logo
ماذا وراء اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى والتحقيق مع حراسه؟

ماذا وراء اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى والتحقيق مع حراسه؟

الجزيرةمنذ 6 ساعات

قُبيل انتصاف ليل السبت/الأحد اقتحمت شرطة الاحتلال المسجد الأقصى وفتشت بعض مصلياته المسقوفة وبعض المكاتب كالإطفاء، واعتقلت 4 حراس أُفرج عنهم لاحقا، بينما أجرت تحقيقا ميدانيا مع آخرين.
وأفرجت شرطة الاحتلال عن كل من رمزي الزعانين وباسم أبو جمعة وإياد عودة ومحمد عرباش، وجميعهم حراس يخدمون في الشعبة الليلية، وأفاد مركز معلومات وادي حلوة الحقوقي في القدس أن الإفراج عنهم كان مشروطا، ومن بين الشروط الخضوع للتحقيق مجددا في حال استُدعوا إليه.
وخلال عملية التفتيش عبثت شرطة الاحتلال ببعض محتويات المكاتب والمصليات، وتعمدت إلقاء نسخ من القرآن الكريم على الأرض، كما أظهرت صور من مصلى الأقصى القديم، بالإضافة إلى كسر بعض الخزائن "وتفتيش المكان بوحشية"، وفقا لمحافظة القدس.
ويأتي هذا الاقتحام في اليوم العاشر من إحكام القبضة على المسجد ومنع الدخول إليه بادعاء أن تعليمات الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي تمنع التجمهر بسبب المواجهة بين إسرائيل و إيران.
إغلاق الأقصى مجددا
ومع تخفيف القيود التي فرضتها الجبهة الداخلية مساء الأربعاء الماضي؛ قيدّت الشرطة المتمركزة على الأبواب دخول المصلين ولم يتجاوز عددهم 450 مصليًا، وبمجرد تنفيذ أميركا الهجوم هذه الليلة على 3 منشآت إيرانية عادت الجبهة الداخلية إلى القيود المشددة، وأغلقت كافة أبواب الأقصى مجددا.
خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري قال للجزيرة نت في تعقيبه على الاقتحام الليلي، إن ما حصل من اقتحام شُرَطي عسكري للأقصى هو "استباحة لحرمته واعتداء على صلاحية الوقف الإسلامي، ودبّ للذعر وشلّ لعمل الحراس الليليين الذين يتْبعون للوقف الإسلامي، وهذه سابقة خطيرة لم تكن تحصل سابقا".
وأضاف صبري "ندرك أن السلطات المحتلة تستغل أجواء الحرب من أجل الانقضاض على الأقصى والتضييق على المقدسيين، والتشديد في إجراءاتهم بعزل مدينة القدس عن سائر المناطق".
سابقة خطيرة
وختم حديثه للجزيرة نت بالقول إن هذه التشديدات على دخول المصلين المسلمين إلى الأقصى غير مسبوقة، وإن تحديد الأعداد أيام الجمع أمر مستهجن أيضا "لأن الأقصى ينبغي أن يكون مفتوحا للمسلمين دون قيود وتحديد أعداد، وتعمد تحديدها هو تدخل في شؤون المسلمين واعتداء على حرية العبادة".
أما الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق في المسجد الأقصى عبد الله معروف فعبّر عن خشيته من أن يكون أحد الأهداف الرئيسية لما حصل في المسجد الأقصى المبارك هذه الليلة -من مداهمات للمصليات المسقوفة وتفتيش وإهانة للمصاحف واعتقال لحراس المسجد- هو تفريغ المسجد من الحراس نهائيا تحضيرا لارتكاب حماقة ما داخل المسجد.
وأشار إلى أنه بات من المعروف أن عدد الحراس في المسجد الأقصى حاليا قليل جدا مقارنة بالاحتياجات، وذلك لرفض قوات الاحتلال السماح بتعيين عدد إضافي من الحراس وتهديداتها المتكررة بمنع دخولهم للمسجد.
فرصة لإحكام السيطرة
كما أن الهجوم الأميركي على إيران -وفقا لمعروف- ينذر بتصعيد كبير في المنطقة، وأضاف "أخشى أن يكون تيار الصهيونية الدينية الذي يسيطر على حكومة الاحتلال يرى في ذلك فرصة لإحكام السيطرة على المسجد عبر ارتكاب حماقة ما فيه لتصعيد الأوضاع الأمنية والسياسية أكثر؛ سعيًا وراء هوسه الديني بنبوءات المسيح ونهاية العالم وغيرها من الأساطير الدينية التي يحاول هؤلاء تطبيقها بالقوة على الأرض".
ويرى معروف أن واجب الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك الآن يقع على عاتق المجتمع المقدسي "الذي يجب ألّا يسمح بما يجري حاليا، بل يقوم بالتصعيد حتى كسر إرادة الاحتلال وضمان حماية المسجد من أي حماقات من الاحتلال ومستوطنيه".
يذكر أن البلدة القديمة في القدس تخضع لحصار مشدد منذ اندلاع المواجهة بين إسرائيل وإيران، ويمنع على غير سكانها الدخول إليها، وبالتالي جُفف الوصول إلى أولى القبلتين، التي بات المقدسيون يدركون أن الاحتلال يتعمد إقحامها في كل مواجهة أو تدهور أمني، لتحقيق مزيد من المكاسب لصالح جماعات الهيكل المتطرفة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محللون: الرد الإيراني قادم وتل أبيب تستعد للأسوأ
محللون: الرد الإيراني قادم وتل أبيب تستعد للأسوأ

الجزيرة

timeمنذ 24 دقائق

  • الجزيرة

محللون: الرد الإيراني قادم وتل أبيب تستعد للأسوأ

القدس المحتلة- قبيل الضربة الأميركية التي استهدفت 3 مواقع نووية حساسة داخل إيران، لم تترك إسرائيل الأمور للمجهول. وبادرت إلى بناء شبكة أمان سياسية وعسكرية "محكمة"، شملت تنسيقا "عميقا" مع واشنطن، وجهوزية عملياتية على الأرض، وتقديرات استخباراتية "دقيقة" لما قد يأتي من طهران. في قلب هذه الاستعدادات، وقفت الجبهة الداخلية الإسرائيلية باعتبارها الهدف المرجح لأي رد إيراني. لذلك، رفعت إسرائيل حالة التأهب القصوى في جميع وحدات الدفاع الجوي، خاصة حول المرافق الإستراتيجية، والمراكز الحكومية، والمناطق الحيوية في تل أبيب ومحيطها. كما أُعلنت حالة طوارئ في الجبهة الشمالية، تحسبا لاحتمال دخول حزب الله على خط التصعيد. بالموازاة، لم تخف القيادة الإسرائيلية نيتها توسيع الحملة العسكرية تحت عنوان " الأسد الصاعد"، عبر تكثيف الهجمات الجوية ضد أهداف إيرانية في العمق، وليس فقط في سوريا أو العراق. وشملت الضربات الجوية الإسرائيلية التي أعقبت الهجوم الأميركي الأخيرة منشآت لوجيستية ومنظومات دفاع جوي ومواقع إطلاق مسيرات بعيدة المدى، في ما يشبه مرحلة تمهيد ناري لإضعاف القدرة الإيرانية على الرد. سيناريو متطرف تشير تقديرات المحللين الأمنيين والعسكريين في إسرائيل إلى أن الرد الإيراني قادم، ولكن حجمه ونوعيته ما زالا غير محسومين. وتراوح السيناريوهات بين هجوم محدود عبر أذرع طهران في اليمن أو العراق، وبين تصعيد مباشر قد يشمل إطلاق صواريخ دقيقة أو طائرات مسيّرة من داخل إيران نحو العمق الإسرائيلي. وفي السيناريو الأكثر تطرفا، تتوقع إسرائيل محاولة إيرانية لتوجيه ضربة رمزية لكنها مؤلمة، تستهدف إحداث صدمة نفسية وردع سياسي، من دون الانزلاق إلى حرب شاملة. إعلان ومع ذلك، تحذر أوساط أمنية إسرائيلية من احتمال لجوء طهران إلى "سلاح غير تقليدي" بمعناه التكتيكي، مثل تفجير "قنبلة قذرة" في منطقة مدنية أو هجوم سيبراني واسع النطاق. ومن منظور تل أبيب وبحسب التحليلات الإسرائيلية، كانت الضربة الأميركية عنصرا أساسيا في تشكيل غطاء شرعي للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، خصوصا أن واشنطن هي التي تولت التنفيذ العلني، بينما التزمت إسرائيل الصمت. لكن ما بعد الضربة ليس كما قبلها. فمصير التصعيد بات مرهونا بالرد الإيراني. وإذا خرجت الأمور عن السيطرة، فقد تجد إسرائيل نفسها في معركة أوسع تفرض نهايتها من خارج المنطقة، وتحديدا من البيت الأبيض، حيث يتابع الرئيس دونالد ترامب التطورات عن كثب، وقد يقرر إنهاء الحملة في أي لحظة، دون اعتراض يذكر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة. وتجمع قراءات المحللين على أن المرحلة المقبلة مرهونة برد الفعل الإيراني، هل سيكون مدروسا ومحدودا؟ أم تصعيديا ومكلفا؟ في كلتا الحالتين، تبدو إسرائيل كمن يستعد لحرب طويلة، لكنه يفضل نهايتها السريعة إذا جاءت بأثمان مقبولة. وحتى ذلك الحين، يبقى الجميع في حالة ترقب، فوق الأرض وتحتها، في مراكز القرار وملاجئ الطوارئ. تقييم أمني في ظل مناقشة سيناريوهات الرد الإيراني، عقد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس ، أول تقييم أمني موسع عقب الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، تحضيرا لمواصلة عملية "الأسد الصاعد". وشارك في الاجتماع كبار قادة الأمن والجيش وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير ، واطلع كاتس على تقرير مفصل عن نتائج الضربة الأميركية المنسقة مع إسرائيل، والتي استهدفت مواقع في نطنز وأصفهان و فوردو. وناقش الحضور احتمالات التصعيد، بما يشمل هجمات مباشرة أو عبر أذرع إيران الإقليمية. وصادق كاتس في ختام الاجتماع على أهداف عسكرية جديدة، من ضمنها، ولأول مرة علنا، سيناريو العمل على تقويض النظام الإيراني إذا تجاوزت طهران الخطوط الحمراء. الاجتماع، بحسب "هآرتس"، عكس تصعيدا في اللهجة الإسرائيلية، واستعدادا لمواجهة ممتدة، مع ترك هامش للتحرك الدبلوماسي إذا اقتضت الحاجة. الحسابات الإسرائيلية في قراءة تحليلية لمراسلة الشؤون الأمنية والعسكرية لصحيفة "يسرائيل هيوم"، ليلاخ شوفال، أكدت أن انضمام الولايات المتحدة إلى الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية لم يكن مفاجئا، بل ثمرة تنسيق دقيق ومسبق مع إسرائيل، التي لعبت دورا محوريا في تمهيد الأرضية الجوية للهجوم. وترى شوفال أن التدخل الأميركي في الهجوم على إيران يحمل 3 نتائج إستراتيجية حاسمة، هي: تعزيز الأثر العملياتي. تقصير مدة الحملة، حيث يسرع التدخل الأميركي وتيرة العمليات، مما يتيح لإسرائيل الخروج السريع أو فتح مسار تفاوضي. تدويل المواجهة، إذ تحوّلت الحرب من عملية إسرائيلية خالصة إلى صراع أميركي-إيراني، مما يضع طهران أمام خيار وجودي، التراجع أو التصعيد مع واشنطن. وتختتم شوفال بالقول إن "الساعات القادمة ستكون حاسمة"، حيث تنتظر إسرائيل تقييما دقيقا للأضرار التي لحقت بالبنية النووية الإيرانية، إلى جانب ترقب شكل وحجم الرد الإيراني. فبين نجاح العمليات الجوية، والدخول الأميركي الثقيل، قد تكون المعركة بلغت ذروتها أو اقتربت من نهايتها. بداية أم نهاية في مقال تحليلي، وصف محلل الشؤون الأمنية والعسكرية، رون بن يشاي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" التنسيق الأميركي-الإسرائيلي بشأن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية بأنه لحظة مفصلية في تاريخ التحالف بين الجانبين. وبحسب بن يشاي، فإن ما جرى ليس مجرد عمل عسكري، بل بناء فعلي لـ"شبكة أمان" إستراتيجية ستمتد آثارها لعقود، وستدفع دولا في المنطقة نحو مزيد من التقارب والتطبيع مع إسرائيل. ولا يستبعد المحلل العسكري أن يطلب ترامب من إسرائيل وقف العمليات لإتاحة المجال أمام مفاوضات، وهو طلب لن يلقى اعتراضا إسرائيليا إن طُرح، لوجود رغبة حقيقية في إنهاء العملية قبل الانزلاق إلى "اقتصاد حرب" طويل المدى. لكن رغم كل ذلك، يضيف بن يشاي: "لم تدمر جميع منصات الإطلاق، ولا جرى تحييد المعرفة النووية الإيرانية أو 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب المخزن في مواقع سرية". وعليه يبقى الخوف الأكبر في تل أبيب، بحسب قراءة المحلل العسكري، من إمكانية استخدام هذا المخزون في تصنيع "قنبلة قذرة" ذات أثر نفسي وإستراتيجي مدمر. وخلص للقول إن "إسرائيل والولايات المتحدة شنتا هجوما منسقا ومدروسا، لكن عين الجميع الآن على الرد الإيراني، الذي سيحسم إن كان هذا التحرك بداية نهاية أم شرارة لحرب أوسع".

مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة
مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة

في شهادة مؤلمة كتبتها الفلسطينية نور أبو عيشة، ونشرها موقع "موندويس" الأميركي، تسرد نور تجربتها الشخصية خلال مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة النصر بمدينة غزة، والتي كانت قد تحولت إلى ملجأ للأطفال والعائلات خلال الحرب. في أواخر مايو/أيار الماضي، وخلال مجزرة مدرسة الجرجاوي، قصفت قوات الاحتلال الصهيوني صفوف الخيام والملاجئ في ساحات المدرسة. احترق الناس أحياء، وشاهد العالم ذلك يُبث أمامه. وكانت الطفلة ورد الشيخ خليل، ذات الخمسة أعوام، تركض بين جثث عائلتها المحترقة، وتخرج من بين ألسنة اللهب. جوع وجثث وتساءلت أبو عيشة: "ماذا اقترفت هذه الطفلة حتى تُترك لتهيم على وجهها ببطن خاوية؟ في ليالٍ يخيّم فيها الجوع، وتحيط بها الجثث وروائح الدم؟ كيف ستروي أعظم كارثة في حياتها؟ كيف يمكن لطفلة أن تخبر العالم أن الاحتلال لم يكتفِ بحرمانها من عائلتها، بل أحرقهم أحياء، جائعين وأبرياء، بلا سبب؟ هل يوجد طفل على وجه هذه الأرض شهد ما رأته هذه الصغيرة؟". واستمرت أبو عيشة تحكي: عند مشاهدتي للقطات مجزرة الجرجاوي، تذكّرتُ ما عايشته بنفسي في مدرسة أخرى تحولت إلى ملجأ. كنت أعمل متطوعة في مدرسة النصر، أدرّس اللغة الإنجليزية وأرفّه عن الأطفال. وخصصتُ إحدى الحصص للدعم النفسي، لأمنحهم فرصة للحديث والتنفيس. الأكثر تهميشا هؤلاء الأطفال من أكثر الفئات تهميشا في غزة، لا أحد يسمعهم أو يعبأ بأحلامهم ومخاوفهم. نشؤوا في ملاجئ مذلّة، ينتظرون في طوابير الطعام، ويبحثون عن الحطب لتكسيره وإشعاله، أو يصطفّون من أجل كوب ماء. سألتهم واحدا تلو الآخر عما يريدون أن يصبحوا حين يكبرون. توقعت أن أسمع إجابات مثل: "أريد أن أصبح مهندسا"، لكن ردودهم كانت مفجعة، لا تشبه أحلام أطفال العالم. قالت لي الطفلة آية الدلو، وعمرها 5 سنوات: "عندما أكبر، سآكل رزا فيه كثير من اللحم". إعلان حطّمني هذا الجواب. ليس ذنب الأطفال أن أعظم أمنياتهم هي فقط أن يعيشوا، ليأكلوا اللحم، وينتهي الجوع. في أغسطس/آب 2024، كانت شمال غزة مفصولة تماما عن جنوبها، ولم يكن هناك أي لحم في الشمال. يحلمون بأكل اللحم وأصدرت قوات الاحتلال الصهيوني رسالة لدعم خطة التهجير: "من أراد الطعام، فليذهب إلى جنوب الوادي بسلام". وبقيت الأمهات في الشمال، بينما يتحدث أطفالهن عن اللحم وكأنه حلم بعيد. ابن أخي، عمر، وكان عمره 3 سنوات، رأى السردين لأول مرة بعد عام ونصف من الحرب، وأشار إلى السمكة قائلا: "هذه أفعى". هل يوجد طفل في هذا العالم لا يعرف شكل السمك؟ أو حتى الفاكهة؟ في الرابع من أغسطس/آب 2024، وبعد أن أنهيت عملي التطوعي، خرجت من الفصل إلى حديقة مدرسة النصر. كنت أستحضر في ذهني ألحان بليغ حمدي، أهرب إلى الموسيقى حين تعجز اللغة عن التعبير. رأيت طلابي يلعبون في الحديقة. ناديتهم قائلة: "هيا، يا طلاب، عودوا إلى أهلكم. انتهت الحصة". لكنهم توسّلوا: "رجاءً، أستاذة، دعينا نلعب قليلا". تطايرت أجسادهم في الهواء بعد 5 دقائق فقط، سمعت صوت صاروخ يصيب المبنى المجاور مباشرة للحديقة. لا يزال ذلك الصوت يتردد في أذني حتى الآن. في تلك اللحظة، سقطتُ أرضا، وصرخت. ثم صرخت مجددا، وأنا أتحسس جسدي، أتحقق من ذراعيّ وساقيّ، خائفة من أن أكون قد فقدت شيئا منها. عندما سقط الصاروخ، تحوّل المكان إلى ضباب كثيف. لم أكن أرى شيئا، ولا حتى طلابي. بعضهم، طارت أجسادهم الصغيرة الهشة، في الهواء. وبعضهم الآخر نجا لأنه غادر المدرسة قبل القصف بلحظات. بدأت الإدارة تصرخ: "اخرجوا، وانظروا من ما زال حيا ومن مات!". وقفتُ وركضتُ. وجهي شاحب من الصدمة، وجسدي منهك، وروحي مذعورة. وصل عمي بسيارته ليأخذني إلى عائلتي. وفي طريقنا توقفنا عند المستشفى، وأخذنا معنا بعض المصابين، بينهم بنات ممرضة كانت تعمل في المدرسة. لم نخبرهن أن والدتهن ما زالت تحت الأنقاض. نجت بأعجوبة وبعد أكثر من شهرين من نجاتي من مجزرة مدرسة النصر، وجدت الشجاعة لأعود إلى المكان الذي كدتُ أفقد فيه حياتي. لم أصدق أنني كنتُ على بعد 600 متر فقط من موقع سقوط الصاروخ ونجوت. حتى مديرة المدرسة قالت لي: "يا نور، كيف كنتِ بهذا القرب من الصاروخ ونجوتِ، بينما مات طلاب كانوا أبعد؟ إنه حقا معجزة". هل نجوتُ لكي أروي لكم ما حدث في تلك اللحظات؟ في ذلك اليوم، رأيت طالبي نور الدين مقداد، الذي فقد عائلته كلها في قصف المدرسة. كان قد خرج لشراء شيء، ولم يعلم أن لا أحد سيكون في انتظاره عند عودته. كانت عائلته تأكل وجبتها الأخيرة. أتذكّر كيف كانت والدته تقول لي: "نور الدين تلميذ ذكي، لكنه عنيد وصعب. معلموه كانوا صبورين معه. الحرب غيّرته". بعد القصف، أمضى نور الدين أسابيع وهو يعانق قبور أمه وأبيه وإخوته. ماذا سيفعل الآن؟ لقد سرقت منه كل شيء… وبات وحيدا.

مسيرة شعبية حاشدة في الرباط تنديدا بالعدوان على غزة وإيران
مسيرة شعبية حاشدة في الرباط تنديدا بالعدوان على غزة وإيران

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مسيرة شعبية حاشدة في الرباط تنديدا بالعدوان على غزة وإيران

الرباط-"لا صداقة مع المحتل واللجنة لازم تتحل" و" الصحراء مغربية وفلسطين إسلامية وإسرائيل إرهابية وأميركا إرهابية" و"الشعب يريد إسقاط التطبيع" و"يا مسلم قاطع سلعهم". كانت هذه بعض الشعارات التي رفعها آلاف المغاربة، اليوم الأحد، في مسيرة شعبية وطنية حاشدة دعت إليها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين تحت شعار "وحدة الأمة ضد العدوان ومع المقاومة حتى التحرير وإسقاط التطبيع". وشارك في المسيرة التي انطلقت في العاصمة الرباط آلاف المغاربة من مدن الدار البيضاء وبني ملال ومكناس وتطوان والرشيدية وغيرها استمرارا لحراك الشعب المغربي منذ اندلاع طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وندَّد المتظاهرون باستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وتجويع ملايين الفلسطينيين، وأكدوا رفضهم كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، مستنكرين الصمت الدولي إزاء المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها أهالي غزة وباقي مناطق فلسطين. رسائل مباشرة ورفع المتظاهرون صور قادة المقاومة الفلسطينية الشهداء مثل عبد العزيز الرنتيسي و يحيى السنوار و صالح العاروري وغيرهم، إلى جانب صور المقاومين المغاربة؛ محمد بن عبد الكريم الخطابي وعسو أوبسلام. وتأتي التظاهرة -حسب مجموعة العمل الوطنية- في إطار المساهمة المغربية بفعاليات المسيرة الشعبية العالمية لكسر الحصار عن غزة والتصدي لحرب التجويع الممنهج للشعب الفلسطيني. وقال عضو السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد الحفيظ السريتي، إن الدعوة للمسيرة الشعبية الوطنية تؤكد أن الشعب المغربي يتابع عن كثب، ما يتعرض له الفلسطينيون من إبادة جماعية وتجويع وتهجير قسري. وأكد السريتي للجزيرة نت أن المسيرة تحمل عدة رسائل قوية وواضحة: أولاها موجهة إلى المجتمع الدولي، قائلا "عار على هذا المجتمع أن يظل مكتوف الأيدي أمام المجازر التي تُرتكب يوميا بحق الأطفال والنساء والشيوخ، وعليه التحرك لوضع حد لهذا الإجرام الصهيوني الذي تمادى في طغيانه دون رادع". والثانية موجهة إلى الأنظمة العربية والإسلامية، التي تملك من وسائل الضغط ما يمكن أن يُحدث فرقا حقيقيا، مشددا على أنه "حان الوقت لتحريك أوراق القوة، من قطع العلاقات بكل أشكالها مع الكيان المجرم، إلى فرض حصار اقتصادي وسياسي ودبلوماسي شامل عليه، بما يضمن عزله دوليا وإيقاف عدوانه". فيما وُجهت الثالثة -حسب السريتي- إلى شعوب العالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، داعيا إياهم لمواصلة الضغط الشعبي والنزول إلى الساحات والميادين، ورفع الصوت عاليا من أجل حرية فلسطين ووقف العدوان وفتح المعابر وتمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة على كامل أراضيه. قضية كل حر وأوضح السريتي أن مسيرة الشعب المغربي، بمشاركة الأحزاب والنقابات والمنظمات المدنية، تهدف لإيصال صوت المغاربة للعالم، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية وطنية ومركزية لكل مغربي حر، حتى تتحرر فلسطين من الاحتلال. من جهته، أكد عضو المكتب السياسي ل حزب التقدم والاشتراكية (المعارض)، جمال بنشقرون كريمي، أن المسيرة تعبير عن أن المغاربة "في طليعة الشعوب المناضلة فداء للقضية الفلسطينية وإحقاق الحق والعدالة، ومن أجل انتفاضة عالمية ضد العدوان السافر وضد الآلة الصهيونية التي طغت وتجبَّرت". وأوضح كريمي للجزيرة نت، أن ما يتعرض له قطاع غزة من إبادة وتجويع وتهجير، يُحتم الاصطفاف لنصرته ولدفع الأمم المتحدة و مجلس الأمن لإقرار العدل ووقف مجرمي الحرب الذين أدانتهم المحكمة الجنائية الدولية. إيران حاضرة ومن ناحية أخرى، رفض المتظاهرون العدوان على إيران مؤخرا، واعتبروه استمرارا لطغيان إسرائيل و الولايات المتحدة ، ورفعوا شعارات تدعو للوحدة بين الأمة الإسلامية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية. وعبّر عبد الحفيظ السريتي عن قلقه من التوسع الخطير في السياسات العدوانية للكيان الصهيوني، لافتا إلى الهجوم على إيران، يكشف أن هذا الكيان يسعى لتوسيع جرائمه خارج فلسطين، ويهدد بذلك بلدانا أخرى مثل لبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية والعراق، "ما يجعل التحرك العربي العاجل ضرورة قصوى قبل فوات الأوان، إن لم يكن قد فات بالفعل". وشدد المتحدث على أن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة) أصبح "يتبجح بمخططه لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد وفق رؤية صهيونية-أميركية، في ظل دعم غير مشروط من أميركا التي توفر له الغطاء السياسي والعسكري". من جهته، أدان حزب التقدم والاشتراكية وعلى لسان جمال كريمي، الحروب في كل مكان، وقال: إن الحرب المشتعلة في الشرق الأوسط تنذر بالأسوأ للعالم، داعيا إلى الجلوس للمفاوضات والحوار لإيجاد الحلول عوضا عن إشعال المنطقة. وكانت أحزاب سياسية وفعاليات مدنية أدانت العدوان الإسرائيلي على إيران وأعلنت تضامنها مع الشعب الإيراني. وأكد حزب العدالة والتنمية في بيان "الإدانة المبدئية المطلقة لهذا العدوان على الشعب الإيراني واستباحة أراضيه وسيادته الوطنية واستهداف مقدراته وبنيته التحتية واغتيال قياداته في انتهاك جسيم لكل القوانين والمواثيق الدولية". كما عبَّر حزب التقدم والاشتراكية عن إدانته القوية ورفضه القاطع لما يتعرض له الإيرانيون من "عدوان صهيوني غاشم مدعوم من قبل القوى الامبريالية سياسيا ولوجستيا ودبلوماسيا وإعلاميا بما يعرض السلم الإقليمي والعالمي إلى مخاطر ضخمة التداعيات". فيما أعلنت حركة التوحيد والإصلاح عن تضامنها مع الشعب الإيراني، وأكدت في بيان رفضها التوظيف السياسي المزدوج للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وقالت: إن العدوان على إيران "يهدد الأمن والسلم الدوليين وفيه تجاهل صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وانتهاك مباشر لسيادة دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store