
الاقتصاد العالمي.. هل يلتقط أنفاسه؟
قبل أيام قليلة من اندلاع المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية الكبرى، كان هناك خبر سعيد للاقتصاد العالمي، حينما توصلت كل من الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق مبدئي بشأن الرسوم الجمركية، بعد شهور من الشد والجذب، وتبادل فرض الرسوم بنسب قياسية، وصلت ذات مرة إلى 245 %!
ولا نعلم يقيناً هل تؤثر الحرب الراهنة على هذا التطور المهم، وتفجر صراعاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً دولياً، أم تكون سبباً في التدخل الدولي الفاعل، للحفاظ على الاستقرار الهش حتى لا يدفع الجميع ثمناً باهظاً للعدوان الإسرائيلي على إيران.
الاتفاق ليس نهائياً، لكنه خطوة مهمة لحل الخلافات العميقة، وهناك مهلة حتى 10 أغسطس المقبل، للتفاوض على اتفاق شامل لعلاج المشكلة بديلاً عن الوصول إلى حائط صد يدفع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى فرض أمريكا رسوماً على السلع الصينية تصل إلى 145 %، وفرض الصين رسوماً مضادة تصل إلى 125 %.
ما تم كان إعلان كل من بكين وواشنطن التوصل إلى اتفاق على إطار عمل لإعادة الهدنة التجارية إلى مسارها الصحيح، وجوهرها أن الصين ستعاود تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، في حين ستخفف أمريكا من إجراءاتها، خصوصاً فيما يتعلق بأشباه الموصلات وعودة قبول الطلاب الصينيين في الجامعات الأمريكية.
الاتفاق الأخير الذي تم عقب مفاوضات في لندن وصفه وزير التجارة الأمريكية، هوارد لوتنيك، بأنه يضع «اللحم على العظام»، ويبنى على اتفاق هش، تم التوصل إليه بجنيف في 12 مايو، وتعرض للتعثر بسبب القيود التي فرضتها الصين على صادرات المعادن النادرة والحيوية، الأمر الذي دفع أمريكا إلى الرد، بفرض قيود وضوابط تصديرية خاصة لمنع شحنات برامج تصميم أشباه الموصلات والطائرات، وغيرها من السلع الحساسة إلى الصين، لكن المشكلة الجوهرية أن سياسات ترامب المتغيرة دوماً أدت إلى إرباك الأسواق العالمية، وإثارة الازدحام والارتباط في الموانئ الكبرى، ما كبد الشركات الكبرى عشرات المليارات من الدولارات في التكاليف المرتفعة والمبيعات المفقودة.
طبقاً لاتفاق جينيف فإن كلا الجانبين سيخفض الرسوم الجمركية بنسبة 115 %، وبالنسبة للصين ستخفض الرسوم من 125 % إلى 10 %، أما في الاتفاق الإطاري الأخير فإن الولايات المتحدة ستخفض رسومها على السلع الصينية إلى 55 % في حين ستخفض الصين رسومها على السلع الأمريكية إلى 10 % فقط، وكان لافتاً للنظر قول الرئيس الصيني، شين جين بينج، عقب اتفاق جنيف: «التنمر والهيمنة لا يؤديان إلا إلى العزلة الذاتية، ولا رابح في الحروب التجارية».
ترامب طوال الشهور الماضية وجه انتقادات حادة وعنيفة للصين، وتوعدها برسوم جمركية، وصلت نظرياً ذات مرة إلى 245 %، لكنه غير كل ذلك عقب توقيع الاتفاق، وقال كلمات عكسية بحق الصين: «اتفقنا على تخفيف قيود التصدير وفقاً لما توصلنا إليه في جينيف، وسنسمح للطلاب الصينيين بالالتحاق بالجامعات الأمريكية، هؤلاء الطلاب الصينيون كانوا دائماً على وفاق معي، الصين سوف توفر لنا كل المعادن النادرة، وبصورة مسبقة، وسنحصل على رسوم جمركية إجمالية بنسبة 55 %، والصين ستحصل على 10 %، وإجمالاً فإن علاقتنا مع الصين ممتازة!».
المعروف أن ترامب فرض في بداية ولايته في 20 يناير الماضي رسوماً جمركية عالمية على أكثر من 200 دولة بنسبة 10، ثم 20 % على البضائع الصينية، للحد من تهريب الفنتانيل غير المشروع عبر الحدود الأمريكية، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 25 % على الصلب والألومنيوم والسيارات وقطع الغيار، والمعروف أن الصين فرضت قيوداً على المواد الأرضية النادرة وهى مكونات لمجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية، ولم تسمح بها الصين إلا بصورة بطيئة جداً، ما تسبب في استياء شديد في إدارة ترامب.
قد يسأل سائل ويقول: ولماذا تقبل الصين أن تفرض أمريكا رسوماً على سلعها 55 % مقابل 10 % فقط على السلع الأمريكية؟ الإجابة ببساطة لأن الميزان التجاري يظل فائضاً لصالح الصين بـ 300 مليار دولار. ترامب يسعى لتعديل هذا الميل نسبياً، وهو ما نجح فيه إلى حد ما، رغم أنه قليل، لكنه أفضل مقارنة بما كان موجوداً.
يعتقد ترامب أن مجهوداته وتحركاته وسياساته يمكن أن توقف الزحف الصيني تجاه قمة العالم الاقتصادية بحلول سنوات قليلة، علماً بأن الولايات المتحدة لا تزال في المرتبة الأولى بناتج محلى يصل لحوالي 27.7 تريليون دولار، مقابل 17.7 تريليون لصالح الصين، لكن خبراء عالميين يقولون، إن التقدم الصيني يسير باطراد ملحوظ، وكذلك التراجع الأمريكي، وإن الأمر مجرد مسألة وقت إذا كنا نتحدث عن القوة الاقتصادية، لكن تظل معظم القوة الناعمة في أيدى الأمريكيين. أ
عطى اتفاق البلدين الاقتصاد الأمريكي فرصة كي يلتقط أنفاسه، ولو بصورة مؤقتة، انتظاراً للتوصل إلى اتفاق شامل ونهائي بين البلدين قبل 10 أغسطس المقبل، فهل نصل إلى هذا الاتفاق، أم ينهدم المعبد على الجميع وندخل في مرحلة صدام الأفيال بين أكبر قوتين في العالم ليس فقط اقتصادياً، ولكن في صورة حرب شاملة؟! والسؤال الأهم هو ما تأثير الصدام الإسرائيلي - الإيراني الحالي على اقتصاد المنطقة، وعلى الاقتصاد العالمي، خصوصاً من زاوية تأثيره على محاور وممرات التجارة الدولية التي تمر بالمنطقة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
أول تصريحات إيرانية بعد ضربة ترامب: إيران تحتفظ بحق الرد
وفي تغريدة على منصة "إكس"، اقل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الولايات المتحدة ارتكبت انتهاكا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بمهاجمة منشآت نووية إيرانية سلمية. وأضاف: "أحداث هذا الصباح فظيعة وستكون لها عواقب وخيمة. يجب على جميع أعضاء الأمم المتحدة أن يشعروا بالقلق إزاء هذا السلوك الإجرامي والخروج على القانون والخطير للغاية". وشدد: "وفقا لميثاق الأمم المتحدة وأحكامه التي تسمح بالرد المشروع دفاعا عن النفس، وإيران "تحتفظ بكل الخيارات" للدفاع عن سيادتها بعد الضربات الأميركية". وأكد عراقجي أن الضربات الأميركية ستكون لها "تداعيات دائمة".


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
واشنطن تبلغ طهران: الضربة انتهت ولا نية لتغيير النظام
ووفقا لمحطة "سي بي إس"، تواصلت الحكومة الأميركية بشكل مباشر مع طهران يوم الأحد، لإبلاغها بأن الضربة العسكرية التي نفذتها ضد أهداف إيرانية "هي كل ما خططت له"، أي أنها لا تنوي توجيه ضربات جديدة، وأن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى تغيير النظام" الإيراني، في محاولة واضحة لاحتواء التصعيد وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة. ومن جهتها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه تم تفويض المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف للتحدث مع الإيرانيين، حيث حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحفاظ على إمكانية ضئيلة لتوصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي يمكن أن يهدئ المنطقة. وقال مسؤول أميركي للصحيفة، إن إدارة ترامب تواصلت مع إيران لتوضيح أن الهجوم كان عملية منفردة، وليس بداية حرب لتغيير النظام. يأتي هذا التواصل في أعقاب سلسلة ضربات جوية أميركية استهدفت منشآت نووية، فجر الأحد، بعد تصاعد التوترات على خلفية الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران. ونقلت مصادر أميركية عن مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب تأكيدهم أن الهدف من الضربة الأميركية هو "ردع المزيد من الهجمات"، وليس الدفع باتجاه مواجهة مفتوحة أو إسقاط النظام في طهران. وكان الأسبوع الماضي قد شهد تصعيدا خطيرا في وتيرة المواجهة بين إسرائيل وإيران، حيث شنت إسرائيل ما وصفته بـ"الضربة الأكبر" داخل الأراضي الإيرانية منذ بداية الحرب، استهدفت فيها مواقع عسكرية ومراكز بحث نووي، مما أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين الإيرانيين. وفي الوقت نفسه، كشفت تقارير إعلامية أميركية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت قد رفضت خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق، في مؤشر على مدى خطورة السيناريوهات المطروحة في دوائر صنع القرار الإسرائيلية والأميركية. وعلى الرغم من الضغوط المتزايدة من قبل الحلفاء في المنطقة، شدد البيت الأبيض على أن الولايات المتحدة "لا تريد حربا شاملة"، لكنها "لن تتردد في حماية قواتها ومصالحها في الشرق الأوسط".


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
شركة العال الإسرائيلية تلغي جميع الرحلات الجوية حتى إشعار آخر
أعلنت شركة العال الإسرائيلية للطيران إغلاق جميع رحلاتها حتى إشعار آخر، بعد إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي صباح اليوم الأحد. وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الرحلات التي كانت متجهة إلى مطار بن جوريون في تل أبيب سوف تهبط في مكان بديل. وقالت الشركة " سلامة وأمن الركاب تمثل أولوية لنا، وسوف نستمر في إبلاغكم بأي تغيرات والإرشادات الجديدة".