logo
اعتقال 29 فلسطينيا و9 انتهاكات إسرائيلية في أسبوع بحق المزارعين في الضفة

اعتقال 29 فلسطينيا و9 انتهاكات إسرائيلية في أسبوع بحق المزارعين في الضفة

الجزيرةمنذ 8 ساعات

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، 29 فلسطينيا على الأقل، بينهم 3 نساء وطفلان، خلال مداهمات ليلية نفذتها في مناطق مختلفة بالضفة الغربية المحتلة، مع تكثيف الاعتداءات بحق المزارعين.
ففي نابلس شمالي الضفة اعتقلت قوات إسرائيلية، 8 فلسطينيين بينهم سيدتان، خلال اقتحام قرى برقة شمال غربي المدينة، وحوارة وقريوت جنوبا، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).
وقالت الوكالة إن تلك القوات تعمدت تخريب صرح الشهداء في قرية برقة، وتدمير مجسّم حنظلة (شخصية أصبحت رمزا للهوية الفلسطينية) في وسط القرية، وكتبت شعارات عنصرية فوق أسماء الشهداء هناك.
وفي جنين (شمال)، أفادت وكالة وفا باعتقال فلسطينيين اثنين من قرية "كفر قود" غرب المدينة، بعد دهم وتفتيش منزليهما.
وفي بيت لحم (جنوب)، اعتقل الجيش الإسرائيلي 16 فلسطينيا من مخيم الدهيشة جنوبي المدينة، بعد اقتحامه فجرا ومداهمة عشرات المنازل والتحقيق الميداني مع أكثر من 100 مواطن، بحسب الوكالة الرسمية.
وفي رام الله (وسط)، اعتقلت قوات إسرائيلية الطفلين إبراهيم العابور (15 عاما)، ومحمد جبر شريتح (13 عاما)، بعد مداهمة منزلي ذويهما في بلدة المزرعة الغربية شمال غرب رام الله، بالإضافة إلى الطالبة الجامعية سلام رزق الله، بعد مداهمة منزلها في حي أم الشرايط بالمدينة، حسب الوكالة ذاتها.
انتهاكات ضد المزارعين
هذا، وقد وثق تقرير فلسطيني رسمي 9 انتهاكات ارتكبها الجيش الإسرائيلي ومستوطنون، بحق مزارعين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، خلال الفترة من 12 حتى 19 يونيو/حزيران الجاري.
وأوضح التقرير -الصادر من مركز الاتصال الحكومي، بالتعاون مع وزارة الزراعة وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان- أن الانتهاكات تنوعت بين اعتداءات جسدية وتخريب للممتلكات وإضرام نيران وكتابة شعارات عنصرية.
ولفت إلى أنها تركّزت في محافظات بيت لحم (جنوب)، ورام الله (وسط)، وسلفيت وقلقيلية (شمال)، حيث تم تسجيل 9 حالات انتهاك خلال أسبوع واحد فقط.
وتاليا أبرز هذه الانتهاكات:
في بيت لحم، أكد التقرير أن مستوطنين إسرائيليين أعطبوا إطارات مركبة مزارع فلسطيني وحطموا زجاجها، أثناء وجوده في أرضه الزراعية بمنطقة واد الغويط جنوب بلدة الخضر.
وشهدت رام الله 4 اعتداءات متفرقة، توزعت في بلدات بيتونيا والمغير وأبو فلاح وسنجل، وشملت إضرام النيران في أراض زراعية وممتلكات فلسطينية، وخط شعارات عنصرية وتخريب محاصيل زراعية، وفق المصدر نفسه.
وفي سلفيت، تعرّضت الأراضي الزراعية في منطقة المطوي لتدمير إسرائيلي متعمد، حيث دمّر المستوطنون شبكة ري تخدم أكثر من دونم واحد من الأراضي. كما أتلفوا أرضًا مزروعة بمحصول الملوخية بمساحة مماثلة، بحسب التقرير.
وفي بلدة "كفر ثلث" شرق قلقيلية، بين التقرير الحكومي، أن مستوطنين أجبروا مزارعًا فلسطينيا على مغادرة منزله المحاط بـ500 شجرة تحت تهديد السلاح، وسرقوا خزان ماء سعته 5 أمتار مكعبة من أرض مزروعة بأشجار الزيتون في المنطقة ذاتها.
وتأتي هذه الاعتداءات في إطار سلسلة من الهجمات التي ينفذها الجيش والمستوطنون بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، حيث بلغت خلال شهر مايو/أيار الماضي نحو 1691 اعتداء، بينها 415 ارتكبها مستوطنون، حيث تركزت مجملها في محافظات رام الله والخليل ونابلس، وفق ما أكدته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وتراوحت الاعتداءات، بحسب الهيئة، بين هجمات إسرائيلية مسلحة على قرى فلسطينية، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراض، واقتلاع أشجار، واستيلاء على ممتلكات، وإغلاقات ونصب حواجز تقطع أوصال الضفة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال
تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال

أظهر تقرير أممي بشأن الأطفال أن عام 2024 شهد العدد الأكبر من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة منذ نحو 30 عاما. وأوضح التقرير أن الدول التي شهدت أعلى مستويات الانتهاكات في عام 2024 هي "إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة لا سيما قطاع غزة"، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، ونيجيريا، وهاييتي إلى جانب أرقام عدة تتعلق بالسودان واليمن وسوريا ولبنان. ووفقا للتقرير، فقد تحققت الأمم المتحدة من 41 ألفا و370 انتهاكا جسيما ضد الأطفال في النزاعات المسلحة العام الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ إنشاء ولاية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح في عام 1996. ويمثل هذا زيادة بنسبة 25% مقارنة بعام 2023، ويُشير إلى استمرار التدهور المقلق في حماية الأطفال للعام الثالث على التوالي. وأكد التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الهجمات العشوائية، وتجاهل اتفاقات وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام، وتفاقم الأزمات الإنسانية، مع تجاهل القانون الدولي و حقوق الأطفال ، أضعفت بشدة حماية الأطفال في الأعمال العدائية. والانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال التي يرصدها التقرير هي القتل والتشويه، وتجنيد واستخدام الأطفال، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية. فلسطين وفقا للتقرير، تحققت الأمم المتحدة من 8554 انتهاكا جسيما بحق 2959 طفلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بما فيها 8544 في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية بواقع 3688، وفي قطاع غزة بـ4856، وفق التقرير الذي أدرج للسنة الثانية على التوالي قوات الجيش الإسرائيلي ضمن "القائمة السوداء أو قائمة العار" في تقريره. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن الفزع إزاء شدة الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. وحث إسرائيل على التوقيع على خطة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء ومنع قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات. كما دعا فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة إلى "إطلاق سراح جميع الرهائن دون قيد أو شرط، أحياء كانوا أم أمواتا". السودان واليمن تحققت الأمم المتحدة هناك من وقوع 2041 انتهاكا جسيما ضد 1882 طفلا (1081 صبيا، و564 فتاة، و237 طفلا)، فضلا عن 127 انتهاكا وقعت في السنوات السابقة. وسجل التقرير قتل 752 طفلا وتشويه 987 آخرين في العام الماضي. وعبّر الأمين العام عن القلق البالغ إزاء تزايد عدد الانتهاكات الجسيمة في السودان، لا سيما القتل والتشويه، والعنف الجنسي، والهجمات على المدارس والمستشفيات. وحث جميع الأطراف على اتخاذ تدابير لإنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك الامتناع عن استخدام الذخائر المتفجرة، داعيا جميع الأطراف إلى تسريح جميع الأطفال من صفوفها. وفي اليمن، أفاد التقرير بتحقق الأمم المتحدة من 583 انتهاكا جسيما ضد 504 أطفال و204 انتهاكات جسيمة وقعت في السنوات السابقة. كما حث الأمين العام، في التقرير، الأطراف على الانخراط في الاستعدادات لاستئناف عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة، بما في ذلك أحكام حماية الطفل. سوريا ولبنان ويفيد التقرير بأن الأمم المتحدة تحققت من نحو 1300 انتهاك جسيم ضد 1205 أطفال و64 انتهاكا وقعت خلال السنوات السابقة في سوريا. وأكد الأمين العام الأمم المتحدة ضرورة وجود عملية سياسية شاملة تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015، وأن تُدرج فيها الأحكام المتعلقة بحقوق الطفل. أما في لبنان، فتحقق التقرير من وقوع 669 انتهاكا جسيما ضد 628 طفلا في لبنان، إذ أعرب الأمين العام عن القلق إزاء ازدياد عدد الأطفال القتلى والجرحى، والأثر المدمر على الرعاية الصحية. وحث إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ووقف الهجمات التي تؤثر على المدنيين، بمن فيهم الأطفال، والهجمات على المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى. ودعا حزب الله وجميع أطراف النزاع الأخرى إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وفق التقرير الذي استعرضه موقع "أخبار الأمم المتحدة". وسجل التقرير -الذي جاء في 40 صفحة ويغطي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول من عام 2024– انتهاكات في دول أخرى منها جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال ونيجيريا وهاييتي وموزمبيق وإثيوبيا، وأوكرانيا.

مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي
مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي

تواجه الضفة الغربية أزمة نقدية حادة ناجمة عن تراكم عملة الشيكل داخل الجهاز المصرفي الفلسطيني، حيث يُقدّر الفائض المتكدّس بأكثر من القدرة الاستيعابية للبنوك المحلية، مما يعرّضها لمخاطر أمنية واقتصادية متزايدة. وتعود جذور الأزمة إلى سنوات مضت، إلا أنها تفاقمت بشكل غير مسبوق منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتُعد هذه الأزمة امتدادا لسياسات الاحتلال الاقتصادية العقابية، المتمثلة في رفض بنك إسرائيل استلام الفائض من الشيكل، رغم أن هذه العملة صادرة عن سلطته، ويقع عليه قانونيا امتصاصها. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها سلطة النقد الفلسطينية، والتي تمثلت في تشجيع الدفع الإلكتروني وتوسيع شبكة نقاط البيع وتوجيه البنوك للتعاون مع القطاعات الحيوية، إلا أن ردود الفعل الشعبية على هذه الإجراءات جاءت سلبية؛ فقد وصف العديد من المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي هذه المحاولات بأنها حلول ترقيعية تُحمّل المواطن عبئا إضافيا دون معالجة جوهرية للمشكلة. وفي هذا الإطار، علّق الصحفي الفلسطيني المختص بالشأن الاقتصادي محمد خبيصة عبر صفحته على "فيسبوك"، معتبرا أن الأسوأ في هذه القضية هو تماهي بنك إسرائيل وسلطة النقد الفلسطينية في موقف الضحية، رغم أن المسؤولية القانونية تقع على عاتق بنك إسرائيل، بصفته الجهة المصدرة للعملة. وأشار خبيصة إلى أن بنك إسرائيل يزعم أن حجم الشيكل المتداول في السوق الفلسطينية أكبر بكثير من التقديرات الرسمية، ويُرجع ذلك إلى تهرب ضريبي وتسريب عملات من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية، مما دفعه إلى التشبث برفض استلام أي كميات تفوق الحصة المحددة بـ4.5 مليارات شيكل كل 3 أشهر. وأوضح أن من مهام سلطة النقد إصدار تقرير شهري حول "المعروض النقدي" لرصد الخلل واتخاذ إجراءات مبكرة، لكنه تساءل عن كيفية اتفاق معظم البنوك الفلسطينية فجأة على فرض سقوف على الإيداعات بالشيكل، وكأن الجهاز المصرفي فوجئ بأزمة تشكّلت بين ليلة وضحاها. وأكد أن البنوك كانت طرفا رئيسيا في صناعة الأزمة، ثم نصّبت نفسها ضحية لها. وفي سياق متصل، يجمع عدد من النشطاء الفلسطينيين على أن الأزمة ليست طارئة، بل هي نتاج تراكمات مستمرة منذ أكثر من 6 سنوات، حيث بلغ حجم الشيكل المتراكم آنذاك ما بين 5 إلى 6 مليارات، ليتجاوز اليوم 13 مليار شيكل، دون وجود آليات فعالة للتصريف. ويرى آخرون أن الحلول المطروحة حاليا، تتم على حساب المواطن، بينما تغضّ السلطة الطرف عن أرباح البنوك الضخمة التي لم تلعب دورا حقيقيا في التنمية المستدامة، بل اكتفت بجني الأرباح من خلال الفوائد. وفيما يتعلق بالتبريرات الرسمية، انتقد نشطاء ما وصفوه بـ"الخطاب المضلل"، الذي يُرجع الأزمة لأسباب مثل أجور العمال أو ضعف التحول الرقمي، رغم أن البيانات الرسمية تشير إلى انخفاض عدد العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل والمستوطنات بنسبة 86% بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما يُسقط أحد أبرز مبررات السلطة. وكما أشار البعض إلى ظهور ملامح سوق سوداء للشيكل، خصوصا بعد تحديد سقف التعاملات النقدية داخل إسرائيل بـ11 ألف شيكل، ما أدى إلى تسريب كميات كبيرة من العملة إلى الضفة الغربية عبر وسطاء ومكاتب صرافة. ويرى مدوّنون أن ما يجري لا يُختزل في مسألة "نقص سيولة"، بل هو أزمة بنيوية تتعلق باستخدام الشيكل كأداة هيمنة اقتصادية وسياسية، حيث يتم التحكم بالتدفقات النقدية لتجويف الاقتصاد الفلسطيني. فمع غياب عملة وطنية مستقلة، وتجميد قدرة النظام المصرفي على تدوير الشيكل، تحوّلت هذه العملة من وسيط تبادل إلى أداة للعقاب الجماعي. وعبّر مغرّدون عن رفضهم لتسويق الأزمة على أنها مجرد تحول رقمي، مؤكدين أن الرقمنة هنا ليست حلا حقيقيا، بل واجهة حضارية تُخفي أزمة تتعلق بالسيادة النقدية والاقتصادية؛ فالتحول إلى الدفع الإلكتروني أو تشجيع استخدام "الفيزا" لا يعالج أصل المشكلة، بل يغطّي اختلالات جوهرية. وتساءلوا: هل من المنطقي أن تستمر البنوك الكبرى في تحقيق أرباح سنوية ضخمة، بينما يتحمّل المواطن نتائج أزمة تُدار بحلول سطحية؟ وفي سياق متصل، أصدر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قرارا قبل عدة أيام بإلغاء إعفاء يتيح التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، ردا على ما وصفه بـ"حملة نزع الشرعية" التي تشنها السلطة الفلسطينية على إسرائيل في المحافل الدولية. وكان هذا الإعفاء يسمح للبنوك الإسرائيلية بمعالجة مدفوعات الشيكل مقابل خدمات ورواتب مرتبطة بالسلطة الفلسطينية دون التعرض لخطر اتهامها بتمويل التطرف أو غسل الأموال؛ وبدون هذا الإعفاء، فإن البنوك الفلسطينية مهددة بالعزل الكامل عن النظام المالي الإسرائيلي.

مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة
مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة بغزة لكن طلابي أصبحوا ملائكة

في شهادة مؤلمة كتبتها الفلسطينية نور أبو عيشة، ونشرها موقع "موندويس" الأميركي، تسرد نور تجربتها الشخصية خلال مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة النصر بمدينة غزة، والتي كانت قد تحولت إلى ملجأ للأطفال والعائلات خلال الحرب. في أواخر مايو/أيار الماضي، وخلال مجزرة مدرسة الجرجاوي، قصفت قوات الاحتلال الصهيوني صفوف الخيام والملاجئ في ساحات المدرسة. احترق الناس أحياء، وشاهد العالم ذلك يُبث أمامه. وكانت الطفلة ورد الشيخ خليل، ذات الخمسة أعوام، تركض بين جثث عائلتها المحترقة، وتخرج من بين ألسنة اللهب. جوع وجثث وتساءلت أبو عيشة: "ماذا اقترفت هذه الطفلة حتى تُترك لتهيم على وجهها ببطن خاوية؟ في ليالٍ يخيّم فيها الجوع، وتحيط بها الجثث وروائح الدم؟ كيف ستروي أعظم كارثة في حياتها؟ كيف يمكن لطفلة أن تخبر العالم أن الاحتلال لم يكتفِ بحرمانها من عائلتها، بل أحرقهم أحياء، جائعين وأبرياء، بلا سبب؟ هل يوجد طفل على وجه هذه الأرض شهد ما رأته هذه الصغيرة؟". واستمرت أبو عيشة تحكي: عند مشاهدتي للقطات مجزرة الجرجاوي، تذكّرتُ ما عايشته بنفسي في مدرسة أخرى تحولت إلى ملجأ. كنت أعمل متطوعة في مدرسة النصر، أدرّس اللغة الإنجليزية وأرفّه عن الأطفال. وخصصتُ إحدى الحصص للدعم النفسي، لأمنحهم فرصة للحديث والتنفيس. الأكثر تهميشا هؤلاء الأطفال من أكثر الفئات تهميشا في غزة، لا أحد يسمعهم أو يعبأ بأحلامهم ومخاوفهم. نشؤوا في ملاجئ مذلّة، ينتظرون في طوابير الطعام، ويبحثون عن الحطب لتكسيره وإشعاله، أو يصطفّون من أجل كوب ماء. سألتهم واحدا تلو الآخر عما يريدون أن يصبحوا حين يكبرون. توقعت أن أسمع إجابات مثل: "أريد أن أصبح مهندسا"، لكن ردودهم كانت مفجعة، لا تشبه أحلام أطفال العالم. قالت لي الطفلة آية الدلو، وعمرها 5 سنوات: "عندما أكبر، سآكل رزا فيه كثير من اللحم". إعلان حطّمني هذا الجواب. ليس ذنب الأطفال أن أعظم أمنياتهم هي فقط أن يعيشوا، ليأكلوا اللحم، وينتهي الجوع. في أغسطس/آب 2024، كانت شمال غزة مفصولة تماما عن جنوبها، ولم يكن هناك أي لحم في الشمال. يحلمون بأكل اللحم وأصدرت قوات الاحتلال الصهيوني رسالة لدعم خطة التهجير: "من أراد الطعام، فليذهب إلى جنوب الوادي بسلام". وبقيت الأمهات في الشمال، بينما يتحدث أطفالهن عن اللحم وكأنه حلم بعيد. ابن أخي، عمر، وكان عمره 3 سنوات، رأى السردين لأول مرة بعد عام ونصف من الحرب، وأشار إلى السمكة قائلا: "هذه أفعى". هل يوجد طفل في هذا العالم لا يعرف شكل السمك؟ أو حتى الفاكهة؟ في الرابع من أغسطس/آب 2024، وبعد أن أنهيت عملي التطوعي، خرجت من الفصل إلى حديقة مدرسة النصر. كنت أستحضر في ذهني ألحان بليغ حمدي، أهرب إلى الموسيقى حين تعجز اللغة عن التعبير. رأيت طلابي يلعبون في الحديقة. ناديتهم قائلة: "هيا، يا طلاب، عودوا إلى أهلكم. انتهت الحصة". لكنهم توسّلوا: "رجاءً، أستاذة، دعينا نلعب قليلا". تطايرت أجسادهم في الهواء بعد 5 دقائق فقط، سمعت صوت صاروخ يصيب المبنى المجاور مباشرة للحديقة. لا يزال ذلك الصوت يتردد في أذني حتى الآن. في تلك اللحظة، سقطتُ أرضا، وصرخت. ثم صرخت مجددا، وأنا أتحسس جسدي، أتحقق من ذراعيّ وساقيّ، خائفة من أن أكون قد فقدت شيئا منها. عندما سقط الصاروخ، تحوّل المكان إلى ضباب كثيف. لم أكن أرى شيئا، ولا حتى طلابي. بعضهم، طارت أجسادهم الصغيرة الهشة، في الهواء. وبعضهم الآخر نجا لأنه غادر المدرسة قبل القصف بلحظات. بدأت الإدارة تصرخ: "اخرجوا، وانظروا من ما زال حيا ومن مات!". وقفتُ وركضتُ. وجهي شاحب من الصدمة، وجسدي منهك، وروحي مذعورة. وصل عمي بسيارته ليأخذني إلى عائلتي. وفي طريقنا توقفنا عند المستشفى، وأخذنا معنا بعض المصابين، بينهم بنات ممرضة كانت تعمل في المدرسة. لم نخبرهن أن والدتهن ما زالت تحت الأنقاض. نجت بأعجوبة وبعد أكثر من شهرين من نجاتي من مجزرة مدرسة النصر، وجدت الشجاعة لأعود إلى المكان الذي كدتُ أفقد فيه حياتي. لم أصدق أنني كنتُ على بعد 600 متر فقط من موقع سقوط الصاروخ ونجوت. حتى مديرة المدرسة قالت لي: "يا نور، كيف كنتِ بهذا القرب من الصاروخ ونجوتِ، بينما مات طلاب كانوا أبعد؟ إنه حقا معجزة". هل نجوتُ لكي أروي لكم ما حدث في تلك اللحظات؟ في ذلك اليوم، رأيت طالبي نور الدين مقداد، الذي فقد عائلته كلها في قصف المدرسة. كان قد خرج لشراء شيء، ولم يعلم أن لا أحد سيكون في انتظاره عند عودته. كانت عائلته تأكل وجبتها الأخيرة. أتذكّر كيف كانت والدته تقول لي: "نور الدين تلميذ ذكي، لكنه عنيد وصعب. معلموه كانوا صبورين معه. الحرب غيّرته". بعد القصف، أمضى نور الدين أسابيع وهو يعانق قبور أمه وأبيه وإخوته. ماذا سيفعل الآن؟ لقد سرقت منه كل شيء… وبات وحيدا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store