
أول اتصال بين واشنطن وطهران بعد الضربات الأمريكية على المنشأت النووية الإيرانية
بعد الضربات الأمريكية على المنشأت النووية الإيرانية، صباح اليوم الأحد، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة أن واشنطن أبلغت طهران إنها "لا تنوي تغيير نظام الحكم" في البلاد.
وفي محاولة واضحة لاحتواء التصعيد وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة، ووفقا لمحطة "سي بي إس"، تواصلت الحكومة الأمريكية بشكل مباشر مع طهران يوم الأحد، لإبلاغها بأن الضربة العسكرية التي نفذتها ضد أهداف إيرانية "هي كل ما خططت له"، أي أنها لا تنوي توجيه ضربات جديدة، وأن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى تغيير النظام" الإيراني.
ومن جهتها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه تم تفويض المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف للتحدث مع الإيرانيين، حيث حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحفاظ على إمكانية ضئيلة لتوصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي يمكن أن يهدئ المنطقة.
وقال مسؤول أمريكي للصحيفة، إن إدارة ترامب تواصلت مع إيران لتوضيح أن الهجوم كان عملية منفردة، وليس بداية حرب لتغيير النظام.
وفي أول رد فعل داخل الولايات المتحدة الأمريكية على الضربات الأمريكية على المنشأت النووية الإيرانية، طالب زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، تشاك شومر، الرئيس دونالد ترامب بإجابات بعد أن أمر بشن ضربات أمريكية على إيران.
وقال شومر في بيان: "يجب على الرئيس ترامب أن يقدم للشعب الأمريكي والكونجرس إجابات واضحة حول الإجراءات المتخذة الليلة وتداعياتها على سلامة الأمريكيين".
وأضاف: "لا ينبغي السماح لأي رئيس بأن يدفع هذه الأمة منفردًا إلى أمر بالغ الخطورة كالحرب، بتهديدات عشوائية ودون استراتيجية واضحة".
وقال شومر: "يجب علينا تطبيق قانون صلاحيات الحرب، وأحث زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثون، على طرحه على مجلس الشيوخ فورًا...سأصوت لصالحه، وأدعو جميع أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين إلى التصويت لصالحه".
وأضاف: "إن مواجهة حملة إيران الوحشية من الإرهاب، والطموحات النووية، والعدوان الإقليمي، تتطلب قوة وعزيمة ووضوحًا استراتيجيًا. لقد ازداد خطر اندلاع حرب أوسع وأطول وأكثر تدميرًا بشكل كبير".
وفي أول تقييم للضربات الأمريكية على المنشأت النووية، أكدت السلطات الإيرانية، الأحد، عدم وجود "أي خطر" على سكان مدينة قم في جنوب طهران عقب الهجوم الأمريكي على منشأة فوردو النووية المبنية داخل جبل والقريبة من المدينة، وأنه "لا توجد علامات على تلوث".
ونقلت وكالة أنباء "فارس" عن مشرّع إيراني، القول إن منشأة فوردو النووية لم تتعرض لضرر بالغ، وأن معظم الضرر في فوردو "على الأرض فحسب وهو ما يمكن إصلاحه".
وقالت هيئة إدارة الأزمات في محافظة قم، في بيان نقلته وكالة "إرنا" الرسمية، إنه "لا يوجد أي خطر على سكان قم والمناطق المحيطة بها" حول منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، فيما قال المركز الوطني لنظام السلامة النووية، الذي يعمل تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إنه "لم يتم تسجيل أي علامات على تلوث، لذلك لا يوجد أي خطر على السكان الذين يعيشون حول المواقع".
يأتي ذلك فيما قال ممثل قم في البرلمان الإيراني إنه "لا يوجد أي إشعاع جراء الهجوم الأميركي"، وإنه "لم تسجل أضرار في المنشآت تحت الأرض".
وأضاف ممثل قم بالقول: "أجرينا التحقيقات الأولية ولا داعي للقلق".
وتزامنا، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أنه "لا خطر على السكان المقيمين في محيط المواقع النووية المستهدفة".
وأكدت المنظمة أن طهران ستواصل أنشطتها النووية رغم الهجمات الأميركية على المنشآت النووية الرئيسية.
وقالت المنظمة في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية: "تؤكد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية للأمة الإيرانية العظيمة أنه رغم مؤامرات أعدائها الخبيثة فإنها لن تسمح بتوقف مسار تطوير هذه الصناعة الوطنية (النووية) التي هي ثمرة دماء الشهداء النوويين"، حسب البيان.
وبعد الضربة الأمريكية لمنشأتها النووية، أرسلت إيران رسالة إلى مجلس الأمن ورد فيها أن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل مسؤولتان عن هجوم غير قانوني على منشآت نووية سلمية.
وبحسب نص الرسالة التي قدمها أمير سعيد إيرواني، المندوب الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة، "تلفت هذه الرسالة انتباه أعضاء مجلس الأمن الدولي، على وجه السرعة، إلى تهديد خطير للسلم والأمن الإقليميين والدوليين؛ تهديد ناتج عن الاستخدام المتعمد وغير القانوني للقوة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق الكامل مع النظام الإسرائيلي، ضد سيادة إيران وسلامة أراضيها".
وأضافت الرسالة: "في الساعات الأولى من يوم 21 يونيو (حزيران) 2025، استهدفت الولايات المتحدة وإسرائيل، في وقت متزامن ومتعمد، ثلاث منشآت نووية سلمية في إيران، هي فوردو ونطنز وأصفهان؛ وهي منشآت تخضع للإشراف الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. نُفذت هذه الهجمات دون أي استفزاز مسبق، وأعلن الرئيس الأمريكي مسؤوليته عنها فورًا".
وقالت الرسالة: "تدين الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشدة هذا العمل العدواني، الذي يُعد انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. إن مهاجمة المنشآت السلمية انتهاكٌ واضحٌ للمادة الثانية، الفقرة الرابعة، من ميثاق الأمم المتحدة، والنظام الأساسي وقرارات وكالة الطاقة الذرية، بالإضافة إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".
واختتمت بالقول: "تدعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث هذا العمل غير القانوني واتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانته ومنع إفلات مرتكبيه من العقاب".
وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأحد، إن أمريكا ارتكبت انتهاكا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية بمهاجمة منشآت نووية إيرانية سلمية، مؤكدًا أن إيران تحتفظ بكافة الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها وشعبها استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة.
وفيما دعت إيران لاجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الضربات الأمريكية، قال عراقجي على "إكس": "الأحداث هذا الصباح فظيعة وستكون لها تداعيات دائمة".
وكانت إيران قد أطلقت دفعة جديدة من الصواريخ نحو إسرائيل، صباح اليوم الأحد، استهدفت مطار بن غوريون ومواقع أخرى، بعد ساعات من قصف الولايات المتحدة ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران.
وحسب التلفزيون الإيراني الرسمي، تضمنت الدفعة 30 صاروخا، فيما أشار إعلام إسرائيلي إلى سقوط صواريخ في مناطق بشمال ووسط إسرائيل من بينها حيفا وتل أبيب.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن قبيل ذلك أن طائرات أمريكية ضربت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران.
وتحدث إعلام إسرائيلي، الأحد، أن 6 قاذفات بي-2 (B-2) ألقت 12 قنبلة خارقة للتحصينات على موقع فوردو، وذلك عقب الإعلان عن الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، فيما أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإسرائيليين أن وعده بتدمير النووي الإيراني "تم الوفاء به".
وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت سابق من صباح الأحد، إيران من أي "رد انتقامي" ضد الولايات المتحدة الأمريكية، متوعدًا بأنه "سيُقابل بقوةٍ أكبر بكثير مما شهدناه الليلة"، في إشارة إلى الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك عبر تدوينة له على منصته التواصلية "تروث سوشيال".
وأكد ترامب أن الضربات الجوية الأمريكية على إيران "دمّرت بشكل تام وكامل" ثلاث منشآت نووية مستهدفة، وهدّد بضربات أخرى أشد إذا لم تسع طهران إلى السلام، أو إذا بادرت إلى الرد.
وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض بعد انضمام بلاده إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية على إيران، وصف ترامب الهجمات الأمريكية بأنها "نجاح عسكري باهر".
واعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الأحد، أنه وفى بوعده للإسرائيليين بتدمير البرنامج النووي الإيراني، لافتا إلى أن الهجوم الأمريكي الذي شُنّ فجرا على إيران نُفّذ "بالتنسيق الكامل" مع بلاده.
وقال نتنياهو في كلمة متلفزة "قبل فترة وجيزة، وبالتنسيق التام مع الرئيس ترامب، وبالتنسيق العملياتي الكامل بين (القوات الإسرائيلية) والجيش الأمريكي، هاجمت الولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية الثلاث فوردو ونطنز وأصفهان".
وأضاف "تذكرون أنني منذ بداية (الحرب مع إيران التي شنتها إسرائيل في 13 يونيو)، وعدتكم بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بطريقة أو بأخرى"، مؤكدا أنه "تم الوفاء بهذا الوعد".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 29 دقائق
- 24 القاهرة
مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: ضربنا إيران لحماية إسرائيل
قالت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن، إن قصف أمريكا للمنشآت النووية هدفه تقويض قدرات إيران النووية ولحماية أمن إسرائيل ومساعدتها في الدفاع عن نفسها. وأضافت في جلسة لمجلس الأمن اليوم، أنه حان الوقت أخيرا لندافع بشكل حاسم عن حليفنا ومواطنينا ومصالحنا، بحسب قولها. وأكدت ممثلة الولايات المتحدة بمجلس الأمن، أن أي هجوم إيراني مباشر أو غير مباشر على مواطنينا أو قواعدنا سيقابل برد مدمر، ودعت مندوبة أمريكا، إيران العودة للتفاوض بنوايا حسنة، وفق تعبيرها. ترامب: حرمنا إيران من القنبلة النووية مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: منشآت إيران النووية لم تدمر بالكامل.. وربما أفرغتها طهران مبكرا هجوم أمريكي على إيران وشنت الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا واسعًا على إيران، مستهدفة 3 منشآت نووية رئيسية هي فوردو، نطنز، وأصفهان. ووصف الرئيس الأمريكي الضرابات بـ "الناجحة جدًا" وأنها أفنت بالكامل قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، محذرًا طهران من عواقب وخيمة إذا لم توافق على إحلال السلام. واستخدمت القوات الأمريكية في هذا الهجوم قاذفات B-2 الشبحية، محملة بقنابل "بُنكر باستر" (GBU-57 Massive Ordnance Penetrator) المصممة لاختراق التحصينات تحت الأرض، وصواريخ توماهوك. تأتي هذه الضربات الأمريكية كمرحلة تصعيدية خطيرة في الصراع المتنامي بين إيران وإسرائيل، حيث تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 13 يونيو 2025 ضد الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية. وعلى الرغم من تأكيد إيران بعدم وجود أي تسرب إشعاعي في المواقع المستهدفة، إلا أن طهران أدانت الهجوم بشدة، واصفة إياه بـ الخيانة الدبلوماسية وتوعدت بـ عواقب وخيمة. وأثارت هذه التطورات قلقًا دوليًا واسعًا بشأن احتمالية اتساع رقعة الصراع في المنطقة.


24 القاهرة
منذ 29 دقائق
- 24 القاهرة
هل نجحت ضربة فوردو في إبطاء البرنامج النووي الإيراني؟
لا تزال الأسئلة الكبرى تتصدر الأوساط السياسية والأمنية عقب الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية ، أبرزها منشأة فوردو النووية المحصنة تحت الأرض، وذلك وفقًا لـ jpost. وبينما تؤكد مصادر إسرائيلية أن الموقع دُمر بالكامل، يدعو مسؤولون آخرون إلى التريث حتى تتوافر أدلة قاطعة. هل نجحت ضربة فوردو في إبطاء البرنامج النووي الإيراني؟ وفقًا لتقارير استخباراتية اطّلعت عليها جيروزالم بوست، فإن القنبلة الأمريكية الخارقة للتحصينات (MOP) بوزن 30 ألف رطل، هي الوحيدة القادرة على إحداث ضرر حاسم في فوردو، التي تقع داخل جبل وتجري فيها عمليات تخصيب اليورانيوم. البرنامج النووي الإيراني وقبل الضربات قدّرت إسرائيل والولايات المتحدة أن تدمير فوردو ونطنز وأصفهان معًا قد يؤخر البرنامج النووي الإيراني من 6 أشهر إلى عامين، وربما أكثر إلا أن عدم وجود معلومات ميدانية مؤكدة يجعل من الصعب تحديد الأثر الحقيقي حتى اللحظة. والصور الملتقطة بالأقمار الصناعية تُظهر أدلة على الانفجارات والدمار، لكن لا يمكن تأكيد ما إذا كانت المنشأة دُمِّرت فعليًا أو تعرّضت لأضرار جزئية فقط، خاصة أن الموقع محمي بطبقات صخرية وبنية تحتية مُحصّنة. رد إيران وأزمة المعلومات لم تعلن إيران حتى الآن عن حجم الضرر، ما يفتح الباب أمام احتمالات إخفاء الحقائق أو المبالغة في قدرة المنشآت على الصمود، وسط ترقب دولي لموقف طهران من تطورات الهجوم. وفي المقابل أفادت نيويورك تايمز، أن واشنطن أبلغت إيران دبلوماسيًا بأن الضربات لا تمهّد لحرب شاملة، بل جاءت ضمن عملية محدودة لاحتواء الخطر النووي. مصدر إيراني: تم نقل اليورانيوم عالي التخصيب من مفاعل فوردو قبل الهجوم الأمريكي فوكس نيوز: أمريكا أسقطت 6 قنابل خارقة للتحصينات على منشأة فوردو النووية الإيرانية هل يمكن إيقاف المعرفة النووية؟ رغم الضربات القوية، لا تزال طهران تحتفظ بمعرفتها في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يعتبره الخبراء أخطر من المنشآت نفسها. ومع ذلك، فإن الهجمات الأخيرة شملت اغتيالات لعلماء بارزين وتدميرًا لعشرات المواقع النووية الحساسة، ما قد يُعيق قدرة إيران على استئناف برنامجها بنفس الوتيرة في المستقبل القريب.


بوابة الأهرام
منذ 43 دقائق
- بوابة الأهرام
ربما تصبح الخاسر الأكبر.. أمريكا تقصف إيران.. وتُضعف نفسها
نفذت أمريكا تهديداتها، وقصفت ثلاثا من أهم المنشآت النووية الإيرانية، وهى: نطنز، أصفهان، وفوردو. وعلى غرار الهجوم الإسرائيلى على إيران فى 13 يونيو الجاري، والذى تم بتنسيق مع واشنطن، وفى خضم الجهود الدبلوماسية بسلطنة عمان، جاء الهجوم الأمريكى فى خضم الجهود الدبلوماسية فى سويسرا. إنها مفارقة غريبة تقول واشنطن ضمنا من خلالها، إن التفاوض معها تمويه لاستخدام القوة العسكرية!. فى الهجمات على إيران، استخدمت أمريكا صواريخ «توما هوك» وقنابل خارقة للتحصينات نادرا ما تُستخدم، وقال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنه «لا يوجد جيش آخر فى العالم غير الجيش الأمريكى يمكنه أن يفعل هذا»، وتباهى بأن الضربات «حققت نجاحا عسكريا رائعا» فى تدمير قدرات إيران، وأن موقع فوردو «انتهي». لكن واقع الحال أن ما انتهى ليس بالضرورة المنشآت النووية الإيرانية ولا قدرتها على التخصيب، بل ما تبقى من الدبلوماسية الأمريكية مع طهران. فالهجوم الأمريكى على المنشآت النووية الإيرانية، وموقع فوردو بالذات، كان ضمن أسوأ السيناريوهات بالنسبة لإيران. فهذه المنشآت هى قلب المشروع النووى الإيراني، تم بناؤها وتطويرها على مدار عقود، وتحت العقوبات الدولية، وكلفت إيران مبالغ طائلة. ومن وجهة نظر أمريكا، فإن مكاسب كبيرة تم تحقيقها من هجوم أمس، وعلى رأسها إظهار الحسم العسكري والقدرات الاستراتيجية الأمريكية، واستعداد إدارة ترامب للتحرك الأحادى بلا غطاء قانونى أو دولى، وبدون الخوف من العواقب. أيضا تقول الإدارة الأمريكية: إن الهجوم دمر المنشآت النووية الإيرانية، وبالتالي، فإذا كانت طهران قبل الهجوم على بعد أسابيع فقط من تطوير سلاح نووي، كما ادعت واشنطن، فإنها الآن بعيدة أشهر أو حتى سنوات عن تشكيل أى تهديد نووى. أيضا من وجهة نظر أمريكية، فإن إضعاف إيران بشكل منهجى من خلال الضربات الانتقائية القاسية، يشكل ضربة ضمنية للمصالح الروسية والصينية، بسبب علاقة التحالف الاستراتيجى بينهما مع إيران. وعلى الصعيد الداخلى، سيقول ترامب لقاعدته التصويتية إنه لم يورط أمريكا فى حرب طويلة، وبالتالى أوفى بوعده بإنهاء «الحروب الأمريكية الدائمة»، لكنه فى المقابل سيقول لحلفاء إسرائيل فى دوائر الحكم الأمريكي، إنه تدخل عسكريا بشكل حاسم لمنع إيران من المضى قدما فى برنامجها النووي. لكن الوجه الآخر للضربات الأمريكية حافل بالخسائر الاستراتيجية المحتملة لأمريكا، وعلى رأسها التضحية بالدبلوماسية مقابل القوة العسكرية. فمكاسب الدبلوماسية عادة أطول عمرا من مكاسب العدوان. وبغض النظر عن حجم الخسائر بسبب هجوم أمس، سواء الرواية الأمريكية التى تحدثت عن تدمير كامل لقدرات إيران، أو رواية طهران التى قللت من الخسائر بتأكيدها أن معظم اليورانيوم المخصب فى موقع فوردو تم نقله قبل الهجوم الأمريكى إلى مكان مجهول، فالأرجح أن الحقيقة فى مكان ما بين الروايتين. فمن المؤكد أن البرنامج النووى الإيرانى أصيب بأضرار، وأنه عاد للوراء عدة سنوات، فلا أحد يعلم الآن على وجه الدقة. لكن إيران لطالما كررت «أن لا شىء يتم تدميره لا يمكن إعادة بنائه»، ففى النهاية المعرفة النووية الإيرانية «محلية» والقدرات العلمية «داخلية»، وهذا شيء لا يمكن القضاء عليه من وجهة نظر طهران. والمفارقة أن تقييمات الإدارة الأمريكية نفسها والخبراء النوويين كانت أنه مهما بلغ حجم الضربات الأمريكية، فإن واشنطن لا تستطيع إخراج البرنامج النووى من الخدمة بشكل كلي، بسبب انتشاره جغرافيا ووجود الكثير من المنشآت عميقة تحت الأرض. أيضا من ضمن الخسائر المحتملة للضربة التصعيد الإقليمي، فإيران بدأت بالرد عسكريا فورا بعد الهجمات الأمريكية باستهداف مواقع داخل إسرائيل. ومن الواضح أن احتمالات التصعيد العسكرى عالية حاليا وستؤدى لإرباك المنطقة والعالم. وهذا سيناريو خطير من وجهة نظر واشنطن. فأكثر ما تأمل فيه هو توقف التصعيد لأنها غير مستعدة لهذا السيناريو ولا تريد التورط فى مواجهة طويلة فى المنطقة. ردود الفعل الدولية، وبالذات من دول الجنوب العالمي، أيضا تضع أمريكا فى موقف قانونى وأخلاقى صعب. فاستهداف منشآت نووية مصنفة كمرافق للطاقة السلمية هو عدوان بحسب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية منع الانتشار النووي. وما فعلته أمريكا هو أنها فى الواقع عززت موقف المتشددين وسط النخبة الإيرانية، الذين يرون أن أمريكا وإسرائيل لن يتوقفا إلا بتغيير النظام فى إيران على غرار ما حدث فى العراق، وبالتالى لا حل سوى تحويل البرنامج النووى السلمى إلى عسكري. أى بعبارة أخرى، الهجوم الأمريكى قد يدفع البعض فى طهران للضغط فى هذا الاتجاه كحبل نجاة. وفى هذا الإطار يتزايد المزاج الرسمى والشعبى فى إيران تشددا حيال المفاوضات مع أمريكا والأوروبيين. فواشنطن استنفدت بعد الضربة أوراق التهديد والضغط على طهران، كما استنفدت أوراق الدبلوماسية. وبرغم أنه بعد ساعات من الهجوم الأمريكى خرجت جوقة القادة الأوروبيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والمستشار الألمانى فريدريش ميرز، تدعو طهران للعودة للمفاوضات إلا أن هناك قناعة أوروبية أن الضربة الأمريكية قضت على احتمالات نجاح الدبلوماسية على الأقل فى المدى القريب. هناك أيضا تقويض مصداقية تقديرات الاستخباراتية الأمريكية. ففى مارس الماضي، أكدت تولسى جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أمام لجنة استخبارات مجلس الشيوخ «عدم وجود برنامج إيرانى نشط لبناء سلاح نووي»، لكن البيت الأبيض عارض تقييمها فى الأيام الأخيرة بشكل علني، وكرر أن بين إيران والقنبلة النووية عدة أسابيع فقط. وهو تقييم مفاجئ طرح تساؤلات حول شفافية التقييمات الأمريكية، وأعاد المخاوف من تدوير ادعاءات الملف العراقى لتطبيقه فى الحالة الإيرانية. أما جر إسرائيل لأمريكا فى المواجهة الحالية مع طهران، فيكشف ضمنا أن إسرائيل بدون الدفاع الأمريكى والأوروبى عنها، ليست مطلقة اليد والقدرات كما تحب أن تصور نفسها. واستهدافها للعلماء النوويين وكبار القادة العسكريين وتلويحها مع واشنطن باستهداف المرشد الأعلى لإيران على خامنئى ليس علامة قوة، بل علامة ضعف واضح وتفكير مبسط حافل بالتمنيات، مفاده أن التخلص من رأس الدولة سيؤدى إلى انزلاق إيران نحو الفوضى. هذا الطرح الاختزالى ليس استراتيجية، بل يعكس غياب استراتيجية. أما حقل التجارب فى هذا «التفكير بالتمنى»، فهو الشرق الأوسط وسكانه. فدخول واشنطن على خط المواجهة مقامرة ذات مكاسب محدودة ومخاطر كبيرة.