
"إسرائيل" والصورة!
في ظل العدوان الإسرائيلي على إيران، برزت مفارقة لافتة: الكيان الذي يفرض رقابة عسكرية صارمة على إعلامه وكل ما ينشر حتى على منصات التواصل الاجتماعي، سمح فجأة ببثّ جزء من صور الدمار وأخرى تتعلق بإصابات في صفوف من يعدّهم من "المدنيين".
فهل نشهد لحظة شفافية غير مسبوقة في خضم الحرب؟! أم هي محاولة مدروسة لإعادة تشكيل رواية "الضحية"؟!
منذ نشأته، اعتمد الكيان الإسرائيلي سياسة الرقابة الإعلامية الصارمة، والتي تُعرف رسميًا بـ"الرقابة على الصحافة والاتصالات". وظيفتها، منع نشر أي معلومات تضر بـ"الأمن القومي الوجودي" للكيان، بحسب المفهوم الذي أرساه ديفيد بن غوريون.
لذا، فإن نشر صور تُظهر هشاشة الداخل الإسرائيلي لم يكن يوماً خياراً عفوياً، بل قراراً محسوباً بدقة بالغة. والقرار هو تذكير الغرب بمظلومية الكيان في محيط معاد، وصناعة رواية قابلة للتداول عالمياً. رواية تبدأ بجملة: "نحن تحت القصف".
إنها إعادة إخراج لسيناريو السابع من أكتوبر، ولكن هذه المرة بعد أكثر من عام ونصف على العدوان على قطاع غزة المحاصر، المحصلة مجازر لا تعد ولا تحصى ومستشفيات ومدارس وأبنية سويت بالأرض. يعاد إخراج السيناريو بعد حرب شرسة شنت على لبنان، كان المبتدأ فيها تفجيرات البيجر الإرهابية، أما الخبر فلم يأتِ بعد، اذ إن الحرب لم تتوقف على البلاد، والاستهدافات التي يراد تسويقها على أنها محدودة ودقيقة تضعه رهينة الإسرائيلي، فمحاولات القضاء على المقاومة سارية المفعول.
يعاد إخراج السيناريو بعد احتلال الكيان المزيد من الأراضي السورية إثر سقوط النظام في الثامن من ديسمبر من العام الفائت.
فهل يمكن أن نرى تعاطفاً غربياً شبيهاً بالتعاطف الذي ناله الكيان غداة السابع من أكتوبر؟
الواقع يقول إنه من الصعب إعادة بناء سردية "المعتدى عليه" بالسهولة نفسها التي كانت قائمة بمنحى تضليلي قبل سنوات.
اليوم 10:43
اليوم 10:21
بداية، لأن "إسرائيل" هي التي اعتدت على إيران، وثانياً لأنه من الصعب تبني الرواية الإسرائيلية بلا مساءلة بعد اليوم.
كانت تغطية الجرائم بحق الفلسطينيين تختصر في كلمات مثل: "صراع" أو "تبادل لإطلاق نار"، بينما توضع أفعال "إسرائيل" دائماً تحت مظلة "حق الدفاع عن النفس".
اليوم، الأمر لم يعد كذلك، تحديداً بعد ما تنشره منصات التواصل الاجتماعي. ما كان يمكن إخفاؤه سابقاً، أصبح اليوم شبه مستحيل مع الهواتف الذكية. وهذا ما أجبر الإعلام وتحديداً الغربي على الالتحاق بالرواية الأقرب إلى الحقيقة، أو على الأقل عدم تجاهلها.
فجأة، تغيّرت نبرة التغطية بشكل لافت، مدفوعة بكمٍّ هائل من الصور والفيديوهات والبيانات الحقوقية التي وثقت استهداف المدنيين والبنية التحتية بشكل مباشر. على سبيل المثال، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، نشرت "نيويورك تايمز" تحقيقًا موسعًا بعنوان: How Israel's War Strategy Hit Civilians Hard، (كيف استهدفت استراتيجية "إسرائيل" في الحرب المدنيين بقسوة)، كشفت فيه أن آلاف الشهداء من النساء والأطفال لم يكونوا "أضراراً جانبية".
كما بدأت مؤسسات مثل Channel 4 البريطانية وMSNBC الأميركية تبث تقارير من داخل غزة، تظهر حجم الدمار والمعاناة، وتستضيف صحافيين وحقوقيين فلسطينيين للمرة الأولى منذ عقود.
اليوم، أسئلة مشروعة عدة تُطرح، هل صور الدمار في "تل أبيب" وسيلة دعائية؟ أم عرض لحقيقة مرة غير قابلة للإخفاء؟ هل تُنشر لكسب التعاطف؟ أم لتبرير تصعيد؟
المرجح، والأقرب إلى العقل الإسرائيلي، بأن ما يراد له أن يصور على أنه معاناة إسرائيلية ليس إلا ممراً ضرورياً لتوسيع دائرة النار والحرب، وهو التوسيع غير الممكن من دون الدعم الغربي المطلق، أو بكلمات أخرى؛ أن يخوض الغرب الحرب كاملة بنفسه!
أما ما يجب أن لا يغيب عن البال، هو أن التكتيك الإسرائيلي اليوم هو سيف ذو حدين. قد يُعطي الأميركي ما هو مطلوب إسرائيلياً، ولكن ما لا يمكن استرداده هو صورة "إسرائيل" المحصنة والمنيعة؛ لذلك لا غرابة في استدعاء مقولة "أوهن من بيت العنكبوت".
بعد اليوم، على "إسرائيل" أن تودّع معادلة رابح-رابح، ففوزها والنخب الحاكمة في الغرب معاً بات تحقيقه أصعب، فذخائرها المتفجرة في الدم الحي للمدنيين، لا تغري الكتلة الناخبة في الغرب؛ وغرورها العسكري لم يعد مقنعاً للنخبة الحاكمة فيه، تحديداً عندما غامرت في جغرافيا من الصعب أن تهزم، إيران.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
الوعد الصادق 3: إطلاق الموجة الـ19.. وإصابة 14 هدفاً بينها برج الإبحار في العملية الماضية
أعلن المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية، اللواء علي محمد نائيني، عن انطلاق الموجة الـ19، من عملية "الوعد الصادق 3"، بسرب من الطائرات المسيّرة الهجومية والانقضاضية. وقال نائيني إنّ المسيّرات اتجهت نحو "أهداف استراتيجية في عمق الكيان، من شمال الأراضي المحتلة حتى جنوبها". ووجّه إنذاراً لـ"الاحتلال، بأن دفاعاته المرتبكة ستواجه عملية مستمرة ومتواصلة، من شأنها أن تخلّ بتوازنه". 20 حزيران 19 حزيران كما أشار إلى أنّ الموجة الـ18 من عملية "الوعد الصادق 3" الليلة الماضية، كانت "من أنجح العمليات الصاروخية والمسيّرة لقوات الجوفضاء التابعة لحرس الثورة"، حيث كانت نتيجتها "إصابة ناجحة لـ14 نقطة عسكرية استراتيجية في حيفا وتل أبيب". وكشف نائيني عن استهداف برج "الإبحار" (Sail Tower) في وسط حيفا، والذي يضم مكتب شركة الذكاء الاصطناعي "AI12 Labs" وغيرها من شركات البرمجيات التابعة لصناعات وزارة الأمن الإسرائيلية، بصاروخ بعيد المدى من طراز "قدر F". اعمدة اللهب تتصاعد من مبنى في "تل أبيب" جراء الهجوم الصاروخي الإيراني#إيران#الوعد_الصادق_٣ شملت الأهداف الأخرى، بتأكيد نائيني، محطة كهرباء "هديرا"، ومصفاة نفط حيفا، والقاعدة الجوية "عودا" (قيادة الحرب السيبرانية)، ومنطقة الصناعات شبه الموصلة في "كريات غات"، ومركز "رافاييل" (للصناعات العسكرية) في حيفا. وقال إنّ التخطيط لهذه العملية تميّز بابتكارات جديدة من حيث نوع الصواريخ المختارة، والأهداف، ومسارات توجيه الصواريخ والطائرات المسيّرة. وفي سياق متصل، شدّد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء عبد الرحيم الموسوي، على أنّ "الشعب الإيراني أثبت أنه لم يستسلم لأي عدوان"، مقدراً "التضامن الوطني، والتعاطف، والحضور الفعال للشعب الإيراني في مسيرة جمعة الغضب والنصر".


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
قوات الاحتلال تقتحم المسجد الأقصى وتعتقل عدداً من حرّاسه
في سياق متصاعد من الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، اقتحمت قوات الاحتلال، عند منتصف ليل السبت - الأحد، المصلى القديم داخل المسجد، وعبثت بمحتوياته بعد أن قامت بكسر عدد من الخزائن وتفتيش المكان بطريقة وحشية. وخلال الاقتحام، نفذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات طالت 4 من حراس المسجد، وهم: محمد عرباش، رمزي الزعانين، باسم أبو جمعة، وإياد عودة، كما خضع عدد من الحراس ورجل إطفاء لتحقيقات ميدانية داخل باحات المسجد، في خطوة تصعيدية تهدف إلى ترهيب موظفي الأوقاف وتقويض دورهم. 15 حزيران 12 حزيران وتأتي هذه الانتهاكات في ظل استمرار سياسات الاحتلال الهادفة إلى فرض واقع جديد داخل المسجد الأقصى، عبر الاستدعاءات المتكررة، والاعتقالات، والاقتحامات اليومية، في محاولة لفرض السيطرة على إدارة المسجد وتقويض دور الأوقاف الإسلامية في القدس. بالتوازي، تُواصل سلطات الاحتلال فرض قيود صارمة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى لليوم الـ9 على التوالي، بذريعة "الطوارئ" في ظل الحرب ضد إيران، وهو ما يثير مخاوف واسعة من تداعيات خطيرة على الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم الشريف. وفي سياق متصل نشر الحساب الرسمي لموقع قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، على منصة "إكس" أمس السبت، منشوراً أكّد فيه محورية القضية الفلسطينية بالنسبة لإيران وإيمانه بانتصار هذه القضية قائلاً: "قضية فلسطين بالنسبة إلينا قضية أساسية، وانتصار فلسطين أيضاً أمر حتمي بالنسبة إلينا".


LBCI
منذ 3 ساعات
- LBCI
رويترز عن مصدرين: إسرائيل قد تتحرك بمفردها ولا تنتظر إنتهاء مهلة الأسبوعين التي وضعها ترامب حتى تتوصل إيران إلى إتفاق لتفكيك أجزاء رئيسية من برنامجها النووي
رويترز عن مصدرين: إسرائيل قد تتحرك بمفردها ولا تنتظر إنتهاء مهلة الأسبوعين التي وضعها ترامب حتى تتوصل إيران إلى إتفاق لتفكيك أجزاء رئيسية من برنامجها النووي خبر عاجل مشاهدات عالية شارك