logo
هل تتوقف «أبل» عن التصنيع بالصين؟

هل تتوقف «أبل» عن التصنيع بالصين؟

صحيفة الخليجمنذ 9 ساعات

د. رامي كمال النسور*
في عام 2011، ضغط الرئيس باراك أوباما، آنذاك، على ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، بشأن ما يتطلبه نقل إنتاج هواتف «آيفون» إلى الولايات المتحدة، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
بعد أربعة عشر عاماً، يُعيد الرئيس دونالد ترامب طرح هذا السؤال على تيم كوك، الرئيس التنفيذي الحالي لشركة «أبل»، والمخاطر أكبر بكثير. هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة بنسبة 25% على «أبل» وشركات الهواتف الذكية الأخرى ما لم تُصنّع هواتف تُباع في الولايات المتحدة.
نشر ترامب على موقع «تروث سوشيال»، مؤخراً: «أبلغتُ تيم كوك، رئيس الشركة، منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن تُصنّع وتُبنى هواتف آيفون التي ستُباع في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس في الهند أو أي مكان آخر. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب على«أبل» دفع هذه الرسوم الجمركية.
لطالما اعتمدت«أبل»، الشركة التقنية الأكثر قيمة في العالم، على الصين كمحور رئيسي لعملياتها التصنيعية. من أجهزة «آيفون» إلى أجهزة«ماك بوك»، تُجمّع الغالبية العظمى من منتجاتها في مصانع صينية، وبشكل رئيسي من قِبل شركة »فوكسكون« وغيرها من الشركات المصنعة المتعاقدة. ومع ذلك، فإن تنامي التوترات الجيوسياسية، وارتفاع تكاليف العمالة في الصين، والضغوط المتزايدة لتنويع سلاسل التوريد، أثارت سؤالاً مُلحّاً: هل تستطيع»أبل«التوقف عن تصنيع أجهزتها في الصين؟
يتميز نظام «أبل» الصناعي في الصين بضخامة تجذّره. يوفر هذا البلد مزيجاً فريداً من الحجم والكفاءة والبنية التحتية والعمالة الماهرة، يصعب تكراره في أي مكان آخر. على مدى العقدين الماضيين، استثمرت الشركة بكثافة في بناء سلسلة توريد مُحسّنة للغاية، مع تجمّع آلاف الموردين حول مصانع رئيسية. يسمح هذا التركيز بتحولات إنتاجية سريعة، وتسليم فوري، ودورات ابتكار سريعة - وهي عناصر أساسية في نموذج أعمال الشركة.
تُتيح الصين أيضاً، للشركة الوصول إلى سوق محلية ضخمة. يُعدّ المستهلكون الصينيون من أكبر عملائها، كما أن وجود عمليات في البلاد يُساعدها على الحفاظ على قدرتها التنافسية، وحضورها في هذه السوق الحيوية.
والسؤال الآن، لماذا تسعى الشركة إلى التنويع؟ في الحقيقة هناك عدة عوامل تدفعها إلى إعادة النظر في اعتمادها على الصين:
أولها التوترات الجيوسياسية، حيث ازداد التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما بشأن قضايا مثل التجارة، والوصول إلى التكنولوجيا، والأمن القومي. الرسوم الجمركية، والقيود المفروضة على صادرات الرقائق، والحديث المتزايد عن الانفصال الاقتصادي، تجعل الصين مكانًا أكثر خطورة للاعتماد عليه حصريًا. وجاء طلب الرئيس ترامب نقل التصنيع إلى أمريكا، ليزيد من حجم هذه الضغوط.
بعد ذلك تأتي مخاطر العمل والتنظيم، حيث واجهت الشركة انتقادات، بسبب ظروف العمل في المصانع الصينية، بما في ذلك تقارير عن العمل القسري وسوء بيئات العمل. استجابةً لهذه المخاوف المتعلقة بالسمعة، سعت الشركة إلى تحسين الرقابة، وتقليل الاعتماد على الموردين.
والآن، ما هي البدائل، الهند وفيتنام وما بعدهما في الحقيقة بدأت الشركة بالفعل في نقل أجزاء من سلسلة التوريد الخاصة بها، وتُصنّع الآن نسبة صغيرة، وإن كانت متزايدة، من »آيفون« في الهند. في عام 2023، ضاعفت الشركة إنتاج «آيفون» في البلاد ثلاث مرات، ووسّع موردون مثل فوكسكون عملياتهم هناك. ومع ذلك، لا تزال الهند تفتقر إلى شبكة سلسلة التوريد الناضجة التي توفرها الصين. أما في فيتنام، فتُنتج الشركة مكونات مثل AirPods، وبعض أجهزة MacBooks، وهي دولة شهدت نموًا سريعًا في تصنيع الإلكترونيات، كما توفر بيئة سياسية مستقرة وتكاليف عمالة أقل.
وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يُمكن لأيٍّ من هذه البدائل حاليًا أن يُضاهي حجم الصين أو كفاءتها، وسيستغرق نقل أجزاء كبيرة من الإنتاج خارج الصين سنوات، إن لم يكن عقودًا.
وفي حين أنه من غير المُرجّح أن تُوقف الشركة التصنيع في الصين تمامًا في المستقبل المنظور، فمن المنطقي توقّع استراتيجية تنويع تدريجية. ويبدو أن هدف الشركة هو تقليل المخاطر، من خلال بناء سلاسل توريد مُتوازية، بدلًا من نقل جميع المنتجات.
وأكد كوك الحاجة إلى المرونة والقدرة على التكيّف. لا تسعى الشركة إلى اتخاذ خطوات مفاجئة، قد تُعطّل العمليات أو ترفع التكاليف على المستهلكين. بدلًا من ذلك، تُطوّر الشركة ببطء نموذج تصنيع متعدد البلدان، يُقلّل الاعتماد على دولة واحدة.
إذن، هل يُمكن للشركة التوقف عن تصنيع أجهزتها في الصين؟ من الناحية الفنية، نعم - ولكن ليس بسرعة، وليس دون كلفة كبيرة واضطراب في العمليات. من الناحية الواقعية، ستواصل الشركة تنويع سلسلة توريدها مع الحفاظ على قاعدة تصنيع قوية في الصين في المستقبل المنظور. هذه العملية تطورية وليست ثورية، وتعكس اتجاهًا أوسع في قطاع التصنيع العالمي، حيث بدأت المرونة والاستراتيجية الجيوسياسية تنافسان التكلفة والكفاءة من حيث الأهمية. ولكن قد يتغير كل هذا فجأة بعد نهاية ولاية الرئيس «ترامب».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«غوغل» تتيح خدمة البحث بالصوت بدل الكتابة
«غوغل» تتيح خدمة البحث بالصوت بدل الكتابة

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • الإمارات اليوم

«غوغل» تتيح خدمة البحث بالصوت بدل الكتابة

تضيف شركة التكنولوجيا الأميركية «غوغل» خاصية المحادثة الصوتية المباشرة مع المستخدمين، من خلال خدمة البحث بالذكاء الاصطناعي «إيه.آي مود»، وهي خاصية بحث تجريبية تُتيح للمستخدمين طرح أسئلة مُعقدة ومتعددة الأجزاء على محرك البحث، ومع إضافة الخاصية الجديدة اسم «البحث المباشر» (سيرش لايف) يُمكن للمستخدمين إجراء محادثة صوتية سلسة مع محرك البحث، وتصفح الروابط ذات الصلة في جميع أنحاء الويب. وبحسب موقع تك كرانش، المتخصص في موضوعات التكنولوجيا، سيتمكن المستخدمون من الوصول إلى هذه الخاصية بفتح تطبيق «غوغل»، والنقر على زر «مباشر» (لايف) الجديد لطرح سؤالهم بصوت عالٍ، وسيسمع المستخدمون بعد ذلك رداً صوتياً مُولّداً بالذكاء الاصطناعي، ويمكنهم متابعة البحث بطرح سؤال بعد آخر. ويأتي إعلان «غوغل» الأخير بعد أسابيع قليلة من طرح الشركة الأميركية لخدمة «إيه.آي مود» لجميع المستخدمين في الولايات المتحدة. ويعتبر إطلاق هذه الخاصية بمثابة رد «غوغل» على خدمات شهيرة، مثل «بريبلكستي إيه.آي»، و«شات جي.بي.تي سيرش» التي تقدمها شركة «أوبن إيه.آي». وأثناء المحادثة، يمكنك النقر على زر «النص» لعرض الرد النصي، ومواصلة طرح الأسئلة بالكتابة إذا أردت.

بوابة النجوم الإماراتية (5)
بوابة النجوم الإماراتية (5)

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • الإمارات اليوم

بوابة النجوم الإماراتية (5)

تبيّن الأحداث الأخيرة أهمية تحليل البيانات الذكية والضخمة في تعزيز جاهزية الأفراد والقطاع الخاص، وحتى المستوى الوطني. ويشمل ذلك تحليلاً لمتغيرات أسواق المال والأسهم، والعملات الرقمية المشفرة وتسعيرها، وأسعار صرف العملات الأجنبية إلى آثار التضخم والأزمات الاقتصادية، وحتى أزمات الغذاء وسلاسل الإمداد، ونقص الإنتاج الغذائي والزراعي الناجم عن التغير المناخي، وصولاً إلى ‏ نفط المستقبل.. «البيانات»، وارتباطه ليس فقط بأنماط الحياة وخدمات المجتمع، بل حتى بالأمن الوطني والإقليمي والعالمي. لقد تطورت مستويات الوعي بأهمية البيانات والابتكار باستخداماتها وتحليلها لتشمل حتى طلبيات الوجبات السريعة، حيث اجتهد بعض المهووسين أو الانطوائيين بشكل مفرط، والذين ربما يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية «Nerds»، في ابتكار خوارزميات وطرق تحليلية جديدة لبيانات قد يستخف بها بعضهم، مثل حجم وتوقيت طلبيات الوجبات السريعة بالقرب من مقر مكاتب حكومية حساسة في أميركا، مستخرجين طرق تحليل مبتكرة لأنماط السلوك، كطلب وجبات سريعة بشكل مستمر وبكميات متزايدة ومتواصلة، بما يعكس استمرار العمل والمناوبات دون استراحة. وفي حالة العاصمة الأميركية كانت طلبيات مطاعم البيتزا مؤشراً على انشغال بالتعامل مع أحداث مهمة متوقعة الحدوث. قد يرى بعضهم أن هذا المقياس غير علمي، رغم أنه أثبت كفاءة عالية، بل يرى آخرون أنه لم يُخطئ. فمن يتوقع أن يصبح توقيت وكميات طلب البيتزا أو كنتاكي، أو حتى تكة بالروب، لتصبح من أهم مصادر ومقاييس المعلومات مفتوحة المصدر للتنبؤ الأمني على مستوى وطني وإقليمي، وحتى عالمي؟! إن ارتباط الذكاء الاصطناعي والتقنيات الثورية والناشئة في صناعة المستقبل ارتباط وثيق لا يمكن تجاهله، فمن رصد تحليلي دقيق لقراءات بيانات اليوم، إلى تطوير أنماط تحليلية تدعم اتخاذ القرار، وتعالج التحديات الآنية والمستقبلية استباقياً لتعزيز الصحة الفردية والاستقرار المجتمعي بخدمات تخصصية وباقات خدمية، ومنظمة متكاملة لدعم اتخاذ القرار. لكن هل هذا يكفي؟ لا، بل يجب علينا ألا نغفل أهمية الضوابط الأخلاقية والتشريعية، والتقنية مقرونة بممكنات الحوكمة لضمان منع إساءة واستغلال التقنيات واستخدامها لغير الأغراض القانونية. إن الإمارات وطن المستقبل، لا تسهم في صناعة التاريخ فحسب، بل تشكل المستقبل، وتعزز الجانب الأخلاقي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي بصناعة فرص تشكيل مستقبل مشرق، تكون البشرية والإنسانية ركيزته الأساسية، فضمان جودة الحياة، والسعادة بمجتمعات المستقبل، حجر الزاوية في الرفاه البشري، واستدامة التطور، وتعزيز الأمن لأجيال قادمة. *مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

محللون: السوق تتأهب لصعود النفط
محللون: السوق تتأهب لصعود النفط

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • الإمارات اليوم

محللون: السوق تتأهب لصعود النفط

قال مستثمرون ومحللون إن الهجوم الأميركي على المواقع النووية الإيرانية قد يرفع أسعار النفط إلى قمم جديدة، ويدفع المستثمرين إلى التهافت على أصول الملاذ الآمن. وأشارت ردود فعل في بورصات الشرق الأوسط، أمس، إلى أن المستثمرين كانوا لا يتوقعون الأسوأ، حتى مع تكثيف إيران هجماتها الصاروخية على إسرائيل رداً على القصف الأميركي المفاجئ. وتوقع مستثمرون أن يُحفّز التدخل الأميركي عمليات بيع في الأسهم، وربما إقبالاً على الدولار وأصول الملاذ الآمن الأخرى عند استئناف التداول. وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بوتوماك ريفر كابيتال»، مارك سبيندل: «أعتقد أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية، وأن النفط سيبدأ التداول على ارتفاع»، وأضاف: «ليس لدينا أي تقييم للأضرار وسيستغرق ذلك بعض الوقت»، ويعتقد سيبندل أن «حالة عدم اليقين ستُخيّم على الأسواق، إذ سيتأثر الأميركيون في كل مكان الآن، وسيزيد ذلك الضبابية والتقلبات، لاسيما في قطاع النفط». ومن بين المؤشرات إلى كيفية تفاعل الأسواق، خلال تداولات الأسبوع الجديد، هو سعر «إيثر»، ثاني أكبر عملة مشفرة والمقياس الجديد لمعنويات المستثمرين الأفراد بعد «بتكوين»، التي تشتريها الآن المؤسسات بشكل أساسي، إذ انخفض سعر العملة 5%، أمس، لتزيد خسائرها التي تتكبدها إلى 13% منذ بدء الضربات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو الجاري. ومع ذلك، بدت معظم أسواق الأسهم الخليجية غير متأثرة بالهجمات، التي وقعت في وقت مبكر من صباح أمس. وقال كبير محللي الطاقة لدى «إم.إس.تي ماركي» في سيدني، سول كافونيتش: «يعتمد الكثير على كيفية رد إيران في الساعات والأيام المقبلة، لكن هذا ربما يضعنا على مسار 100 دولار للبرميل إذا ردت إيران كما هددت سابقاً». وارتفعت العقود الآجلة لخام «برنت» بما يصل إلى 18%، منذ 10 يونيو، لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريباً عند 79.04 دولاراً، الخميس الماضي، إلا أن المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لم يشهد تغيراً يُذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو. وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأميركي، رجح الشريك الإداري في مجموعة «هاريس» المالية، جيمي كوكس صعود أسعار النفط بسبب الأنباء، لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة. ويحذّر اقتصاديون من أن ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي، الذي يعاني بالفعل ضغوطاً بسبب رسوم ترامب الجمركية. ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابراً، فخلال الأحداث البارزة السابقة، التي أدت إلى أوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، تراجعت الأسهم في البداية، لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية. وأظهرت بيانات «ويدبوش سيكوريتيز» و«كاب آي.كيو برو» أن المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تراجع في المتوسط 0.3%، في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت بدء الصراع، لكنه عاود الصعود 2.3% في المتوسط بعد شهرين من اندلاع الصراع. ويمكن أن يؤدي التصعيد إلى آثار متباينة على الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأميركي، ورأى محللون أن تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية قد يحقق فائدة للدولار في البداية بفضل البحث عن ملاذ آمن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store