
انحياز "بي بي سي" لإسرائيل في 35 ألف مادة
وثق مركز الرصد الإعلامي التابع لمجلس المسلمين البريطاني (CfMM) انحيازاً منهجياً في تغطية
هيئة الإذاعة البريطانية
(بي بي سي)
حربَ الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد تحليل اللغة التحريرية، وكذلك الأصوات المختلفة التي أعطيت مساحة في البرامج الحوارية.
التقرير الذي أصدره المركز في 16 يونيو/حزيران الحالي تحت عنوان BBC On Gaza‑Israel: One Story, Double Standards (بي بي سي عن غزة وإسرائيل: سردية واحدة، معايير مزدوجة) تناول الفترة من 7 أكتوبر 2023 حتى 6 أكتوبر 2024، مستنداً إلى تحليل أكثر من 35 ألف مادة إعلامية، تشمل مقالات مكتوبة وتقارير تلفزيونية من كافة المنصات التابعة لـ"بي بي سي".
أرقام تفضح تحيز "بي بي سي"
أشار التقرير إلى أن عدد الشهداء الفلسطينيين خلال الفترة التي تناولها كان قد تجاوز 42 ألف شهيد، مقابل 1246 قتيلاً إسرائيلياً. وعلى الرغم من هذا التفاوت، وجد التقرير أن "بي بي سي" منحت تغطية أكبر بكثير للقتلى الإسرائيليين، فحصل الشهداء الفلسطينيون على تغطية أقل بـ33 مرة في المقالات و19 مرة في البث التلفزيوني، مقارنة بما حظي به القتلى الإسرائيليون. وعلى صعيد القصص الشخصية أو "البروفايلات الإنسانية"، سجل التقرير 279 قصة شخصية للشهداء الفلسطينيين، مقابل 201 للقتلى الإسرائيليين. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يبدو متقارباً، إلا أنه يبدو متحيزاً إذا ما أخذ بعين الاعتبار إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين، كما أن التفاصيل التي تضمنتها التقارير عن الإسرائيليين كانت أعمق وأكثر شخصية، شملت أسماء وصوراً دقيقة وحكايات عائلية، ما ساهم في إضفاء طابع إنساني قوي عليهم في مقابل حرمان الفلسطينيين من ذلك. ولم يذكر عدد الشهداء الفلسطينيين في العناوين إلا ضعف عدد مرات ذكر القتلى الإسرائيليين، رغم أن عددهم أكبر بـ34 مرة. كما استخدمت "بي بي سي" توصيف "وزارة الصحة التي تديرها حماس" 1155 مرة، ما أعطى انطباعاً عن التشكيك في مصداقية الأرقام الصادرة عن الجهات الفلسطينية.
انحياز في اللغة
وجد التقرير أن "بي بي سي" استخدمت لغة أكثر عاطفية وأشد وقعاً لوصف القتلى الإسرائيليين، مثل "brutal" (وحشي)، و"massacre" (مجزرة)، و"slaughter" (مذبحة)، و"barbaric" (همجي)، و"murder" (قتل عمد). ووردت كلمة "massacre" (مجزرة) 18 مرة لوصف مقتل إسرائيليين، بينما لم تُستخدم تقريباً في سياق تغطية الشهداء الفلسطينيين. وأظهر أن "بي بي سي" كررت وصف الهجمات على الإسرائيليين بالمصطلحات الدرامية أربع مرات أكثر من استخدامها عند الحديث عن الفلسطينيين، فيما استُخدمت كلمة "murder" في 220 مرة في سياق القتلى الإسرائيليين مقابل مرة واحدة فقط للفلسطينيين. التحليل اللغوي أظهر كذلك تمييزاً في مفردات وصف الأسرى والرهائن، إذ استخدمت "بي بي سي" كلمة "hostage" (رهينة) لوصف كل من الإسرائيليين الرهائن لدى حركة حماس، بينما استخدمت مصطلح "prisoner" (سجين) لوصف الفلسطينيين الأسرى في السجون الإسرائيلية، حتى في حالات الاعتقال الإداري التي لا تستند إلى تهم واضحة.
هذا التباين في اللغة لم ينحصر في الكلمات، بل شمل أيضاً الإطار القانوني، إذ جرى تجاهل استخدام مصطلحات مثل "الإبادة الجماعية" عند الحديث عن غزة، رغم أن "بي بي سي" استخدمت هذه المصطلحات بشكل واسع عند تغطية الحرب الروسية على أوكرانيا. كما لم تتطرق "بي بي سي" بشكل كافٍ إلى تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون تتضمن إشارات ودعوات إلى ارتكاب إبادة، مثل تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي شبّه الفلسطينيين بـ"عماليق"، وهو توصيف تاريخي يبرر الإبادة الكاملة في النصوص التوراتية.
الصوت الإسرائيلي أعلى
من حيث التمثيل في الآراء والمقابلات، أجرت "بي بي سي" مقابلات مع 2,350 متحدثاً إسرائيلياً، مقابل 1,085 فلسطينياً فقط، وهو ضعف العدد تقريباً. ظهر هذا الاختلال أيضاً في البرامج الحوارية، إذ تبنت "بي بي سي" الرواية الإسرائيلية 2,340 مرة، مقابل 217 مرة فقط للرواية الفلسطينية.
ازدواجية في التغطية
الجزء المقارن من التقرير كشف أن "بي بي سي" كانت أكثر حزماً في تغطيتها الحرب في أوكرانيا، حيث استخدمت مصطلحات مثل "جرائم حرب" و"إبادة جماعية" بنسبة أكبر، كما أولت اهتماماً أكبر للناشطين الحقوقيين والمدنيين المتضررين. وفي المقابل، تعاملت التغطية مع غزة باعتبارها موضوعاً أمنياً أو عسكرياً بحتاً، مع تجاهل واسع للأبعاد الإنسانية والسياسية والقانونية. كما أن "بي بي سي" أرفقت التبرير الإسرائيلي العسكري بنسبة 75% من حالات التغطية، مقارنة بـ17% فقط للتبرير الروسي في أوكرانيا، ما يعكس تحيزاً واضحًا في تناول الروايات الرسمية. كما أن "بي بي سي" ذكرت فقط 6% فقط من الصحافيين الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والذين كان عددهم 176 صحافياً خلال الفترة التي تناولها التقرير. في المقابل، غطت "بي بي سي" 62% من الصحافيين القتلى في أوكرانيا.
ممارسات تحريرية مثيرة للجدل
كشف التقرير أيضاً عن حالات حذف أو تهميش تصريحات تنتقد إسرائيل، أو عن استبعاد تفاصيل تخص ضحايا فلسطينيين خوفاً من التأثير العاطفي على الجمهور. كما أشار إلى شهادات موظفين سابقين في "بي بي سي" تحدثوا عن ضغوط من القيادة التحريرية لتجنب ما يعتبرونه "محتوى مثيراً للجدل" أو "غير متوازن". ولا بد من ذكر أن "بي بي سي" خضعت أكثر من مرة لضغوط الاحتلال ومناصريه حين تمنح منبراً للفلسطينيين وقصصهم، كما حصل حين سحبت فيلماً وثائقياً عن أطفال قطاع غزة في فبراير/شباط الماضي. حينها استنفرت وجوه إعلامية وأكاديمية وحقوقية تطالبها بالتراجع عن قرارها من دون جدوى.
فتّش عن رافي بيرغ
على ضوء هذا التقرير، نذكر بأن الصحافي أوين جونز كتب، في ديسمبر/كانون الأول 2024، مشيراً إلى أن محاولات معالجة هذه القضايا من قبل الصحافيين في "بي بي سي" واجهت مقاومة من الإدارة، ما دفع الموظفين المعترضين إلى اتهامها بخلق بيئة عمل "تقمع الأصوات المعارضة" وتدفع الموظفين نحو الإحباط. في هذا السياق، انفجر الغضب الداخلي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، عندما وقع أكثر من مائة موظف في "بي بي سي" رسالة مفتوحة موجهة إلى المدير العام تيم ديفي. اتهم الموقعون "بي بي سي" بالفشل في تقديم تغطية عادلة ودقيقة لـ"النزاع في الشرق الأوسط"، مشيرين إلى أن تغطيتها تميل لصالح إسرائيل بشكل كبير. من بين الموقعين شخصيات بارزة مثل السياسية سعيدة وارسي والكاتب ويليام دالريمبل.
تكرّر في تقرير جونز اسم أساسي هو رافي بيرغ، محرر شؤون الشرق الأوسط في "بي بي سي نيوز أونلاين". يتهّم التقرير، نقلاً عن صحافيين حاليين وسابقين في الهيئة، بيرغ بتوجيه تغطية "بي بي سي" الإلكترونية لدعم الرواية الإسرائيلية وتقليل الانتقادات الموجهة لإسرائيل، إلى جانب قيامه بدور أساسي في فلترة التقارير النقدية لإسرائيل وتخفيف حدتها أو إعادة صياغتها لتقليل تأثيرها. وينقل التقرير عن عاملين في الهيئة أن بيرغ يدير تغطية الشرق الأوسط بشكل دقيق، ويتحكم في العناوين والنصوص والصور بما يتماشى مع وجهات النظر الإسرائيلية، علماً أنه يملك صلاحيات رفض أو إعادة صياغة المحتوى، وغالباً ما يُقصي وجهات النظر الفلسطينية.
ردود الفعل
اعتبرت المديرة التنفيذية لمركز الرصد الإعلامي رضوانا حميد أن التقرير يمثل "كشفاً مهماً لمسؤولية الإعلام العام في تقديم صورة عادلة ومتوازنة، وعدم السماح لجهة واحدة بالهيمنة على السرد الإعلامي". الوزيرة البريطانية السابقة والناشطة سعيدة وارسي رأت في التقرير "إدانة واضحة" لـ"بي بي سي"، ودعتها إلى مراجعة سياساتها التحريرية بشكل جدي، للحفاظ على مصداقيتها مؤسسةً إعلاميةً عامةً. وقالت وارسي في بيان نقله المركز الإعلامي: "لا يمكن أن تُواصل بي بي سي تجاهل أصوات الفلسطينيين أو تهميشهم". بدوره، وصف المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الصحافي أليستير كامبل، التقرير بأنه "كشف عن تموضع سياسي واضح داخل غرفة التحرير في بي بي سي، لا يتعلق بالكراهية، بل بالخوف من إظهار توازن حقيقي في التغطية". كما دعت منظمات حقوقية ومدنية في بريطانيا إلى تقديم شكاوى رسمية إلى هيئة تنظيم الإعلام البريطانية أوفكوم (Ofcom) لمحاسبة "بي بي سي" على ما وصفته بانتهاك ميثاق الحياد الإعلامي.
التوصيات
اختتم التقرير بمجموعة توصيات واضحة إلى "بي بي سي"، منها: إعادة تدريب فرق التحرير على مبادئ العدالة التحريرية وعدم الانحياز، مراجعة السياسات اللغوية في التغطية لتجنب التمييز في المصطلحات، وتعزيز تمثيل الصوت الفلسطيني على مختلف المنصات الإعلامية، إنشاء منصات تفاعلية لسماع قصص الضحايا مباشرة، وتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة تغطية الحروب من منظور حيادي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 10 ساعات
- العربي الجديد
اغتيال سعيد إيزدي في إيران.. كل ما تدعيه إسرائيل عن دوره في "طوفان الأقصى"
أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صباح اليوم السبت، اغتيال مسؤول الملف الفلسطيني في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني سعيد إيزدي في مدينة قُم الإيرانية، وكان مسؤولاً وفقاً لبيان كاتس، عن "تمويل حركة حماس وتسليحها استعداداً لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023"، على حد زعمه. كاتس عدّ الاغتيال "إنجازاً ضخماً للاستخبارات وسلاح الجو الإسرائيليين"، واصفاً ذلك بأنه "عدالة للقتلى والمختطفين"، في إشارة إلى الإسرائيليين الذين قُتلوا أو اُسروا في عملية " طوفان الأقصى "، وقال: "يد إسرائيل الطويلة ستصل إلى كل أعدائها". وبينما لم تؤكد طهران صحة اغتيال إيزدي، أفيد، ليل الجمعة السبت، باستهداف شقة في أحد أبراج مدينة قم، أفضت إلى مقتل شخصين، أحدهما فتى (16 عاماً). مُركب مهم في "محور المقاومة" وفقاً لمركز "المعلومات الاستخبارية والارهاب" (أو مركز مئير عَميت)، فإن إيزدي قاد الجهود الإيرانية لتهريب الأسلحة وتوفير التمويل والعتاد للمنظمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان مسؤولاً أيضاً عن تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الفلسطينية وحزب الله، وإعادة ترتيب العلاقات بين حركة حماس ونظام بشار الأسد في سورية، الذي سقط في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ومن خلال مسؤوليته عن تمويل "حماس"، "تمتع بتأثير كبير في تشكيل سياسة الحركة، وحتى على الاجراءات الداخلية فيها. وفي السياق، ادعى موقع "واينت"، اليوم السبت، أن وثائق عثر عليها خلال المناورة البرية في قطاع غزة، كشفت عن "دور إيزدي المحوري في بناء محور المقاومة اتساقاً مع رؤية قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني الذي اغتيل في العراق عام 2020 بضربات أميركية". وأضاف الموقع: "كانت له علاقات مباشرة مع جميع قادة حماس، وعلى رأسهم إسماعيل هنية، يحيى السنوار، ومحمد ضيف"، وجميعهم اغتالتهم إسرائيل خلال الحرب المتواصلة على القطاع. وطبقاً لمركز المعلومات، فإن الوثائق استعرضت "العملية التي نجح من خلالها إيزدي على مر السنين في أن يصبح شخصية محورية في صنع القرار في حماس، والتأثير على قادتها، والمشاركة في التحركات الاستراتيجية التي أُعدّت استعداداً للحملة الكبرى - هجوم 7 أكتوبر 2023". وادعى المركز أنه من خلال الوثائق التي عُثر عليها في غزة، "يمكن الاطلاع على المشاكل الأساسية التي نشأت بمر السنين، في ربط جميع العناصر وبناء المحور، والطرق التي تعامل بها إيزدي مع التحديات، والتي أدت أيضاً إلى صراعات على السلطة داخل حماس، بين مؤيدي التقارب مع إيران ومعارضي النفوذ الإيراني المتزايد، وهو الخط الذي قاده خالد مشعل". رصد التحديثات الحية "هآرتس": بنك أهداف جديد يطيل أمد الحرب الإسرائيلية مع إيران وأضاف المركز أنه "على مدى العقد الماضي، رسّخ إيزدي نفوذه على منظمات محور المقاومة الخاضعة لمسؤوليته، وقد ساهم وأثر في مجالات عديدة، منها الدعاية والحملة الإعلامية لـ"حماس". ويُستدل على مكانته الرفيعة من صلته بالمرشد الأعلى علي خامنئي، ومن قدرته على تنظيم لقاءات بين "حماس" وحزب الله وقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني". وزعم المركز أن تأثير إيزدي في صنع القرارات في حماس "كان من خلال التلاعب، وباستخدام سياسة فرق تسد، وبالسيطرة على تمويل حماس ونقل الأسلحة وتهريبها". وبحسب الوثائق، فإنه في يوليو/ تموز 2023، أرسلت "حماس" مسؤولاً إلى لبنان، طلب من إيزدي المساعدة في ضرب مواقع حساسة في بداية الهجوم. وأبلغ إيزدي "حماس" بأن إيران وحزب الله تدعمان الفكرة، ولكنهما بحاجة إلى وقت للاستعداد. وفي 7 أغسطس/ آب، عُقد اجتماع بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك إسماعيل هنية وإيزدي، أكد خلاله هنية، للأخير، أن "حماس" بحاجة إلى المساعدة في ضرب مواقع حساسة في ساعة الهجوم الأولى. ووفقاً للوثائق، فإنه "مجدداً، أكد إيزدي تأييد حزب الله وإيران الفكرة، ولكنه شدد على ضرورة منحهما الوقت الكافي للاستعداد وتهيئة البيئة". نتيجةً لذلك، شعر قادة "حماس" أن حلفاءهم لن يتركوهم "مكشوفين"، لكنهم أدركوا أنهم قد يضطرون لشن هجوم من دون موافقة هؤلاء. وجاء في وثيقة صدرت في أغسطس أن "توسيع المستوطنات في الضفة الغربية ومحاولات تعزيز السيطرة على المسجد الأقصى لا تسمح لنا بالانتظار (لتنفيذ الهجوم)". وزعم المركز بالاستناد إلى الوثائق أنه في رسائل تعود إلى يوليو/ تموز 2023، "أبدى إيزدي غضبه من مشاركة قادة حماس أسراراً مع (رئيس حماس بالضفة الغربية المحتلة) زاهر جبارين، "الرجل الذي لا يعرف كيف يصمت. وطالب بإبقاء القضايا الحساسة بينه وبين محمد ضيف". علاقة وثيقة قبل 7 أكتوبر لكن علاقة إيزدي بحركة حماس تعود إلى ما هو أبعد من ذلك. ففي مايو/ أيار 2021، على سبيل المثال، هنأ إيزدي هنية على "النصر الكبير" لحماس في عملية "سيف القدس"، مضيفاً أنه خصصت 10 ملايين دولار إضافية للجناح العسكري لـ"حماس". واقترح لقاء هنية في إيران أو لبنان، فردّ هنية شاكراً له ولقاآني على دعمهما العسكري والمالي. وطلب مسؤولو "حماس" الذين كانوا على علاقة بإيزدي منه مساعدتهم في الحصول على أموال ومساعدات تصل قيمتها الإجمالية إلى 500 مليون دولار على مدى عامين، وهي الأموال التي حصلوا عليها بالفعل في النهاية، وفقاً للوثائق التي عثر عليها جيش الاحتلال، مع الوعد بأنها ستوجه بالكامل إلى محاربة إسرائيل. تقارير دولية التحديثات الحية إيران تخترق كاميرات المراقبة في إسرائيل: مصدر معلومات خلال الحرب ويعود تاريخ أقدم وثيقة عُثر عليها إلى 24 ديسمبر/ كانون الأول 2016، في وقتٍ توترت فيه العلاقات بين إيران و"حماس" بسبب الحرب الأهلية في سورية، والحرب السعودية على الحوثيين في اليمن، حيث "كان الإيرانيون يسعون إلى تعزيز نفوذهم على حماس، لكنهم لم يتمكنوا من تحويل الأموال إليها بسبب مشاكل داخلية، وهو ما أثار غضب الحركة". وإثر ذلك، "أُرسل إيزدي لتهدئة الأمور، واعتذر عن التأخير، وحثّ حماس على عدم اعتبار هذا الأمر أزمةً مع إيران، بل نتيجةً لمشاكل مالية". في وثائق أخرى عُثر عليها، أعرب "إيزدي لحماس عن قلقه إزاء المعارضة الداخلية داخل الحركة التي لم تؤمن بالقدرة على التحرر الكامل من الاحتلال الإسرائيلي"، وقد وصف "من يتوسلون للمفاوضات مع الولايات المتحدة بـ"الأعداء"، لأن الطريق ليس المفاوضات، بل استمرار المعركة". وقد وجّه إيزدي نفسه يحيى السنوار، رئيس حركة حماس السابق، بضرورة العمل ليس فقط بالسلاح أو المال، بل أيضاً من خلال منظومة إعلامية وتعليمية لتصحيح هذا الخلل. ووفقاً للمركز، فقد عرض على "حماس" خطة شاملة في مجال الإعلام والدعاية لتطبيقها داخل الحركة. وختم المركز بالقول: "عمل إيزدي جاهداً على تفكيك المعارضة الداخلية داخل حماس، وإبعاد العناصر التي اعتُبرت معارضة لإخضاع الحركة للسيطرة الإيرانية، بقيادة (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج) خالد مشعل، من مراكز صنع القرار". وأضاف: "أجبر إيزدي السنوار فعلياً على إبعاد مشعل عن الأنشطة الاستراتيجية. ففي رسالة مؤرخة في 12 يوليو/ تموز 2021، أبلغ إيزدي السنوار بأنه أثار مسألة مشعل في محادثة مع هنية. ووفقاً لإيزدي، فإن مشعل يتحمل مسؤولية الإخفاقات والمشاكل العديدة في محور المقاومة، وأنه انحاز عملياً إلى جانب معين، وخلق مشكلة كبيرة لحماس وإيران". إلى ذلك، أشارت إحدى الوثائق إلى أن "إيزدي بذل قصارى جهده للتصالح مع مشعل، والتقى به عدة مرات، لكن من دون جدوى". كما "أشاد إيزدي بهنية لعدم تردده في استبعاد مشعل من وفد حماس الذي وصل إلى لبنان لحضور اجتماعات. وأوضح إيزدي أن الإيرانيين لن يقبلوا أن يتولى مشعل مسؤولية بناء القوة في لبنان، ولذلك طلب أن تتولى القيادة الداخلية بناء القوة في لبنان، بمشاركة الضيف والسنوار".


العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
انحياز "بي بي سي" لإسرائيل في 35 ألف مادة
وثق مركز الرصد الإعلامي التابع لمجلس المسلمين البريطاني (CfMM) انحيازاً منهجياً في تغطية هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) حربَ الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد تحليل اللغة التحريرية، وكذلك الأصوات المختلفة التي أعطيت مساحة في البرامج الحوارية. التقرير الذي أصدره المركز في 16 يونيو/حزيران الحالي تحت عنوان BBC On Gaza‑Israel: One Story, Double Standards (بي بي سي عن غزة وإسرائيل: سردية واحدة، معايير مزدوجة) تناول الفترة من 7 أكتوبر 2023 حتى 6 أكتوبر 2024، مستنداً إلى تحليل أكثر من 35 ألف مادة إعلامية، تشمل مقالات مكتوبة وتقارير تلفزيونية من كافة المنصات التابعة لـ"بي بي سي". أرقام تفضح تحيز "بي بي سي" أشار التقرير إلى أن عدد الشهداء الفلسطينيين خلال الفترة التي تناولها كان قد تجاوز 42 ألف شهيد، مقابل 1246 قتيلاً إسرائيلياً. وعلى الرغم من هذا التفاوت، وجد التقرير أن "بي بي سي" منحت تغطية أكبر بكثير للقتلى الإسرائيليين، فحصل الشهداء الفلسطينيون على تغطية أقل بـ33 مرة في المقالات و19 مرة في البث التلفزيوني، مقارنة بما حظي به القتلى الإسرائيليون. وعلى صعيد القصص الشخصية أو "البروفايلات الإنسانية"، سجل التقرير 279 قصة شخصية للشهداء الفلسطينيين، مقابل 201 للقتلى الإسرائيليين. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يبدو متقارباً، إلا أنه يبدو متحيزاً إذا ما أخذ بعين الاعتبار إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين، كما أن التفاصيل التي تضمنتها التقارير عن الإسرائيليين كانت أعمق وأكثر شخصية، شملت أسماء وصوراً دقيقة وحكايات عائلية، ما ساهم في إضفاء طابع إنساني قوي عليهم في مقابل حرمان الفلسطينيين من ذلك. ولم يذكر عدد الشهداء الفلسطينيين في العناوين إلا ضعف عدد مرات ذكر القتلى الإسرائيليين، رغم أن عددهم أكبر بـ34 مرة. كما استخدمت "بي بي سي" توصيف "وزارة الصحة التي تديرها حماس" 1155 مرة، ما أعطى انطباعاً عن التشكيك في مصداقية الأرقام الصادرة عن الجهات الفلسطينية. انحياز في اللغة وجد التقرير أن "بي بي سي" استخدمت لغة أكثر عاطفية وأشد وقعاً لوصف القتلى الإسرائيليين، مثل "brutal" (وحشي)، و"massacre" (مجزرة)، و"slaughter" (مذبحة)، و"barbaric" (همجي)، و"murder" (قتل عمد). ووردت كلمة "massacre" (مجزرة) 18 مرة لوصف مقتل إسرائيليين، بينما لم تُستخدم تقريباً في سياق تغطية الشهداء الفلسطينيين. وأظهر أن "بي بي سي" كررت وصف الهجمات على الإسرائيليين بالمصطلحات الدرامية أربع مرات أكثر من استخدامها عند الحديث عن الفلسطينيين، فيما استُخدمت كلمة "murder" في 220 مرة في سياق القتلى الإسرائيليين مقابل مرة واحدة فقط للفلسطينيين. التحليل اللغوي أظهر كذلك تمييزاً في مفردات وصف الأسرى والرهائن، إذ استخدمت "بي بي سي" كلمة "hostage" (رهينة) لوصف كل من الإسرائيليين الرهائن لدى حركة حماس، بينما استخدمت مصطلح "prisoner" (سجين) لوصف الفلسطينيين الأسرى في السجون الإسرائيلية، حتى في حالات الاعتقال الإداري التي لا تستند إلى تهم واضحة. هذا التباين في اللغة لم ينحصر في الكلمات، بل شمل أيضاً الإطار القانوني، إذ جرى تجاهل استخدام مصطلحات مثل "الإبادة الجماعية" عند الحديث عن غزة، رغم أن "بي بي سي" استخدمت هذه المصطلحات بشكل واسع عند تغطية الحرب الروسية على أوكرانيا. كما لم تتطرق "بي بي سي" بشكل كافٍ إلى تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون تتضمن إشارات ودعوات إلى ارتكاب إبادة، مثل تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي شبّه الفلسطينيين بـ"عماليق"، وهو توصيف تاريخي يبرر الإبادة الكاملة في النصوص التوراتية. الصوت الإسرائيلي أعلى من حيث التمثيل في الآراء والمقابلات، أجرت "بي بي سي" مقابلات مع 2,350 متحدثاً إسرائيلياً، مقابل 1,085 فلسطينياً فقط، وهو ضعف العدد تقريباً. ظهر هذا الاختلال أيضاً في البرامج الحوارية، إذ تبنت "بي بي سي" الرواية الإسرائيلية 2,340 مرة، مقابل 217 مرة فقط للرواية الفلسطينية. ازدواجية في التغطية الجزء المقارن من التقرير كشف أن "بي بي سي" كانت أكثر حزماً في تغطيتها الحرب في أوكرانيا، حيث استخدمت مصطلحات مثل "جرائم حرب" و"إبادة جماعية" بنسبة أكبر، كما أولت اهتماماً أكبر للناشطين الحقوقيين والمدنيين المتضررين. وفي المقابل، تعاملت التغطية مع غزة باعتبارها موضوعاً أمنياً أو عسكرياً بحتاً، مع تجاهل واسع للأبعاد الإنسانية والسياسية والقانونية. كما أن "بي بي سي" أرفقت التبرير الإسرائيلي العسكري بنسبة 75% من حالات التغطية، مقارنة بـ17% فقط للتبرير الروسي في أوكرانيا، ما يعكس تحيزاً واضحًا في تناول الروايات الرسمية. كما أن "بي بي سي" ذكرت فقط 6% فقط من الصحافيين الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والذين كان عددهم 176 صحافياً خلال الفترة التي تناولها التقرير. في المقابل، غطت "بي بي سي" 62% من الصحافيين القتلى في أوكرانيا. ممارسات تحريرية مثيرة للجدل كشف التقرير أيضاً عن حالات حذف أو تهميش تصريحات تنتقد إسرائيل، أو عن استبعاد تفاصيل تخص ضحايا فلسطينيين خوفاً من التأثير العاطفي على الجمهور. كما أشار إلى شهادات موظفين سابقين في "بي بي سي" تحدثوا عن ضغوط من القيادة التحريرية لتجنب ما يعتبرونه "محتوى مثيراً للجدل" أو "غير متوازن". ولا بد من ذكر أن "بي بي سي" خضعت أكثر من مرة لضغوط الاحتلال ومناصريه حين تمنح منبراً للفلسطينيين وقصصهم، كما حصل حين سحبت فيلماً وثائقياً عن أطفال قطاع غزة في فبراير/شباط الماضي. حينها استنفرت وجوه إعلامية وأكاديمية وحقوقية تطالبها بالتراجع عن قرارها من دون جدوى. فتّش عن رافي بيرغ على ضوء هذا التقرير، نذكر بأن الصحافي أوين جونز كتب، في ديسمبر/كانون الأول 2024، مشيراً إلى أن محاولات معالجة هذه القضايا من قبل الصحافيين في "بي بي سي" واجهت مقاومة من الإدارة، ما دفع الموظفين المعترضين إلى اتهامها بخلق بيئة عمل "تقمع الأصوات المعارضة" وتدفع الموظفين نحو الإحباط. في هذا السياق، انفجر الغضب الداخلي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، عندما وقع أكثر من مائة موظف في "بي بي سي" رسالة مفتوحة موجهة إلى المدير العام تيم ديفي. اتهم الموقعون "بي بي سي" بالفشل في تقديم تغطية عادلة ودقيقة لـ"النزاع في الشرق الأوسط"، مشيرين إلى أن تغطيتها تميل لصالح إسرائيل بشكل كبير. من بين الموقعين شخصيات بارزة مثل السياسية سعيدة وارسي والكاتب ويليام دالريمبل. تكرّر في تقرير جونز اسم أساسي هو رافي بيرغ، محرر شؤون الشرق الأوسط في "بي بي سي نيوز أونلاين". يتهّم التقرير، نقلاً عن صحافيين حاليين وسابقين في الهيئة، بيرغ بتوجيه تغطية "بي بي سي" الإلكترونية لدعم الرواية الإسرائيلية وتقليل الانتقادات الموجهة لإسرائيل، إلى جانب قيامه بدور أساسي في فلترة التقارير النقدية لإسرائيل وتخفيف حدتها أو إعادة صياغتها لتقليل تأثيرها. وينقل التقرير عن عاملين في الهيئة أن بيرغ يدير تغطية الشرق الأوسط بشكل دقيق، ويتحكم في العناوين والنصوص والصور بما يتماشى مع وجهات النظر الإسرائيلية، علماً أنه يملك صلاحيات رفض أو إعادة صياغة المحتوى، وغالباً ما يُقصي وجهات النظر الفلسطينية. ردود الفعل اعتبرت المديرة التنفيذية لمركز الرصد الإعلامي رضوانا حميد أن التقرير يمثل "كشفاً مهماً لمسؤولية الإعلام العام في تقديم صورة عادلة ومتوازنة، وعدم السماح لجهة واحدة بالهيمنة على السرد الإعلامي". الوزيرة البريطانية السابقة والناشطة سعيدة وارسي رأت في التقرير "إدانة واضحة" لـ"بي بي سي"، ودعتها إلى مراجعة سياساتها التحريرية بشكل جدي، للحفاظ على مصداقيتها مؤسسةً إعلاميةً عامةً. وقالت وارسي في بيان نقله المركز الإعلامي: "لا يمكن أن تُواصل بي بي سي تجاهل أصوات الفلسطينيين أو تهميشهم". بدوره، وصف المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الصحافي أليستير كامبل، التقرير بأنه "كشف عن تموضع سياسي واضح داخل غرفة التحرير في بي بي سي، لا يتعلق بالكراهية، بل بالخوف من إظهار توازن حقيقي في التغطية". كما دعت منظمات حقوقية ومدنية في بريطانيا إلى تقديم شكاوى رسمية إلى هيئة تنظيم الإعلام البريطانية أوفكوم (Ofcom) لمحاسبة "بي بي سي" على ما وصفته بانتهاك ميثاق الحياد الإعلامي. التوصيات اختتم التقرير بمجموعة توصيات واضحة إلى "بي بي سي"، منها: إعادة تدريب فرق التحرير على مبادئ العدالة التحريرية وعدم الانحياز، مراجعة السياسات اللغوية في التغطية لتجنب التمييز في المصطلحات، وتعزيز تمثيل الصوت الفلسطيني على مختلف المنصات الإعلامية، إنشاء منصات تفاعلية لسماع قصص الضحايا مباشرة، وتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة تغطية الحروب من منظور حيادي.


BBC عربية
منذ 14 ساعات
- BBC عربية
بي بي سي لتقصي الحقائق: لماذا حذفت وزارة الصحة في غزة مئات الأسماء من أحدث قوائم الضحايا؟
أصدرت وزارة الصحة في غزة حصراً لعدد ضحايا الحرب في القطاع منذ بدايتها في قائمة جديدة لشهر مايو/أيار الماضي. تأتي القائمة الجديدة بعد جدل واسع أثارته القوائم السابقة، حيث ركزت تقارير على حذف مئات الأسماء التي كانت مدرجة في القوائم التي صدرت قبل أكتوبر/تشرين الأول 2024. في الوقت نفسه، برزت تقارير من قبل بعض المؤسسات الإعلامية، مثل فوكس نيوز وجيروزاليم بوست - قبل أن تتراجع - وغيرها، تستنتج بأن 72 في المئة من الوفيات هم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً، وهي فئة عمرية يقول مؤيدو إسرائيل بحسب تقرير المنظمة إنها تضم بشكل رئيسي مقاتلين. يذكر أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن 18 عاماً هو السن القانونية الدنيا لتجنيد الأفراد واستخدامهم في الأعمال العدائية. وتبرز من وقت لآخر تقارير إعلامية وبحثية تشكك في صحة أرقام هذه القوائم وطرق رصدها، مثل تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الصادر في يناير/كانون الثاني العام الماضي، الذي شكك في قدرة وزارة الصحة في غزة على إحصاء عدد القتلى في ساحة معركة مثل غزة بجانب عدد مسلحي غزة المدفونين في الأنفاق، أو عدد الأشخاص الذين دُفنوا خلال عمليات الدفن الجماعي الذين لا يمكن عدهم. من هو توم فليتشر الذي قال إن إسرائيل تعرّض غزة للتجويع القسري؟ ماذا نعرف عن عمليات القتل التي وقعت قرب موقع إغاثة في غزة تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل؟ أشار التقرير إلى إنه غالباً ما لا تُعرف الحصيلة الفعلية إلا بعد انتهاء الأعمال العدائية، وأن قوائم الضحايا تم التلاعب بها للتقليل من عدد القتلى من المسلحين والمبالغة في نسبة الضحايا من غير المقاتلين، وعزا ذلك إلى أن حماس لديها دوافع لتحريف الأرقام بهذه الطريقة. ووفقاً للقانون الدولي للأمم المتحدة، فإن الحد الأدنى لسن القتال هو 15 عاماً للقوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة غير الحكومية. قمنا في فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل البيانات الأخيرة ومقارنة القائمة الصادرة في مايو/أيار 2025 مع القائمة الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 (أي بعد عام من الحرب). وأظهرت نتائجنا حذف ما لا يقل عن 1,787 اسماً من القائمة الأحدث الصادرة في مايو/أيار 2025. رئيس قسم الإحصاء في وزارة الصحة في غزة، زاهر الوحيدي، أكد لنا أن الأخطاء والحالات التي أدرجت على القوائم التي سبقت صدور قائمة أكتوبر 2024 لم تكن اللجنة القضائية قد تحققت منها، لذا "تم تنقيحها" و أزيلت من القائمة الصادرة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كانت السلطات الفلسطينية في غزة قد كونت لجنة قضائية جديدة في يوليو/تموز 2024 للنظر في بلاغات حالات القتلى المُبلغ عنها من قبل الأهالي. وقال الوحيدي: "إن جميع الأسماء التي لم تُستكمل بشأنها إجراءات المراجعة القضائية تم سحبها مؤقتاً من القوائم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024". وقال الوحيدي لبي بي سي: "تمت إزالة أسماء من القائمة الأخيرة كانت موجودة في قائمة أكتوبر/تشرين الأول الماضي لعدة أسباب؛ منها أسماء ثبت أنها على قيد الحياة، وحالات وفاة طبيعية لم تكن نتيجة الحرب، وحالات تم تسجيلها خطأً". وأضاف الوحيدي أنه أثناء التحقيقات، اتضح أن "العدد الأكبر من الأسماء المزالة يعود لعدم حضور الأهل للمحكمة خلال التحقيقات بعد تبليغهم". كما أوضح أسباب حذف 1,787 اسماً من قائمة ضحايا حرب غزة الصادرة في مايو/أيار 2025 التي كانت مدرجة على قائمة أكتوبر/تشرين الأول 2024، قائلاً إن إزالة هذه الأسماء تعود لعدة أسباب؛ إذ تمت إزالة 283 اسماً تبين أن أصحابها لا يزالون على قيد الحياة، أو لم تثبت وفاتهم، و26 اسماً تم تسجيله خطأً داخل المستشفيات، و165 حالة يعود فيها سبب الوفاة لأسباب غير مرتبطة بالحرب، بينما حمل 28 اسماً خطأ في التهجئة، وأكثر من 1,280 اسماً قدم للتحقيق من قبل المحكمة وتم تبليغ الأهل ولكنهم تغيبوا عن الحضور أو التأكيد. كما أظهر تحليلنا أن النسبة الفعلية للوفيات بين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هي حوالي 49 في المئة فقط من إجمالي الأسماء المذكورة في القائمة الصادرة في كل من مارس/آذار، ومايو/أيار هذا العام، وهذا يتناقض مع التقارير التي تقول إن "معظم القتلى" هم من الذكور في سن القتال. وكانت منظمة "أونست ريبورتنغ" (Honest Reporting) الأمريكية قد نشرت تحليلاً لقوائم ضحايا الحرب في غزة الصادرة في مارس/آذار الماضي، وقالت إن 72 في المئة من إجمالي الضحايا الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هم من الذكور. وهذا صحيح، إلا أن بعض وسائل الإعلام أساءت نقل الرقم، واصفة غالبية القتلى بأنهم كانوا "رجالاً" في "سن القتال" ضمن هذه الفئة العمرية. وقد أظهر تحليلنا للقوائم الصادرة شهري مارس/آذار، ومايو/أيار الماضيين نفس النتائج، والتي أشارت إلى أن حوالي 49 في المئة فقط من إجمالي الأسماء المذكورة في القائمة هم من الذكور في هذه الفئة العمرية. ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد دليل قاطع يدعم الادعاء بأن الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هم في الغالب مقاتلون. وتشير بعض الدراسات إلى أن القتلى ضمن هذه الفئة العمرية هم عادةً من الذكور، إذ إن الشباب الذكور أكثر عرضة للتنقل من الإناث، وبالتالي، هم أكثر عرضةً للقتل في النزاعات المسلحة، غالباً بسبب احتمال الاعتقاد الخاطئ بأنهم مقاتلون. في هذا السياق، قال البروفيسور مايكل سباغات، الاستشاري الاقتصادي في جامعة رويال هولواي بلندن ورئيس مبادرة "كل ضحية تهم" Every Casualty Counts في تعليقه علي قائمة مارس/آذار الماضي، إن "كل ضحية مهمة"، وإنه "إذا اعتمدنا تعريفاً معيارياً للأطفال بأنهم دون سن 18 عاماً، فإن النساء والأطفال يُشكلون 50.8 في المئة من الوفيات، أي 'معظمهم'، وإن كان بنسبة ضئيلة"، مضيفاً أن "نسبة الذكور البالغين بين القتلى تتزايد تدريجياً خلال الحرب، ومن المرجح أن تتجاوز 50 في المئة قريباً، لكنها لم تصل إلى هذا الحد بعد". وعلّق سباغات على مسألة حذف الأسماء من القوائم قائلاً: "إن قيام وزارة الصحة بحذف الأسماء ليس دليلاً على التلاعب، بل هو دليل على سعيها الدائم لتحسين جودة بياناتها. لو كانوا يتلاعبون، لكانوا على الأرجح قد تركوها". وأضاف سباغات أن عمليات الحذف لا تؤثر إلا بشكل طفيف على نسبة النساء والأطفال، بل إنها في الواقع تُخفّض هذه النسبة بشكل طفيف - وهذا يتعارض مع محاولة التلاعب بهذه النسبة وزيادتها. يذكر أنه بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة في غزة وصل عدد القتلى، حتى توقيت نشر هذا التقرير، إلى 55,706 شخصاً. في الأشهر الأولى من الحرب، كانت وزارة الصحة في غزة تعتمد على حساب أعداد القتلى من خلال عد الجثث التي تصل إلى المستشفيات، وفقاً للمتحدث باسم الوزارة. ومع تدهور الأوضاع، ومنذ بداية عام 2024، أدخلت الوزارة نظاماً إلكترونياً يتيح للأهالي الإبلاغ عن ذويهم المتوفين أو المفقودين. ورغم أن الأمم المتحدة تستشهد بهذه القوائم، إلا أن إسرائيل تشكك في دقتها وتتهم حماس باستخدامها كأداة دعائية. شارك في الإعداد: فريدة السباعي، وليندا الوكاع