كيف تقرأ الأسواق المالية إشارات الخطر؟
وقد تزامن هذا التصعيد مع وضع اقتصادي عالمي هش، حيث تواجه الاقتصادات الكبرى ضغوطاً من تباطؤ النمو وتراجع ثقة المستهلك، إلى جانب أثر سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لا سيما في ما يتعلق بالرسوم الجمركية وتفاقم العجز المالي.
وسط هذه المشاهد المعقدة، تتباين وجهات النظر حول مدى قدرة الأسواق على امتصاص صدمة تدخل عسكري محتمل وأوسع، فهل ستصمد المؤشرات أمام عاصفة جديدة؟
ما السيناريوهات المحتملة؟
يشير تقرير لـ "رويترز" إلى أن الأسواق المالية ربما تشهد موجة بيع مفاجئة إذا هاجم الجيش الأميركي إيران، مع تحذير خبراء اقتصاديين من أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط قد يلحق الضرر بالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب.
ومع تداول مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية مرتفعة على الرغم من حالة عدم اليقين بشأن سياسة ترامب التجارية ، يخشى بعض المستثمرين من أن الأسهم قد تكون عرضة بشكل خاص لمصادر عدم اليقين العالمي الإضافي.
ونقل التقرير عن الرئيس التنفيذي لشركة هورايزون لخدمات الاستثمار، تشاك كارلسون، قوله إن الأسهم الأميركية قد تشهد انخفاضاً في البداية إذا أمر ترامب الجيش الأميركي بالتدخل بشكل أكبر في الصراع الإسرائيلي الإيراني".
كما قال كبير اقتصاديي السوق في سبارتان كابيتال سيكيوريتيز في نيويورك، بيتر كارديلو: "لا أعتقد شخصياً بأننا سننضم إلى هذه الحرب.. أعتقد بأن ترامب سيبذل قصارى جهده لتجنبها. ولكن إذا لم يكن ذلك ممكناً فسيكون ذلك في البداية سلبيًا على الأسواق". وأضاف: "سيرتفع سعر الذهب بشدة، ومن المرجح أن تنخفض العائدات، ومن المرجح أن يرتفع الدولار".
تغير سلوك المستثمرين
وفي ظل هذه التحذيرات المتزايدة من اضطرابات محتملة في الأسواق، تتجه الأنظار إلى سلوك المستثمرين في مثل هذه الأجواء المضطربة، وهو ما تُسلط عليه الضوء خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، في تصريحاتها لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قائلة:
سلوك المستثمرين يتغير بشكل واضح عندما تستمر الأحداث الجيوسياسية لفترة طويلة.
بمجرد أن يتجاوز الحدث أربعة أو خمسة أيام، أو يمتد لأسبوع، يبدأ المستثمرون في إعادة النظر في استثماراتهم، ثم لا يلبثون أن يعودوا تدريجياً إلى أعمالهم للبحث عن العائد.
إنهم (المستثمرون) لا يحتفظون برؤوس أموالهم دون تشغيل، بل يسعون لتوظيفها واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة؛ لأنه في الأزمات تُصنع الثروات، وكلما زادت المخاطر زاد العائد.
وتضيف: "لهذا السبب تجدهم دائماً يبحثون عن الفرصة الاستثمارية التي تحقق لهم أعلى عائد ممكن، وهم مدركون تماماً أنهم يتحملون مخاطر كبيرة، لكنهم في المقابل يحصلون على عائد مرتفع، وهذا ما يدفعهم للعودة إلى السوق (..) عند عودتهم، يتجهون أولاً نحو الملاذات الآمنة، ثم إلى أسواق المال، لكونها الأكثر سيولة وسهولة في التسييل".
وتشير إلى أن البعض لا يفضل الاستثمارات طويلة الأجل أو تلك التي تتسم بالركود (المستويات السعرية المستقرة)، بل يفضلون الاستثمار قصير إلى متوسط الأجل، مع تغيير مراكزهم بشكل سريع، دون التمركز استثماريًا لفترات طويلة خوفًا من تفاقم الأوضاع.. وهذا ما تعكسه تحركات الأسواق بشكل واضح".
وتوضح رمسيس أن المستثمر اليوم يتابع كل شيء؛ من أخبار أسواق المال والحروب والمناطق الملتهبة بالصراعات، إلى أسعار الفائدة، والتدفقات الاستثمارية، والذهب، وأسعار الأسهم، لتأثيراتها على توجهاتهم ومراكزهم". وتنصح رمسيس المستثمرين بالاحتفاظ بنسبة 25 بالمئة من استثماراتهم في صورة سيولة نقدية، لاقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة.
وتختتم حديثها قائلة: "هناك فرص كثيرة في العديد من الأسواق، ومن ينظر إلى خريطة الاستثمار اليوم سيجد فرصاً واعدة عبر القارات، وليس فقط في منطقة واحدة. لذا، فإن الوقت مناسب لاقتناص هذه الفرص، لأن الأزمات دائماً ما تخلق الفرص الاستثمارية الكبرى".
و فبينما يتفق البعض على أن المستثمرين يعودون تدريجياً إلى السوق بحثاً عن الفرص، يرى آخرون أن حالة الترقب قد تطول إذا تزايدت حدة التصعيد العسكري أو اتسع نطاق الحرب، ما يدفع كثيرين إلى اعتماد نهج أكثر تحفظاً في قراراتهم الاستثمارية، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والطيران والطاقة.
في هذا السياق، يشير محللون إلى أن الأسواق قد لا تستجيب فقط لمدة التوتر، بل أيضاً لطبيعته وموقعه الجغرافي ومدى تورط القوى الكبرى فيه. فإذا ما شعر المستثمرون بأن النزاع يتجه نحو مواجهة أوسع تشمل أطرافاً دولية، فإن موجات البيع قد تتسارع، ويتحول البحث عن "الفرص" إلى حماية رؤوس الأموال عبر الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار، بدلاً من المخاطرة في بيئة تفتقر إلى وضوح الرؤية.
وول ستريت تقيم الأوضاع
بالنسبة لـ "وول ستريت" على سبيل المثال، يشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه "لدى المستثمرين الأميركيين الكثير مما يدعو للقلق في الوقت الراهن"؛ ذلك أن هناك رسوم جمركية وعجز متزايد في الميزانية الفيدرالية؛ ومداهمات لتهريب المهاجرين استهدفت شركات في جميع أنحاء البلاد؛ ومؤخراً، حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران. وبالتالي يشعر المستهلكون بالقلق، وثقة الشركات منخفضة، ومن المتوقع أن تنخفض أرباح الشركات.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الأسهم اتجهت إلى الارتفاع في بعض الفترات. ويبرر التقرير ذلك عدد من العوامل، أهمها:
لقد خفّ القلقُ الشديد الذي أثارته حرب الرئيس ترامب التجارية في أبريل، إذ أجل البيت الأبيض الرسوم الجمركية، وعرض استثناءات، وأشاد بالاتفاقيات مع شركائه التجاريين التي تُشيرُ إلى استعداده للتراجع عن موقفه المتشدد.
إضافةً إلى ذلك، لا تزال بياناتُ التضخم تُظهر أن الرسوم الجمركيةَ لم تؤد بعد إلى ارتفاع حاد في أسعارِ المستهلك.
وبينما يخشى المستثمرون من تأثيرِ عملياتِ الترحيلِ وتخفيضات التوظيف الفيدرالية على سوق العمل، تشير البياناتُ حتى الآن إلى أنَّ الاقتصادَ لا يزالُ صامداً.
توترات غير مسبوقة
يوضح مدير مركز رؤية للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الدكتور بلال شعيب، في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
العالم يشهد في الوقت الراهن موجة غير مسبوقة من التوترات الجيوسياسية والعسكرية، والتي بلغت ذروتها في ظل الأزمات المتعددة التي تشمل الشرق الأوسط، والحرب في أوكرانيا، وتصعيد الحرب التجارية بين القوى الكبرى.
هذه التوترات، سواء في شقها العسكري والاقتصادي، تحمل تبعات خطيرة على الاقتصاد العالمي، الأمر الذي لم يغفله المستثمرون.
الدليل على ذلك هو الارتفاع اللافت في أسعار الذهب ، الذي بلغ مستوى الـ 3400 دولار للأونصة تقريباً، وهو مرشح بقوة لتجاوز 3500 بل وربما 3600 دولار، في قفزات غير مسبوقة.
ويوضح أن هذا الاتجاه يعكس تغيراً واضحاً في سلوك المستثمرين، الذين باتوا يعزفون عن الاستثمار في الأصول الورقية مثل أدوات الدين والأسهم والسندات ، مفضلين اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن في ظل تصاعد حالة عدم اليقين.
ويؤكد أن التوترات الجيوسياسية والعسكرية أثرت بشكل مباشر على قرارات الاستثمار، وأن صناع القرار الاقتصادي حول العالم بدأوا يدركون ضرورة اتخاذ إجراءات تحوطية، من ضمنها التوجه إلى الذهب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 20 دقائق
- سكاي نيوز عربية
كاتس يهدد باغتيال نعيم قاسم والمبعوث الأميركي يحذر حزب الله
أبوظبي - سكاي نيوز عربية هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بلقاء مصير قادة الحزب السابقين. تصريحات كاتس تأتي ردا على تأكيدات نعيم قاسم أن الحزب لن يبقى على الحياد في المواجهة بين إسرائيل وإيران.


صحيفة الخليج
منذ 21 دقائق
- صحيفة الخليج
إسرائيل تقصف بوشهر.. و«الطاقة الذرية» تحذر من كارثة نووية (فيديو)
يواصل الطيران الإسرائيلي استهدافه المواقع العسكرية والنووية الإيرانية، خاصة في طهران و«بوشهر»، حيث أعلنت طهران تفعيل الدفاعات الجوية، في وقت حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن الهجمات الإسرائيلية على المحطة النووية قد تؤدي إلى كارثة إقليمية.وأكدت وسائل إعلام إسرائيلة، شن هجوم جديد على منطقة بوشهر في إيران، الجمعة، بينما أكد الجيش الإسرائيلي استهداف ما وصفه بـ«بنية تحتية عسكرية» في جنوب غرب إيران تتضمن منصات لإطلاق الصواريخ. - كارثة إقليمية وقال الجيش الإسرائيلي ، الخميس، إنه قصف منشأة بوشهر التي بنتها روسيا، لكنه أعلن لاحقاً أن هذا التصريح صدر عن طريق الخطأ. من جهته، حذر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة من أن ضربة إسرائيلية على محطة بوشهر النووية في جنوب إيران قد تؤدي إلى كارثة إقليمية، مضيفاً أنه لم يرصد أي تسرب إشعاعي منذ بدء الحرب. وقال رافايل غروسي أمام مجلس الأمن الدولي: «إنه الموقع النووي في ايران حيث ستكون تداعيات هجوم الأكثر خطورة»، ملاحظاً أن الموقع يضم آلاف الأطنان من المعدات النووية. إطلاق إشعاع وتابع: «أريد أن أوضح بشكل قاطع وكامل أنه في حال وقوع هجوم على محطة بوشهر للطاقة النووية، فإن ضربة مباشرة ستؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة للغاية من النشاط الإشعاعي». وتابع «في شكل مماثل، فان هجوما يتسبب بقطع الخطين الكهربائيين اللذين يغذيان المحطة يمكن أن يؤدي الى ذوبان قلب المفاعل، ما يعني تسرب مستويات كبيرة من الإشعاعات في البيئة» المحيطة. وقال غروسي: «في أسوأ الأحوال، قد يتطلب السيناريوهان اتخاذ تدابير وقائية، مثل إجلاء السكان إلى الملاجئ، أو الحاجة الى تناول مادة اليود، لمسافات تراوح بين بضعة كيلومترات ومئات الكيلومترات». - عواقب وخيمة كما أعرب عن قلقه إزاء مخاطر تنفيذ هجوم على مفاعل الأبحاث في طهران، والذي «قد تكون له عواقب وخيمة، ربما على أقسام كبيرة» من المدينة وسكانها. وأشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران «لم تتسبب في تسرب إشعاعي يؤثر على الناس في هذه المرحلة»، ولكنه نبه الى «خطر حدوث ذلك». كما أكد أن وكالته قادرة على ضمان عمليات تفتيش مستقبلية «محكمة» للبرنامج النووي الإيراني. وقال غروسي: «الحل الدبلوماسي ممكن إذا توافرت الإرادة السياسية. وتمت مناقشة عناصر الاتفاق. ويمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تضمن من خلال نظام تفتيش محكم عدم تطوير أسلحة نووية في إيران». من جهة أخرى، قال أليكسي ليخاتشوف مدير شركة روس آتوم الروسية للطاقة النووية، الجمعة، أن الوضع «طبيعي» وتحت السيطرة في محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران، حيث يعمل المئات من الخبراء الروس. - الانتشار النووي وبوشهر هي المحطة الوحيدة العاملة في إيران لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النووية، وتستخدم وقوداً روسياً تستعيده موسكو، بعد استهلاكه للحد من مخاطر الانتشار النووي. وعندما سئل ليخاتشوف الجمعة عن الوضع في بوشهر، أجاب: «حتى الآن، الوضع تحت السيطرة تماماً، كل شيء طبيعي. مرت الليلة في أجواء من التوتر المعتاد، لكن تحت السيطرة». وأضاف: «نواصل العمل في وضع ما قبل الاستنفار، ونأمل للغاية في وصول كل الإشارات التي بعثنا بها منذ أمس إلى القيادة الإسرائيلية». وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع، إن روسيا لديها ما يصل إلى 600 موظف في بوشهر، 250 منهم موظفون دائمون، بينما يعمل الباقون في مهام مؤقتة. وأضاف أن إسرائيل تعهدت لروسيا بضمان سلامتهم. وحذرت روسيا، التي تربطها علاقات وثيقة بإيران، بشدة من التدخل العسكري الأمريكي إلى جانب إسرائيل في الحرب الجوية التي بدأت قبل أسبوع. وتقول إسرائيل/ إنها بدأت قصف إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفي إيران السعي إليه. وترد إيران على القصف الإسرائيلي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ.


سكاي نيوز عربية
منذ 38 دقائق
- سكاي نيوز عربية
غروسي: الهجوم على محطة بوشهر الإيرانية سيؤدي إلى كارثة نووية
وقال غروسي ، في كلمته أمام مجلس الأمن: "لم يتم رصد إشعاعات نووية من المنشآت الايرانية"، مبرزا "لكن الخطر موجود". وأضاف: "إن تعرضت منشأة بوشهر لهجوم فقد يسبب ذلك تلوثا إشعاعيا واسعا وسيؤدي إلى تبعات كارثية على سكان طهران لاحتوائه على مواد نووية". وتابع: "كما تبقى هناك احتمالية لحصول تلوثات كيميائية وإشعاعية في منشأة نظنز النووية". وأكد غروسي أن الوكالة "تتابع عن كثب أوضاع المنشآت والمرافق النووية الإيرانية في ظل القصف الإسرائيلي". وكشف أنه "تم استهداف البنى التحتية الكهربائية في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في إيران وهناك مبنى لأجهزة الطرد المركزي تضرر بفعل الهجمات الإسرائيلية، كما هناك 4 مبان بموقع أصفهان تضررت". وشدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنه "ينبغي ألا تحدث أبدا أي هجمات على المنشآت النووية". وختم بالقول إن "الحل الدبلوماسي في متناول أيدينا إذا توفرت إرادة سياسية"، مؤكدا "نحن قادرون على ضمان عمليات تفتيش نووية محكمة بموجب أي اتفاق مع إيران".