
تكلفة الأضرار المباشرة عن الصواريخ الإيرانية .. 2 مليار «شيكل» خسائر إسرائيلية في 6 أيام
وكالات
لا تقتصر أضرار الصواريخ التي تطلقها إيران على الكيان الإسرائيلي، على حالة الدمار الكبير الذي تحدثه في الأبنية المختلفة، ولا على حالة الهلع في المجتمع، التي لم يعشها الإسرائيليون منذ العام 1948، وإنما أحدثت هذه الصواريخ ثقوباً في موازنة الاحتلال، إذ تخطت تكاليف اعتراض الهجمات في خمسة أيام ما تكبدته إسرائيل خلال قرابة عامين من الحرب ضد قطاع غزة وحزب الله اللبناني، فيما يشير محللون إلى مخاوف من استمرار «اقتصاد الاعتراض» لفترة أطول، وسط تدرج إيران في استخدام مقذوفات أشد فتكاً وأعلى كلفة على الجيش الإسرائيلي لإسقاطها.
وألحقت الصواريخ التي أطلقتها إيران مؤخرا، رداً على العدوان الإسرائيلي، أضراراً غير مسبوقة في إسرائيل، وتُجبر جيش الاحتلال على اتباع نهج انتقائي في عمليات الاعتراض في ظل التكاليف المرتفعة لذلك وعدم استنزاف مخزونه من الصواريخ الاعتراضية.
ورغم أن الحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن تقديرات الخسائر لا تزال في نطاق 10% فقط من المتوقع وفق السيناريو الذي توقعته من الرد الإيراني، إلا أن محللين يؤكدون أن الخوف هو أن تُطلق إيران صواريخ أكثر فتكاً، قادرة على حمل أطنان من المتفجرات، ما يرفع كثيراً من تكاليف اعتراض الصواريخ والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تلحقها بالمناطق التي تسقط فيها والاقتصاد بشكل عام. وفي غضون ذلك، زادت شركتا «الصناعات الجوية» و»رافائيل» الإسرائيليتان من معدل إنتاج الصواريخ الاعتراضية.
وخلال اليومين الأولين فقط من اندلاع الضربات، اللذين اتسما بوابل صاروخي كثيف نسبياً على إسرائيل، ساد إجماع داخل المؤسسة العسكرية على ضرورة اتباع نهج انتقائي في عمليات الاعتراض. ويعود ذلك، من بين أمور أخرى، إلى اعتبارات تتعلق بالإدارة الكاملة للصواريخ الاعتراضية وضرورة الحفاظ عليها في ظل توقعات استمرار الحرب فترة أطول.
وقال قائد الدفاع الجوي السابق، العميد احتياط ران كوخاف، في تصريحات لصحيفة كالكاليست الإسرائيلية إن إدارة اقتصاد التسلح جزء أساسي من سياسة الدفاع الجوي، وينطبق هذا على حالة التوافر العالي للصواريخ الاعتراضية، مثل صواريخ منظومة القبة الحديدية، التي تُعتبر صواريخ رخيصة نسبياً وتُنتج بكميات كبيرة، وينطبق أيضاً على الأسلحة الأخرة التي تُنتج بكميات قليلة، مثل صواريخ «حيتس 2 و»حيتس 3» و»مقلاع داود».
ووفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، بلغت الأضرار المباشرة الناجمة عن الصواريخ الإيرانية، التي أصابت مئات المباني والبنى التحتية والسيارات والممتلكات العامة، أكثر من ملياري شيكل خلال ستة أيام، بينما بلغت الأضرار المباشرة خلال ما أطلق عليه جيش الاحتلال حرب «السيوف الحديدية» على قطاع غزة وجنوب لبنان منذ 7 أكتوبر 2023 نحو 2.5 مليار شيكل (حوالي 714 مليون دولار).

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
منذ 6 ساعات
- جريدة الوطن
خدمة «انقر للدفع» من Visa تخطف الأضواء
قال تقرير «مشكلات عملية الدفع» الصادر عن شركة Visa العالمية إن التسوق الإلكتروني أصبح اليوم جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، مشيراً إلى أن واحداً من كل أربعة مستهلكين في قطر يتسوقون عبر الإنترنت لشراء مستلزمات البقالة يومياً، مع قيام العديد منهم أيضاً بأنشطة التسوق شهرياً لشراء الملابس، والترفيه، والإلكترونيات. ومع تكامل تجارب التسوق الحضورية في المتاجر مع تجربة التسوق الرقمية، يتطلع المستهلكون الآن إلى المزيد من السهولة في معاملات التجارة الإلكترونية ونفس مستوى السرعة والأمان لعملية السداد داخل المتجر. وفي ظل مشهد رقمي شديد التنافسية، ينبغي لتجار التجزئة تطوير تجاربهم لجذب العملاء والاحتفاظ بهم، والتركيز على توفير آلية دفع سلسة باعتبارها أولوية في رحلة المستهلك. ووفقا للتقرير فإنه من خلال اعتماد طرق سريعة وسهلة وآمنة للسداد، ستتمكن الشركات من تشجيع المستهلكين على العودة للشراء بدلاً من ترك سلة التسوق، وهي مشكلة تُكلف الشركات على مستوى العالم ما يُقدر بنحو 18 مليار دولار أميركي سنوياً، فنادراً ما يغادر العملاء المتاجر عند نقطة الدفع من دون السداد وإتمام عملية الشراء، أما في حالة التسوق الإلكتروني، فإن ترك سلة المشتريات أمر شائع. ويبيّن تقرير مشكلات عملية الدفع من Visa أن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة هو الاضطرار لإدخال تفاصيل البطاقة يدوياً، إلى جانب المخاوف المتعلقة بأمان عملية الدفع. ووجد التقرير أن 80 % من المستهلكين سيكملون المزيد من معاملات الشراء إذا كانت هناك إمكانية للدفع بنقرة واحدة، وهنا تظهر«انقر للدفع» وهي خدمة توفر حزمة من المميزات. وتُعدّ هذه الخدمة حلاً مبتكراً جديداً تم تصميمه لتبسيط تجربة الدفع، فمن خلالها يتم تخزين تفاصيل البطاقة الخاصة بالشخص بشكل آمن بعد إدخالها في المرة الأولى، بحيث يمكن للمشترين إتمام عملية الشراء في المرة التالية ببضع نقرات فقط، ما يُلغي الحاجة إلى تعبئة النماذج الطويلة ويُقلل بشكل كبير من الخطوات المطلوبة لإتمام عملية السداد. وقد أظهرت دراسة Visa أن ما يقرب من 6 من كل 10 مستهلكين في قطر يشعرون بالقلق إزاء تخزين تفاصيل بطاقاتهم على مواقع متعددة. وبالتالي توفر خدمة «انقر للدفع» حلاً مضموناً يحفظ البيانات الحساسة على جهازك دون مشاركتها، ما يجمع بين السهولة والسرعة والثقة التي يتطلع إليها المتسوقون اليوم. وتتميز هذه الخدمة بطبقات أمان متعددة، بالاستفادة من خدمة الترميز Visa Token Service (VTS)، ومن خلال استبدال المعلومات الحساسة مثل رقم الحساب الأساسي المكون من 16 رقماً برموز خاصة، تساعد خدمة الترميز VTS في الحد من الاحتيال وزيادة معدلات الموافقة على المعاملات التي لا تتطلب وجود البطاقة، كما تدعم المصادقة البيومترية عبر خاصية Visa Payment Passkey، ما يُتيح للمستهلكين الموافقة على الدفع ببصمة الإصبع أو بخاصية التعرف على الوجه، تماماً كما يفعلون عند فتح هواتفهم. وقال شاشانك سينغ، نائب الرئيس والمدير العام لشركة Visa في الكويت وقطر: تقدم خدمة «انقر للدفع» للتجار حلاً بسيطاً وجاهزاً لتبسيط تجربة المدفوعات الرقمية. وللبدء باستخدام هذه الخدمة، يمكنهم التواصل مع البنك الذي يتلقى معاملاتهم، أو مزود خدمات الدفع، أو شريك منصة الدفع، مع العلم أن العديد من هذه الجهات، مثل QNB ومصرف قطر الإسلامي أصبحوا من الجهات الرائدة في اعتماد هذه التكنولوجيا. وأضاف قائلا: في الواقع، كان QNB أول بنك مستقبل في العالم يطلق خدمة «انقر للدفع» من Visa مع المصادقة البيومترية، أما مصرف قطر الإسلامي فهو أول بنك مُصدر في كل من قطر ودول مجلس التعاون الخليجي يُطلق الخدمة بالشراكة مع Visa، دعماً لجهود قطر في تعزيز تجربة التجارة الرقمية لتصبح أكثر أماناً وسهولة. وقد لاقت هذه الخدمة إقبالاً كبيراً ونجحت في خطف الأضواء، حيث قال أكثر من 70 % من المتسوقين في قطر إنهم سيستخدمون خدمة انقر للدفع مع المصادقة البيومترية إذا تم توفيرها من قبل تجار التجزئة الإلكترونية، منوهاً إلى أن هذه الابتكارات تُسهِم في جعل تجربة الدفع الإلكتروني أقرب إلى بساطة تمرير البطاقة داخل المتاجر، ما يُسرّع عملية الدفع ويجعلها أكثر سهولة وسلاسة. واختتم سينغ قائلاً: من خلال اعتماد حلول سلسة وآمنة مثل خاصية «انقر للدفع»، يمكن للشركات تلبية توقعات المستهلكين المتزايدة، وتذليل الصعوبات، وتحقيق نمو طويل الأمد، لأن العلامات التجارية التي تُبسّط الخطوة الأخيرة في رحلة العميل ستتمكن من تحقيق التفوق في عالمنا الرقمي سريع التغير.


الجزيرة
منذ 16 ساعات
- الجزيرة
أسوأ أداء للدولار منذ 40 عاما.. 5 ركائز مؤثرة
لم تكن قوة الدولار صدفة، بل نتاج مشروع أميركي محكم بدأ بعد الحرب العالمية الثانية ، ففي عام 1944 اجتمعت 44 دولة في بلدة "بريتون وودز" الأميركية لوضع قواعد جديدة للنظام المالي العالمي، وكما هو معتاد بعد الحروب الكبرى فإن المنتصر هو من يفرض الشروط. خرجت الولايات المتحدة من الحرب أقوى اقتصاد في العالم، في حين كانت أوروبا منهكة وتحتاج إلى تمويل ضخم لإعادة الإعمار. واستغلت واشنطن هذا الظرف ودعمت اتفاقا تاريخيا يقضي بربط عملات الدول بالدولار وربطه بالذهب، فتحوّل إلى العملة المرجعية الأولى عالميا، مدعوما بثقة الذهب وقوة الاقتصاد الأميركي الصاعد، وأصبحت أي دولة تريد استقرارا نقديا بحاجة إلى ربط عملتها به. ورغم انهيار هذا النظام في سبعينيات القرن الماضي بعد فك ارتباط الدولار بالذهب فإن هيمنته لم تتراجع، بل تعززت أكثر باتفاق "البترودولار" عام 1974 الذي رسخ تسعير النفط عالميا بالدولار، مما خلق طلبا دائما عليه حتى من الدول غير المرتبطة تجاريا بأميركا. ومع توسع النفوذ الاقتصادي والعسكري الأميركي تحول الدولار من عملة وطنية إلى رمز للهيمنة العالمية. لكن بعد نحو 80 عاما بدأت هيمنة الدولار تتآكل مع اهتزاز ركائز الاقتصاد الأميركي، من الانفتاح التجاري إلى الاستقرار المالي والنفوذ السياسي، هذه الدعائم تواجه اليوم تحديات جوهرية تُضعف موقع الدولار عالميا. ولفهم مستقبل العملة الأميركية لا بد من تفكيك البنية التي قامت عليها القوة الاقتصادية الأميركية، واستعراض أبرز تلك الركائز التي بدأت بالتراجع، مدعومة بأرقام ومؤشرات تكشف بوضوح: أين يقف الدولار اليوم؟ وإلى أين يتجه؟ اقتصاد بحجم 29.2 تريليون دولار (نهاية 2024) قام لعقود على أسس راسخة: انفتاح تجاري شامل، شبكة علاقات اقتصادية مع أكثر من 200 دولة، وطلب داخلي ضخم يقود حركة الإنتاج والخدمات، وكان الدولار هو الأداة التي ضمنت لهذا النموذج هيمنته في الأسواق العالمية. لكن هذا النموذج بدأ يتعرض للاهتزاز من الداخل، والاضطراب في أي من مكوناته لا يمر دون أثر مباشر على العملة الأميركية. وفي هذا الجزء نستعرض أبرز القطاعات الأساسية التي تشكل قلب الاقتصاد، وكيف أن تصدعها يهدد مكانة الدولار: الإنفاق الاستهلاكي للأفراد يمثل 68.8% من الناتج المحلي ، أي نحو 20.1 تريليون دولار، وهو ما ينفقه الناس على السلع والخدمات داخل أميركا، ويعد المحرك الأهم للاقتصاد، ويعتمد على توفر السلع وثقة المستهلك. قطاع الخدمات: يمثل نحو 80% من الناتج المحلي الأميركي، ويعبر عن كل ما تنتجه البلاد من أنشطة خدمية، أي من أين يأتي الجزء الأكبر من إنتاج الاقتصاد.وتتصدر الخدمات المالية والعقارية القائمة بقيمة 4 تريليونات دولار (13.8%)، تليها الخدمات المهنية والاستشارات بـ3.8 تريليونات (13.2%)، ثم التعليم والرعاية الصحية بـ2.5 تريليون (8.5%). وتساهم أيضا حكومات الولايات والمحليات بـ2.2 تريليون (7.5%) من خلال الأنشطة الاقتصادية التي تقدمها المؤسسات الحكومية وخدمات المرافق العامة، في حين تضيف تجارة التجزئة ما يقارب 1.8 تريليون دولار (6.2%). التجارة الدولية: تمثل أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي، بإجمالي تبادل تجاري بلغ نحو 7.37 تريليونات دولار في عام 2024، موزعة بين صادرات بقيمة 3.23 تريليونات دولار، وواردات بـ4.14 تريليونات دولار. الأرقام لا تكذب بعد استعراض هذه القطاعات الحيوية يتضح أن أي خلل في منظومة التجارة أو ضعف في القطاعين الخاص والخدمي أو تراجع الاستهلاك ينعكس مباشرة على بنية الاقتصاد الأميركي وقوة الدولار. فهذه العناصر مترابطة، وأي اهتزاز في أحدها يربك المنظومة بأكملها، أما السياسات الحمائية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب فلا تُضعف التجارة فقط، بل تضرب صميم النمو وتسرّع تآكل الثقة بالدولار، وبينما تبني أميركا الجدران فإنها تهدم القواعد التي بُنيت عليها هيمنتها. ثانيا: الاضطراب السياسي وتآكل الثقة بالمؤسسات.. أزمة الشرعية الأميركية من الركائز الأساسية لقوة الاقتصاد الأميركي وبالتالي قوة الدولار الثقة العميقة بالمؤسسات الديمقراطية، واستقلالية النظام المالي، واحترام القانون، فالأسواق لا تنظر إلى الأرقام فحسب، بل إلى الجهة التي تصدرها ومدى استقلاليتها عن السلطة السياسية. لكن مع بداية عام 2025 دخلت الولايات المتحدة منعطفا سياسيا حادا، وسط تصاعد الاستقطاب الداخلي، وتنامي نفوذ التيار الشعبوي بقيادة الرئيس ترامب. بدأت الإدارة الجديدة في التشكيك العلني بمؤسسات الدولة، وهاجمت المحاكم ووسائل الإعلام، وقلصت عدد الموظفين في الوكالات الفدرالية الحيوية، ففي الأشهر الأولى وحدها تم تسريح نحو 260 ألف موظف فدرالي، وهو ما يعادل 10% من العاملين في القطاع الحكومي المدني، الأمر الذي أثار قلقا واسعا بشأن كفاءة هذه المؤسسات. وبالتوازي، ضغط الرئيس علنا على مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) لتخفيض أسعار الفائدة ، متجاوزا مبدأ الاستقلالية النقدية الذي لطالما شكّل ركيزة للثقة بالدولار، وهو ما اعتبره المستثمرون تجاوزا لخط أحمر يمس مصداقية العملة. وفي الوقت ذاته، تصاعد الخطاب المعادي للمهاجرين، واتسعت هوة الانقسام المجتمعي، مما زاد حالة عدم اليقين داخل السوق. وأظهر استطلاع في مايو/أيار 2025 أن 27% من الأميركيين يتوقعون تدهورا ماليا خلال عام مقارنة بـ21% في الربع السابق. هذه المؤشرات مجتمعة تُضعف صورة أميركا كمركز مؤسساتي مستقر وتهز الثقة العالمية في عملتها. ثالثا: العجز المالي والدين المرتفع قنبلة موقوتة تهدد الدولار تواجه الولايات المتحدة في عام 2025 أزمة دين متفاقمة، حيث تجاوز الدين العام حاجز 37 تريليون دولار، وبلغ عجز الموازنة 1.4 تريليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية، بزيادة قدرها 160 مليارا عن الفترة نفسها في عام 2024. وقد بلغت الإيرادات الحكومية نحو 5 تريليونات دولار، في حين وصل الإنفاق إلى 7 تريليونات، مما يكشف اعتمادا متزايدا على الاقتراض. وتعتمد الدولة على الضرائب في تمويل 99% من إيراداتها، حيث تشكّل ضرائب الدخل الفردي نحو 2.4 تريليون دولار (49%)، تليها ضرائب الرواتب بـ1.7 تريليون (35%)، ثم ضرائب دخل الشركات بـ530 مليار دولار (11%). ورغم هذه الإيرادات فإن الدولة تنفق ما يقارب 25% منها على سداد فوائد الدين، والتي تجاوزت 1.2 تريليون دولار سنويا. القلق لا يتعلق بالأرقام فقط، بل بالنهج المالي المعتمد، فمشروع "الخفض الضريبي الكبير" الذي يتبناه الرئيس ترامب يُتوقع أن يضيف 2.8 تريليون دولار إلى العجز بين عامي 2025 و2034. كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي بلغت 121% مطلع 2025، ويتوقع أن ترتفع إلى 125% في السنوات المقبلة. وقد زاد الوضع تأزما بعد أن خفضت وكالات التصنيف الائتماني التصنيف السيادي للولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي، مشيرة إلى العجز المزمن وغياب خطة واضحة لضبط الإنفاق. كل هذه المؤشرات لا تنذر فقط بتآكل الاستقرار المالي، بل تضع ثقة الأسواق العالمية في الدولار على المحك. ومع ارتفاع تكلفة الاقتراض وتراكم العجز يفقد الدولار تدريجيا مكانته كعملة موثوقة وآمنة في الاقتصاد العالمي. رابعا: التحولات الجيوسياسية وتراجع احترام التحالفات من الركائز الأساسية لقوة الدولار مكانة الولايات المتحدة كقائد للنظام العالمي وشريك موثوق في التحالفات الدولية. لكن في عام 2025 بدأت هذه المكانة تتآكل بسرعة بفعل سياسات أميركية متخبطة تُضعف الثقة العالمية، فبدلا من ترسيخ التحالفات انسحبت واشنطن من اتفاقيات وتعاملت بمزاجية مع شركائها، مستخدمة أدواتها المالية والتكنولوجية سلاحا لمعاقبة الدول غير المتماشية مع توجهاتها. هذا التسييس للمنظومة المالية والاقتصادية دفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم مدى أمان الاعتماد على الدولار، بل وجدوى العلاقة الاقتصادية مع أميركا. وبدأت دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وتايلند وماليزيا في تسوية معاملاتها التجارية بالعملات المحلية، تقليلا لتقلبات الدولار وهروبا من هيمنة واشنطن. وفي أميركا اللاتينية، أطلقت البرازيل مشروع نظام مدفوعات بديل ضمن تحالف " بريكس"، بهدف خفض الاعتماد على الدولار وتعزيز التعاون بين دول الجنوب. في المقابل، وسّعت روسيا استخدام الروبل واليوان في تجارتها مع الصين، لتصل إلى نحو 45% من إجمالي التبادلات، بعد أن طورت نظام تحويلات بديلا إثر استبعادها من المنظومة المالية الغربية. هذه التحركات لم تعد استثنائية، بل أصبحت توجها عالميا للحد من الانكشاف على الاقتصاد الأميركي. والأخطر أن هذا السلوك الأميركي لا يدفع الدول إلى تنويع العملات فقط، بل إلى البحث عن بدائل اقتصادية واستثمارية خارج الولايات المتحدة بالكامل، والتعامل مع دول وشركات تحترم المواثيق الدولية وتتسم بالثبات، فعندما يشعر الشركاء بالتهديد يبحثون عن الأمان. إعلان وما نشهده اليوم هو بداية حقيقية لتآكل الدولار من الخارج، ليس بسبب خصوم أميركا، بل بسبب خياراتها الذاتية. خامسا: تباطؤ النمو مرآة لانكشاف الاقتصاد الأميركي لا يمكن فهم الوضع الراهن للاقتصاد الأميركي بمعزل عن الركائز الأربع السابقة: التجارة والمؤسسات والديون والجيوسياسة، فهذه العوامل متشابكة تُضعف الثقة وتُنتج انعكاسات مباشرة على الأداء الاقتصادي، أبرزها تباطؤ النمو، فبعد تحقيق نمو جيد بنسبة 2.5% في عام 2024 سجل الاقتصاد الأميركي انكماشا بنسبة -0.3% في الربع الأول من 2025 مقارنة بالربع السابق. ويتوقع الاحتياطي الفدرالي نموا سنويا لا يتجاوز 1.4%، انخفاضا من توقعات سابقة بلغت 1.7% في مارس/آذار الماضي. كما حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من استمرار التباطؤ، مرجحة أن يبلغ النمو 1.6% في 2025، و1.5% في 2026، متأثرا بالرسوم الجمركية والغموض السياسي المتصاعد. ولا يعود هذا التباطؤ إلى عوامل خارجية فحسب، بل يكشف عن هشاشة داخلية تتجلى في اختلالات مالية متفاقمة وتراجع ثقة المستثمرين وسياسات اقتصادية قصيرة النظر تهدد البنية الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي. وفي هذا السياق، تتآكل جاذبية الدولار عالميا، فمكانته لا تبنى على التطمينات السياسية أو حجم الإنفاق، بل على متانة الاقتصاد الذي يقف خلفه. وعندما يتباطأ هذا الاقتصاد ويراكم الديون دون معالجة تبدأ صورة الدولار باعتباره ملاذا آمنا في التراجع تدريجيا. أرقام السوق ترسم ملامح سقوط الدولار بعد استعراض الركائز البنيوية التي قامت عليها قوة الاقتصاد الأميركي -والتي بدأت بالفعل تتآكل تدريجيا- ننتقل إلى قراءة الواقع الفعلي للدولار في عام 2025. ومن خلال مؤشرات السوق وتقارير المؤسسات المالية الكبرى يمكننا استشراف ملامح المرحلة المقبلة، وتأكيد ما طُرح في التحليل السابق بأدلة رقمية وسوقية واضحة: أكبر خسارة منذ 1986 انخفض الدولار الأميركي بنحو 10% حتى منتصف عام 2025، وهي أكبر خسارة له في النصف الأول من أي عام منذ عام 1986، أي منذ نحو 40 عاما حين كانت أميركا تحاول تقليل قيمة الدولار بعد "اتفاقية بلازا". استطلاع بنك أوف أميركا- انخفاض الثقة أظهر استطلاع عالمي لمديري صناديق الاستثمار أن صافي عدد من يقلصون مراكزهم في الدولار بلغ أعلى مستوياته منذ 20 عاما، مما يشير إلى تراجع الثقة في العملة الأميركية حتى بين كبار المستثمرين والمؤسسات المالية. رهانات غير مسبوقة ضد الدولار صُنّف الدولار ضمن أكثر 3 أصول تكدسا بالرهانات عالميا، إلى جانب "الذهب الطويل" و"السبع الرائعة"، ويُقصد بـ"الذهب الطويل" احتفاظ المستثمرين بالذهب باعتباره ملاذا آمنا على المدى البعيد، أما "السبع الرائعة" فهي مجموعة من كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية (ألفابت، أمازون، آبل، ميتا بلاتفورمز، مايكروسوفت، إنفيديا، وتسلا)، ويعني تكدس الرهانات أن عددا كبيرا من المستثمرين يتبنون توجها متشائما تجاه هذه الأصول، وكان للدولار نصيب من هذا الانخفاض. مضاربات قياسية بحسب بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع، بلغت مراكز المضاربة على انخفاض الدولار أعلى مستوياتها منذ عامين في أبريل/نيسان 2025. تحوط المستثمرين الأوروبيين- حركات حذرة من صناديق التقاعد بدأت صناديق التقاعد في الدانمارك وهولندا بخفض تعرّضها للدولار منذ بداية عام 2025، حيث انخفضت نسبة الأصول المقومة بالدولار من 23% إلى 20% من إجمالي محافظها الاستثمارية. انسحاب مؤسسي واسع بحسب تقديرات بنك "بي إن بي باريبا"، فإن صناديق التقاعد خارج منطقة اليورو -خاصة في الدانمارك- خفضت بالفعل استثماراتها المقومة بالدولار بمقدار 37 مليار دولار منذ بداية عام 2025. وإذا عادت نسب الانكشاف إلى مستويات عام 2015 (أي 15% فقط من الأصول) فإن هذه الصناديق قد تتخلى عن 217 مليار دولار إضافية من الأصول المقومة بالدولار، كما أشار البنك إلى توجه واضح نحو السندات الأوروبية وسندات الأسواق الناشئة كبدائل أقل ارتباطا بالتقلبات السياسية الأميركية. وفي النهاية لم يعد الدولار محصنا، بل يقف في قلب عاصفة: ديون متضخمة وحروب عسكرية وتراجع في احترام المواثيق وحرب مفتوحة على النظام الاقتصادي العالمي. ومن يقرأ المشهد بدقة لا ينتظر الانهيار، بل يلتقط الإشارات مبكرا، فبعد أن كان الدولار ملاذا في الأزمات بات اليوم عملة هشة داخل اقتصاد متقلب. ومع استمرار هذا المسار تتسارع المراهنات على ضعفه، فالدولار مرآة لسياسات أميركا، ومن يشتريه اليوم إنما يشتري تلك السياسات ويراهن عليها، أما من يتحسب للتغيير فيتحول تدريجيا نحو أصول أكثر رسوخا وأقل تقلبا تحسبا لتحولات قد تأتي أسرع مما يتوقعه الكثيرون.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
استنزاف مالي عميق في إسرائيل خلال أسبوع من الحرب مع إيران
كشفت صحيفة "كالكاليست" العبرية في تقرير حديث لها أن "هيئة التعويضات" التابعة لسلطة الضرائب الإسرائيلية تلقت 30,735 مطالبة تعويض منذ بداية الحرب المباشرة مع إيران، وهو رقم صادم بالنظر إلى قصر مدة القتال. ويُظهر التقرير أن حوالي 5 آلاف مطالبة تم تقديمها في آخر 24 ساعة فقط، مما يعكس تصاعد وتيرة الدمار. وتوزّعت المطالبات على النحو الآتي، بحسب البيانات الرسمية حتى الساعة 10:00 صباحًا: 25 ألف مطالبة عن أضرار في المباني والمنازل. 2,600 مطالبة عن أضرار في المركبات. 3 آلاف مطالبة عن خسائر في محتويات المنازل أو الممتلكات الأخرى. وأوضحت الصحيفة أن هذه الأرقام لا تشمل الأضرار التي وقعت صباح اليوم نفسه نتيجة ضربة صاروخية استهدفت مبنى في مدينة بئر السبع، وذلك يعني أن العدد مرشّح للزيادة بشكل كبير في الساعات المقبلة، في ظل استمرار القصف الصاروخي الإيراني على مناطق داخل العمق الإسرائيلي. إخلاء واسع النطاق للسكان بحسب "كالكاليست"، فإن 8,200 شخص تم إجلاؤهم من منازلهم حتى الآن، من بينهم 3 آلاف شخص خلال 24 ساعة فقط، وذلك بسبب تضرر منازلهم أو صدور أوامر بالإخلاء نتيجة الخطر المحدق. وفي خطوة طارئة، قررت الحكومة الإسرائيلية، بحسب ما نقلت "كالكاليست"، تمديد فترة الإقامة في الفنادق للنازحين من أسبوع إلى 14 يومًا. نظام تعويض معجّل.. لكنه عاجز أمام الأرقام وفي ظل الضغط المتزايد، أعلنت سلطة الضرائب، بحسب "كالكاليست"، توسيع المسار السريع لتقديم مطالبات التعويض، بحيث يُتاح التقديم عبر الإنترنت من دون الحاجة إلى تقييم فوري من خبير، لأي ضرر تصل قيمته إلى 30 ألف شيكل (نحو 8600 دولار). ويحصل المستفيد على تعويض مالي خلال أسبوع، بشرط تقديم فاتورة خلال شهر. ولأول مرة، أُتيح هذا المسار للشركات التجارية أيضًا، بعدما كان حكرًا على الأفراد، مما يعكس إدراك الدولة لحجم الضرر الواقع على قطاع الأعمال المحلي. وتشير الصحيفة إلى مقارنة لافتة، إذ إنه خلال عام و8 أشهر من الحرب على غزة (منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى انطلاق الحرب مع إيران) تلقت الهيئة 75 ألف مطالبة تعويض. أما خلال أسبوع واحد فقط من الحرب مع إيران، فقد تم تسجيل 40% من هذا الرقم، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه "مؤشر على الدمار الكثيف الذي خلفته الحرب الحالية على الجبهة الداخلية". الخزانة الإسرائيلية تحت ضغط الإنفاق العسكري أما صحيفة "غلوبس" الاقتصادية، فقد كشفت في تقرير لها أن وزارة المالية الإسرائيلية أوشكت على استنزاف احتياطياتها المالية بالكامل لتغطية التكاليف الباهظة للحملة العسكرية ضد إيران، والتي تصل وفق مصادر غير رسمية إلى مليار شيكل يوميا (نحو 300 مليون دولار). وقد قدمت الوزارة إلى لجنة المالية في الكنيست طلبًا لنقل 3 مليارات شيكل (نحو 860 مليون دولار) من بند "النفقات الطارئة للدفاع"، وهو مبلغ مخصص لتغطية رواتب القوات التي استدعيت. وفي طلب إضافي، طالبت الوزارة برفع ميزانية الدفاع بمقدار 700 مليون شيكل (نحو 200 مليون دولار)، يتم تمويلها عبر اقتطاعات من وزارات أخرى، ويُدرج هذا المبلغ في بند "نفقات أمنية" خاضع للسرية، حسب طلب وزارة المالية. أزمة تمويل حادة وأشارت "غلوبس" إلى أن الحكومة كانت قد خصصت 10 مليارات شيكل (نحو 2.9 مليار دولار) للاحتياطيات الدفاعية، لكنها استُهلكت سابقًا لتغطية التجنيد غير المسبوق لنحو 450 ألف جندي احتياطي خلال الحرب على غزة، قبل حتى بدء العمليات مع إيران. وذلك يعني أن معظم المخصصات الدفاعية نُفذت قبل اندلاع المواجهة الحالية. وتؤكد الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية تستعد حاليا لإعادة فتح الموازنة العامة ورفع سقف الإنفاق، وهي خطوة تشريعية معقدة تُشبه تمرير موازنة جديدة بالكامل. وفي غضون ذلك، تُستخدم التحويلات الداخلية لتوفير "فترة تنفس مؤقتة"، في انتظار تمرير الخطط الجديدة لتمويل الحرب. تكلفة الحرب تتجاوز القدرة الفعلية وبحسب التقديرات التي نشرتها "غلوبس"، فإن إنفاق وزارة الدفاع تجاوز فعليا ميزانيتها بمقدار 20 مليار شيكل حتى قبل بدء الحملة على إيران. ومع تكاليف يومية تزيد على مليار شيكل، تبدو الزيادة الحالية البالغة 3.7 مليارات شيكل غير قادرة على سد الفجوة المتنامية، خصوصًا في ظل غياب خطة شاملة طويلة الأمد. ويحذر محللون من أن استمرار العمليات سيجبر الدولة على اللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، وفرض ضرائب جديدة، وخفض حاد في نفقات التعليم والصحة والبنية التحتية، مما سيُشعل أزمة اجتماعية واقتصادية داخلية قد تكون أكثر كلفة من الحرب ذاتها. وبحسب تعبير صحيفة كالكاليست، فإن "العدد الهائل من المطالبات خلال الأسبوع الأول للحرب مع إيران يعكس حجم الضربة التي تعرضت لها إسرائيل في الداخل، ويكشف عن هشاشة الاستعدادات أمام سيناريو كهذا". بينما اعتبرت غلوبس أن "وزارة المالية باتت تدير أزمة تمويل حربية من دون غطاء، والقرارات القادمة قد تكون سياسية أكثر من كونها اقتصادية".