
الاحتياطي الفيدرالي مرتبك مثلنا تماماً
باول يقر بغياب اليقين وسط غموض اقتصادي وتذبذب جيوسياسي
رئيس "الفيدرالي" يظن أن الأمور ستتضح بشأن الرسوم الجمركية وتأثيرها قبل نهاية الصيف
تبدو أقوى مؤسسة في الاقتصاد العالمي مرتبكة بالكامل تماماً كبقيتنا، فقد أبقى أعضاء لجنة تحديد الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي الأسعار عند مستوى يتراوح بين 4.25% و4.5% خلال اجتماع قرار السياسة النقدية يوم الأربعاء، لكن رئيس الفيدرالي، جيروم باول، وزملاءه أقرّوا أساساً بأنهم لا يعرفون ما الذي سيحدث لاحقاً. فلم يتمكنوا من توقع المسار الدقيق لتعريفات الرئيس دونالد ترامب الجمركية، ناهيك عن كيفية تأثيرها في تضخم أسعار المستهلك وسوق العمل.
كما لم يستطيعوا تقييم التغيرات الحادة في سياسات الهجرة والمالية العامة، والحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران. أما الخطر الأكبر، بطبيعة الحال، فهو أن تؤدي حالة عدم اليقين والتردد إلى تأخر الفيدرالي في كبح ارتفاع محتمل في معدلات البطالة.
خفضان متوقعان للفائدة
في ملخص التوقعات الاقتصادية، قدرت أوسط توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفضين في أسعار الفائدة خلال العام الجاري. لكن هذا "السيناريو الأساسي" يُعد تبسيطاً شديداً للتوقعات. كذلك ربما يستهين بعض المستثمرين بحجم الاحتمالات المتطرفة ضمن النتائج المحتملة، حتى خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة فقط.
من بين 19 مشاركاً، رأى 14 من واضعي السياسات أن المخاطر على توقعاتهم بشأن التضخم تميل إلى الاتجاه الصعودي، وهو نفس عدد الذين اعتبروا أن المخاطر على توقعاتهم بشأن البطالة تنميل كذلك نحو الصعود.
وباختصار، لا يدّعون أنهم يعرفون ما هو قادم، لكن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، باول، يعتقد أن الأمور قد تتضح قريباً نسبياً.
وفي ما يلي تصريح باول خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا القرار:
"نعتقد أنّ الصيف سيحمل لنا كثيرا من الوضوح بشأن الرسوم الجمركية. لم نكن نتوقع أن تظهر آثارها في الوقت الراهن، وهذا ما حدث بالفعل. وسنرى إلى أي مدى ستظهر خلال الأشهر المقبلة. وأعتقد أن ذلك سيساعد على تشكيل أفكارنا من ناحية. وسنرى كيف سيتطور سوق العمل من ناحية أخرى".
مسار السياسة النقدية الأميركية عرضة للتغير السريع
نظراً لكل هذا الغموض، فإن باول مُحق في تبني نهج الترقب والانتظار، لكنه لا يستطيع البقاء في هذا الوضع طويلاً بمجرد أن تصدر البيانات، وفي هذه الأثناء، ينبغي علينا نحن المراقبين من خارج المشهد أن نستعد لاحتمال تغير مسار السياسة النقدية بسرعة كبيرة، وربما بدءاً من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في 16-17 سبتمبر.
ربما نحصل فعلاً على خفضين في أسعار الفائدة العام الجاري، لكن من المنطقي أيضاً أننا قد نشهد تخفيضات بمقدار 150 نقطة أساس أو لا يحدث أي خفض على الإطلاق. إنها بيئة مثالية للمقامرين الكبار، لكنها ليست كذلك للأسر الأميركية.
كما ألمح باول، فإن السياسات التجارية هي التي وضعتنا جميعاً في هذا المأزق إلى حدّ كبير، ففي الأشهر الماضية، أدّت الاتجاهات الانكماشية في قطاعات الإسكان والخدمات غير السكنية إلى ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي- وهو مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي- بنسبة تقارب 2.6% في مايو على أساس سنوي (استناداً إلى تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس" المستمدة من بيانات أسعار المستهلكين والمنتجين). وهذا ليس سيئاً على الإطلاق، ومن المحتمل أنه كان سيتجه نحو هدف الفيدرالي البالغ 2% لولا الحروب التجارية غير المبررة التي أطلقها ترامب في توقيت بالغ السوء.
مخاطر كبيرة تهدد مهمة الفيدرالي
ومن دون التعريفات الجمركية، كان الفيدرالي سيشرع في الوقت الحالي في خفض الفائدة على الأرجح، مما كان سيوفر دعماً لسوق عمل متذبذب وسوق إسكان بدأت الأسعار فيه تتراجع على أساس سنوي في بعض أنحاء البلاد.
لسوء الحظ، يتعيّن على البنك المركزي التعامل مع المعطيات المتوفرة لديه. على المدى القريب، لا نزال نجهل ما إذا كانت الشركات ستمُرّر ارتفاع الأسعار إلى المستهلكين، أو ستقبل بهوامش أرباح أقل، أو ستسعى للحفاظ على استقرار الأسعار من خلال تسريح جزء من موظفيها أو ربما ستلجأ لمزيج من هذه الإجراءات الثلاثة.
المخاطر التي تهدد مهمة الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة باستقرار الأسعار وتحقيق العمالة القصوى كبيرة، وهذا ما يُسبب حالة من الشلل بين صانعي السياسات، في ما يشبه على نحو غريب "الهدوء الذي يسبق العاصفة" سواء داخل الفيدرالي أو في الأسواق المالية.
فكرة رفع الفائدة قد تعود
لكن في مرحلة ما قبل الخريف، من المرجح جداً أن نشهد ما يُكسر هذا الهدوء، مثل قفزة مقلقة في طلبات إعانة البطالة الأولية تدفع نحو خفض أسعار الفائدة بما يتجاوز السيناريوهات الأساسية لأي من صانعي السياسات. أما إذ صدر تقرير أو اثنان مزعجان بشأن مؤشر أسعار المستهلكين، فقد يُبقيا الفيدرالي في وضع التريث لفترة أطول ويدفعان المستثمرين إلى بيع السندات. وفي حال قفز التضخم الفعلي وظهرت مؤشرات على تزعزع توقعات التضخم، فقد تعود فكرة رفع الفائدة إلى الطاولة من جديد.
وإذا تأخر الفيدرالي في الحد من الأضرار، فسيتمكن صانعو السياسات من التذرع بسياسة ترامب التجارية المدمّرة ذاتياً. لكن لا بد أن يكونوا على أهبة الاستعداد للتحرك فوراً وبشكل حاسم بمجرد أن تبدأ الإشارات في التبلور باتجاه معين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 42 دقائق
- صحيفة سبق
في عملية "مطرقة منتصف الليل".. "رويترز": القصف الأمريكي لإيران بدأ بخطة خداع وتمويه
كشف تقرير لوكالة "رويترز" تفاصيل خطة الخداع والتمويه الأمريكية مع انطلاق عملية "مطرقة منتصف الليل" مساء السبت، حين أقلعت مجموعة من قاذفات B-2 من قاعدتها في ولاية ميسوري، ولوحظت وهي تتجه نحو جزيرة غوام في المحيط الهادئ، فيما اعتبره الخبراء تمهيدًا محتملاً لأي قرار أمريكي بضرب إيران. مجموعة ميسوري كانت "مجرد طُعم" لكن مجموعة ميسوري كانت مجرد طُعم، وفقًا لـ"رويترز"، حيث كشف الجيش الأمريكي يوم الأحد أن المجموعة الحقيقية المكوّنة من سبع قاذفات شبح من طراز B-2، ذات أجنحة خفاش، حلّقت شرقًا دون أن تُكتشف لمدة 18 ساعة، مع إبقاء الاتصالات عند الحد الأدنى، والتزود بالوقود جوًا. ومع اقتراب القاذفات من المجال الجوي الإيراني، أطلقت غواصة أمريكية أكثر من عشرين صاروخ كروز من طراز "توماهوك" للهجوم البري. وحلّقت الطائرات المقاتلة الأمريكية كطُعم أمام القاذفات للبحث عن أي طائرات مقاتلة أو صواريخ إيرانية. ثاني أطول عملية نفذتها B-2 كان الهجوم على المواقع النووية الرئيسية الثلاثة في إيران أكبر ضربة عملياتية على الإطلاق شنتها قاذفات الشبح B-2، وثاني أطول عملية تنفذها هذه القاذفات، ولم يتجاوزها سوى تلك التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة من قِبل تنظيم القاعدة. وأسقطت قاذفات B-2 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، تزن كل منها 30 ألف رطل. ووفقًا للبنتاغون، شاركت في العملية أكثر من 125 طائرة عسكرية أمريكية. من وجهة نظر الجيش الأمريكي، حققت العملية نجاحًا تكتيكيًا باهرًا. وصرّح الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، للصحفيين في البنتاغون يوم الأحد، بأن الإيرانيين لم يتمكنوا من إطلاق قذيفة واحدة على الطائرات الأمريكية، بل فوجئوا تمامًا. وقال كين: "لم تُحلّق المقاتلات الإيرانية، ويبدو أن أنظمة الصواريخ أرض-جو الإيرانية لم ترصدنا طوال المهمة". وأضاف: "لقد حافظنا على عنصر المفاجأة". وأضاف كين أن التقييمات الأولية لأضرار المعركة أشارت إلى أن المواقع الثلاثة المستهدفة تعرضت لأضرار بالغة ودمار، لكنه رفض التكهن بما إذا كانت القدرات النووية الإيرانية لا تزال سليمة. وقال، وهو يقف إلى جانب كين في غرفة الإحاطة في البنتاغون: "كان من الواضح أننا دمرنا البرنامج النووي الإيراني". قال كين إن عملية "مطرقة منتصف الليل" كانت سرية للغاية، "حيث لا يعلم سوى قلّة قليلة في واشنطن بتوقيت أو طبيعة الخطة". ولم يعلم بها العديد من كبار المسؤولين في الولايات المتحدة إلا مساء السبت من خلال أول منشور للرئيس دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال هيجسيث إن الأمر استغرق شهورًا من التحضيرات لضمان جاهزية الجيش الأمريكي في حال أمر ترامب بالضربات. وأضاف كين أن المهمة نفسها لم تكتمل إلا في غضون أسابيع.


عكاظ
منذ 42 دقائق
- عكاظ
وماذا بعد قصف المنشآت النووية ؟
قبل الجولة المرتقبة من المفاوضات بدأت إسرائيل هجومها على إيران، وقبل انتهاء فترة الأسبوعين التي حددها الرئيس ترمب هاجمت أمريكا جميع المنشآت النووية الرئيسية، وهنا ينشأ السؤال: هل كانت هناك فرصة لتجنب الهجومين بأي وسيلة لو عقدت جولة المفاوضات السابقة، أو قبل نهاية مهلة الأسبوعين بيوم واحد مثلاً؟ الجواب: لا. وما حدث كان مقرراً من وقت طويل، وموضوع المفاوضات والمهلة لم يكن سوى تكتيك لكسب عنصر المباغتة. لا الهجوم الإسرائيلي ولا الضربة الأمريكية قرار يمكن اتخاذه كرد فعل في آخر لحظة، التنسيق بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي تم منذ شهور كما ذكرت الأخبار، وكان الرئيس ترمب قد وضع المشروع النووي الإيراني في أجندته منذ دخوله البيت الأبيض، وتحدث بوضوح أنه يجب أن يتوقف، وإيران أخطأت في حساباتها هذه المرة مع ترمب في ولايته الثانية، وحدث ما حدث. الآن تشعر إسرائيل بنشوة تحقيق هدف إستراتيجي طالما تمنته، وأثبت ترمب أنه لا يجب التقليل من جديته، ولكن ماذا سيحدث بعد التصعيد الخطير الذي تم صباح أمس. الضربة موجعة جداً لإيران، وقد بدأت هجوماً نوعياً فور ضرب مفاعلاتها أحدث دماراً كبيراً في المواقع التي استهدفتها، وكذلك إسرائيل أعادت كراتها الهجومية على إيران، فهل سيدخل الطرفان ما يشبه حرب الاستنزاف، أم أن الرئيس ترمب سينفذ وعيده الذي جاء في خطابه بعد ضرب المفاعلات بأنه إذا لم تُسلّم إيران بالأمر ستكون هناك أحداث مأساوية. الوضع في غاية الخطورة، ولا يجب أن يستمر بهذا التصعيد المتسارع، منطقتنا هي المتضررة بشكل مباشر، ومعها العالم كله لناحية الاقتصاد والأمن والسلم. كل الأطراف المتورطة في الحرب عليها التعقل وخصوصاً أمريكا، التصلب في المواقف سيؤدي إلى كارثة حقيقية غير مسبوقة، ولا بد من سماع أصوات الدول الداعية إلى حل المشاكل بالدبلوماسية والحلول السلمية واحترام مواقفها ومصالحها، والسلم كلما تأخر أصبح صعب المنال. أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 43 دقائق
- الاقتصادية
أكثر من 424 قتيلا حصيلة الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان اليوم مقتل 24 شخصا في إسرائيل وجُرح 1272 بينهم 14 في حالة خطرة منذ بدء الهجمات على إيران في 13 يونيو. وتم إجلاء نحو تسعة آلاف شخص من منازلهم في أعقاب الضربات الإيرانية، وفقا لأرقام أفاد بها مصدر عسكري إسرائيلي. وفي إيران، أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 400 شخص وجرح 3056 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب ما أوردت وزارة الصحة الإيرانية أمس السبت. من جهتها، ذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "هرانا" وهي منظمة إيرانية غير حكومية مقرها في الولايات المتحدة، أن الضربات أسفرت عن سقوط 657 قتيلا و2000 جريح على الأقل في إيران.