
كيف تتحرر من قيود الحسد وتعيش بسلام؟
قلب الحاسد لا يعرف الفرح بخير يصيب النَّاس، ويُضمر الألم والغضب كلَّما رأى غيره في رخاء أو رفعة، ويتعدَّى ذلك إلى تمنِّي زواله عنهم، أو أن تحلَّ بهم المصائب والنكبات، حتَّى ولو لم ينله منها نفعٌ أو خير؛ وهذه الحالة تعكس خللًا أخلاقيًّا عميقًا، وانفصامًا بين قلب الإنسان وفطرته...
بين صراعات النَّفس وتقلبات المشاعر، يطلُّ الحسد كأحد أشدِّ الأمراض القلبيَّة فتكًا بطمأنينة الإنسان وسكينته؛ فهو شعور مرير ينشأ حين تضيق النفوس بما قسمه الله (تعالى) لغيرها، فيفسد العلاقات، ويطفئ نور القلب، ويجعل صاحبه غريبًا وفقيرًا، حتَّى وإن كان غارقًا في النِّعم.
لكن هل يمكن التَّخلص من هذا الشعور الثَّقيل؟
وهل يستطيع الإنسان أن يتحرَّر من قيده ليعيش بسلام مع نفسه ومع الآخرين؟
في هذا الموضوع، نغوص في أعماق النَّفس لنفهم طبيعة الحسد، وجذوره، وآثاره، ثمَّ نرشد الخطى إلى طريق الخلاص منه، عبر تقوية الإيمان، وتزكية النَّفس، وتغيير زاوية النَّظر إلى الحياة والنَّاس؛ إنَّها رحلة نحو قلب أنقى، ونفسٍ مطمئنة، وحياة يغمرها الرضا، خالية من المقارنات السامَّة التي تسرق راحة البال.
المحور الأوَّل: تعريف الحسد وصفات الحاسد.
الحسد لغةً: "يقالُ: حَسَدهُ الشَّيء، وعليهِ يحسدُه، ويَحسُدُه حَسَدًا، وحُسُودًا وحَسادةً، وحَسَده: تمنَّى أن تتَحوَّلَ إليه نعمتُه وفضيلتُه..."(1).
وأمَّا اصطلاحًا، فإنَّ الحسد: "حالة نفسيَّة يتمنَّى صاحبها سلب الكمال والنِّعمة التي عند الآخرين سواء أكان يملكها أم لا، وسواء أرادها لنفسه أم لم يردها"، وهذا يختلف عن الغبطة؛ لأنَّ صاحب الغبطة يريد النِّعمة التي توجد لدى الآخرين، أن تكون لنفسه، من دون أن يتمنَّى زوالها عن الآخرين(2).
إنَّ التمييز بين الحسد والغبطة ينبع من تأمل دقيق في موقف الإنسان النَّفسي تجاه النعم التي يغدقها الله (تعالى) على غيره من عباده؛ فطبيعة تفاعل النَّفس البشريَّة مع تلك النعم تكشف لنا عن معدنها، وعمق إيمانها، ونقائها من أمراض القلوب.
ولتقريب الصورة وتيسير الفهم، يمكننا تصنيف موقف الإنسان عند رؤيته لنعم الله (سبحانه) التي أفاض بها على الآخرين إلى حالتينِ أساسيتينِ:
الحالة الأولى: أن يشعر بانقباض في صدره، وضيق في قلبه عند رؤيته للنعمة في يد غيره، فلا يطيق أن يراها تُسعد غيره؛ ويضمر في نفسه أمنية خبيثة بزوالها عنهم، سواء حصل عليها هو أم لم يحصل.
الحالة الثَّانية: لا يجد المرء في نفسه ضيقًا من نعمة أنعمَ الله (عزَّ وجلَّ) بها على غيره، ويفرح بها أو يقبلها على الأقل، ولكنَّه في الوقت نفسه يتمنَّى أن يُكرمه الله (تعالى) بمثلها، من دون أن تزول تلك النعمة عن صاحبها. وهذا الشعور النبيل يُعرف بالغبطة، وهو دليل على صفاء القلب، وسمو النفس، وحسن الظنِّ بالله (سبحانه)؛ فالغبطة طموح مشروع، مكلَّل بالدعاء والأمل، منزَّه عن الحقد والعداوة. وهكذا، يتبيَّن الفرق بين الحسد والغبطة في نيَّة الإنسان وتمنيه؛ فالحاسد يريد زوال النِّعمة عن الآخرين، والغبوط يريد لنفسه مثل ما للآخرين من دون أن ينقص من حظهم شيءٌ.
- صفات الحاسد:
من يتأمَّل في أحاديث الرسول الأعظم محمَّد (صلَّى الله عليه وآاله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، ويغوص في كلماتهم النورانيَّة، يجد أنَّ الحسد مرضٌ قلبي خطير له آثار مدمرة على الفرد والمجتمع. وقد رسمت النصوص الشريفة ملامح دقيقة لشخصيَّة الإنسان الحاسد، وكشفت عن صفاته الجوهريَّة التي تجعله موضع تحذير وتنفير؛ ومن هذه الصفات:
1ـ أوَّل ما يكشفه الحسد من صفات صاحبه، أنَّه ساخط على الله (سبحانه وتعالى)، غير راضٍ بقضائه وقدَره، كأنَّما يُعرض بوجهه عن تقديرات الخالق، ويعترض على حكمته في توزيع الأرزاق والمنح؛ فالحاسد يرى في النِّعمة التي أنعمَ الله (تعالى) بها على غيره تقصيرًا في عطائه، وكأنَّ لسان حاله يقول:
لماذا ليس لي مثلهم؟
ولماذا أعطوا من هو دوني؟
وقد جاءت هذه الحقيقة واضحة في الحديث الشريف عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ، لَاتَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلى مَا آتَيْتُهُمْ مِنْ فَضْلِي، وَلَاتَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ذلِكَ، وَلَاتُتْبِعْهُ نَفْسَكَ؛ فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي، صَادٌّ لِقَسْمِيَ الَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي، وَمَنْ يَكُ كَذلِكَ، فَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنِّي"(3).
ومن يتدبر في هذا الحديث سيكتشف أنَّه يحمل تحذيرًا شديدًا، يكشف خطورة الحسد على العقيدة؛ فالحسد موقف اعتراضي على الإرادة الإلهيَّة، ورفض ضمني لما اختاره الله (تعالى) لعباده من أرزاق وأقدار، ومن بلغ هذا المستوى من السخط، فإنَّه قد انسلخ من جوهر العبوديَّة؛ لأنَّ العبد الصادق يرضى بكلِّ ما يقدِّره مولاه له ولغيره، ولا يعترض عليه.
2ـ الحاسد يتمنَّى السوء لغيره؛ لأنَّهم ارتقوا منزلة، أو أكرمهم الله (تعالى) بفضل من فضله. كما أنَّ قلب الحاسد لا يعرف الفرح بخير يصيب النَّاس، ويُضمر الألم والغضب كلَّما رأى غيره في رخاء أو رفعة، ويتعدَّى ذلك إلى تمنِّي زواله عنهم، أو أن تحلَّ بهم المصائب والنكبات، حتَّى ولو لم ينله منها نفعٌ أو خير؛ وهذه الحالة تعكس خللًا أخلاقيًّا عميقًا، وانفصامًا بين قلب الإنسان وفطرته السَّليمة التي تميل إلى الرَّحمة والعطاء؛ ولذلك يُعدّ الحسد من أشدِّ الرذائل الأخلاقية فتكًا؛ لأنَّه يجعل الإنسان يتقرَّب إلى الشَّر ويبتعد عن الرَّحمة، ويحرّك فيه نوازع الكراهية والتشفي، حتَّى لو كان ذلك في الخفاء.
إنَّ من يتمنَّى السوء للناس، يفسد قلبه، وتظلم بصيرته، ويعيش في قلق دائم؛ إذ كلُّ نعمة لغيره تصبح بالنسبة له جرحًا لا يندمل؛ فهو في صراع داخلي لا ينتهي، ولا يهدأ له بال إلَّا إذا رأى من كان سعيدًا في كرب، ومن كان مكرَّمًا في ذلّ، ومن كان غنيًا في فقر.
"ينقل التَّاريخ أنَّ الحجاج استدعى رجلين أحدهما أناني حسود، والآخر بخيل وقال لهما: ليطلب كلٌّ منكما طلبه فإنِّي أعطيه ما طلب، وأعطي صاحبه ضعف طلبته؛ فلو أنّ أحدكم طلب (1000) دينار أعطي صاحبه (2000) دينار، فليبدأ أحدكما بالطلب فدبَّ التَّردد في نفسيهما إلى أن تقدَّم الأناني وقال: أطلب أن تفقأ عيني اليسرى، فقال الحجاج لماذا؟
فردَّ الأناني الحسود: لكي تعطي صاحبي ضعف ما تعطيني فتفقأ عينيه.
فقال الحجاج: ما رأيت طلبة إلَّا هذه الطلبة؟
لماذا لم تطلب مالًا أو منصبًا حتَّى تستفيد منه؟
فقال الأناني: والله أن تفقأ عيني أهون عليَّ من أن أرى صاحبي يأخذ ضعفين، وأنا آخذ نصف ما أخذ"(4).
3ـ من الصفات الخطيرة التي تكشف عن جوهر الحاسد؛ أنَّه منافق في باطنه، مريض في قلبه، وهي صفة أشار إليها الإمام الصادق (عليه السلام) بوضوح في حديثه الشريف: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْبِطُ وَلَايَحْسُدُ، وَالْمُنَافِقَ يَحْسُدُ وَلَا يَغْبِطُ"(5). وإذا دققت في الحديث ستلاحظ أنَّ الإمام (عليه السلام) يضع معيارًا دقيقًا لتمييز صفاء الإيمان من خبث النفاق؛ فالمؤمن، بقلبه النقي ونفسه السَّليمة، إذا رأى نعمة على أحد من النَّاس، تمنَّى لنفسه مثلها من دون أن يكره وجودها لدى صاحبها، وهذا هو معنى الغبطة، وهو شعور مشرّف لا يحمل ضغينة ولا حقدًا، ويدلُّ على طموح مشروع ونيَّة طاهرة.
أمَّا المنافق، فباطنه مملوء بالحقد والغل، ولا يستطيع أن يرى نعمة عند غيره إلَّا وتحركت فيه نوازع الحسد. وهو لا يعرف معنى الغبطة؛ لأنَّ قلبه لا يفرح لخير يصيب النَّاس، ويتألم حين يراهم في عزٍّ أو نجاح أو نعيم؛ لذا قال الإمام الصادق (عليه السلام) بعبارة فاصلة: "والمنافق يحسد، ولا يغبط"؛ لأنَّ الحسد وليد القلوب المظلمة، وهي صفة لا تخرج إلَّا من قلب المنافق.
4ـ الحاسد أسير للدنيا، مولع بزخارفها، شديد التعلُّق بشهواتها ومظاهرها الخادعة؛ فهو لا ينظر إلى النعم بعين الشكر أو بعين الاعتبار، ولكن ينظر بعين الغيرة والتنافس، وكأنَّ الدنيا ساحة صراع يجب أن لا يتفوق عليه فيها أحد. وقد عبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه النفسيَّة المريضة أبلغ تعبير بقوله: "الْحَاسِدُ لَا يَشْفِيهِ إِلَّا زَوَالُ النِّعْمَةِ"(6).
أي أنَّ الحاسد لا يهدأ له بال، ولا تطمئن نفسه، ولا يبرد غيظه، إلَّا إذا رأى النِّعمة قد ارتحلت عن صاحبها، وكأنَّ وجودها في يد غيره عارٌ عليه أو تهديدٌ لمكانته. فهو لا يرضى بأن تُقسم الدنيا على الناس بعدل، ويريدها حكرًا عليه، ولا يتقبل أن يشاركه أحد في جاه أو مال أو علم أو قبول اجتماعي.
ومن هنا، فإنّ الحسد في حقيقته مرآة تُظهر عبودية القلب للدنيا، وانغماسه في التنافس المادي السطحي؛ إذ تتحوّل النعم إلى سبب للعداوة لا للمحبَّة، وللتحاسد لا للتعاون؛ فالحاسد لا يسعى للارتقاء بنفسه؛ وإنَّما يتمنَّى أن ينخفض الآخرون ليشعر بالعلو، وهذه نظرة ضيقة لا يعرفها القلب الزاهد، الراضي، المطمئن بما قسم الله (تعالى).
5ـ من الصفات العجيبة التي تميز الحاسد وتدل على اضطرابه، أنه أسيرٌ لخوف دائم، وحزن مستمر، يتمحوران حول من يحسده، لا حول نفسه أو آخرتـه؛ فالحاسد لا يهنأ بعيشه، ولا يطمئن في سكينته؛ لأنَّ عينيه دائمًا شاخصتان إلى ما عند النَّاس، لا إلى ما بين يديه، وكلَّما زادت نعم الله (تعالى) على غيره، ازداد قلقه، وتضاعف حزنه، واشتعلت نار الحسد في قلبه؛ فهو في حالة مراقبة مَرَضيَّة دائمة للمحسود:
هل ازداد ماله؟
وهل نجح في أمره؟
وهل نال مدحًا أو منزلة؟
فإن رأى شيئًا من ذلك، اضطرب قلبه، واكتأب صدره، وساورته مشاعر الغضب والحسرة. وهكذا يصبح قلبه حلبة صراع لا يهدأ فيها الحزن، ولا يسكن فيها الخوف؛ لأنَّه يخشى أن يتفوق عليه غيره، أو أن يُكرم أحد سواه.
وعلى النقيض تمامًا، نجد قلب المؤمن، الذي لا يخاف إلَّا من الله (تعالى)، ولا يحزن إلَّا بين يديه، مطمئنًا بقضائه، راضيًا بقدره، يعلم أنَّ الأرزاق بيد الله (تعالى)، وأنَّ فضل الله (سبحانه) واسع، يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء لحكمة يعلمها.
6ـ الغضب على العطاء الإلهي؛ وهذا ما يكشف عنه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله "الْحَسُودُ غَضْبَانُ عَلَى الْقَدَرِ"(7)؛ فالحاسد يغضب على القسمة الإلهية ذاتها، ويعترض – بلسان حاله إن لم يكن بمقاله – على ما كتبه الله (تعالى) من أرزاق، فيكون بذلك جاحدًا لفضل الله (تعالى)، أعمى البصيرة، لا يرى في النِّعم آيات للرحمة والكرم، وإنَّما يراها تمييزًا وظلمًا، والعياذ بالله (سبحانه).
المحور الثَّاني: أسباب الحسد ومراتبه.
- أسباب الحسد:
لقد بيّن العلماء – رضوان الله عليهم – أنَّ الحسد له جذور وأسباب تنمو في باطن النفس حتَّى تستحكم، وتتحوَّل إلى هذا المرض الأخلاقي الخطير؛ ومن أبرز هؤلاء العلماء الذين فصَّلوا القول في هذا الباب، العلَّامة المجلسي (رضوان الله عليه)، فقد حصر أسباب الحسد في سبعة أصول(8)؛ تمثِّل كل واحدة منها خللًا عميقًا في البناء الأخلاقي للإنسان.
الأوَّل: العداوة والبغضاء.
إذا وُجدت العداوة بين شخصين، نشأ معها الحسد بشكل تلقائي؛ فالبغض يُنتج تمني الضرر، ولا شيء يُؤلم العدو في نظر الحاسد مثل أن يُكرم الله (تعالى) غريمه بنعمة. وكلَّما ازدادت نعمته، ازداد قلب عدوه غيظًا وكمدًا. وهذا النوع من الحسد لا يخرج إلَّا من نفس لا تعرف التسامح، ولم تتربَّ على الصفح وصفاء القلب.
اقتلني!!
ينقل المحدث الشيخ عباس القمي (رحمة الله عليه)، قصَّة عن الحسد مجملها:
"كان أحد النَّاس يحسد جاره كثيرًا، حتَّى وصل به الحال إلى أن يعمل أعمالًا غريبة وعجيبة، بحيث أنَّه في أحد الأيَّام، قال لعبده: إنَّ لي عليك فضلًا كثيرًا، وهل جزاء الإحسان إلَّا الإحسان، وإني أطلب منك طلبًا مهمًا، وأريد منك أن تنفذه.
فقال له العبد: ما هو طلبك وسأنفذه؟
قال له الحسود: سوف نذهب إلى سطح الجيران، فاذبحني هناك، وبعد ذلك سوف يطلع النَّاس على أنني قتلت، ويتهمون جارنا بقتلي ويقتلونه قصاصًا!!
في البداية رفض العبد أمر سيِّده، ولكن إصرار المولى على عبده جعله يوافق، فقتل سيِّده كما أمره، وبعد ذلك عرف النَّاس بأنَّ فلانًا قُتل، وجثته وجدت في بيت الجيران، فجاءت الشرطة، وألقت القبض على الجار بتهمة القتل، ولكن قبل أن ينفّذ القصاص، جاء العبد، واعترف بكلِّ ما حدث.
فأطلق سراح الشَّخص الذي أراد الحاسد الإيقاع به!
فكانت النتيجة أن قتل الحسود، دون أن يحقق شيئًاً من أمانيه الخبيثة، فخسر نفسه في الدُّنيا والآخرة(9).
الثَّاني: التعزُّز.
بعض الناس يرون أنَّ عزّهم ومكانتهم لا تكتمل إلَّا بأن يكونوا في مرتبة أعلى من غيرهم؛ وإن رأوا أحدًا يتقدَّم، أو يُكرَم، أو يُمدح، شعروا بأنَّ ذلك يُنقص من قدرهم، واهتزّ توازنهم النَّفسي. فتراهم يغارون؛ لأنَّهم يرون أنفسهم أحقّ بها من الآخرين. وهذه النفسيَّة لا تنشأ إلَّا من ضعف التوكل، وغياب الرضا بما قسم الله (تعالى).
الثَّالث: الكِبر.
يرى المتكبر أي فضل على غيره هو إهانة له، وكلَّ رفعة لغيره خفضًا لمقامه؛ لذا فإنَّ الكبر والحسد توأمان لا يفترقان.
الرَّابع: العُجب بالنفس.
إذا أُعجب الإنسان بنفسه، واستعظم أعماله أو مكانته، ورأى أنَّه لا يستحق أحدٌ غيره ما يُعطى من الخير، أصبح حسودًا من حيث لا يشعر؛ فالعجب يجعل الإنسان يرى نفسه فوق النَّاس، ومن ثمَّ لا يحتمل أن يشاركوه في الخير، فضلًا عن أن يتقدَّموا عليه.
الخامس: الخوف من فوات المقاصد.
وهو أن يخاف الإنسان أن تؤثِّر نعمة غيره على مصالحه؛ كأن يُعيَّن زميله في منصب كان يتمنَّاه، أو يُفضَّل غيره عليه في أمرٍ ما، فيتمنَّى زوال النعمة خوفًا على مكاسبه الخاصَّة؛ وهذا الحسد أقرب إلى الطبع التجاري في العلاقات، حيث تُقاس الأمور بالمصالح لا بالحقِّ والعدل.
السَّادس: حبُّ الرياسة والدُّنيا.
من كان قلبه متعلقًا بالدُّنيا، ويلهث وراء الرئاسة والمقام، لا يقوى على رؤية غيره في موضع التقدير أو السيادة؛ لأنَّ ذلك يُهدد طموحه، ويعكِّر عليه استحواذه؛ فكلُّ ظهور لغيره تهديدٌ لمكانته، فيتحوَّل ذلك التهديد إلى حسد دفين، يزداد كلَّما ازداد المحسود إشراقًا.
السَّابع: خبث الطينة أو النَّفس.
وهو أخطر الأسباب؛ لأنَّ صاحبه لا يحتاج إلى مبرر ظاهر للحسد؛ بل يحسد لمجرَّد أن يرى الخير عند غيره، ولو لم يكن بينه وبينه أي عداوة أو تمايز. فطبعه منحرف، ونفسه مظلمة، لا تُطيق أن ترى أحدًا في نعمة، سواء كانت دنيويَّة أو معنويَّة. وهذا النَّوع من الحسد عميق الجذور، لا يزول إلَّا بجهاد طويل للنفس، وتربيَّة إيمانيَّة مكثفة.
- مراتب الحسد:
المرتبة الأولى: أسوأ مراتب الحسد هو أن يتمنَّى الإنسان زوال نعمة الآخرين، من دون أن يعود عليه ذلك بأيّ نفع أو فائدة شخصيَّة. وفي هذه الدرجة المظلمة من الحسد، ينطلق الحاسد إلى مرحلة أعمق من الضغينة؛ حيث يطلب زوال النعمة عن المحسود، حتَّى لو لم يحصل هو عليها أو يستفيد منها بأي شكل.
إنِّه تمني شؤم غير مُبرّر، يهدف إلى خراب الذات والآخرين معًا؛ إذ يُطفئ نور الرضا، ويُشعل نار الحقد، ويدفع صاحبه إلى الانحراف عن طريق الخير، إلى دروب الظلام والضياع.
المرتبة الثَّانية: أن يتمنَّى الإنسان زوال نعمة الآخرين، مع أن تكون هذه النعمة تعود عليه هو بنفس القدر أو حتَّى تفوقها، كما لو تمنَّى زوال بيت شخص معيَّن ليصبح هو مالك ذلك البيت، وفي هذه الدرجة، يتمنَّى الحاسد بأن تزول النِّعمة عن غيره، ويطمح لأن يحلّ محل المحسود، وينتقل إليه الفضل ذاته أو أكثر منه.
وهذا النوع من الحسد يُعبِّر عن طمع شديد وجشع قلب، واحتكار الأنعم لا يُرضيه إلَّا لنفسه، وهو خبيث بطبيعته؛ لأنَّ صاحبه يرغب في الاستحواذ عليه، ويُظهر رغبة غير مشروعة في انتزاع ما هو حق للآخرين.
وقد نصَّت الشريعة وحذَّرت من هذه المرتبة؛ إذ يُعتبر هذا الحسد من الكبائر التي تفسد الإيمان، وتقود الإنسان إلى الحقد والبغضاء، وإلى مشاعر قاتلة تقتل روح المحبَّة والتآلف بين النَّاس؛ وليس ثمَّة شك في خبث هذه المرتبة من الحسد وفي حرمتها؛ إذ يقول الله (تبارك وتعالى): (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (10).
المرتبة الثَّالثة: أن يتمنَّى الإنسان زوال النِّعمة عن صاحبها، ليكون في مستوى واحد من الحرمان مع المحسود؛ إذ يشعر بالعجز عن الوصول إلى مثلها أو كسبها بأي طريقة شرعيَّة، وهذا الحسد ينم عن حالة من الاستسلام للهزيمة النفسيَّة، فبدل أن يسعى بجد واجتهاد لتحصيل النعمة أو تحسين وضعه، يفضِّل أن يُطفئ نورها لدى غيره، ليشعر بالراحة في مستواه أو بمستوى المحسود.
وإذا توفرت له الوسيلة، فقد يتحوَّل هذا الشعور إلى سلوك فعلي، يدفعه للسعي في إزالة النِّعمة عن صاحبها، سواء بالسعي للحط من مكانته، أو الإضرار به، أو أي طريقة تفضي إلى نقصان خيره. وهذه المرتبة من الحسد هي انحدار خطير في الأخلاق والقيم؛ لأنَّ الإنسان ينخرط في أعمال قد تضر بالآخرين، وتزرع الفتن بين النَّاس.
المرتبة الرَّابعة: تكاد تكون هذه المرتبة مكافئة للمرتبة السَّابقة من حيث طبيعة الشعور بالحسد، إلَّا أنَّ الفارق الأساسي فيها هو أن صاحبها، على الرغم من وجود ميول قويَّة نحو زوال نعمة الآخرين، يتمسَّك برادع الدِّين والعقل، فلا يلجأ إلى الوسائل التي تؤدِّي إلى ذلك الزوال، ولا يرضى عن هذه الميول الشريرة التي تجتاح قلبه، ويوبِّخ نفسه ويعنفها على تلك الأهواء الدفينة، ويغضب من حالته النفسيَّة التي تجعل الحسد يسكن قلبه.
فهو على الرَّغم من سقوطه في زلزال الحسد؛ لكنَّه لا يستكين له، ولا يستسلم له، ويدفعه استشعاره بخطره وغضبه عليه إلى التوبة والرجوع إلى الله (تعالى).
وينبغي التنبه بحذر شديد إلى أنَّ النفس إذا ابتُليت بأدنى مراتب الحسد، وهي المرتبة الرَّابعة، ولم يجد فيها رادعًا يمنعه من الانزلاق، فإنَّها معرضة لخطر السقوط التدريجي إلى أسوأ وأشد مراتب الحسد، وهي المرتبة الأولى؛ فالاستسلام لتلك الميول الشريرة من دون مقاومة بداية زحف الظلام على القلب، حيث تتعاظم الكراهية وتزداد الرغبة في زوال نعمة الآخرين بلا هوادة أو تمييز.
وعند وصول النَّفس إلى تلك الدرجة المتقدِّمة من الحسد، يصبح علاج هذا المرض النَّفسي والروحي أمرًا بالغ الصعوبة، إذ تتجذر في القلب أمراض القسوة والغل، ويتضاءل فيها نور الإيمان والرَّحمة، ممَّا يجعل التحرر من هذا البلاء يحتاج إلى جهد نفسي عميق، ودعاء مستمر، وعمل صالح متواصل، ويمكن أن يجره إلى ارتكاب الجرائم وسفك الدماء.
التاجر والقروي
ينقل في كتب التاريخ، أنَّ تاجرًا كان يذهب إلى إحدى القرى المجاورة لمدينته، ويشتري منهم الدجاج والبيض، وفي أحد الأيَّام، أخذ التاجر معه مبلغًا كبيرًا؛ ليعطيه إلى أحد القرويين، وكان هذا الأخير يملك حقلًا، يبيع فيه الدجاج والبيض، فأعطاه النقود، وطلب منه أن يرسل له الدجاج والبيض إلى مكانه في المدينة، وحيث وصل ليلًا أراد أن ينام في بيت القروي، وفي الصباح يرجع إلى مدينته.
فهيأ القروي للتاجر غرفة لكي ينام فيها، وعندما رجع القروي إلى زوجته، أخذ الشيطان يوسوس لهما بقتل التاجر، وأخذ أمواله، دون أن يرسلا الدجاج والبيض فقررا أن يقتلاه، ويدفناه في بيتهما.
ولكن التاجر لم يستطع النوم في تلك الليلة، وفجأة ألقى بنظرة إلى الخارج، فرأى القروي وزوجته يحفرون قبرًا في وسط الدار، فخاف من الأمر كثيرًا، وأوجس ريبة من عملهما، فخرج من الغرفة بهدوء، وذهب إلى حظيرة الحيوانات، وأخفى نفسه بين الأغنام والبقر التي كان القروي يمتلكها.
وبعد فترة، جاء ابن القروي، وكان مسافرًا خارج المنزل، ودخل البيت وذهب على رسله إلى غرفة الضيوف فرأى فراشًا معدًا ومهيئًا للنوم، فاستلقى فيه؛ لكي ينام ويستريح.
وبعد ما أكمل القروي وزوجته حفر القبر، جاءا إلى غرفة الضيوف لقتل التاجر، فأخذ القروي سكينًا، وطعن الشخص النائم في الفراش فقتله، وكلُّ ظنه أنَّه التاجر، ولكن بعد أن انتبه إلى الجثة، وعرف أنَّها لولده فلم تقو رجلاه على حمله، فعض أصبع الندم ولات ساعة مندم، ودفن ابنه في الحفرة التي أعدها للتاجر، وعند منتصف الليل، خرج التاجر سرًا من مخبئه، وهرب نحو المدينة، وعندما وصل، أخبر الشرطة بتفاصيل الحادث، فجاءت الشرطة، وألقت القبض على القروي، وأخذت الأموال التي استلمها وأعادتها للتاجر، وبهذا العمل خسر القروي نفسه وولده، وماله، وسمعته، وسمعة عائلته، هذا في الدنيا، أمَّا جزاء الآخرة فأعظم وأشد، وكان كلُّ ذلك بفعل الحسد الذي أجج نار الطمع في قلبه، وقاده إلى هذا العمل الجنوني(11).
المحور الثَّالث: مفاسد الحسد.
إنَّ من أعظم ما عانته البشريَّة عبر تاريخها من مآسٍ ونكبات وصراعات، كان الحسد هو الجذر الخفي والدَّافع الأوَّل لكثير من تلك الفتن والمعاصي؛ فقد شهد أوَّل التاريخ الإنساني أبشع جريمة؛ حين قتل قابيل أخاه هابيل (عليه السلام)، لا لذنبٍ ارتكبه؛ وإنَّما حسدًا منه على قربه من الله (تعالى) وقبول قربانه، فكانت دماء البراءة أوَّل ما سُفك على الأرض بدافع الحسد والغيرة.
وقبل ذلك، تجلَّى الحسد في أعتى صوره عندما أبى إبليس أن يسجد لآدم (عليه السلام) استكبارًا وحسدًا؛ إذ رأى نفسه أرفع مقامًا وأسمى منزلة، فاستكبر وأعرض عن أمر الله (عزَّ وجلَّ)، فسقط من علياء القرب الإلهي إلى دركات الطرد واللعن، وأصبح عدوًا مبينًا لبني آدم إلى يوم الدِّين.
وهذا الحسد ذاته لم يكن حبيس التاريخ، وظلَّ يتكرر بأشكال شتَّى في واقع البشر، حيث نرى اليوم كيف يتحوَّل الحسد الكامن في القلوب إلى نزاعات مريرة، وصراعات مؤلمة، ووإراقة دماء. فكم من كلمة بدأت باختلاف، ثمَّ ما لبثت أن تحوّلت إلى عداوة وبغضاء؛ لأنَّ الحسد يُعمي البصيرة، ويُفسد المروءة، ويجرُّ صاحبه إلى مهاوي الظلم والبغي.
ويبلغ الحسد ذروته المظلمة حين نفتح صفحات التاريخ ونرى ما جرى على أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، من ظلم عظيم ومأساة موجعة، فقد غُصبت حقوقهم وحاولوا إطفاء أنوارهم؛ لا لشيء إلَّا لأنَّهم أهل الفضل والعلم والطهارة، فكان الحسد لما أولاهم الله (تعالى) من مكانة وكرامة، سببًا في شنِّ الحروب عليهم وقتل رجالهم وسبي نسائهم. إنَّهم صفوة الخلق وأئمة الحق، لكن القلوب التي أعماها الحسد لم تحتمل نورهم، فهاجمتهم بكل ضغائنها، منذ الهجوم على بيت مولاتنا الزهراء (عليها السلام) وتتابعت حتَّى وصلت إلى واقعة كربلاء الدَّامية، حيث قُتل الإمام الحسين (عليه السلام) عطشانًا مظلومًا، إلى سجون الأئمة وتضييقهم ومحاولات طمس ذكرهم، وكلُّ ذلك لم يكن إلَّا حسدًا على ما آتاهم الله (سبحانه) من فضله.
إنَّ الحسد داءٌ قديم؛ لكنه لا يزال حيًّا في القلوب التي لم تُنقَّ من الأحقاد، وهو السبب في الكثير من الكوارث الإنسانيَّة، وما لم تُزكَّى النفوس وتُطَهَّر القلوب، فإنَّ سيرة هابيل ستتكرر بأشكال جديدة، وسيبقى الظلم حاضرًا ما دام الحسد مستبطنًا في الأرواح.
إن الحسد وباء يفسد العلاقات ويزرع الفتن بين النَّاس، ويُبعدهم عن روح الإخوة والمحبَّة التي دعا إليها الإسلام، وإليك بعض أضرار الحسد:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أَخْوَفُ ما أَخافُ عَلى أُمَّتي أَنْ يَكْثُرَ لَهُمُ المالُ فَيَتَحاسَدونَ وَيَقْتَتِلونَ"(12). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "الْحَسَدُ شَرُّ الْأَمْرَاضِ"(13). وعنه (عليه السلام): "الْحَسُودُ كَثِيرُ الْحَسَرَاتِ مُتَضَاعِفُ السَّيِّئَاتِ"(14). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "الْحَاسِدُ مُضِرٌّ بِنَفْسِهِ قَبْلَ انْ يَضُرَّ بِالَمحْسُودِ، كَابْلِيسِ اورِثَ بِحَسَدِهِ بِنَفْسِهِ اللَّعْنَةُ، وَلِآدَمَ عليه السلام الْاجْتِبَاءُ وَالْهُدَى"(15). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "ثَمَرَةُ الْحَسَدِ شَقَاءُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"(16).
تلميذ الفضيل بن عياض
روي أنَّ للفضيل بن عياض تلميذ يعدُّ أعلم تلامذته، وذات يوم مرض التِّلميذ... واشتدَّ مرضه... ووصل به الأمر إلى الفزع والاحتضار.
وجاء الفضيل فجلس عند رأسه وأخذ يقرأ سورة يس... فإذا بذلك التِّلميذ المحتضر يقول له: لا تقرأ هذه السورة.
واستجاب الأستاذ، وتوقف عن القراءة.. وقال لتلميذه: قل لا إله إلَّا الله. فقال التِّلميذ: لا أقولها؛ لأني أكرهها -والعياذ بالله- ثمَّ مات على هذه الحال... فعجب الفضيل من ذلك، ومضى إلى منزله، ولم يخرج منه، وفي الليل رأى تلميذه في المنام وهو سحب إلى جهنم.
فقال له الفضيل: كنت أعلم تلامذتي فماذا جرى حتَّى سلبك الله المعرفة، وختم لك بسوء العاقبة؟
قال سبب ذلك ثلاثة أمور:
الأوَّل: إنِّي كنت نمامًا.
الثَّاني: إنِّي كنت حسودًا.
الثَّالث: إنِّي كنت أشرب الخمر، وذلك بسبب مرض كان في، وقد أوصاني الطَّبيب بشرب قدح من الخمر في كلِّ عام وقال: إن لم تشرب فلا شفاء لعلتك، هذه الأمور الثَّلاثة كانت السبب في سوء عاقبتي(17).
المحور الرَّابع: علاج الحسد.
العلاج الأوَّل: العلاج العلمي؛ وهو أساس لا غنى عنه في رحلة التحرر من هذا المرض القلبي الخطير؛ ويقوم هذا العلاج على الفهم العميق للحسد بكلِّ جوانبه: أنواعه وصفاته وأسبابه، وقد تطرقنا إلى ذلك سابقًا بتفصيل.
فمعرفة الإنسان لطبيعة الحسد، وكيف ينشأ ويتسلل إلى النَّفس، تمكِّنه من كشف مكامن الضعف التي تسمح لهذا الداء بالتمدد داخل القلب. كما أنَّ إدراك الفوارق الجوهريَّة بين الحسد والغبطة يفتح أمام النَّفس أبواب الرضا والسرور بنعم الله (تعالى) على الآخرين، ويبدد ظلام الحقد والمرارة.
وهذا الفهم العلمي المتين هو القاعدة التي يُبنى عليها علاج النفس، ويُصقل بها سلاح الوعي، ليصبح الإنسان قادرًا على محاربة جذور الحسد، وتثبيت نفسه على درب المحبَّة والقبول والرضا، ممَّا يجعل هذا العلاج حجر الأساس في أي مسعى نحو تصحيح النفس وتنقيتها من أمراض القلب، وإذا تحقق ذلك حاز الخير في الدُّنيا والآخرة؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "تَعَجَّلَ إِلَى رَبِّهِ مُوسَى فَرَأَى عَبْدًا فَغَبَطَهُ بِمَنْزِلَتِهِ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَالَ: "يَا رَبِّ، مَنْ عَبْدُكَ هَذَا؟
فَقَالَ: إِذًا سَنُخْبِرُكَ مِنْ عَمَلِهِ بِثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَحْسِدُ نَاسًا عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَكَانَ لَا يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ، وَكَانَ لَا يُعَقُّ وَالِدَيْهِ، فَقَالَ مُوسَى: وَهَلْ يُعَقُّ الْعَبْدُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسْتَسِبُّ لَهُمَا"(18).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَن تَرَكَ الحَسَدَ كانَت لَهُ المَحَبَّةُ عِندَ النّاسِ"(19).
وعنه (عليه السلام):
إِذَا مَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا --- حَيَاةً حُلْوَةَ الْمَحْيَا
فَلَا تَحْسُدْ وَلَا تَبْخَلْ --- وَلَا تَحْرِصْ عَلَى الدُّنْيَا(20).
ومن ضمن العلاجات العلميَّة التي تُعدُّ من أهم وسائل الشفاء؛ أن يعمِّق الإنسان إيمانه ويثبت يقينه التَّام بالله (تعالى)، وأن يوقن يقينًا لا شكَّ فيه أن لا إرادة فوق إرادة الله (سبحانه وتعالى). وهذا الإيمان الراسخ هو الدرع الحصين الذي يحمي القلب من شرور الحسد، إذ يُذكّر الإنسان بأنَّ كلَّ ما يصيبه أو يراه من نعم في الآخرين هو قدر الله (تعالى) المكتوب بحكمته ومشيئته، وأنَّ هذه النعم ليست منقوصة لمن ينالها، ولا تزول بغير إرادة الرحمن (سبحانه). وحين يتغلغل هذا اليقين في النفس، تتبدد بذور الحسد التي تنمو من الجهل والقلق والخوف من فقدان النعم، ويحل مكانها الاطمئنان والرضا، ويصبح الإنسان مطمئنًا إلى عدل الله (سبحانه) وحكمته، فلا يغتر بما لدى غيره، ولا يأسى على ما فاته، ويزداد تعلقًا بالخالق، وثقة بأنَّ ما عنده كافٍ. وهكذا يصبح الإيمان واليقين سببًا فعالًا في طرد الشكوك والحسد، ويقود النَّفس إلى مسيرة صفاء الروح، وراحة البال، وسلام القلب، فيصبح الحسد مرضًا من الماضي لا تأثير له على حاضر الإنسان ومستقبله؛ قال (تعالى): (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(21).
العلاج الثَّاني: العلاج العملي؛ وهو الجانب الظاهر الذي ينعكس على البدن والسلوك الخارجي للإنسان؛ ومن هذه الأعمال:
1ـ إظهار المحبَّة للمحسود بدافع علاج هذا المرض.
فهو سلاح قوي ومؤثِّر في مواجهة سموم الحسد ودوائه الحقيقي. وعندما ينبع هذا الحب من القلب، من دون رياء أو تصنع، فإنَّه يكسر جدار الكراهيَّة والحقد الذي يغلف النَّفس، ويبدد ظلال الغيرة والضغينة. والمحبَّة هنا هي فعل واضح يظهر في القول والفعل، وفي الدعم والاحترام، وفي الدعاء الصادق والخير المتبادل.
ومن وظائف هذه المحبَّة أنَّها تُعيد ترتيب المشاعر في القلب، فتزرع بذور التسامح والرضا، وتفتح باب الصفاء والطمأنينة، وبدلًا من أن يتحوَّل القلب إلى مرآة تعكس سلبيَّة الحسد، يصبح فضاءً رحبًا للسعادة المشتركة، حيث يجد الإنسان لذة فرح غير أناني بنجاح الآخرين ونعمهم، ممَّا يقوّي الروح ويطهر النفس.
2ـ العمل خلاف النَّفس إذا دعتك إلى الحسد.
من أهم خطوات العلاج العملي أيضًا أن يُجاهد الإنسان نفسه ويعمل خلاف ما تدعوه إليه مشاعره السلبيَّة من حسد وبغض؛ فعندما تهب النَّفس بما يميل إلى الحسد أو الضغينة تجاه الآخرين، يكون الواجب هو مقاومة هذه النزعات بكلِّ إرادة وعزم، وأن يختار الإنسان طريق الفضيلة والرَّحمة بدلًا من الانجراف خلف مشاعر السوء. والعمل خلاف النفس يعني الانتصار على الذات، والتزام قيم التسامح، حتَّى لو كان القلب يختلج بأحاسيس معاكسة؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ثلاثة لا ينجو منهن أحدٌ: الظَّنُّ، والطيَّرةُ، والحَسَدُ، وسأحدثكم بالمخرجِ من ذلكَ، إذا ظننت فلا تُحقَّق، ووإذا تَطَيَّرت فامضِ، وإذا حسدْتَ فلا تبغِ"(22).
3ـ احترام المحسود والدعاء له.
من أسمى وأعمق مظاهر العلاج العملي للحسد أن يغمرك القلب بالرَّحمة تجاه المحسود، فتشعر تجاهه بمودة صادقة واحترام عميق، وتجله في مقامه وكرامته. وحين تترحم على الآخر تمتد تلك الرَّحمة لتشمل تفهم حاله، والتخفيف من أحكام النَّفس القاسية التي قد تدفع إلى الحسد، فتُبدل ذلك الشعور بطيب الذكر والدعاء الصادق بأن ينعم الله (تعالى) عليه بالبركة والزيادة. وهذا الفعل الإنساني النبيل يحرر المحسود من سطوة الحسد، ويطهر نفس المحسود أيضًا ويُشعر القلب بسعة ورحمة لا تحد، ويُضيء درب المحبَّة بين النَّاس.
4ـ اعرض أعمال المحسود الصَّالحة على نفسك، وعلى الآخرين.
فتذكر دائمًا أن هذا الشخص ليس إلَّا عبدًا من عباد الله (تعالى)، قد أنعم الله (تعالى) عليه برحمته وفضله.
وهذه التذكرة تُبعد عن القلب غبار الحسد، وتزرع مكانه شعورًا بالاحترام والتقدير لفضل الله (تعالى)، وتُذكر الإنسان بأنَّ النعم هي قدر إلهي مشكور يُحسن فيه العبد الظنَّ بالخالق (تعالى). وبذلك يتحوَّل موقفك من المحسود من موقف منافسة وحسد إلى موقف تقدير ورحمة، ويُصبح قلبك أكثر سعة وقبولًا لما قسمه الله (سبحانه)، ممَّا يُسهّل عليك تجاوز مشاعر الغيرة وتحويلها إلى طاقة إيجابيَّة تنعكس على حياتك وسلوكك.
5ـ أن يدعو المبتلى بهذا المرض أن يزيلها منه.
لأن بذرة الحسد إن لم تعالج فإنَّها ستصبح مهلكة للإنسان؛ فالحسد كبذرة صغيرة، إذا لم تُنتزع في بداياتها، تنمو وتتكاثر حتَّى تصبح شجرة مهيمنة تظلل كلَّ جوانب النَّفس، وتؤدِّي إلى هلاك الإنسان نفسيًّا واجتماعيًّا. والدعاء هنا هو صرخة القلب، واستغاثة النفس إلى خالقها (سبحانه)، الذي بيده النفع والضر، والقدرة على شفاء كلِّ الأمراض مهما بلغت شدتها. وببركة الدعاء، وبإخلاص التوبة، وبإرادة التغيير، يُمكن للإنسان أن يستعيد صفاء قلبه، ويُزيح عن نفسه ظلال الحسد التي تعكر سكينته، ليصبح أكثر قربًا من الله (تعالى)، وأكثر سعادة وسلامًا في حياته.
إنَّ الحسد مرض عميق يستوجب منَّا الوعي الكامل والعلاج الجذري. والانتصار على هذا الداء يبدأ بمعرفة أسبابه وصفاته، ثمَّ يتبعها جهد مستمر في تنقية النفس وتطهير القلب من شوائبه. وبالاعتماد على العلم والعمل، يصبح الطريق إلى الشفاء واضحًا وممهدًا، لننتقل من ظلام الحسد إلى نور الغبطة والمحبَّة الصادقة.
شفاء من مرض خطير!
قال: علمت اليوم أني شوفيت من مرض الحسد تمامًا وتمكنت من السَّيطرة على هواي، وتلجيمه بعد فترة صعبة من المجاهدة، والتَّرويض المستمر(23).
فلنجعل من أنفسنا بيوتًا للأمل والرضا، ومن قلوبنا منارات للسلام، نعيش بها حياة تملؤها الطمأنينة والسَّعادة الحقيقيَّة، محصنين أنفسنا وأوطاننا من سموم الحسد ومآسيه.
نسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يرزقنا صدق التوبة، وصفاء القلوب، وأن يجعلنا من الذين يغبطون ولا يحسدون.
.....................................
الهوامش:
1. القاموس المحيط:ج1، ص298.
2. ينظر جامع السعادات:ج٢، ص١٤٨.
3. الكافي (دار الحديث):ج٣، ص748.
4. الأخلاق والآداب الإسلاميَّة: ص207.
5. الكافي (دار الحديث): ج٣، ص749.
6. غرر الحكم ودرر الكلم: ص79.
7. المصدر نفسه: ص68.
8. ينظر بحار الأنوار: ج٧٠، ص٢٤٠.
9. لا للحسد: ص20.
10. سورة النساء/ الآية:32.
11. لا للحسد: ص11.
12. نزهة النواظر وتنبيه الخواطر: ج1، ص115.
13. غرر الحكم ودرر الحكم: ص127.
14. المصدر نفسه: ص130.
15. مصباح الشريعة: ص104.
16. غرر الحكم ودرر الكلم: ص115.
17. منازل الآخرة: ص24.
18. الجامع في الحديث: ص173.
19. بحار الأنوار: ج74، ص238.
20. ديوان الإمام علي (عليه السلام): ص27.
21. سورة الأنعام/ الآية: 17.
22. نزهة النواظر وتنبيه الخواطر: ج1، ص115.
23. قصص وخواطر: ص198.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
دعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق .. أقوى 10 كلمات للفرج وانشراح الصدر
دعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق دعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق لعله من أكثر الأدعية التي يبحث عنها كل مكروب، والدعاء عبادة عظيمة، ويستحب الإكثار من ترديد دعاء فك الكرب وأن يلح في الدعاء إلى الله تعالى، ويلجأ إلى دعاء الفرج دائما كل مَنْ يعاني الكرب والهّم والغم والدَيْن، وعلى من يصاب بـ الكرب والضيق أن يصلي ركعتين، ثم يقول وأفوض أمري إلى الله، وترديد دعاء الفرج والكرب الذي ردده سيدنا يونس عليه السلام: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ». دعاء فك الكرب الشديد 10 كلمات نبوية الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو الله تعالى لصرف السوء، قائلًا: «اللهم اصرف عني السوء بما شئت وأنى شئت وكيف شئت»، فيقال 7 مرات فيصرف عنه السوء بإذن الله. دعاء فك الكرب ورد دعاء ثابت في حديث نبوي يقال عندالكرب الشديد، ويستحب ترديد دعاء فك الكرب صباحًا ومساءً، وروي عن أبي بكر رضي الله عنه، أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». (رواه أحمد وأبو داود). وينصح العلماء مَنْ يعاني الكرب والهّم والغم والدَيْن، بصلاة ركعتين، ثم قول وأفوض أمري إلى الله، وترديد دعاء سيدنا يونس عليه السلام: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»،استدلالًا بما روي عنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ». أدعية تريح القلب الدعاء كله خير، ومن الأدعية الدينية الجميلة التي تريح القلب: 1- (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا). 2- (ما قال عبدٌ قطُّ إذا أصابه هَمٌّ أو حُزْنٌ: اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ، ابنُ عبدِكَ، ابنُ أَمَتِكَ، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ، أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو أنزَلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمْتَه أحَدًا مِن خَلْقِكَ، أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ، أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ بصَري، وجِلاءَ حُزْني، وذَهابَ همِّي، إلَّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا). 3- (اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كما أثْنَيْتَ علَى نَفْسِكَ). 4- رُوي عن أبي بن كعب - رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسولَ اللهِ، إني أُكثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ فقال: ما شئتَ، قلت: الربعَ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلت: فالثُّلُثَيْنِ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: أجعلُ لك صلاتي كلَّها؟ قال: إذًا تُكْفَى همَّك، ويُكَفَّرُ لك ذنبَك). 5- (اللهمَّ اقسمْ لنا من خشيتِك ما يحولُ بيننا وبين معاصيكَ، ومن طاعتِك ما تبلغُنا به جنتَك، ومن اليقينِ ما يهونُ علينا مصيباتِ الدنيا، ومتعنَا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أحييتَنا، واجعلْه الوارثَ منا، واجعلْ ثأرنا على منْ ظلمَنا، وانصرْنا على منْ عادانا، ولا تجعلْ مصيبَتنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمِنا، ولا تسلطْ علينا منْ لا يرحمُنا). 6- (اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا، كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ). 7- رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، كانَ يَتَعَوَّذُ مِن سُوءِ القَضَاءِ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ، وَمِنْ شَمَاتَةِ الأعْدَاءِ، وَمِنْ جَهْدِ البَلَاءِ). دعاء الكرب حديث صحيح وردت في السنة أدعية كثيرة لتفريج الهم والحزن والكرب، ومن هذه الأحاديث:- قوله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم لأسماء بنت عميس -رضي الله عنها-: «ألا أعلِّمُكِ كلِماتٍ تَقولينَهُنَّ عندَ الكَربِ أو في الكَربِ؟ اللَّهُ اللَّهُ ربِّي لا أشرِكُ بِهِ شيئًا). - و كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يدعو عند الكرب: «لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ».- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « دَعْوةُ ذي النُّونِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فإنَّها لم يَدْعُ بها مُسلمٌ ربَّه في شيءٍ قَطُّ إلَّا استَجابَ له». دعاء فك الكرب روي عن أبي بكر رضي الله عنه، أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». (رواه أحمد وأبو داود)وينصحالعلماء مَنْ يعاني الكرب والهّم والغم والدَيْن، بصلاة ركعتين، ثم قول وأفوض أمري إلى الله، وترديد دعاء سيدنا يونس عليه السلام: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»،استدلالًا بما روي عنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ». دعاء الفرج والتيسير مَنْ يعاني الكرب والهّم والغم والدَيْن، فعليه أن يردد «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم» ومن أصابه كرب وهم وغم عليه أن يردد بدعاء: «اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت». وهناك الكثير من الأدعية فى فك الكرب والهم وهى «لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ». دعاء الفرج والتيسير دعاء الفرج، روي عنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ». دعاء الفرج مجرب و مكتوب "اللهم إني استغفرك من كل ذنب، قوي عليه بدني بعافيتك، أو نالته يدي بفضل نعمتك، أو بسطت إليه يدي بسابغ رزقك، أو اتكلت فيه، عند خوفي منه، على أناتك، أو وثقت فيه بحلمك، أو عولت فيه على كرم عفوك، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب خنت فيه أمانتي، أو بخست فيه نفسي، أو قدمت فيه لذتي، أو آثرت فيه شهوتي، أو سعيت فيه لغيري، أو استغويت فيه من تبعني، أو غلبت فيه بفضل حيلتي، أو أحلت فيه عليك يا مولاي، فلم تؤاخذني على فعلي، إذ كنت سبحانك، كارها لمعصيتي، لكن سبق علمك في باختياري، واستعمالي مرادي وإيثاري، فحملت عني، لم تدخلني فيه جبرا، ولم تحملني عليه قهرا، ولم تظلمني شيئا، يا أرحم الراحمين، يا صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي ويا حافظي عند غربتي، يا وليي في نعمتي، ويا كاشف كربتي، ويا سامع دعوتي، ويا راحم عبرتي، ويا مقيل عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق، يا رجائي في الضيق، يا مولاي الشفيق، ويا رب البيت العتيق، أخرجني من حلق المضيق، إلى سعة الطريق، وفرج من عندك قريب وثيق، واكشف عني كل شدة وضيق، واكفني ما أطيق وما لا أطيق، اللهم فرج عني كل هم وكرب، وأخرجني من كل غم وحزن، يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيب دعوة المضطر، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها، صل على خيرتك محمد النبي، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وفرج عني ما ضاق به صدري، وعيل معه صبري، وقلت فيه حيلتي، وضعفت له قوتي، يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية، يا أرحم الراحمين، وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم". دعاء فك الكرب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لها منزلة عظيمة وعندما يجعل الإنسان الحصة العظمى من ذكره فى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تحصل له الهداية والكفاية والوقاية. يستحب المواظبة على هذا الذكر وهو الصلاة على النبي بنية تفريج الكرب والهم أو بنية قضاء شيء معين وبإذن الله سيحصل على ما يريد وليس هناك صيغة محددة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-فجميع الصيغ مشروعة. أدعية الفرج والتيسير اللهم أزح من قلبي كل خوف يسكنني، وكل ضعف يكسرني، وكل أمر يبكيني، وافتح لي أبوابي المغلقة. اللهم فوضت امري كله، فجمّله خيرا بما شئت، واجعلني يا رب ممن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته. اللهم إني توكلت عليك فأعنّي، ووفقني، واجبر خاطري، جبرا أنت وليّه. يا رب، أدعوك بعزتك وجلالك، أن لا تصعّب لي حاجة، ولا تعظم علي أمراً، ولا تحنِ لي قامة، ولا تفضح لي سراً، ولا تكسر لي ظهراً. اللهم لا تجعل ابتلائي في جسدي، ولا في مالي، ولا في أهلي، وسهّل علي ما استثقلته نفسي. دعاء الفرج للزواج اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك أن تفرج كرب زوجي، وتيسر لي أموره، وتوسع له رزقه يا كريم فإنك قادر على كل شيء. اللهم اكفي زوجي بحلالك عن حرامك، وأغنه بفضلك عمن سواك. اللهم سخر لزوجي رزقه، واعصمه من الحرص والتعب في طلبه، ومن شغل الهم ومن الذل للخلق، اللهم يسر له رزقًا حلالًا وعجّل له به يا نعم المجيب. اللهُمَّ ربّي، إنّي أسألك لي ولزوجي من الخير كلّه؛ عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشرّ كلّه؛ عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. اللّهم إن كان رزق زوجي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدًا فقرّبه وإن كان قريبًا فيسّره، وإن كان قليلًا فكثّره، وإن كان كثيرًا فبارك له فيه. دعاء الفرج والهم اللهم أخرجني من الضيق إلى الفرج ورحابة الفرح، يا سابغ النِعم، ويا دافع النِقم، ويا فارج الغَم، ويا كاشف الظُلم، ويا أعدل من حَكَم، ويا حسيب من ظَلَم، ويا أول بلا بداية، ويا آخِر بلا نهاية، اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً. ربي لا تكلني إلى أحد، ولا تحوجني إلا أحد، وأغنني عن كل أحد، يا من إليه المستند، وعليه المعتمد، وهو الواحد الفرد الصمد، لا شريك له ولا ولد، خذ بيدي من الضلال إلا الرشد، ونجني من كل ضيق ونكد. إلهي عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الأرضُ، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، واَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ والرَّخاءِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اُولِي الأمْرِ الَّذينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنا فَرَجاً عاجِلاً قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ يا أرحم الراحمين. دعاء الفرج السريع اللهم إني أسألك سلامًا ما بعده كدر، ورضى ما بعده سخط، وفرحًا ما بعده حزن للهم املأ قلبي بكلّ ما فيه الخير لي اللهم اجعل طريقي مسهلًا وأيامي القادمة أفضل من سابقاتها. أدعوك يا إلهي دعاء من اشتدت به فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء الملهوف المكروب الذي لا يجد كشف ما نزل به إلا منك فرج عني ما أهمني، وتولى أمري بلُطفك، وتداركني برحمتك وكرمك، إنك على كل شيء قدير. اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء اللهم اكشف عني وعن كل المسلمين كل شدة وضيق وكرب اللهم أسألك فرجًا قريبًا، وكف عني ما أطيق، وما لا أطيق اللهم فرج عني وعن كل المسلمين كل هم وغم، وأخرجني والمسلمين من كل كرب وحزن. أدعية زيادة الرزق اللَّهمَّ اكفِني بحلالِك عن حرامِك واغنِني بفضلِك عمَّن سواك). (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ والهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ) . (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتهِِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأوََّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ). (اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ ، وتذِلُّ مَن تشاءُ ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ . رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما ، تعطيهما من تشاءُ ، وتمنعُ منهما من تشاءُ ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك). (اللهمَّ إني عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أَمَتِك ناصيتي بيدِك ماضٍ فيَّ حكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابِك أو علَّمتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزْني وذَهابَ هَمِّي). (دَعَواتُ المَكروبِ: اللَّهمَّ رَحمَتَكَ أرْجو، فلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفةَ عَيْنٍ، أصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ). (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ). روي عن أبيّ بن كعب أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ذهب ثُلُثَا الليلِ قام فقال يا أيُّها الناسُ اذكُروا اللهَ اذكروا اللهَ جاءتِ الراجفةُ تَتْبَعُها الرادِفَةُ جاء الموتُ بما فيه جاء الموتُ بما فيه قال أُبَيٌّ قلْتُ يا رسولَ اللهِ إِنَّي أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي فقال ما شِئْتَ قال قلتُ الربعَ قال ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قلتُ النصفَ قال ما شئتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قال قلْتُ فالثلثينِ قال ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قلتُ أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها قال : إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ). (اللهُ؛ اللهُ ربي ، لا أُشركُ به شيئًا). (دعوةُ ذي النُّونِ إذ هوَ في بَطنِ الحوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). (اللهمَّ إنِّي أسْألُكَ بأنَّ لكَ الحَمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، المنَّانُ، بَديعُ السَّمواتِ والأرْضِ، ذا الجَلالِ والإكْرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، إنِّي أسألُكَ). (اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ، وربَّ العرشِ العظيمِ، ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، أنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شيءٌ، وأنتَ الباطنُ فليس دونَكَ شيءٌ، مُنزِلَ التَّوراةِ، والإنجيلِ، والفُرقانِ، فالقَ الحَبِّ والنَّوى، أعوذُ بكَ مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه، أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَكَ شيءٌ، وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شيءٌ، اقضِ عنَّا الدَّينَ وأَغْنِنا مِن الفقرِ).(اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من زَوالِ نعمتِكَ، وتحويلِ عافَيتِكَ، وفُجاءةِ نقمتِكَ، وجميعِ سُخْطِكَ). أدعية مستجابة لجلب الرزق من الأدعية المستجابة لجلب الرزق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، والشكر الدائم على النعمة وكثرة الاستغفار ومن أدعية جلب الرزق قول: اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل محمد، يا ذا الجلال والإكرام، يا قاضي الحاجات، يا أرحم الراحمين، يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت الملك الحق المبين. اللّهم إنّي أحمدك حمدًا كثيرًا وأشكرك شكرًا كثيرًا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك. اللّهم لك الحمد ولك الشّكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عن من سواك. اللهم رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. دعاء الرزق اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ والهَرَمِ، والمَأْثَمِ والمَغْرَمِ، ومِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وعَذابِ القَبْرِ، ومِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وعَذابِ النَّارِ، ومِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الفَقْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطايايَ بماءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ، ونَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وباعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطايايَ كما باعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ. اللَّهمَّ اكفني بِحلالِكَ عن حرامِكَ، وأغنِني بِفَضلِكَ عَمن سواكَ ، اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك. دعاء الرزق بالمال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وضع لنا روشتة لفك الكرب وجلب الرزق، وهي الدعاء الذي يضم 3 عبارات، الوارد في صحيح الإمام البخاري: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ»، البخاري. دعاء الزرق الحلال دعاء الزرق الحلال ، روي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي» رواه (أبو داود). دعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق اللَّهُــمَّ بحق وجهك الكريم وسلطانك العظيم، فرج كرب المكروبين وهم المهمومين، يا مسهل الشديد ويا ملين الحديد ويا منجز الوعيد ويا من هو كل يوم في أمر جديد، اخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق بك ادفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اسألك اللهم بقدرتك التي حفظت بها يونس في بطن الحوت، ورحمتك التي شفيت بها أيوب بعد الابتلاء، أن لا تبق لي همًا ولا حزنًا ولا ضيقًا ولا سقمًا إلا فرجته، وإن أصبحت بحزن فأمسيني بفرح وإن نمت على ضيق فايقظني على فرج، وإن كنت بحاجة فلا تكلني إلى سواك، وأن تحفظني لمن يحبني وتحفظ لي أحبتي. دعاء الفرج السريع رب لا تحجب دعوتي، ولا ترد مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوتي، وارحم عجزي فقد ضاق صدري،وتاه فكري وتحيرت في أمري، وأنت العالم سبحانك بسري وجهري، المالك لنفعي وضري، القادر علي تفريج كربي وتيسير أموري. يا رب، أدعوك بعزتك وجلالك، أن لا تصعّب لي حاجة، ولا تعظم علي أمراً، ولا تحنِ لي قامة، ولا تفضح لي سراً، ولا تكسر لي ظهراً. دعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور اللهم إنا نسألك باسمك العظيم الأعظم، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سُئِلت به أعطيت، وبأسمائك الحسنى كلها، ما علمنا منها وما لم نعلم، أن تستجيب لنا دعواتنا، وتحقق رغباتنا، وتقضي حوائجنا، وتفرج كروبنا، وتغفر ذنوبنا، وتستر عيوبنا، وتتوب علينا، وتعافينا، وتعفو عنا، وتصلح أهلينا، وذريتنا، وترحمنا برحمتك الواسعة، رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك. اللهم فوضتك أمري كله، فجمّله خيرا بما شئت، واجعلني يا رب ممن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته. دعاء لفك الكرب الشديد اللهم لا تجعل ابتلائي في جسدي، ولا في مالي، ولا في أهلي، وسهّل علي ما استثقلته نفسي. اللهم إني توكلت عليك فأعنّي، ووفقني، واجبر خاطري، جبرا أنت وليّه.جبراً يتعجب له اهل السماء والأرض، اللهم أزح من قلبي كل خوف يسكنني، وكل ضعف يكسرني، وكل أمر يبكيني، وافتح لي أبوابي المغلقة.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
التأهيل النفسي للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا.. ندوة بإعلام الداخلة
نظم مركز إعلام الداخلةبالوادي الجديد ، صباح اليوم جلسة حوارية حول "التأهيل النفسي للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا"، بقاعة المركز وسط مشاركة واسعة من قبل شباب وفتيات في سن الزواج، وأولياء أمور، وعدد من القيادات الشعبية ورجال الدين، بالإضافة إلى مختصين في علم النفس والاجتماع . جاء تنظيم هذه الفاعلية تحت رعاية رئيس الهيئة العامة للاستعلامات الكاتب الصحفي ضياء رشوان ، وتوجيهات رئيس قطاع الإعلام الداخلي الدكتور أحمد يحيى . إستهدفت الجلسة الحوارية تسليط الضوء على أهمية الإعداد النفسي للمقبلين على الزواج من أجل بناء أسرة مستقرة ومتوازنة نفسيًا واجتماعيًا، وناقشت عددًا من المحاور الأساسية التي تمثل تحديات حقيقية تواجه العلاقات الزوجية في بداياتها، لاسيما في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة. حاضر في الندوة الأستاذ مصطفى فراج موجه أول علم النفس بالإدارة التعليمية بالداخلة، والشيخ أشرف نمر مدير إدارة أوقاف الداخلة . افتتح الندوة مدير مركز إعلام الداخلة محسن محمد، مؤكدًا على ضرورة نشر الوعي الثقافي والنفسي لدى الشباب قبل الزواج، مشيرًا إلى أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في توصيل الرسائل التوعوية المتعلقة بالعلاقات الأسرية، خصوصا في ظل ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة والتي تستوجب تكاتفًا من جميع مؤسسات الدولة لمواجهتها. وقال موجه أول علم النفس بإدارة الداخلة التعليمية مصطفى فراج : أن العديد من المشكلات الزوجية تعود في جانب منها ،إلى غياب الوعي النفسي وعدم الاستعداد الكافي من الناحية النفسية والعاطفية ، مؤكدا على أن النجاح في الحياة الزوجية لايتوقف على الجوانب المادية فقط ، بل يحتاج إلى نضج فكري وتفاهم مشترك وتقدير متبادل . وأكد مصطفى فراج على العديد من الأساسيات لنجاح الحياة الزوجية من بينها أهمية تقبل الاختلاف بين الزوجين، وكيفية إدارة الخلافات بشكل صحي، و التواصل العاطفي والحوار الفعال، إضافة إلى ضرورة التخلص من الصور الذهنية المغلوطة عن الزواج التي تروج لها بعض وسائل الإعلام أو البيئات الاجتماعية المحيطة. وأشار مصطفى فراج إلى أن هناك حاجة ملحة لتضمين برامج التأهيل النفسي ضمن أنشطة التعليم قبل الجامعي والجامعي وذلك لإعداد الشباب نفسيًا ووجدانيًا للحياة الزوجية، مشددا على أهمية دور الأسرة ورجال الدين والمؤسسات التعليمية في هذه المرحلة. وبين أن المشورة النفسية يجب أن تكون متاحة بشكل مجاني أو رمزي في مراكز الأسرة والصحة النفسية، مع التأكيد على أهمية رفع وصمة طلب المساعدة النفسية، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الأسرية والزوجية. من جانبه أكد مدير إدارة أوقاف الداخلة الشيخ أشرف نمر على أنه من أبرز أسباب توتر العلاقة الزوجية في بدايتها هو الضغوط النفسية الناتجة عن المغالاة في متطلبات الزواج، سواء من حيث التجهيزات أو المظاهر الاجتماعية، مؤكدا على أن هذه المغالاة لا تعكس استقرارًا حقيقيًا بل تؤدي غالبًا إلى إرهاق مادي ونفسي للطرفين ما يؤثر على جودة العلاقة الزوجية في مراحلها الأولى. ودعا الشيخ أشرف نمر إلى الإقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم المغالاة في تكاليف الزواج من أجل التخفيف على الشباب وضمان الاستقرار النفسي والأسري بعد ذلك من إجل بناء أسرة مستقرة تساهم في بناء مجتمعها لا أن تكون عبئا عليه . ولفت إلى أن الاستعداد النفسي يجب أن يشمل أيضًا القدرة على مقاومة الضغوط المجتمعية التي تدفع كثيرًا من الشباب إلى الاقتراض أو الدخول في التزامات تفوق طاقتهم لمجرد الظهور بمظهر اجتماعي معين، وهو ما يُعد خطرًا حقيقيًا على استقرار الحياة الزوجية. وفي السياق ذاته، ناقشت الجلسة الحوارية تأثير الأعراف الاجتماعية والموروثات الثقافية التي تفرض على الأسرة مطالب ومظاهر مبالغ فيها عند الزواج مما يحول المناسبة من كونها بداية لحياة مشتركة مستقرة إلى عبء نفسي واقتصادي، قد يؤثر لاحقًا في العلاقة بين الزوجين. ودعا المشاركون إلى ضرورة إعادة النظر في هذه التقاليد وتشجيع الأسر على دعم الزواج المبني على التفاهم والاحترام المتبادل لا على التكاليف والمظاهر، مطالبين بضرورة تكثيف الحملات الإعلامية والمجتمعية التي تسلط الضوء على هذه القضية وتعمل على تغيير الثقافة السائدة بشأنها وخلصت الجلسة الحوارية إلى عدد من التوصيات، أهمها تكثيف الندوات والورش التدريبية للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، والتوسع في برامج التوعية النفسية والاجتماعية داخل المدارس والجامعات، وتدريب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين على التعامل مع مشكلات الزواج المبكر، والتعاون مع المؤسسات الدينية لنشر خطاب توعوي معتدل ومتوازن حول مفهوم الزواج والأسرة. كما أبدى المشاركون قناعة تامة بأهمية هذه النوعية من الندوات في دعم استقرار الأسرة وبناء علاقات زوجية صحية قائمة على التفاهم والوعي المتبادل. أدار الندوة أخصائي الإعلام بالمركز محمود عزت بمشاركة مروة محمد الاعلامية بالمركز .


صدى البلد
منذ 8 ساعات
- صدى البلد
حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج .. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟ أجابت دار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلة: إن الإنجابَ حقٌّ مشتركٌ بين الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد بقرارِ منعه أو تأجيله دون إرادة الآخر، إلا إذا كان هناك حاجة داعية له إلى التأجيل، فإذا تحققت الحاجة؛ كتخوف الزوجة من إدمان وتعاطي زوجها للمخدرات وما يتبع ذلك من مخاطر على ولدها في حال كونه جنينًا أو بعد ولادته؛ فإنه يجوز لها حينئذٍ الانفراد بقرار تأجيل الإنجاب حتى يتعافى زوجها من الإدمان، وتأمن من عدم تأثر الجنين أو الطفل بتوابعه. حث الشرع على رعاية الأبناء ودور الوالدين في ذلك أشارت الى ان من عناية الشريعة الإسلامية بالأمور الأساسية التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها، ولا تتحقق مصالحهم إلا بالحفاظ عليها ورعايتها، كالنفس والعقل والدِّين والنسل والمال، جعلت المحافظة عليها هي المقصود الأعلى لها، والذي عليه مدار أحكامها وتشريعاتها، حتى أطلق العلماء على ضرورة الحفاظ على هذه الأمور "مقاصد الشريعة الكلية" بحيث لا يخرج عن رعايتها حكمٌ من الأحكام المنصوص عليها، وإليهم أيضًا المرجع والمآل فيما يستجد من النوازل والوقائع والأحوال. وتابعت: ولَمَّا كان حفظُ النَّسلِ مِنَ المقاصدِ الكليَّة التي حثت الشريعةُ على رعايتها، فقد فطرَ الله تعالى الإنسانَ على شدةِ التعلقِ والمحبة لذريتِه ونَسْلِه، حتى جعلهم من زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46]. فتحتم على الآباء بداعي الطبع وضرورة الفطرة بذل قصارى الجهد من أجل تنشئتهم تنشئة حسنة، إلا أنه لخطورة أثر التَّهاون أو الإهمال في حقِّ الأولاد، مع تأكُّد تفاوُت الناس في سلامة الطباع ونقاء الفطرة، واختلاف تقديرهم للمصالح والمفاسد، لم يترك الشرع الشريف أمرَ رعاية الأولاد موكولًا لعاطفة الآباء حيالهم أو مدى شفقتهم عليهم ورحمتهم بهم، بل ألزمهم بذلك إلزامًا حتميًّا بوازع الأمر والتكليف الشرعي، حتى أخبر أنه لو لم يكن للإنسان إثم في حياته إلا أنه أضاع حقَّ أولاده عليه، لكان عِظَمُ ذلك الإثم كافيًا حتى يحبط سائر عمله. فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» أخرجه أبو داود في "السنن". قال العلامة محمد بن إسماعيل الصَّنْعَاني في "سبل السلام" (2/ 323، ط. دار الحديث): [فإنه لا يكون آثمًا إلا على تركه لما يجب عليه، وقد بولغ هنا في إثمه بأنْ جعل ذلك الإثم كافيًا في هلاكه عن كلِّ إثم سواه] اهـ. فإذا كان إثم إضاعة الأولاد كافيًا في هلاك الإنسان وموجبًا لعقوبته، فقد وجب حينئذٍ على الأزواج التحقق من مدى قدرتهم على رعاية أولادهم والقيام بحقِّهم، قبل الشروع في إنجابهم، ذلك لأن شؤون التربية والعطف والرعاية الصحية والنفسية والتعليمية تفوق في أهميتها أمرَ الإنفاق المادي، خاصة في مرحلة الطفولة؛ إذ إنَّ سد حاجة الأولاد المادية قد ينوب فيها عن الآباء غيرهم من الأهل أو الأقارب، ولا يوجد مَن يستطيع أن يحلّ محلهم أو ينوب عنهم في سد حاجة الأولاد مِن الرعاية والتربية. حكم تأخير الحمل بسبب عدم القدرة على رعاية الأولاد واوضحت انه إذا غَلَب على الإنسان الظن أنه لن يُحسن تربية أولاده أو أنه لا يستطيع أن يوفر لهم عوامل الطمأنينة والاستقرار والأمان والرعاية لسفر أو لمرض أو توقع خطر عليهم، شُرِعَ له حينئذٍ الامتناع عن الإنجاب، حتى يغلب على ظنه تحقق القدرة على القيام بذلك الحق، فيكون بذلك مراعيًا لظروفه وإمكاناته رافعًا عن نفسه إثم تكليف نفسه بما فوق وسعه وطاقته. وذلك مقتضى ما تواردت عليه النصوص الشرعية، حيث أفادت أنه إذا خاف الزوجان أو أحدهما على ذريته من المشاق أو الضرر أو عدم القدرة على القيام بواجبه الشرعي نحوهم جاز أن يمتنع من الإنجاب حتى يزول ما يتخوف منه، وتتحقق لديه القدرة من القيام بحقِّ رعايتهم؛ قال تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233]. فالآية تفيد أن الإضرار بالأولاد منهي عنه مِن كلِّ وجهٍ، فكانت الوسيلة الموصلة لذلك منهيًّا عنها لما قد تقرر أنَّ "ما أدى إلى الحرامِ فهو حرامٌ"، كما نص على ذلك الإمام عزِ الدِّين ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (2/ 218، ط. مكتبة الكليات الأزهرية). قال الإمام الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (6 /462، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ وإن كان خبرًا في الظاهر، لكن المراد منه النهي، وهو يتناول إساءتها إلى الولد بترك الرضاع، وترك التعهد والحفظ. وقوله: ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ يتناول كلَّ المضار، وذلك بأن يمنع الوالدة أن ترضعه وهي به أرأف، وقد يكون بأن يضيق عليها النفقة والكسوة أو بأن يسيئ العشرة فيحملها ذلك على إضرارها بالولد، فكلُّ ذلك داخلٌ في هذا النهي] اهـ. كما تواردت نصوص السُّنَّة المطهرة على مشروعية اتخاذ وسائل منع الحمل إذا ثَبَتَ أنه يترتب على حصوله الإضرار بالولد، ومن ذلك: ما همَّ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النهي عن الغيلة -وهي أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ وَلَدَهَا، فتحملَ فيضرَّ لبنُها رضيعَها- فلما عَلِمَ أنَّ ذلك لنْ يَضر بالولد لم ينه عنه، فعَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح". كما قد تبادر إلى فهم الصحابة رضي الله عنهم أن يتخذوا وسائل منع الحمل شفقةً على أن يتضرَّر من حملِ الأم ولدها الصغير، ولم يعارض النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحة ذلك الفهم منهم، مع توضيحه أنه إذا لم يثبت الضرر لم يكن هناك ثمة داعٍ لمنع الحمل، فعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَوْلَادِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ». وَقَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا. مَا ضَارَ ذَلِكَ فَارِسَ وَلَا الرُّومَ» أخرجه مسلم في "الصحيح". قال الإمام أبو الفرج ابن الـجَوْزي في "شرح المشكل من حديث الصحيحين" (4/ 21، ط. دار الوطن): [إِنَّمَا خَافَ أَن تحمل فيشربَ ابْنُهَا الْمُرْضَع اللَّبَأَ فيؤذيَه، فَقَالَ: "لَو ضرَّ ذَلِك فَارس" أَي: إِنَّهُم لَا يحترزون من هَذَا وأبناؤهم حِسان] اهـ. وقال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم لما أُشْكِل من تلخيص كتاب مسلم" (4/ 175، ط. دار ابن كثير): [(قوله: لو كان ذلك ضارا ضرَّ فارس والرُّوم).. وفيه حجة على إباحة العزل] اهـ. وقال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الشافعي في "الإحياء" (2/ 51-52، ط. دار المعرفة) في سياق بيان آداب معاشرة النساء ما مُحصَّلُه: [الصحيح عندنا أن ذلك مباحٌ، ثم تحدث عن البواعث المشروعة لإباحة العزل وقال: إنها خمسة، وَعَدَّ منها: استبقاء جمال المرأة وحسن سماتها، واستبقاء حياتها خوفًا من خطر الولادة، والخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والتخفف من الحاجة إلى التعب والكسب، وهذا غير منهي عنه؛ لأن قلة الحرج مُعينٌ على الدِّين] اهـ. وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/ 236، ط. دار الحديث): [إن الأمور التي تَحمِلُ على العزل: الإشفاق على الولد الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع، والفرار من كثرةِ العيال، والفرار من حصولهم مِن الأصل] اهـ. حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج وبينت ان الأصل ألَّا ينفرد أحدُ الزوجين بمنع الحمل لكونه حقًّا مشتركًا بينهما، لما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعزل عن الحرة إلَّا بإذنها" أخرجه ابن ماجه في "السنن"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وله شواهد موقوفة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وهو قول سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء؛ كما في "مصنف عبد الرزاق" و"السنن الكبرى" للبيهقي. قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (3/ 148-150، ط. أوقاف المغرب): [لا خلاف بين العلماء أيضًا في أن الحرة لا يعزل عنها إلَّا بإذنها؛ لأن الجماع من حقِّها ولها المطالبة به.. وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف، ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته] اهـ. إلا أنه يستثنى من ذلك بعض الأحوال التي يتخوف فيها من إلحاق الضرر لأحدِ الزوجين، حيث نصَّ محققو الحنفية على أن استعمال الوسائل التي من شأنها منع الحمل مشروع في حقِّ الزوجين على السواء. قال العلامة سراج الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "النهر الفائق" (2/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [قال في "البحر": وينبغي أن يكون سد المرأة فم رحمها كما تفعله النساء بغير إذن الزوج غير جائزٍ قياسًا على عزله بغير إذنها. أقول: فيه نظر؛ لأن لها أن تعالج نفسها في إسقاطها الولد قبل اكتمال الخِلْقة.. وعلى هذا فيباح لها سد فم الرحم بغير إذنه] اهـ. وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 176، ط. دار الفكر): [أخذ في "النهر" من هذا ومما قدمه الشارح عن "الخانية" والكمال أنه يجوز لها سدُّ فم رحمها كما تفعله النساء مخالفًا لما بحثه في "البحر" من أنه ينبغي أن يكون حرامًا بغير إذن الزوج قياسًا على عزله بغير إذنها. قلت: لكن في "البزازية" أن له منع امرأته عن العزل. اهـ. نعم، النظر إلى فساد الزمان يفيد الجواز من الجانبين. فما في "البحر" مبني على ما هو أصل المذهب، وما في "النهر" على ما قاله المشايخ] اهـ. هذا، وقد قرر العلامة ابن عابدين أن تصحيح مشايخ الحنفية مسوغٌ للعدول عن الفتوى فيها على ظاهر الرواية في المذهب الحنفي، وذلك في "نشر العَرْف في بناء بعض الأحكام على العُرْف" (2/ 115، ط. دار سعادات)، وينظر أيضًا: "حاشيته على الدر المختار" (4/ 556، ط. دار الفكر). ومقتضى ذلك: أنه يجوز للزوجة في حال تخوفها مِن لحوق الضرر بجنينها أو بطفلها أن تنفرد بقرار تأجيل الحمل وأن تتخذ الوسائل المعينة لها على ذلك، خاصةً أنه قد ثبت طبيًّا حدوث عدة مخاطر صحية للجنين في حال حدوث حملٍ أثناء تعاطي أحد الأبوين المخدرات، كانخفاض وزن الجنين، أو تعرضه للإصابة بتشوهات خِلْقية، أو تأخر في معدلِ النمو العقلي، أو التعرض لخطر الوفاة. ينظر: "تعاطي وإدمان المخدرات وأثره على تحقيق التنمية المستدامة" للدكتور/ حمدي أحمد عمر (ص: 584، عدد 55- إبريل 2022م- مجلة كلية الآداب- جامعة جنوب الوادي)، وكذلك في حال تخوفها من أن يفتقد ولدها عوامل التنشئة والرعاية والتربية الصحية أو النفقة الضرورية. وأكدت بناءً على ذلك أن الإنجابَ حقٌّ مشتركٌ بين الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد بقرارِ منعه أو تأجيله دون إرادة الآخر، إلا إذا كان هناك حاجة داعية له إلى التأجيل، فإذا تحققت الحاجة كتخوف الزوجة من إدمان وتعاطي زوجها للمخدرات وما يتبع ذلك من مخاطر على ولدها في حال كونه جنينًا أو بعد ولادته؛ فإنه يجوز لها حينئذٍ الانفراد بقرار تأجيل الإنجاب حتى يتعافى زوجها من الإدمان، وتأمن من عدم تأثر الجنين أو الطفل بتوابعه.