المخرج اللاتفي الفائز بأوسكار أفضل فيلم تحريك: استقلاليتي أولاً!
أفلام الرسوم المتحركة أحداث حقيقية، على الأقل في الاستديوهات الكبيرة. تعمل الفرق على تلك الأفلام لسنوات، وأحياناً بمئات الأشخاص. الموازنات الآن ليست أقل بكثير من موزانات إنتاجات هوليوود. يكلّف بعض الأفلام الآن أكثر من 200 مليون دولار أميركي. لكن هناك طرق أخرى، كما يوضّح مثال مخرج الرسوم المتحركة اللاتفي جينتس زيلبالوديس (1994).
عندما أصدر زيلبالوديس فيلمه الروائي الطويل الأول، Away، في العام 2019، كان عملاً فردياً إلى حدّ كبير. أخرجَ وكتب السيناريو، ولحّن الأغاني وقام أيضاً بتنفيذ الرسوم المتحركة بنفسه. إلا أن المغامرة السريالية التي قدّمها أثارت الإعجاب، وخلقت جوّاً فريداً وحصدت العديد من الجوائز. فيلمه الثاني، "تدفّق" Flow، الدائرة أحداثه حول مجموعة حيوانات يتعيّن عليها النجاة من فيضان مدمّر، حقّق نجاحاً باهراً: عُرض للمرة الأولى في مهرجان "كانّ"، ووصفه غييرمو ديل تورو بأنه "مستقبل الرسوم المتحركة"، وفاز أخيراً بجائزة أوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة للعام 2025.
يأخذنا الفيلم إلى سحر نهاية العالم، حيث يُسمح للحيوانات بأن تكون على سجيتها. من الصور الأولى داخل غابةٍ، يطالعنا قطّ صغير يحدّق حوله ومجموعةٍ من الكلاب البرية، ويتضح لنا أن جينتس زيلبالوديس يأخذنا مع "تدفّق" إلى عالمٍ متحركٍ نادراً ما نراه. فيلم تحريك ثلاثي الأبعاد، يتميز بشخصياتٍ شبه واقعية، وحيواناتٍ تبدو، رغم بعض التنميط، واقعيةً للغاية. ومع ذلك، هناك ما يجعله مختلفاً، مثل عيني القطّ الصفراوين المكثفتين، ومنحوتات القطط الغامضة، أو صعودٍ سحريٍّ غير متوقع.
ما يُثير الدهشة عند متابعة القطّ أثناء تجواله في هذه البيئة المألوفة والغريبة في آنٍ، هو اختفاء الناس. ما زالت هناك مدينةٌ مليئةٌ بالمباني الفارغة، وهناك منزلٌ مهجورٌ لفنان، لكن بعيداً من ذلك، لا يوجد سوى الحيوانات. يكتشف القطّ الأسود أن العالم الذي عرفه لم يعد موجوداً. مع عدم وجود بشر في الأفق، يُترك المشاهد ليتخيل، من دون تأكيد أو تفسير رسمي، أن نوعاً من الكوارث الطبيعية أو من صنع الإنسان قد حدث للتو.
ثم تأتي تلك الموجة العارمة الآسرة التي تعلو وترتفع. يقفز القطّ، بعد لحظات قلق، في قارب وتبدأ رحلة متقلبة، مرحة أحياناً، لكنها درامية وساحرة، وأحياناً عاصفة، إلى أماكن أكثر أماناً. برفقة كلب، وليمور، وخنزير مائي، وطائر كبير على متن قارب يأخذهم عبر مناظر طبيعية وآثار تظهر آثار حضارة قديمة.
المميز هو مدى واقعية سلوك الحيوانات. على عكس معظم أعمال الرسوم المتحركة الحيوانية، فهي لا تتكلّم وليست رسوماً كاريكاتورية بشرية، مع أن مناوشاتها قد تُرى كاستعارة. القطّ يموء، والكلاب تنبح فحسب. القصّة بسيطة أيضاً، تركّز على مفهوم المغامرة والبقاء، وتتجاهل تماماً الحاجة إلى الكلمات. إلا أنها مزوّدة بدافعٍ كافٍ لتوجيه الأحداث نحو نهاية مؤثرة عنوانها التكاتف والتعاون.
يمكن رؤية الأمر كانغماس في عالم أحلام أسطوري، بصورٍ جميلة وتفاصيل كثيرة غالباً ما تفتقر إلى رؤية كافية. لو كان الخط الدرامي أقوى قليلاً لما أضرّ، لكن من ناحية أخرى، التجربة هي الأهمّ هنا. زيلبالوديس - المعجب بالأستاذ الكبير الياباني هاياو ميازاكي - يترك مجالاً واسعاً للتفسير. ورغم أن فيلم "Flow" موجّه بالاساس للكبار، إلا أن زيلبالوديس يعتقد أنه يحتوي أيضاً على ما يكفي للأطفال.
يحقق "Flow" التوازن بين العناصر الواقعية والأسلوبية، وهو أقل كوميدياً من سابقه، لكنه ما زال فريداً بما يكفي للتميّز وسط طوفان أفلام الرسوم المتحركة المولّدة بواسطة الكومبيوتر. الجانب السلبي الوحيد أنه ربما تمرّ سنوات قبل أن يكون هناك فيلم آخر من إخراج زيلبالوديس. وبصرف النظر عن كونه أحد أفضل أفلام الرسوم المتحركة للعام الماضي، فإن "Flow" خطوة مهمة في خروجه على احتكار الشركات الأميركية، ويثبت أنه من الممكن إنجاز أعمال لافتة باستخدام برامج مجانية، من دون الحاجة إلى إسراف الموازنات.
"المدن" التقت المخرج اللاتفي في وقتٍ سابق وكان الحوار التالي:
- حظي فيلمك بإشادات واسعة وجوائز عديدة. هل توقعت كل هذه الحفاوة؟
* لا، لقد كان الأمرّ كله مفاجأة سارة بعد أخرى، خصوصاً بعد مهرجان "كانّ"، حيث نادراً ما تُعرض أفلام الرسوم المتحركة. فيلمنا مميّز، مغامرة أبطالها قطّ وحيوانات أخرى، تجذب الكبار والصغار على حدّ سواء. إنه فيلم شخصي للغاية بالنسبة إلي، وأنا سعيد بذلك. لاقى الفيلم استحساناً كبيراً. ويُظهر التقدير نجاحنا في المخاطرة.
- كيف تتخيّل ردّ فعل شركة والت ديزني على فيلمك؟
* لست متأكداً، لكني أعتقد، على غرار أفلام ديزني، أن هناك ما يناسب الجميع. مع ذلك، تتصرّف حيوانات فيلمي كحيوانات حقيقية، بلا كلام أو نكات، ما يجعلها أكثر تصديقاً وعاطفية. هذا سمح لنا بسرد القصة باستخدام الصور والموسيقى والأصوات فقط، ما جعل الفيلم أكثر كثافة وتعبيراً. أرى هذا عودةً إلى التجربة السينمائية الصرفة، وهو ما ينجح بشكل خاص في الشاشة الكبيرة.
- القطّ في فيلمك ليس قطّاً "لطيفاً" نموذجياً؛ إنه أناني وعدواني أحياناً. لماذا اخترت هذا التصوير؟
* القطط غالباً ما تكون عنيدة، وهذا بالضبط ما أردت إظهاره. نتسامح مع سلوك القطّ لأننا نراه نموذجياً للقطط، وهذا ما يجعله محبوباً. يُظهر الفيلم تطوّره من شخصية مستقلّة إلى شخصية تتعلّم الثقة في الآخرين. أردتُ تصوير هذا التغيير بأصالة وبلا مساومة.
- يتميّز فيلمك بجماليات واضحة، تُذكّرنا أحياناً بألعاب الفيديو. هل كان ذلك قراراً واعياً أم بسبب الميزانية؟
* كان قراراً واعياً تماماً، رغم قلة مواردنا كفريق مستقلّ صغير. لم أُرِد أسلوب الرسوم المتحركة الواقعي الذي تستخدمه الاستديوهات الكبرى، بل مزيجاً من الرسم اليدوي التقليدي والرسوم ثلاثية الأبعاد الحديثة. هذا يجعل المظهر أكثر دفئًا وعاطفية من الرسوم المتحركة المثالية والمُجردة. كنتُ مهتمًا بخلق المشاعر من خلال الصور المُصممة.
- رسومك المتحركة تُذكرنا إلى حد بجماليات لوتا راينيغر
Lotte Reiniger
(*) وأفلامها الظلّية. هل كان ذلك مصدر إلهام؟
* أعرف لوتا راينيغر وأُقدّر عملها. بالنسبة إلي، الرسوم المتحركة ليست نوعاً، بل وسيلة تتيح تنوعاً واسعاً في القصص والأساليب. أؤمن بأن الرسوم المتحركة يجب أن تحمل بصمة المبدع وأن تكون فريدة. من المثير للاهتمام أن نرى حتى الاستوديوهات الكبرى تُجرّب الآن أساليب أكثر فنية، وأن التنوّع في الرسوم المتحركة آخذ في الازدياد.
- ما رأيك في الذكاء الاصطناعي في الرسوم المتحركة؟
* لم نستخدم الذكاء الاصطناعي في هذا الفيلم، وبصراحة، لستُ مهتماً به بشكل خاص. بالطبع، سيُغيّر الذكاء الاصطناعي الصناعة، لكني أعتقد أن الناس سيُقدّرون دائماً العمل اليدوي. هذا الفيلم شخصي للغاية؛ تولّيت فيه عديد الأدوار المختلفة واستمتعتُ بالعملية. من المهمّ بالنسبة إلي الحفاظ على تلك اللمسة الشخصية.
- إذا قدّمت لك شركة "بيكسار" عرضاً، فهل ستقبله؟ أم ستُفضّل الحفاظ على استقلاليتك؟
* أريد الحفاظ على استقلاليتي. أنشأنا استديو في لاتفيا لهذا الفيلم، وقد أثبت نجاحه. إنه أحد أنجح الأفلام اللاتفية، وأرغب في مواصلة العمل على مشاريع مستقلّة في لاتفيا.
- في أفلام الرسوم المتحركة، غالباً، تفاصيل مخفية عمداً، أو ما يُطلق عليه "بيض عيد الفصح". هل ينطبق هذا أيضاً على فيلم
Flow
؟
* نعم، هناك تفاصيل خفية قد لا تظهر في المشاهدة الأولى. أريد أن أتيح للمشاهدين فرصة الانغماس في القصّة وتفسير ما قد يكون حدث قبلها أو بعدها. يكون الأمر أمتع عندما ينطلق المشاهدون في رحلة استكشافية ويجدون تفسيراتهم الخاصة.
- أنجزت فيلمك السابق،
Away
، بمفردك تقريباً في عمر الـ24. الآن تقدّم هذا الفيلم في عمر الثلاثين لكن بمسار إنجازي مختلف. ما الذي تغيّر؟
* يتمتّع "Flow" بميزانية أعلى، وهو أول تعاون لي مع فريق من الرسامين، معظمهم في فرنسا. قصّتا الفيلمين يمكن اعتبارهما تمثيلاً لمسيرتي المهنية: بطل فيلم Away يجد نفسه وحيداً في جزيرة، ويتعيّن عليه البقاء والنجاه بمفرده. أما في Flow فيجب على قطّ صغير أن يتعلم التعاون في مجتمع مع مجموعة من الحيوانات من أجل البقاء.
- من المثير للاهتمام كيف يستخدم هذا الفيلم بمهارة الموارد المحدودة لإنتاج عمل ينافس أفلاماً بميزانيات أكبر بكثير...
* تمكّنا من الابتعاد عن احتكار البرمجيات المعتاد في قطاع الرسوم المتحركة. كانت شركة أوتو ديسك الأميركية تحتكر البرمجيات في صناعة الرسوم المتحركة، لكن هناك برامج مجانية لتوليد صور ثلاثية الأبعاد مثل Blender، إلا أن استخدامه ليس شائعاً في الصناعة. استخدمنا هذا البرنامج، الأوروبي مفتوح المصدر والمجاني تماماً، ما سمح بإنجاز الفيلم بميزانية أقل من متوسطة. يمكن لأي طفل تنزيل هذا البرنامج مجاناً وإنتاج أفلام بالأدوات نفسها المستخدمة في إنتاج هذا النوع من الأفلام الروائية المعروضة في دور العرض. وهو أداة جيدة كأي أداة أغلى ثمناً. لكن نعم، هذا سمح لنا بالعمل بميزانية مستقلة أكثر تواضعاً. إنه أداة مرنة للغاية. لا أعتقد أننا كنا لنتمكّن من القيام بذلك بالطريقة التقليدية، سواء من حيث التكنولوجيا، أو من حيث كيفية إنتاج الأفلام. الميزة الكبرى لبرنامج Blender أنه يأتي مع برنامج عرض في الوقت الفعلي يسمّى Eevee. سمح لي Blender وEevee بتجربة زوايا مختلفة للكاميرا والعرض بسرعة كبيرة لمعرفة ما إذا كان سينجح أم لا. وبالطبع، من الرائع أنه برنامج مجاني لأن الفيلم يتمتع بميزانية معتدلة، على الأقل وفقاً للمعايير الفرنسية.
- أخيراً: هل لديك قطّ؟
* ليس حالياً، لكني، عندما كنت طفلاً، كان لديّ قطّ ألهم هذا الفيلم. وكان لديّ أيضاً كلبان، كانا مصدر إلهام للكلب في الفيلم. أحبّ القطط والكلاب على حدّ سواء، ولم أضطر للبحث كثيراً من أجل الفيلم لأنّي أعرف سلوكها جيداً.
(*) لوتا راينيغر(1899-
1981)
مخرجة أفلام ألمانية ورائدة في مجال الرسوم المتحركة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
نجوم العرب والخليج يفرحون لتخلية سبيل شجون الهاجري... ومحاميها يحذّر
عبّر نجوم خليجيون وعرب كثيرون عن سعادتهم بتخلية سبيل الممثلة الكويتية شجون الهاجري في قضية حيازة مخدرات، تزامناً مع تحذير محاميها من إعادة نشر أو تداول خبر إيقافها بقصد التشهير و الإساءة. وأصدرت النيابة العامة في الكويت قراراً بتخلية سبيل الهاجري، بكفالة مالية قدرها 200 دينار كويتي (653 دولار أميركي)، على أن يتم وضعها تحت الإشراف الطبي بغرض العلاج من تعاطي المواد المخدرة. وكتبت ليلى عبدالله: "عزيزتي، صديقتي، لقد احتضنتك في أفكاري، وأتمنى أن تكوني شعرتِ بذلك. مع حبي". وقالت شيماء سيف: "أحبك يا قمر، لكل شدة مدة، وكل ضيق له متسع... فالحمد لله في السراء وإن قصرت، والحمد لله في الضراء وإن طالت". View this post on Instagram A post shared by Fatma Alsafi (@me_alsafi) وعلّق داود حسين على قرار تخلية السبيل: "الحمد لله.. وفقك ربي يا ابنتي الغالية". وشاركت هنادي الكندري فيديو جمعها بالهاجري مع قولها: "الحمد الله إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ". View this post on Instagram A post shared by داود حسين (@dawoodhussain22) وعلّقت كوثر البلوشي على صورة الهاجري في طفولتها: "محبتك تعدت حدود كل شيء يا أطيب واحن خلق الله". ونشرت ريم أرحمة صورة مع الهاجري، مضيفةً: "الحمد لله"، الأمر عينه الذي قامت به إلهام الفضالة وفاطمة الصفي. View this post on Instagram A post shared by ريم أرحمه (@reem_erhama) وأعربت سيرين عبد النور عن حبها للهاجري بنشر صورتها مع رسم تعبيري بشكل قلب. #شجون_الهاجري 💙🌸 — Cyrine Abdelnour (@CyrineAbdlNour) June 22, 2025 يُذكر أن المحامي جراح مبارك الواوان أصدر بياناً، بصفته وكيلاً عن شجون الهاجري، ب حذّر فيه مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نشر أو تداول الخبر المتعلق بموكلته بأي شكل من الأشكال". وأضاف: "يقوم فريقنا القانوني برصد كافة الإساءات لمن يقوم بعملية أعادة النشر والتداول بقصد التشهير والإساءة". المحامي جراح مبارك الواوان بصفته وكيلاً عن الفنانة شجون الهاجري يُحذر مستخدمي التواصل الاجتماعي من إعادة نشر أو تداول الخبر المتعلق بموكلته بأي شكل من الأشكال . حيث يقوم فريقنا القانوني برصد كافة الإساءات لمن يقوم بعملية أعادة النشر والتداول بقصد التشهير و الإساءة — المحامي جراح مبارك الواوان (@jarrahalwawan) June 21, 2025


صدى البلد
منذ 4 ساعات
- صدى البلد
أصبحت أيقونة ثقافية.. بطلة ديزني توضح دورها في هاي سكول ميوزيكال
كشفت الممثلة الأمريكية آشلي تيسديل، في حديث خاص لمجلة 'بيبول'، عن رؤيتها لشخصية 'شارباي إيفانز' التي أدّتها في سلسلة 'هاي سكول ميوزيكال'، مؤكدة أنّ الشخصية لم تكن تمثّل الفتاة الشعبية في المدرسة كما قد يعتقد البعض، بل كانت 'ملكة الدراما'، وهو ما أضفى طابعًا فكاهيًا على الدور. وقالت تيسديل، البالغة من العمر 39 عامًا، إنها أدّت الدور وكأن شارباي هي الفتاة الأكثر شهرة في المدرسة، مضيفةً أن المخرج كيني أورتيغا عزز هذا الإحساس في أدائها، مما جعلها تعيش الشخصية على هذا الأساس. وأضافت أنّ زوجها علّق على الأمر بقوله إن الطرافة الحقيقية في الأداء كانت نابعة من اعتقادها العميق بأن الشخصية مشهورة، رغم أنّها لم تكن كذلك في السياق الفعلي للأحداث. وأشارت تيسديل إلى أنّ شخصية شارباي لا تزال تحظى بشعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرةً أنّها أصبحت 'أيقونة ثقافية' تظهر باستمرار في الميمات والتعليقات الساخرة، وتلقى إعجابًا متجدّدًا من الجمهور. وتحدّثت تيسديل عن سعادتها بكونها جزءًا من أكثر من عمل ناجح حظي بانتشار واسع في الثقافة الشعبية، منها دورها الصوتي في مسلسل 'فينيس آند فيرب'، مؤكدةً أنها تشعر بالفخر لكونها اختيرت لأداء هذه الشخصيات التي ما زالت حاضرة في أذهان الجمهور. يُذكر أن سلسلة 'هاي سكول ميوزيكال' تُعدّ من أنجح أفلام قناة 'ديزني' الأصلية، وقد حقّق الجزء الثالث من السلسلة، الذي عُرض في دور السينما عام 2008، أكثر من 250 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي، مسجّلًا بذلك أعلى افتتاح لفيلم موسيقي في تاريخه آنذاك.


النهار
منذ 5 ساعات
- النهار
فيرمير يزور نيويورك: "رسائل حب" في ثلاث لوحات
يخوض متحف "مجموعة فريك" في نيويورك تحدياً غير تقليدي عبر تقديم معرض يقتصر على ثلاث لوحات تحمل توقيع يوهانس فيرمير تتمحور حول رسائل حب للرسام الهولندي من القرن السابع عشر. استحوذ مؤسس المتحف، الصناعي هنري فريك، سنة 1919 على لوحة "العشيقة والخادمة" (Mistress and Maid) الشهيرة للرسام الملقب بـ"سفنكس دلفت". ولهذا المعرض الجديد، استعار الموقع عملين آخرين هما "سيدة تكتب رسالة وخادمتها" (Lady Writing a Letter with her Maid) من المعرض الوطني الايرلندي، و"رسالة حب" (The Love Letter) من متحف رييكس (Rijksmuseum) في أمستردام. هذه ثلاثة من الأعمال الستة التي كرّسها فيرمير (1632-1675) لقراءة الرسائل أو كتابتها أو تبادلها، في فترة كان فن الرسائل خلالها في ذروته. وتُجسد الأعمال الثلاثة التي جُمعت في نيويورك شخصية الخادمة "الثانوية" التي تؤدي دور "الوسيط" بين العشيقة، التي "يُرجّح أن تكون على علاقة غرامية أو رومانسية"، وكاتب الرسائل أو متلقيها، على ما يوضح مُنسّق المعرض روبرت فوتشي. في زمن كانت فيه النساء من خلفيات ميسورة معينة يتمتعن بحرية متزايدة في اختيار عشيقهنّ في أوروبا، كان الخدم "شهوداً" على فنّ الإغواء بالرسائل، وفق هذا المُختصّ في الرسم الهولندي في القرن السابع عشر. ويُضيف فوتشي "هذا الشعور بالترقب، وحالة الانتظار المتصاعدة، هو ما يستخدمه فيرمير كنقطة محورية في هذه الأعمال (...) والذي ما زال بالإمكان التماهي معها حتى اليوم"، في إشارة ربما إلى تطبيقات المواعدة التي ينتظر من خلالها ملايين الأشخاص ردّاً من شخص يُعجبون به. دَين على الرغم من اختلافها لناحية الحجم والحركة والمنظور، تُقدّم الأعمال الثلاثة "سرديات غامضة" تُميّز أعمال فيرمير، وفق القائمين على هذا المعرض الذي سيبقى مفتوحاً حتى نهاية آب/أغسطس في المتحف المُجدّد حديثاً. بعد قرابة خمس سنوات من الإغلاق لأعمال تجديد ناهزت تكلفتها 330 مليون دولار، أُعيد افتتاح متحف "مجموعة فريك" في نيويورك في نيسان/أبريل مع إضافة عشر صالات جديدة استُصلحت في الطبقة الثانية داخل الغرف الخاصة السابقة لهذه العائلة التي جنت ثروتها من الفحم والصلب. يبدو أنّ اثنين من الأعمال المعروضة، "رسالة حب" و"سيدة تكتب رسالة وخادمتها"، احتلّا مكانة خاصة في حياة زوجة فيرمير، كاثرينا بولنز. فبعد أن توفي الرسام تاركاً وراءه أحد عشر ابناً، اضطرّت لاستخدام هاتين اللوحتين لتسديد دَين للخباز، على أمل أن تستعيد يوماً ما العملين اللذين باتت قيمتهما تساوي ثروة. يُعدّ "رسائل حب فيرمير" أول معرض مُخصّص للفنان الهولندي في نيويورك منذ عام 2001، وأول معرض أصلي ينظمه متحف "مجموعة فريك" منذ إعادة افتتاحه. ويتباين هذا التكريم المتواضع نسبيّاً مع أكبر معرض استعادي مُخصص على الإطلاق لرسام العصر الذهبي الهولندي في عام 2023. فقد عرض متحف رييكس في أمستردام 28 لوحة من أصل نحو ثلاثين عائدة للفنان، بما في ذلك "ساقية الحليب" و"الفتاة ذات القرط اللؤلؤي"، في هذا المعرض الذي استقطب مئات الآلاف من مُحبي الفن. بالنسبة للكندية إيمي نغ، أمينة "مجموعة فريك"، لا شك في أنّ "فيرمير لا يزال يأسر ويلهم الجماهير حتى اليوم".