logo
إسرائيل حاولت زعزعة إيران فساعدت في توحيدها

إسرائيل حاولت زعزعة إيران فساعدت في توحيدها

الجزيرةمنذ 10 ساعات

أصبح الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على إيران أحد أبرز الضربات العابرة للحدود في تاريخ المنطقة الحديث. فالعملية، التي تجاوزت كونها استهدافًا لمنصات صواريخ أو منشآت نووية، شملت اغتيالات بارزة وهجمات إلكترونية معقدة. من أبرز تطوراتها اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم اللواء محمد باقري، وفي الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زاده.
هذه الاغتيالات تشكل أقسى ضربة تتعرض لها القيادة العسكرية الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ومع ذلك، فإن الهجوم يتجاوز كونه عملية عسكرية بحتة؛ فهو تجسيد لعقيدة سياسية بُنِيَت على مدى عقود.
رغم التصريحات الإسرائيلية التي تصف العملية بأنها إجراء استباقي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فإن المنطق الإستراتيجي العميق يبدو أكثر وضوحًا: زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية وصولًا إلى انهيارها.
فلطالما اعتبر بعض الإستراتيجيين الإسرائيليين والأميركيين أن الحل الوحيد لاحتواء الطموحات النووية الإيرانية يكمن في تغيير النظام. وهذه الحملة تندرج في هذا التوجه القديم، لا فقط عبر الوسائل العسكرية، بل من خلال ضغوط نفسية وسياسية واجتماعية داخل إيران.
تُظهر التطورات الأخيرة أن العملية ربما صُمِمَت لإشعال شرارة انتفاضة داخلية. فالخطة مألوفة: اغتيال القادة، حرب نفسية، حملات تضليل، واستهداف رمزي لمؤسسات الدولة.
في طهران، أفادت التقارير بأن الهجمات الإلكترونية المدعومة إسرائيليًا والغارات الدقيقة أصابت مباني حكومية ووزارات، وعطلت مؤقتًا البث التلفزيوني الوطني؛ أحد أركان البنية الإعلامية للجمهورية الإسلامية.
في المقابل، تعكس التصريحات السياسية الإسرائيلية هذا المسار. ففي لقاءات مغلقة وتصريحات صحفية محددة، أقر المسؤولون بأن المنشآت النووية الإيرانية المحصنة عميقًا- بعضها مدفون لأكثر من 500 متر تحت جبال زاغروس والبرز- لا يمكن تدميرها دون تدخل أميركي مباشر باستخدام قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي لا تستطيع حملها سوى قاذفات B-2 أو B-52 الأميركية. وغياب هذه الإمكانات جعل القادة الإسرائيليين يقتنعون بأن وقف البرنامج النووي الإيراني لن يتحقق إلا بتغيير النظام.
هذا السياق يمنح الأفعال العسكرية والسياسية الإسرائيلية بعدًا جديدًا. فبعد الهجمات، كثفت إسرائيل رسائلها الموجهة إلى الشعب الإيراني، ووصفت الحرس الثوري ليس كمدافع عن الوطن، بل كأداة قمع ضد الشعب.
وكانت الرسالة: "هذه ليست حرب إيران، بل حرب النظام." وقد ردد شخصيات من المعارضة الإيرانية في الخارج- كرضا بهلوي نجل شاه إيران السابق، ولاعب كرة القدم السابق علي كريمي- هذا الخطاب، مؤيدين الهجمات، وداعين إلى إسقاط النظام.
لكن يبدو أن الإستراتيجية حققت عكس ما كانت ترجوه. فعوضًا عن إشعال ثورة جماهيرية أو تفكيك الوحدة الوطنية، عززت الهجمات شعورًا عامًا بالتماسك الوطني عبر مختلف التيارات. حتى بعض المنتقدين التقليديين للنظام عبّروا عن غضبهم مما اعتبروه اعتداءً أجنبيًا على السيادة الوطنية. وتجددت في الوعي الجماعي ذكريات التدخلات الخارجية- من انقلاب 1953 بدعم الـCIA، إلى حرب العراق- مفجّرة ردة فعل دفاعية متأصلة.
حتى بين نشطاء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"- التي أشعلت احتجاجات وطنية إثر مقتل مهسا أميني عام 2022 أثناء احتجازها- برز تردد واضح في دعم أي تدخل عسكري أجنبي. ومع انتشار صور المباني المدمرة وجثث الجنود الإيرانيين، تراجعت مطالب التغيير السياسي لصالح خطاب الدفاع عن الوطن.
وبرزت شخصيات عامة ومعارضون سابقون للجمهورية الإسلامية يدافعون عن إيران ويُدينون الهجمات الإسرائيلية. فقد صرح أسطورة كرة القدم علي دائي: "أفضل الموت على أن أكون خائنًا"، رافضًا أي تعاون مع الهجوم الأجنبي. أما القاضي السابق والمعتقل السياسي محسن برهاني فكتب: "أُقبّل أيادي جميع المدافعين عن الوطن"، في إشارة إلى الحرس الثوري وبقية القوات المسلحة.
ما بدأ كضربة عسكرية محسوبة ضد أهداف محددة، قد ينتهي بتعزيز النظام لا بإضعافه؛ عبر حشد وحدة وطنية وتكميم الأصوات المعارضة. فمحاولة صنع ثورة من الخارج قد لا تفشل فقط، بل قد تنقلب ضد من خطط لها.
وإذا كان الهدف النهائي لإسرائيل هو تحفيز انهيار النظام، فقد تكون قد قللت من شأن الصلابة التاريخية للنظام السياسي الإيراني، ومن قوة التماسك الذي يولده الألم الوطني.
وبينما تسقط القنابل ويُقتل القادة، يبدو أن النسيج الاجتماعي الإيراني لا يتفكك، بل يعيد نسج نفسه من جديد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دول لاتينية تدين الهجوم الأميركي على إيران
دول لاتينية تدين الهجوم الأميركي على إيران

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

دول لاتينية تدين الهجوم الأميركي على إيران

دانت دول لاتينية والأمم المتحدة الهجوم الأميركي الذي استهدف صباح اليوم الأحد منشآت نووية إيرانية. فقد قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل إن القصف الأميركي يمثل "تصعيدا خطيرا وانتهاكا جسيما لميثاق الأمم المتحدة". وأضاف أنه "يدخل البشرية في أزمة ذات عواقب لا رجعة فيها". كما وصف الرئيس التشيلي غابرييل بوريك الهجوم الأميركي بأنه غير قانوني، ودعت المكسيك إلى الحوار. في الأثناء، دانت الأمم المتحدة ودول عدة بأميركا اللاتينية الضربات الأميركية التي استهدفت صباح اليوم الأحد 3 منشآت نووية في إيران. فقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة، ووصفها بأنها "تصعيد خطير في منطقة على حافة الهاوية". وقال في بيان "في هذه اللحظة الحرجة، من الضروري تجنب دوامة الفوضى"، مضيفا "لا يوجد حل عسكري. السبيل الوحيد للمضي قدما هو الدبلوماسية. الأمل الوحيد هو السلام". وفي الولايات المتحدة، انتقد زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي الرئيس دونالد ترامب بسبب الضربات، متهما إياه بدفع البلاد نحو الحرب. وقال عضو الكونغرس حكيم جيفريز في بيان "لقد ضلل الرئيس ترامب البلاد بشأن نواياه، ولم يحصل على إذن من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية، ما يهدد بتورط أميركا في حرب كارثية محتملة في الشرق الأوسط". كما دانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القصف الأميركي، ووصفته بأنه "عدوان إجرامي". وقالت الحركة، في بيان، "ندين هذا العدوان الإجرامي ونعتبره نموذجا صارخا لسياسة فرض الهيمنة عبر منطق القوة وعدوانا يقوم على قانون الغاب يتناقض مع كل الأعراف والمواثيق الدولية"، منددة بـ"التصعيد الخطير". وقد شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب على الهجوم "الجريء"، قائلا إنه يُمثل "منعطفا تاريخيا" قد يقود الشرق الأوسط إلى السلام، بحسب تعبيره. وفجر الأحد، دخلت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية ضد إيران، بإعلان الرئيس دونالد ترامب، تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف المواقع النووية الثلاثة الأبرز في إيران، وهي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. ومنذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين.

نواب في الكونغرس ينتقدون قرار ترامب بضرب إيران
نواب في الكونغرس ينتقدون قرار ترامب بضرب إيران

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

نواب في الكونغرس ينتقدون قرار ترامب بضرب إيران

انتقد نواب في مجلس النواب الأميركي قرار الرئيس دونالد ترامب توجيه ضربات أميركية إلى إيران ، واتهموه بجر البلاد نحو حرب في الشرق الأوسط. وقال زعيم الديمقراطيين في الكونغرس حكيم جيفريز إن ترامب يدفع البلاد نحو الحرب بسبب الضربات الجوية الأميركية على إيران. وأضاف في بيان "لقد ضلل الرئيس ترامب البلاد بشأن نيته، ولم يحصل على إذن من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية، ما يهدد بتورط أميركا في حرب كارثية محتملة في الشرق الأوسط". في الأثناء قالت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين إن ترامب ضلل البلاد بشأن نياته وفشل في طلب تفويض من الكونغرس لاستخدام القوة، ووعد بجلب السلام للشرق الأوسط، لكنه فشل في الوفاء بهذا الوعد. كما قالت عضو مجلس النواب نانسي بيلوسي إن الرئيس ترامب تجاهل الدستور من خلال إشراك الجيش الأميركي من جانب واحد دون إذن من الكونغرس، وطالبت بإجابات بشأن العملية التي تعرِّض الأميركيين للخطر وتزعزع الاستقرار. في حين نشر النائب توماس ماسي (عن ولاية كنتاكي) أحد أبرز الجمهوريين المعارضين للتدخل الأميركي في إيران، على موقع "إكس" أن قصف الرئيس ترامب للمواقع النووية الإيرانية مخالف للدستور. بدوره، انتقد السيناتور بيرني ساندرز (مستقل عن ولاية فيرمونت) في تجمع انتخابي في أوكلاهوما قرار ترامب بقصف إيران ودخول الولايات المتحدة في الحرب، وقال هو أيضا إنه مخالف للدستور بشكل صارخ. وأضاف ساندرز أن الكيان الوحيد الذي يملك سلطة جرّ هذا البلد إلى الحرب هو الكونغرس بموجب دستور الولايات المتحدة، وأن الرئيس لا يملك هذا الحق. وفجر الأحد، دخلت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية ضد إيران، بإعلان الرئيس دونالد ترامب، تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف المواقع نووية الثلاثة الأبرز في إيران، وهي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.

إيران تطلق دفعة صاروخية ثقيلة تجاه إسرائيل
إيران تطلق دفعة صاروخية ثقيلة تجاه إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

إيران تطلق دفعة صاروخية ثقيلة تجاه إسرائيل

أعلن الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الأحد رصد هجوم صاروخي إيراني، فيما رفعت تل أبيب مستوى التأهب عقب استهداف سلاح الجو الأميركي 3 منشآت نووية في إيران. وذكرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت في مناطق واسعة من شمال ووسط إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران. من جهتها، ترجح صحيفة إسرائيل هيوم أن الدفعة الصاروخية الإيرانية تتألف من حوالي 30 صاروخًا. وفي بلاغ أولي، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن سقوط صاروخ في مدينة حيفا قبل تفعيل صفارات الإنذار. وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأنه تم إغلاق المجال الجوي مجددا حتى إشعار آخر. كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الجيش الإسرائيلي رفع مستوى التأهب تجاه لبنان تحسبا لأي محاولة من حزب الله تنفيذ هجوم ضد إسرائيل. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية بأنها "جبارة" و"تاريخية"، مشيدا بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب . ورغم أن الضربة على إيران جاءت بقرار وتنفيذ أميركي، إلا أن نتنياهو قال إنه فعل ما لم تستطع أي دولة أخرى على وجه الأرض فعله، مهنئا الرئيس دونالد ترامب على قراره "الجريء". وتعرضت فجر اليوم الأحد 3 مواقع نووية بارزة في إيران، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، لغارات أميركية. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن احتمال أن تكون منشأة فوردو لم تتعرض للتدمير بعد الهجوم "ضئيل جدا". كما أكدت الإذاعة أن الولايات المتحدة وجهت ضربات دقيقة للتأكد من تدمير منشأة نطنز النووية في إيران. وذكر مصدر إسرائيلي، أن تل أبيب بانتظار تحليلات صور الأقمار الصناعية لتقييم حجم الضرر الذي أصاب المواقع النووية الإيرانية، معتبراً أن الأضرار تبدو كبيرة. وفي الوقت نفسه. من جهته، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن العالم هذا الصباح أصبح أفضل وأكثر أمانا لإسرائيل والعالم كله، مؤكدا أن الحرب لم تنته بعد وأنه يجب الانتباه لتعليمات الجبهة الداخلية. ومنذ 13 يونيو/ حزيران الجاري، تشن إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين، وسط جولات مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشان برنامجها النووي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store