ الجهل، ومُحاربة العلم، والحرمان من التكنولوجيات المتطورة، وتكبيل أيدي العلماء واغتيالهم، وإشاعة الفوضى تحت شعار "الحريات" و"الديمقراطية"، وهي معانٍ سامية يُراد منها التدمير لا البناء.
الدول العربية اليوم أمام مسؤولية تاريخية ومفصلية، تتمثل في ضرورة الاتحاد لمواجهة هذا الخطر الصهيوني الداهم، والوقوف بجانب الطرف المُعتدى عليه، والتصدي لكل عدوان غربي عبر هذا الكيان الوظيفي المُجرم، لا سيما وأنَّ الحرب الحالية تُنذر بسقوط كل الدول في هوة سحيقة لا قرار لها؛ حيث يستهدف الصهاينة المفاعلات النووية الإيرانية، ما يُنذر بخطر التسرب الإشعاعي القاتل والمُدمِّر للبيئة والبشر لسنوات طويلة.
ويبقى القول.. إنَّ المخططات الصهيونية التي نراها الآن علانية بكل جلاء، لا تُريد سوى الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، وإخضاع جميع الدول لسيطرة إسرائيل، تمهيدًا لإقامة ما يُسمى بـ"إسرائيل الكبرى" من خلال اقتطاع أجزاء ضخمة من دول المنطقة، لا سيما الدول المركزية الوازنة، وإبادة وسحق كل من يُعارضهم أو يسعى للاستقلال التام، والسبيل الوحيد للخلاص من هذا الأخطبوط المتوحش، هو الاتحاد ومُواجهته بجميع الأدوات، وممارسة الضغوط الشديدة على الولايات المتحدة التي هي الداعم الأكبر والشريك الأول في كل جرائم إسرائيل تجاه الشعوب العربية وشعوب المنطقة قاطبةً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 5 ساعات
- جريدة الرؤية
الحرب المقدسة
حاتم الطائي ◄ الشرق الأوسط يقف على شفا جرف هارٍ.. وإسرائيل تدفع نحو الدمار الشامل ◄ إيران تؤكد أن الإرادة الحُرة المدعومة بقوة عسكرية عادلة هي سبيل النصر ◄ أمريكا تريد من الحرب ترسيخ هيمنتها وتأكيد النظام العالمي أحادي القطب لم تكن معركة البقاء والوجود بين قوى الإرادة الحُرة وقوى الاستعمار، أكثر صراحةً من اليوم؛ ففي ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي والبربري على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن قبل على غزة ولبنان وسوريا واليمن، تجلّى لكل ذي عقل أنَّ الكيان الإسرائيلي ليس سوى نقطة ارتكاز للاستعمار العالمي في عصر ما بعد الاستعمار؛ إذ يظن البعض أنَّ هذا الاستعمار- الذي هو استعلائي في الأساس ويقوم على قاعدة "السيد والخادم"، قد ولى وانتهى بإعلان "استقلال" الدول عن مسُتعمريها القُدامى، حتى بعد ما يُعرف بنظام "سايكس- بيكو" في الشرق الأوسط. الحرب الدائرة رُحاها الآن بين إيران وإسرائيل، نتيجة حتمية لغطرسة القوة التي تُمارسها عصابات الكيان المحتل، والمآل المنطقي لفائض القوة لدى أكبر قوة عسكرية في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة أضخم ترسانة وأضخم صناعة أسلحة في العالم. فبعد ما يقترب من سنتين على اندلاع حرب الإبادة في غزة، والعمليات الإرهابية الإسرائيلية في كلٍ من إيران ولبنان وسوريا واليمن، تأتي حكومة التطرف والإرهاب بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو لتُشعل فتيل حرب إقليمية لا يعلم أحد مداها، من خلال شن عمليات اغتيال وتصفية جسدية لعدد من القادة العسكريين في إيران، مُنتهكةً سيادتها، وضاربة بالقانون الدولي والمواثيق الأممية عرض الحائط، هذه المواثيق التي تضمن لكل دولة حقها في ممارسة أعمال السيادة على أرضها، وتمنع أي دولة أو كيان من اختراق السيادة، سواءً في الجو أو البحر أو البر. لكنَّ ما حدث فجر الجمعة 13 يونيو 2025، مثّل تحولًا خطيرًا ومنعطفًا حادًا للغاية في مسارات الحرب بالمنطقة، ووضع الإقليم بأسره على شفا جرفٍ هارٍ وهاوية سحيقة لن ينجو منها أحد، ولا حتى إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف والداعم الأكبر لهذا الكيان الإرهابي المُجرم. لكن في المقابل، برهنت إيران على مدى قوتها العسكرية والتكتيكية؛ حيث نجحت في تكبيد إسرائيل خسائر فادحة، اعترف بها زعيم المافيا الصهيونية، نتنياهو، وأقر بأنَّ كيانه الإرهابي "يُعاني من خسائر هائلة". وهذا الاعتراف على حقيقته، فإنه يكشف مدى الاستغلال الإسرائيلي له، من خلال ابتزاز الولايات المتحدة والغرب من أجل التدخل ومساعدة إسرائيل في عدوانها؛ إذ لم تعد تل أبيب تقوى على مواجهة العملاق الإيراني، الذي دك حصونها دكًا لا سابق له، فلأول مرة منذ غرس هذا السرطان الاستيطاني في قلب الأمة العربية، تتعرض مُدنه للتدمير المُباشر، عبر الصواريخ الإيرانية الدقيقة، والتي أصابت قواعد عسكرية ومقرات استخباراتية ومخازن عسكرية، ومنشآت استراتيجية، وموانئ، ومحطات تكرير النفط، فضلًا عن مقرات تلفزيونية، كانت تمارس التضليل الإعلامي والتحريض على قتل الشعب الفلسطيني. لقد نجحت إيران في إذلال الكيان الإسرائيلي، لنجد المُستوطِن الإسرائيلي اليوم يصرخ من هول الضربات الإيرانية، ويهرول إلى الملاجئ، خوفًا من الاستهداف المباشر. لقد أثبتت إيران بقوتها الصاروخية الضاربة، أن منظومة الدفاع الجوي الصهيونية، وما يُسمى بـ"القبة الحديدية" أو "مقلاع داوود" وغيرها، ليست سوى نمر من ورق، وأن الضرب التكتيكي المُنظَّم والمُخطَّط له بعناية فائقة، قادر على إضعاف هذه المنظومة؛ بل وإحالتها للتقاعد نهائيًا، وهو ما دفع الحرس الثوري الإيراني للإعلان عن أنَّ السماوات الإسرائيلية باتت مفتوحة تمامًا أمامه. ولقد نجحت إيران في تضليل إسرائيل، من خلال شن هجمات صاروخية كثيفة في بداية الحرب، بهدف إضعاف قوة الدفاع الجوي الإسرائيلي، مُستخدمة في ذلك مخزنها القديم من الصواريخ، لتشُن إيران بعدها هجمات صاروخية نوعية، عبر صواريخ استراتيجية فرط صوتية، وأخرى حاملة لعشرات الصواريخ الفرعية، ما أسهم في إحداث دمار هائل في المواقع التي جرى قصفها. لن أخوضُ كثيرًا في العمليات العسكرية التي تجري على الأرض، لكن يهُمني أن أُسلط الضوء على جُملة من النقاط، يُمكن قراءتها وفهمها في سياق الحرب الدائرة الآن: أولًا: إسرائيل كيان وظيفي يسعى لتدمير المنطقة العربية وتحويل الشرق الأوسط إلى مساحة استعمارية تخضع لسطوته وهيمنته العسكرية والاستخباراتية، بدأت باستنزاف المنطقة في حروب عبثية بين أنظمة عربية، ثم خلافات سياسية عربية عربية أو خليجية خليجية. وفي هذه الأثناء، ينشط هذا الكيان بأجهزة استخباراته وعملائه على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني، لكي ينسف أي شكل من أشكال التعاون والتكامل والوحدة بين الشعوب والدول العربية. ثانيًا: مارس هذا الكيان ضغوطه الهائلة من أجل إجبار بعض الأنظمة على توقيع اتفاقيات تطبيعية، تضمن له ولعملائه دخول الدول العربية بكل أريحية، تحت مزاعم الاستثمار والسياحة والعلاقات الثنائية، بما ساعد على بناء منظومة تخابر وشبكات تجسس واسعة في الإقليم، تحت مُسميات وأشكال متعددة. ثالثًا: مع استغلال غياب الإرادة العربية الرافضة والمناهضة لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، شنت إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة، وتعمل باستماتة من أجل تنفيذ مُخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية وكذلك القدس الشريف؛ بهدف تفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها، ومن ثم وأد القضية الفلسطينية وتصفيتها بالكامل، بما لا يسمح بأي مُتسع للحديث عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، في ظل غياب أهم عامل من عوامل بناء الدول، وهو الشعب! رابعًا: التخلص من أكبر قوة عسكرية مُهددة لأمن هذا الكيان، وذلك من خلال استهداف إيران، وقصفها، من الداخل والخارج، عبر شبكة عملائها، وبطيرانها العدواني، زاعمةً أنها تريد منع إيران من صناعة قنبلة نووية، وهو ادعاء زائف ويتنافى مع كل التقارير الدولية التي أكدت أن إيران لا تسعى لامتلاك قنبلة نووية، وأن تخصيب اليورانيوم هو حق أصيل وسيادي لها كدولة، من أجل استخدامه في الجوانب المدنية وتوليد الطاقة. خامسًا: تريد إيران من هذا العدوان أن تتسيد الشرق الأوسط، وتُرسل رسائل تهديد ووعيد لكل الأطراف في المنطقة، تحت زعم أنها القوة العسكرية الأشد بطشًا والأقوى، وهو زعم يُجافي الحقيقة، والدليل ما نشهده منذ "طوفان الأقصى"؛ حيث تتلقى الضربات من المقاومة الفلسطينية رغم حرب الإبادة الهمجية، وتكرر المشهد ذاته بصورة أشد وطأة من خلال الرد الإيراني القانوني والشرعي على العدوان الإسرائيلي. سادسًا: الولايات المتحدة تسعى نحو الدمار الشامل، من خلال خطط الرئيس دونالد ترامب لتنفيذ ضربات شديدة على مفاعل "فودور" النووي الإيراني، عبر القاذفات العملاقة "بي 2" القادرة على حمل قنابل "جي بي يو 57" وهي أشد قنبلة على وجه الأرض، ومخصصة لنسف المواقع شديدة التحصين. هذه القاذفات المُحملة بهذه القنابل وصلت بالفعل إلى مواقع قريبة من منطقتنا، وتحديدًا في قاعدة "دييجو جارسيا" في المحيط الهندي، ومن المؤكد أنها تستعد لضرب إيران.. عندئذ لا يُمكن لأحد توقع المآلات المأساوية التي ستقع في إقليمنا الملتهب. سابعًا: هذه المساعي التدميرية للولايات المتحدة، تستهدف دعم هيمنتها العالمية، وترسيخ نظام عالمي أحادي القُطب، تتزعمه واشنطن، لمواجهة الصين وروسيا، اللتين تسعيان في المقابل لإرساء قواعد نظام عالمي مُتعدد الأقطاب، لذلك يجب على دول الخليج والدول العربية عامةً، إدراك أن أي عملية عسكرية أمريكية في إيران ستضعنا جميعًا على حافة الهاوية، بانتظار اللحظة التي سيسقط فيها الجميع، لا اللحظة التي سنعود فيها إلى خط الرجعة! لذلك نقول.. يبدو أن دول الشرق لم تستوعب الدرس بعد، ولم تُدرك أنَّ الخطر الحقيقي الوجودي عليهم وعلى شعوب المنطقة، هو إسرائيل، بمشروعها الإمبريالي الدموي، القائم على القتل والتصفية الجسدية، والعنصرية والإذلال. هذا الخطر يستدعي على الفور من الدول العربية والدول الكبرى في الشرق الأوسط، أن تستيقظ وتنتبه لما يُحاك لها من مؤامرات وخدع لهدم هذه الدول من داخلها، عبر أسلحة دمار شامل من نوع آخر، أسلحة إدمان المخدرات، وأسلحة تجارة الابتذال والخسة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأسلحة التضليل الفكري وهدم الرموز والإساءة للأديان، ونشر ثقافة الصراخ لا التفكير، وترسيخ الجهل، ومُحاربة العلم، والحرمان من التكنولوجيات المتطورة، وتكبيل أيدي العلماء واغتيالهم، وإشاعة الفوضى تحت شعار "الحريات" و"الديمقراطية"، وهي معانٍ سامية يُراد منها التدمير لا البناء. الدول العربية اليوم أمام مسؤولية تاريخية ومفصلية، تتمثل في ضرورة الاتحاد لمواجهة هذا الخطر الصهيوني الداهم، والوقوف بجانب الطرف المُعتدى عليه، والتصدي لكل عدوان غربي عبر هذا الكيان الوظيفي المُجرم، لا سيما وأنَّ الحرب الحالية تُنذر بسقوط كل الدول في هوة سحيقة لا قرار لها؛ حيث يستهدف الصهاينة المفاعلات النووية الإيرانية، ما يُنذر بخطر التسرب الإشعاعي القاتل والمُدمِّر للبيئة والبشر لسنوات طويلة. ويبقى القول.. إنَّ المخططات الصهيونية التي نراها الآن علانية بكل جلاء، لا تُريد سوى الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، وإخضاع جميع الدول لسيطرة إسرائيل، تمهيدًا لإقامة ما يُسمى بـ"إسرائيل الكبرى" من خلال اقتطاع أجزاء ضخمة من دول المنطقة، لا سيما الدول المركزية الوازنة، وإبادة وسحق كل من يُعارضهم أو يسعى للاستقلال التام، والسبيل الوحيد للخلاص من هذا الأخطبوط المتوحش، هو الاتحاد ومُواجهته بجميع الأدوات، وممارسة الضغوط الشديدة على الولايات المتحدة التي هي الداعم الأكبر والشريك الأول في كل جرائم إسرائيل تجاه الشعوب العربية وشعوب المنطقة قاطبةً.


الشبيبة
منذ 10 ساعات
- الشبيبة
أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران
أنقرة - الشبيبة أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تفاؤله بأن النصر سيكون من نصيب إيران في المواجهة العسكرية المستمرة في التصاعد والتي بدأتها إسرائيل. وجاء في تصريحات الرئيس التركي في "الاجتماع الـ51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي". وأضاف: "لم تكتف إسرائيل بغزة، بل قصفت لبنان وسوريا واليمن، والآن تتعرض جارتنا إيران لهجمات الدولة العدوانية الإرهابية إسرائيل، وأقول بوضوح إن حكومة نتنياهو هي أكبر عائق أمام السلام". وندّد أردوغان بشدة بالاعتداءات الإسرائيلية على إيران، واصفا الهجمات التي نفذتها إسرائيل على كل الدول بالمنطقة بأعمال البلطجة، موضحا أن "تدابير إيران في مواجهة هجمات إسرائيل طبيعية وقانونية ومشروعة". وتابع الرئيس التركي: "نحن متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران، والمنشآت النووية في إسرائيل لا تخضع للرقابة، كما أن توقيت هجمات إسرائيل على إيران في ظل المحادثات بخصوص البرنامج النووي، مقصودة وتهدف إلى تخريب المسار السياسي والدبلوماسي". وأردف: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته يهدفون لجرّ منطقتنا إلى الكارثة، ونعرف تماماً أهداف نتنياهو وحكومته، ولا يمكن لإسرائيل أن تحقق أمنها من خلال تهديد أمن جيرانها". وتوقع الرئيس التركي أن "تجري الرياح عكس ما تشتهيه حكومة نتنياهو"، مشددا على أن تركيا لن تسمح برسم نظام جديد في المنطقة على غرار "سايكس بيكو". ووجه أردوغان نداءاً إلى الدول التي تؤثر على إسرائيل، قائلا: "لا يجب على أحد أن ينخدع بكلام نتنياهو، فمنطقتنا لا تحتاج للصراعات والكوارث، ويجب عدم الوقوع بفخّ معالجة الخطأ بخطأ أكبر ، والحل دائماً هو عبر الدبلوماسية والحوار، ومستعدون لدور الوساطة". وعاد أردوغان إلى التاريخ ليقول: "قبل 90 عاماً، قام هتلر بإشعال الحرب العالمية الثانية، واليوم نتنياهو مستمر على الطريق نفسه، إن إسرائيل تعمل على توسيع دائرة الحرب لتشمل كل الجغرافيا المحيطة بها وهناك مؤامرة ونظام جديد يتزامنان مع الذكرى المئوية سايكس بيكو ونحن لن نسمح بذلك، إن كل ما يحدث يدل على أن نتنياهو وعصابته المجرمة لا يريدان حل أي مشكلة عبر الطرق الدبلوماسية، وعلينا التعاون والتضامن لتعرية إسرائيل أمام دول العالم". وعن القضية الفلسطينية وما يجري من أحداث في قطاع غزة، قال أردوغان: "نجتمع اليوم لتقديم الدعم الكامل لإخواننا في فلسطين. إن التصدي للأزمات التي نواجهها يقتضي وحدة العالم الإسلامي، وعلى مدى العامين الماضيين هناك تصاعد في سياسات الاحتلال والتدمير والمجازر من طرف إسرائيل". واعتبر أردوغان أن إسرائيل "بدعم غير مشروط من الدول الغربية تواصل إسرائيل اعتداءاتها، وحل الدولتين بات حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى، ونأمل أن تعترف المزيد من الدول بدولة فلسطين، إذ أن السكوت عن سياسات إسرائيل العدوانية في فلسطين أدى إلى توسيع عدوانها في المنطقة".


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
وول ستريت جورنال: كلفة صاروخ إيراني واحد ترهق ميزانية الدفاع الإسرائيلية
وكالات - الرؤية تواجه إسرائيل تكلفة مالية باهظة نتيجة المواجهة العسكرية الحالية مع إيران، حيث تقدر الكلفة اليومية للحرب بمئات الملايين من الدولارات، وفق تقديرات أولية . ويؤكد مراقبون وخبراء لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن هذه الأعباء الاقتصادية قد تُقيد قدرة تل أبيب على خوض حرب طويلة الأمد . وبحسب خبراء، فإن أكبر بند من النفقات يتمثل في اعتراض الصواريخ الإيرانية، إذ قد تتراوح تكلفة استخدام منظومات الاعتراض وحدها بين عشرات الملايين إلى 200 مليون دولار يوميا، بالإضافة إلى تكاليف الذخيرة والطائرات الحربية، فضلا عن الدمار الواسع الذي طال المباني في مدن مثل تل أبيب. وتشير بعض التقديرات إلى أن إعادة الإعمار قد تكلف إسرائيل ما لا يقل عن 400 مليون دولار حتى الآن . ويزيد هذا العبء الاقتصادي من الضغط على صانعي القرار في تل أبيب لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، رغم تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العمليات العسكرية لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها، وعلى رأسها تفكيك البرنامج النووي الإيراني وتدمير ترسانته الصاروخية . أنظمة الاعتراض.. تكلفة خيالية لكل صاروخ أطلقت إيران، خلال الأيام الماضية، أكثر من 400 صاروخ باتجاه إسرائيل، بحسب بيانات الحكومة الإسرائيلية. واعتراض هذه الصواريخ يتطلب تشغيل أنظمة دفاع جوي عالية التقنية . ويقول يهوشوع كاليسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن تكلفة تشغيل منظومة "مقلاع داوود" والتي تستخدم لاعتراض الصواريخ قصيرة إلى متوسطة المدى والطائرات المسيرة، تبلغ نحو 700 ألف دولار لكل عملية اعتراض باستخدام صاروخين، وهو الحد الأدنى المعتاد . أما منظومة "آرو 3"، المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى خارج الغلاف الجوي، فتبلغ كلفتها نحو 4 ملايين دولار لكل اعتراض، بينما تبلغ كلفة النسخة الأقدم "آرو 2" حوالي 3 ملايين دولار لكل صاروخ . إضافة إلى ذلك، تتحمل إسرائيل نفقات ضخمة لتشغيل طائراتها الحربية، خاصة مقاتلات F-35 التي تحلق على مسافات تصل إلى 1000 ميل من الأراضي الإسرائيلية. وتبلغ كلفة تشغيل الطائرة الواحدة نحو 10.000 دولار للساعة الواحدة، دون احتساب تكاليف التزود بالوقود والذخائر، بما في ذلك القنابل الذكية من نوع JDAM و MK84. ويقول زفي إكشتاين، رئيس معهد آرون للسياسات الاقتصادية في جامعة رايخمان: "تكلفة الحرب مع إيران يوميا تفوق بكثير الحروب السابقة في غزة أو ضد حزب الله، والسبب الرئيسي هو تكلفة الذخيرة، الدفاعية والهجومية على حد سواء ". وقدر معهده أن الحرب إذا استمرت لشهر كامل، فإن التكلفة الإجمالية قد تصل إلى 12 مليار دولار . أضرار مدنية وبنية تحتية حرجة الضربات الصاروخية الإيرانية ألحقت أضرارا جسيمة بالبنية التحتية المدنية في إسرائيل. وأفاد المهندس الإنشائي إيال شاليف بأن مئات المباني تضررت أو دمرت بالكامل، مشيرا إلى أن إصلاح برج واحد حديث البناء في تل أبيب قد يتطلب عشرات الملايين من الدولارات . وقد تم إجلاء أكثر من 5000 شخص من منازلهم بسبب الأضرار، ويقيم بعضهم في فنادق على نفقة الدولة، وفق هيئة الدبلوماسية العامة الإسرائيلية . كما استهدفت إيران البنية التحتية الحيوية، إذ تعرض أكبر مصفاة نفط في شمال إسرائيل لضربتين مباشرتين، ما تسبب في إغلاقها ومقتل ثلاثة من موظفيها. كما تم إبلاغ العاملين في منشآت حساسة بعدم التوجه إلى أماكن عملهم في الوقت الراهن .