نظام الملالي على كف "الشيطانَين"
في مطلع الأسبوع الثاني للحرب بين إيران والشيطانين الأكبر والأصغر، كما يصف نظام الملالي أميركا وإسرائيل، يكاد يقتصر تناول مجريات الحرب في الإعلام على مصير نظام الملالي في إيران. وكل الحروب حين تندلع، يتصدر السؤال عن موعد نهايتها كل الأسئلة الأخرى، بما فيها عن المنتصر بنهايتها.
بعد الهجوم الإسرائيلي الأول، بدأت توقعات نهاية هذه الحرب تدور عن أيام، ومن ثم عن أسابيع الآن، بعد أن منح ترامب النظام الأيراني مدة أسبوعين للتفكير بالعودة إلى مفاوضات التوقيع على صيغة الاستسلام بلا شروط. والسؤال عن المنتصر، لم يطرحه أحد، بل الكل يسأل عن مدة صمود نظام الملالي، وهل تأتي نهايته من سماء إيران التي يسيطر عليها الطيران الإسرائيلي، أم من الشارع الإيراني التي لا تزال صورة الصبية، ضحية شرطة أخلاق الملالي، مهسا أميني تسيطر عليه.
حرب إسرائيل وأميركا على نظام الملالي تثبت مرة أخرى أن الأنظمة التسلطية التي تقتنص السلطة بإسم ايديولوجية ما، دينية، وطنية، اجتماعية، لا تبني جيوشاً للدفاع عن الوطن وسيادته، بل تبني هياكل مسلحة تحمي النظام لا الوطن. وكما البلاشفة الذين اقتنصوا السلطة بعد الإطاحة بثورة شباط الروسية الكبرى، اقتنص الملالي السلطة بعد الإطاحة بثورة الشعب الإيراني ضد الشاه وقمع جهاز مخابراته السافاك. كانت لجنة تشيكا (Cheka Committee) أول الهياكل التي أنشأها البلاشفة لحماية سلطتهم من رفض الشعب الروسي لها، وكان الحرس الثوري من أوائل الهياكل التي أنشأها الملالي لحماية سلطتهم من رفض الإيرانيين لها.
نظام الملالي وسائر الأنظمة التسلطية تحشد معظم قدراتها لقمع الداخل وضبطه، وتنهار مقاومتها بسرعة أمام أي اعتداء خارجي. جيش البلاشفة تراجع إلى موسكو من دون أي مقاومة أمام جحافل هتلر في العام 1941، وجيش عبد الناصر وجيش نظام البعث انهارا في الساعات الأولى في حرب حزيران 1967، وجيش صدام حسين لم يبقَ له أثر أمام غزو الحلفاء للعراق في العام 2003.
تختلف سيناريوهات نهاية نظام الملالي التي يتوقعها المحللون والخبراء في الشؤون الإيرانية، لكن الجميع يتفق أن هذه الحرب طرحت مصير النظام على طاولة البحث. ويدور النقاش حول وجهتي نظر رئيسيتين بشأن سقوط الأنظمة التسلطية، ومن بينها نظام الملالي. أحد الفريقين يعتبر أن إسقاط النظام بالقوة العسكرية من الخارج أثبت فشله في العراق وليبيا، ويستشهد بسقوط الاتحاد السوفياتي ليثبت أن سقوط هذه الأنظمة من الداخل، هو الطريقة الوحيدة للتخلص من شرورها. أميركا المتأرجحة حتى الآن بين الفريقين منحت نفسها أسبوعين لتعلن انضمامها إلى إسرائيل التي بدأت الخيار العسكري، أو لترى ما إن كانت إيران ستمنحها فرصة للانحياز إلى الأوروبيين الرافضين للخيار العسكري.
الخبير الروسي المعروف بالشؤون الإيرانية Nikita Smagin، وبناء على خبرته الطويلة كصحافي في إيران، وبعد نجاح الضربات الإسرائيلية الأولى، يبدو أكثر اقتناعاً بالخيار العسكري على صعوبته. فقد رأى أن إيران تتأرجح بين سيناريوهين: تغيير النظام أو انهيار إيران إلى "دولة فاشلة". في النص الذي نشره في 19 الجاري على موقع الخدمة الروسية في ForbesK ، قال الخبير إنه مع تقدم العملية الإسرائيلية ضد إيران، تضيق مساحة السيناريوهات المحتملة لنتائجها. وعلى الرغم من أن مستوى عدم اليقين لا يزال مرتفعاً، إلا أنه أصبح من الواضح ما الذي تهدف إليه إسرائيل. وإذا كانت قد أُنجزت عملياً مهمة دفع البرنامج النووي الإيراني عدة سنوات إلى الوراء، فإن الهدف النهائي -تغيير النظام في طهران- سوف يكون من الصعب للغاية تحقيقه. ويرى أن تركيز الضربة الأولى على وسائل الدفاع الجوي الإيراني إلى جانب المواقع النووية، يشير إلى أن إسرائيل تمهد لمواصلة غاراتها على إيران إلى مدة مجهولة حتى الآن.
يقول الخبير إنه قبل عملية "الأسد الصاعد" الإسرائيلية، لم يكن أحد يساوره الشك في نجاح هجمات إسرائيل على المنشآت الإيرانية. ويرى أن حجم العملية يشير إلى أن أهدافها تتجاوز تدمير البرنامج النووي. ويرى أن تغيير نظام الملالي، هو الهدف الأقصى لإسرائيل. ويضيف، أنه طالما بقيت إيران "جمهورية إسلامية" ستبقى تقاتل إسرائيل، والهجوم الحالي يضيف أسباب مواصلة هذا القتال. إذ أنه يعزز الدعم الشعبي للنظام. ولكي تتجاوز إسرائيل هذا الأمر، سيتعين على إسرائيل تغيير نظام الملالي بقدرات أخرى.
يرى الخبير أن ثمة عدة صيغ لهذه "القدرات الأخرى". أولاً، ونظراً لحجم شبكة عملائها في إيران، فمن الممكن أن تكون إسرائيل قد دربت مخربين من السكان المحليين أو من ممثلي الشتات، وخصوصاً "مجاهدي خلق". ثانيًا، قد يُسهم الانفصاليون الإيرانيون -من جماعات كردية وعربية وبلوشية- في الإطاحة بنظام الملالي. فهم لم يُوقفوا كفاحهم المسلح ضد النظام طوال هذه السنوات.
يفترض الخبير أن إبن الشاه، رضا يهلوي، قد يكون البديل لنظام الملالي في حال تمكن "الشيطانان الأكبر والأصغر" من إسقاطه. لكن خبراء آخرون يستبعدون هذا الخيار، لأنهم يعتبرون أن الشعب الإيراني الذي ثار ضد خكم الشاه، واختطاف الملالي لثورته، يرفض العودة إلى حكم آل بهلوي. ويقول إن سيناريو جعل إيران "دولة فاشلة"، أهون بما لايقاس من سيناريو تغيير النظام، سيما أن النظام قطع في 18 الجاري شبكة الإنترنت العالمية، وحصر التواصل بالشبكة الوطنية.
موقع Briefly، وانسجاماً مع إسمه، أوجز في 18 الجاري آراء كاتبين سياسيين من واشنطن بوست بشأن كيفية انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
رأى Jason Willick أن النهاية الأفضل للحرب، هي إضعاف إيران وموافقتها على صفقة جديدة أكثر صرامة مع الولايات المتحدة لوقف القصف الإسرائيلي.
David Ignatius قال إنه، وكمعظم الحروب، ستنتهي هذه الحرب إما بالمفاوضات أو باستسلام العدو المهزوم. ولا يزال ترامب يبدو مهتمًا جدًا بالتفاوض على اتفاق نووي جديد يُمكّنه من الوفاء بوعده بأن "إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا أبدًا". أما إسرائيل فيبدو أنها أقل ثقة بكثير في أن مثل هذا الاتفاق سيُفضي إلى النتيجة المرجوة - عدم امتلاك أسلحة نووية - وقد ترغب في تحقيق النصر. لذا، فإن السؤال المطروح أمام إسرائيل هو كيف سيبدو "النصر". "يبدو لي" بشكل متزايد أنه سيكون نظامًا لا يقوده "مرشد أعلى"، وسيتغير جذريًا حتى لا يتصرف على هذا النحو في المستقبل. "لو خُيِّرتُ، لقلتُ إن هذه الحرب ستنتهي بتسويةٍ لأن الضغط الدولي يقتضي ذلك. وقد يكون هذا أسوأ الاحتمالات، إذ سيُخلِّف وراءه نظامًا ضعيفًا قد يتصرف كما فعل صدام حسين في التسعينيات، مُظهرًا قوته من خلال قمعٍ أكثر وحشيةً لشعبه".
يعود Jason ليضيف قائلاً: من الواضح أن نتنياهو يتحدث عن تغيير النظام. من الصعب الجزم ما إذا كان هذا وسيلةً للضغط على خامنئي، أم هو الهدف الحقيقي، أم الإثنين معاً. وعن رأيه في وسائل تغيير الأنظمة التسلطية يقول Jason إن انهيار الاتحاد السوفياتي حدد معالم ما قد يعنيه تغيير النظام للجيل الأكبر سنًا. كما حددت حرب العراق معالم ما يعنيه ذلك للجيل الأصغر سنًا. ويعتقد أن الشباب أكثر تشككًا في معناه العملي، إذ يدركون أن الحرب الأهلية قد تصبح القاعدة، والديمقراطية المستقرة استثناءً عند انهيار الأنظمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 26 دقائق
- المنار
وسائل إعلام إيرانية: إسقاط مسيرة إسرائيلية فوق أجواء مدينة قم
وسائل إعلام إيرانية: إسقاط مسيرة إسرائيلية فوق أجواء مدينة قم سي إن إن عن مسؤول بالخارجية الأمريكية: أجلينا نحو 70 أمريكيا من تل أبيب إلى أثينا عبر الجو يوم السبت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أوروبيين وأمريكيين: روبيو أبلغ حلفاء أوروبيين أن ترامب يفضل حل أزمة إيران دبلوماسيا ترامب يبدأ اجتماعه مع مجلس الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض وسائل إعلام إیرانية: الدفاع الجوي الإيراني يعترض أجساما معادية في مدينة قم المزيد


MTV
منذ ساعة واحدة
- MTV
22 Jun 2025 01:17 AM بالفيديو: ترامب في اجتماع حول إيران... "الوقت فقط سيخبرنا"
عُقد في البيت الأبيض اجتماع أمني بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للبحث في الحرب على إيران. وفي تصريح لافت له قبيل الاجتماع، قال ترامب في منشور عن مهلة أسبوعين لإيران: الوقت فقط سيخبرنا. تشاهدون مرفقاً فيديو حصري لـmtv للحظة وصول ترامب إلى البيت الأبيض. فيديو حصري لـmtv للحظة وصول ترامب إلى البيت الأبيض للمشاركة باجتماع حول إيران June 21, 2025

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
التدخل قد يحدث قريباً..إدارة ترامب ما زالت تدرس قرارها
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن مسؤولين إسرائيليين، أمس السبت، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تبلغ الجيش الإسرائيلي ما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط للانضمام للحرب ضد إيران. تدخل قريب لكن المسؤولين قالا إنهما يعتقدان أن واشنطن من المرجح أن تدخل الحرب وأنها بدأت بالفعل في التحضير لذلك. وقال المسؤولان إن ضربة أميركية على إيران قد تحدث في الأيام المقبلة، استناداً إلى محادثات إسرائيلية مع نظرائهم الأميركيين خلال اليومين الماضيين. واجتمع الرئيس ترامب مع فريقه للأمن القومي في البيت الأبيض، مساء السبت، لمناقشة إمكانية الانضمام إلى الهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية. وقال ترامب في منشور على منصته "تروث سوشيال" قبل الاجتماع، متحدثاً عن مهلة الأسبوعين لإيران: "الوقت فقط سيخبرنا". وقال البيت الأبيض إن ترامب لم يتخذ قراراً نهائياً بشأن الهجوم، إلا أن الولايات المتحدة أرسلت قاذفات عدة من طراز "بي-2" تابعة للقوات الجوية، من قاعدة أميركية وعبر المحيط الهادئ. ويمكن للقاذفات أن تحمل قنابل "بانكر باستر" التي يبلغ وزنها 30 الف رطل، والتي يفكر ترامب في إسقاطها على فوردو، المنشأة النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض والتي تعتبر حاسمة لبرنامجها النووي. ويمكن أن توفر الطائرات خيارات للرئيس، حتى لو لم يتم نشرها في النهاية، وقد يكون البيت الأبيض يسعى أيضاً للضغط على إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات، بحسب "نيويورك تايمز". تمهيد طريق القاذفات وشنت القوات الإسرائيلية هجمات ضد عدة مواقع في جنوب إيران يوم السبت، مستهدفة مواقع لمنصات إطلاق الصواريخ والرادارات في منطقة الأهواز، والتي من المرجح أن تكون على أي مسار طيران محتمل تستخدمه الطائرات الحربية الأميركية في طريقها لضرب فوردو. وقال راي تاكيه، وهو زميل أول لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، إن الضربات الإسرائيلية في جنوب غرب إيران قد تكون محاولة لفتح تلك المسارات الجوية. وأضاف "هذا على الأرجح الممر الأمثل"، لكنه أضاف أن القاذفات الأميركية يمكن أن تقترب من فوردو من اتجاهات مختلفة. وقد تكون الضربات أيضاً محاولة من الجيش الإسرائيلي للإشارة إلى ترامب بأن تكلفة دخول الولايات المتحدة في الحرب، ستكون "ضئيلة جداً لأننا قد قمنا بالعمل الشاق بالفعل"، وفقاً مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز. وقال فايز: "إنهم يصورونها كضربة قاضية منخفضة التكلفة لبرنامج إيران النووي، يُمكن أن ينسب الفضل فيها للرئيس ترامب". كما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مواقع تخزين الذخائر والطائرات بدون طيار في جنوب غرب إيران، في مدينة بندر عباس، أمس السبت. إضعاف الجيش الإيراني وفعّلت إيران أنظمة الدفاع الجوي في بندر عباس ومدن أخرى. كما تم الإبلاغ عن انفجارات في مدن الأهواز، دزفول ومحشور الجنوبية، وفقاً لوكالة مهر، كما تم استهداف مركز طوارئ في هويزة، وهي مدينة قريبة من الأهواز، وفقاً لبيان من جامعة الأهواز للعلوم الطبية. وقال تاكيه إن الهجمات الإسرائيلية أمس، كانت تهدف على الأرجح أيضاً إلى إضعاف الجيش الإيراني، والمراكز التجارية، والبنية التحتية النفطية في الجنوب. وأضاف "مع تصاعد الأمور، تبدأ في رؤية توسع في الأهداف". وتؤكد إيران أن برنامجها النووي لأغراض مدنية، وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس، إن إيران ترفض تقليص الأنشطة النووية إلى الصفر "تحت أي ظرف". وقال المسؤولان الإسرائيليان إن واشنطن طلبت من الإيرانيين النظر في عدة إطارات محتملة لاتفاق وقف إطلاق النار. ووفقاً للمسؤولين، أبدى الإيرانيون استعدادًا للتفاوض، لكن الأميركيين يرون أن الرد الإيراني حتى الآن غير مقبول.