
"من إخلاء طهران إلى مهلة أسبوعين".. ما سبب تحول "ترامب" بشأن إيران؟
بعد أيام قليلة من إثارته لحديث عالمي عن الحرب بدعوته الصريحة لـ"إخلاء طهران" عقب مغادرته المفاجئة لقمة زعماء العالم في كندا، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع أمس بتصريحات متأنية، مؤكدًا حاجته للمزيد من الوقت لاتخاذ قرار حاسم بشأن إيران، ويعكس هذا التحول اللافت في موقف ترامب، الذي كان يواجه ضغوطًا متعارضة داخل إدارته ومن حلفائه، توازنًا دقيقًا بين رغبته في منع إيران من تطوير سلاح نووي وتجنب الانزلاق نحو صراع عسكري مفتوح، وهو ما يمثل ركيزة أساسية لحركته السياسية.
وفي أعقاب القمة الكندية، ألقى ترامب بتصريحات قوية ألهبت الأجواء، ملوحًا بخيار العمل العسكري ضد إيران، إلا أن يوم أمس شهد لهجة مغايرة، إذ أكد ترامب أنه يترقب "عودة الناس إلى رشدهم"، ورفض إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار، مشددًا على أن الملف النووي الإيراني يمثل تهديدًا خطيرًا، لكنه تحاشى الخوض في تفاصيل أي رد أمريكي محتمل، وبعيدًا عن إيران، سعى ترامب وفريقه في البيت الأبيض لتحويل الانتباه إلى قضايا داخلية، مثل مشروع قانون ضخم يتبناه، ودعوته لتعيين مدعٍ خاص للتحقيق في انتخابات عام 2020، فضلًا عن تعليقاته المتكررة حول التهم الموجهة إليه من وزارة العدل في عهد الرئيس جو بايدن، وهذه الخطوة تعكس محاولة واضحة لتخفيف حدة التوتر المتصاعد، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وتدور معركة حامية الوطيس لكسب اهتمام ترامب ونصحه، إذ يواصل تلقي المشورة من شخصيات بارزة تتبنى وجهات نظر متباينة تمامًا، وهذه النصائح، سواء كانت بطلب منه أو لا، تأتي من مانحين بارزين وشخصيات إعلامية يمينية ومسؤولين منتخبين، وتتلاعب بالدوافع المتضاربة لترامب بشأن إيران، فمن جهة، يتمسك ترامب بقناعة راسخة بضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي. ومن جهة أخرى، يسعى جاهدًا لتجنب الحرب، الأمر الذي يعد عنصرًا رئيسيًا في حركته السياسية، وفي مواجهة هذا المأزق، اختار ترامب نهجًا حذرًا، مانحًا لنفسه المزيد من الوقت لاتخاذ قراره النهائي، حيث أعلن عن مهلة قد تصل إلى أسبوعين.
أصوات الحذر
ويبدو أن الأصوات التي تحذر ترامب من التصريح بشن ضربة عسكرية، وتدعو إلى التمسك بالمفاوضات الدبلوماسية، بدأت تحقق اختراقًا، فالخميس، تناول ترامب الغداء مع ستيفن بانون مستشاره السابق، الذي لا يزال صوتًا مؤثرًا داخل الجناح المتشدد لحركة "ماجا"، وقد انتقد بانون بشدة العجلة الزائفة التي يروج لها صقور مؤيدو إسرائيل، مشبهًا مؤيدي الهجوم على إيران ببائعي السيارات المستعملة الذين يستخدمون تكتيك "البيع الإضافي" من خلال إخبار المشترين بأن الوقت محدود لاتخاذ القرار.
وبعد وقت قصير من غداء ترامب مع بانون، أعلنت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت، بيانًا "مباشرة من الرئيس"، يؤكد فيه ترامب عزمه على السماح للمفاوضات بالاستمرار لفترة أطول، والرسالة كانت واضحة: ترامب سيمنح نفسه ما يصل إلى أسبوعين لاتخاذ قرار، في ضوء وجود فرصة كبيرة لمفاوضات، ورغم أن البيان كان قيد الإعداد قبل لقاء بانون، إلا أن هذا الاجتماع يؤكد نفوذ الأخير كقائد لفصيل مناهضة التدخل في حركة "ماجا"، فقبل ذلك بيوم، زار المعلق اليميني المؤثر تشارلي كيرك أيضًا ترامب في البيت الأبيض، داعيًا إلى الثقة بغرائز ترامب وتجنب حرب قد تكون أطول مما هو متوقع.
دبلوماسية أوروبية
وفي خضم هذا التوتر، تبرز جهود دبلوماسية أوروبية مكملة لمعارضة "ماجا" للتدخل العسكري، فاجتماع أمس في جنيف بين كبار دبلوماسيي إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لم يحقق انفراجة، وبينما ضغط الأوروبيون على إيران لقبول قيود على برنامجها النووي، أصر الوفد الإيراني على عدم التفاوض قبل توقف إسرائيل عن ضرباتها، لكنهم اتفقوا على مواصلة المحادثات، وأكد مسؤول في البيت الأبيض أن ترامب "يدعم الجهود الدبلوماسية من حلفائنا التي يمكن أن تقرب إيران من قبول صفقته"، ومع ذلك، بدا ترامب أكثر تشاؤمًا، معتبرًا أن "أوروبا لن تتمكن من المساعدة في هذا الشأن"، وأن إيران "لا تريد التحدث إلى أوروبا، إنهم يريدون التحدث إلينا".
وهذا الاستعداد لمواصلة المحادثات يتناقض مع الإلحاح الذي أبداه ترامب في بداية الأسبوع، ففي ليلة الاثنين الماضي، ومع استعداده لمغادرة قمة مجموعة السبع، كانت الأصوات المؤيدة للتدخل تدفع الرئيس لاغتنام اللحظة لضرب المنشآت النووية الإيرانية وحتى تغيير الحكومة، وفي تلك الليلة، دعا السناتور ليندسي غراهام إلى "التزام ترامب الكامل" بمساعدة إسرائيل في مواجهة إيران، متسائلًا عما إذا كان العالم أفضل حالًا دون المرشد الإيراني علي خامنئي، ودعا السناتور تيد كروز أيضًا إلى "تغيير النظام" في إيران.
وعاد ترامب إلى واشنطن فجر الثلاثاء، واجتمع مع مستشاريه لمراجعة خيارات الهجوم، وأخبر مساعديه أنه موافق على الخطط المحتملة، لكنه يعلق الموافقة النهائية ليرى ما إذا كانت إيران ستتراجع، وبحلول يوم الأربعاء، أبدى ترامب انزعاجه من أسئلة الصحفيين حول تفكيره بشأن إيران، لكنه قدم لمحات عن تفكيره، مؤكدًا أنه أصدر "الإنذار النهائي" لإيران، لكنه لم يتخذ قراره بعد بشأن توجيه الضربة.
وفي فترة ما بعد الظهر، عقد اجتماعًا آخر مع مستشاريه في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، وبحلول الخميس، تحول التركيز إلى محاولات التفاوض مع إيران، وخلال اتصال هاتفي مساء الخميس بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ووزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، ناقش الرجلان النهج المخطط له للأوروبيين، واتفقا على المتابعة بعد اجتماع الجمعة لمواصلة التنسيق بشأن المفاوضات، ويقف ترامب الآن على مفترق طرق، فهل ستنجح الدبلوماسية في نزع فتيل الأزمة، أم أن ساعة الصفر تلوح في الأفق؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 32 دقائق
- الشرق السعودية
ترمب يحذر إيران: أي رد انتقامي سيقابل بقوة أكبر بكثير مما شهدناه
حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن أي ردٍّ انتقامي من إيران ضد الولايات المتحدة، "سيُقابل بقوةٍ أكبر بكثير مما شهدناه الليلة"، وذلك في أعقاب ضربات أميركية استهدفت 3 مواقع نووية إيرانية. وأضاف ترمب، في منشور عبر منصة "تروث سوشيال"، أن "إيران طهران أن تصنع السلام الآن وإلا سنلاحق أهدافاً أخرى في إيران". وتابع الرئيس الأميركي: "إما أن يكون هناك سلام أو مأساة بالنسبة لإيران أكثر بكثير من التي شهدناها في الأيام الثمانية الماضية". وقبل ساعات، أعلن ترمب أن الجيش نفذ "هجوماً ناجحاً للغاية" على 3 مواقع نووية في إيران، هي منشآت "فوردو"، و"نطنز"، و"أصفهان"، موضحاً أن "جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوي الإيراني". تدمير قدرات تخصيب اليورانيوم الإيرانية وقال ترمب، إن هدف الولايات المتحدة من الضربات التي شنتها على إيران، مساء السبت، كان تدمير قدرات تخصيب اليورانيوم الإيرانية ومنع أي تهديد نووي. وأضاف الرئيس الأميركي أن الضربات كانت ناجحة جداً، مشيراً إلى أنه "تم القضاء على منشآت إيران النووية" كانت تمثل خطراً كبيراً على إسرائيل. واعتبر ترمب أنه "لا يوجد جيش آخر في العالم كان بإمكانه فعل هذا.. الآن هو وقت السلام.. شكراً لاهتمامكم بهذا الموضوع". وكتب مجدداً: "موقع فوردو.. انتهى". في المقابل، نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن مسؤول إيراني لم تسمه، قوله إن جزءً من منشأة "فوردو" تعرضت لهجوم "بضربات جوية من العدو". ونقلت وكالة "إرنا" عن مسؤول في هيئة البث، لم تسمه أيضاً، قوله إن المواقع النووية التي قصفتها أميركا لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعاً. وبدأت إسرائيل هجماتها على إيران في 13 يونيو الجاري قائلة إن إيران كانت على وشك صنع أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها للأغراض السلمية فقط. ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، لكنها لا تؤكد ذلك ولا تنفيه.


صحيفة سبق
منذ 38 دقائق
- صحيفة سبق
الكونغرس يتهم ترامب بخرق الدستور بعد ضرب إيران دون تفويض
أثار الهجوم الجوي الواسع الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منشآت نووية إيرانية، فجر الأحد، موجة انتقادات حادة في الكونغرس، وسط اتهامات مباشرة له بـ"خرق الدستور" واستخدام القوة العسكرية دون تفويض تشريعي كما تنص المادة التي تحصر صلاحية إعلان الحرب بالكونغرس. وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن "ما جرى تهور بلا استراتيجية"، مؤكداً أن ترامب تجاوز سلطاته ولم يقدم أي مبررات واضحة أو خطة لما بعد الضربة. كما وصف السيناتور جاك ريد الهجوم بأنه "مقامرة ضخمة"، في ظل غياب رؤية واضحة لتبعات التصعيد المحتمل مع طهران. وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، اقتصر الإخطار على عدد محدود من قادة الكونغرس دون عقد جلسة طارئة أو اتباع الآليات الرسمية، وهو ما أثار انتقادات إضافية حول شفافية القرار وشرعيته. ورغم دعم بعض الجمهوريين للعملية باعتبارها "خطوة دفاعية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، عبّر آخرون عن قلقهم من غياب خطة متكاملة لما بعد الهجوم. وأشار السناتور جون ثون إلى "ضرورة حماية القوات الأميركية"، لكنه لم يخفِ قلقه من تعقيد الموقف السياسي، خاصة مع قرب التصويت على قانون الأمن القومي الضخم. وتصر الإدارة الأميركية على أن الضربة "كانت دفاعية ومبررة"، في حين يحذّر خصوم ترامب من أن تجاهله للسلطة التشريعية قد يفتح الباب لنزاع داخلي يتجاوز الأزمة الإيرانية، ليضع العلاقة بين الكونغرس والرئاسة تحت اختبار دستوري غير مسبوق.


الأمناء
منذ 42 دقائق
- الأمناء
بعد هجومه على إيران.. الكونغرس يتهم ترامب "بخرق الدستور"
أثار الهجوم الجوي الواسع الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد منشآت نووية داخل إيران، فجر الأحد، عاصفة سياسية في الكونغرس، وسط اتهامات مباشرة له بـ"خرق الدستور" وتجاوز صلاحياته باستخدام القوة العسكرية دون تفويض تشريعي. اتهامات بانتهاك الدستور واعتبر نواب ديمقراطيون بارزون أن قرار ترامب ينتهك المادة الدستورية التي تحصر حق إعلان الحرب بالكونغرس، مشددين على أن الرئيس "اتخذ خطوة خطيرة دون مشاورة البرلمان، أو تقديم مبررات واضحة، أو عرض خطة استراتيجية لما بعد الضربة". تصريحات من قادة الحزب الديمقراطي قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، في بيان رسمي: "لا يجوز لرئيس أن يجرّ البلاد إلى حرب بهذا الحجم دون موافقة الكونغرس. ما جرى تهور بلا استراتيجية ويُضعف من موقع أميركا بدلًا من أن يعززه". فيما وصف السيناتور جاك ريد، عضو لجنة القوات المسلحة، الضربة بأنها "مقامرة ضخمة"، مضيفا: "الإدارة لم تقدم أي تصور واضح للخطوة التالية، ولا تقييمًا لمخاطر التصعيد المحتمل". معلومات سطحية وإخطار محدود وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن عددا محدودا فقط من قيادات الكونغرس تم إطلاعهم مسبقا، من بينهم رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون، لكن دون المرور عبر آلية التشاور الرسمية أو الدعوة إلى جلسة طارئة. وأكد متحدث باسم شومر أن الإخطار كان "سطحيا للغاية"، لا يتضمن تفاصيل كافية عن طبيعة الضربات أو أهدافها الاستراتيجية. انقسام داخل الحزب الجمهوري رغم أن بعض النواب الجمهوريين سارعوا إلى دعم قرار ترامب، واعتبروه "ضروريا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، إلا أن التحفظات لم تغب عن صفوف الحزب. وقال السناتور جون ثون: "أقف إلى جانب الرئيس في هذه العملية الدقيقة، وأدعو لسلامة قواتنا في الخارج". لكن شخصيات جمهورية أخرى أعربت عن قلقها من غياب خطة متكاملة لما بعد الهجوم، ما قد يُربك وحدة الموقف الحزبي، خصوصا في وقت حساس يشهد مناقشات حاسمة حول مشروع قانون الأمن القومي بقيمة 350 مليار دولار. بين الضرورة والدستور فيما تصر الإدارة الأميركية على أن الضربة ضد إيران كانت "دفاعية وضرورية"، يرى منتقدو ترامب أنها "تعدٍّ واضح على الدستور"، وأن تبعاتها لن تتوقف عند حدود الجغرافيا الإيرانية، بل قد تمتد إلى واشنطن نفسها عبر نقاشات عاصفة قد تعيد تشكيل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.