
أسواق الطاقة والسلع الاساسية تعيش حالة من التأهب القصوى وسط نيران الحرب ...والتحوط لم يعد اختياراً بل ضرورة استراتيجية للشركات...
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
وسط تصاعد الأزمات الجيوسياسية وتغيرات الأسواق العالمية، تدخل السلع الأساسية مرحلة حساسة من إعادة التقييم الاستثماري، حيث يتقاطع العنف العسكري في الشرق الأوسط مع ديناميكيات الاقتصاد الكلي وأسعار الفائدة العالمية. فمع استمرار الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، وما تحمله من تداعيات باهظة على الجانبين، تتجه الأنظار إلى أداء الذهب والنفط والفضة، باعتبارها مؤشرات استراتيجية لحالة السوق العالمية.
في هذا السياق، قدّم أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، قراءة معمقة لمستقبل الأسواق، خلال مقابلة خاصة مع برنامج "بزنس" على سكاي نيوز عربية، كاشفًا عن توقعات مدروسة ومتناقضة مع بعض التيارات الاستثمارية التقليدية.
وتوقف هانسن عند محددات العرض والطلب، والتقلبات الجيوسياسية، وسلوك البنوك المركزية، خاصة في ضوء تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأميركي، وتغيرات مرتقبة في السياسات النقدية.
تصاعد الصراع ومعادلات
جديدة على أسواق السلع
أكد هانسن أن التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، وخاصة الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، يمثل عاملاً جيوسياسياً محورياً في التأثير على أسواق السلع الأساسية، من طاقة ومعادن إلى حبوب وزيوت.
وأوضح أن أسعار النفط، رغم عدم تعرض الإمدادات حتى الآن لأي انقطاع فعلي، قد تستمر في مستوياتها المرتفعة في ظل "الارتياح المؤقت" في الأسواق تجاه الإمدادات. لكنه حذّر في المقابل من أن أي تطور ميداني مفاجئ قد يقلب الموازين سريعاً.
وقال في هذا السياق: "السيناريو الحالي لا يشير إلى اقتطاعات حقيقية في الإمدادات، لكن ذلك لا ينفي وجود تأثيرات نفسية على الأسعار، خاصة في ظل التوترات المستمرة في الخليج".
كما شدد على أن سلعاً أخرى مثل القمح وفول الصويا تتأثر بصورة غير مباشرة بفعل القلق المتزايد من تضخم تكاليف الإنتاج والنقل.
الذهب في مرمى التوقعات
وفي ما يتعلق بالذهب، تحدث هانسن عن حالة من "الاستقرار المرتفع" لسعر المعدن الأصفر، وربط هذا الأداء القوي بالتحولات السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم. وعلى خلاف ما ذهب إليه بنك "سيتي غروب" بتوقعاته المتشائمة بانخفاض الذهب إلى ما دون 2500 دولار للأونصة بحلول النصف الثاني من 2026، تبنّى هانسن رؤية أكثر تفاؤلاً.
وأشار إلى أن: "ارتفاع أسعار الذهب خلال السنوات الثلاث الماضية لم يكن عابراً، بل يعكس تحولات هيكلية في السياسات النقدية والتوجهات الاستثمارية... ولا أرى مؤشرات حقيقية على تراجعه قريباً".
ورجّح أن يشهد الذهب ارتفاعاً قد يصل إلى 4000 دولار للأونصة مع نهاية العام الجاري، مدفوعاً بجملة من العوامل تشمل ضعف الدولار الأميركي المرتقب، والمخاطر الجيوسياسية، واستمرار التوجهات التحوطية من البنوك المركزية.
الفضة تلمع من جديد
وفي محور الفضة، أكد هانسن أن هذا المعدن يشهد لحظة استثنائية، حيث تجاوزت أسعاره 35 دولاراً للأونصة، متوقعاً أن يتواصل هذا الزخم ليصل إلى مستويات 40 دولاراً خلال الفترة القادمة، خصوصاً في ظل نسب الأداء المقارن التي وصلت إلى 91 بالمئة بين الذهب والفضة.
"الفضة لم تعد مجرد معدن تابع للذهب، بل أصبحت مصدر تحوط قائم بذاته، نظراً لزيادة الطلب الصناعي والاستثماري عليها"، بحسب هانسن.
تباين في الرؤية بين
يتعارض في هذا الاطار التحليل الاستراتيجي الذي قدمه هانسن مع تقديرات بنوك عالمية كبرى، مثل "سيتي غروب"، الذي أشار إلى أن تحسن الاقتصاد العالمي قد يقلل من الطلب الاستثماري على الذهب.
في المقابل، أظهر كل من "غولدمان ساكس" و"يو بي إس" ميولاً تصاعدية في توقعاتهما، مرجحين بلوغ الذهب مستويات 3700 إلى 4000 دولار في الأجل القريب.
ولفت هانسن إلى أن أحد العوامل الخفية وراء هذا الأداء هو دور البنوك المركزية، وعلى رأسها الصين وروسيا، التي كثفت عمليات شراء الذهب، لتتجاوز حاجز 1000 طن سنوياً منذ 2022.
وأكد هانسن قائلا: "البنوك المركزية هي المحرك الخفي لسوق الذهب، وقراراتها تترجم مباشرة في الأسعار".
الطاقة والتحوط:
الحذر سيد الموقف
أما في ما يتعلق بأسواق الطاقة، فقد أشار هانسن إلى أن التحوط أصبح "حتمية" في ظل استمرار الحرب، حيث تلجأ الشركات لشراء أدوات تأمينية عبر سوق الخيارات، تفادياً للمخاطر القادمة.
وتابع قائلا: "أسواق الطاقة تعيش حالة من التأهب القصوى... التحوط لم يعد اختياراً، بل ضرورة استراتيجية للشركات، خصوصاً مع التزايد المضطرد في أسعار القمح وفول الصويا وغيرها من السلع الغذائية".
السلع في قلب المعركة
إن نظرة ساكسو بنك، وتحديداً تحليلات أولي هانسن، تقدم قراءة واقعية للمرحلة القادمة، حيث تتقاطع الجغرافيا السياسية مع الديناميكيات الاقتصادية في تشكيل مشهد عالمي جديد. وما بين صعود الذهب، وقلق المستثمرين، وتذبذب النفط، تبقى أسواق السلع ساحة مواجهة مفتوحة، ترسمها ليس فقط المدافع والصواريخ، بل المؤشرات، والفائدة والدولار والين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الحكم في دعوى التلاعب بوثائق التأمين الدولاري على الحياة.. الأربعاء
تصدر الدائرة الخامسة للتراخيص بمحكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، الأربعاء المقبل، 25 يونيو 2025، الحكم في الدعوى المقامة ضد شركتي لتأمينات الحياة وذلك في الدعوى المطالبة، بإلغاء تراخيص شركتين للتأمين بسبب اتهامات بالتلاعب في وثائق التأمين بالدولار والتنصل من التزاماتها تجاه العملاء بعد تغيير سعر الصرف. تأتي الدعوى بناءً على شكوى تقدم بها طبيب، أكد فيها أن شركة التأمين حصلت منه على أقساط بالجنيه المصري منذ عام 2007 لمدة 18 عامًا، مقابل وعد بتعويض قدره 60 ألف دولار عند الوفاة. إلا أن الشركة رفضت الوفاء بالتزاماتها، مدعية أن الأقساط المدفوعة لم تعد كافية بسبب تغير سعر الصرف، وطالبته بمبالغ إضافية مع تهديد بإلغاء الوثيقة. وطالبت الدعوى، التي أقامها الطبيب، بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن شطب تسجيل وإلغاء ترخيص شركتى وإلزام الشركتين برد الأموال التي سددها المدعي منذ عام 2007 وفق سعر الدولار.


بنوك عربية
منذ 2 ساعات
- بنوك عربية
25 مليون دولار من الأوروبي للتنمية لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب
بنوك عربية أعلنت مجموعة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أمس الجمعة 20 يونيو 2025، عن تقديم قرض بقيمة تصل إلى 25 مليون دولار أمريكي لشركة 'أيا غولد آند سيلفر' الكندية، وذلك من أجل دعم برنامج الإستكشاف الذي تنفذه الشركة بمنجم بومدين المتعدد المعادن في جهة درعة تافيلالت جنوب المغرب. ويُعد منجم بومدين من بين أبرز المناجم الصاعدة في المغرب وشمال إفريقيا، إذ يحظى بأهمية إستراتيجية ضمن خطة الشركة لتوسيع إنتاجها وتجاوز منجم زكوندر الفضي المعروف، حسب ما ورد في بلاغ للبنك الأوروبي. ويشمل برنامج الاستكشاف المدعوم من البنك الأوروبي عمليات الحفر والهندسة وتحسين مخطط الإستغلال، إضافة إلى إعداد دراسة تقييم إقتصادي أولية، تمهيداً لمرحلة تطوير كبرى قد تُحوّل بومدين إلى منجم عالمي المستوى. وعلاوة على الجانب الإستثماري، سيساهم هذا التمويل في تعزيز القدرات المحلية من خلال إطلاق برامج تكوين مهني جديدة وتكييف المناهج الجامعية مع حاجيات قطاع المعادن، ما سيُمكن شباب المنطقة من ولوج سوق الشغل بكفاءة أكبر. كما تدعم 'أيا' حملة يقودها البنك الأوروبي تهدف إلى تشجيع تشغيل النساء في قطاع التعدين بالمغرب، في خطوة رائدة نحو مزيد من الإدماج الاجتماعي والاقتصادي. وقال مارك بومان، نائب رئيس البنك الأوروبي، إن هذا الاستثمار يُجسد 'شراكة بناءة للمرة الثالثة مع شركة أيا بالمغرب، من أجل تطوير قطاع المعادن بشكل مستدام، مع الالتزام بأعلى المعايير البيئية، والمساهمة في خلق فرص شغل وتعزيز مشاركة الشباب والنساء.' ويُذكر أن المغرب يُعد من الأعضاء المؤسسين للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وواحدة من دول عملياته منذ 2012. وقد استثمر البنك إلى حدود اليوم حوالي 5.4 مليارات يورو في البلاد عبر 119 مشروعاً، أكثر من 72 % منها في القطاع الخاص، مع التركيز على الطاقات المستدامة والبنية التحتية وتمويل المقاولات والإصلاحات الاقتصادية.


بنوك عربية
منذ 2 ساعات
- بنوك عربية
المغرب المركزي يكشف مؤشراته الأسبوعية
بنوك عربية: كشف بنك المغرب المركزي النقاط الخمس الرئيسية الواردة في مؤشراته الأسبوعية بتاريخ الفترة من 12 إلى 18 يونيو الجاري: 1. ارتفع سعر الدرهم المغربي بنسبة 0,1% مقابل الدولار الأمريكي، وتراجع أمام اليورو بنسبة 0,5 %.