
نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران
القدس (أ ف ب) – منذ بدء الغارات الجوية على إيران الأسبوع الماضي، يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على جر الرئيس دونالد ترامب إلى الحرب وتبديد التردد لدى الرأي العام الأميركي حيال جدوى المشاركة في الضربات.
في اتصالاته اليومية وتصريحاته العلنية، يمزج أطول رؤساء وزراء إسرائيل عمرا في الحكم بين المديح والاحترام للرئيس الأميركي، ويحرص على التأكيد في الوقت نفسه أن الضربات على إيران تصب في مصلحة الأميركيين.
وتساءل نتانياهو خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأحد الماضي 'هل تريدون أن يمتلك هؤلاء أسلحة نووية والوسائل اللازمة لإيصالها إليكم؟'.
وقال لشبكة 'إيه بي سي نيوز' في اليوم التالي 'اليوم، تل أبيب. وغدا نيويورك'، متحدثا عن سعي إيران إلى تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى السواحل الأميركية في المستقبل.
جاءت حملته الإعلامية الواسعة بعد محادثات مكثفة بين نتانياهو وترامب لم يكن الانسجام سيد الموقف فيها باستمرار هذا العام، إذ استُقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مرتين في البيت الأبيض منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في كانون الثاني/يناير.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مصادر في الإدارة الأميركية لم تُسمها، الثلاثاء بأن نتانياهو طلب من ترامب في اجتماع بينهما في نيسان/أبريل قنابل خارقة للتحصينات أميركية الصنع قادرة على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، لكن طلبه قوبل بالرفض.
بعد انتخابه بفضل معارضته التدخلات الأميركية في الخارج ومواجهته 'دعاة الحرب' المفترضين في الحزب الديموقراطي، بدا ترامب مترددا في زج واشنطن في حرب أخرى في الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام.
ويُعارض جزء كبير من تحالفه اليميني 'مايك أميركا غرايت أغاين' ('لنجعل أميركا عظيمة مجددا')، المعروف اختصارا بـ'ماغا' MAGA، بشدة التدخل الأميركي، بمن فيهم نائب الرئيس جاي دي فانس ورئيسة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد وشخصيات إعلامية مؤثرة مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون.
لكن قطب العقارات السابق قال بوضوح الأربعاء إنه يفكر في الانضمام إلى الحملة الإسرائيلية مباشرة، ما أثار احتمال استخدام قنابل 'جي بي يو-57' GBU-57 الخارقة للتحصينات ضد محطة فوردو، أبرز منشأة لتخزين اليورانيوم تحت الأرض في إيران.
قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض عندما سُئل عما إذا كان قد قرر شن ضربات جوية أميركية 'قد أفعل ذلك وقد لا أفعل'.
وأوضح الخميس أنه سيتخذ قراره النهائي في هذا الشأن 'خلال الأسبوعين المقبلين'.
– نفوذ –
يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مركز 'تشاتام هاوس' للأبحاث بلندن يوسي ميكلبيرغ إن نتانياهو كان بارعا في تعامله مع ترامب، إذ استغل 'كبرياءه' وأجاد في الوقت نفسه اللعب على 'نقاط ضعفه'.
ويوضح لوكالة فرانس برس أنه بعد أن تلقى 'ضوءا برتقاليا' من الرئيس الأميركي سرا لشن الهجمات الجمعة الماضي، كان نتانياهو 'يعرف شخصية ترامب، وكان يعلم أنه قد ينضم إلى صفوفه إذا ما سنحت له فرصة إعلان النصر بطريقة ما أو ادعاء نوع من الفضل'.
وأشاد ترامب علنا بنجاح الحملة العسكرية الإسرائيلية التي جمعت بين اغتيالات محددة الأهداف لعسكريين بارزين، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وشن ضربات متكررة على مواقع نووية.
مع ذلك، يحذر إليوت أ. كوهين، وهو مستشار سابق مخضرم في وزارة الخارجية الأميركية وخبير بالعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن، من المبالغة في تقدير نفوذ نتانياهو الشخصي.
ويقول لوكالة فرانس برس 'أعتقد أن الأمر لا يتعلق بنفوذ نتانياهو بقدر ما يرتبط برؤية ترامب للبرنامج النووي الإيراني، وذكرياته عن مؤامرة لاغتياله دبرها عملاء إيرانيون عام 2024، ونجاح العمليات الإسرائيلية الأولية'.
وكانت وُجّهت اتهامات لرجل إيراني بالوقوف وراء مخطط مفترض لمحاولة اغتيال ترامب قبل انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ويوضح كوهين أن ضغط نتانياهو قد ينجح لأسباب عدة.
ويقول 'إنهم لا يطلبون شيئا سوى قصف فوردو'، في إشارة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض، و'لا أحد يتحدث عن غزو أو أي شيء من هذا القبيل'.
يضيف 'يدرك الكثير من الأميركيين، إن لم يكن معظمهم، أن إيران النووية خطرة للغاية، وأن النظام (الإيراني) معادٍ بشدة للولايات المتحدة'.
– الرأي العام –
أظهر استطلاع رأي أجرته مجموعة 'يوغوف' المتخصصة في الاستطلاعات لصالح مجلة 'ذي إيكونوميست' نهاية الأسبوع الماضي أن نصف الأميركيين يعتبرون إيران 'عدوا' لبلدهم، بينما يصفها ربع آخر بأنها 'غير ودية'.
لكن الاستطلاع خلص الى أن 16% فقط من الأميركيين 'يعتقدون أن على الجيش الأميركي التدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران'.
وبيّنت النتائج أن أغلبية الديموقراطيين (65%) والمستقلين (61%) والجمهوريين (53%) يعارضون التدخل العسكري.
وفي حديثه عبر بودكاست War Room ('غرفة الحرب') الأربعاء، عبّر بانون، الخبير الاستراتيجي السابق لترامب، عن غضبه الشديد من نتانياهو الذي قدّم 'مواعظ' لأميركا وبدأ حربا لا يستطيع إنهاءها بمفرده.
وقال 'لا تفكروا باللجوء إلينا لإنهاء هذه الحرب'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 5 ساعات
- موقع كتابات
سرد العبث في التاريخ
لا اتابع اطلاقا تصريحات ترامب او نتن ياهو وحتى اغلب السياسيين لان تصريحاتهم بعد الحدث معروفة من تنديدات او تبريرات وهي كلام يؤدي الى التقيوء ، الكلمة التي لا تؤدي الى اثر على الواقع فهي هواء في شبك . اتابع بعض التقارير او اللقاءات لبعض الشخصيات التي تطلع على ما لم يصلنا من مواقف مخفية وهذا ما لفت انتباهي من قناة الجزيرة وهي تحاور الدكتور محجوب الزويري استاذ السياسة في الشرق الاوسط فقد ذكر معلومتين مترابطتين وهي حقيقة من صلب العبث بالتاريخ ، فقد ذكر ان تصريح ترامب بعد اعتدائه على ايران انه يطلبهم ثارا قبل خمس واربعين سنة أي ايام كارتر عندما اخفق في مسالة الرهائن الامريكيين في ايران ، يقابله كذلك تصريح نتن انه بالامس حرر كوروش اليهود ونحن اليوم نحرر الايرانيين من النظام الاسلامي . واقعا تراكمات التاريخ لا يمكن لها ان تنسى ولا سيما التاريخ الديني ولاننا المسلمون تاريخنا الديني حافل بكل مفاصل الحياة منها الانتصار على المشركين والمتامرين منذ ايام النبي محمد (ص) والى يومنا وهذا سجله التاريخ ، لهذا يحاول اللوبي الصهيوني اعادة سرد التاريخ الديني وبناء دولة على ارض فلسطين المقدسة بدواعي دينية وهم القائلون للمغفلين العرب او المسلمين ( التنويرين !!!) بضرورة فصل الدين عن الدولة او السياسة فيطبلون لهذا الراي واليوم اختفوا من برامجهم الحوارية التي يسردون بها سفاسفهم في محاولة بائسة للعبث بالعقل الاسلامي . الاعتداء الامريكي على ايران هو بالتاكيد لنقطتين تغطية الفشل الصهيوني في اعتداءاته هذا اولا وثانيا سبق وان كتبت عن الحالة النفسية المضطربة لترامب بانه يعتقد من يملك المليارات له حق اتخاذ القرار وعلى الاخرين طاعته ولانه اصبح محل استهزاء من قبل ايباك الكونغرس بانه ضعيف ويخشى من ايران فقام بهذه الحركة البهلوانية التي لا يعرف ماهي عواقبها بل يعرف لانه بمجرد ما انتهت الضربة صرح بانه على استعداد للتفاوض وانه لا يريد اسقاط النظام وحتى نتن ياهو صرح كذلك . وحقيقة مهما تكن تصريحاتهم فهم اصلا ليسوا محل ثقة هذا اولا وثانيا لا يمكن لاحد ان يعرف ما هو المقصود من تصريحاتهم فلربما تلميح لامر اخر او للضحك على الحكام السذج وامتصاص غضبهم وفي بعض الاحيان يحركون بعض وسائل الاعلام التابعة لهم بان تنتقدهم حتى يتناقل الاعلام غير المهني اخبارهم بفخر انهم يعترفون بهزيمتهم بينما واقعا هي تمويه للقيام بجريمة اخرى في مكان اخر . تتذكرون جرائم النتن الابادية بحق الفلسطينيين في غزة وقتله الابرياء وعمال الاغاثة والصحفيين وحتى بعض اسراهم وغضب الراي العام والعربي عليه فاذا بخبر عاجل فضيحة مدوية في مكتب نتن ياهو ، وتسارعت الاخبار العاجلة ومراسلي الجزيرة والعربي والتغيير والبلد والقاهرة لاجراء مقابلات والبحث عن المستجد حول هذه الفضيحة والشعوب المسكينة عاشت الامل بان تقصم هذه الفضيحة ظهر نتن ياهو وتناسوا جرائمه وتشبثوا بالفضيحة الوهمية ، اليوم هو من طرد غالانت ورئيس الموساد وحتى المستشارة القانونية وبعض الضباط والوزراء ولا زال يمارس دوره الارهابي فاين هذه الفضيحة الاضحوكة ؟ هذا الامر بعينه استخدمه ترامب كدعاية انتخابية عندما استدعي من قبل المحكمة الامريكية واخذ صورة له بالمعتقل لتصبح ترند مواقع التواصل من ثم ماذا؟ فاز بالانتخابات واغلقت القضية من نفس المحكمة التي ضحكت على الاعلام ضمن دورها المطلوب منها . حيثيات هذه الجرائم ، ان الاديان والرسالات والانبياء المتعاقبة منذ ادام حتى نبينا محمد عليهم جميعا صلوات الله وسلامه ولكل نبي مبادئ ورسالة ، انتهت بنبينا الاكرم محمد صلى الله عليه واله وانتهت بقية الرسالات فكيف السبيل لاستحداث افكار واديان ومذاهب للتاثير على الدين الاسلامي العظيم ؟ تارة يقولون ان القران كذبة وشخصية محمد وهمية ولا اعلم كيف جعلوا من شخصية سقراط وارسطو الذين عاشوا حسب تاريخهم اكثر من الفي سنة قبل ولادة المسيح من اين لهم هذا التاريخ ؟ اسلوب اخر من خلال قراءتهم للتاريخ الاسلامي وحتى المذهبي فتراهم يبتدعون منظمات ارهابية ومذاهب هدامة البهائية وما شاكل ذلك وبالنسبة للشيعة يستخدمون الثقافة المهدوية من خلال الاعلان عن مدعي السفارة او الامامة وكلها فشلت امام التاريخ النقي .


موقع كتابات
منذ 5 ساعات
- موقع كتابات
أين حلفاء إيران؟ هل تتجه إيران إلى تغيير بوصلة سياساتها بعد الضربات الأمريكية؟
لاشك ، إن في مجال (علم السياسة) المصلحة هي المفتاح والجوهر للعلاقات بين الدول. لذلك، المفهوم 'الميكيافلي' للسياسة هو الوسائل والتوازنات التي تقاس بيها التحالفات داخل المنتظم الدولي أو الحياة السياسية الدولية، وحتى الدول الكبرى والتي تتمتع بحق الفيتو بمجلس الأمن، تتبع نفس المعيار في التحركات الدولية والأزمات الدولية. من هذا المنطلق، والمفهوم الميكيافلي، نشير هنا إلى أن إيران في هذه الظرفية الحساسة، والتي تشهد فيها (بلاد فارس) حرب البقاء مع ' إسرائيل' المدعومة من أكبر قوى في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية). في الصورة، الظاهرة من المنظور العسكري، تبين إن إيران باتت وحيدة في مواجهة المجهول، بعد إن تخل عنها الحلفاء، كل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية (الحلفاء التقليديين). _ من خلال الإجابة على مضمون السؤال المطروح أعلاه، يتضح من الوهلة الأولى ،والتصريحات المتباينة ، لكل من روسيا والصين، أنها كانت تذهب بخطاب ذات طابع دبلوماسي ضعيف ،و بعيد كل البعد عن الدخول في الحرب أو مساعدة إيران في مواجهة كل التهديدات الصادرة من 'إسرائيل ' وحليفتها الولايات المتحدة الامريكية ،في الراجح من كل هذه الخطابات الروسية والصينية إن هناك توافق ،بالابتعاد عن الدخول في الحرب ومواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الامريكية ،رغم ان هاتين الدولتين تتمتعان مع ايران بمعاهدات استراتيجية خاصة في مجال الطاقة و البترول و وكذا مشروع الحرير بالنسبة للصين ،أما روسيا تجمعها مع طهران عدة اتفاقيات استراتيجية في المجال الأمني والعسكريوالاقتصادي، وحتى في مجال برنامجها النووي. غير الحسابات السياسية للدولتين (روسيا والصين)، والتوازنات الدولية، قد كانت كفيلة بأن تتخل الدولتين عن إيران، بهذا الشكل، وفي هذه الظرفية الحساسة، في التوافقات الأمريكية والروسية حول الحرب في أوكرانيا، كان لها دور في هروب موسكو عن الدخول لمساعدة إيران، اما بخصوص موقف الصين الشعبية، برغم ان العقيدة العسكرية الصينية تبتعد كل البعد عن الدخول في الحروب الخارجية، لكن بكين تطمح الى عدم ازعاج البيت الأبيض في هذه الفترة من اجل توافقات اقتصادية وتكنولوجية مستقبلا. رغم إن الاحتمالات ضئيلة لدخول حلفاء إيران الحرب(روسيا والصين)، كما قلنا سابقا ،وذلك لدواعي استراتيجية ومصالح بين الدول الكبرى، غير إن إذا تغير مفهوم هذه الدول للواقع الذي يراد بيه إن يتجسد على أرض الشرق الأوسط ،وتحس هذه الدول بأن مواقعها الجيوسياسية وممرات صادراتها ومنتوجاتها باتت تحت السيطرة الامريكية ،ويمكن ان يكون اقتصادها ومصالحها الكبرى تحت المحك ،هنا يمكن القول، ان تغيير سياسات هذه الدول لمساعدة إيران في الحرب ستبدأ بعد ذلك .و يمكن، القول أننا امام حرب عالمية ستغير معالم العالم ،وليس الشرق الأوسط لأننا سنكون أمام مواجهة بين كبار العالم وهذا سيخفف العبء على إيران ويعطيها نفس جديد في الحرب .فهل يساندون الحلفاء هذا المعطى؟ في ظل هذا الخذلان العسكري من طرف حلفاء إيران، لابدأ أن نرجع إلى مفهوم السياسية والمصالح من جديد، ونقول إن إيران ورغم أنها عرفت ما كانت تظن أنهم السند عند الأزمات متأخرة (روسيا -الصين)، غير أنها في نفس الوقت لن تتوقف عند هذا الحد، في المفاجئة القادمة هي إن إيران، يمكن بمفهوم السياسة إن تتبع نهجاً أخر في التعامل مع الحرب، وهي خلق توافق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى يمكن أن يكون تحالف فيما بينهم كما كان في عهد (الشاه).


موقع كتابات
منذ 5 ساعات
- موقع كتابات
تداعيات ولادة منتصف ليل 'جنين الشرق الأوسط الجديد'عندما تفشل مناورات الدبلوماسية الإشعال الصراع الإقليمي؟
الساعة الثانية وعشر دقائق من فجر يوم الأحد 22 حزيران 2025 نفذت عملية 'مطرقة منتصف الليل' هذه الضربة التي غيرت وجه الشرق الأوسط برمته وسواء أكان الآخر في انتظار تداعيات ومستوى الرد الإيراني على قصف منشآتها النووية (فوردو، نطنز، وأصفهان) هي رمزها التاريخي وصورة سيادتها وتفوقها ليس فقط لشعبها ولكن لشعوب المنطقة وللعالم وفي صياغة سردية تفوقها النووي وترسيخها في العقل الجمعي الشيعي بالتحديد؟ وعلى الرغم من أن الساعات والأيام القادمة التي ينتظرها الجميع لغرض الاستيفاق من هذه الضربة الموجعة كفيلة بان سوف يرى كيف سيكون الشكل الحقيقي لرسم ملامح شرق اوسطها وفق نظرتها وجميع السيناريوهات الآن مطروحة على طاولة النقاش مع ولي الفقيه الخامنئي. ووقف وزير الدفاع الأمريكي 'هيغسيث' ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال 'كين' في البنتاغون ليعلنا عن تنفيذ ضربات جوية مدمرة، التي وُصفت بأنها 'نجاح باهر للتفوق العسكري الأمريكي على أي دولة بالعالم '، لم تكن مجرد عرض العضلات العسكرية ، بل كان إعلان صريح عن بشائر ولادة 'جنين' الشرق الاوسط الجديد، الذي رسم صورته قبل ولادته 'بريشة' أمريكية-إسرائيلية، وبدماء الشعب طموحات إيران لاعادة مجد إمبراطوريتها . لكن، وسط هذا العرض المتغطرس للقوة، يبقى السؤال المبهم الذي يهرب منه معظمهم إذا لم نقل الجميع ؟: هل كانت إيران حقًا المهدد الأكبر لإسرائيل، أم أن الهدف الحقيقي كان دائمًا المملكة العربية السعودية ودول الخليج، التي طالما وقفت في مرمى طموحات طهران؟. ان غطرسة إيران بتصدير ثورتها العقائدية الدينية وجذور الصراع التاريخ مع العالم السني كانت ذريعة لإعادة التشكيل ابعاد سياستها ؟ولعقود، أنفقت إيران ما يقارب 50 مليار دولار لبناء جيش من الميليشيات والفصائل والاحزاب الولائية، من حزب الله إلى الحوثيين، ليس فقط كحائط صد اولي لبرنامجها النووي، بل كأداة لإعادة إحياء أحلام الإمبراطورية الفارسية. شعارات 'تحرير القدس' و'الصلاة في المسجد الأقصى'، التي رددتها طهران منذ ثورة 1979، لم تكن سوى قناع يقف خلفه الوجه الحقيقي لاستهداف السعودية ودول الخليج، عبر إثارة النعرات الطائفية بين أبناء شعوب المنطقة وخلخلة استقرارها السياسي والاقتصادي . لكن، وما يزال البعض لا يصدق أو يتغاضى عنه، بأن برنامج قنبلة ايران النووية لم يكن موجهًا مباشرة لإسرائيل، بل كان تهديدًا استراتيجيًا للرياض، التي تقود محورًا خليجيًا مناهضًا للهلال الشيعي ولأنها تمثل العالم السني. إيران، بغطرسة دبلوماسيتها، رفضت كل محاولات الحوار حول برنامجها النووي، متمسكة بتخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، ومراهنة على وكلائها كدرع حماية يصعب اختراقه . هكذا كانت تنظر اليه . ولكن التمسك بمراوغة الثعلب الدبلوماسية والنفس الطويل التي تميزت بها طوال العقود الماضية ونجحت في كثير من الأحيان مستغلا الخلافات الدول الغربية وانشغالهم بصراعات الاقتصاد والحروب ، والتي تجلت الان في تهديدات إغلاق 'مضيق هرمز 'ودعم الفوضى في المنطقة، أشعلت شرارة الصراع الذي أدى إلى أن تصل الى يوم عملية 'مطرقة منتصف الليل' وبعد أن دُمرت منشآتها النووية، تجد طهران نفسها في مأزق: هل تُراهن على هجمات انتحارية بزوارق الحوثيين أو طوربيدات بشرية انتحارية، كما يبشر قادة فصائلها الولائية؟ أم تُسلّم بالهزيمة، كما يريدها الرئيس 'ترامب' ، لتصبح دولة عادية، بلا نفوذ استراتيجي، على غرار العراق بعد 2003؟ ولكن، دعونا لا ننخدع ونحن نراقب الان ما سوف يجري خلال الساعات القادمة . إسرائيل، التي بدأت التصعيد في 13 حزيران 2025 لم تكن مجرد شريك في هذه الضربات، بل هي مهندسة المخطط الطويل الأمد لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وفق رؤيتها والتي من اهمها تفوقها العسكري على جميع دول المنطقة ودون أن يكون لها هناك اي منازع . أحداث 7 أكتوبر 2023، التي أشعلت شرارة فتيل الصراع الحالي، لم تكن سوى ذريعة وجائزة تلقفتها وعملت على ادامتها . حتى لو لم تحدث، كانت إسرائيل ستخلق '7 أكتوبر' خاصة بها، وكما تكشف قبل اشهر الأرشيفات الإسرائيلية المفتوحة بعد 50 عامًا وحقائق وخفايا كانت غير منشورة من قبل عن حرب 1973. لقد خططت تل أبيب منذ الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988) لإضعاف أقوى دولتين في المنطقة، إيران والعراق، لضمان هيمنتها الإقليمية وتأخير تنمية المنطقة. اليوم، مع سقوط نظام 'بشار الأسد' وإنهاء وجود حزب الله عسكريًا وسياسيًا، وأخيرًا تدمير البرنامج النووي الإيراني، تُرسم اللبنات الأولى لـ'جنين الشرق الأوسط الجديد'، كما تخيلته الأبحاث الإسرائيلية منذ عقود. هذا الشرق الأوسط، الذي يخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة، يعتمد على تحجيم إيران وإضعاف وكلائها، بينما تُمسك السعودية وقطر والإمارات بزمام التنمية الاقتصادية عبر استثمارات بـ5.1 تريليون دولار، في ضربة استراتيجية استباقية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي فهم أبعاد اللعبة وأزاح حجر العثرة الإيراني. في المؤتمر الصحفي اليوم ، أطلق الجنرال كين تحذيرًا شديد اللهجة: أي تحرك من فصائل إيران الولائية لاستهداف المصالح الأمريكية سيُقابل برد 'حازم ومدمر' هذا التحذير يكشف زيف دبلوماسية إيران، التي طالما تميزت بمراوغة الثعلب ونفسٍ الطويل. لكن اغتيال قادتها العسكريين وعلمائها النوويين، إلى جانب تدمير منشآتها النووية ، أدى إلى تخبط واضح و عشوائية وارتجالية في كيفية صياغة الرد ليحفظ لها ما تبقى من ماء الوجه ليس فقط أمام وكلائها وانما امام شعبها الذي طالما استنفذت موارده الاقتصادية وأخرت تنميته بحياة حرة كريمة ومستقبل زاهر الى استفاذ عشرات مليارات الدولارات في بناء برامجها النووي والصرف على وكلائها , واليوم كلها ذهبت أدراج الرياح وكأنما شيئ لم يكن في الأساس او كان حلما وسرابا وقد استفاق الجميع منه على كارثة يصعب اعادة بناءه. إيران، التي راهنت على قوتها غير التقليدية وتفوقها ، تجد نفسها اليوم عاجزة عن الرد بما يليق بها وبما كانت تنظر اليه من خلال أن لديها القوة العسكرية والبشرية للتأثير المباشر على المنطقة ، سواء بزوارق الحوثيين أو هجمات حزب الله اللبناني. مقولة 'الضربة التي لا تقتلك تقويك' لم تعد صالحة للاستخدام في هذا الوقت ؛ فالضربة الأمريكية كانت قاتلة ومدمرة ورصاصة الرحمة التي أطلقتها على انهاء حياة برنامجها النووي وحتى وان كان ما يزال في الانعاش و بموت سريري ، والخيارات أمام طهران تنحصر بين التصعيد غير المحسوب عواقبه أو الاستسلام كما في السيناريوا اليباباني . عملية 'مطرقة منتصف الليل' التي سوف تدرس حتمآ في الأكاديميات العسكرية ومراكز ومكاتب الأبحاث الاستراتيجية لكي يستفاد من الدروس والعبر للأجيال القادمة والتي ستكون مفاتيح ومحاور في عمل أطروحات الماجستير والدكتوراه في فنون وأقسام العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية مستقبلآ؟ لم تكن وليست مجرد عملية عسكرية عابرة ، بل كان إعلان صريح وواضح عن بداية نهاية إيران كقوة استراتيجية. لكن، بينما يحتفل البعض بـ'الشرق الأوسط الجديد'، يبقى الخطر قائمًا. رد إيران المحتمل، سواء عبر هجمات انتحارية أو إغلاق مضيق هرمز، قد يشعل أزمة اقتصادية عالمية. والمجتمع الدولي، المنقسم بين دعم غربي وإدانة روسية-صينية، عاجز عن احتواء التصعيد. إسرائيل، التي استغلت غرور ترامب وقوته وجبروته، نجحت في تمرير رؤيتها بعيدا عن أعين المعارضة و المتخوفين ، بينما السعودية وقطر والامارات ودول الخليج تتقدمان اقتصاديًا والتنمية والاعمار في كافة المجالات . ولكن، هل كان كل هذا الذي نراه الآن ضروريًا؟ ويجب ان يحدث حتى ولو تأخر عقود لحين تهيئة الظروف السياسية أم أن الغطرسة الحقيقية وتضخيم الذات لدرجة الانفجار هي تلك التي تقودنا إلى حرب لا نهاية لها؟ الساعات والأيام القادمة ستكشف مصير إيران لأنها تعرف جيدا بانها سوف لا تنتصر بهذه الحرب : هل سوف تذهب الى سيناريو قصف قاعدة 'عين الاسد' كما كشفها قبل اشهر الرئيس 'ترامب' لحفظ ما تبقى لها من ماء الوجه وكرامتها العسكرية التي دمرت شبه الكامل ؟ أم هل تختار 'اللون الأبيض' للسلام، أم 'الأسود' للدمار، كما يضعها 'ترامب'؟ وفي عقليته، لا توجد لديه منطقة رمادية، وإسرائيل تعرف كيف تلعب جيدا على هذا الوتر. لكن، ما لا يصدقه البعض او حتى يهرب منه ويتغاضى عنه لقصور في فكره السياسي ! هو أن هذا الصراع الدموي المستعر ، منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم، كان مخططًا بعناية، كما سوف تكشفه لنا الأرشيفات لاحقًا بعد مرور خمسين سنة إذا كنا ما نزال على قيد الحياة . بأن الشرق الأوسط الجديد وُلد في حينها ، ولكن ولادته كانت بأي ثمن؟ دفعته شعوب المنطقة وما تزال تدفعه ؟