logo
كارثة على الخليج.. لماذا لم يتم استهداف مفاعل "بوشهر" حتى الآن؟

كارثة على الخليج.. لماذا لم يتم استهداف مفاعل "بوشهر" حتى الآن؟

مصراويمنذ 9 ساعات

كتبت- سلمى سمير:
لم ينه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مهلة الأسبوعين، اللذين قد وضعا من قبله قبيل قرار التدخل في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، لتشن واشنطن فجر اليوم الأحد، هجومًا مكثفًا على عدد من المفاعلات النووية الإيرانية وهم "فوردو" و"نطنز" و"أصفهان"، لتقرر بذلك الإدارة الأمريكية أنها باتت عنصرًا فاعلًا في الحرب الجارية.
كان اللافت، في الهجمات سواء اليوم أو السابقة أنها لم تتجه صوب مفاعل "بوشهر"، والذي منذ بداية الهجمات فجر الـ14 من يونيو الجاري، حسمت روسيا موقفها بشأنه محذرة واشنطن وتل أبيب، من المساس بالمفاعل الذي يتواجد فيه عدد كبير من العاملين الروس ويخضع لإدارة جزئية من جانب روسيا والتي تشرف كذلك على بعض جوانبه الفنية.
ما هو مفاعل "بوشهر"؟
تُعد محطة بوشهر للطاقة النووية المنشأة النووية الوحيدة في إيران الواقعة على سواحل الخليج العربي، وتحمل في تاريخها الطويل سلسلة من التحولات الجيوسياسية والتقنية التي جعلتها محورًا للجدل الإقليمي والدولي.
انطلقت فكرة المشروع عام 1974 ضمن برنامج إيران النووي، حيث كان من المقرر بناء مفاعلين نوويين بالتعاون مع شركة ألمانية. إلا أن المشروع توقّف عام 1979 بسبب اندلاع الثورة الإسلامية، قبل أن يُعاد إحياؤه في تسعينيات القرن الماضي باتفاق جديد مع روسيا.
ورغم التوقيع، شهد المشروع تأخيرًا مطولًا من الجانب الروسي بسبب الضغوط الدولية ومداولات مجلس الأمن، الذي تبنّى عدة قرارات للحد من تخصيب اليورانيوم الإيراني.
في ديسمبر 2007، بدأت روسيا بتسليم الوقود النووي المخصب إلى إيران، وفي سبتمبر 2011 تم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الوطنية لتوليد 700 ميغاواط من الطاقة. وبعد عامين، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المحطة باتت تعمل بكامل طاقتها التشغيلية.
غير أن المحطة أُحيطت بمخاوف متكررة بشأن سلامتها، لا سيما بسبب تصميمها المختلط بين الهندسة الألمانية والتكنولوجيا الروسية، فضلًا عن موقعها الجيولوجي الحرج بالقرب من صدع زلزالي نشط. ففي أبريل 2013، شهدت المنطقة المحيطة بالمفاعل زلزالًا بلغت قوته 6.3 درجة، ما أعاد النقاشات حول مدى جاهزية المنشأة لمواجهة كوارث طبيعية محتملة.
لماذا يتم استهداف "بوشهر" حتى الآن؟
وفي هذا الشأن يقول العميد ناجي ملاعب، الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن مفاعل "بوشهر" هو استثمار روسي قائم على اتفاقية بين دولتين، وقد حاول الروس تعزيز العلاقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال التأكيد على عدم استهداف هذا الموقع، لأنه مفاعل يُستخدم فقط لتوليد الكهرباء.
وحذر ناجي ملاعب، من تداعيات استهداف المفاعل "بوشهر"، لما له من نتائج خطيرة، خاصة أنه يُعد الأقرب إلى منطقة الخليج العربي، بما في ذلك الدوحة، والإمارات، وسلطنة عمان، والكويت، قائلًا إن هذه المناطق قد تتضرر بشكل مباشر في حال وقع أي حادث في هذا المفاعل.
وأشار ملاعب، لوجود تصريحات روسية تؤكد وجود ضمانات من قِبل الرئيس بوتين، الذي أجرى الاتصالات اللازمة لضمان عدم استهداف هذا المفاعل، قائلًا إن هذا المفاعل يخضع دائمًا لزيارات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم يُستخدم لإنتاج اليورانيوم المخصب بما يتجاوز النسبة المسموح بها. وبالتالي، فإن استخدامه يقتصر فقط على الأغراض السلمية، وهو دائمًا تحت الرقابة الدولية".
من جانبه يقول الدكتور، علاء السعيد، الخبير المختص في الشأن الإيراني، إن الإجابة وراء عدم استهداف مفاعل "بوشهر" حتى الآن، ليس لأن بوشهر "بريء"، أو لأنه "تحت حماية المهدي المنتظر" بل لأنه ببساطة محمي باتفاقات ومخاوف دولية أكبر من صواريخ التهديف نفسها.
وأوضح الدكتور علاء، أن السبب الأول، وراء عدم استهداف "بوشهر" يكمن في أن المفاعل تديره روسيا ويعمل تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمعنى أن أي ضربة هناك ليست فقط طعنة لإيران بل صفعة في وجه موسكو، وهو الأمر الذي لن ترغب به واشنطن أو تل أبيب لما يعنيه ذلك من مواجهة مباشرة مع روسيا التي لا تزال أوكرانيا تحترق جراء ويلات الحرب معها.
أما السبب الثاني، فهو، أن "بوشهر" مفاعل "طاقة مدنية" رسميًا، ولا يشبه نطنز ولا فوردو، فليس به أجهزة طرد ولا مشروعات تخصيب مخفية، وهو ما يفقد الهجوم عليه
مشروعيته ويحوّل واشنطن وتل أبيب من مهاجمَين لمشروع عسكري إلى مدمرين لمرفق مدني.
وبالنسبة للسبب الثالث يكمن في أن الموقع كارثي لوقوع "بوشهر" على حافة الخليج، وقربه من قطر، والسعودية، والبحرين، والإمارات، وهو ما يعني أن أي تسريب بسيط هناك فالدول العربية ستكون أول المصابين.
وأوضح الدكتور علاء، أن التعامل مع "بوشهر" مسألة غاية في الحساسية، مما يجعل إسرائيل إسرائيل تضرب بحذر وتحسن أمريكا التصويب، لأن الجميع يعرف أن بوشهر هو خط أحمر إشعاعي إن تم تجاوزه يخسر الخليج وتكسب إيران تعاطف أوروبا كلها في جلسة واحدة بمجلس الأمن.
من جانبه يرى، اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن الهجمات التي حدثت حتى الآن لضرب المنشآت النووية، خاضعة لقواعد اشتباك متفق عليها بين الجانبين.
وأشار بخيت، إلى أن المفاعلات ذات الأهمية الكبرى، مثل "بوشهر"، لم تُستهدف بشكل مباشر حتى الآن، مما يعزز وجهة النظر القائلة بوجود قواعد اشتباك واضحة تم التفاهم عليها ضمنيًا بين الطرفين.
وأضاف بخيت، أن إسرائيل مازالت تضرب في العمق الإيراني، وما زالت إيران ترد بضربات في العمق الإسرائيلي، ولكن دون المساس بالمفاعلات النووية الكبرى، معتقدًا أن هناك محددات استراتيجية لهذا الأمر، فاستهداف هذه المنشآت قد يُقابل برد مماثل، مثل استهداف مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي، وهو ما لا تحتمله إسرائيل على الإطلاق.
وأشار بخيت، إلى دور روسيا، التي حذرت من الاقتراب من مفاعل بوشهر، وأكدت أنها تحتفظ لنفسها بحق التدخل في حال المساس به. بل إن روسيا رفضت أن تكون وسيطًا، ما يعني ضمنًا أن لموسكو الحق في التدخل لوقف التصعيد إذا استُهدف بوشهر، بحسب تعبيره.
ماذا يحدث في حال ضربه؟
وحذر السعيد، من أنه في حال تم توجيه ضربة إلى "بوشهر" فعلى المنطقة، أن تستعد لسيناريو "تشرنوبل" الشرق الأوسط، ورد إيراني من النوع غير المتزن، وانسحاب فوري من معاهدة حظر الانتشار النووي، والبدء بسباق نووي عربي رسمي، موضحا أن بوشهر لم يُضرب لأنه باختصار أغلى من أن يُدمّر وأخطر من أن يُخاطر به.
أما بخيت، فقد حذر أن المفاعل النووي الإيراني يقع بمحاذاة الخليج، وتأثيره سيكون كبيرًا في حال استهدافه، وأولها مياه الخليج، إذ أن جميع دول الخليج تعتمد على محطات تحلية المياه المنتشرة على الساحل الغربي للخليج، والتي ستتأثر بشكل كبير.
وكان رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، عباس جولرو، قد صرح في وقت سابق اليوم الأحد، أن إيران تحتفظ بحقها القانوني في الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مستندًا إلى المادة العاشرة من الاتفاق، التي تتيح الانسحاب في حال تعرضت المصالح العليا للدولة لتهديد بسبب أحداث استثنائية.
وجاء تصريح جولرو في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية فجر اليوم، والتي شملت مواقع في فوردو ونطنز وأصفهان، في إطار تصعيد عسكري غير مسبوق بين البلدين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رغم الضربات الجوية المكثفة.. واشنطن تبقي باب التفاوض مع طهران مفتوحًا
رغم الضربات الجوية المكثفة.. واشنطن تبقي باب التفاوض مع طهران مفتوحًا

بلدنا اليوم

timeمنذ 18 دقائق

  • بلدنا اليوم

رغم الضربات الجوية المكثفة.. واشنطن تبقي باب التفاوض مع طهران مفتوحًا

كشفت مصادر أمريكية رفيعة، لموقع أكسيوس، أن الإدارة الأمريكية لا تزال ملتزمة بالمسار الدبلوماسي مع إيران، رغم تنفيذها ضربات جوية نوعية ومحددة استهدفت منشآت نووية رئيسية في الجمهورية الإسلامية. وأكد مسؤول أمريكي أن المبعوث الخاص للملف الإيراني، ستيف ويتكوف، أجرى اتصالات مباشرة مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أثناء تنفيذ الهجوم، مشددًا على أن العملية العسكرية لم تكن إعلان حرب، بل خطوة موضعية تهدف لردع التهديد النووي الإيراني، مع الحفاظ على إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات. رسائل مباشرة من ويتكوف إلى طهران ونقل ويتكوف خلال اتصالاته رسالة واضحة إلى الجانب الإيراني مفادها أن الضربات كانت لمرة واحدة، وذات أهداف محددة، مشيرًا إلى أن واشنطن لا تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني أو إشعال حرب شاملة، بل ترى في التسوية الدبلوماسية الحل الأمثل، لا سيما بعد استهداف قدرات تخصيب اليورانيوم في منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. في ذات السياق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، أن الغارات الجوية دمرت البنية التحتية لثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية بشكل كامل، مشيرًا إلى أن الطائرات المشاركة في العملية، ومن بينها قاذفات الشبح B-2، عادت إلى قواعدها دون خسائر. في غضون ذلك، واصل عباس عراقجي لقاءاته مع نظرائه الأوروبيين، حيث عقد مؤخرًا اجتماعًا في جنيف بحث خلاله سبل إعادة إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى صيغة جديدة للحد من التوتر المتصاعد، بحسب مصادر دبلوماسية.

إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية
إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية

مصراوي

timeمنذ 24 دقائق

  • مصراوي

إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية

وكالات قال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، إن الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية. وأوضح دانون، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، أن إيران استخدمت المفاوضات للتمويه لكسب وقت لبناء صواريخ وتخصيب اليورانيوم. وأضاف: "تكلفة عدم التحرك كانت لتصبح كارثية. هذا هو ما يبدو عليه آخر خط دفاع عندما تفشل كل الخطوط الأخرى"، وفقا لسكاي نيوز. وشدد على أنه إذا أصبحت إيران دولة نووية كان ذلك سيصبح حكما بالإعدام. من جانبه، قال مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، إن بلاده تحتفظ بحق الرد على الهجوم الذي تعرضت له من قبل الولايات المتحدة. وأكد إيرواني أن: "قواتنا المسلحة ستحدد توقيت وطبيعة ونطاق الرد المتناسب على الهجمات الأمريكية". وأشار إلى أن "كل المزاعم الأمريكية تجاه طهران لا أساس لها وبلا سند قانوني ولها دوافع سياسية". وتابع: "الولايات المتحدة اختلقت الذرائع للهجوم على بلدي"، معتبرا أن العدوان الأمريكي انتهاك صارخ للقانون الدولي. وأشار إلى أن "الولايات المتحدة ضحت بأمنها دعما لنتنياهو".

جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة
جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة

مصراوي

timeمنذ 24 دقائق

  • مصراوي

جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة

وكالات قال معهد العلوم والأمن الدولي، وهو منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، إن مجمع أصفهان النووي الإيراني، أحد 3 مواقع استهدفتها الضربات الأمريكية الأحد، تعرض لأضرار بالغة. وذكر المعهد، في تقييم أولي، أن منشأة تحويل اليورانيوم الرئيسية في المجمع، التي تقوم بتحويل اليورانيوم الطبيعي إلى صيغة قابلة للاستخدام في أجهزة الطرد المركزي الغازية، "تضررت بشدة". وأشار إلى أن الأضرار شملت أيضًا مداخل الأنفاق المؤدية إلى المجمع تحت الأرض، حيث انهار ثلاثة من أصل أربعة مداخل رئيسية. وأظهرت صور التُقطت بالأقمار الصناعية يوم الجمعة ردم مداخل الأنفاق بالتربة، في إجراء وصفه المعهد بأنه "احترازي" ربما يهدف إلى احتواء انفجارات داخلية أو منع تسرب مواد نووية خطرة من المنشأة. وأشار التقرير إلى احتمال وجود "أضرار كبيرة في البنية التحتية تحت الأرض". وفي السياق ذاته، أفادت مصادر متعددة لشبكة CNN بأن منشأة أصفهان، بخلاف فوردو ونطنز اللتين استهدفتا في العملية نفسها، لم تُقصف بقنابل خارقة للتحصينات أُسقطت من قاذفات B-2، بل استُهدفت بأكثر من عشرين صاروخًا من طراز "توماهوك" أُطلقت من منصات بحرية أمريكية، وفقًا لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال دان كين. ويُعد مجمع أصفهان أحد المكونات الحيوية في البرنامج النووي الإيراني، ويضم مرافق لتحويل ومعالجة اليورانيوم. كما يُعتقد أنه يحتوي على منشآت تحت الأرض تُستخدم لتخزين المواد الحساسة وتشغيل المعدات في بيئة محمية من الضربات الجوية المباشرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store