logo
نحو هوية سعودية للضيافة

نحو هوية سعودية للضيافة

الرياضمنذ 7 ساعات

عُرفت السعودية منذ القدم أنها أرض الكرم والضيافة، إلا أنه في خضم التحولات التنموية والسياحية الكبرى التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري الانتقال من الضيافة كقيمة اجتماعية، إلى الضيافة كهوية سعودية وصناعة استراتيجية تؤكد مكانة المملكة الثقافية وإسهامها العميق في هذا المجال.
لا شك أن قِيَم الضيافة السعودية لها جذورها العميقة الضاربة في التاريخ، سواء في الصحراء حيث نشأ الكرم والاحتفاء بالضيف، أو في المدن حيث الترحيب جزء من الحياة اليومية. لكن أبرز ما يميز الضيافة السعودية في الحالتين هو قدرتها على أن تكون "تجربة"، لا مجرد خدمة أو تقاليد، فكل تفاصيلها، من طريقة السلام إلى تقديم القهوة والتمر السعودي، تحمل رموزاً ثقافية يمكن توظيفها لبناء تجربة ضيافية ذات طابع فريد.
إن هذا التوجه نحو تأسيس هوية سعودية في قطاع الضيافة لا ينفصل عن رؤية المملكة 2030 التي تسعى لتعزيز الثقافة كأحد محركات التنمية، وتنويع مصادر الدخل من خلال قطاعات واعدة مثل السياحة والضيافة. وفي هذا الإطار، يصبح من الضروري أن تتكامل جهود القطاعين العام والخاص في تقديم نموذج سعودي فريد يُبرز التراث ويحترم في الوقت ذاته تطلعات الزوار العصريين.
ولعل أحد التحديات التي يجب تجاوزها في هذا المسار هو القدرة على تدريب كوادر وطنية تُمثل هذه الهوية بوعي وفخر، وتتقن أدوات التواصل الثقافي مع العالم. فالعامل في مجال الضيافة اليوم لم يعد مجرّد مقدم خدمة، بل هو سفير ثقافي يحمل على عاتقه إيصال صورة المملكة للعالم بكل ما فيها من حفاوة، واحترام، وتنوع.
كما يمكن توسيع نطاق الهوية الضيافية لتشمل العمارة والتصميم الداخلي، والموسيقى، واللغة، والسرد القصصي، بحيث تصبح تجربة الضيف داخل أي منشأة سعودية شاملة ومترابطة، تُشعره أنه يعيش لحظة أصيلة لا يمكن أن يجدها إلا في المملكة.
من جهة أخرى، تُعد الضيافة المستدامة بعدًا مهمًا يجب أن يؤخذ في الحسبان ضمن هذه الهوية. فالربط بين الأصالة البيئية والتراث المحلي يمكن أن ينتج نمط ضيافة متفردًا، يعكس القيم الإسلامية والعربية في احترام الأرض والموارد، ويجعل من السياحة تجربة مسؤولة وإنسانية.
إن النجاح في صياغة هوية سعودية للضيافة لا يُقاس فقط بعدد الفنادق أو جودة الخدمات، بل في قدرة هذه الهوية على أن تُلامس مشاعر الضيوف، وتترك فيهم أثرًا دائمًا، يجعلهم يروون حكايتهم مع السعودية، لا كمجرد وجهة سياحية، بل كوطن للكرم والإنسانية والجمال.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول على تقديم نمط عالمي موحد للضيافة، استطاعت السعودية من خلال مشروع "رحلة الضيافة السعودية" الذي طرحته مجموعة "إيلاف" مؤخرًا، خلق الهوية السعودية في الضيافة الخاصة بها، وبناء نموذج ضيافي فريد مستمد من ثقافتها، يجمع بين الذوق المحلي والثقافة السعودية، وفق معايير جودة عالمية.
من المؤكد أن بناء هذه الهوية يتطلب أكثر من مجرد تصميم فندقي مستوحى من الطراز الإسلامي أو تقديم مأكولات تقليدية؛ إنه يتطلب فلسفة متكاملة تبدأ من تدريب العاملين في القطاع، وتصل إلى تفاصيل الخدمة والمحتوى الثقافي المقدم للزوار، حاملًا معه مضمونًا وروحًا يشعر بها الضيف فور وصوله وحتى مغادرته، وهو المضمون الذي قدمته مجموعة "إيلاف" فعليًّا عبر فنادقها، ومن خلال مشروعها الضيافي الشامل الذي يؤسس لهوية سعودية عالمية في هذا المجال.
مما لا شك فيه أن مشروع "رحلة الضيافة السعودية" يؤسس لوجود "هوية ضيافية سعودية" واضحة، وهو أيضًا ما سيسهم بشكل كبير في تمييز المملكة كمقصد سياحي عالمي، يمكن من خلاله التعرف على ثقافة عريقة وعصرية في آنٍ واحد. وهي الهوية التي يمكن أن تكون أحد أعمدة القوة الناعمة للمملكة، ومنصّة لسرد القصص السعودية بتلقائية وجاذبية، لتعرّف العالم بالعمق الثقافي والحضاري الذي يتمتع به إنسان هذه الأرض المباركة.
في النهاية، فإن صناعة الضيافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة، وإذا كانت الرسالة سعودية الهوية، فإن العالم سيستقبلها بإعجاب واحترام.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السعودية توقع اتفاقية لإنشاء أربع محطات لتحلية المياه في قطاع غزة
السعودية توقع اتفاقية لإنشاء أربع محطات لتحلية المياه في قطاع غزة

العربية

timeمنذ 32 دقائق

  • العربية

السعودية توقع اتفاقية لإنشاء أربع محطات لتحلية المياه في قطاع غزة

وقّع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية -عبر الاتصال المرئي- أمس الأول، اتفاقية تعاون مشترك مع المركز السعودي للثقافة والتراث، لإنشاء أربع محطات لتحلية المياه في محافظتي خان يونس، والوسطى في قطاع غزة. وسيجري بموجب الاتفاقية توريد أربع محطات تحلية مياه بقدرة إنتاجية 10 إلى 12 مترًا مكعبًا في اليوم، تشمل الأعمال وتركيب أربعة أنظمة طاقة شمسية لمحطات التحلية بقدرة 7 كيلو وات، يستفيد منها 300.500 فرد. وتأتي هذه الاتفاقية ضمن الجهود التي تقدمها المملكة العربية السعودية، عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ لدعم قطاع المياه والإصحاح البيئي، والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق جراء الأزمة الإنسانية التي يمر بها.

تسجيل  5,969  موقعاً تراثياً في السجل الوطني العمراني
تسجيل  5,969  موقعاً تراثياً في السجل الوطني العمراني

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

تسجيل 5,969 موقعاً تراثياً في السجل الوطني العمراني

أعلنت هيئة التراث، أمس، تسجيل 5,969 موقعاً تراثيّاً عمرانيّاً جديداً بالسجل الوطني للتراث العمراني، ليرتفع بذلك إجمالي عدد المواقع المسجلة إلى 34,171 موقعاً تعكس في مجملها ثراء وتنوّع التراث المعماري في مناطق المملكة المختلفة. وشملت قائمة التسجيل الجديدة عدداً من مواقع المملكة، وهي: منطقة الرياض بـ258 موقعاً، ومنطقة مكة المكرمة بـ483 موقعاً، ومنطقة القصيم بـ761 موقعاً، والمنطقة الشرقية بـ3 مواقع، ومنطقة عسير بـ 3,893 موقعاً، ومنطقة حائل بـ 60 موقعاً، ومنطقة جازان بـ 8 مواقع، ومنطقة الباحة بـ 499 موقعاً، وأخيراً منطقة الجوف بـ 4 مواقع. وجاء هذا التسجيل بناءً على الأنظمة المتعلقة بالآثار والتراث العمراني، واستناداً إلى قرار مجلس إدارة هيئة التراث بتفويض الرئيس التنفيذي للهيئة صلاحية تسجيل مواقع التراث العمراني؛ تعزيزاً لحماية هذه المواقع من التعديات أو الإهمال، وضماناً لصونها للأجيال القادمة. وأكدت الهيئة، أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطتها الإستراتيجية لتوسيع نطاق الحماية القانونية للمواقع التراثية، وتمكين تأهيلها بما يعزز الهوية الوطنية ويُبرز القيمة الثقافية والتاريخية التي تنطوي عليها بوصفها شواهد حيّة على إرث العمارة في المملكة. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store