logo
بعد الضربات: شروط نووية لكبح إيران وضمان الاستقرار

بعد الضربات: شروط نووية لكبح إيران وضمان الاستقرار

اليوم الثامنمنذ 8 ساعات

في أعقاب الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان (22 حزيران/يونيو 2025)، يعود النقاش حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني إلى الواجهة، ليس فقط بوصفه أزمة مؤقتة، بل كمصدر تهديد وجودي يجب إنهاؤه من جذوره. فبينما تُطرح دعوات لوقف إطلاق النار، تبرز فرصة نادرة لصياغة اتفاق نووي جديد أكثر صرامة وشمولاً، يضمن منع إيران من امتلاك أي قدرة على تطوير سلاح نووي – إلى الأبد.
التخلي الأبدي عن التخصيب وإعادة المعالجة
أول وأهم بند في أي اتفاق مستقبلي يجب أن ينص على الوقف الدائم وغير القابل للرجوع لعمليات تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، بما في ذلك تفكيك البنية التحتية ونقلها خارج البلاد تحت إشراف دولي.
رغم أن هذا الشرط يتجاوز ما نص عليه اتفاق 2015 (JCPOA)، إلا أن الضربات التي عطلت سلاسل أجهزة الطرد المركزي تُعطي فرصة لفرضه قبل إعادة الإعمار.
لكن هذا البند يواجه عقبة سياسية كبرى: رفض إيران التنازل عن ما تعتبره 'حقًا سياديًا' في دورة الوقود النووي، المكفول لها بموجب معاهدة عدم الانتشار (NPT). ولذلك، لا بد من ربط هذا التنازل بحزمة ضمانات أمنية واقتصادية غير مسبوقة.
التخلص الكامل من مخزونات اليورانيوم المخصب
تؤكد المعلومات أن إيران كانت تمتلك قبل الضربة ما يزيد عن 6 أطنان من اليورانيوم المخصب، بعضها بنسبة تصل إلى 60%. هذه الكمية تكفي لصنع عدة قنابل نووية خلال أسابيع.
أي اتفاق يجب أن يشمل نقل هذه المخزونات إلى الخارج (كما جرى في 2015 حين نُقلت إلى روسيا)، أو تحويلها إلى وقود مفاعل غير قابل لإعادة التخصيب.
حظر 'تنظيف المواقع' دون إشراف
عُرفت إيران سابقًا بمحاولات إخفاء آثار أنشطة نووية من خلال ما يسمى بـ'تنظيف المواقع'، كما في حالة تورقوزآباد ومريوان.
لذلك، ينبغي أن يُنص على منع أي عمليات إزالة للنفايات أو المعالجات الكيميائية في المواقع الحساسة دون وجود مفتشين دوليين وموافقة مسبقة على خطة التصرف، تشمل الإزالة، النقل، والتخزين النهائي.
كشف عناصر التسليح النووي والتخلص منها
ما يُعرف بـ 'الأبعاد العسكرية المحتملة' (PMD) للبرنامج النووي الإيراني – أي الأبحاث الخاصة بتصميم رؤوس نووية، ومحاكاة التفجير، واختبارات الصواعق – لا تزال حتى الآن ملفاً غامضاً.
من دون كشف كامل لكل هذه الأنشطة والمعدات والتخلص منها، سيظل الاتفاق منقوصًا.
غير أن هذا البند يشكل تحديًا سياسيًا شديدًا لطهران، لأنه يعادل اعترافًا رسميًا بوجود برنامج أسلحة نووي قبل 2003، وهو ما نفته مرارًا. القبول به قد يتطلب ضمانات بعدم استخدام هذه المعلومات لتبرير إجراءات قانونية أو عسكرية مستقبلية.
إعادة توجيه العلماء والمختصين النوويين
لكبح 'انتشار المعرفة النووية'، يجب إنشاء برنامج شبيه بما جرى في ليبيا وروسيا لإعادة توجيه العلماء الإيرانيين الذين كانوا جزءًا من البرنامج العسكري.
ويشمل ذلك مقابلات، مراقبة، وفرص عمل مدنية داخل إيران أو خارجها، لضمان عدم استغلالهم لاحقًا في برامج تسليحية سرية.
تدمير مرافق التصنيع والمخازن
الخطورة لا تكمُن فقط في اليورانيوم، بل أيضًا في المعدات: خطوط إنتاج أجهزة الطرد المركزي، معدات الغزل والتبريد، ومخازن الأجزاء البديلة.
لا بد من حصر هذه المرافق، وتدميرها بالكامل تحت إشراف دولي، مع إدراج إجراءات تحقق تشمل استخدام كاميرات عالية الدقة، وطائرات مسيرة، وتكنولوجيا الختم الليزري.
تفتيش غير محدود و'دائم'
أحد أبرز أوجه القصور في الاتفاق النووي السابق هو طبيعته 'المؤقتة' (sunset clauses)، إذ كانت بعض بنوده تنتهي في 2025 و2030.
الدرس المستفاد: لا تفتيش محدود الزمن بعد اليوم. بل يجب اعتماد نظام تفتيش دائم، شامل، ومبني على استخدام التكنولوجيا المتقدمة، مع إمكانية الدخول الفوري لأي موقع مشتبه به، سواء كان معلنًا أو غير معلن
نافذة الفرصة… قصيرة
لقد غيرت الضربات الأميركية والإسرائيلية طبيعة المعادلة. تدمير أجزاء رئيسية من البرنامج النووي الإيراني خلق فراغًا مؤقتًا في قدرة إيران على التخصيب، وفتح بابًا لفرض قيود أقوى طالما بقيت طهران في موقع الضعف التقني.
لكن هذه النافذة لن تبقى مفتوحة طويلًا. ستعمل إيران بلا شك على إعادة بناء ما دُمر، وتطوير بدائل سرية تحت الأرض. لذا، فإن السبيل الوحيد لتجنب حرب شاملة مستقبلًا هو فرض هذه الشروط كجزء من اتفاق جديد أو كمتطلبات لوقف إطلاق نار قابل للتحقق.
إذا أرادت واشنطن وحلفاؤها ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، فلا بد من تجاوز صيغ الاتفاقات السابقة التي فشلت في إغلاق كل المسارات.
المطلوب الآن هو اتفاق لا يجمّد البرنامج، بل ينهيه تمامًا – اتفاق يربط رفع العقوبات والتطبيع الدولي بـ تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، وتحت رقابة غير محدودة زمنيًا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المدير العام لـ"الذرية": طهران أبلغت الوكالة باتخاذ "إجراءات خاصة" لحماية اليورانيوم المخصب
المدير العام لـ"الذرية": طهران أبلغت الوكالة باتخاذ "إجراءات خاصة" لحماية اليورانيوم المخصب

الأنباء

timeمنذ 3 ساعات

  • الأنباء

المدير العام لـ"الذرية": طهران أبلغت الوكالة باتخاذ "إجراءات خاصة" لحماية اليورانيوم المخصب

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، عن مطالب للوكالة بالوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية للكشف على مخزون اليورانيوم العالي التخصيب. وصرح غروسي في افتتاح اجتماع طارئ في المقر الرئيسي للوكلة في فيينا: "يجب السماح للمفتشين بالعودة (إلى المنشآت النووية) والكشف على مخزون اليورانيوم، خصوصا... المخصب بنسبة 60%". وأضاف أن طهران أبلغته في رسالة مؤرخة يوم 13 حزيران/يونيو بأنها اتخذت "تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية".

"مطرقة منتصف الليل": كيف نفذت أمريكا ضربتها السرية على منشآت إيران النووية؟
"مطرقة منتصف الليل": كيف نفذت أمريكا ضربتها السرية على منشآت إيران النووية؟

اليوم الثامن

timeمنذ 5 ساعات

  • اليوم الثامن

"مطرقة منتصف الليل": كيف نفذت أمريكا ضربتها السرية على منشآت إيران النووية؟

نفذت الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا غير مسبوق، أُطلق عليه اسم "مطرقة منتصف الليل"، استهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية (فوردو، نطنز، أصفهان) فجر الأحد 22 يونيو 2025. استغرق التخطيط لهذه العملية سنوات، واعتمدت في مراحلها النهائية على أساليب خداع وتمويه متقنة منحتها عنصر المفاجأة، وفقًا لوكالة أسوشييتد برس. استخدمت قاذفات B-2 الشبحية قنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل، بينما أطلقت غواصة أمريكية صواريخ كروز لتعزيز التأثير. أعلن مسؤولون أمريكيون أن الهجوم ألحق أضرارًا "شديدة" بالبرنامج النووي الإيراني، بينما نفت طهران ذلك وتوعدت بالرد، مما يثير مخاوف من تصعيد إقليمي خطير. بدأت عملية "مطرقة منتصف الليل" بإقلاع سبع قاذفات B-2 Spirit الشبحية من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، في رحلة استغرقت 18 ساعة، رافقتها طائرات تزود بالوقود ومقاتلات لحماية المسار. حملت كل قاذفة قنبلتين من طراز GBU-57 Massive Ordnance Penetrator (MOP)، المعروفة بـ"العتاد الخارق الضخم"، تزن 30 ألف رطل ومصممة لاختراق التحصينات العميقة. استهدفت الضربات بشكل رئيسي منشأة فوردو المدفونة تحت جبل بالقرب من قم، إلى جانب منشآت نطنز وأصفهان، بإجمالي 420 ألف رطل من المتفجرات. قبل دخول القاذفات الأجواء الإيرانية، أطلقت غواصة أمريكية أكثر من 20 صاروخ كروز توماهوك على أهداف في أصفهان، بما في ذلك منشأة لتحضير اليورانيوم للتخصيب. شاركت 125 طائرة في العملية، بما في ذلك مقاتلات شبحية وطائرات استطلاع، مع مسار طيران عبر لبنان وسوريا والعراق، دون تأكيد إبلاغ هذه الدول مسبقًا. أكد الجنرال دان كاين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن إيران لم ترصد الطائرات الأمريكية ولم تطلق أي دفاعات جوية، مما سمح بتنفيذ الضربات بين الساعة 18:40 و19:05 بتوقيت واشنطن (23:40-00:05 بتوقيت لندن). إعلان ترامب المضلل: أعلن الرئيس دونالد ترامب، الخميس، أنه سيحدد موقفه من ضرب إيران خلال أسبوعين، مما أوحى بإمكانية المفاوضات، لكنه كان يغطي على الهجوم الوشيك. مجموعة تمويهية: أُرسلت مجموعة من قاذفات B-2 غربًا نحو المحيط الهادئ، حيث رصدها هواة تتبع الطائرات ووسائل إعلام، مما صرف الانتباه عن الطائرات السبع التي حلقت شرقًا في وضع التخفي التام. تقليل الاتصالات: حافظت القاذفات على الحد الأدنى من الاتصالات، مع استخدام تكتيك "الإخفاء والإظهار"، حيث ظهرت بعض الطائرات عمدًا على الرادارات بينما بقيت أخرى مخفية. تخطيط سري: اقتصر العلم بالعملية على عدد محدود من المخططين في واشنطن وفلوريدا (مقر القيادة المركزية الأمريكية)، مما عزز التكتم. قال مارك كيميت، نائب سابق في القيادة المركزية، إنه "لم يشهد مثل هذا التكتم من قبل". أشاد جيمس ستافريديس، قائد سابق لحلف الناتو، باستخدام الخداع العملياتي، بينما أكد جوزيف فوتيل، قائد سابق للقيادة المركزية، أن إطلاق القاذفات من ميسوري مباشرة قلل فرص الرصد. ركزت الضربات على: فوردو: منشأة تخصيب يورانيوم مدفونة تحت جبل، استهدفت بـ14 قنبلة GBU-57، مما تسبب في أضرار "شديدة" وفق مسؤولين أمريكيين، رغم عدم تدميرها بالكامل بسبب تحصيناتها العميقة. نطنز: مركز التخصيب الأكبر في إيران، تضرر مسبقًا بضربات إسرائيلية، استهدف بقنبلتين خارقتين، مع ظهور حفرتين فوق قاعات التخصيب تحت الأرض في صور أقمار اصطناعية. أصفهان: منشأة لتحضير اليورانيوم، استهدفت بصواريخ توماهوك، مع أضرار غير محددة بدقة. أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران عدم وجود تسرب إشعاعي فوري. لكن مسؤول إيراني ادعى نقل معظم اليورانيوم المخصب من فوردو قبل الهجوم، وهو ادعاء لم يتم التحقق منه. أعلن ترامب عبر "تروث سوشيال" أن المنشآت "أُبيدت بالكامل"، بينما وصف البنتاغون الأضرار بـ"شديدة للغاية" مع استمرار التقييم. جاء الهجوم الأمريكي بعد 9 أيام من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت القيادة العسكرية الإيرانية وأنظمة دفاعها الجوي، مما أضعف قدرات طهران الدفاعية. أكدت إسرائيل تنسيقها الكامل مع الولايات المتحدة، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الضربات بأنها "ستغير التاريخ". استهدفت إسرائيل منشآت نووية وعسكرية إيرانية منذ 13 يونيو، مما دفع إيران لإطلاق صواريخ باليستية على تل أبيب، أسفرت عن إصابات وأضرار. اعتبرت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني "تهديدًا وجوديًا"، بينما أكدت إيران أن برنامجها سلمي. يُنظر إلى الهجوم الأمريكي كمحاولة لتوجيه "ضربة قاضية" للبرنامج النووي، لكن مسؤولون أمريكيون أقروا بصعوبة تحديد ما إذا كانت إيران لا تزال تمتلك يورانيوم مخصبًا كافيًا لصنع سلاح نووي. يُعد "مطرقة منتصف الليل" أكبر عملية قتالية لقاذفات B-2 في تاريخ الولايات المتحدة، وثاني أطول مهمة لها بعد هجمات 11 سبتمبر. نجاح العملية في تحقيق المفاجأة يعكس تخطيطًا دقيقًا، لكن عدم وضوح مصير مخزون اليورانيوم الإيراني يثير تساؤلات حول تأثيرها طويل الأمد. إذا كانت الأضرار شديدة كما يدعي البنتاغون، قد يتأخر البرنامج النووي الإيراني لسنوات، لكن وجود منشآت سرية محتملة يبقى مصدر قلق. تشير تهديدات إيران بالرد، بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز، إلى مخاطر تصعيد قد يؤثر على إمدادات النفط العالمية. كما يعرض انخراط الحوثيين في الصراع اليمن لضربات مدمرة، مما يهدد استقرار جنوب الجزيرة العربية. في المقابل، قد يدفع الضعف العسكري الإيراني طهران للتفاوض، خاصة إذا رُفعت العقوبات مقابل خفض التخصيب. مثلت عملية "مطرقة منتصف الليل" ذروة التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، مستفيدة من سنوات التخطيط وتكتيكات الخداع. رغم الأضرار الشديدة التي أُلحقت بالمنشآت النووية، فإن تهديدات إيران بالرد واحتمالية وجود يورانيوم مخفي تشير إلى استمرار التوتر. في ظل التحذيرات الدولية من تصعيد إقليمي، يبقى الحل الدبلوماسي الخيار الأمثل لضمان استقرار الشرق الأوسط.

"الخارجية الإيرانية": طهران تدرس إغلاق مضيق هرمز
"الخارجية الإيرانية": طهران تدرس إغلاق مضيق هرمز

الأنباء

timeمنذ 5 ساعات

  • الأنباء

"الخارجية الإيرانية": طهران تدرس إغلاق مضيق هرمز

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الاثني، أن القوات المسلحة في إيران تدرس موضوع إغلاق مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم. ونقلت وكالة أنباء (مهر) الإيرانية عن المتحدث باسم (الخارجية) إسماعيل بقائي قوله، في إيجازه الصحفي الأسبوعي، إن إغلاق مضيق هرمز يتم دراسته على مستوى القوات المسلحة الإيرانية، لافتا إلى أن الجهات المختصة "تدرس كيفية الدفاع بحيث تجعل العدو يندم على ارتكابه مثل هذه الجرائم". وتتعرض العاصمة الإيرانية طهران ومدن إيرانية أخرى منذ ال13 من الشهر الجاري لهجوم واسع تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي قابلته إيران بهجمات صاروخية على الأراضي المحتلة. كما تعرضت منشآت إيران النووية (فوردو) و(نطنز) و(أصفهان) فجر أمس الأحد لقصف جوي من قبل الولايات المتحدة. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كلمة ألقاها بالبيت الأبيض أن الضربات الجوية ضد المنشآت النووية الإيرانية حققت أهدافها "بنجاح" محذرا طهران باستهداف مواقع أخرى "إذا لم يتم تحقيق السلام".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store