
لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى خطورتها؟
فرضت دول حول العالم قيوداً، رداً على الانتشار المتزايد للسجائر الإلكترونية، المعروفة باسم "فيبز" (Vapes).
وبفضل عبواتها الملونة، ومع توفر ما لا يقل عن 16 ألف نكهة منها، تقول منظمة الصحة العالمية، إن استخدام السجائر الإلكترونية بين الأطفال والمراهقين يتجاوز استخدام البالغين في كثير من البلدان.
وأحدث دولة فرضت قيوداً كانت المملكة المتحدة، حيث حظرت بيع وتوريد السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، اعتباراً من الأول من يونيو/حزيران. ويواجه بائعوها المخالفون للقانون في إنجلترا غرامة غير محدودة، وقد تصل العقوبة إلى السجن مدة عامين حال تكرار المخالفة.
وتأمل الحكومة البريطانية أن يؤدي تقييد الوصول إلى السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، إلى تقليل ضررها على البيئة، والمساعدة في الحد من انتشارها بين الأطفال.
ما مدى ضرر السجائر الإلكترونية؟
أظهرت دراسات أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً بكثير من تدخين السجائر، التي تحتوي على التبغ والقطران ومواد كيميائية سامة أخرى مسببة لمرض العضال (السرطان).
لكن السجائر الإلكترونية قد تُسبب أضراراً طويلة الأمد للرئتين والقلب والدماغ، ويُوصي خبراء باستخدامها فقط كوسيلة مساعدة البالغين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين.
ويحتوي بخار السجائر الإلكترونية أيضاً على كميات قليلة من المواد الكيميائية، وغالباً ما تتضمن مادة النيكوتين المُسببة للإدمان.
السجائر الإلكترونية: هل هي خالية تماما من المخاطر والأضرار؟
وتقول وزارة الصحة البريطانية إن "السجائر الإلكترونية قد تكون وسيلة فعّالة لمساعدة المدخنين البالغين على الإقلاع، لكن يجب أن نكون دائما واضحين بأن الأطفال وغير المدخنين البالغين يجب ألا يستخدموا السجائر الإلكترونية أبداً".
رغم الحاجة لإجراء مزيد من الأبحاث لفهم تأثيرات استخدام السجائر الإلكترونية، إلا أن منظمة الصحة العالمية حذرت في ديسمبر/ كانون الأول 2023، من أن هناك "أدلة مثيرة للقلق" تتزايد بشأن الأضرار التي تُسببها.
وخلصت دراسة أجرتها جامعة مانشستر متروبوليتان عام 2020، إلى أن السجائر الإلكترونية تسبب "تأثيرات مماثلة للتدخين، على وظائف الرئة والقلب والأوعية الدموية".
وحذرت أيضاً من أن السجائر الإلكترونية "قد تحفز بشكل خاص الإقبال على التدخين، خصوصاً بين الشباب"، وهو خطر سلطت منظمة الصحة العالمية الضوء عليه كذلك.
في فبراير/ شباط 2025، أعلنت الحكومة البريطانية عن مشروع بحثي، بـ 62 مليون جنيه إسترليني، لتتبع 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً على مدى 10 سنوات، بهدف فهم مخاطر مرتبطة بالسجائر الإلكترونية بشكل أفضل.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في 2024، "يتم جذب الأطفال وإيقاعهم في فخ استخدام السجائر الإلكترونية منذ سن مبكرة، وقد يُدمنون على النيكوتين".
"أحث الدول على تطبيق تدابير صارمة لمنع انتشارها حماية لمواطنيها، خصوصا أطفالها وشبابها"، بحسب غيبريسوس.
ما التأثير على الشباب؟
وقال مدير تعزيز الصحة في منظمة الصحة العالمية، روديجير كريش، إن السجائر الإلكترونية تُسوَّق للأطفال عمداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومؤثرين.
وأضاف أن تسويق بعض المنتجات يتضمن شخصيات كرتونية، وتصاميم معدة خصيصاً لجذب المستخدمين الأصغر سناً.
وتحدث في 2023، عن "تزايد مقلق في استخدام السجائر الإلكترونية بين الأطفال والشباب، مع معدلات تتجاوز الاستخدام بين البالغين في العديد من البلدان".
وتشاطر هذا القلق المختصة في أمراض القلب، جاكلين شولز، التي ترأس برنامج الإقلاع عن التدخين في معهد القلب في ساو باولو في البرازيل.
وقالت شولز "أرى بشكل متزايد شباباً أعمارهم بين 16 و24 عاماً في عيادتي يستخدمون هذا المنتج ولديهم مستويات نيكوتين في أجسامهم تعادل تدخين أكثر من 20 سيجارة يومياً".
وأوضحت أن التدخين لم يكن شائعاً بين المراهقين في البرازيل في السابق، لكن السلوكيات تغيّرت مع ظهور السجائر الإلكترونية، التي تعتقد أنها قد تتحول قريباً إلى "وباء".
وتدعم فرض حظر كامل على السجائر الإلكترونية. وقالت: "السجائر الإلكترونية ليست سوى السيجارة القديمة في شكل مموه جديد - مصممة للاستمرار في البيع وإدامة الإدمان، لكن مع أضرار إضافية".
ما مدى خطورة التدخين الإلكتروني على الصحة؟
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن التعرض لفترة وجيزة لتسويق السجائر الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يزيد من احتمال استخدامها وبالتالي التدخين.
وقالت الوكالة الأممية في بيان، "تُظهر دراسات باستمرار أن الشباب الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة بنحو ثلاثة أضعاف لاستخدام السجائر التقليدية لاحقاً في حياتهم".
وتُقدّر منظمة الصحة وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بسبب تعاطي التبغ.
والنيكوتين في التبغ مادة مسببة بالإدمان، ويُعد استخدام التبغ عامل خطر رئيسياً للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، إضافة إلى أكثر من 20 نوعاً أو نوعاً فرعياً مختلفاً من السرطان، وحالات صحية أخرى منهكة.
ماذا تقول صناعة السجائر الإلكترونية؟
يعتقد المدير العام لجمعية صناعة السجائر الإلكترونية في المملكة المتحدة، جون دان، أن النجاح في القانون يكمن في "إيجاد التوازن الصحيح".
وقال في بيان لبي بي سي، "الأدلة واضحة: السجائر الإلكترونية أقل ضرراً بكثير من التدخين التقليدي، وهي أداة أكثر فعالية لمساعدة الناس على الإقلاع".
ورأى أن "السجائر الإلكترونية لعبت دوراً أساسياً في خفض معدلات التدخين في المملكة المتحدة إلى مستويات قياسية، وكانت النكهات جزءاً مهماً من قصة النجاح هذه".
"فكرة وجود النكهات فقط لجذب الأطفال تتجاهل الأدلة. نحن نعلم أن المدخنين البالغين يفضلون بشكل كبير نكهات الفاكهة، وتشير استطلاعات إلى أن ثلثي المدخنين السابقين قد يعودون إلى التدخين إذا أزيلت تلك النكهات"، وفق دان.
وقال "لا ينبغي لأي شخص أقل من 18 عاماً استخدام هذه المنتجات. ولهذا، دعت الجهات المرخّصة قانوناً باستمرار إلى تطبيق أكثر صرامة للقانون - بما في ذلك حظر أسماء النكهات غير اللائقة والتغليف غير المناسب".
وأضاف "إذا أردنا تحويل طموحات مجتمع خالٍ من التدخين إلى واقع، فعلينا أن نحقق التوازن الصحيح: منع وصول الشباب إلى هذه المنتجات، مع الحفاظ على العناصر - مثل النكهات - التي تجعل السجائر الإلكترونية فعالة للبالغين".
ما هي قواعد السجائر الإلكترونية في العالم؟
تختلف لوائح تدخين السجائر الإلكترونية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم.
وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2024، حظرت 34 دولة بيع السجائر الإلكترونية.
وفي بعض الحالات، ينطبق الحظر على بيع وتوزيع السجائر الإلكترونية، بينما في حالات أخرى، يُحظر تدخينها في الأماكن العامة.
في بعض الدول، مثل أستراليا، يشترط بيع السجائر الإلكترونية ومنتجاتها - بصرف النظر عما إذا كانت تحتوي على النيكوتين أم لا - في الصيدليات فقط.
وفي المقابل، وجدت الوكالة الأممية أن 88 دولة لا تضع حداً أدنى لناحية السن لشراء السجائر الإلكترونية، ولم يكن لدى 74 دولة أي قيود على استخدامها.
وفي عام 2014، قام الاتحاد الأوروبي بمراجعة توجهه بشأن منتجات التبغ، وفرض لوائح أكثر صرامة على السجائر الإلكترونية، بما في ذلك قيود على السن وحدود على الإعلان والنكهات.
لكن اللوائح تختلف داخل التكتل: حظرت فرنسا وبلجيكا السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة هذا العام، في حين تسمح اليونان باستخدامها وتسمح ببيعها في المتاجر المتخصصة.
وفي الولايات المتحدة، يجب أن يكون عُمر المشترين 21 عاماً على الأقل، لشراء أجهزة السجائر الإلكترونية والسوائل المستخدمة فيها، من الباعة غير المتخصصين في التبغ.
كيف تشكل السجائر الإلكترونية ضرراً على البيئة؟
وإلى جانب تقليل استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب، فرضت المملكة المتحدة حظراً على السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة للحد من تأثيرها على البيئة.
ووفق وزارة البيئة، تم التخلص من نحو 5 ملايين سيجارة إلكترونية تستخدم لمرة واحدة أسبوعياً في عام 2023.
وإضافة إلى بطاريات أيونات الليثيوم، تحتوي السجائر الإلكترونية على لوحات إلكترونية. وإذا تم التخلص منها بطريقة غير صحيحة، فقد تتسرب منها مركبات سامة مثل الكوبالت والنحاس، مما يهدد الحياة البرية وينشر مواد كيميائية سامة.
ويمكن إعادة استخدام المعادن – والليثيوم - في حالة استعادتها، في التكنولوجيا الخضراء مثل بطاريات السيارات الكهربائية أو توربينات الرياح.
لكن إعادة تدوير السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، يمثل تحدياً، نظراً لحجمها وتصميمها المعقد، ما يجعل من الصعب تفكيكها.
وحذرت رابطة الحكومة المحلية في المملكة المتحدة، أيضاً من أن السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة تُشكل خطراً على عملية جمع النفايات والمخلفات، وقد تتسبب في اندلاع حرائق داخل شاحنات القمامة.
ومع ذلك، لا توجد عملية إعادة تدوير واسعة النطاق للسجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة في المملكة المتحدة، لأن تنوع هذه المنتجات في السوق يجعل من الصعب تطوير آلية موحّدة لإعادة تدويرها.
كم عدد الأطفال والبالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية؟
قدّر تقرير أن نحو 82 مليون شخص حول العالم استخدموا السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ التي "تُسخن ولا تُحرق" في عام 2021.
وفي عام 2024، قُدّر أن نحو 1.63 مليون طالب (أي ما يعادل 5.9%) من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة استخدموا السجائر الإلكترونية، وفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وفي المملكة المتحدة، استخدم قرابة 18 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً (أي نحو 980 ألف طفل) السجائر الإلكترونية في عام 2024، وفق مسح أجرته جمعية صحية خيرية.
وشهد استخدام السجائر الإلكترونية ارتفاعاً بين جميع الفئات العمرية فوق 16 عاماً، إذ استخدم قرابة 5.1 مليون شخص السجائر الإلكترونية في عام 2023.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة أن 5.9 بالمئة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فأكثر كانوا يستخدمون السجائر الإلكترونية يومياً في عام 2023، في ارتفاع طفيف مقارنة بالعام السابق، في حين أن 3.9 بالمئة آخرين كانوا يستخدمونها من حين لآخر.
في الوقت نفسه، تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن ما لا يقل عن 37 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً يستخدمون نوعاً من منتجات التبغ حول العالم، بما في ذلك السجائر، ومنتجات التبغ غير المدخن، وبشكل متزايد السجائر الإلكترونية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
الكوليرا في اليمن: 10 وفيات وأكثر من 18.2 ألف إصابة
كشفت إحصائية أممية حديثة، أنّ حالات الإصابة بـ الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى أكثر من 18 ألف حالة جديدة منذ العام الجاري. وقالت منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته الثلاثاء، بشأن التحديث الوبائي العالمي، إنه تم الإبلاغ عن 18,286 حالة جديدة مشتبهاً إصابتها بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن، وعشرة وفيات مرتبطة بالوباء، خلال الفترة بين 1 يناير/كانون الثاني و25 مايو/أيار 2025. وأضاف التقرير أن عدد الحالات المُبلّغ عنها في البلاد خلال مايو/أيار الماضي وحده، وصل إلى 5,369 حالة، وبزيادة كبيرة قدرها 297% عن الشهر السابق له (إبريل/نيسان) الذي سجّل 1,352 حالة إصابة جديدة، ووفاة واحدة. ووفق البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن اليمن يُعد خامس أكبر دولة في تفشي وباء الكوليرا على مستوى العالم، بعد كل من جنوب السودان (51,054 حالة)، وأفغانستان (46,461 حالة)، والكونغو الديمقراطية (27,008 حالة)، وأنغولا (22,557). وأوضح التقرير أن اليمن سجّل ثاني أعلى معدل في حالات الإصابة بالكوليرا في إقليم شرق المتوسط، بعد أفغانستان، تليهما السودان (16,564)، وباكستان (6,424)، والصومال (4,459)، فيما يبلغ إجمالي الحالات المُسجلة في الإقليم منذ بداية العام الجاري 92,194 حالة. وأضاف أن اليمن جاء بالمرتبة الثالثة في عدد الوفيات المرتبطة بالمرض، خلال الفترة ذاتها، بعد كل من السودان (278 وفاة)، وأفغانستان (13)، ثم الصومال (6)، بينما بلغ إجمالي الوفيات في إقليم شرق المتوسط 307 حالات. وأشارت الصحة العالمية إلى أن إجمالي الحالات التراكمية التي تم الإبلاغ عنها، منذ مطلع العام وحتى 25 مايو/أيار الماضي، بلغ 211,678 حالة إصابة جديدة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في 26 دولة موزعة على ثلاث مناطق تابعة للمنظمة حول العالم؛ بينها 2,754 وفاة. وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قد أعلنت أمس أنها دعمت المرافق الصحية في اليمن بمستلزمات طبية تكفي لعلاج أكثر من 60 ألف حالة إصابة بالكوليرا، منذ بداية العام الجاري. وقالت المنظمة في سلسلة تغريدات على حسابها في منصة "إكس"، الاثنين: "نظراً لانتشار الإسهال المائي الحاد منذ العام الماضي والزيادة الأخيرة بالحالات في اليمن، وزعنا على المرافق الصحية 603 مجموعات من المستلزمات الطبية لعلاج المصابين، منذ يناير/كانون الثاني 2025". وأضافت أنها قدمت 321 مجموعة من المستلزمات الطبية خلال الربع الأول من هذا العام، إضافة إلى 282 أخرى في يونيو/حزيران الجاري، كل مجموعة منها مصممة لعلاج 100 حالة إسهال مائي حاد، بحيث يصل العدد الإجمالي للمستفيدين إلى نحو 60,300 شخصاً. صحة التحديثات الحية الصحة العالمية تحذر من انتقال الكوليرا من السودان إلى المخيمات في تشاد وأشارت "يونيسف" إلى أن كل مجموعة تحتوي أدوية، بما في ذلك المحاليل الوريدية، ومحلول الإرواء والمضادات الحيوية، والمستهلكات الطبية، وغيرها. وأكدت المنظمة الأممية أنها تواصل، أيضاً، دعم 3,200 مرفق رعاية صحية أولية في مختلف أنحاء البلاد، تقدم جميعها محلول الإرواء جزءاً من حزمة الخدمات الأساسية. ويعاني اليمن تدهوراً حاداً في القطاع الصحي، وانتشاراً غير مسبوق للأمراض والأوبئة القاتلة كالكوليرا وحمى الضنك والملاريا نتيجة الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات.


القدس العربي
منذ 5 أيام
- القدس العربي
اليمن يشهد تصاعدا متسارعا و'مخيفا' في الإصابات بالكوليرا وحمى الضنك
صنعاء 'القدس العربي': على الرغم من أن المؤشرات الرسمية الحديثة تحصر التسارع في ارتفاع مؤشرات الإصابات الوبائية بالكوليرا وحمى الضنك في محافظات قليلة جدا، إلا أن الواقع الميداني، وبخاصة على صعيد وباء الكوليرا، يؤكد أن معظم اليمن على الأرجح بات يشهد موجة وبائية جديدة (ثالثة) غير معلنة من فاشية الكوليرا. وهي نتيجة طبيعية لتدهور الأوضاع المعيشية جراء الحرب المستعرة هناك للعام الحادي عشر، وبالتالي اللجوء لاستخدام مياه غير نظيفة، وسوء الصرف الصحي وسوء التغذية، وقبل ذلك وبعده انهيار وتراجع أداء نسبة كبيرة من مرافق الخدمة الصحية العامة، بالتوازي مع تراجع التمويل العالمي لتعزيز فعاليتها، ما تسبب في توطين بعض الأوبئة هناك، وفي مقدمتها الكوليرا، والتي اعتبرها أحد التقارير الدولية الحديثة 'قنبلة موقوتة في اليمن'. المستشفيات في صنعاء وذمار وإب وتعز وعدن وغيرها من المحافظات في شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد تشهد ازديادًا كبيرًا في استقبال الإصابات بالاسهالات المائية الحادة، أي تسجيل عدد كبير من حالات الإصابة والاشتباه بالكوليرا مع عجز في إمكانات المواجهة. في تصريح رسمي، أعلن مسؤول الإعلام بمكتب الصحة والسكان بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، تيسير السامعي، أمس الاثنين، عن تفش جديد لوباء الكوليرا، مؤكدًا ارتفاع حالات الوفاة، فيما ارتفعت عدد حالات الإصابة المؤكدة، من 29 حالة إلى 116 حالة خلال أسبوعين، مما يعني تسجيل 78 حالة خلال فترة قصيرة، وارتفاع عدد حالات الاشتباه إلى ألف و734 حالة منذ بداية العام حتى أمس الاثنين. وكشف أن عدد حالات الاشتباه ارتفع بشكل كبير من 1,260 حالة مسجلة في مطلع يونيو/ حزيران إلى 1,734 حالة حتى منتصف الشهر، أي بزيادة 474 حالة جديدة خلال أسبوعين فقط. وقال، في بيان نشره على حسابه في 'فيسبوك'، اطلعت عليه 'القدس العربي'، إن المؤشرات الوبائية تشير إلى أن هناك زيادة في حالات الإصابة المؤكدة وحالات الوفاة، وهو ما يُنذر أن هناك موجة وباء جديدة. وكانت تقارير محلية نقلت عن مدير مركز الترصد الوبائي في عدن، خلال مايو/ أيار، قوله إن مركز العزل الصحي الخاص بالكوليرا في مستشفى الصداقة التعليمي يستقبل يوميًا ما لا يقل عن 30 حالة إصابة. وزاد موضحًا أن بعض هذه الحالات تصل من مديريات محافظة عدن، بينما يأتي بعضها الآخر من المحافظات المجاورة مثل لحج وأبين والضالع. صالح (65 سنة) أصيب بإسهال مائي حاد، وتم تشخيص حالته باشتباه بالكوليرا، ونتج عن الإصابة مضاعفات منها اختلال حاد في وظائف الكلى، وتم نقله إلى مستشفى ذمار العام، وجرى إخضاعه للعلاج في مركز معالجة الإسهالات المائية الحادة، التابع لمنظمة الصحة العالمية، وخلال يومين تجاوز مرحلة الخطر، وطلب منه مغادرة المركز، ليوفر السرير لمصاب آخر، مع ارتفاع الضغط على المركز جراء تزايد حالات الإصابات بالوباء، وفق حديث له مع 'القدس العربي'. في عام 2024 ، سجّل اليمن أكثر من 260 ألف حالة مشتبه بها، وأكثر من 870 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. ويُمثل هذا العدد، 35٪ من إجمالي الإصابات العالمية، و18٪ من إجمالي الوفيات العالمية الناجمة عن الكوليرا. وحذرت لجنة الإنقاذ الدولية، في بيان، خلال الشهر الماضي، من أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات عالمية في اليمن ستظل البلاد معرضة بشكل خطير لأوبئة مستقبلية وأزمات صحية متفاقمة. وكانت منظمة الصحة العالمية أكدت أن اليمن يتحمل العبء الأكبر من الكوليرا عالميًا. وقد عانى البلد من انتقال مستمر للكوليرا لسنوات عديدة، بما في ذلك أكبر تفشٍّ مُسجَّل في التاريخ الحديث – بين عامي 2017 2020. واجتاح وباء الكوليرا اليمن، بشكل اُعتبر هو الأسوأ في التاريخ، خلال 2016 -2021، جراء تراجع خدمات ومستلزمات النظافة وتلوث مياه الشرب وتدهور خدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية تحت تأثير الحرب، التي أهدرت معظم إمكانات البنى التحتية للخدمات. وتم الإبلاغ جراء ذلك عن أكثر من 2.5 مليون حالة مشتبه بها و4000 حالة وفاة. في السياق، كشفت إحصائية رسمية عن تسجيل أكثر من 22 ألف إصابة بأمراض وبائية في محافظة تعز، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري. وقال تيسير السامعي، مسؤول الإعلام الصحي في المحافظة، إن إجمالي الإصابات المسجلة منذ مطلع يناير/ كانون الثاني وحتى نهاية مايو/ أيار بلغ 22,544 حالة، شملت عددًا من الأوبئة المنتشرة في المحافظة، أبرزها الكوليرا، والملاريا، وحمى الضنك، وحمى وادي النيل، وحمى الانحناء، والحصبة. وأوضح السامعي، في منشور عبر صفحته على فيسبوك، أن الملاريا تصدرت قائمة الإصابات بـ18,832 حالة، تلتها الحمى الفيروسية المختلفة (الضنك، وادي النيل، والانحناء) بـ1,460 حالة، في حين سجلت 992 إصابة بالحصبة، و1,260 إصابة إضافية بالكوليرا ضمن إحصائيات منفصلة. في السياق، حذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد لافت في حالات الإصابة بحمى الضنك في جنوب اليمن. وأفادت بأن عدد حالات الإصابة هناك بلغ 3900 إصابة، موضحة أنها أسفرت عن وفاة 14 حالة منذ مطلع العام الجاري، وفق وكالة 'رويترز'. وذكر بيان لمكتب المنظمة في اليمن، الأحد، أنه منذ بداية العام 'سجلت حالات الإصابة بمرض حمى الضنك نحو 3900 إصابة، مع وفاة 14، في محافظتي عدن ولحج، خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان 2025'. وينتقل فيروس 'حمى الضنك' إلى الإنسان عن طريق البعوض، ويكتسب البعوض الفيروس عادة عندما يمتصّ دم أحد المصابين بالعدوى، وتتمثل أعراض المرض بالحمى والصداع الشديد وآلام المفاصل والعضلات وآلام العظام إضافة إلى الألم الشديد وراء العينين ونزيف من الأنف. وذكرت المنظمة أنها دشنت مؤخرًا، وبدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حملة شاملة لمكافحة حمى الضنك في المحافظتين، استجابة لتزايد حالات الإصابة، حيث تضمنت 'تنفيذ أنشطة رئيسية في إدارة مصادر اليرقات، والتثقيف الصحي، والرش الضبابي المُستهدف'. وتضرب الأمراض والأوبئة اليمن وسط حرب مستمرة للعام الحادي عشر على التوالي أودت بحياة الآلاف من اليمنيين في ظل تدهور كبير في القطاع الصحي الذي تسببت الحرب في إغلاق نصف مرافقه الطبية.


BBC عربية
منذ 5 أيام
- BBC عربية
لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى خطورتها؟
فرضت دول حول العالم قيوداً، رداً على الانتشار المتزايد للسجائر الإلكترونية، المعروفة باسم "فيبز" (Vapes). وبفضل عبواتها الملونة، ومع توفر ما لا يقل عن 16 ألف نكهة منها، تقول منظمة الصحة العالمية، إن استخدام السجائر الإلكترونية بين الأطفال والمراهقين يتجاوز استخدام البالغين في كثير من البلدان. وأحدث دولة فرضت قيوداً كانت المملكة المتحدة، حيث حظرت بيع وتوريد السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، اعتباراً من الأول من يونيو/حزيران. ويواجه بائعوها المخالفون للقانون في إنجلترا غرامة غير محدودة، وقد تصل العقوبة إلى السجن مدة عامين حال تكرار المخالفة. وتأمل الحكومة البريطانية أن يؤدي تقييد الوصول إلى السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، إلى تقليل ضررها على البيئة، والمساعدة في الحد من انتشارها بين الأطفال. ما مدى ضرر السجائر الإلكترونية؟ أظهرت دراسات أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً بكثير من تدخين السجائر، التي تحتوي على التبغ والقطران ومواد كيميائية سامة أخرى مسببة لمرض العضال (السرطان). لكن السجائر الإلكترونية قد تُسبب أضراراً طويلة الأمد للرئتين والقلب والدماغ، ويُوصي خبراء باستخدامها فقط كوسيلة مساعدة البالغين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين. ويحتوي بخار السجائر الإلكترونية أيضاً على كميات قليلة من المواد الكيميائية، وغالباً ما تتضمن مادة النيكوتين المُسببة للإدمان. السجائر الإلكترونية: هل هي خالية تماما من المخاطر والأضرار؟ وتقول وزارة الصحة البريطانية إن "السجائر الإلكترونية قد تكون وسيلة فعّالة لمساعدة المدخنين البالغين على الإقلاع، لكن يجب أن نكون دائما واضحين بأن الأطفال وغير المدخنين البالغين يجب ألا يستخدموا السجائر الإلكترونية أبداً". رغم الحاجة لإجراء مزيد من الأبحاث لفهم تأثيرات استخدام السجائر الإلكترونية، إلا أن منظمة الصحة العالمية حذرت في ديسمبر/ كانون الأول 2023، من أن هناك "أدلة مثيرة للقلق" تتزايد بشأن الأضرار التي تُسببها. وخلصت دراسة أجرتها جامعة مانشستر متروبوليتان عام 2020، إلى أن السجائر الإلكترونية تسبب "تأثيرات مماثلة للتدخين، على وظائف الرئة والقلب والأوعية الدموية". وحذرت أيضاً من أن السجائر الإلكترونية "قد تحفز بشكل خاص الإقبال على التدخين، خصوصاً بين الشباب"، وهو خطر سلطت منظمة الصحة العالمية الضوء عليه كذلك. في فبراير/ شباط 2025، أعلنت الحكومة البريطانية عن مشروع بحثي، بـ 62 مليون جنيه إسترليني، لتتبع 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً على مدى 10 سنوات، بهدف فهم مخاطر مرتبطة بالسجائر الإلكترونية بشكل أفضل. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في 2024، "يتم جذب الأطفال وإيقاعهم في فخ استخدام السجائر الإلكترونية منذ سن مبكرة، وقد يُدمنون على النيكوتين". "أحث الدول على تطبيق تدابير صارمة لمنع انتشارها حماية لمواطنيها، خصوصا أطفالها وشبابها"، بحسب غيبريسوس. ما التأثير على الشباب؟ وقال مدير تعزيز الصحة في منظمة الصحة العالمية، روديجير كريش، إن السجائر الإلكترونية تُسوَّق للأطفال عمداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومؤثرين. وأضاف أن تسويق بعض المنتجات يتضمن شخصيات كرتونية، وتصاميم معدة خصيصاً لجذب المستخدمين الأصغر سناً. وتحدث في 2023، عن "تزايد مقلق في استخدام السجائر الإلكترونية بين الأطفال والشباب، مع معدلات تتجاوز الاستخدام بين البالغين في العديد من البلدان". وتشاطر هذا القلق المختصة في أمراض القلب، جاكلين شولز، التي ترأس برنامج الإقلاع عن التدخين في معهد القلب في ساو باولو في البرازيل. وقالت شولز "أرى بشكل متزايد شباباً أعمارهم بين 16 و24 عاماً في عيادتي يستخدمون هذا المنتج ولديهم مستويات نيكوتين في أجسامهم تعادل تدخين أكثر من 20 سيجارة يومياً". وأوضحت أن التدخين لم يكن شائعاً بين المراهقين في البرازيل في السابق، لكن السلوكيات تغيّرت مع ظهور السجائر الإلكترونية، التي تعتقد أنها قد تتحول قريباً إلى "وباء". وتدعم فرض حظر كامل على السجائر الإلكترونية. وقالت: "السجائر الإلكترونية ليست سوى السيجارة القديمة في شكل مموه جديد - مصممة للاستمرار في البيع وإدامة الإدمان، لكن مع أضرار إضافية". ما مدى خطورة التدخين الإلكتروني على الصحة؟ وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن التعرض لفترة وجيزة لتسويق السجائر الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يزيد من احتمال استخدامها وبالتالي التدخين. وقالت الوكالة الأممية في بيان، "تُظهر دراسات باستمرار أن الشباب الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة بنحو ثلاثة أضعاف لاستخدام السجائر التقليدية لاحقاً في حياتهم". وتُقدّر منظمة الصحة وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بسبب تعاطي التبغ. والنيكوتين في التبغ مادة مسببة بالإدمان، ويُعد استخدام التبغ عامل خطر رئيسياً للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، إضافة إلى أكثر من 20 نوعاً أو نوعاً فرعياً مختلفاً من السرطان، وحالات صحية أخرى منهكة. ماذا تقول صناعة السجائر الإلكترونية؟ يعتقد المدير العام لجمعية صناعة السجائر الإلكترونية في المملكة المتحدة، جون دان، أن النجاح في القانون يكمن في "إيجاد التوازن الصحيح". وقال في بيان لبي بي سي، "الأدلة واضحة: السجائر الإلكترونية أقل ضرراً بكثير من التدخين التقليدي، وهي أداة أكثر فعالية لمساعدة الناس على الإقلاع". ورأى أن "السجائر الإلكترونية لعبت دوراً أساسياً في خفض معدلات التدخين في المملكة المتحدة إلى مستويات قياسية، وكانت النكهات جزءاً مهماً من قصة النجاح هذه". "فكرة وجود النكهات فقط لجذب الأطفال تتجاهل الأدلة. نحن نعلم أن المدخنين البالغين يفضلون بشكل كبير نكهات الفاكهة، وتشير استطلاعات إلى أن ثلثي المدخنين السابقين قد يعودون إلى التدخين إذا أزيلت تلك النكهات"، وفق دان. وقال "لا ينبغي لأي شخص أقل من 18 عاماً استخدام هذه المنتجات. ولهذا، دعت الجهات المرخّصة قانوناً باستمرار إلى تطبيق أكثر صرامة للقانون - بما في ذلك حظر أسماء النكهات غير اللائقة والتغليف غير المناسب". وأضاف "إذا أردنا تحويل طموحات مجتمع خالٍ من التدخين إلى واقع، فعلينا أن نحقق التوازن الصحيح: منع وصول الشباب إلى هذه المنتجات، مع الحفاظ على العناصر - مثل النكهات - التي تجعل السجائر الإلكترونية فعالة للبالغين". ما هي قواعد السجائر الإلكترونية في العالم؟ تختلف لوائح تدخين السجائر الإلكترونية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2024، حظرت 34 دولة بيع السجائر الإلكترونية. وفي بعض الحالات، ينطبق الحظر على بيع وتوزيع السجائر الإلكترونية، بينما في حالات أخرى، يُحظر تدخينها في الأماكن العامة. في بعض الدول، مثل أستراليا، يشترط بيع السجائر الإلكترونية ومنتجاتها - بصرف النظر عما إذا كانت تحتوي على النيكوتين أم لا - في الصيدليات فقط. وفي المقابل، وجدت الوكالة الأممية أن 88 دولة لا تضع حداً أدنى لناحية السن لشراء السجائر الإلكترونية، ولم يكن لدى 74 دولة أي قيود على استخدامها. وفي عام 2014، قام الاتحاد الأوروبي بمراجعة توجهه بشأن منتجات التبغ، وفرض لوائح أكثر صرامة على السجائر الإلكترونية، بما في ذلك قيود على السن وحدود على الإعلان والنكهات. لكن اللوائح تختلف داخل التكتل: حظرت فرنسا وبلجيكا السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة هذا العام، في حين تسمح اليونان باستخدامها وتسمح ببيعها في المتاجر المتخصصة. وفي الولايات المتحدة، يجب أن يكون عُمر المشترين 21 عاماً على الأقل، لشراء أجهزة السجائر الإلكترونية والسوائل المستخدمة فيها، من الباعة غير المتخصصين في التبغ. كيف تشكل السجائر الإلكترونية ضرراً على البيئة؟ وإلى جانب تقليل استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب، فرضت المملكة المتحدة حظراً على السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة للحد من تأثيرها على البيئة. ووفق وزارة البيئة، تم التخلص من نحو 5 ملايين سيجارة إلكترونية تستخدم لمرة واحدة أسبوعياً في عام 2023. وإضافة إلى بطاريات أيونات الليثيوم، تحتوي السجائر الإلكترونية على لوحات إلكترونية. وإذا تم التخلص منها بطريقة غير صحيحة، فقد تتسرب منها مركبات سامة مثل الكوبالت والنحاس، مما يهدد الحياة البرية وينشر مواد كيميائية سامة. ويمكن إعادة استخدام المعادن – والليثيوم - في حالة استعادتها، في التكنولوجيا الخضراء مثل بطاريات السيارات الكهربائية أو توربينات الرياح. لكن إعادة تدوير السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، يمثل تحدياً، نظراً لحجمها وتصميمها المعقد، ما يجعل من الصعب تفكيكها. وحذرت رابطة الحكومة المحلية في المملكة المتحدة، أيضاً من أن السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة تُشكل خطراً على عملية جمع النفايات والمخلفات، وقد تتسبب في اندلاع حرائق داخل شاحنات القمامة. ومع ذلك، لا توجد عملية إعادة تدوير واسعة النطاق للسجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة في المملكة المتحدة، لأن تنوع هذه المنتجات في السوق يجعل من الصعب تطوير آلية موحّدة لإعادة تدويرها. كم عدد الأطفال والبالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية؟ قدّر تقرير أن نحو 82 مليون شخص حول العالم استخدموا السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ التي "تُسخن ولا تُحرق" في عام 2021. وفي عام 2024، قُدّر أن نحو 1.63 مليون طالب (أي ما يعادل 5.9%) من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة استخدموا السجائر الإلكترونية، وفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وفي المملكة المتحدة، استخدم قرابة 18 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً (أي نحو 980 ألف طفل) السجائر الإلكترونية في عام 2024، وفق مسح أجرته جمعية صحية خيرية. وشهد استخدام السجائر الإلكترونية ارتفاعاً بين جميع الفئات العمرية فوق 16 عاماً، إذ استخدم قرابة 5.1 مليون شخص السجائر الإلكترونية في عام 2023. وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة أن 5.9 بالمئة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فأكثر كانوا يستخدمون السجائر الإلكترونية يومياً في عام 2023، في ارتفاع طفيف مقارنة بالعام السابق، في حين أن 3.9 بالمئة آخرين كانوا يستخدمونها من حين لآخر. في الوقت نفسه، تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن ما لا يقل عن 37 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً يستخدمون نوعاً من منتجات التبغ حول العالم، بما في ذلك السجائر، ومنتجات التبغ غير المدخن، وبشكل متزايد السجائر الإلكترونية.