
بين فشل الأداة وتدخل الراعي: واشنطن تمهّد الطريق نحو الاشتباك المباشر
في مقال سابق بعنوان "واشنطن تضرب بصمت… وإسرائيل تُطلق النار'، تناولت التحالف الوظيفي بين واشنطن وتل أبيب، والدور الأميركي في توقيت الضربات على إيران، مؤكدًا أن الضربات الإسرائيلية لم تكن منفردة أو عشوائية، بل جزءًا من خطة أميركية مدروسة للضغط على طهران لتتجه نحو التفاوض من موقع ضعف.
في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال بتاريخ 13 يونيو 2025، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب:
"أبلغت الطرف الآخر، وقلت لهم: لديكم ستون يومًا لإبرام الاتفاق. وفي اليوم الواحد والستين، شنّوا الهجوم. واليوم فعلاً هو اليوم 61، وقد كان هجومًا ناجحًا جدًا.'
هذا التصريح أوضح أن واشنطن منحت إيران مهلة 60 يومًا، وأن الضربة الإسرائيلية التي جاءت في اليوم 61 لم تكن سوى مقدمة لمرحلة جديدة من التصعيد الأميركي، اتضحت ملامحها لاحقًا مع تنفيذ الولايات المتحدة ضربات مباشرة استهدفت منشآت نووية إيرانية.
رد إيران كان أعنف مما توقع الجميع، إذ أصابت صواريخها منشآت حيوية في "إسرائيل'، مما عطّل الاقتصاد وأربك الحياة الداخلية.
رغم تفوقها العسكري، كشفت المواجهة الأخيرة عن هشاشة "إسرائيل' باعتبارها "دولة' صغيرة جغرافيًا وسكانيًا، تعتمد على التفوق الناري السريع لتحقيق أهدافها العسكرية، وليست مجهزة لحروب استنزاف طويلة الأمد. ومع امتداد القتال، بدأت تظهر عليها مؤشرات الضعف: من شلل اقتصادي وتعطل في القطاعات الحيوية، إلى نزوح مدني متزايد من مناطق الاشتباك.
تقارير استخباراتية، منها تقرير Sky News، أكدت أن "إسرائيل' لن تصمد أكثر من 10 إلى 12 يومًا دون تزويدها بأسلحة جديدة أو تدخل أميركي مباشر، وهو ما حصل لاحقًا بالفعل، مع تحرك القوات الأميركية لدعم الجبهة.
الضغط على منظومات الدفاع الإسرائيلية مثل "القبة الحديدية' بات هائلًا، إذ تستهلك "إسرائيل' صواريخها بوتيرة أسرع من قدرتها على إعادة التعبئة، في ظل تعدد الجبهات بين إيران وحلفائها.
باختصار، "إسرائيل' تستطيع بدء الحرب، لكنها لا تحتمل استمرارها بدون دعم أميركي شامل، وهذا كان عامل ضغط كبير على واشنطن، دفعها في النهاية إلى التدخل العسكري المباشر.
تصريحات ترامب الحادة لاقت دعمًا من الدولة العميقة ومجمع الصناعات العسكرية، لكنها أثارت قلق قاعدته الانتخابية التي أوصلته للحكم بوعد إنهاء الحروب.
القاعدة الشعبية التي آمنت بشعار "أميركا أولًا' ورفضت أدوار "الشرطي الإمبراطوري' تجد نفسها أمام رئيس ينزلق نحو تصعيد قد يضره سياسيًا.
تشهد واشنطن انقسامًا حادًا بين الدولة العميقة ومجمع الصناعات العسكرية من جهة، والتي ترى أن الحروب الخارجية ضرورية لتوسيع النفوذ الأميركي والحفاظ على مصالح الصناعات الدفاعية، والتيار الشعبي والسياسي المناهض للحروب من جهة أخرى، والذي يتمثل في أجنحة تقدمية داخل الحزب الديمقراطي وجزء من القاعدة الجمهورية، ويرى أن الأموال والدماء تُهدر على صراعات لا تخدم مصالح الداخل الأميركي.
هذا الانقسام تجسد في مظاهرات خرجت في عدة مدن أميركية، ترفع شعارات ضد التصعيد مع إيران، وضد الدعم غير المشروط لـ'إسرائيل'، منها:
"No war for Israel'
"End unconditional aid to Tel Aviv'
"Bring our troops home'
هذا الموقف الشعبي يضع إدارة ترامب بين ضغط المؤسسة العسكرية والرغبة المتزايدة للقاعدة الشعبية في إنهاء الحروب.
لقد شهدنا في الأيام الأخيرة انتقالًا أميركيًا من الدعم غير المباشر إلى الاشتباك المباشر، ما يؤكد أن حالة التردد السابقة كانت انتقالية، وأن القرار الأميركي انحاز للتصعيد، رغم ما يحمله من مخاطر سياسية واقتصادية.
على الصعيد الإقليمي، تدرك واشنطن أن التدخل العسكري يعرّض مصالحها وقواعدها في الخليج والعراق وشرق المتوسط لمخاطر كبرى، ويحرج شركاءها العرب أمام شعوبهم، ويهدد الاستقرار الإقليمي.
ورغم ذلك، اتخذت الولايات المتحدة خيار المواجهة، بعدما فشلت أدواتها الأخرى في كسر إرادة إيران وإجبارها على العودة إلى طاولة التفاوض من موقع ضعف.
واشنطن الآن تقف أمام واقع جديد: إما أن تنجح في فرض شروطها بالقوة، أو تخسر مكانتها كقوة مهيمنة على النظام الدولي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ ساعة واحدة
- أخبارنا
الحرس الثوري الإيراني: الآن بدأت الحرب
أخبارنا : أعلن الحرس الثوري الإيراني عبر منصة "إكس" بعد الضربة الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية، أن الحرب بالنسبة له قد بدأت الآن. ويعتبر هذا اول بيان عسكري من السلطات الإيرانية بعد ساعات على القصف الأمريكي الذي طال 3 منشآت نووية إيرانية هي فوردو ونطنز وأصفهان. وشنت القوات المسلحة الإيرانية هجوما صاروخيا على إسرائيل ودوت صافرات الإنذار في مناطق واسعة بإسرائيل. وفي وقت سابق من صباح اليوم الأحد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الأحداث هذا الصباح شنيعة وستكون لها عواقب وخيمة. وفي وقت سابق أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شن ضربة على مواقع نووية إيرانية في خضم الصراع العسكري الإيراني الإسرائيلي المستمر والذي بدأته إسرائيل ضد إيران يوم 13 يونيو الجاري. من جهته، أكد "مركز السلامة النووية" الإيراني عدم تسجل أي علامات تلوث إشعاعي، وأنه لا خطر على سكان المناطق القريبة من المواقع النووية الإيرانية التي تعرضت لقصف أمريكي الليلة الماضية. بدوره، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد توجيه الجيش الأمريكي ضربات للمنشآت النووية الإيرانية، مؤكدا أن "القوة تأتي أولا ثم يأتي السلام". المصدر: RT

سرايا الإخبارية
منذ 2 ساعات
- سرايا الإخبارية
الخارجية الصينية: ندين بشدة الهجوم الأمريكي على إيران والمنشآت النووية الخاضعة للرقابة
سرايا - قالت وزارة الخارجية الصينية، إن القصف الأمريكي للمنشآت الإيرانية انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شن هجوم على 3 مواقع نووية في إيران، هي فوردو ونطنز وأصفهان. وكتب ترامب على منصة "تروث سوشال، في الساعات الأولى من صباح الأحد بتوقيت إيران: "أكملنا هجومنا الناجح للغاية على المواقع النووية الثلاثة في إيران، بما في ذلك فوردو ونطنز وأصفهان، جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوي الإيراني توم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسي فوردو". وقال وزير الخارجية الإيراني، خلال مؤتمر صحفي، بشأن الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية، إنه لا مجال للدبلوماسية إلا بعد وقف العدوان. وأكد أن القوات المسلحة الإيرانية جاهزة ومستعدة للرد على أي هجوم وأن القوات المسلحة الإيرانية في حالة تأهب قصوى.


سواليف احمد الزعبي
منذ 2 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
الحرس الثوري الإيراني توعّد برد غير متوقع على الهجوم الأمريكي
#سواليف اتهم #الحرس_الثوري_الإيراني الولايات المتحدة بارتكاب 'جريمة صارخة وغير مسبوقة' بعد مشاركتها المباشرة، بالتنسيق مع #الاحتلال الإسرائيلي، في #هجوم_عسكري على #منشآت_نووية وصفتها طهران بـ'السلمية'، مشيراً إلى أن هذا العدوان يُعد انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، ومعاهدة منع الانتشار النووي، ومبدأ احترام السيادة الوطنية وسلامة الأراضي. وفي بيان شديد اللهجة صدر صباح الأحد، قال الحرس الثوري إن الدعم الأميركي لم يكن لوجستيًا فقط، بل شكّل 'غطاءً ومواكبة شاملة' للهجوم الإسرائيلي، ما جعله 'عدوانًا مشتركًا مباشرًا'، كاشفًا أن طهران رصدت منذ اللحظات الأولى للعملية مسارات الطائرات المشاركة عبر 'معلومات استخباراتية شاملة' وفورية. وأضاف البيان أن 'عجز الجبهة المعتدية عن إحداث تغيّر ميداني حقيقي' دفعها إلى تكرار أخطائها الاستراتيجية السابقة، معتبراً أن الولايات المتحدة 'وضعت نفسها فعليًا في طليعة العدوان' بشنّها ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية داخل الأراضي السيادية للجمهورية الإسلامية. الحرس الثوري توعّد بردود قاسية، مؤكداً أن عملية 'الوعد الحق 3″ التي طالت حتى الآن 20 هدفًا إسرائيليًا، ستستمر بـ'دقة وعنف' ضد 'البنية التحتية والمراكز الاستراتيجية ومصالح النظام الصهيوني'، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة من الرد الإيراني 'ستتجاوز حسابات الجبهة المعتدية الوهمية'. وشدّد البيان على أن هذه الهجمات لن تضعف برنامج إيران النووي، بل 'ستزيد من عزيمة العلماء الشباب والملتزمين بمسار التقدّم والتنمية'، داعيًا الأمة الإيرانية إلى الثقة بأن البرنامج النووي الإيراني 'لن يُدمّر بهجوم جوي'. وفي نبرة تحذيرية، قال الحرس الثوري إن 'عدد القواعد الأميركية في المنطقة وانتشارها لم يكن يومًا مصدر قوة، بل ضاعف من ضعفها وهشاشتها'، لافتًا إلى أن أي اعتداء إضافي سيقابل بردود 'خارج نطاق الفهم الاستراتيجي الأميركي'، بحسب تعبير البيان. وختم الحرس الثوري بيانه بتأكيد جاهزيته التامة، مستندًا إلى 'أوامر القائد الأعلى، ودعم الشعب الإيراني العظيم، ومساندة جبهة المقاومة الإسلامية وأحرار العالم'، معلنًا أن 'الانتصار التاريخي لإيران والأمة الإسلامية بات قاب قوسين أو أدنى'. وفي وقت سابق من اليوم، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تنفيذ هجوم واسع على ثلاثة مواقع نووية داخل إيران، مؤكدًا أن العملية استهدفت تدمير قدرات الجمهورية الإسلامية على تخصيب اليورانيوم، وعلى رأسها المنشأة المحصنة في 'فوردو'. وقال ترامب في سلسلة تصريحات عبر منصته الإلكترونية: 'نفذنا هجومًا ناجحًا للغاية، أسقطنا حمولة كاملة من القنابل على موقع فوردو، وقد انتهى'، مشددًا على أن 'لا يوجد جيش في العالم قادر على فعل ما فعلته القوات الأميركية'. وأضاف: 'أي رد انتقامي من إيران سيقابل بقوة أكبر مما شهده العالم الليلة'. وأكد ترمب أن الهجوم جاء 'لحظة تاريخية للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم'، مطالبًا طهران بـ'الموافقة فورًا على إنهاء هذه الحرب'، ومحذرًا من أن 'الهجمات المستقبلية ستكون أكبر إذا لم تصنع إيران السلام'. وفي أول تعليق رسمي من #الاحتلال_الإسرائيلي، قال رئيس الحكومة بنيامين #نتنياهو: 'أشكر الرئيس ترمب على قراره الجريء… القوة تأتي بالسلام، وما فعله سيغير التاريخ'، كاشفًا أن العملية نُفذت بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني 'تهديدًا وجوديًا وخطرًا على السلام العالمي'. وأضاف: 'اتصل بي ترمب فور انتهاء العملية وأكد على التزامه بأمننا المشترك'.