
الهجوم الأمريكي يمهّد لقفزة في أسعار النفط
ترقبت سوق النفط على مدى أيام خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التالية بشأن الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط، والآن بعدما ضربت الطائرات الأمريكية ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران يستعد المتعاملون بالسوق لقفزة في الأسعار، مع استمرار التكهن بالمدى الذي ستصل إليه الأزمة.
وبعد أسبوع شهد تقلبات حادة، من المتوقع أن تستأنف الأسعار ارتفاعها، اليوم، بعدما أدى الهجوم الأمريكي - الذي استهدف مواقع في فوردو ونطنز وأصفهان النووية - لزيادة المخاوف بشكل كبير في منطقة مسؤولة عن حوالي ثلث إنتاج النفط العالمي.
ويتوقع أن تزداد حدة التقلبات هذا الأسبوع، من أسواق الخيارات المحمومة، إلى أسعار الشحن والديزل المتصاعدة، وصولاً إلى تغير جذري في منحنى العقود الآجلة للخام ذي الأهمية الكبيرة.
وقال مستثمرون إن الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية قد يرفع أسعار النفط إلى قمم جديدة، ويدفع المستثمرين إلى التهافت على أصول الملاذ الآمن، بينما يقيّمون تداعيات أحدث تصعيد في الصراع على الاقتصاد العالمي.
وأشارت ردود الفعل في بورصات الشرق الأوسط إلى أن المستثمرين كانوا لا يتوقعون الأسوأ، حتى مع تكثيف إيران لهجماتها الصاروخية على إسرائيل رداً على القصف الأمريكي المفاجئ، وتورطها بشدة في الصراع.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهجوم بأنه «نجاح عسكري مذهل» في كلمة بثها التلفزيون، وقال إن «المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم انمحت تماماً»، محذراً من قصف الجيش الأمريكي أهدافاً أخرى في إيران إذا لم ترضَ بالسلام. وقالت إيران إنها تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن نفسها، وحذرت من «عواقب وخيمة».
وتوقع المستثمرون أن يحفّز التدخل الأمريكي عمليات بيع في الأسهم، وربما إقبالاً على الدولار، وأصول الملاذ الآمن الأخرى عند استئناف التداول، لكنهم قالوا أيضاً إن مسار الصراع لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض.
وقال مارك سبيندل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بوتوماك ريفر كابيتال»: «أعتقد أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية، وأن النفط سيبدأ التداول على ارتفاع».
وأضاف سبيندل: «ليس لدينا أي تقييم للأضرار، وسيستغرق ذلك بعض الوقت. على الرغم من أنه قال إن الأمر «انتهى» فإننا مرتبطون به. ما الذي سيحدث بعد ذلك؟».
ومن بين المؤشرات على كيفية تفاعل الأسواق في تداولات الأسبوع الجديد هو سعر الإيثر، ثاني أكبر عملة مشفرة، والمقياس الجديد لمعنويات المستثمرين الأفراد بعد بتكوين، والتي تشتريها الآن المؤسسات بشكل أساسي.
وانخفض سعر الإيثر 5 %، الأحد، لتزيد الخسائر التي تتكبدها إلى 13 % منذ بدء الضربات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو.
ومع ذلك بدت معظم أسواق الأسهم الخليجية غير متأثرة بالهجمات، التي وقعت في وقت مبكر من صباح أمس، إذ ارتفعت المؤشرات الرئيسية في قطر والسعودية والكويت ارتفاعاً طفيفاً.
سيتمحور القلق الرئيسي للأسواق حول التأثير المحتمل لتطورات الشرق الأوسط على أسعار النفط، وبالتالي على التضخم، وقد يضعف ارتفاع التضخم ثقة المستهلكين، ويقلل فرصة خفض أسعار الفائدة في الأجل القريب.
وقال سول كافونيتش، كبير محللي الطاقة لدى إم.إس.تي ماركي في سيدني: «يعتمد الكثير على كيفية رد إيران في الساعات والأيام المقبلة، لكن هذا قد يضعنا على مسار 100 دولار للبرميل إذا ردت إيران كما هددت سابقاً».
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 18 % منذ 10 يونيو، لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريباً عند 79.04 دولاراً يوم الخميس، إلا أن مؤشر ستاندرد اند بورز 500 لم يشهد تغيراً يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو.
وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأمريكي رجح جيمي كوكس الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية أيضاً، صعود أسعار النفط بسبب الأنباء، لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة، لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال كوكس: «مع هذا الاستعراض للقوة وضرب قدراتهم النووية، فقدوا كل نفوذهم، ومن المحتمل أن يستسلموا ويوافقوا على اتفاق للسلام».
وقال جو ديلورا، المتداول السابق ومحلل استراتيجيات الطاقة العالمية في «رابوبنك»: «السوق تريد اليقين، وهذا التطور يزج بالولايات المتحدة بقوة في ساحة صراع الشرق الأوسط»، متوقعاً «ارتفاع الأسعار الآن عند استئناف التداول بسوق النفط».
وتابع ديلورا: «لكنني أعتقد أنه سيجري تكليف البحرية الأمريكية بضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحاً»، مقدراً أن «الأسعار ربما تتجه صوب نطاق 80 إلى 90 دولاراً للبرميل».
الإضرار بالاقتصاد العالمي
ويحذر الاقتصاديون من أن ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي، الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب رسوم ترامب الجمركية. ومع ذلك يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابراً، فخلال الأحداث البارزة السابقة، التي أدت إلى أوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، مثل حرب العراق عام 2003 واستهداف منشآت النفط السعودية في عام 2019، تراجعت الأسهم في البداية، لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.
وأظهرت بيانات ويدبوش سيكوريتيز وكاب آي.كيو برو أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 تراجع في المتوسط 0.3 % في الأسابيع الثلاثة، التي أعقبت بدء صراع، لكنه عاود الصعود 2.3% في المتوسط بعد شهرين من اندلاع الصراع.
يمكن أن يكون للتصعيد آثار متباينة على الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأمريكي.
وقال محللون إن تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد يفيد الدولار في البداية، بفضل الطلب على الملاذ الآمن.
وقال ستيف سوسنيك، كبير محللي السوق في آي.بي.كيه.آر في ولاية كونيتيكت: «هل نشهد توجهاً نحو الملاذ الآمن؟ هذا سيعني انخفاض عوائد السندات وارتفاع الدولار».
وأضاف: «من الصعب تصور عدم تأثر الأسهم سلباً، والسؤال هو إلى أي مدى؟ سيعتمد الأمر على رد الفعل الإيراني وما إذا كانت أسعار النفط سترتفع».
انخفاض حيازات العقود الآجلة
يقوم المتداولون بتصفية مراكزهم في العقود الآجلة بواحد من أسرع المعدلات على الإطلاق، وهو مؤشر على الضغط الذي تحدثه مستويات التقلب المرتفعة على سجلات المشتقات، وكذلك المسار المستقبلي غير المتوقع.
في المجمل تقلصت حيازات العقود الآجلة في البورصات الرئيسية، بما يعادل 367 مليون برميل، أو حوالي 7%، منذ إغلاق جلسة 12 يونيو الجاري، عشية الهجوم الإسرائيلي. ويقول المتداولون والوسطاء، إن ارتفاع مستويات التقلب جعل تسعير الصفقات أكثر صعوبة خلال الأسبوع الماضي.
يرى رايان فيتزموريس، محلل أول استراتيجيات السلع في «ماريكس غروب» أن «من المنتظر أن ينظر المتداولون والمحللون إلى تقلبات أسعار النفط الحالية في سياق تخفيف مخاطر المضاربة»، مضيفاً أنه «خلال الفترة المقبلة ستكون تقلبات السوق والمراكز المفتوحة من ضمن الأمور الرئيسية، التي تجدر متابعتها».
قفزت تكلفة استئجار سفينة لنقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى الصين بنسبة تقارب 90% مقارنة مع مستواها قبل الهجمات الإسرائيلية، كما ارتفعت أرباح السفن التي تحمل الوقود، مثل البنزين ووقود الطائرات، إضافة إلى صعود علاوات التأمين.
لكن إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تتعرض للتشويش في نحو ألف سفينة يومياً، ما يفاقم من مخاطر السلامة.
وقال «مركز ميكا»، وهو جهة تنسيق فرنسية بين الجيش والشحن التجاري، إن التشويش كان على الأرجح سبب «تفاقم خطورة» حادث الناقلتين.
وقال المركز في تحديث: «التجارة البحرية ليست مستهدفة حالياً، لكن الوضع قد يتغير فجأة».
شهدت أسواق النفط، الأسبوع الماضي، ارتفاعاً في الأسعار على خلفية تصاعد التوترات والضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، ما دفع المنتجين الأمريكيين إلى استغلال هذه الفرصة عبر تنفيذ عمليات تحوط واسعة، تهدف إلى تأمين أسعار بيعهم المستقبلية، وحمايتهم من تقلبات السوق حتى عام 2026.
وسجلت منصة Aegis Hedging، التي تدير عمليات التحوط لنحو 25% إلى 30% من إنتاج النفط الأمريكي، أعلى حجم تداول وعدد صفقات في تاريخها يوم 13 يونيو، ما يعكس حالة الاستجابة السريعة من قِبل المنتجين بعد الضربة على إيران، وارتفاع الأسعار.
الجدير بالذكر أن أسعار النفط كانت قد بقيت خلال الأشهر الماضية دون المستويات المفضلة للتحوط من قِبل المنتجين، إذ تراجعت في مايو إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات عند 57 دولاراً للبرميل، لذا شكل الارتفاع المفاجئ في 13 يونيو فرصة نادرة للمنتجين، لتثبيت أسعار مبيعاتهم المستقبلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

خليج تايمز
منذ 33 دقائق
- خليج تايمز
20 قتيلاً و 52 جريحاً حصيلة هجوم كنيسة دمشق
سوريا: ارتفاع حصيلة قتلى هجوم كنيسة دمشق إلى 20 قتيلاً و 52 جريحاً نشرت في: الأحد 22 يونيو 2025، 8:30 مساءً بقلم: وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) / رويترز صورة: أشخاص وعناصر إنقاذ يتفقدون الأضرار في موقع هجوم انتحاري مُبلغ عنه في كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلة في دمشق يوم الأحد. الصورة: وكالة الأنباء الفرنسية. قالت وزارة الصحة السورية إن هجومًا على كنيسة في دمشق يوم الأحد أودى بحياة 20 شخصًا، حسبما أفادت وسائل الإعلام الرسمية، مما رفع حصيلة سابقة للدفاع المدني بلغت 15 قتيلاً. جاء في بيان لوزارة الصحة نقلته وكالة الأنباء الرسمية سانا: "ارتفع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلة بدمشق إلى 20 قتيلاً و 52 جريحًا". أول هجوم انتحاري في دمشق بعد سقوط الأسد يمثل الحادث أول تفجير انتحاري داخل دمشق منذ الإطاحة ببشار الأسد على يد تمرد للمعارضة في ديسمبر. وقالت وزارة الداخلية السورية إن الانتحاري كان عضواً في منظمة متطرفة. وأضافت الوزارة في بيان أن الانتحاري دخل الكنيسة، وفتح النار ثم فجر سترته الناسفة. ابق على اطلاع بأحدث الأخبار. تابع "كي تي" على قنوات الواتساب. وقال مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن هويته، إن رجلين تورطا في الهجوم، أحدهما فجر نفسه. أظهر بث مباشر من الموقع للدفاع المدني السوري، "الخوذ البيضاء"، مشاهد دمار من داخل الكنيسة، بما في ذلك أرضية ملطخة بالدماء ومقاعد كنيسة محطمة ومبانٍ متصدعة. وقد أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي قاد الهجوم ضد الأسد قبل توليه السلطة في يناير لمرحلة انتقالية، مرارًا وتكرارًا أنه سيحمي الأقليات خلال فترة ولايته. إدانات دولية ودعوات للحماية فرنسا تدين الهجوم أدانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم "البغيض والإرهابي". وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف ليموين التزام فرنسا بـ "انتقال في سوريا يسمح للسوريين، بغض النظر عن دينهم، بالعيش بسلام وأمان في سوريا حرة وموحدة وتعددية ومزدهرة ومستقرة وذات سيادة". "اتخاذ إجراء فوري" قالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان: "ندين بشكل لا لبس فيه التفجير الإرهابي الانتحاري الشنيع الذي استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق، سوريا". "نطالب السلطات الانتقالية السورية باتخاذ إجراءات فورية لمحاسبة المتورطين وتنفيذ تدابير لضمان سلامة المجتمعات المسيحية وجميع الجماعات الدينية، مما يسمح لهم بالعيش دون خوف."


الإمارات اليوم
منذ 39 دقائق
- الإمارات اليوم
«فلاي دبي» تعلّق رحلاتها إلى 5 وجهات حتى نهاية يونيو 2025
أعلنت شركة «فلاي دبي»، أمس، تعليقاً مؤقتاً لرحلاتها الجوية من عدد من الدول والمطارات وإليها، بسبب الأوضاع الراهنة، وإغلاق بعض الممرات الجوية في المنطقة. وقالت الشركة، في تحديث على موقعها الإلكتروني، إن التعليق يشمل الرحلات من إيران وإليها، والعراق، وإسرائيل، وسورية، وسانت بطرسبرغ، وذلك حتى 30 يونيو الجاري، وأكدت «فلاي دبي» أن المسافرين الذين يخططون للمرور عبر دبي، وكانت وجهتهم النهائية إحدى الوجهات المذكورة، لن يتم قبولهم للسفر من نقطة انطلاقهم حتى إشعار آخر. ودعت الناقلة المسافرين المتأثرين بهذه الإلغاءات إلى مراجعة خيارات إعادة الحجز عبر خدمة إدارة الحجز على موقع الشركة الإلكتروني، أو التواصل مع وكلاء السفر المعتمدين، كما طلبت من المسافرين التأكد من تحديث بيانات الاتصال الخاصة بهم، لضمان تلقي إشعارات الشركة في الوقت المناسب. وأوصت «فلاي دبي» المسافرين من مطار دبي الدولي وإليه بالتحقق من حالة الرحلات عبر موقعها الإلكتروني.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
الإمارات تدين التفجير الإرهابي بكنيسة مار إلياس في دمشق
أدانت دولة الإمارات، بشدة، التفجير الإرهابي الذي وقع بكنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص الأبرياء. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، أن دولة الإمارات تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وأعربت الوزارة عن خالص تعازيها ومواساتها لأهالي وذوي ضحايا هذه الجريمة الإرهابية، وللحكومة السورية وشعبها الشقيق، وتمنياتها الشفاء العاجل لجميع المصابين. وكانت وزارة الداخلية السورية أعلنت، أمس، مقتل وإصابة عشرات الأشخاص جراء تفجير انتحاري نفذه تنظيم «داعش» الإرهابي، داخل كنيسة بمنطقة الدويلعة في العاصمة السورية دمشق، وقالت وزارة الداخلية السورية إن انتحارياً يتبع لتنظيم «داعش» الإرهابي أقدم على الدخول إلى كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة في العاصمة دمشق، حيث أطلق النار، ثم فجر نفسه بوساطة سترة.