
"OpenAI"... الذكاء الاصطناعي بين الصالح العام وتحفيز الاستثمار
سعت "OpenAI" منذ بداياتها إلى تطوير الذكاء الاصطناعي بما يخدم البشرية جمعاء، واضعة الصالح العام في صميم أهدافها، غير أن رحلتها نحو بناء "الذكاء الاصطناعي العام" قادتها لاحقاً إلى تبني نموذج ربحي محدود، أثار نقاشاً واسعاً حول توازن الابتكار والمسؤولية.
أُسست الشركة في الـ15 من ديسمبر (كانون الأول) 2015 على يد سام ألتمان وإيلون ماسك ومجموعة من الشركاء، من بينهم شركتا "أمازون ويب سيرفيسز" و"إنفوسيس" الهندية. ووفقاً للميثاق التأسيسي فإن مهمة "OpenAI" الأساسية هي "ضمان أن يستفيد جميع البشر من الذكاء الاصطناعي العام (AGI)".
وتشير الشركة في وثائقها الرسمية إلى أن "من الصعب تخيل حجم الفائدة التي قد يجلبها الذكاء الاصطناعي على مستوى الإنسان للمجتمع"، مؤكدة في الوقت ذاته أن "من الصعب بالقدر نفسه إدراك حجم الضرر الذي قد يلحقه بالمجتمع إذا بُني أو استُخدم بطريقة خاطئة". وتضيف "نظراً إلى التاريخ المفاجئ لتطور الذكاء الاصطناعي، فمن الصعب التنبؤ بموعد اقترابه من مستوى الذكاء البشري. وعندما يحدث ذلك سيكون من المهم وجود مؤسسة بحثية رائدة تضع الصالح العام فوق مصالحها الذاتية".
وفي هذا السياق، توقع الرئيس المشارك سام ألتمان أن المشروع "سيستغرق عقوداً"، وقد "يتجاوز في نهاية المطاف الذكاء البشري".
عقد بقيمة 200 مليون
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في الـ18 من يونيو (حزيران) الجاري توقيع عقد بقيمة 200 مليون دولار مع شركة "OpenAI"، لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي تُستخدم في الدفاع السيبراني وتحسين الكفاءة الإدارية والعسكرية.
وذكر بيان الوزارة أن "OpenAI" ستطوّر نماذج أولية لمعالجة تحديات الأمن القومي، في حين أوضحت الشركة أن هذا التعاون يأتي ضمن مبادرة جديدة لإتاحة نماذجها للحكومة الأميركية، مع التزام عدم استخدامها في تطوير الأسلحة أو الإضرار بالأشخاص.
الصفقة أعادت الجدل في شأن تعديل "OpenAI" لشروط الاستخدام العام الماضي، وإزالة الحظر على التطبيقات العسكرية، مما أثار انتقادات داخل الأوساط الأكاديمية.
وأشارت الشركة إلى أن أدواتها ستُسهم أيضاً في تحسين خدمات الرعاية الصحية العسكرية، وتعزيز الدفاع السيبراني الاستباقي.
وتأتي هذه الخطوة بعد شراكة مماثلة أبرمتها "OpenAI" مع شركة "Anduril" لتطوير تقنيات مواجهة الطائرات المسيّرة، في وقت تخفف فيه شركات مثل "Anthropic" و"Google" و"Meta" قيودها على الاستخدامات العسكرية للذكاء الاصطناعي.
تحول تدريجي نحو الربحية
في عام 2019، أعلنت "OpenAI" تحولها إلى نموذج "ربحي محدود العائد" (Capped-Profit)، يحدد سقف أرباح المستثمرين عند 100 ضعف قيمة استثماراتهم الأصلية. ووفقاً للشركة، فإن هذا النموذج "يتيح جذب الاستثمارات من صناديق رأس المال الجريء بصورة قانونية، كذلك يسمح بمنح الموظفين حصصاً في الشركة".
وفي إطار هذا التحول، أطلقت "OpenAI" شراكة استراتيجية مع شركة "مايكروسوفت" شملت استثماراً بقيمة مليار دولار، لكن ألتمان أشار لاحقاً إلى أن هذا المبلغ "قد لا يكون كافياً"، مضيفاً أن المشروع "قد يتطلب رأس مال يفوق ما جمعته أي منظمة غير ربحية في التاريخ".
وعلى رغم الانتقال إلى نموذج ربحي، أبقت الشركة على بنيتها القانونية لضمان التزامها الرسالة العامة، إذ تعد "OpenAI, Inc" – وهي المنظمة غير الربحية – المساهم المسيطر في الشركة التجارية "OpenAI Global, LLC"، مما يمنحها سلطة قانونية للحفاظ على أهداف الميثاق غير الربحي.
تحول غير ناضج أم تمويه استثماري؟
يثير نموذج "الربح المحدد" الذي تتبناه "OpenAI" تساؤلات متزايدة في الأوساط التقنية والأكاديمية، حول ما إذا كان بالفعل يحد من جشع المستثمرين كما تدعي الشركة، أم أنه مجرد غلاف تسويقي يتيح تحقيق أرباح ضخمة تصل إلى 100 ضعف قيمة الاستثمار الأصلي، من دون رقابة حقيقية أو إفصاح شفاف أمام الرأي العام.
وتعقد البنية المؤسسية للشركة هذا الجدل، إذ تتولى المنظمة غير الربحية "OpenAI, Inc" السيطرة الكاملة على الكيان الربحي "OpenAI Global, LLC"، في صيغة إدارية هجينة يرى بعض المتابعين أنها تفتقر إلى الوضوح وتفتح الباب أمام تضارب المصالح. وقد زادت الشكوك مع التغيرات التي طرأت على مجلس الإدارة، إذ استبدلت ببعض الشخصيات العلمية وجوهاً ذات خلفيات تجارية واستثمارية، مما أثار مخاوف في شأن تغير الأولويات داخل المؤسسة.
كذلك يحذر متخصصون من تداعيات احتكار النماذج المتقدمة والبيانات الحساسة من قبل شركة واحدة، مما قد يقوض مبدأ "الابتكار المفتوح" الذي نشأت عليه "OpenAI"، ويحد من فرص الباحثين والأكاديميين المستقلين في الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة. وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع: من يمثل المستخدمين أو الصالح العام داخل منظومة باتت تدار بقرارات مغلقة ومصالح استثمارية متسارعة؟
وفي هذا السياق، يوضح أستاذ علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في جامعة الكويت، محمد علي الملا، أن استخدام "OpenAI" للبيانات العامة المتاحة على الإنترنت لتدريب نماذجها، ثم تحويل هذه النماذج إلى منتجات تجارية، يثير إشكالات متعددة "أخلاقية وقانونية وتقنية – اقتصادية"، على حد وصفه.
ويضيف الملا "أخلاقياً، يعد استخدام المحتوى الإبداعي أو الابتكاري، مثل المقالات والصور والبرمجيات المفتوحة المصدر، من دون إذن أو تعويض، نوعاً من الاستغلال غير العادل. أما من الناحية القانونية فلا تزال معظم التشريعات حول العالم غير محدثة بما يتوافق مع تطورات الذكاء الاصطناعي، مع الإشارة إلى وجود فارق قانوني دقيق بين مجرد الاطلاع على المحتوى واستخدامه لإنتاج بديل ربحي مغلق".
ويتابع قائلاً "من الجانب التقني – الاقتصادي يمكن النظر إلى المسألة بصورة أكثر مرونة إذا استخدمت البيانات العامة لتطوير أدوات تخدم المصلحة العامة، مثل إتاحة نماذج مجانية من ChatGPT، أو دعم أبحاث غير ربحية، كذلك يمكن تقنين هذا الاستخدام من خلال تعويض منشئي المحتوى عبر اتفاقات أو تراخيص عادلة تضمن حقوقهم".
تحذير من "احتكار العقول" في عصر الذكاء الاصطناعي
يحذر أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة الكويت، محمد الملا، من تداعيات احتكار نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة من قبل عدد محدود من الشركات الكبرى مثل "OpenAI" و"غوغل" و"Anthropic"، معتبراً أن استمرار هذا التوجه سيجعل الابتكار موجهاً لمصالح السوق على حساب الاستخدامات العامة، كتحسين التعليم في الدول الفقيرة أو دعم القضايا البيئية.
ويؤكد الملا أن ما نشهده اليوم يتجاوز احتكار البيانات نحو "احتكار العقول"، إذ باتت هذه النماذج قادرة على إنتاج المعرفة وتقديم الاستشارات وكتابة الأكواد وتحليل البيانات المالية، مما يمنح الشركات المالكة لها سلطة شبه شاملة على القرار الفردي والمجتمعي. ويضيف "نحن أمام جيل جديد من الإمبراطوريات التقنية، لكن الأخطر أنها لا تسيطر على وقتك أو سلوكك فحسب، بل على طريقة تفكيرك".
ويختتم بالقول إن إدارة الذكاء الاصطناعي يجب أن تعامل كمنفعة عامة لا كسلعة تجارية، محذراً من "استعمار معرفي" قد يفرض إذا لم تفتح هذه النماذج بصورة تدريجية ومدروسة وتحت رقابة عالمية.
أزمة قيادة وتمويل محفوفة بالتحديات
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 واجهت "OpenAI" واحدة من كبرى أزماتها الإدارية، حين قرر مجلس الإدارة إقالة الرئيس التنفيذي سام ألتمان بدعوى "فقدان الثقة"، مما أدى إلى موجة استقالات شملت كبار الباحثين، وتهديد نحو 95 في المئة من الموظفين بالاستقالة والانضمام إلى "مايكروسوفت" ما لم يعد ألتمان إلى منصبه. وتحت ضغط داخلي وخارجي عاد ألتمان لاحقاً إلى موقعه، مع إعادة تشكيل مجلس الإدارة. وأشارت تقارير لاحقة إلى أن الخلافات تمحورت حول مشروع سري يعمل على تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في مجالي المنطق والرياضيات، مما أثار مخاوف تتعلق بالسلامة.
في موازاة ذلك تواجه الشركة تحديات تمويلية كبيرة في ظل كلف تشغيلية مرتفعة تشمل بناء مراكز بيانات وتأمين خبرات تقنية متقدمة. ويبدو أن الاستمرار بنموذج غير ربحي لم يعد خياراً واقعياً، في وقت تتجه فيه شركات منافسة مثل "xAI" التابعة لإيلون ماسك، إلى جمع تمويلات ضخمة تجاوزت 14 مليار دولار منذ عام 2023، مع خطط لجمع مزيد عبر الأسهم والديون.
نماذج متباينة في سباق الذكاء الاصطناعي
يتسارع التنافس بين شركات الذكاء الاصطناعي حول العالم، وسط تباين في الفلسفات بين الربحية والانفتاح والسلامة. ففي حين تتبنى "OpenAI" نموذجاً مختلطاً بين الربح والمسؤولية، اختارت "Anthropic" نهج "الذكاء الاصطناعي الدستوري" مع تركيز واضح على الحوكمة الأخلاقية، أما "DeepMind" التابعة لـ"غوغل"، فانتقلت تدريجاً من مشروع بحثي إلى ذراع تجاري، في حين تبنت "Meta" الانفتاح الكامل عبر نماذج LLaMA مفتوحة المصدر.
في المقابل، تتبنى شركات مثل "xAI" و"مسترال" نهجاً أكثر تحرراً في تطوير ونشر النماذج، بينما تبرز "DeepSeek" الصينية باهتمامها بالشفافية وإتاحة أدوات قوية مفتوحة المصدر في مجالات عدة. هذا التنوع يعكس معادلة معقدة تجمع بين الطموح التقني ومتطلبات الأمان والحوكمة العالمية.
مع احتدام المنافسة بين شركات كبرى مثل "OpenAI" للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، تزداد المخاوف من أن تسارع الخطى بدافع الربح قد يتجاوز معايير السلامة والأخلاقيات، في ظل غياب جهة رقابية دولية موحدة. وهو ما يفتح الباب أمام دعوات متزايدة لتأسيس ميثاق عالمي أو هيئة أممية، على غرار "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، لضبط هذا السباق ووضع معايير شفافة للمساءلة واستخدام الموارد.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ظل هذا الفراغ الرقابي، تطرح ثلاثة مسارات محتملة: اتفاق دولي ملزم، أو هيئة مستقلة لمراقبة تطور AGI، أو تنسيق متعدد الأطراف عبر مؤسسات قائمة مثل الشراكة العالمية للذكاء الاصطناعي (GPAI).
على المستوى العربي، يرى محمد الملا أن تطوير بدائل مفتوحة المصدر ممكن، شرط وجود دعم حكومي واستثمار منظم في البحث والبنية التحتية. ويؤكد أن الكفاءات العربية موجودة، كما أثبت نجاح نماذج في دول مثل الهند وتركيا، لكن المطلوب اليوم هو رؤية استراتيجية تدمج التشريعات والتمويل والتدريب، لبناء منظومات ذكاء اصطناعي محلية قادرة على المنافسة.
ومع تصاعد نفوذ شركات الذكاء الاصطناعي في تشكيل المشهد المعرفي والاقتصادي، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن للعالم أن يواكب هذا التحول بأدوات رقابية وتشريعية تضمن العدالة والشفافية؟ أم أن السباق نحو "الذكاء العام" سيبقى مفتوحاً أمام من يمتلك القدرة، لا من يستحق القرار؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الموقع بوست
منذ 34 دقائق
- الموقع بوست
تقليص المساعدات يفاقم أزمة اليمن الإنسانية
قلصت الأمم المتحدة خططها لتقديم الدعم الإنساني في اليمن خلال السنوات الأخيرة، كما تضاءل حجم الدعم الذي يقدمه المانحون الدوليون لهذا البلد بشكل كبير، خاصة خلال العامين الماضيين، الأمر الذي يهدد بعواقب جسيمة قد يتعرض لها السكان الأكثر ضعفاً في البلاد. ويأتي ذلك رغم استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لملايين اليمنيين. وبعد أن كان حجم خطط الأمم المتحدة السنوية يتجاوز 4 مليارات دولار عام 2019 لتقديم الدعم لأكثر من 21 مليون شخص من أصل أكثر من 24 مليونا هم بحاجة للحصول على المساعدات، وضعت الخطة الأممية للعام الحالي في هدفها تقديم الدعم لـ10.5 ملايين شخص، بموازنة 2.5 مليار دولار. لكنها حتى منتصف العام، لم تتلق سوى 10.7 ملايين دولار من التمويل المطلوب من المانحين الدوليين. وقال مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إن التراجع الكبير في التمويل أجبر المنظمة على صياغة خطة طارئة تركّز على الأولويات القصوى من أجل مواصلة إنقاذ الأرواح. وأضاف المكتب في إجابة عن أسئلة من الجزيرة نت أن الخطة المعدّلة تدعو لتوفير مبلغ 1.4 مليار دولار للوصول إلى 8.8 ملايين شخص من الفئات الأشد ضعفًا، مقارنة بالخطة الأصلية التي استهدفت 11.2 مليون شخص بتمويل قدره 2.4 مليار دولار. حجم الأزمة قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا إن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يعانون من جوع حاد، وهو ما يقارب نصف سكان البلاد، مشيرة إلى أن سوء التغذية يؤثر على 1.3 مليون حامل ومرضعة، إضافة إلى 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة. وأضافت مسويا في إحاطة خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن الشهر الجاري أنه "من دون دعم إنساني مستدام، قد ينتهي الأمر بنحو 6 ملايين شخص آخرين إلى مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي". وكانت 116 وكالة بالأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية ومحلية يمنية قالت -في بيان مشترك أصدرته في مايو/أيار الماضي- إن اليمنيين يواجهون "ما يمكن أن يكون أصعب عام بالنسبة لهم حتى الآن". وقد انعكس استمرار الانقسام النقدي والتدهور الاقتصادي في اليمن على الوضع المعيشي لملايين الأشخاص الذين تأثروا بشكل مباشر بفقدان العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة لأكثر من نصف قيمتها خلال عامين ونصف العام، مما أدى لارتفاع أسعار السلع ومشتقات الوقود، إذ زادت تكلفة سلة الغذاء بنسبة 33% خلال عام. نقص المساعدات ومع استمرار تخفيضات المانحين رغم تقليص الأمم المتحدة خطتها الطارئة في اليمن للعام الحالي، تحذر المنظمة الدولية من أنه إذا لم تلب المتطلبات التمويلية العاجلة فستدهور حالة الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن، وسيعاني ما يقرب من 6 ملايين شخص إضافي من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، كما سيفقد حوالي 400 ألف من صغار المزارعين الضعفاء مصدرهم الرئيسي للغذاء والدخل على الفور. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن جزءًا كبيرًا من النظام الصحي في اليمن سيقترب من الانهيار من دون التمويل اللازم، وسيتوقف 771 مرفقًا صحيًا عن العمل، مما يعني أن 6.9 ملايين شخص لن يتلقوا خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية المنقذة للحياة، كما ستتعرض القدرة على الاستجابة لمنع تفشي الأمراض والأزمات البيئية لعراقيل صعبة، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض والوفيات التي يمكن تجنبها. وبدأت تأثيرات نقص تقديم المساعدات تظهر جليًا، وقال تقرير صادر عن 6 وكالات أممية ودولية إن أكثر من 88 ألف طفل دون سن الخامسة دخلوا المستشفيات نتيجة سوء التغذية الحاد الوخيم، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى أبريل/نيسان من العام الجاري. ويرى مدير مركز قرار للدراسات الإنسانية سليم خالد أن الأزمة الإنسانية في اليمن تُعد واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً من حيث الحجم والمدة والتحديات التشغيلية، مشيراً إلى أن العملية الإنسانية تواجه تأثيرات مختلفة ومركبة على مستوى جميع القطاعات الرسمية والأهلية مع تراجع التمويل الدولي. وقال خالد -في حديث للجزيرة نت- إن عدداً من المنظمات المحلية التي تعتمد على الشراكات والتمويل من المنظمات الدولية أغلقت أبوابها بسبب تراجع التمويل، مما يمثل ضربة قاسية للقدرة المحلية على الاستجابة للاحتياجات، ويقلل من الوصول إلى المناطق المتضررة. وأشار مدير مركز قرار إلى أن التدخلات الإنسانية التي لا تشرف عليها وكالات الأمم المتحدة ليست أحسن حالاً، فقد شهدت كثير من المنظمات المحلية تقليصاً كبيراً في مشاريعها بسبب تراجع التمويلات القادمة من الجاليات اليمنية في الخارج أو من الهيئات الخيرية والإغاثية العربية. ويتضح من خلال بيانات الأمم المتحدة أن نسبة تمويل العمليات الإنسانية في اليمن كانت مرتفعة خلال الأعوام الماضية التي كانت تشهد ذروة المعارك، إذ حصلت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019 على تمويل مرتفع بنسبة تقترب من 87% من أصل نحو 4.2 مليارات دولار طلبتها الأمم المتحدة. وقال مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن للجزيرة نت إن أبرز عوامل نقص التمويل قرار بعض الجهات المانحة الرئيسية، بما في ذلك قرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيه آي دي" (USAID) تعليق أو تقليص تمويلها، إضافة إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلى جانب تعدد الأزمات الإنسانية بأماكن أخرى مثل أوكرانيا وجنوب السودان وغزة. وكانت الولايات المتحدة مانحاً رئيسياً للعمليات الإنسانية في اليمن خلال السنوات الماضية، إذ قدمت بمفردها نصف قيمة التمويل الذي حصلت عليها خطة الأمم المتحدة عام 2024، عبر برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب -فور توليه المنصب مجددا في يناير/كانون الثاني الماضي- بإيقاف المساعدات الخارجية للوكالة الأميركية، الأمر الذي حرم اليمن من جزء من المساعدات. وحسب بيانات المكتب الأممي الإنساني باليمن بين عامي 2021 و2024، ذهبت أكثر من نصف نفقات خطط الاستجابة الإنسانية تلك الفترة على توفير الغذاء الآمن والمنقذ لحياة الأسر الأكثر ضعفاً، بمتوسط بلغ 54% من إجمالي المساعدات. وأنفقت الأمم المتحدة -خلال الأعوام الأربعة الماضية- ما نسبته أكثر من 10% من خططها لتقديم التغذية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والحوامل والمرضعات، بينما خصصت نحو 9% من مساعداتها لصالح القطاع الصحي الذي تأثر بشكل كبير بسبب عقد من الصراع في البلاد. وقد تفرقت المساعدات الأخرى لقطاعات أخرى مثل التعليم والنازحين وتقديم المأوى والمواد غير الغذائية، وآليات الاستجابة السريعة، والخدمات لصالح اللاجئين والمهاجرين، وكذلك المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية، إضافة إلى تقديم مساعدات نقدية. ودفعت تخفيضات المانحين منظمة اليونيسيف لإيقاف مشروع التحويلات النقدية الطارئة، والذي استفادت منه أكثر من مليون و400 ألف أسرة يمنية خلال الفترة من 2017 وحتى أواخر 2024، بعد 19 دورة صرف. وقال مسؤول الإعلام بمكتب اليونيسيف في اليمن كمال الوزيزة للجزيرة نت إن هناك مشروعاً آخر يجري الإعداد له حالياً يستهدف تقديم الدعم لنحو 500 ألف أسرة من الأسر الأشد فقراً، مشيراً إلى أن المشروع الجديد سيشمل جميع المديريات في اليمن.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
سوريا تتجه إلى توحيد أسعار الصرف والتعويم المدار لليرة
تتجه سوريا نحو توحيد أسعار صرف الليرة السورية بالتوازي مع اللجوء إلى سياسة "التعويم المدار" للعملة المحلية، وفقاً لما أعلنه حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية ما يعني أن المركزي سيتدخل كبائع ومشتر في سوق القطع وفقاً لعوامل العرض والطلب. "التعويم المدار" إحدى أدوات السياسة النقدية لإدارة سعر الصرف من خلال ربط سعر الصرف بثبات أو بهامش حركة محدود مع عملة رئيسة محددة مثل الدولار الأميركي أو اليورو، على أن يتم تحريك العملة صعوداً أو هبوطاً مقابل العملة الرئيسة بناء على أداء الاقتصاد الكلي للدولة المصدرة لهذه العملة، ويتم تحديد السعر مقابل العملة الرئيسة بقرار إداري من البنك المركزي المصدر للعملة محل سعر الصرف بالتعويم المدار، إلا أنه يظل محكوماً بحجم الاحتياط النقدي الأجنبي وقدرة الاقتصاد على الوفاء بالتزامات الاستيراد وخدمة الديون الخارجية. ويأتي إعلان حاكم المركزي السوري عبد القادر حصرية بالتوجه نحو سياسة "التعويم المدار" في ظل حالة نقدية متشابكة مع الانكماش الذي حدث في جميع مناحي الاقتصاد، مما يتطلب أولاً إجراء إصلاحات في السياسات النقدية تهدف إلى زيادة مستوى الشفافية والانسجام مع المعايير الدولية. متخصصون سوريون في مجال النقد نصحوا قبل اللجوء إلى "التعويم المدار" العمل أولاً على إنهاء سياسة "حبس السيولة المتبعة منذ سنوات بهدف السيطرة على سعر الصرف، معتبرين أن ذلك من شأنه إعادة ترميم الثقة بالمؤسسات النقدية والمصرفية وحتى يتمكن سعر الصرف من أن يكون معبراً عن قوى السوق، خصوصاً أن سياسة التقييد النقدي أثرت سلباً في القطاعات الإنتاجية وتسببت في تشوه القدرة الشرائية لليرة السورية، وأكدوا ضرورة رفع سعر الفائدة لتكون بعد إلغاء معدل التضخم والتوقعات بارتفاع أو انخفاض سعر الصرف تعادل معدلات الفائدة المتعارف عليها دولياً، لتشجيع عودة الإيداعات التي تسمح بدورها بسياسات إقراضية داعمة للاقتصاد. مزادات بداية الحرب استنزفت القطع ليست المرة الأولى أن تلجأ فيها سوريا إلى سياسة "التعويم المدار"، فقد مارس المركزي السوري لسنوات، خصوصاً خلال السنوات الأولى للحرب تجربة المزادات "أي بيع الدولار مباشرة للمواطنين والمستوردي" التي وصفت بـ"الفاشلة" بعد أن استنفدت البلاد من القطع الأجنبي، إلا أن تجربة "التعويم المدار" بصورتها الناجحة كانت في الفترة من 2016 حتى 2018، عندما تمكن المركزي من تطبيق سياسة "التعويم المدار" بصورة غير معلنة، مما ساعد في تراجع سعر الصرف من 700 ليرة مقابل الدولار الواحد وثباته عند 430 ليرة، مما ساعد أيضاً في ترميم الاحتياط جزئياً، مما ساعد في استمرار ضمان تمويل المستوردات حتى اضطر تجار السوق السوداء إلى البيع بأقل من السعر الرسمي المحدد من قبل المركزي. ولكن ما حدث في السنوات التالية ونتيجة السياسات المتبعة التي ركزت على تقيد الكاش وحبس السيولة مع ما اعتراها من فساد منصة تمويل المستوردات التي التهمت أكثر من 650 مليون دولار من أموال التجار، مما أدى إلى تراجع حاد في رصيد الاحتياطي وإلى تأثر الاقتصاد بسياسات حبس الكاش التي تبناها البنك المركزي وأيدتها السلطة السياسية التي تحولت إلى طرف في إدارة النقد في البلاد لاحقاً، على حساب استقلالية البنك المركزي، على رغم أضرارها الكبيرة على الاقتصاد، وكان التدخل على حساب الإنتاج بحجة الدفاع عن سعر الصرف، ولكن الذي حدث أن سعر الدولار ارتفع من 1000 ليرة عام 2019 إلى 15 ألف ليرة عند سقوط النظام، وهو ما أدى إلى ابتعاد الجهاز المصرفي عن أداء دوره لمصلحة انتعاش شركات الصرافة. وعلى رغم الاستمرار بسياسة حبس الكاش حتى الآن فإن تغييرات مهمة طرأت على الوضع النقدي في سوريا، فقد تراجع سعر الصرف ما بين 30 إلى 40 في المئة، ألغيت منصة تمويل المستوردات وتحرر العمليات التجارية والإنتاجية من الكلف الإضافية التي كانت تكبلها في السنوات الماضية. ويبدو أن إعلان حاكم مصرف سورية المركزي التوجه نحو التعويم المدار خطوة مقبولة ومهمة في حال تم تنفيذها بصورة سليمة وتمت إحاطتها بقرارات وإجراءات داعمة ومساندة لها. تثبيت بالعرض وليس بقرار إداري من جهتها، قالت وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي إن "التعويم بصورة عامة، هو أن يحدد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الرئيسة بناء على عمليات العرض والطلب في السوق، ومصادر العرض في سوريا تأتي من الصادرات والحوالات والسياحة، بينما الطلب فتحدده كمية المستوردات والالتزامات والديون الخارجية"، موضحة "أن تحديد السعر يتم وفقاً لمحددات وظروف اقتصادية بحتة، وليس من خلال تثبيت سعر إداري للعملة الوطنية". وأضافت "من هنا نستطيع القول إن التعويم يستخدم لتحقيق استقرار اقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات وتقليل الضغط على الاحتياط النقدي للدولة لتحقيق استقرار اقتصادي، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات، وتقليل الضغط على الاحتياط النقدي للدولة، ومع ذلك تتابع عاصي حديثها، قد يؤدي التعويم بصوره المختلفة إلى تقلبات كبيرة في أسعار الصرف، مما يرفع معدل التضخم ويهدد الاستقرار المالي في الدولة". وأشارت إلى 3 طرق تتعلق بتحديد سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، "أولها تثبيت سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الأساسية بصورة إدارية كما هي الحال في سوريا منذ عقو ، بينما الطريقة الثانية هي التعويم الحر، وهو أن يحدد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الرئيسة بحسب عوامل السوق بصورة كاملة، وتتبع هذا النظام الدول ذات الاقتصادات القوية والاحتياطات الكبيرة التي تتمكن من تجاوز الانعكاسات السلبية للتعويم الحر للعملة". وحول الطريقة الثالثة قالت لمياء عاصي، "تتعلق بالتعويم المدار، إذ يحدد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية وفقاً لعوامل السوق"، مستدركة "لكن يتدخل المصرف المركزي في سوق العملات من طريق البيع والشراء عند التغيرات المفاجئة الحادة التي تتجاوز فيها هوامش التغير المسموحة وتبرز الحاجة لتحقيق الاستقرار النقدي، لتحقيق التوازن بين الاستقرار النقدي وضمان مرونة سعر الصرف". وحول أبرز الدول التي تتبع سياسة "التعويم المدار" أشارت لمياء عاصي إلى الصين والهند وروسيا وماليزيا والبرازيل وجنوب أفريقيا ومصر وغيرها، "وهي دول قامت بإجراء إصلاحات اقتصادية واسعة بصورة مسبقة قبل تطبيق التعويم المدار". رفع سعر الفائدة لتخفيف آثار التعويم المدار في السياق نفسه، أشارت وزيرة الاقتصاد السابقة إلى وجود جملة عوامل يتسم بها الاقتصاد السوري من شأنها أن تزيد الآثار السلبية الناجمة عن تطبيق سياسة "التعويم المدار"، أولها ضعف الاحتياطات الموجودة في المصرف المركزي والتي تحد من قدرته على التدخل في سوق الصرف وتجعله غير قادر على ضمان استقرار سعر العملة المحلية، إضافة إلى اتباع سياسة تقييد السيولة في النظام المصرفي بالكامل، الأمر الذي نتج منه سعر غير واقعي لسعر الصرف تجلى في تحسن سعر الليرة السورية من دون أن تنخفض الأسعار بما يقابل هذا التحسن، إلى جانب الدور الأساس والفاعل للسوق الموازية "السوداء" والذي يسهم في تحديد سعر صرف العملة المحلية. وأكدت أن العوامل المذكورة آنفاً، قد تؤدي إلى تقلبات كبيرة ومفاجئة في سعر الصرف، وتنعكس سلباً على أسعار الواردات، مما يؤدي إلى ارتفاع في معدل التضخم والمزيد من تدني مستوى معيشة غالبية المواطنين. وتابعت "لذلك فثمة تحديات يمكن أن تواجه التعويم المدار في سوريا، أبرزها، أن التعامل في سوق الصرف بسوريا سابقاً وحالياً يشهد هيمنة كبيرة للسوق السوداء أو الموازية على سعر الصرف، أيضاً ضعف الثقة بالمؤسسات النقدية يزيد الطين بلة في زعزعة الثقة بالعملة الوطنية، إضافة إلى التخوف من استنزاف الاحتياطات النقدية لدى المركزي للدفاع عن سعر صرف معين للعملة المحلية مقابل الدولار". وقالت لمياء عاصي إنه "على رغم الحالة النقدية المتشابكة مع الانكماش الذي حدث في جميع مناحي الاقتصاد، إلا أن هناك بعض الحلول التي من شأنها تخفيف الآثار السلبية المصاحبة للتحول إلى التعويم المدار ومنها، إجراء إصلاحات في السياسات النقدية الغرض الأساس منها زيادة مستوى الشفافية والانسجام مع المعايير الدولية، إلى جانب تطوير مسألة جمع البيانات وإصدارها من خلال تقارير دولية، إضافة إلى إنهاء حالة التقييد النقدي حبس السيولة تدريجاً، في محاولة لإعادة ترميم الثقة بالمؤسسات النقدية، حتى يتمكن سعر الصرف من أن يكون معبراً عن قوى السوق، كذلك، رفع سعر الفائدة لتكون بعد إلغاء معدل التضخم والتوقعات بارتفاع أو انخفاض سعر الصرف لتعادل معدلات الفائدة المتعارف عليها دولياً، لتشجيع عودة الإيداعات للمستوى المقبول في مكافحة المضاربة لتقليل التقلبات الحادة في سعر الصرف، من طريق الضوابط والسقوف النقدية، أيضاً يجب إلغاء سياسة حبس السيولة النقدية تدريجاً، السياسة التي طالما أثرت سلباً في العمليات الإنتاجية والتجارية وتتدخل في تشويه القوة الشرائية لليرة السورية، أخيراً إطلاق منصة رسمية، لشراء وبيع الدولار بسعر قريب من السعر الحقيقي الذي تحدده عمليات العرض والطلب". تجهيز البيئة والأدوات النقدية أولاً من جانبه، يرى المصرفي السوري محمد الخواجة أن "التعويم سيتيح المجال أمام مصرف سوريا المركزي ليكون مؤثراً ومتحكماً في سعر الصرف من خلال الكتلة النقدية التي يطرحها سلباً أو إيجاباً بالليرة أو بالدولار"، مشيراً إلى أن "المركزي كان يتدخل في بداية الحرب عبر مزادات لبيع شرائح من الدولار، لكنه فشل وأدى إلى ضياع رصيد البلاد من القطع الأجنبي"، مستدركاً "لكن في المقابل نجح بين عامي 2016 و2018 في بتنفيذ سياسة التعويم المدار مدعوماً برصيد الضرائب واستطاع عبر كتلة نقدية متوافرة أن يبيع ويشتري ونجح في خفض سعر الصرف وتثبيته لشهور طويلة، ولكن السياسات اللاحقة كانت خاطئة وتسببت في رفع سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة". وأكد أن التوجه الحالي للمركزي السوري نحو "التعويم المدار" تبدو خطوة في غاية الأهمية فذلك سيمكنه من فرض سلطته بصورة أو بأخرى في سوق القطع من خلال آليات معينة للبيع والشراء، وهذا يتطلب أن تكون لديه كميات كبيرة وكافية من الليرة والدولار على حد سواء، فالتعويم يسمح للسوق بتحديد السعر الحقيقي لليرة، مما يعكس الواقع الاقتصادي بدقة ويحفز الإصلاحات اللازمة، لكنه في المقابل يحتاج إلى مؤسسات نقدية قوية وقادرة على التدخل عند الضرورة لضبط التقلبات الحادة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأردف قائلاً "يجب أن يكون التعويم المدار بمثابة أداة تستخدم في الوقت المناسب وفي ظل الشروط الصحيحة، أما إذا تم تطبيقه في بيئة غير جاهزة، فيخشى أن يؤدي التحرير إلى انفلات وحيث يفقد المركزي قدرته على السيطرة، خصوصاً أن الثقة بالمؤسسات النقدية والمصرفية ما زالت محدودة، نتيجة التجارب السابقة التي بقيت لسنوات طويلة، مع الإشارة إلى أن البلاد تفتقد حتى الآن وجود منصة رسمية قادرة على استيعاب الطلب الحقيقي على الدولار". وحذر الخواجة من التوجه نحو التعويم المدار من دون تجهيز البيئة والأدوات التنفيذية التي تمكن من تدخل المركزي في الوقت المناسب وضمن بيئة تتسم بالشفافية والوضوح، والأهم أن يملك أدوات التدخل السريعة عند التعرض لضغوط اقتصادية من قبيل أحداث اقتصادية طارئة ونقص الاحتياط وحدوث اختلالات في ميزان المدفوعات بما في ذلك فشل سياسات تثبيت سعر الصرف في تحقيق الاستقرار. تحصيل الرسوم بالدولار يعزز الاحتياط كريم عطار، يعمل في مجال التجارة، أكد أن المركزي قادر على التدخل في السوق بيعاً وشراء لأن الرسوم الجمركية وكثيراً من الرسوم الأخرى تحصل بالدولار وهذا من شأنه أن يعزز الاحتياط ويزيد رصيده، إلا أنه رأى أن تحصيل الرسوم بالدولار ليس إيجابياً لأنه عملية سحب للدولار من السوق. وبرأي عطار فإن المركزي السوري ومنذ سقوط النظام يتدخل في السوق بما يشبه إلى حد كبير "التعويم المدار" بطريقة أو بأخرى، وهذا ما أدى عملياً إلى انخفاض سعر الصرف إلى 9 آلاف ليرة، مستفيداً من انخفاض سعر الصرف نتيجة عوامل نفسية وشح الليرة. وقال "من حيث المبدأ التعويم المدار أكثر مرونة من التثبيت الكامل لسعر الصرف، وغالباً تلجأ إليه الدول في محاولة منها لتحقيق استقرار تدريجي من دون استنزاف الاحتياط الأجنبي"، موضحاً أنه "في الحالة السورية لا بد من إدراك الدور الذي تلعبه السوق السوداء حالياً في تحديد سعر الصرف متفوقة على القنوات الرسمية، وللنجاح في تطبيق التعويم المدار يتوجب على المركزي السوري أن يبدأ بخطوات تضمن توافر بيئة نقدية مستقرة مثل إطلاق منصة رسمية لشراء الدولار من المواطنين بسعر قريب من السوق الموازية، وقطع الطريق على المضاربين، وتوفير السيولة بالليرة لتمويل شراء الدولار بدلاً من ضخه في السوق واستنزاف الاحتياط".


سفاري نت
منذ 6 ساعات
- سفاري نت
ChatGPT يطلق وضع التسجيل .. أداة ذكية لتوثيق الاجتماعات وتحليل المحادثات
سفاري نت – متابعات أطلقت OpenAI رسميًا ميزة 'وضع التسجيل Record Mode ' لمشتركي خطط Pro و Enterprise و Edu، بعد أن كانت متاحة في وقت سابق لمستخدمي خطة Team فقط. وتتوفر الميزة حاليًا حصريًا عبر تطبيق ChatGPT في حواسيب ماك العاملة بنظام macOS، لتتيح تسجيل المحادثات الصوتية، وتحويلها إلى نصوص واضحة ودقيقة في الوقت الفعلي. وتعتمد الميزة على تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة لتحويل الحوارات المنطوقة إلى معلومات منظمة وقابلة للتنفيذ، مما يجعلها مثالية لتوثيق الاجتماعات أو جلسات العصف الذهني أو الملاحظات الصوتية السريعة. ويدعم كل تسجيل مدة تصل إلى 120 دقيقة، مع توليد فوري للنصوص في أثناء الحديث. وبعد انتهاء الجلسة، يُنتج ChatGPT ملخصًا منظمًا تلقائيًا لأهم النقاط التي نوقشت، إضافةً إلى حفظ النص الكامل في سجل المحادثات، مما يسهّل على المستخدمين مراجعة المعلومات لاحقًا أو استئناف العمل من حيث توقفوا. كما يمكن تعديل النص يدويًا أو طلب المساعدة من ChatGPT لتحسين أو توضيح أجزاء محددة. ولا تقتصر الميزة على تحويل الكلام إلى نص فقط، بل تتجاوز ذلك من خلال تحليل المحادثة واستخلاص المهام وتقديمها في صورة خطط عمل أو أكواد برمجية، وهو ما يُعد مفيدًا بنحو خاص لفرق البرمجة ومديري المنتجات وغيرهم. وتوضح OpenAI أن الملفات الصوتية لا تُستخدم في تدريب النماذج افتراضيًا، إلا إذا فعّل المستخدم خيار 'تحسين النموذج للجميع'، مما يسمح باستخدام البيانات لتعزيز أداء النموذج بنحو يراعي خصوصية تلك البيانات. وتعمل ميزة 'وضع التسجيل Record Mode' حاليًا بأفضل أداء لها باللغة الإنجليزية، في حين تعمل الشركة على تحسين دعم اللغات الأخرى تدريجيًا. وتتوفر الميزة فقط في تطبيق macOS حتى الآن، مع وعود من OpenAI بتوسيع توفرها عبر أنظمة ويندوز وتطبيقات الهواتف الذكية في التحديثات القادمة.