logo
أوروبا بين التصعيد والوساطة.. هل تعود المفاوضات مع إيران؟

أوروبا بين التصعيد والوساطة.. هل تعود المفاوضات مع إيران؟

سكاي نيوز عربيةمنذ 3 ساعات

ومع تصاعد التوتر، يتجدد السؤال المحوري: هل تشكل هذه الضربات مخرجًا لإسرائيل من حربها المفتوحة؟ وهل يفتح هذا التطور الباب أمام عودة محتملة للمفاوضات برعاية أوروبية أو روسية؟
أوروبا.. دور غائب يعود عبر نافذة الخطر
انطلقت الرسائل الأوروبية من بوابة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، حيث دعت كايا كالاس إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، في توقيت بالغ الحساسية، وبعد دخول الولايات المتحدة المباشر على خط المواجهة. هذه الدعوة لم تكن معزولة عن واقع إدراكي أوروبي متزايد بأن استمرار النزاع يهدد بشكل مباشر مصالح القارة العجوز في الشرق الأوسط.
يرى أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس، رامي خليفة العلي، خلال مداخلته مع سكاي نيوز عربية أن "الوضع قد تغير"، مشيرًا إلى أن "الدور الأوروبي وُصف سابقًا بالضعيف من قبل الرئيس الأميركي، وهو دور لم ينجح في التأثير على الأحداث، كما أثبت فشل مفاوضات جنيف بين إيران والترويكا الأوروبية".
لكن العلي يضيف أن "المتغيرات على الأرض بعد التدخل الأميركي خلقت واقعًا جديدًا قد يعيد هذا الدور"، مشيرًا إلى أن "المصالح الأوروبية أصبحت في مهب الخطر، ما يدفع باتجاه تفعيل دور الوساطة لتفادي التصعيد".
يرى العلي أن كل من إيران ، الولايات المتحدة ، و إسرائيل بات يمتلك حجة لإعلان الانتصار النسبي، مما قد يهيئ لمناخ تفاوضي جديد. ويشرح وجهة نظره قائلًا: "إيران ترى أن الضربات لم تقضِ على مشروعها النووي بالكامل، وأن بعض المنشآت ومخزون اليورانيوم ما زالت بحوزتها، ما يعني أن الإنجاز الأميركي لم يكن حاسمًا. من جهة أخرى، الإدارة الأميركية وصفت العملية بأنها قضت على قدرات إيران النووية، وتعتبرها لحظة تاريخية. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، فقد تحدث عن تحقيق وعده لناخبيه بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني".
لكن العلي يحذر من أن المشهد لا يزال يحمل معضلتين مركزيتين: الرد الإيراني المرتقب، وإمكانية استمرار الحرب مع إسرائيل، وهو ما يعتبره أخطر ما في المعادلة الحالية.
ويرجّح أن يكون الرد الإيراني محدودا أو رمزيا، على غرار الرد عقب اغتيال قاسم سليماني عام 2020، لتجنب مواجهة شاملة قد تدفع واشنطن لتكرار ضرباتها.
تصريحات العلي تكشف أن الحكومة الإسرائيلية قد تكون أمام لحظة مفصلية. فبينما يظهر نتنياهو منتصرًا على السطح، فإن استمرار الحرب يحمل مخاطر استنزاف سياسي وعسكري. ويضيف: "استمرار الصراع وتوسّعه يُفرغ الضربة الأميركية من مضمونها، ويقود إلى حالة فوضى قد تفقد إسرائيل إمكانية الخروج التكتيكي من المواجهة. صحيح أن إسرائيل حققت إنجازات عسكرية، لكن الحرب المفتوحة على جبهات متعددة قد تضر بالجبهة الداخلية وتضعف موقف الحكومة".
في هذا السياق، تتقاطع الرغبة الأميركية بخفض التصعيد مع فرصة تاريخية للاتحاد الأوروبي أو حتى لروسيا، للعب دور الوسيط في استئناف المفاوضات.
الدبلوماسية الإسرائيلية.. نجاح تكتيكي في انتظار مخرج سياسي
من جانبه، قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق من القدس، مائير كوهين، إن الضربة كانت إنجازا كبيرا لإسرائيل وللولايات المتحدة، ليس فقط على مستوى البرنامج النووي، بل في ضرب القدرات الصاروخية الإيرانية أيضًا.
"ما يحدث ليس مجرد تصعيد محلي، بل لحظة تاريخية تحدد معالم النظام العالمي الجديد. الهدف الرئيسي هو العودة إلى طاولة المفاوضات، لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي"، بحسب كوهين.
لكنه أقر بأن مستقبل هذه المفاوضات مرهون بموقف المرشد الإيراني، الذي "يتأرجح بين خيارين: القبول بالتفاوض وما قد يعنيه من تفكك داخلي، أو التصعيد العسكري الذي يحمل عواقب وخيمة على النظام الإيراني".
شروط أميركية مشددة.. واحتمالات التفاوض محدودة
وفق ما نقله كوهين، فإن الولايات المتحدة وضعت شروطا لا تقبل التنازل، خصوصًا فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي أعلن بوضوح أنه "لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، مضيفًا أن الطرح الحالي يتمثل في "استسلام إيراني غير مشروط"، وهو ما يبدو مستبعدًا في ظل التصريحات الإيرانية المتحدّية.
لكن العلي يعارض هذه الرؤية المتشددة، ويرى أن أي مسار تفاوضي لا بد أن يمر بحلول وسط، مثل السماح بالتخصيب لأغراض مدنية، ووجود أطراف ثالثة مثل روسيا للرقابة والتفاوض.
أوروبا تبحث عن هامش مناورة
وفي تحليله للدور الأوروبي، يؤكد الدكتور العلي أن "أوروبا تُهمّشت في بداية الحرب وفي مفاوضات جنيف، لكنها اليوم أمام فرصة للعودة عبر نافذة المناورة السياسية التي فتحتها الضربة الأميركية".
ويرى أن "المعادلة الصفرية السابقة - تفكيك البرنامج النووي أو استمرار الحرب - لم تعد صالحة"، مشيرًا إلى وجود هامش يمكن أن تتحرك فيه أطراف أوروبية ودولية.
مع ذلك، يضع العلي شرطًا جوهريا لنجاح هذا الدور الأوروبي: "يجب أن يحظى بموافقة أمريكية صريحة، وهو ما لمح إليه الرئيس الأمريكي عندما تحدث عن فتح أفق لإيران باتجاه السلام".
مصير المفاوضات.. الرهان على لحظة التوازن
في النهاية، يخلص الدكتور العلي إلى أن استمرار الحرب دون تغيير الشروط الأميركية والإسرائيلية سيقود إلى مزيد من الفوضى والانهيار. ويشير إلى أن هناك وجهة نظر أمريكية تقول إن "النصر قد تحقق ويجب الحفاظ عليه قبل الذهاب إلى اتفاق، ربما يشمل تنازلات محدودة كتخصيب مدني أو إشراف دولي مشترك".
ويوضح أن "الولايات المتحدة نفذت ما يشبه عملية جراحية دقيقة، وليست مواجهة مفتوحة. لكن إذا تحولت الحرب إلى صراع شامل، فستكون الكلفة باهظة على إيران، وعلى استقرار الشرق الأوسط ككل".
مخرج أم بداية لفصل أخطر؟
يبقى السؤال المطروح: هل تشكل الضربة الأمريكية نهاية مرحلة وبداية أخرى تسلك طريق الحلول السياسية، أم أنها مقدمة لانفجار إقليمي أكبر؟
الفرصة التفاوضية ما زالت قائمة، لكنها تتطلب تحركًا ذكيًا، وتنازلات واقعية، وفهمًا جديدًا للتوازنات.
أوروبا أمام اختبار دورها، والولايات المتحدة على مفترق طرق بين الانتصار التكتيكي والحل الدائم، فيما يقف نتنياهو بين ضغوط الداخل وضرورات الخروج من حرب قد تطول أكثر مما يحتمل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير المالية التركي: مستعدون للتحرك سريعاً للحفاظ على استقرار الأسواق
وزير المالية التركي: مستعدون للتحرك سريعاً للحفاظ على استقرار الأسواق

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

وزير المالية التركي: مستعدون للتحرك سريعاً للحفاظ على استقرار الأسواق

قال وزير المالية التركي، محمد شيمشك: إن تركيا مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة وحزم للحفاظ على استقرار الأسواق وسلامة الاقتصاد، وذلك في ظل تقييمها لتأثير التوتر الجيوسياسي المتصاعد. وأضاف شيمشك في منشور على منصة «إكس» الاثنين: «بفضل برنامجنا، عززنا بشكل كبير قدرة اقتصادنا على مواجهة الصدمات». وتابع: «نحن عازمون على مواجهة التضخم وسنواصل اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للحفاظ على تراجعه».

تفجير 3 مفاعلات نووية يصعّد التوتر الأميركي الإيراني
تفجير 3 مفاعلات نووية يصعّد التوتر الأميركي الإيراني

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

تفجير 3 مفاعلات نووية يصعّد التوتر الأميركي الإيراني

فاقمت الضربة الأميركية لمفاعلات فوردو ونطنز وأصفهان الإيرانية من حدّة الجدل بين واشنطن التي تبرر خطوتها بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وطهران التي تقابل ذلك بالتمسك بتخصيب اليورانيوم كرهان استراتيجي.

طهران تلوح بإغلاق مضيق هرمز وتحذيرات من تداعيات ذلك
طهران تلوح بإغلاق مضيق هرمز وتحذيرات من تداعيات ذلك

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

طهران تلوح بإغلاق مضيق هرمز وتحذيرات من تداعيات ذلك

أبوظبي - سكاي نيوز عربية حذر مسؤول روسي من أن إغلاق طهران المحتمل لمضيق هرمز سيؤدي إلى صدمة نفطية عالمية. وذكرت وكالة رويترز أن ثلاث ناقلات أبحرت بعيدا عن مضيق هرمز وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store