سفير الفاتيكان يرعى تخريج الفوج الثالث من سفراء الأمل
عمون - من كارول علمات - رعى سفير دولة الفاتيكان لدى المملكة المطران جوفاني بيترو دال توزو، صباح اليوم السبت حفل تخريج الفوج الثالث من "سفراء الأمل"، والذي نظمه اتحاد الجمعيات الرهبانيّة في الأردن على مسرح كليّة راهبات الورديّة بمنطقة الشميساني في عمّان، بحضور الخريجين وأهاليهم والداعمين لنشاطات الاتحاد.
وقام الأب رفعت بدر بتقديم الحفل الذي استهل بالسلام الملكي، من ثمّ ألقى كلمة ترحيبية أشاد فيها بدور "سفراء الأمل" في عام اليوبيل. ورحّب بسعادة السفير ولفيف الكهنة والراهبات والضيوف على مختلف مناصبهم وألقابهم. ورفعت الطالبتان مارلا أبو الشعر وكاترين سواقد صلاة من أجل "سفراء الأمل" ومن أجل السلام في العالم، لاسيمّا في فلسطين والشرق الأوسط.
وألقت مديرة كلية راهبات الوردية الشميساني الأخت ليليا النمري كلمة أشادت بدور مبادرة "ينابيع الأمل" في محاربة ظاهرة الإتجار بالبشر، ودور "سفراء الأمل" في رعاياهم ومجتمعاتهم في بث روح "طاليتا قوم" والتي في جوهرها احترام لكرامة الإنسان، مؤكدة دعم كلية راهبات الوردية الموصول لنشاطات المبادرة الإنسانيّة.
وألقت منسقة مبادرة "ينابيع الأمل" في الأردن الأخت سيسيل حجازين كلمة شكرت فيها راعي الحفل وجمع الحضور والضيوف وكل من يدعم المبادرة ويعطي من جهده ووقته وعلمه. كما هنأت سعادة السفير بعيد ميلاده والذي يُصادف مع مولد القديس يوحنا المعمدان. وفي نهاية الكلمة هنأت الأخت حجازين الخريجين وذويهم من مختلف الرعايا والمدارس المشاركة.
ثم عرضت الدكتورة رائدة سويدان مادة تثقيفة لتعريف الأهالي والحضور بمبادرة "ينابيع الأمل" والمنبثقة من شبكة "طاليتا قوم" الدوليّة، حيث أشادت بدورهم في تشجيع المبادرات والنشاطات المختلفة والتي تهدف إلى نشر روح الشبكة في الرعايا والمدارس عن طريق "سفراء الأمل".
وأدت مجموعة من طالبات مدرسة البطريركيّة اللاتينيّة في ماركا الشمالي من "سفراء الأمل" ترتيلة "نحن بني الآب الرحيم"، بمراقفة الصوت العذب والمصلي للأخت كارولين بدر، تلاها "أغنية حقوق الطفل" وقد أضفت الترانيم جوًّا من المحبة والفرح.
وبعد فقرة الترانيم، استمع الحضور لكلمة السيّدة سمر سميرات، المدير التنفيذي لمدارس البطريركيّة اللاتينيّة، حيث أضاءت في كلمتها على التعاون المستمرّ والهادف بين مدارس البطريركيّة اللاتينيّة ومباردة "ينابيع الأمل" والذي يهدف إلى خلق جيل يعي قيمة الإنسان في المجتمع ويشدّد على ضرورة احترام كرامة الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله.
وبعدها تم عرض فيديو يلخص مختلف النشاطات التي قام بها الطلبة خلال الفترة الماضية من محاضرات ورياضات روحيّة وصلوات لتعريف الحضور بالأنشطة المختلفة التي حضرها سفراء الأمل.
وألقى سعادة السفير البابوي كلمة أشاد فيها بدور سفراء الأمل ضمن مبادرة ينابيع الامل والتي تعمل بروح شبكة "طاليتا قوم" الدوليّة في محاربة الإتجار بالبشر، معربًا عن سروره برعاية حفل التخريج الذي يرفد الرعايا والمدارس بسفراء جدد يبثون روح المحبة والعطاء واحترام كرامة الإنسان. كما أبدى سيادته إعجابه بالمدارس الكاثوليكية في الأردن التي تولي الناحية الروحيًة اهتمامًا جمًّا. وشدّد على ضرورة تشجيع الأبناء وعائلاتهم على الحج إلى مختلف مواقع الحج المسيحي والتي يزخر بها الأردن، منوهًا أنّه يذكر الأردن في صلاته ليبقى دائمًا واحة أمن واستقرار وسلام في هذه البقعة من العالم.
وفي نهاية الاحتفال تم توزيع الشهادات والهدايا على الخريجين كما تم تكريم الجهات الداعمة والمحاضرين وأصحاب الفضل على مباردة ينابيع الأمل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 16 دقائق
- عمون
"قصف فوردو" .. إسرائيل تسعى لاستباق هدنة ترامب
عمون - أبلغ مسؤولون إسرائيليون إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنهم لا يريدون الانتظار أسبوعين حتى تتوصل إيران إلى اتفاق لتفكيك أجزاء رئيسية من برنامجها النووي، حسبما قال مصدران لـ"رويترز". وأضاف المصدران المطلعان أن إسرائيل "قد تتحرك بمفردها قبل انتهاء المهلة" لقصف منشأة "فوردو" النووية المحصنة، وسط استمرار الجدل داخل فريق ترامب عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة التدخل عسكريا. وتابع المصدران اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما، أن إسرائيل نقلت مخاوفها إلى مسؤولي الإدارة الأميركية، الخميس، خلال ما وصفاها بأنها مكالمة هاتفية مشوبة بالتوتر. وقال مصدر أمني إن قائمة الإسرائيليين الذين شاركوا في المكالمة تضمنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير. وذكر المصدران أن الإسرائيليين يعتقدون أنه لا توجد أمامهم سوى مدة زمنية محدودة لاستهداف منشأة "فوردو" الواقعة تحت الأرض، التي تعد درة البرنامج النووي الإيراني. والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لديها قنابل خارقة للتحصينات قوية بما يكفي للوصول إلى المنشأة. والسبت ذكرت "رويترز" أن الولايات المتحدة بدأت تنقل قاذفات "بي 2" إلى جزيرة جوام في المحيط الهادي، مما يعزز احتمال مشاركتها في أي هجوم بشكل مباشر. ويمكن تجهيز القاذفة "بي 2" لحمل القنابل الأميركية "جي بي يو 57" زنة 30 ألف رطل، المصممة لتدمير أهداف في أعماق الأرض، مثل موقع فوردو. وقال مصدر مطلع في واشنطن إن إسرائيل أبلغت الإدارة الأميركية أنها تعتقد أن مهلة ترامب التي تصل إلى أسبوعين طويلة للغاية، وإن هناك حاجة إلى إجراءات عاجلة. ولم يوضح المصدر ما إذا كان الإسرائيليون أشاروا إلى هذه النقطة خلال المكالمة رفيعة المستوى. ونقل المصدران عن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، قوله خلال المكالمة إنه لا ينبغي للولايات المتحدة التدخل مباشرة، ولمح إلى أن الإسرائيليين سيجرّون البلاد إلى حرب. وقال مصدر أمني إن وزير الدفاع بيت هيغسيث شارك أيضا في المكالمة، بينما لم يتسن لـ"رويترز" تحديد هوية المشاركين الآخرين في هذه المكالمة الهاتفية. وتعتبر منشأة "فوردو" التي تحصنها الجبال جنوبي طهران، بعيدة عن متناول القذائف، باستثناء "القنابل الخارقة للتحصينات" التي تمتلكها وتستطيع إطلاقها الولايات المتحدة حصرا. والجمعة أعطى ترامب مهلة أسبوعين، قبل أن يقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل لمساندة إسرائيل عسكريا في حربها ضد إيران. "رويترز + سكاي نيوز"


العرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- العرب اليوم
الشَرْخُ الأوسط المتفجر
أسماء سياسية أطلقت في الحقبة الاستعمارية، على مناطق جغرافية مختلفة من العالم. الشرق الأقصى والأوسط والأدنى، عناوين كُتبت على خريطة جزء من قارة آسيا. مع الصراعات العسكرية والسياسية التي عاشتها المنطقة العربية، صار تعبير الشرق الأوسط يعني الخريطة العربية كلها، على الرغم من أن منطقة شمال أفريقيا، لا علاقة لها بذلك الوصف الجغرافي. منذ بداية الحرب العالمية الأولى، وانطلاق ما عُرف بالثورة العربية الكبرى، وانهيار الإمبراطورية العثمانية، وإعلان وعد بلفور البريطاني، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، استوطن العنف الدموي في المنطقة التي حملت على أرضها اسم الشرق الأوسط، حتى رسخ في العقل السياسي والإعلامي العالمي، أن هذا الاسم يعني الصراع والقتل والدم المزمن. منذ الحرب التي اشتعلت بين العرب واليهود، سنة 1948 بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، وبعدها حرب السويس 1956 وحرب يونيو (حزيران) 1967 وحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، صارت المنطقة كلها بطوناً تلد الحروب ولا شيئاً غيرها. الانقلابات العسكرية التي استولت على كراسي الحكم، في بعض الدول العربية، جعلت من شعار تحرير فلسطين فزاعة وقدَّاحة، وغابت مشاريع التنمية والتطوير. التعنت الإسرائيلي وانتهاج سياسة الحروب والتوسع، ورفض الحلول السياسية السلمية للقضية الفلسطينية، حولت الجرح الفلسطيني غرغارينا مزمنة، أعجزت المطببين الإقليميين والدوليين. تحول ما سُمي الشرق الأوسط، شَرْخاً واسعاً وعميقاً، ينزُّ الدم بلا توقف ويراكم الضحايا. حروب بين دول وحروب أهلية، وصراعات عرقية وطائفية وعنف تؤججه آيديولوجيات دينية متشددة. حرب طويلة دموية بين إيران والعراق، ثم غزو عراق صدام حسين دولة الكويت، الذي انتهى باحتلاله بقوات أميركية. هجوم «القاعدة» على الولايات المتحدة الأميركية، وحرب أفغانستان، والحرب الأهلية الطويلة في لبنان نزيف في برزخ الشرخ. في السودان الذي حباه الله ثروةَ الماء والخصب والموقع، استوطن القتل والدم. بعد حرب طويلة انفصل الشمال عن الجنوب، وحكم الوهم الإسلاموي العنيف الشمال، بعد انقلاب عسكري «إخواني» قاده حسن الترابي. انطلقت مبادرات لحل القضية الفلسطينية، والتحرك في اتجاه السلام مع إسرائيل، وكانت اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ثم مع الأردن، كانت بداية واعدة رغم ما غشاها وما تلاها من تعقيد وتصعيد. التنظيمات المتطرفة المسلحة، قفزت إلى صدارة المشهد، وهددت السلام والاستقرار، وأربكت الأنظمة الرسمية، وصار العنف الدموي عقيدة لها مريدون عابرون للحدود. «القاعدة» و«داعش» وما تفرع عنهما من فرق للإرهاب، فرضت واقعاً دامياً مضافاً إلى ما استوطن في المنطقة، من صراع وشروخ متفجرة دموية. حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، حطب ضخم على نار الصراع العربي - الإسرائيلي، لا نعلم حجم وحدود ناره، التي ستشعله في عمق الشرخ الدموي. الحروب الأهلية التي تغرس أنيابها في جسد المنطقة، تفكك ما كان من هويات هشة، ويلوح خلف ألسنة نيرانها، صواعق تنذر بقادم مخيف. في ليبيا، واليمن، والعراق، وسوريا، والسودان ولبنان، لا يستيقظ الفجر المبشر بضوء السلام والاستقرار والنهوض، وينشر شفق الدم غلالته على آفاق أحلام السلام والنهوض والنمو. هل نقول لقد اتسع الخرق على الراتق، وإن يقظة العقل لم يقترب صباحها بعد؟ على الرغم من الغيبوبة الطويلة، التي استمرأها الجاهلون، تبقى قوة العقل كامنة في حشاشة الحياة، وذلك ما تؤكده تجارب الشعوب في مناكب الدنيا. لقد عاشت بلدان في آسيا وأميركا اللاتينية، سنوات طويلة من الحروب وأصبحت اليوم نموراً اقتصادية وعلمية، ترفل في الرفاهية والسلام، بعدما شُفيت من وباء الآيديولوجيات والقهر الديكتاتوري. هذه المنطقة التي أسمتها السياسة الشرق الأوسط، بعد سنين طويلة من الاحتلال والفقر والجهل، نالت بلدانها الاستقلال، وقد وهبها الله موقعاً جغرافياً ذهبياً، وثروات متنوعة هائلة، ومنها انطلقت الأديان السماوية، كيف غبشت عيونها، ووهنت عقولها وغرقت في شرخ القتال والدمار والحروب الطويلة! أمم في قارتي أوروبا وآسيا لا تمتلك، ربع أو حتى ثمن ما فوق أرضنا وتحتها، صعدت درجات عالية من التقدم والسلام الاجتماعي والرفاهية، وصار للإنسان فيها حقوق مقدسة، لا يجرؤ حاكم على المساس بها. العقل كان الثروة التي صنعت معجزات التقدم والنهضة والسلام، ولا يتوقف العقل فيها عن قدح قدراته المنتجة للقيم الحضارية العظيمة. الحرية وسيادة القانون وقاعدة المواطنة والمساواة، صنعت خريطة الحياة التي لم نمتلك نحن أوراقها وأقلامها، لنرسم بها مسار دنيانا الجديدة. قال أمير الشعراء أحمد شوقي: ولا تزد قومه خسفا ولا تسمِ


أخبارنا
منذ ساعة واحدة
- أخبارنا
أ. د. هاني الضمور : في زمن إعادة تشكيل العالم: من أقصى المدينة، من سيأتي يسعى؟
أخبارنا : في مشهد قرآني عابر، يحمل اختصارًا بالغًا لفكرة جوهرية، يقول الله تعالى: «وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين» (يس: 20). رجل بلا اسم، بلا نفوذ، بلا سند جماهيري، جاء من أقصى نقطة في المدينة لا من مركزها، لكنه كان يملك شيئًا واحدًا تغيّر به كل المعادلة: البصيرة، ثم القرار، ثم الفعل. اليوم، ونحن نشهد إعادة تشكيل واسعة لنظام العالم، ونراقب في صمت كيف يُعاد ترتيب النفوذ والخرائط والتحالفات، يُطرح السؤال: أين هذا «الرجل» في واقعنا؟ من سيأتي يسعى لا لينضم إلى لعبة الأمم، بل ليوقف تيه الذات؟ العالم يتغيّر. الغرب لم يعد يرى في إسرائيل ذلك «الحليف الذهبي» الذي لا يُمس. لقد أصبحت عبئًا متزايدًا سياسيًا، وأخلاقيًا، واستراتيجيًا، مع اتساع جرائمها في فلسطين، وفشلها في فرض حسم أو تسوية. الولايات المتحدة بدأت تدير ظهرها للمنطقة، ليس كليًا، ولكن برؤية مختلفة: مصالحها في آسيا، في التكنولوجيا، في التوازن مع الصين. في المقابل، إيران العدو التاريخي تعود إلى طاولة السياسة الدولية. ليست حبًا بها، ولكن لأن الغرب لا يتحالف بقيم، بل بميزان القوة والبراغماتية. ووسط كل ذلك، تائهون نحن. العرب في أغلبهم يراوحون بين محورين لا يصنعون أياً منهما. هذا المشهد المأزوم يعيدنا إلى تلك الآية، ليس كموعظة، بل كـ نداء سياسي–فكري حادّ. فذلك الرجل، الذي جاء من أقصى المدينة، لم يكن زعيمًا. لم يكن لديه حزب، ولا منصة. لكنه امتلك الوعي، فتحرك، وقال كلمته في وجه الصمت الجماعي. تمامًا كما يجب أن يفعل العقل العربي اليوم، إن كان ما يزال حيًّا. ليست المشكلة اليوم في غياب المعلومات، بل في غياب الموقف. ليست المشكلة في ضعف الإمكانات، بل في الفراغ الأخلاقي والقراري. الغرب يعيد ترتيب أوراقه بمنطق الكلفة والمصلحة. إسرائيل تفقد مكانتها التاريخية الاستثنائية. إيران تدخل اللعبة من باب البراغماتية الغربية. والعرب في موقع الانتظار، كأن التاريخ لا يعنيهم. في مثل هذه اللحظة، يجب أن يظهر من يسعى. لا من يحمل السلاح، بل من يحمل الوعي والاستقلالية. لا من يصرخ بالشعارات، بل من يسأل: ما مصلحتنا؟ ما خياراتنا؟ من يقرر نيابة عنا؟ وما البديل الحقيقي للارتهان؟ «يا قوم، اتبعوا المرسلين» ليست فقط دعوة للإيمان، بل هي دعوة للانحياز إلى الحق، إلى الرؤية، إلى الفكرة التي تُنقذ لا التي تُبرر. إنه نداء يتجاوز الدين والطائفة، ويتوجه إلى الضمير والعقل والسيادة الفكرية. في زمن الهيمنة، الحياد تواطؤ، والصمت شراكة، والانتظار انتحار سياسي. ذلك الرجل في الآية لم يُمهَل. بحسب السرد القرآني، ربما قُتل. لكنه قال. سعى. كتب اسمه في سجل الوعي الإنساني. وفي المقابل، سُجّلت المدينة في التاريخ على أنها صمتت، خانت، أو خافت. إننا اليوم في لحظة اختبار مشابهة، وإن اختلفت التفاصيل. الغرب يغيّر حلفاءه حين يشاء. التحالفات لا تبقى دائمة. العدو لا يُلعن إلى الأبد، والحليف لا يُحصّن إلى الأبد. هذه هي قواعد العالم الجديد: من لا يبادر، يُعاد تشكيله. من لا يملك مشروعه، يُستَخدم في مشاريع غيره. والسؤال العميق الآن ليس: من معنا ومن ضدنا؟ بل: أين نحن أصلًا من كل هذا؟ وهل بقي في المدينة من «يسعى»؟ المطلوب اليوم ليس مواقف انفعالية، ولا صفقات سياسية جزئية، بل موقف مركّب: عقلاني في فهم التحولات، رباني في بوصلته الأخلاقية، عملي في أدواته وأهدافه. نحتاج لمن يعيد بناء الرؤية، لا لمن يناقش الاصطفاف. نحتاج لصوت يربط بين المبادئ والمصالح، بين الوعي والسياسة، بين القيم والاستراتيجية. نحتاج إلى عودة الإنسان العربي إلى دوره الحضاري، لا كطرف عالق بين القوى، بل كفاعل يرسم حدوده ويقرر خياراته. تمامًا كما فعل الرجل الذي جاء من أقصى المدينة فعلها وحده. لكنه صنع أثرًا، بينما كانت المدينة كلها مجرد صدى لا صوت.