
مسيرة شعبية حاشدة في الرباط تنديدا بالعدوان على غزة وإيران
الرباط-"لا صداقة مع المحتل واللجنة لازم تتحل" و" الصحراء مغربية وفلسطين إسلامية وإسرائيل إرهابية وأميركا إرهابية" و"الشعب يريد إسقاط التطبيع" و"يا مسلم قاطع سلعهم".
كانت هذه بعض الشعارات التي رفعها آلاف المغاربة، اليوم الأحد، في مسيرة شعبية وطنية حاشدة دعت إليها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين تحت شعار "وحدة الأمة ضد العدوان ومع المقاومة حتى التحرير وإسقاط التطبيع".
وشارك في المسيرة التي انطلقت في العاصمة الرباط آلاف المغاربة من مدن الدار البيضاء وبني ملال ومكناس وتطوان والرشيدية وغيرها استمرارا لحراك الشعب المغربي منذ اندلاع طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وندَّد المتظاهرون باستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وتجويع ملايين الفلسطينيين، وأكدوا رفضهم كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، مستنكرين الصمت الدولي إزاء المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها أهالي غزة وباقي مناطق فلسطين.
رسائل مباشرة
ورفع المتظاهرون صور قادة المقاومة الفلسطينية الشهداء مثل عبد العزيز الرنتيسي و يحيى السنوار و صالح العاروري وغيرهم، إلى جانب صور المقاومين المغاربة؛ محمد بن عبد الكريم الخطابي وعسو أوبسلام.
وتأتي التظاهرة -حسب مجموعة العمل الوطنية- في إطار المساهمة المغربية بفعاليات المسيرة الشعبية العالمية لكسر الحصار عن غزة والتصدي لحرب التجويع الممنهج للشعب الفلسطيني.
وقال عضو السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد الحفيظ السريتي، إن الدعوة للمسيرة الشعبية الوطنية تؤكد أن الشعب المغربي يتابع عن كثب، ما يتعرض له الفلسطينيون من إبادة جماعية وتجويع وتهجير قسري.
وأكد السريتي للجزيرة نت أن المسيرة تحمل عدة رسائل قوية وواضحة:
أولاها موجهة إلى المجتمع الدولي، قائلا "عار على هذا المجتمع أن يظل مكتوف الأيدي أمام المجازر التي تُرتكب يوميا بحق الأطفال والنساء والشيوخ، وعليه التحرك لوضع حد لهذا الإجرام الصهيوني الذي تمادى في طغيانه دون رادع".
والثانية موجهة إلى الأنظمة العربية والإسلامية، التي تملك من وسائل الضغط ما يمكن أن يُحدث فرقا حقيقيا، مشددا على أنه "حان الوقت لتحريك أوراق القوة، من قطع العلاقات بكل أشكالها مع الكيان المجرم، إلى فرض حصار اقتصادي وسياسي ودبلوماسي شامل عليه، بما يضمن عزله دوليا وإيقاف عدوانه".
فيما وُجهت الثالثة -حسب السريتي- إلى شعوب العالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، داعيا إياهم لمواصلة الضغط الشعبي والنزول إلى الساحات والميادين، ورفع الصوت عاليا من أجل حرية فلسطين ووقف العدوان وفتح المعابر وتمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة على كامل أراضيه.
قضية كل حر
وأوضح السريتي أن مسيرة الشعب المغربي، بمشاركة الأحزاب والنقابات والمنظمات المدنية، تهدف لإيصال صوت المغاربة للعالم، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية وطنية ومركزية لكل مغربي حر، حتى تتحرر فلسطين من الاحتلال.
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي ل حزب التقدم والاشتراكية (المعارض)، جمال بنشقرون كريمي، أن المسيرة تعبير عن أن المغاربة "في طليعة الشعوب المناضلة فداء للقضية الفلسطينية وإحقاق الحق والعدالة، ومن أجل انتفاضة عالمية ضد العدوان السافر وضد الآلة الصهيونية التي طغت وتجبَّرت".
وأوضح كريمي للجزيرة نت، أن ما يتعرض له قطاع غزة من إبادة وتجويع وتهجير، يُحتم الاصطفاف لنصرته ولدفع الأمم المتحدة و مجلس الأمن لإقرار العدل ووقف مجرمي الحرب الذين أدانتهم المحكمة الجنائية الدولية.
إيران حاضرة
ومن ناحية أخرى، رفض المتظاهرون العدوان على إيران مؤخرا، واعتبروه استمرارا لطغيان إسرائيل و الولايات المتحدة ، ورفعوا شعارات تدعو للوحدة بين الأمة الإسلامية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.
وعبّر عبد الحفيظ السريتي عن قلقه من التوسع الخطير في السياسات العدوانية للكيان الصهيوني، لافتا إلى الهجوم على إيران، يكشف أن هذا الكيان يسعى لتوسيع جرائمه خارج فلسطين، ويهدد بذلك بلدانا أخرى مثل لبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية والعراق، "ما يجعل التحرك العربي العاجل ضرورة قصوى قبل فوات الأوان، إن لم يكن قد فات بالفعل".
وشدد المتحدث على أن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة) أصبح "يتبجح بمخططه لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد وفق رؤية صهيونية-أميركية، في ظل دعم غير مشروط من أميركا التي توفر له الغطاء السياسي والعسكري".
من جهته، أدان حزب التقدم والاشتراكية وعلى لسان جمال كريمي، الحروب في كل مكان، وقال: إن الحرب المشتعلة في الشرق الأوسط تنذر بالأسوأ للعالم، داعيا إلى الجلوس للمفاوضات والحوار لإيجاد الحلول عوضا عن إشعال المنطقة.
وكانت أحزاب سياسية وفعاليات مدنية أدانت العدوان الإسرائيلي على إيران وأعلنت تضامنها مع الشعب الإيراني.
وأكد حزب العدالة والتنمية في بيان "الإدانة المبدئية المطلقة لهذا العدوان على الشعب الإيراني واستباحة أراضيه وسيادته الوطنية واستهداف مقدراته وبنيته التحتية واغتيال قياداته في انتهاك جسيم لكل القوانين والمواثيق الدولية".
كما عبَّر حزب التقدم والاشتراكية عن إدانته القوية ورفضه القاطع لما يتعرض له الإيرانيون من "عدوان صهيوني غاشم مدعوم من قبل القوى الامبريالية سياسيا ولوجستيا ودبلوماسيا وإعلاميا بما يعرض السلم الإقليمي والعالمي إلى مخاطر ضخمة التداعيات".
فيما أعلنت حركة التوحيد والإصلاح عن تضامنها مع الشعب الإيراني، وأكدت في بيان رفضها التوظيف السياسي المزدوج للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وقالت: إن العدوان على إيران "يهدد الأمن والسلم الدوليين وفيه تجاهل صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وانتهاك مباشر لسيادة دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال
أظهر تقرير أممي بشأن الأطفال أن عام 2024 شهد العدد الأكبر من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة منذ نحو 30 عاما. وأوضح التقرير أن الدول التي شهدت أعلى مستويات الانتهاكات في عام 2024 هي "إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة لا سيما قطاع غزة"، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، ونيجيريا، وهاييتي إلى جانب أرقام عدة تتعلق بالسودان واليمن وسوريا ولبنان. ووفقا للتقرير، فقد تحققت الأمم المتحدة من 41 ألفا و370 انتهاكا جسيما ضد الأطفال في النزاعات المسلحة العام الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ إنشاء ولاية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح في عام 1996. ويمثل هذا زيادة بنسبة 25% مقارنة بعام 2023، ويُشير إلى استمرار التدهور المقلق في حماية الأطفال للعام الثالث على التوالي. وأكد التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الهجمات العشوائية، وتجاهل اتفاقات وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام، وتفاقم الأزمات الإنسانية، مع تجاهل القانون الدولي و حقوق الأطفال ، أضعفت بشدة حماية الأطفال في الأعمال العدائية. والانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال التي يرصدها التقرير هي القتل والتشويه، وتجنيد واستخدام الأطفال، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية. فلسطين وفقا للتقرير، تحققت الأمم المتحدة من 8554 انتهاكا جسيما بحق 2959 طفلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بما فيها 8544 في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية بواقع 3688، وفي قطاع غزة بـ4856، وفق التقرير الذي أدرج للسنة الثانية على التوالي قوات الجيش الإسرائيلي ضمن "القائمة السوداء أو قائمة العار" في تقريره. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن الفزع إزاء شدة الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. وحث إسرائيل على التوقيع على خطة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء ومنع قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات. كما دعا فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة إلى "إطلاق سراح جميع الرهائن دون قيد أو شرط، أحياء كانوا أم أمواتا". السودان واليمن تحققت الأمم المتحدة هناك من وقوع 2041 انتهاكا جسيما ضد 1882 طفلا (1081 صبيا، و564 فتاة، و237 طفلا)، فضلا عن 127 انتهاكا وقعت في السنوات السابقة. وسجل التقرير قتل 752 طفلا وتشويه 987 آخرين في العام الماضي. وعبّر الأمين العام عن القلق البالغ إزاء تزايد عدد الانتهاكات الجسيمة في السودان، لا سيما القتل والتشويه، والعنف الجنسي، والهجمات على المدارس والمستشفيات. وحث جميع الأطراف على اتخاذ تدابير لإنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك الامتناع عن استخدام الذخائر المتفجرة، داعيا جميع الأطراف إلى تسريح جميع الأطفال من صفوفها. وفي اليمن، أفاد التقرير بتحقق الأمم المتحدة من 583 انتهاكا جسيما ضد 504 أطفال و204 انتهاكات جسيمة وقعت في السنوات السابقة. كما حث الأمين العام، في التقرير، الأطراف على الانخراط في الاستعدادات لاستئناف عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة، بما في ذلك أحكام حماية الطفل. سوريا ولبنان ويفيد التقرير بأن الأمم المتحدة تحققت من نحو 1300 انتهاك جسيم ضد 1205 أطفال و64 انتهاكا وقعت خلال السنوات السابقة في سوريا. وأكد الأمين العام الأمم المتحدة ضرورة وجود عملية سياسية شاملة تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015، وأن تُدرج فيها الأحكام المتعلقة بحقوق الطفل. أما في لبنان، فتحقق التقرير من وقوع 669 انتهاكا جسيما ضد 628 طفلا في لبنان، إذ أعرب الأمين العام عن القلق إزاء ازدياد عدد الأطفال القتلى والجرحى، والأثر المدمر على الرعاية الصحية. وحث إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ووقف الهجمات التي تؤثر على المدنيين، بمن فيهم الأطفال، والهجمات على المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى. ودعا حزب الله وجميع أطراف النزاع الأخرى إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وفق التقرير الذي استعرضه موقع "أخبار الأمم المتحدة". وسجل التقرير -الذي جاء في 40 صفحة ويغطي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول من عام 2024– انتهاكات في دول أخرى منها جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال ونيجيريا وهاييتي وموزمبيق وإثيوبيا، وأوكرانيا.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي
تواجه الضفة الغربية أزمة نقدية حادة ناجمة عن تراكم عملة الشيكل داخل الجهاز المصرفي الفلسطيني، حيث يُقدّر الفائض المتكدّس بأكثر من القدرة الاستيعابية للبنوك المحلية، مما يعرّضها لمخاطر أمنية واقتصادية متزايدة. وتعود جذور الأزمة إلى سنوات مضت، إلا أنها تفاقمت بشكل غير مسبوق منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتُعد هذه الأزمة امتدادا لسياسات الاحتلال الاقتصادية العقابية، المتمثلة في رفض بنك إسرائيل استلام الفائض من الشيكل، رغم أن هذه العملة صادرة عن سلطته، ويقع عليه قانونيا امتصاصها. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها سلطة النقد الفلسطينية، والتي تمثلت في تشجيع الدفع الإلكتروني وتوسيع شبكة نقاط البيع وتوجيه البنوك للتعاون مع القطاعات الحيوية، إلا أن ردود الفعل الشعبية على هذه الإجراءات جاءت سلبية؛ فقد وصف العديد من المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي هذه المحاولات بأنها حلول ترقيعية تُحمّل المواطن عبئا إضافيا دون معالجة جوهرية للمشكلة. وفي هذا الإطار، علّق الصحفي الفلسطيني المختص بالشأن الاقتصادي محمد خبيصة عبر صفحته على "فيسبوك"، معتبرا أن الأسوأ في هذه القضية هو تماهي بنك إسرائيل وسلطة النقد الفلسطينية في موقف الضحية، رغم أن المسؤولية القانونية تقع على عاتق بنك إسرائيل، بصفته الجهة المصدرة للعملة. وأشار خبيصة إلى أن بنك إسرائيل يزعم أن حجم الشيكل المتداول في السوق الفلسطينية أكبر بكثير من التقديرات الرسمية، ويُرجع ذلك إلى تهرب ضريبي وتسريب عملات من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية، مما دفعه إلى التشبث برفض استلام أي كميات تفوق الحصة المحددة بـ4.5 مليارات شيكل كل 3 أشهر. وأوضح أن من مهام سلطة النقد إصدار تقرير شهري حول "المعروض النقدي" لرصد الخلل واتخاذ إجراءات مبكرة، لكنه تساءل عن كيفية اتفاق معظم البنوك الفلسطينية فجأة على فرض سقوف على الإيداعات بالشيكل، وكأن الجهاز المصرفي فوجئ بأزمة تشكّلت بين ليلة وضحاها. وأكد أن البنوك كانت طرفا رئيسيا في صناعة الأزمة، ثم نصّبت نفسها ضحية لها. وفي سياق متصل، يجمع عدد من النشطاء الفلسطينيين على أن الأزمة ليست طارئة، بل هي نتاج تراكمات مستمرة منذ أكثر من 6 سنوات، حيث بلغ حجم الشيكل المتراكم آنذاك ما بين 5 إلى 6 مليارات، ليتجاوز اليوم 13 مليار شيكل، دون وجود آليات فعالة للتصريف. ويرى آخرون أن الحلول المطروحة حاليا، تتم على حساب المواطن، بينما تغضّ السلطة الطرف عن أرباح البنوك الضخمة التي لم تلعب دورا حقيقيا في التنمية المستدامة، بل اكتفت بجني الأرباح من خلال الفوائد. وفيما يتعلق بالتبريرات الرسمية، انتقد نشطاء ما وصفوه بـ"الخطاب المضلل"، الذي يُرجع الأزمة لأسباب مثل أجور العمال أو ضعف التحول الرقمي، رغم أن البيانات الرسمية تشير إلى انخفاض عدد العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل والمستوطنات بنسبة 86% بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما يُسقط أحد أبرز مبررات السلطة. وكما أشار البعض إلى ظهور ملامح سوق سوداء للشيكل، خصوصا بعد تحديد سقف التعاملات النقدية داخل إسرائيل بـ11 ألف شيكل، ما أدى إلى تسريب كميات كبيرة من العملة إلى الضفة الغربية عبر وسطاء ومكاتب صرافة. ويرى مدوّنون أن ما يجري لا يُختزل في مسألة "نقص سيولة"، بل هو أزمة بنيوية تتعلق باستخدام الشيكل كأداة هيمنة اقتصادية وسياسية، حيث يتم التحكم بالتدفقات النقدية لتجويف الاقتصاد الفلسطيني. فمع غياب عملة وطنية مستقلة، وتجميد قدرة النظام المصرفي على تدوير الشيكل، تحوّلت هذه العملة من وسيط تبادل إلى أداة للعقاب الجماعي. وعبّر مغرّدون عن رفضهم لتسويق الأزمة على أنها مجرد تحول رقمي، مؤكدين أن الرقمنة هنا ليست حلا حقيقيا، بل واجهة حضارية تُخفي أزمة تتعلق بالسيادة النقدية والاقتصادية؛ فالتحول إلى الدفع الإلكتروني أو تشجيع استخدام "الفيزا" لا يعالج أصل المشكلة، بل يغطّي اختلالات جوهرية. وتساءلوا: هل من المنطقي أن تستمر البنوك الكبرى في تحقيق أرباح سنوية ضخمة، بينما يتحمّل المواطن نتائج أزمة تُدار بحلول سطحية؟ وفي سياق متصل، أصدر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قرارا قبل عدة أيام بإلغاء إعفاء يتيح التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، ردا على ما وصفه بـ"حملة نزع الشرعية" التي تشنها السلطة الفلسطينية على إسرائيل في المحافل الدولية. وكان هذا الإعفاء يسمح للبنوك الإسرائيلية بمعالجة مدفوعات الشيكل مقابل خدمات ورواتب مرتبطة بالسلطة الفلسطينية دون التعرض لخطر اتهامها بتمويل التطرف أو غسل الأموال؛ وبدون هذا الإعفاء، فإن البنوك الفلسطينية مهددة بالعزل الكامل عن النظام المالي الإسرائيلي.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة
في شهادة مؤلمة كتبتها الفلسطينية نور أبو عيشة، ونشرها موقع "موندويس" الأميركي، تسرد نور تجربتها الشخصية خلال مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة النصر بمدينة غزة، والتي كانت قد تحولت إلى ملجأ للأطفال والعائلات خلال الحرب. في أواخر مايو/أيار الماضي، وخلال مجزرة مدرسة الجرجاوي، قصفت قوات الاحتلال الصهيوني صفوف الخيام والملاجئ في ساحات المدرسة. احترق الناس أحياء، وشاهد العالم ذلك يُبث أمامه. وكانت الطفلة ورد الشيخ خليل، ذات الخمسة أعوام، تركض بين جثث عائلتها المحترقة، وتخرج من بين ألسنة اللهب. جوع وجثث وتساءلت أبو عيشة: "ماذا اقترفت هذه الطفلة حتى تُترك لتهيم على وجهها ببطن خاوية؟ في ليالٍ يخيّم فيها الجوع، وتحيط بها الجثث وروائح الدم؟ كيف ستروي أعظم كارثة في حياتها؟ كيف يمكن لطفلة أن تخبر العالم أن الاحتلال لم يكتفِ بحرمانها من عائلتها، بل أحرقهم أحياء، جائعين وأبرياء، بلا سبب؟ هل يوجد طفل على وجه هذه الأرض شهد ما رأته هذه الصغيرة؟". واستمرت أبو عيشة تحكي: عند مشاهدتي للقطات مجزرة الجرجاوي، تذكّرتُ ما عايشته بنفسي في مدرسة أخرى تحولت إلى ملجأ. كنت أعمل متطوعة في مدرسة النصر، أدرّس اللغة الإنجليزية وأرفّه عن الأطفال. وخصصتُ إحدى الحصص للدعم النفسي، لأمنحهم فرصة للحديث والتنفيس. الأكثر تهميشا هؤلاء الأطفال من أكثر الفئات تهميشا في غزة، لا أحد يسمعهم أو يعبأ بأحلامهم ومخاوفهم. نشؤوا في ملاجئ مذلّة، ينتظرون في طوابير الطعام، ويبحثون عن الحطب لتكسيره وإشعاله، أو يصطفّون من أجل كوب ماء. سألتهم واحدا تلو الآخر عما يريدون أن يصبحوا حين يكبرون. توقعت أن أسمع إجابات مثل: "أريد أن أصبح مهندسا"، لكن ردودهم كانت مفجعة، لا تشبه أحلام أطفال العالم. قالت لي الطفلة آية الدلو، وعمرها 5 سنوات: "عندما أكبر، سآكل رزا فيه كثير من اللحم". إعلان حطّمني هذا الجواب. ليس ذنب الأطفال أن أعظم أمنياتهم هي فقط أن يعيشوا، ليأكلوا اللحم، وينتهي الجوع. في أغسطس/آب 2024، كانت شمال غزة مفصولة تماما عن جنوبها، ولم يكن هناك أي لحم في الشمال. يحلمون بأكل اللحم وأصدرت قوات الاحتلال الصهيوني رسالة لدعم خطة التهجير: "من أراد الطعام، فليذهب إلى جنوب الوادي بسلام". وبقيت الأمهات في الشمال، بينما يتحدث أطفالهن عن اللحم وكأنه حلم بعيد. ابن أخي، عمر، وكان عمره 3 سنوات، رأى السردين لأول مرة بعد عام ونصف من الحرب، وأشار إلى السمكة قائلا: "هذه أفعى". هل يوجد طفل في هذا العالم لا يعرف شكل السمك؟ أو حتى الفاكهة؟ في الرابع من أغسطس/آب 2024، وبعد أن أنهيت عملي التطوعي، خرجت من الفصل إلى حديقة مدرسة النصر. كنت أستحضر في ذهني ألحان بليغ حمدي، أهرب إلى الموسيقى حين تعجز اللغة عن التعبير. رأيت طلابي يلعبون في الحديقة. ناديتهم قائلة: "هيا، يا طلاب، عودوا إلى أهلكم. انتهت الحصة". لكنهم توسّلوا: "رجاءً، أستاذة، دعينا نلعب قليلا". تطايرت أجسادهم في الهواء بعد 5 دقائق فقط، سمعت صوت صاروخ يصيب المبنى المجاور مباشرة للحديقة. لا يزال ذلك الصوت يتردد في أذني حتى الآن. في تلك اللحظة، سقطتُ أرضا، وصرخت. ثم صرخت مجددا، وأنا أتحسس جسدي، أتحقق من ذراعيّ وساقيّ، خائفة من أن أكون قد فقدت شيئا منها. عندما سقط الصاروخ، تحوّل المكان إلى ضباب كثيف. لم أكن أرى شيئا، ولا حتى طلابي. بعضهم، طارت أجسادهم الصغيرة الهشة، في الهواء. وبعضهم الآخر نجا لأنه غادر المدرسة قبل القصف بلحظات. بدأت الإدارة تصرخ: "اخرجوا، وانظروا من ما زال حيا ومن مات!". وقفتُ وركضتُ. وجهي شاحب من الصدمة، وجسدي منهك، وروحي مذعورة. وصل عمي بسيارته ليأخذني إلى عائلتي. وفي طريقنا توقفنا عند المستشفى، وأخذنا معنا بعض المصابين، بينهم بنات ممرضة كانت تعمل في المدرسة. لم نخبرهن أن والدتهن ما زالت تحت الأنقاض. نجت بأعجوبة وبعد أكثر من شهرين من نجاتي من مجزرة مدرسة النصر، وجدت الشجاعة لأعود إلى المكان الذي كدتُ أفقد فيه حياتي. لم أصدق أنني كنتُ على بعد 600 متر فقط من موقع سقوط الصاروخ ونجوت. حتى مديرة المدرسة قالت لي: "يا نور، كيف كنتِ بهذا القرب من الصاروخ ونجوتِ، بينما مات طلاب كانوا أبعد؟ إنه حقا معجزة". هل نجوتُ لكي أروي لكم ما حدث في تلك اللحظات؟ في ذلك اليوم، رأيت طالبي نور الدين مقداد، الذي فقد عائلته كلها في قصف المدرسة. كان قد خرج لشراء شيء، ولم يعلم أن لا أحد سيكون في انتظاره عند عودته. كانت عائلته تأكل وجبتها الأخيرة. أتذكّر كيف كانت والدته تقول لي: "نور الدين تلميذ ذكي، لكنه عنيد وصعب. معلموه كانوا صبورين معه. الحرب غيّرته". بعد القصف، أمضى نور الدين أسابيع وهو يعانق قبور أمه وأبيه وإخوته. ماذا سيفعل الآن؟ لقد سرقت منه كل شيء… وبات وحيدا.